يســــــــ يهوه ـــــــــوع العهد القديم |
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ».
الخلاصة أولاً - الله الواحد في ثلاثة أقانيم في كل الشواهد السالفة من التوراة مع ما يقابلها من شواهد في الإنجيل نجد أنفسنا أمام ثلاثة أقانيم متميزين عن بعضهم هم « الآب والابن والروح القدس » وكل منهم هو « يهوه إيلوهيم » فهل يوجد ثلاثة « يهوه إيلوهيم » أي ثلاثة أرباب أو ثلاثة آلهة؟ حاشا! لأن الكتاب لا يكلمنا إلا عن وجود « يهوه إيلوهيم » واحد أي « رب واحد » أو « إله واحد » في قوله في التوراة « اسمع يا إسرائيل: الرب إلهنا (يهوه إيلوهيم) رب (يهوه) واحد » (تثنية 4:6) وفي قوله في الإنجيل « الله واحد » (لوقا 19:18، يوحنا 44:5، رومية 30:3، كورنثوس الأولى 4:8، يعقوب 19:1). إذن، فالثلاثة، رغم تميزهم الواضح عن بعضهم، هم يهوه إيلوهيم الواحد أو أقانيم ثلاثة لله الواحد. ولا يمكن أن يكونوا ثلاثة أسماء أو ثلاثة مظاهر أو ثلاث صفات لله الواحد أو الرب الواحد لأن الأسماء أو المظاهر أو الصفات لا يمكن أن تكلم بعضها أو غيرها، ولا يمكن أن تتكلم عن بعضها ولا عن غيرها كما فعل « الآب » و« الابن » و« الروح القدس » مما يدل، بما لا يقبل النقض، علي أنهم أقانيم أو شخصيات حقيقية مدركة شاعرة متميزة ولكنها غير منفصلة عن بعضها، فهم الله الواحد في حين أن كلا منهم هو نفس هذا الإله الواحد. وقول الرائي « نعمة لكم وسلام من الكائن…ومن السبعة الأرواح التي أمام عرشه، ومن يسوع المسيح الشاهد الأمين » (رؤيا 4:1و5) هو مما يدل علي أن كلا منهم هو الله بذاته، إذ واضح منه أن كلا منهم متصل بكل فرد من أفراد شعبه مانحاً إياه ما تحتاج إليه نفسه من النعمة والسلام وهذا عدم محدودية وكمال في الذات والصفات. ولكن ما دام أنه لا يوجد إلا إله واحد نتج أنهم ليسوا ثلاثة آلهة بل ثلاثة أقانيم، علي حد تعبيرنا البشرى، لله الواحد. ومع أن الثلاثة إله واحد إلا أن الكتاب لتمييز كل منهم عن الاثنين الآخرين في الأقنوميه خص كلا منهم بما ميزه عن الاثنين. ولكن ما يختص به كل منهم هو برهان علي أنه الله. لأن ما اختص به هو عمل إلهي لا يقوى عليه مخلوق مهما كان لأنه عمل روحي يتميز القائم به بعدم المحدودية والكمال في الذات والصفات وهو فيه متصل بنفوس المخدومين وقلوبهم وضمائرهم. وما اختص به كلهم معاً برهان علي أنهم معاً هم الله الواحد فكل منهم هو الله الواحد. والثلاثة معاً هم الله الواحد وهذا ما لا يمكن فهم غيره من كلمة الله. لأن هذا الإعلان هو إعلان الله الصحيح عن ذاته جاء موضوعه موافقاً لحاجة الإنسان وموفياً إياها. إذ أن الإنسان كخاطىء هالك يحتاج لإله يشفق عليه ويكفَّر عنه ويحييه ويقدسه. وهذا عين ما هو لنا في الله الواحد المثلث الأقانيم المعلن لنا في التوراة والإنجيل. ثانياً – عدم محدودية الأقانيم ووحدتهم معاً كالله الواحد أخيراً، دفعاً للشبهات، نقول، أنه من سخف الفكر أن نتصور الله في وحدة لاهوته كالله الواحد شخصاً واحداً جالساً علي كرسي واحد، أو أن نتصوره تعالى في تثليث أقانيمه كالآب والابن