شرح إنجيل يوحنا |
بنيامين بنكرتن
الأصحاح الخامس عشر 1 «أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ
وَأَبِي الْكَرَّامُ. 2 كُلُّ
غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ
يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي
بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ
بِثَمَرٍ أَكْثَرَ. 3 أَنْتُمُ
الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ
الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ. 4 اُثْبُتُوا
فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ
الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ
بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ
يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ
أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا
فِيَّ. 5 أَنَا الْكَرْمَةُ
وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي
يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا
يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ
بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ
تَفْعَلُوا شَيْئًا. 6 إِنْ كَانَ
أَحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ
خَارِجًا كَالْغُصْنِ، فَيَجِفُّ
وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي
النَّارِ، فَيَحْتَرِقُ. (عدد 1-6). كان إسرائيل كرمةً لله في العالم وطالما
اعتنى بها وانتظر منها ثمرًا ولم يحصل
على منتظرهِ. كرمةً من مصر نقلت، طردت
أممًا وغرستها، هيأت قدامها فأصَّلت
أصولها فملأت الأرض. غطى الجبال ظلُّها
وأغصانها أرز الله. مدَّت قضبانها إلى
البحر وإلى النهار فروعها. فلماذا هدمت
جدرانها فيقطفها كل عابري الطريق. يفسدها
الخنزير من الوعر ويرعاها وحش البرية (مزمور
8:80-13). كلما مضت عليهم الأيام ظهر عدم
نفعهم وخيانتهم أكثر حتى أنهم أخيرًا
رفضوا المسيح فما بقى أمل بالثمر منهم.
ونرى هنا أن المسيح أخذ مقامهم وصار
الكرمة الحقيقية إذ كان يأتي بثمر لله.
كان التلاميذ يحسبونهُ من الكرمة
الإسرائيلية بل أفضل غصن من أغصانها
ولكنهُ يُعلَّمهم هنا أنهُ هو الكرمة
الحقيقية نفسها المنتظر منها الثمر من
الآن فصاعدًا. وأبي الكرام. يجب أن نلاحظ
جيدًا أنهُ لا يوضح طريق الخلاص للخطاة
بل طريق الأثمار لتلاميذهِ المنتسبين
إليهِ كمصدر حياتهم ومعاملة أبيهِ إياهم
لتنقيتهم لكي تظهر حقيقة حياتهم بواسطة
الثمر. كل غصن فيَّ لا يأتي بثمر ينزعهُ.
جميع الذين يعترفون باسمهِ هم أغصان فيهِ
لأنهُ في هذا الفصل يراعي مقام المسئولية
الذين نحن عليهِ أمام الله بموجب
اعترافنا بالمسيح. ويمكن أن نتظاهر بأننا
أغصان في الكرمة الحقيقية ونحن لسنا سوى
مرائين مثل يهوذا الإسخريوطي. فإن كنا
هكذا ولا نتوب فلا بد أن ينزعنا الآب
يومًا ما بالدينونة لأنهُ لا يزال يحكم
بغير محاباة في بيتهِ الآن (انظر
عبرانيين 4:12-11؛ بطرس الأولى 17:1). لا شك بأن
المرائين يهلكون إلى الأبد غير أن ذلك
ليس الموضوع هنا بل معاملة الآب على
الأرض مع الذين اعترفوا بالمسيح. وكل ما
يأتي بثمر ينقيهِ ليأتي بثمر أكثر. فلا
يزال يعامل الأغصان الحقيقية لكي يزداد
ثمرها لمجدهِ. أنتم الآن أنقياء لسبب
الكلام الذي كلَّمتكم بهِ. كانوا قد
تطَّهروا بقبولهم المسيح ووُلدوا من فوق
وصاروا أولاد الله (راجع 12:1، 13؛ إصحاح 10:13)
وتنقَّوا أيضًا بواسطة كلام المسيح
وكانوا يأتون بثمر المحبة والطاعة.
