يســــــــ يهوه ـــــــــوع العهد القديم |
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ».
الباب الثالث الثالوث الأقدس إلهنا الواحد من الأزل وإلى الأبد الفصل الخامس مزمور 12:102-27 الأقانيم كالله الواحد في الخليقتين القديم والجديد 1 – الابن هو يهوه الخالق للخليقتين يقول النبي في التوراة « أمّا أنت يارب (يهوه) فإلى الدهر جالس، وذكرك إلى دور فدور » (قابل حزقيال 15:3، مزمور 13:135) « …من قدم أسست الأرض، والسماوات هي عمل يديك. هي تبيد وأنت تبقى، وكلها كثوب تبلى، كرداء تغيرهن فتتغير. وأنت هو وسنوك لن تنتهي » (مزمور 12:102و25-27) وفي الأصحاح الأول من العبرانيين يقتبس الرسول هذا الخطاب الموجه لله سبحانه وتعالى ويخصصه للابن باعتباره موجهاً إليه. وهذا في قوله « وأمّا للابن (حسب الحاشية) يقول الروح له بالنبي…وأنت يارب في البدء أسست الأرض، والسماوات هي عمل يديك. هي تبيد ولكن أنت تبقى، وكلها كثوب تبلى، وكرداء تطويها فتتغيّر. ولكن أنت أنت، وسنوك لن تفنى » (عبرانيين 8:1و10-12). فالابن، إذن، مخاطب كالرب إلهنا (يهوه إيلوهيم) الذي خلقنا وخلق الكل، الذي قيل عنه « في البدء خلق الله (إيلوهيم) السماوات والأرض » (تكوين 1:1)، ولكن المدعين بأنهم شهود يهوه يكذبون ذلك بقولهم، لا بل خلق الله ملاكاً ودعاه إلهاً أي رئيساً وكلفه بخلقنا فخلقنا وهو المسمى لوغوس، والمعروف أيضاً باسم الملاك ميخائيل، الذي وُلد من العذراء باسم يسوع. فيرد عليهم الكتاب في قوله « في البدء خلق الله (إيلوهيم) السماوات والأرض » (تكوين 1:1) بدون أن يستخدم كائن كواسطة بل هو الخالق بنفسه كقول الكتاب أيضاً « وقال الله (إيلوهيم): « ليكن نور »، فكان نور » (تكوين 3:1) فالذي قال هو الذي بأمره كانت الأشياء كما قيل « بكلمة الرب صنعت السماوات، وبنسمة » أو، حسب الحاشية « بروح فيه كل جنودها…لأنه قال فكان. هو أمر فصار » (مزمور 6:33و9) ولذلك يرد الله أيضاً عليهم مكذباً في قوله « أنا الرب (يهوه) صانع كل شيء، ناشر السماوات وحدي، باسط الأرض. من معي؟ » (إشعياء 24:44) وأيضاً « أنا هو. أنا الأول وأنا الآخر، ويدي أسست الأرض، ويميني نشرت السماوات » (إشعياء 12:48و13) ويكذبهم أيضاً ملاخي النبي بقوله « أليس إله (إيل) واحد خلقنا؟ » (ملاخي 10:2) أي أن الذي خلقنا هو الإله الواحد الذي لا إله حقيقي آخر غيره. ومادام الابن، الذي في الزمان تجسد من العذراء، هو الذي قبل تجسده خلقنا فيكون هو بعينه ذلك الإله الواحد الحقيقي الذي لا إله آخر غيره في الوجود كالآب والروح القدس ولذلك يكذبهم أيضاً رسوله يوحنا بقوله عنه « كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان » (يوحنا 3:1). إذن، ليس هو مخلوقاً إذ ليس من خالق سواه ولذلك قيل عنه أيضاً « الله…كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه…الذي به أيضاً عمل العالمين » (عبرانيين 1:1و2) وأيضاً « فإنه فيه » أي بواسطته وفي محيطه الغير المحدود أو عدم محدوديته المحيطة بالكل « خُلق الكل: ما في السماوات وما على الأرض، ما يرى وما لا يرى، سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خُلق. الذي هو قبل كل