يســــــــ يهوه ـــــــــوع العهد القديم |
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ».
الباب الثالث الثالوث الأقدس إلهنا الواحد من الأزل وإلى الأبد الفصل الثالث أمثال 20:1-28، 12:8-31 الأقانيم كالله الواحد في الأزل وفي الخلق يقول سليمان الحكيم في التوراة « الحكمة تنادى…قائلة: إلى متى أيها الجُهال تحبون الجهل…؟ ارجعوا عند توبيخي. هأنذا أفيض لكم روحي. أعلمكم كلماتي. لأني دعوت فأبيتم، ومددت يدي وليس من يبالي، بل رفضتم كل مشورتي، ولم ترضوا توبيخي. فأنا أيضاً أضحك عند بليتكم. أشمت عند مجيء خوفكم…حينئذ يدعونني فلا أستجيب. يبكرون إليَّ فلا يجدونني » (أمثال 20:1-28) « أنا الحكمة أسكن الذكاء، وأجد معرفة التدابير…لي المشورة والرأي…لي القدرة…بي تملك الملوك…بي تترأس الرؤساء…أنا أحب الذين يحبونني…من يجدني يجد الحياة » (أمثال 12:8-36). 1 – الحكمة شخص إن الحكمة مع كونها صفة من صفات الله إلا أن كلامها هنا يدل على أنها ليست مجرد صفة بل شخص ذو إدراك ومشاعر. لأن الحكمة كصفة ممكن أن تُحَب لكن غير ممكن أن تَحِب لأنها ليست شخصية ذات إدراك ومشاعر. أمّا المتكلم هنا متخذاً لنفسه اسم « الحكمة » فيقول « الكبرياء والتعظم وطريق الشر وفم الأكاذيب أبغضت…أنا أحب الذين يحبونني » (أمثال 13:8و17) مما يدل على أنه ذو شخصية واعية حساسة أدبية تبغض وتحب وليس صفة. 2 – شخص الحكمة هو الله نفسه لا بل ويتضح أن صاحب هذه الشخصية الواعية الحساسة هو الله نفسه من أن شخص الحكمة يقول هنا « هأنذا أفيض لكم روحي » (أمثال 23:1) وليس غير الله هو الذي قال « أسكب روحي على كل بشر » (يوئيل 28:2)، ومن أن شخص الحكمة يقول هنا أيضاً « حينئذ يدعونني فلا أستجيب يبكرون إليَّ فلا يجدونني » (أمثال 28:1)، وليس غير الله هو الذي قال « كذلك ينادون هم فلا أسمع » (زكريا 13:7)، والذي قيل عنه « يصرخون…إلى الرب (يهوه) فلا يستجيب لهم » (مزمور 41:18)، وأيضاً « يذهبون…ليطلبوا الرب (يهوه) ولا يجدونه. قد تنحى عنهم » (هوشع 6:5)، ومن أن شخص الحكمة يقول هنا أيضاً « أنا أحب الذين يحبونني » (أمثال 17:8) والله هو الذي قيل عنه « الرب (يهوه) يحب الصديقين » (مزمور 8:146)، ومن أن شخص الحكمة قال هنا أيضاً « من يجدني يجد الحياة » (أمثال 35:8) وليس غير الرب من قال « أنا ينبوع المياة الحية » (إرميا 13:2). 3 – الله الحكمة هو الله الابن ومع أن ما مر بنا واضح منه أن شخص الحكمة هو الله نفسه إلا أنه في ذات الوقت يتكلم عن نفسه كشخصية أخرى متميزة عن الله فيقول مثلاً « الرب قناني أول طريقه…إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد…لمّا ثبَّت السماوات كنت هناك أنا…،كنت عنده صانعاً، وكنت كل يوم لذته، فرحةً دائماً قدامه. فرحةً في مسكونة أرضه، ولذاتي مع بني آدم » باعتباره ليس منهم « من يجدني يجد الحياة، وينال رضي من الرب » (أمثال 22:8-35) فشخص الحكمة، إذن، مع أنه الله، ألا أنه متميز عن الله أو بعبارة أخرى هو الله الابن وليس هو الله الآب، ولو أنهما الله الواحد، أو بلغتنا التي اصطلحنا عليها للتفاهم بها مع بعضنا عن الأمور الإلهية التي تفوق إدراكنا، شخص الحكمة هو أحد أقانيم الله الثلاثة الذين هم الله الواحد. ولكي نبين أن شخص الحكمة هو الله الابن لنقابل عبارات الكتاب ببعضها. يقول الابن في الإنجيل « لذلك أيضاً قالت