اثبتوا فيَّ وأنا فيكم. لاحظ أنهُ
يخاطبهم باعتبار مسئوليتهم الجديدة
فيذكر أولاً ما يجب عليهم. فالثبوت فيهِ
هو الاستمرار على الاعتراف بهِ والطاعة
لهِ. وأنا فيكم. يعني كمصدر حياتهم وقوتهم
على إظهار الصفات التي تبرهن نسبتهم
إليهِ. كما أن الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر
من ذاتهِ إن لم يثبت في الكرمة كذلك أنتم
أيضًا إن لم تثبتوا فيَّ. جميع المولودين
من الله هم أغصان في المسيح ولا يمكن
انفصالهم عنهُ ولا بد من ظهور ثمر فيهم
قليلاً أو كثيرًا بحيث أن لهم علاقة
حيَّة معهُ فيها يستمدُّون منهُ كل قوتهم
للسلوك والخدمة. أنا الكرمة وأنتم
الأغصان، الذي يثبت فيَّ وأنا فيهِ هذا
يأتي بثمر كثير. لأنكم بدوني لا تقدرون أن
تفعلوا شيئًا. فنسبتنا للمسيح المعبّر
عنها بنسبة الأغصان للكرمة هي حقيقية
ومبنية على اقتراننا معهُ كحياتنا
ولكنها تختلف عن نسبتنا لهُ كرأس الجسد
كما يتضح لمن طالع المواضع التي ورد فيها
الكلام عن امتيازاتنا السامية كمتحدين
مع رأسنا المجيد في السماء بواسطة الروح
القدس الحال فينا. فالوحي لا يحرضنا أن
نثبت فيهِ كأعضاء جسدهِ لأن ذلك من
امتيازاتنا بالنعمة وليس من واجباتنا مع
أن النعمة هي المصدر الوحيد لجميع
بركاتنا. فيراعينا هنا باعتبار نسبتنا
إليهِ كتلاميذهِ على الأرض تحت
المسئولية أن نمجّدهُ ونحقّق للآخرين
أننا لهُ. توجد درجات متفاوتة من الثمر
يعبَّر عنها في موضع بثلاثين وستين ومئة.
حتى مجرد اعترافنا بابن الله في هذا
العالم الذي رفضهُ وثبوتنا على ذلك يُحسب
ثمرًا كثيرًا. غير أن الآب يُنقينا لكي
نأتي بثمر أكثر بحيث كلما نمت حياتنا
الروحية ازداد الأثمار (انظر بطرس
الثانية 3:1-11) على نمونا روحيًّا وإضافة
الفضائل الحميدة بعضها إلى بعضٍ بينما
نحن قاصدون المجد. إن كان أحد لا يثبت
فيَّ يُطرح خارجًا كالغصن فيجفُّ
ويجمعونهُ ويطرحونهُ في النار فيحترق.
هذا تشبيه مأخوذ من ذات كلامهِ عن الكرمة
والأغصان فكما أن الأغصان تجفُّ إذا
انفصلت عن الكرمة وعادة الناس هي أن
يجمعونها للحريق هكذا الذين يتظاهرون
إلى حين بأنهم قد تعلَّقوا بالمسيح
بالإيمان فلا بد أنهم يرتدون يومًا ما
ولا يصلحون إلاَّ للحريق فقط. انظر مثل
الزارع حيث يتضح أن كثيرين يتأثرون من
سماع كلام الله ولكن في وقت الامتحان
يسقطون ولا يأتون بشيء من الثمر. انظر
أيضًا (عبرانيين 4:6-8) على المرتدين عن
الإيمان المسيحي. نعلم أنهُ من الأمور
الممكنة الآن أننا نعيش ونموت في الديانة
المسيحية وهي ليست لنا سوى صورة بدون قوة.
ولكن هذا ليس موضوع الرب هنا مع أن كلامهُ
يمتحنا جميعًا في كل حين لأن الثمر
المطلوب يبرهن نسبتنا إليهِ وعدمهُ يظهر
أننا لسنا لهُ لا يخفى أن الحالة في الأول
اختلفت نوعًا عن الحالة الحاضرة إذ كل
يهودي لما تزعزع في الإيمان واعترافهِ
بالمسيح ارتدَّ ورجع إلى قومهِ القديم
فانكشفت يبوستهُ حالاً وأما الآن فنحن
النصارى قد ربينا في الإيمان المسيحي وقد
صارت حالة المسيحيين منحطة روحيًّا إلى
أقصى درجة فلذلك يمكن لجماهير أن يعيشوا
كأغصان يابسة مع أنهم لا يرفضون الديانة
المسيحية. لاحظ أن الرب حين تكلَّم عن
إمكانية حريق بعض الأغصان لم يخاطب
التلاميذ رأسًا قائلاً: إن كنتم أنتم
تثبتون بل رتَّب كلامهُ على صيغة الغائب
قائلاً: إن كان أحد لا يثبت فيَّ الخ.