شيء، وفيه » أي وبواسطته كالمحيط بكل شيء في عدم محدوديته والحافظ لكل شيء بقدرته الغير المحدودة « يقوم الكل » (كولوسى 16:1و17) كما قيل عنه أيضاً « حامل كل الأشياء بكلمة قدرته » (عبرانيين 3:1). وإن قال المدعون بأنهم شهود يهوه، إنه ورد عنه في خلق الخليقة أنها خلقت به…كمخلوق مكلف، ولم يرد عنه أنها « منه » خلقت كإله مؤلف، أي أنه واسطة وجودها وليس منشأ وجودها. قلنا، إنه منشأ وجودها كما هو واسطة وجودها بالتمام إذ كما قيل عن الله « منه وبه وله كل الأشياء » (رومية 36:11) قيل عن الابن ما يدل على أن الخليقة « منه »… إذ ينسب إليه الخلق المباشر أو صدورها منه في القول الذي نحن بصدده وهو « وأمّا للابن » فيقول الروح بالنبي « كرسيك يا ألله إلى دهر الدهور…وأنت يارب في البدء أسست الأرض، والسماوات هي عمل يديك » فهو يهوه الخالق بعينه. وكلمة « به » لا تقلل من شأنه وتجعله مجرد واسطة وليس خالقاً مباشراً لأنها أيضاً قيلت في شأن الآب في القول « لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل وبه الكل… » (عبرانيين 10:2) كما في القول السابق عنه « منه وبه وله كل الأشياء » (رومية 36:11). ولكن من أين في مزمور 102 هذا استدل الرسول ملهماً على أن الخطاب في القول « أمّا أنت يارب (يهوه) » موجه لله الابن وليس لله الآب مع أنهما الله الواحد؟ استدل على ذلك من أن الكلام السابق موجه للرب كملك إسرائيل على كرسيه الإلهي الملكي في القول « أمّا أنت يارب (يهوه) فإلى الدهر جالس…أنت تقوم وترحم صهيون…فتخشى الأمم اسم الرب (يهوه)، وكل ملوك الأرض مجدك…إذا بنى الرب (يهوه) صهيون يُرى بمجده…لكي يحدَّث في صهيون باسم الرب (يهوه)، وبتسبيحه في أورشليم، عند اجتماع الشعوب معاً والممالك لعبادة الرب (يهوه) » (مزمور 12:102-22)، ومن القول « أقسم الرب لداود بالحق لا يرجع عنه: من ثمرة بطنك أجعل على كرسيك » (مزمور 11:132)، ومن قول الرب « أمّا أنا فقد مسحت ملكي على صهيون جبل قدسي » (مزمور 6:2) ومن قول المسيح « إني أخبر من جهة قضاء الرب: قال لي: أنت ابني، أنا اليوم ولدتك » (مزمور 7:2)، ومن قول الملاك للعذراء عن المسيح « ها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيماً، وابن العلي يُدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لمُلكه نهاية » (لوقا 31:1-33)، ومن هذه الأقوال كلها كان مفهوماً لدى الرسول، أن الذي تجسد، وكإنسان مُسح على صهيون ملكاً، هو الابن وليس الآب، فالابن، إذن، هو المخاطب في مزمور 102 باعتباره الرب الإله (يهوه إيلوهيم) الذي خلق الكون، والذي سيملك عليه كإنسان ملك جاعلاً صهيون قاعدة مُلكه على الأرض. 2 – خطاب الآب للابن في آلامه ولزيادة الفائدة عن الابن من مزمور 102 نقول أن هذا المزمور عبارة عن محادثة بين الابن بعد تجسده وبين الآب، متحدثاً فيها الابن مع أبيه عن آلامه في الجسد كمرفوض من المُلك ومصلوب على الصليب، ومتحدثاً فيها الآب مع ابنه عن أمجاده الإلهية الأزلية وأمجاده الملكية الأبدية معترفاً له بما أنكرته عليه الأرض من ربوبية وملكية وعليه صار عنوان المزمور « صلاة لمسكين إذا أعيا وسكب شكواه قدام الله » ومن عجب أن يكون