حكمة الله: إني أُرسل إليهم » أي إلى اليهود « أنبياء ورسلاً، فيقتلون منهم ويطردون » (لوقا 49:11) ومن هذا أيضاً نرى أن « حكمة الله » ليست مجرد صفة من صفات الله بل هي أحد أقانيم الله الواحد كما في أمثال 1و8 لأنها شخص يفكر ويتكلم ويعمل، ومن أعماله أنه يرسل رسلاً وأنبياء. وبما أن الابن الذي قال لليهود « قالت حكمة الله: إني أرسل إليهم أنبياء ورسلاً » (لوقا 49:11) قال أيضاً « ها أنا أرسل إليكم أنبياء وحكماء وكتبة » (متى 34:23) نتج أنه هو حكمة الله التي أرسلت الرسل والأنبياء ونتج بالتبعية أنه شخص الحكمة المتكلم في أمثال 1و8. وبما أنه قد سبق وثبت أن شخص الحكمة المتكلم في الأمثال هو الرب الإله (يهوه إيلوهيم) نتج أيضاً أن يهوه هو الابن والابن هو يهوه. ويدل أيضاً على أن الله الحكمة المتكلم هنا هو الله الابن أنه كما قال هنا في التوراة كالحكمة « هأنذا أفيض لكم روحي » (أمثال 23:1) وكما قال في التوراة كالله « أسكب روحي » (يوئيل 28:2) وأيضاً « أفيض روح النعمة والتضرعات » (زكريا 1:12و10) يقول بعد ذلك في الشاهد الأخير « فينظرون إليَّ، الذي طعنوه، وينوحون عليه كنائح على وحيد له » فالله الحكمة « يهوه » الذي يفيض لهم روحه كروح النعمة والتضرعات يقول عن نفسه أنه هو الذي طعنوه. ومن هو الذي طعنوه؟ أليس هو « الابن » المتجسد وهو مصلوب؟ لقد قيل عنه « لكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة…والذي عاين شهد…لأن هذا كان ليتمَّ الكتاب القائل…سينظرون إلى الذي طعنوه » (يوحنا 31:19-37) والذي قيل عنه في مجيئه الثاني العتيد« هوذا يأتي مع السحاب، وستنظره كل عين، والذين طعنوه، وينوح عليه جميع قبائل الأرض » (رؤيا 7:1). ويدل أيضاً على أن الله الحكمة هو الله الابن أنه كما يقول هنا في التوراة « من يجدني يجد الحياة » (أمثال 35:8) وكما قيل في التوراة « يقول الرب (يهوه)…أنا ينبوع المياه الحية » (إرميا 12:2و13) وكما قيل عنه أيضاً « الجاعل أنفسنا في الحياة » (مزمور 8:66و9) كذلك قيل عن الابن في الإنجيل « فيه كانت الحياة » (يوحنا 4:1) وأنه « رئيس الحياة » (أعمال 15:3) و« كما أن الآب يقيم الأموات ويُحيي، كذلك الابن أيضاً يُحيي من يشاء » (يوحنا 21:5) وأنه صار « روحاً محيياً » (كورنثوس الأولى 45:15) و« من له الابن فله الحياة » (يوحنا الأولى 12:5) و« الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية » (يوحنا 36:3) وقال هو « أنا أُعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجاناً » (رؤيا 6:21) و« الماء الذي أعطيه يصير فيه » أي في من يشربه « ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية » (يوحنا 14:4) أمّا قوله « كما أن الآب له حياة في ذاته، كذلك أعطى الابن أيضاً أن تكون له حياة في ذاته » (يوحنا 26:5) فلا يدل على أنه قبل تجسده كان عديم الحياة أو الخلود في ذاته كما يجدف عليه المدعون بأنهم شهود يهوه (راجع كتابهم المسمى الحق يحرركم ص 45) بل قد قرر عنه روحه القدوس أنه قبل تجسده كان أصل الوجود وأصل الحياة والخلود. فقيل « في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان. فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس » (يوحنا 1:1-4) أمّا قوله أن الآب أعطاه أن تكون له حياة في ذاته كما أن الآب له حياة في ذاته فهذا عما بعد التجسد ومعناه