لأنهُ لا يفرض هلاك أحد تلاميذهِ
الحقيقيين. 7 إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ
كَلاَمِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا
تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ. 8 بِهذَا
يَتَمَجَّدُ أَبِي: أَنْ تَأْتُوا
بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ
تَلاَمِيذِي. 9 كَمَا أَحَبَّنِي
الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا.
اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي. 10 إِنْ
حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي
مَحَبَّتِي، كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ
حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي
مَحَبَّتِهِ. 11 كَلَّمْتُكُمْ
بِهذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ
وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ. (عدد 7-11). نرى في هذا الفصل إيضاحًا لموضوع الثمر
الكثير المذكور في (عدد 5). فيذكر ثانية
لزوم ثُبوتهم فيهِ لأن ذلك هو المصدر
الوحيد للحياة والقوة. ثم قولهُ وثبت
كلامي فيكم. يعني انغراسهُ في قلوبهم
كالزارع الجيد ثم محافظتهم على طاعتهِ
فحينئذٍ تكون لهم الشركة مع الآب والابن
ومهما أرادوا أن يطلبوا يكون لهم (راجع
إصحاح 13:14) على الصلاة وقوانينها. بهذا
يتمجد أبي أن تأتوا بثمر كثير فتكونون
تلاميذي. للآب نصيب فينا لأننا قد
انتسبنا إليهِ كأولاد وللمسيح كتلاميذ
ومُداومتنا على الطاعة والصلاة تنتج
ثمرًا لمجد الله أبينا ونتبرهن بصفتنا
كتلاميذ حقيقيين وأغصان جيدة في الكرمة
الحقيقية. كما أحبني الآب كذلك أحببتكم
أنا. اثبتوا في محبتي. هذا إعلان عجيب
جدًّا أن محبة المسيح لتلاميذهِ هي كمحبة
الآب لهُ. فكم هي من محبة فائقة لا يمكن أن
تبرد أو تنتهي. وأما ثبوتنا في محبتهِ فهو
ثقتنا بها لأن المحبة منهُ تقتضي الثقة
فينا التي بها نقترب إليهِ ونقبل معرفة
مشيئتهِ وننال النعمة لأجل السلوك
بموجبها. إن حفظتم وصاياي تثبتون في
محبتي كما أني أنا قد حفظت وصايا أبي
وأثبت في محبتهِ. فجميع إعلانات مشيئة
الرب لنا لإرشادنا في سلوكنا على الأرض
هي وصاياهُ لنا. ولست أعني كلماتهِ
المدرجة في الأربع البشائر فقط بل كل ما
تضمن في أسفار الوحي من أول التكوين إلى
آخر الرؤيا. لأن الروح القدس يعمل فينا
بواسطة كلمة الله كلها فمهما شاء في وقتٍ
ما أن يخصصهُ لنا من جهة تصرُّفاتنا هنا
فيكون ذلك من وصايا الرب لنا انظر مثلاً (أعمال
الرسل 47:13) حيث يقتبس بولس الرسول عبارة
من (إشعياء 6:49) ويتخذها إرشادًا لهُ في
خدمتهِ قائلاً: لأن هكذا أوصانا الرب الخ.