والروح القدس ثلاثة أشخاص جالسين علي ثلاثة كراسي إلى جانب بعضهم في السماء. لأن هذا الفكر وذاك تحديد لله الغير المحدود لمحاولة فهمه بينما « الله عظيم ولا نعرفه » (أيوب 26:36) « القدير لا ندركه » (أيوب 23:37). أمّا الحقيقة فهي أن الله غير محدود وغير مدرك. وما دام كل من الآب والابن والروح القدس هو الله ذاته فكل منهم غير محدود وغير مدرك لأنه الله الذي لا يخلو منه زمان ولا مكان، وهم ثلاثة متميزون لكن غير منفصلين، ومتحدون لكن غير ممتزجين. ثالثاً – لاهوت الابن وناسوته كون الابن وُلد وجاع وعطش وتعب ومات وقام وصعد وجلس علي العرش في السماء لا ينفى أنه الله لأنه فعل كل ذلك بطبيعته الإنسانية وبمحض إرادته. وكونه بعد أن تجسد كان في السماء وهو علي الأرض بالجسد، وبعدما صعد إلى السماء بالجسد لا يزال هو حياة ورفيق ومعين وحافظ كل مؤمن علي سطح الأرض، والحاضر في مجمع قديسيه في السماء وكل اجتماعات قديسيه علي الأرض، لا ينفى إنسانيته المحدودة لأنه إنما يفعل ذلك بطبيعته الإلهية الغير المحدودة في ذاتها وصفاتها. وكونه سُمي الإنسان وابن الإنسان وعبد يهوه، وكونه لا يعلم الساعة والآب أعظم منه وسيخضع للآب ويسلم له المُلك، كل هذا لا ينفى أنه الله لأن هذا ما اقتضاه المركز الإنساني الذي شغله مختاراً بمحض إرادته. وكونه الله وابن الله ورب الأرباب والعالم بكل شيء وكونه واحداً مع الآب ومخضع الكل تحت قدميه ومالك الكل مع الآب، كل هذا لا ينفى أنه الإنسان بعد تجسده لأن هذا ما يقتضيه مركزه الإلهي الذي هو فيه بطبيعته سرمدياً. وجريمة المدعين بأنهم شهود يهوه وأمثالهم أنهم يتعامون عن كل ما جاء عنه كالله في مميزاته الإلهية ويسردون فقط ما جاء عنه كإنسان مطبقين إياه عليه جملة قبل وبعد تجسده لكي يبرزوه لغير الثابتين مخلوقاً. ولكن خاب فألهم، فكلمة الله التي أثبتت محدودية إنسانيته بعد تجسده أثبتت أيضاً عدم محدودية لاهوته قبل وبعد تجسده فتبارك اسمه إلى الأبد. آمين رابعاً – السر وسموه إن المدعين بأنهم شهود يهوه لمّا رفضوا الإيمان بهذا الإعلان الإلهي قالوا أنه لا يمكن أن يكون لله مثل هذه السرية في ذاته أو مثل هذا الغموض في أفهامنا وتهكموا بقارص الكلام علي من اعترفوا بالسرية في الله وبتفوقه علي الأفهام (راجع كتابهم المسمى ليكن الله صادقاً ص 104 س 15، ص 105 س 1، ص 107 س 4، ص 113 س 1و2، ص 115 س 4و5). ولكن ألم يذكر الكتاب نفسه صراحة هذه السرية في الله الذي آمنا به؟ فقيل مثلاً « وبالإجماع عظيم هو سرّ التقوى: الله ظهر في الجسد » (تيموثاوس الأولى 16:3) وأيضاً « لكل غنى يقين الفهم لمعرفة سرّ الله الآب والمسيح » (كولوسي 2:2) ورب سائل يقول، وكيف يمكننا أن نفهم هذا السر، سر ثالوث الأقانيم كالله الواحد أو الله الواحد المثلث الأقانيم؟ وكيف نفهم سر تسميتهم بالآب والابن والروح القدس وسر نسبة الآب للابن كأبيه وسر نسبة الابن للآب كابنه، وسر نسبة الروح القدس للآب كروح الآب وللابن كروح الابن؟ فنقول، أنه ليس مطلوباً منّا أن نفهم ما ليس في مقدورنا أن نفهمه حتى أن لغتنا البشرية في كتاب الله نفسه لم يمكنها أن تمدنا بما يشرح لنا السر فاستعاضت عن عجزها البشرى في التعبير وعجز عقولنا في الفهم باستعمال صيغة الجمع في بعض أسماء الله وفي بعض الضمائر المشيرة إليه تعالى للدلالة علي التثليث، هذا إلى جانب استعمالها صيغة المفرد في البعض الآخر من أسمائه ومن الضمائر المشيرة إليه للدلالة علي الوحدانية. ولكن هذا هو مجرد إعلان للسر وليس إفصاحا عن ماهيته لعجزنا عن إدراكه لذلك يقال عنه تعالى « ساكناً في نور لا يُدنى منه، الذي لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه، الذي له الكرامة والقدرة الأبدية. آمين » (تيموثاوس الأولى 16:6) فو إن كان « ساكناً في نور » أي معلناً تماماً كالشمس في رابعة النهار ولكن « لا يُدنى منه » أي لا يمكن التحديق فيه ولا إدراكه كما لا يمكن التحديق في الشمس لإدراك تفاصيلها. وهذا كما كان تابوت العهد موجوداً أمام عيون الشعب ولكن مغطى عن أنظارهم بمختلف الأغطية التي تحجبه وتحجب تفاصيله عن الرؤية في حين كان غير مسموح للشعب بالدنو منه بل قد أمر بالتباعد عنه « مسافة ألفي ذراع بالقياس » (عدد 5:4و6، يشوع 3:3و4) وكان مصير الذين اقتربوا منه الموت (صموئيل الأول 19:6، صموئيل الثاني 6:6و7). وهكذا كل من يحاول أن يتدخل بعقله في الله لتفهم تفاصيل وحدة لاهوته مع تثليث أقانيمه لا يكون مصيره إلا الكفر. فليت عقولنا تخضع لله وترضى بعدم الخوض في بحث هذا السر الفائق. قال أحد القديسين في هذا الصدد إن الله يمتحن طاعة عقولنا. لذلك يقول لنا الوحي بفم أحد أنبياء التوراة، وهو أجور بن متقية مسّا أن الله في كنة ذاته سر يفوق العقول، وأنه لا سبيل لنا إلا الإيمان به في حدود إعلانه عن ذاته في كتابه، إعلان لا يصح تحكيم العقل فيه كما لا يصح إضافة شيء عليه من عندياتنا لمحاولة تيسير فهمه بل يجب أن يكون موضوع إيمان قلوبنا إذ هو إعلان الله عن ذاته. فلكي نجعل لعقولنا لجماً تمنعنا من التفكير فيه بأكثر مما كتب لنا، يقول أجور « إني أبلد من كل إنسان، وليس لي فهم إنسان، ولم أتعلم الحكمة، ولم أعرف معرفة القدوس، من صعد إلى السماء ونزل؟ من جمع الريح في حفنتيه؟ من صرَّ المياه في ثوب؟ من ثبَّت جميع أطراف الأرض؟ ما اسمه؟ وما اسم ابنه إن عرفت؟ كل كلمة من الله نقية. ترس هو للمحتمين به. لا تزد على كلماته لئلا يوبخك فتكذب » (أمثال 1:30-6) وهذا عين ما نجده في الإنجيل كما يقول البشير لوقا وفي تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال: « أحمدك أيها الآب، رب السماء والأرض، لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال. نعم أيها الآب، لأن هكذا صارت المسرة إمامك ». والتفت إلى تلاميذه وقال: « كل شيء قد دُفع إليَّ من أبي. وليس أحد يعرف من هو الابن إلا الآب، ولا من هو الآب إلا الابن، ومن أراد الابن أن يُعلن له » (لوقا 21:10و22) وإن كان الآب يعلن بنوة الابن له، والابن يعلن أبوة الآب له، ولكن كيفية بنوة الابن للآب أو أبوة الآب للابن لا تُعلَن إطلاقاً ولا يمكن أن تُعلَن لأن كيفيتها إلهية ونحن بشر لا تقع كيفية