هذا المسكين الساكب شكواه هو الابن الأزلي بعد تجسده وأثناء رفضه على الصليب كما رفع مثل هذه الشكوى في مزمور 22، الشكوى التي استهلها بالقول « إلهي إلهي لماذا تركتني الخ » (مزمور 1:22 مع متى 46:27). فيقول الابن هنا في شكواه للآب « يارب استمع صلاتي، وليدخل إليك صراخي. لا تحجب وجهك عني في يوم ضيقي…إني قد أكلت الرماد مثل الخبز، ومزجت شرابي بدموعٍ، بسبب غضبك وسخطك، لأنك حملتني وطرحتني » (مزمور 1:102و2و9و10) فيجيبه الآب معزياً بما له معه من مجد إلهي أزلي وأن كانت الأرض قد أنكرته عليه لمّا جاءها متجسداً في قوله له « أمّا أنت يارب (يهوه) فإلى الدهر جالس، وذكرك إلى دور فدور » (مزمور 12:102) ثم يكلمه أيضاً معزياً بما سيكون له من مجد ملكي في وقته. وهذا في قوله له « أنت تقوم وترحم صهيون، لأنه وقت الرأفة، لأنه جاء الميعاد. لأن عبيدك » بنى إسرائيل المتجددين وقتئذ « قد سُروا بحجارتها، وحنوا إلى ترابها. فتخشى الأمم اسم الرب (يهوه)، وكل ملوك الأرض مجدك الخ » (مزمور 12:102-22). إلا أن « الابن » يعود ويقول عن الآب « ضعَّف » أي أضعف « في الطريق قوتي » (مزمور 23:102) وهذا واضح من أن ملاكاً جاءه في بستان جثسيماني يقويه كإنسان ضعيف (لوقا 43:22) أو كما قال هو على فم نبيه في مزمور 4:88 « حُسبت مثل المنحدرين إلى الجب. صرت كرجل لا قوة له » ثم يقول الابن عن الآب « قصَّر أيامي » (مزمور 23:102) إذ لم يزد عمره الإنساني عن33 سنة و1\3، ثم يقول للآب « أقول: يا إلهي، لا تقبضني في نصف أيامي » (مزمور 24:102) لأن معدل الحد الأدنى للعمر هو « سبعون سنة » (مزمور 10:90). وإزاء هذا الخضوع لمشيئة الآب يعود الآب ويحادث ابنه الحبيب الوحيد عن مجده الإلهي الأزلي، رغم إتضاعه الإنساني الحادث، في قوله له « إلى دهر الدهور سنوك. من قدم أسست الأرض، والسماوات هي عمل يديك » (مزمور 24:102و25) ثم يكلمه عن خلوده الإلهي رغم موته الإنساني في قوله له « هي » أي مادة السماوات والأرض « تبيد وأنت تبقى، وكلها كثوب تبلى، كرداء تغيرهن فتتغير، وأنت هو وسنوك لن تنتهي » (مزمور 26:102و27 مع عبرانيين 8:1-11) فالابن، تبارك اسمه، هو يهوه الذي خلق الخليقة وهو الذي يغيرها بخليقة جديدة، هو الذي بدأها وهو الذي سينهيها، لأنه القائل « هذا يقوله الأول والآخر » « الذي كان ميتاً فعاش » (رؤيا 8:2) « أنا…البداية والنهاية، الأول والآخر » (رؤيا 13:22) أيضاً « وقال الجالس على العرش: ها أنا اصنع كل شيءٍ جديداً! » يقول الرائي « ثم رأيت سماء جديدة وأرضاً جديدة…ثم قال لي: قد تم! أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية » (رؤيا 5:21و1و6) فهو بداية كل الأشياء وليس له بداية ونهاية كل الأشياء وليس له نهاية. هو المبدىء ولا يبدأ، والمعيد ولا يعاد « منه وبه وله كل الأشياء » (رؤيا 34:11-36). ثم يعود الآب ويخاطبه عن مجده الملكي العتيد رغم عاره على الصليب في قوله له « أبناء عبيدك » يعنى أبناء إبراهيم وإسحاق ويعقوب الذين هم عبيده وهو إلههم. وأبناؤهم هم بنو إسرائيل المتجددون بعد اختطاف الكنيسة « يسكنون وذريتهم تثبت أمامك » (مزمور 28:102) يعنى في حكمه الألفي ثم الأبدي. 