أنه بعد التجسد صار كما كان في ذاته قبل التجسد أي أصل الحياة لغيره كالآب. ويثبت أن الأمر متعلق به كإنسان بعد التجسد أنه قال عقب ذلك « وأعطاه سلطاناً أن يدين أيضاً لأنه ابن الإنسان » (يوحنا 27:5). وكما قال هنا في التوراة كالله الحكمة « من يجدني…ينال رضي من الرب » (أمثال 35:8) هكذا قيل عنه بعد تجسده « الذي أُسلم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا. فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح، الذي به أيضاً قد صار لنا الدخول بالإيمان، إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون، ونفتخر على رجاء مجد الله » (رومية 25:4، 1:5و2). وكما يقول هنا كالله الحكمة « ومَن يخطىء عني يضر نفسه. كل مبغضي يحبون الموت » (أمثال 36:8) هكذا قيل عنه بعد تجسده « من ليس له ابن الله فليست له الحياة » (يوحنا الأولى 12:5). « والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله » (يوحنا 36:3) وأيضاً « فكم عقاباً أشر تظنون أنه يحسب مستحقاً من داس ابن الله » (عبرانيين 29:10). ويدل أيضاً على أن الله الحكمة هو ”الله الابن“ أنه كما يقول هنا في التوراة كالحكمة « حينئذ يدعونني فلا أستجيب. يبكرون إليَّ فلا يجدونني » (أمثال 28:1) وكما يقال عنه في التوراة كالله « يصرخون…، إلى الرب (يهوه) فلا يستجيب لهم » (مزمور 41:18) وأيضاً « يذهبون…ليطلبوا الرب (يهوه) ولا يجدونه. قد تنحى عنهم » (هوشع 6:5) وكما يقول الشعب عنه في التوراة باعتباره عريسهم وهم عروسه « طلبته فما وجدته. دعوته فما أجابني » (نشيد الأنشاد 6:5) هكذا يقال في الإنجيل عن الابن إنه عريس الشعب الذي يعلن ذاته ويضم إليه الراجعين إليه ويتنحى عن المرتدين عنه فيقول هو عن نفسه « وفيما هنّذَ ذاهبات ليبتعن جاء العريس، والمستعدات دخلن معه إلى العرس، وأُغلق الباب. أخيراً جاءت بقية العذارى أيضاً قائلات: يا سيد، يا سيد، افتح لنا! فأجاب وقال: الحق أقول لكنَّ: إني ما أعرفكنَّ » (متى 10:25-12). ويدل هنا أيضاً على أن « الله الحكمة » هو « الله الابن » أنه كما يقول هنا في التوراة كالحكمة « أنا أحب الذين يجدونني » (أمثال 17:8) وكما يقال عنه في التوراة كالله « الرب (يهوه) يحب الصديقين » (مزمور 8:146) هكذا يقول في الإنجيل في يوحنا 21:14 « الذي يحبني يحبه أبي، وأنا أحبه، وأُظهر له ذاتي » أي يكشف له حقيقة مجده الإلهي بما يفيضه في قلبه بقوة روحه بطريقته الإلهية من أفراح به تدل على حضوره في القلب حضوراً محسوساً ولو كان شخصه الحاضر في القلب غير منظور كما قيل عنه « الذي وإن لم تروه تحبونه. ذلك وإن كنتم لا ترونه الآن لكن تؤمنون به، فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد » (بطرس الأولى 8:1) وعبارة « لا ينطق به » تعنى أنه فرح ليس من البشر لأنه لا يعبر عنه بلغاتهم. وكلمة « ومجيد » تعنى أنه فرح من الله لأنه واصل من المجد. وإعلان « الابن » ذاته لكل محبيه بحلوله في قلب كل منهم في وقت واحد بأمجاده البهيجة مهما بلغ عدد محبيه ملايين الملايين في السماء والأرض، فهو مما يدل على أنه الله لأنه لا يمكن أن يكون المخلوق غير محدود. لذلك قيل لتيموثاوس « الرب يسوع المسيح مع روحك » (تيموثاوس الثانية 22:4) وقيل لكل من مؤمني غلاطية « نعمة ربنا يسوع المسيح مع روحكم أيها الإخوة. آمين » (غلاطية 18:6) وقيل لكل من مؤمني أفسس « ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم » (أفسس 17:3). وما قيل لهم من جهته هو المقول للكل في كل زمان وفي كل مكان فالله الحكمة، إذن هو الله الابن. 