الله في دائرة معلوماتنا البشرية المحدودة كما قيل عن الابن « وله اسم مكتوب ليس أحد يعرفه إلا هو » (رؤيا 12:19) أي أنه معلن ولكن دون كيفيته. علي أن إعلان حقيقة واقعة دون إدراك كيفيتها لا يمنعنا من تصديقها لأن الله الذي أعلنها يعرف كيفيتها. بل وقد أعلنت التوراة نفسها أيضاً أنه حتى تكوين الإنسان في بطن أمه روحاً ونفساً وجسداً وإن كان حقيقة واقعة ومعلنة ولكنها معلنة دون كيفيتها لعدم إمكانية إدراكها فيقول الحكيم « كما أنك لست تعلم ما هي طريق الريح، ولا كيف العظام في بطن الحُبلى، كذلك لا تعلم أعمال الله الذي يصنع الجميع » (جامعة 5:11) فكيف، إذن، يمكننا أن نعلم الله ذاته أو ندركه؟ وما دام الابن قال « وليس أحد يعرف من هو الابن إلا الآب » أصبح من الغباوة والفضول محاولة شرح كيفية بنوة الابن للآب وكيفية أبوة الآب للابن وكيفية علاقة الروح القدس بالآب كروح الآب وبالابن كروح الابن خامساً – كيف نعامل المدعين بأنهم شهود يهوه يقول لنا الرسول يوحنا عن هؤلاء المرتدين « أيها الأولاد هي الساعة الأخيرة. وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي، قد صار الآن أضداد للمسيح كثيرون. من هنا نعلم أنها الساعة الأخيرة. منّا خرجوا، لكنهم لم يكونوا منا، لأنهم لو كانوا منّا لبقوا معنا. لكن ليُظهروا أنهم ليسوا جميعهم منا. وأمّا أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء. لم أكتب إليكم لأنكم لستم تعلمون الحق، بل لأنكم تعلمونه، وأن كل كذب ليس من الحق. من هو الكذّاب، إلا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح؟ هذا هو ضد المسيح، الذي ينكر الآب والابن. كل من ينكر الابن ليس له الآب أيضاً، ومن يعترف بالابن فله الآب أيضاً. أمّا أنتم فما سمعتموه من البدء فليثبت إذاً فيكم. إن ثبت فيكم ما سمعتموه من البدء، فأنتم أيضا تثبتون في الابن وفي الآب. وهذا هو الوعد الذي وعدنا هو به: الحياة الأبدية » (يوحنا الأولى 18:2-25). ويقول عنهم أيضاً « لأنه قد دخل إلى العالم مُضلّون كثيرون، لا يعترفون بيسوع المسيح آتيا في الجسد » أي كالله الابن كالجسد « هذا هو المضلّ، والضد للمسيح. انظروا إلى أنفسكم لئلا نُضيَّع ما عملناه بل ننال أجراً تاماً. كل من تعدَّى » وليس التعدي إلا على الله « ولم يثبت في تعليم المسيح » أي التعليم الخاص بالمسيح كوحيد الآب والواحد معه ومع الروح القدس كالله الواحد منذ الأزل وإلى الأبد « فليس له الله. ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا له الآب والابن جميعاً. أن كان أحد يأتيكم، ولا يجيء بهذا التعليم، فلا تقبلوه في البيت، ولا تقولوا له سلام. لأن من يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة » (يوحنا الثانية 7-11). |
المقدمة ، افتتاحية هامة، الباب الأول، الباب الثاني، الباب الثالث، 3-2 ، 3-3 ، 3-4 ، 3-5 ، 3-6 ، 3-7 ، 3-8 ، 3-9 ، 3-10، 3-11 ، 3-12 ، 3-13 ، 3-14 ، 3-15 ، 3-16 ، 3-17 ، 3-18، الباب الرابع ، الباب الخامس ، الخاتمة.
جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.