3 - يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلي الأبد وهنا لابد أن نعرج في سرعة على بدعة من أخطر بدع المدعون بأنهم شهود يهوه، بدعة ضمنوا فيها هرطقتيهما الرئيسيتين ألا وهما إنكار لاهوت المسيح وخلوده الذاتي، ثم إنكار خلود الملائكة والبشر في حالة عدم الطاعة، هذه البدعة هي أنهم ينسبون إلى الابن انتهاء الشخصية عدة مرات في حين يقول عنه هنا روحه القدوس « هي » أي مادة السماوات والأرض « تبيد وأنت تبقى…تغيرهن فتتغير. وأنت هو وسنوك لن تنتهي » وفي هذا خلوده الذاتي كالله وعدم قابليته للتغير كما قال عنه الروح القدس في الإنجيل « يسوع المسيح هو هو أمساً » أي منذ الأزل « واليوم » أي في الزمان « وإلى الأبد » أي طوال الأبدية (عبرانيين 8:13). وتسميته هنا « يسوع المسيح » يدل أن الروح القدس ينفى عنه إمكانية التغير كالله المتجسد، أو كالله وكالإنسان، أو في لاهوته وفي ناسوته. أمّا هم، فإذ يحسبونه مخلوقاً ملائكياً ينسبون إليه التغير بالتجسد (راجع كتابهم المسمى ليكن الله صادقاً ص 46 س 17-19) ولكن الروح القدس ينفى عنه التحول والتغير في تجسده بقول الرسول « في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله…والكلمة صار جسداً وحلَّ » هو نفسه. وكلمة حلَّ أي خيَّم أو نصب خيمته « بيننا، ورأينا مجده » مجده الشخصي هو نفسه (يوحنا 1:1و14). ونسبوا إليه الانتهاء مرة أخرى في المعمودية من كائن بشرى بحت إلى كائن روحي ملائكي كما كان على زعمهم (راجع كتابهم المسمى ليكن الله صادقاً ص 49 س 10-13) ولكن الروح القدس يرد عليهم بأنه من تجسده فصاعداً هو هو بعينه الابن الإلهي الأزلي كما كان قبل تجسده بلا تغيير في شخصيته فعنه في تجسده قيل « الله…أرسل ابنه في شبه جسد الخطية » (رومية 3:8) و« أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة » (غلاطية 4:4) وعنه في صباه قيل « من مصر دعوت ابني » (متى 15:2) وعنه في معموديته قيل « هذا هو ابني » وليس صار ابني (متى 17:3) وعنه في خدمته بعد ذلك قيل « الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر » (يوحنا 18:1) وعنه في موته بالجسد قيل « صولحنا مع الله بموت ابنه » (رومية 10:5). وعنه في قيامته وصعوده بالجسد الذي به مات قيل « الذي نزل » أي إلى أقسام الأرض السفلى أو القبر بجسده الممات « هو الذي صعد أيضاً فوق جميع السماوات » (أفسس 10:4). وعن رجوعه شخصياً من السماء بنفس هذا الجسد قيل « وتنتظروا ابنه من السماء، الذي أقامه من الأموات، يسوع » (تسالونيكي الأولى 10:1). ولكنهم ينسبون إليه الانتهاء الشخصي في موته بالجسد (راجع كتابهم المسمى ليكن الله صادقاً ص 51 س 1) ثم ينسبون له الابتداء من جديد ككائن روحي خالد بلا جسد فيما يسمونه القيامة وهماً وإيهاماً مؤيدين ذلك بقول الرسول بطرس عنه « مماتاً في الجسد ولكن محيىً في الروح » (بطرس الأولى 18:3) (راجع كتابهم المسمى ليكن الله صادقاً ص 62 س 10-16). ولاشك أن القارىء المسيحي يعلم أن عبارة « محيى في الروح » ليس المقصود منها أنه تلاشى بالموت ثم أعيد للوجود ككائن روحي خالد كما يجدفون، حاشا! بل المعنى فيها أن الروح القدس هو الذي في القيامة أحيا