4 – شخص الحكمة غير مخلوق وفي أمثال 22:8-26 يتكلم « الله الحكمة » أي « الله الابن » عن وجوده الأزلي والسابق للخليقة بلا بدء، وعن تميزه في شخصيته عن الله « الآب » وعن وحدته معه في اللاهوت في ذات الوقت، فيقول « الرب قناني » أي اقتناني أو امتلكني « أول طريقه، من قبل أعماله، منذ القدم » (ع 22). وهنا يقول المدعون بأنهم شهود يهوه أن كلمة « قناني » في الهامش صنعني (كتابهم المسمى الحق يحرركم ص 43 س 9) وهذا لكي يجعلوا الابن المتكلم هنا شخصاً مخلوقاً له بداءة. وعلاوة على أنهم كاذبون في هذا القول فإنه قد فاتهم أنهم يجدفون به على الله أكبر تجديف. لأن المتكلم هنا. وهو الابن، اسمه « الحكمة »، « حكمة الله ». فهل « حكمة الله » مخلوقة ولها بداءة؟ وإذا كان كذلك، كما تقول ترجمتهم المخترعة، فهل كان الله بلا حكمة قبل أن يخلق أو ينشىء أو يصنع لنفسه الحكمة؟ وحتى بفرض أن الكلمة العبرانية المترجمة « قناني » تعنى أيضاً صنعني أو أنشأني فبأي الكلمتين نترجمها في معرض كلام حكمة الله عن نفسها؟ أيهما أصوب وأكرم لله ولحكمته ن تقول حكمة الله، الرب أنشأني، أم امتلكني؟ أن يقال أن الله صانع حكمته أو يقال مالك حكمته؟ ولكن هكذا يجدف المدعون أنهم شهود يهوه على يهوه وعلى حكمته أو على الآب وعلى ابن محبته بمحاولاتهم طمس أدلة أزلية الابن وألوهيته بترجماتهم العصرية المخترعة، وأكثر من ذلك فقد مر بنا أن الحكمة المتكلمة ليست صفة بل هي الله متكلماً بلسان حكمته إذن، فقول الحكمة هنا « الرب قناني » ليس معناه الرب صنعني أو أنشأني بل امتلكني لنفسه. وهنا نرى واضحاً شخصين أزليين هما القاني والمقتنى. وهنا نرى وجود الابن مع الآب قبل الخلق أو في الأزل وتميزهما عن بعضهما. ولكنه أيضاً في قوله « الرب قناني » يعلن وحدته مع الله. لأن الحكمة هي ملك الله الخاص أزلياً لا من وقت معين، هي من خصوصياته أو مميزاته الخاصة الذاتية الملازمة له أزلياً كما قيل « الابن الأزلي…الحكيم وحده » (رومية 27:16). فشخص الحكمة، « الله الابن » هو الرفيق الأزلي لله « الآب » أو الملازم الذاتي له الذي لا يفارقه. لذلك قيل عنه « ابنه…الذي…هو بهاء مجده » (عبرانيين 2:1و3) كما قال عنه الله الآب في مناسبة بذله إياه كالمتجسد على الصليب « استيقظ يا سيف على راعيَّ، وعلى رجل رفقتي، يقول رب الجنود » (زكريا 7:13). وقول الابن هنا « الرب قناني أول طريقه » (أمثال 22:8) يدل على ما لحكمة الله من أهمية بحيث أن الله لا يبدأ طريقه أو أي عمل من أعماله إلا بها كقوله « الحكمة هي الرأس » (أمثال 7:4) أي رأس أو أول أو بداءة كل طريق لله. فبغير الحكمة لا يدخل الله في أي طريق ولا يبدأ أي عمل كما قيل « ما أعظم أعمالك يارب! كلها بحكمة صنعت » (مزمور 24:104) « الرب بالحكمة أسس الأرض، أثبت السماوات بالفهم » (أمثال 19:3). وهذا عين ما قيل في الإنجيل عن الابن « الله…كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه…الذي به أيضاً عمل العالمين » (عبرانيين 1:1و2) كما قيل عنه أيضاً « كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان » (يوحنا 3:1) لذلك قيل عنه عين ما قيل