شرح إنجيل يوحنا |
بنيامين بنكرتن
المُقدمة كل من أعتاد على مطالعة كلمة الله قد ميَّز المقام
الخصوصي الذي لهذا الإنجيل بين جميع الأسفار المقدسة ولا سيما نسبتهُ إلى
الثلاثة البشائر الأخرى بحيث يعلن لنا المسيح في مجدهِ الذاتي وبذكر
أسماءهُ الجوهرية كالكلمة الأزلي، والله، والنور الحقيقي، ووحيد الآب،
وابن الله إلى خلاف ذلك، مما يدل على حقيقة شخصهِ ومساواتهِ مع الآب. لا
يجوز أن نقول: أن الأناجيل الأخرى ناقصة وأن هذا كُتب لتكميل نقصها، لأن
جميعها كلام الله الموحى بهِ والروح القدس هو مؤلفها بحكمتهِ لأجل مجد
المسيح فلا شك بأنهُ ألهم كل واحد من الأربعة البشيرين وساق كلاًّ منهم
أن يدرج في إنجيلهِ ما يناسب مقصدهُ الخصوصي فإذًا ينبغي لنا أن نلاحظ
مقصدهُ بكل إنجيل لكي نستفيد منهُ فوائدهُ التامة. فالموضوع واحد، ولكن
الروح يراعي أوجههُ المختلفة ويحب أن يساعدنا في درس أقوالهِ لكي ندرك كل
ما أُعلن وننتعش من الروائح الذكية الصاعدة من حياة يسوع المسيح فادينا
العزيز كيفما وأينما ننظر إليهِ بعين الإيمان فنراهُ على نوع خصوصي في
هذا الإنجيل كشخص إلهي قد أتخذ جسدًا وحلَّ بين الناس ومع ذلك عاش بينهم
بغاية الاتضاع وتصرَّف بطرق مناسبة لهم حتى ينظروا مجدهُ، وإن قبلوهُ
ينالوا بهِ الحياة الأبدية ويصيروا أولاد الله لا يذكر يوحنا ولادتهُ مع
ظروفها الإنسانية ولا تجربتهُ في البرية ولا التجلي ولا الصعود إلى
السماء بعد القيامة. مع أنهُ يشير إلى أن المسيح: صنع آيات كثيرة لا يذكر
صريحًا إلاَّ ستًّا منها. فنراهُ من أول هذا الإنجيل إلى آخرهِ: الله
ظاهرًا في الجسد في الظروف البشرية، ولكن مرتفعًا فوقها ومع ذلك يذكر
أنهُ تعب من سفرهِ وجلس على البئر وتنازل أن يطلب قليلاً من الماء من
أمراه سامريَّة، لأنهُ بهيئة إنسان ضعيف أعلن نفسهُ كالله المُعطي. فكل
من لا يعتقد تمامًا بلاهوتهِ لا يستفيد من مطالعة هذا الإنجيل أو غيرهِ
من الأسفار المقدسة، لأنها قد كُتبت جميعها لإعلان أمجاد يسوع المسيح
المتنوعة، لأنها تشهد لهُ من أول التكوين إلى آخر الرؤيا كما قال المسيح:
«فتّشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياةً أبدية. وهي تشهد لي» (يوحنا
39:5). فلنطلب منهُ أن يعطينا فهمًا جيدًا في مطالعة هذه الأقوال التي
تشهد لمجد شخصهِ وتعلن نعمتهُ العجيبة. يجب أن نذكر دائمًا أن المعرفة
الحقيقية توسع قلوبنا وتقودنا إلى ازدياد الشركة مع الله ومع ابنهِ يسوع
المسيح. ليمنح الرب ذلك أكثر فأكثر لكاتب هذا التفسير وقارئهِ أيضًا.
آمين. |