غير أني أقول: أنهُ يوجد مقدار عظيم من
الإعلانات الصريحة لإرشادنا في تتميم
واجباتنا المسيحية وينبغي لنا أن
نمارسها دائمًا طاعةً للرب وليس كأننا
متروكين لحرّيتنا أو إذا عملنا شيئًا
منها فإنما نعملهُ لاستحساننا لأنهُ لو
فرضنا. إننا عملنا كل شيء حسنًا لمجرد
استحساننا إياهُ فلا يحسب ذلك طاعةً لهُ
بتَّةً. لأنهُ دعانا للطاعة وواجب علينا
أن نسأل عن إراداتهِ ونطلب نعمةً لكي
نسلك بها. فأطلب إليكم أيها الإخوة برأفة
الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة
مرضية عند الله عبادتكم العقلية. ولا
تُشاكلوا هذا الدهر بل تغيَّروا عن شكلكم
بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي إرادة
الله الصالحة المرضية الكاملة (رومية 1:12،
2). ولنا قدوة المسيح في ذلك إذ حفظ وصايا
أبيهِ وأطاع حتى الموت موت الصليب. كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويكمل
فرحكم. سبق وأعطاهم سلامهُ وهنا يرشدهم
إلى طريق الطاعة لهُ حتى يكون فيهم نفس
الفرح الذي لهُ كإنسان سالك سلوكًا
مرضيًا لله. فيقدر أن يشاركنا الآن في
فرحهِ الذي تمتَّع بهِ كالابن مع الآب.
ويكمل فرحكم. فيكون فرحهم كاملاً يعني من
مصدر جديد ومن نوع آخر بالمقابلة مع فرح
العالم. قال الرسول: افرحوا في الرب كل
حين وأقول أيضًا افرحوا (فيلبي 4:4).
الأفراح العالمية ناقصة من كل الأوجه لأن
مصدرها قلب الإنسان المعرض للحزن كما قال
أيوب: ولكن الإنسان مولود للمشقَّة كما
أن الجوارح لارتفاع الجناح. (أيوب 7:5)
فمهما اشتدَّ فرحهُ اليوم فلا بد أن
يليهُ الحزن الشديد غدًا. وأيضًا أسبابهُ
زهيدة وزائلة خلاف أسباب الحزن التي هي
كثيرة وثقيلة ودائمة وآخرها هو الموت.
وأما فرحنا بالرب فينتج من تمتعنا
بنصيبنا الدائم المؤبد فلا يُنزع منا. 12 «هذِهِ
هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا
بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا
أَحْبَبْتُكُمْ. 13 لَيْسَ لأَحَدٍ
حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ
أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ. 14
أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ
فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ. 15 لاَ
أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لأَنَّ
الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ
سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ
أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ
بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي. 16 لَيْسَ
أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا
اخْتَرْتُكُمْ، وَأَقَمْتُكُمْ
لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ،
وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ، لِكَيْ
يُعْطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا
طَلَبْتُمْ بِاسْمِي. 17 بِهذَا
أُوصِيكُمْ حَتَّى تُحِبُّوا
بَعْضُكُمْ بَعْضًا. (عدد 12-17). فنحبُّ بموجب الطبيعة الجديدة المولودة
فينا من فوق ولكننا لا نحبُّ كأننا
مستقلين عن الرب هو مصدر محبتنا بحيث
إننا تحت سلطانهِ ونمارس عواطفنا
الجديدة طاعةً لوصيتهِ وامتثالاً
بقدوتهِ. لاحظ قولهُ: كما أحببتكم. لأن
محبتهُ لنا هي القياس لمحبتنا المتبادلة
بعضنا لبعض. ليس لأحد حبٌّ أعظم من هذا أن
يضع أحد نفسهُ لأجل أحباءهِ. أنتم أحبائي
إن فعلتم ما أوصيكم بهِ. يجب أن نلاحظ
جيدًا أن الرب إنما يوضح لنا هنا كيفية
سلوك التلاميذ لكي يتمتعوا بالشركة مع
المسيح ورضاهُ فيهم فيشير إلى موتهِ
لأجلهم كبرهان محبتهِ لهم قابل هذا مع
قول الرسول: مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا
بل المسيح يحيا فيَّ. فما أحياهُ الآن في
الجسد فإنما أحياهُ في الإيمان إيمان ابن
الله الذي أحبني وأسلم نفسهُ لأجلي (غلاطية
20:2). لا يخفى إننا ننظر إلى موت المسيح من
وجه آخر أيضًا يعني كبرهان محبتهِ لنا
كخطاة وأعداء. كما يقول الرسول في موضع
آخر: لأن المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في
الوقت المعيَّن لأجل الفجار. فإنهُ
بالجهد يموت أحد لأجل بارّ ربما لأجل
الصالح يجسر أحد أن يموت. ولكن الله بيَّن
محبتهُ لنا لأنهُ ونحن بعد خطاة مات
المسيح لأجلنا (رومية 6:5-8). فواضح أن الرب
يرينا طريق الشركة معهُ ليس طريق الخلاص.