عن الحكمة أنه « الرأس » (كولوسي 19:1) و« الأول » (رؤيا 8:2) و« البداءة » أي المنشأ (كولوسي 18:1) و« المتقدم في كل شيء » (كولوسي 18:1) و« بداءة » أي منشأ « خليقة الله » (رؤيا 14:3). وهذا كله معناه أنه كالحكمة الأزلية والابن الأزلي هو منشأ الخليقة ووسيلة إنشائها. فهو سابق لها لأنه أصل أصولها، أصل الحياة في كل أنواعها ونمائها لذلك كالحكمة يقول « الرب قناني أول طر يقه، من قبل أعماله، منذ القدم » (أمثال 22:8) وكالابن قيل عنه « ابن محبته الذي…الكل به وله قد خُلق. الذي هو قبل كل شيء، وفيه يقوم الكل » (كولوسي 13:1-17). ومن غريب تلاعب المدعين بأنهم شهود يهوه بمعاني الكلام عن الحكمة التي هي الابن قولهم عنها أنها ملاك خُلق ليظهر فيه وبه حكمة الله (كتابهم المسمى الحق يحرركم ص 43 س 5 – ص 44 س 1) فنقول إن « الحكمة » أزلية والابن الذي أظهر الحكمة في الخلق وغيره ليس شخصاً آخر غير الحكمة الأزلية. ولذلك قال هنا « أنا الحكمة » (أمثال 12:8) وليس ملاكاً خُلق تظهر به الحكمة. وأي ملاك، مهما كانت حكمته يستطيع أن يقول، أنا الحكمة؟ ولا ننسى أنه مر بنا أن « الحكمة » المتكلمة هي الله نفسه بمميزاته متخذاً لنفسه اسم الحكمة. ومن ثم فالحكمة الأزلية أو الله الحكمة هو ذات الابن وليس آخر. ولذلك كما يقول هنا « أنا الحكمة » (أمثال 12:8) نجده يقول بعد تجسده في لوقا 49:11 « قالت حكمة الله: إني أُرسل » في حين يقول عن ذلك في متى 34:23 « ها أنا أرسل » فكأنه يقول في الإنجيل كما قال في التوراة « أنا الحكمة » فهو الله الحكمة، الله الابن. ثم أنه يقول « أنا الحكمة أسكن الذكاء، وأجد معرفة التدابير…لي المشورة والرأي. أنا الفهم. لي القدرة. بي تملك الملوك، وتقضى العظماء عدلاً. بي تترأس الرؤساء والشرفاء، كل قضاة الأرض » (أمثال 12:8-16). فهل المخلوق موجود في كل الكائنات العاقلة وموجهاً إياها التوجيه السديد كما قيل عن الخالق « به نحيا ونتحرك ونوجد » (أعمال 28:17)؟ أموجود هو كالخالق في كل الوجود؟ أم قادر هو على كل شيء؟ حقاً، إن المتكلم هنا في أمثال 8 هو، رغم كل مكابرة، الله الذي به نحيا ونتحرك ونوجد. وما دام الكلمة أو شخص الحكمة المتكلم هنا، هو الابن، وهذا حتى بشهادة أعدائه المدعين بأنهم شهود يهوه، نتج أن الابن هو الله رغم كل محاولاتهم. 5 – شخص الحكمة هو المسيح الأزلي ولذلك يقول أيضاً في أمثال 23:8 « منذ الأزل مُسحت » وكلمة مُسحت معناها ”تعينت من الله“ وكلمة « المسيح » معناها ”المعين من الله“. وقد مر بنا في مزمور 2 أن الشخص الذي مُسح، وبمسحه أصبح هو المسيح، هو الابن والذي مسحه هو الآب. والابن الذي مُسح يعلن هنا أن مسحه منذ الأزل في قوله « منذ الأزل مُسحت » ولذلك قبل مسحه بالروح كابن الإنسان في اعتماده، قدمه الملاك للرعاة باعتباره أنه أصلاً « هو المسيح الرب » (لوقا 11:2) فهو المسيح أو المعين في الأزل قبل أن يُمسح في الزمان. فالابن، إذن، في الأزل معين من الله لأعمال في الزمان منها الخلاص والمُلك والدينونة. ولذلك يقول عن نفسه في الإنجيل أنه هو الذي « قدسه » أي خصصه أو عينه « الآب وأرسله إلى العالم » (يوحنا 36:10). وعن تعيينه للخلاص قيل « عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى…بل بدم كريم، كما من حمل بلا عيب ولا دنس، دم المسيح معروفاً » أو معيناً « سابقاً قبل تأسيس العالم، ولكن قد أُظهر في الأزمنة الأخيرة من أجلكم » (بطرس الأولى 18:1-20) وعن تعيينه للمُلك قال عنه الآب « أمّا أنا فقد مسحت ملكي على صهيون جبل قدسي » (مزمور 6:2) وعن تعيينه للدينونة قيل « هذا هو المعين من الله دياناً للأحياء والأموات » (أعمال 42:10). 