جسده الممات كما قيل « إن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم، فالذي أقام المسيح من الأموات سيحيي أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم » (رومية 11:8) أو كما قيل « الروح هو الذي يحيي » (يو63:6). ومما يؤيد عدم انتهاء شخصيته في الموت وفي القيامة وأنه هو بعينه الابن المتجسد الذي مات بجسده وقام بجسده، قول الرسول عنه « ابنه. الذي صار من نسل داود من جهة الجسد…يسوع المسيح ربنا » (رومية 3:1و4) مع قوله « اُذكر يسوع المسيح المقام من الأموات، من نسل داود بحسب إنجيلي » (تيموثاوس الثانية 8:2). لكنهم تشبثاً ببدعة عدم قيامة الرب بجسده الذي مات به ودُفن به كما يقولون أنه إذا كان المسيح قد قام وصعد إلى السماء بجسده فإنه يكون في السماء أقل من الملائكة كما كان على الأرض (راجع كتابهم المسمى ليكن الله صادقاً ص 53و54). ولكن الروح القدس يُحمَّق مشورتهم في التلاعب بالآيات إذ يعلن أن الابن بإنسانيته التي بها وضع قليلاً عن الملائكة بها نفسها أيضاً صار أعلى من الملائكة. وهذا يؤيده قول الرسول « ولكن الذي وُضع قليلاً عن الملائكة، يسوع، نراه مكللاً بالمجد والكرامة » (عبرانيين 9:2) ويؤكد أن هذا كان ذات الشيء الذي قصده الله أن الإنسان الذي هو أقل من الملائكة يُرفع هو نفسه كما هو كإنسان إلى ما فوق الملائكة. وهذا القصد الإلهي هو ما حدا بالابن أن يضع نفسه بالتجسد معنا حيث نحن كبشر أقل من الملائكة حتى بموته وقيامته وصعوده إلى السماوات وجلوسه فيها كإنسان فوق الملائكة يرفعنا معه كبشر إلى حيث هو كإنسان أي فوق الملائكة ولذلك يقول الروح القدس « فإنه لملائكة لم يُخضع العالم العتيد الذي نتكلم عنه. لكن شهد واحد في موضع قائلاً: ما هو الإنسان حتى تذكره؟ أو ابن الإنسان حتى تفتقده؟ وضعته قليلاً عن الملائكة. بمجد وكرامة كللته » هو نفسه « وأقمته على أعمال يديك. أخضعت كل شيء تحت قدميه » هو نفسه ثم يلفتنا أن قصد الله هذا من جهة ترفيع البشرية إلى ما فوق الرتبة الملائكية قد تم كعربون في ترفيع يسوع كإنسان فوق الملائكة فيقول « ولكن الذي وُضع قليلاً عن الملائكة » بإنسانيته طبعاً « يسوع » هو نفسه بإنسانيته « نراه مكللاً بالمجد والكرامة » (عبرانيين 5:2-9) لذلك قال عن قيامته بالجسد « حتى جسدي أيضاً سيسكن على رجاء » (أعمال 26:2 مع مزمور 9:16) وقيل عنه بعد قيامته بجسده من الموت وقف يسوع نفسه في وسطهم، وقال لهم: « سلام لكم! ». فجزعوا وخافوا، وظنوا أنهم نظروا روحاً. فقال لهم: « …انظروا يديَّ ورجليَّ: إني أنا هو! جُسوني وانظروا، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي ». وحين قال هذا أراهم يديه ورجليه. وبينما هم غير مصدقين من الفرح، ومتعجبون، قال لهم: « أعندكم ههنا طعام؟ ». فناولوه جزءاً من سمك مشوي، وشيئاً من شهد عسل. فأخذ وأكل قدامهم » (لوقا 36:24-43) وقيل أيضاً …ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب…أمّا توما…فلم يكن معهم حين جاء يسوع. فقال له التلاميذ الآخرون: « قد رأينا الرب! ». فقال لهم: « إن لم أُبصر في يديه أثر المسامير، وأضع إصبعي في أثر المسامير، وأضع يدي في جنبه، لا أؤمن ». وبعد ثمانية أيام كان تلاميذه أيضاً داخلاً وتوما معهم. فجاء يسوع والأبواب مغلقة، ووقف في الوسط وقال: « سلام لكم! ». ثم قال لتوما: « هات إصبعك إلى هنا وأبصر يديَّ، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمنٍ بل مؤمناً ». أجاب توما وقال له: « ربي وإلهي! ». قال له يسوع: « لأنك رأيتني يا توما آمنت! طوبى للذين آمنوا ولم يروا » (يوحنا 20:20، 24-29) وقيل أيضاً « وأخرجهم خارجاً إلى بيت عنيا، ورفع يديه وباركهم. وفيما هو يباركهم، انفرد عنهم وأُصعد إلى السماء. فسجدوا له ورجعوا إلى أورشليم بفرح عظيم » (لوقا 50:24و51) وقيل عن استفانوس « وأمّا هو فشخص إلى السماء وهو ممتلئ من الروح القدس، فرأى مجد الله، ويسوع قائماً عن يمين الله. فقال: « ها أنا أنظر السماوات مفتوحة، وابن الإنسان قائماً عن يمين الله ». فصاحوا » أي اليهود « بصوت عظيم وسدوا آذانهم، وهجموا عليه بنفس واحدة » (أعمال 55:7-57) وقيل عن مجيئه العتيد إلينا « السماوات، التي منها أيضاً ننتظر مخلّصاً هو الرب يسوع المسيح، الذي سيغيَّر شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده، بحسب عمل استطاعته أن يُخضع لنفسه كل شيء » (فيلبي 20:3و21). وقيل عنه في ظهوره العتيد بعد ذلك للمُلك « فيخرج الرب…وتقف قدماه في ذلك اليوم على جبل الزيتون » (زكريا 3:14و4) « فيقول له: ما هذه الجروح في يديك؟ فيقول: هي التي جُرحت بها في بيت أحبائي » (زكريا 6:13) « فينظرون إلى الذي طعنوه وينوحون عليه » (زكريا 10:12) « هوذا يأتي مع السحاب، وستنظره كل عين، والذين طعنوه، وينوح عليه جميع قبائل الأرض » (رؤيا 7:1) « وهو متسربل بثوب مغموس بدمٍ، ويُدعى اسمه « كلمة الله »…ومن فمه يخرج سيف ماض لكي يضرب به الأمم » (رؤيا 13:19و15). هذا هو « الكلمة » الذي « صار جسداً »، الكلمة من الأزل وإلى الأبد « الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران »، والذي « صار جسداً » ويظل إلى الأبد إنساناً بجسده بغير انتهاء ولا تحويل ولا تغيير، اللهم إلا في أنه كان هنا إنساناً في حال الإتضاع أمّا هناك فهو بجسده الإنسان الممجد. كان هنا مشتركاً معنا في اللحم والدم بلا خطية لكي يكون منّا ومثلنا ويمثلنا ويسفك دمه ليفي عنا وليعفو عنا، أو ليسكب للموت نفسه ليحيى نفوسنا، أمّا في المجد فهو كإنسان يحيا بجسده بقوة حياة لا تزول التي سيجعلها قوة حياة أجسادنا بعد تغييرها لتكون خالدة في المجد. كان هنا بجسد تختفي فيه أنوار مجده التي لم يظهر إلا قبس منها على جبل التجلي (متى 17) أمّا في المجد فهو كإنسان تشع من جسده الإنساني كل أنوار مجده الإلهي التي أمامها سقط شاول الطرسوسي أعمى صريعاً، وأمامها ستنوح فزعاً جميع قبائل الأرض وتظلم الشمس ولا يعطى القمر ضوءه (أعمال 3:9-9، متى 29:24و30) « يسوع المسيح هو هو أمساً وإلي الأبد » |
المقدمة ، افتتاحية هامة، الباب الأول، الباب الثاني، الباب الثالث، 3-2 ، 3-3 ، 3-4 ، 3-5 ، 3-6 ، 3-7 ، 3-8 ، 3-9 ، 3-10، 3-11 ، 3-12 ، 3-13 ، 3-14 ، 3-15 ، 3-16 ، 3-17 ، 3-18، الباب الرابع ، الباب الخامس ، الخاتمة.
جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.