6 – المسيح الأزلي هو يهوه ولأن الابن الحبيب، ربنا يسوع المسيح، يعلم منذ الأزل أن هذه هي أعماله التي تعين لها من الآب ليعملها في الزمان حسب قوله « منذ الأزل مُسحت » لذلك يقول عنه عبده يعقوب « معلومة عند الرب منذ الأزل جميع أعماله » (أعمال 18:15) والذي يؤيد أن المقصود بالرب هنا هو الرب يسوع المسيح، أي الابن وليس الآب مع أنهما الله الواحد، هو قول يعقوب بعد ذلك « سمعان قد أخبر كيف افتقد الله أولاً الأمم ليأخذ منهم شعباً على اسمه…كما هو مكتوب: سأرجع بعد هذا وأبني أيضاً خيمة داود الساقطة…لكي يطلب الباقون من الناس الرب، وجميع الأمم الذين دُعي اسمي عليهم، يقول الرب (يهوه)، الصانع هذا كله » ثم يردف ذلك بقوله السابق « معلومة عند الرب منذ الأزل جميع أعماله » (أعمال 14:15-18 قابل عاموس 12:9). ومعلوم طبعاً عندنا أنه، وإن كان قد دُعي على الأمم الذين آمنوا « باسم الآب والابن والروح القدس » (متى 19:28)، إلا أنه قد قيل عنهم بأكثر تخصيص « أنهم كانوا معتمدين باسم الرب يسوع » (أعمال 16:8) أي باسم الابن، بل وقيل عنهم ما هو أخص من ذلك إذ نقرأ « ودُعي التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولاً » (أعمال 26:11). والمسيح الذي دُعي اسمه عليهم هو « الابن »… وأصبحت هذه التسمية هي شهرة جميع المؤمنين لا من الأمم فقط بل ومن اليهود أيضاً حتى أن رسوله بطرس يقول للمؤمنين به من اليهود « إلى المتغربين من شتات بنتس وغلاطية الخ…إن عيّرتم باسم المسيح، فطوبى لكم، لأن روح المجد والله يحل عليكم. أمّا من جهتهم فيجدَّف عليه » أي على شخص المسيح واسمه. « وأمّا من جهتكم فيمجَّد » والتمجيد لا يكون إلا لله ولاسمه كما قال تعالى « أنا الرب (يهوه). هذا اسمي، ومجدي لا أعطيه لآخر » (إشعياء 8:42). « فلا يتألم أحدكم كقاتل، أو سارق، أو فاعل شر، أو متداخل في أمور غيره. ولكن إن كان كمسيحي » أي لأجل المسيح واسمه « فلا يخجل، بل يمجد الله من هذا القبيل » (بطرس الأولى1:1، 14:4-16) بل ويقول يعقوب نفسه للمسيحيين من اليهود عن المرتدين منهم « يعقوب…إلى الاثني عشر سبطاً الذين في الشتات…أمّا هم يجدّفون على الاسم الحسن الذي دُعي به عليكم؟ » (يعقوب1:1، 7:2) وهذا الاسم المدعو به عليهم هو اسم المسيح لأنهم مدعوون مسيحيين. ومن هنا يتضح بكل جلاء أن المسيح الذي دُعي باسمه علينا هو الله الذي اتخذ من الأمم شعباً على اسمه وهو الرب الذي دُعي باسمه عليهم، وهو الرب المعلومة عنده منذ الأزل جميع أعماله التي عملها وسيعملها في الزمان. فالابن إذن هو « الرب الإله (يهوه إيلوهيم) »، وبالتبعية ليس هو فقط « حكمة الله بل الله الحكمة »، ليس هو فقط « ابن الله » بل « الله الابن ». ولكن ما دام المسيح هو الرب الإله الذي دُعي باسمه علينا إذ دُعينا من الروح القدس في الإنجيل « مسيحيين »، فلماذا يتنكر المدعون بأنهم شهود يهوه لهذه التسمية ويسمون أنفسهم تلاميذ التوراة ثم شهود يهوه مدعين بأن هذا الاسم الأخير هو ما عينه لهم فم الرب؟ لا شك أن قصدهم المفضوح من وراء هذه التمويهات ألا يحملوا معنا الاسم الذي يدل، باستمرار على أن يسوع المسيح هو يهوه نفسه المدعو باسمه علينا، علهم يستطيعون أن يوهموا الكثيرين أن يسوع المسيح ليس هو يهوه فهم إذن، إن كانوا شهود، فهم شهود زور ضد الرب يسوع. وعن أمثالهم قال هو، تبارك اسمه « قام على شهود زور ونافث ظلم » (مزمور 12:27). 7 – وحدة الأقانيم الثلاثة في الأزلية واللاهوت ومن قول المسيح « منذ الأزل مُسحت » (أمثال 23:8) يتبين قطعاً أن الماسح أزلي والمسيح أزلي والمسحة أزلية أو بعبارة أخرى أن الإله الواحد الأزلي هو الماسح والمسيح والمسحة. أو الآب والابن والروح القدس. فأزلية كل منهم معادلة لأزلية الآخر. ولا يمكن أن توجد عبارة أقوى ولا أوضح ولا أقطع في الدليل على أزلية الابن من عبارة « منذ الأزل » التي وصف الابن بها نفسه في القول « منذ الأزل مُسحت » فإن الروح القدس لم يجد أحسن ولا أقوى منها يستخدمه للتعبير عن أزلية الله المُعترَف بها من الجميع إذ قيل « منذ الأزل إلى الأبد أنت الله (إيل) » (مزمور 2:90) وبعبارة أخرى لم يكن الله منذ الأزل ولن يكون إلى الأبد أقل من الآب والابن والروح القدس كما قال رسوله يوحنا « كل من تعدى ولم يثبت في تعليم المسيح » أي تعليم أزلية بنوته للآب وأزلية أبوة الآب له « فليس له الله. ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا له الآب والابن جميعاً » (يوحنا الثانية 9) لأنه بهذا القول يبين الرسول أن الله الواحد هو الآب والابن معاً. أمّا الروح القدس فمتضمن ذكره في ذكرهما لأنه « روح الآب » (متى 20:10) و« روح الابن » (غلاطية 6:4) ولذلك يقول الابن نفسه « عمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس » (متى 19:28) أي باسم الماسح والمسيح والمسحة باعتبارهم الإله الواحد الأزلي المتجزىء في ذاته ولو أنه المتميز في أقانيمه. 8 – أبديت وليس أبدئت ثم يقول الابن في أمثال 8 عن ظهوره أو تجليه في الأزل في ميدان العمل للبدء في العمل « منذ البدء، منذ أوائل » أو أصول « الأرض. إذ لم يكن غمر أُبدئت » أو « أُبديت »، « إذ لم تكن ينابيع كثيرة المياه. من قبل أن تقررت الجبال، قبل التلال أُبدئت » أو أُبديت « إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد ولا البرارى ولا أول أعفار » جمع عفار أو ذرات « المسكونة » (أمثال 24:8-26) والكلمة المترجمة هنا أُبدئت هي في الأصل العبراني بمعنى brought forth في الإنجليزية وترجمتها هي وُلد، بُين، أُبدى، أُظهر ولنسلم أيضاً بأنه من مترادفاتها أُبدىء الموجودة في الترجمة العربية. فأي مترادف من هذه يجب انتقاءه لتصف حكمة الله به نفسها؟ لأنه واضح أن حكمة الله هي المتكلمة في هذا الفصل. وليس كما يبتكر المدعون بأنهم شهود يهوه أن المتكلم هو الملاك ميخائيل الذي خُلق لكي تظهر فيه وبه الحكمة لأن المتكلم لا يقول، أنا الملاك المخلوق لكي تظهر بي الحكمة، بل يقول « أنا الحكمة » ويصف نفسه بصفات الله الغير المحدود. ولا يذكر مطلقاً شيئاً عن نفسه كمخلوق بل ولا يعقل أن يذكر شيئاً من ذلك ما دام المتكلم هو حكمة الله أو الله متخذاً لنفسه اسم الحكمة. فأي مترادف، إذن، من تلك المترادفات السالفة يجب انتقاؤه لتصف حكمة الله به نفسها، أو ليصف الله الحكمة به نفسه؟ أيجوز أن تقول « حكمة الله » عن نفسها أو أن يقول « الله الحكمة » عن نفسه أنني وُلدت أو أُبدئت؟ هل لحكمة الله أو لله الحكمة بداية؟ حاشا! إذن فمعاني الكلمة التي لها إمكانية الانطباق على حكمة الله المتكلمة أو على الله المتكلم كالحكمة هي فقط أُبديت أو أُظهرت لأن الله بطبيعة الحال كان موجوداً في الأزل. ولمّا عزم على الخلق ظهر أو تجلى بحكمته في الميدان وبتجليه أو ظهوره بحكمته تجلت أو ظهرت أو بدت حكمته في الميدان للبدء في العمل. ووجود الله السابق لأعماله أمر بديهى في الله. فإذن، حكمة الله أزلية وأعمال الله أظهرتها من أولها، لا بل والنص هنا يقرر أن الحكمة نفسها لأزليتها بدت في الميدان للبدء في العمل قبل أن تظهرها أعمالها التي عملتها. وظهور الحكمة ذاتها أو تجليها بدون أعمالها وقبل البدء في أعمالها يدل على أنها هنا ليست صفة تظهرها الأعمال بل شخص له وجوده الذاتي لأنه بدا في الميدان للعمل وقبل أن يبدأ العمل. وبما أن الملائكة من ضمن الأعمال التي عملتها حكمة الله أو المصنوعات التي صنعتها أو الخلائق التي خلقتها ينتج أن الشخص المتجلي أو البادي لم يكن ملاكاً. لأن الذي بدا هو شخص « الحكمة »، والحكمة، حكمة الله، ليست من أعمال الله أو مصنوعاته أو خلائقه ولم يرد عن حكمة الله أن الله صنعها بل صنع بها بل وأيضاً هي الصانعة. لأن شخص الحكمة يقول هنا « كنت عنده » أي عند الله « صانعاً » (أمثال 30:8) هذا فضلاً عن أن الرب يقول عن نفسه بعبارة جامعة مانعة أنه هو « الصانع هذا كله » (أعمال 17:15) و« صانع كل شيء » (إشعياء 24:44) فليست الحكمة الصانعة إلا الله الصانع، وبما أن الحكمة الصانعة في هذا الفصل بادية في الميدان للعمل كشخص له كيانه ووجوده قبل وجود كل الأعمال لا مجرد صفة، وبما أنه واضح أن شخص الحكمة هذا لا يمكن أن يكون ملاكاً لأن الملاك من ضمن الأعمال، بل وثبت أنه شخص المسيح أو الابن، ينتج قطعاً أن الابن هو الله سبحانه وتعالى. هذا هو حكمة الله أو الله الحكمة أو الله الابن. وقبل البدء في العمل بدا شخصياًً وتجلى بمجده الإلهي للبدء في العمل ثم ابتدأ أعماله التي كان أولها الخلق. فأعماله لها بدء. أمّا هو الذي بدا أو ظهر للعمل فكان بديهياً بلا بدء.9 – الوحدة في الخلق بعد ذلك نسمع شخص الحكمة الذي هو شخص المسيح، الابن الأزلي كما مر بنا، يتكلم كالخالق مع الآب قائلاً « لمّا ثبَّت » الآب « السماوات كنت هناك أنا. لمّا رسم دائرة على وجه الغمر. لمّا أثبت السحب من فوق، لمّا تشددت ينابيع الغمر. لمّا وضع للبحر حده فلا تتعدى المياه تخمه، لمّا رسم أسس الأرض، كنت عنده صانعاً، وكنت كل يوم لذته » (أمثال 27:8-30) وهنا نرى اثنين: الله الخالق وهو الآب الماسح ثم شخص الحكمة وهو الابن الممسوح الذي نراه صانعاً ومتمماً مشيئة أبيه في الخلق. وفي إنجيل يوحنا 1:1-3 قيل عن وجوده مع الآب في إجراء الخلق « في البدء كان الكلمة » والكلمة هو الابن كما في ع 14 « والكلمة كان عند الله » أي عند الآب وقد قال هو نفسه هنا « كنت عنده صانعاً » وقيل عنه في يوحنا « كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان » (يوحنا 3:1). |
المقدمة ، افتتاحية هامة، الباب الأول، الباب الثاني، الباب الثالث، 3-2 ، 3-3 ، 3-4 ، 3-5 ، 3-6 ، 3-7 ، 3-8 ، 3-9 ، 3-10، 3-11 ، 3-12 ، 3-13 ، 3-14 ، 3-15 ، 3-16 ، 3-17 ، 3-18، الباب الرابع ، الباب الخامس ، الخاتمة.
جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.