فإنما نخلص بالإيمان بهِ ثم نظهر أنفسنا
أحباءهُ بالطاعة لهُ فحينئذٍ يعاملنا
كأحباء ليس كعبيد. لا أعود أُسميكم
عبيدًا لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيدهُ
لكني قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل
ما سمعتهُ من أبي. معلوم إننا نتخابر مع
أصدقائنا ونأتمنهم على جميع أفكارنا
لثقتنا فيهم والسرور الناتج من
المخابرات المتبادلة وأما مع الآخرين
فلا نتكلم إلاَّ لأجل المسألة وإقضاء
الأشغال اللازمة. وأما المسيح فأعلن
لتلاميذهِ كل ما أُعطي لهُ من الآب ومع
أنهم كانوا عبيدهُ فعاملهم كأصدقاء. دُعي
إبراهيم خليل الله باعتبار طاعتهِ
والشركة التي تمتع بها مع الله وهو سالك
هذا المسلك. (انظر تكوين إصحاح 18) حيث نرى
الرب زارهُ وقَبَلَ إضافتهُ ولم يقدر أن
يفارقهُ بدون أن يُخبرهُ بما هو مزمع أن
يفعل بسدوم. ثم قام الرجال من هناك
وتطلعوا نحو سدوم وكان إبراهيم ماشيًا
معهم ليشيعهم. فقال الرب: هل أخفي عن
إبراهيم ما أنا فأفعلهُ وإبراهيم يكون
أُمة كبيرة وقوية ويتبارك بهِ جميع أمم
الأرض لأني عرفتهُ لكي يوصي بنيهِ وبيتهُ
من بعدهِ أن يحفظوا طريق الرب ليعملوا
برًّا وعدلاً لكي يأتي الرب لإبراهيم بما
تلكم بهِ (عدد 16-19). فهكذا قد عمل الرب مع
تلاميذهِ الذين قبلوهُ وكانوا ماشين
معهُ في الطريق إذ لم يشأ أن يخفي عنهم
شيئًا وهكذا يفعل بنا نحن أيضًا إذا كنا
نسلك معهُ. وقد رأينا أنهُ أخبرهم صريحًا
بذهابهِ إلى الآب بطريق الموت وإنهُ
يعدَّ لهم مكانًا ويأتي أيضًا ليأخذهم
إليهِ إلى خلاف ذلك من الحقائق المعزية
لقلوبهم المضطربة. ولم يزل بعد ارتفاعهِ
إلى المجد يعامل المؤمنين كأحباء إذ أعلن
لهم جميع الحقائق المتضمنة في الرسائل
حتى سفر الرؤيا أيضًا هو إعلان منهُ
لعبيدهِ بهِ يريهم ما لا بد أن يكون عن
قريب لأجل تعزيتهم في الضيقة (انظر رؤيا
1:1-9). لا يخفى أن كثيرين قد زعموا بأنهُ لا
يهمنا إلاَّ أن نفهم بعض الحقائق التي
يتوقف عليها خلاص نفوسنا وإنهُ لا لوم
علينا إذا كنا نهمل درس جانب من أسفار
الوحي كسفر الرؤيا مثلاً وما شاكلهُ من
المواضيع النبوية مع أنها هي لتعزيتنا في
الضيق الحاضر وأن المسيح بإعلانهِ إياها
لنا قد عمل معنا كما عمل سابقًا مع
إبراهيم الذي دُعي خليل الله إذ أنبأهُ
بدينونة سدوم المقبلة وأعطاهُ فرصة أن
يتوسل إليهِ لأجلها. لم تكن الدينونة
آتية عليهِ كما أن الدينونة المقبلة على
هذا العالم ليست آتية علينا ومع ذلك يحب
الرب أن يأتمنا على أفكارهِ قبل أن تتم
لكي نشترك معهُ فيها فإذا استعفينا عن
ذلك نظهر إننا لا نريد أن يعاملنا معاملة
الأحبَّاء. نعم نحن عبيدهُ ولا نخرج عن
هذا المقام إلى الأبد (رؤيا 3:32) ولكن لنا
مقام آخر كأحباء أيضًا ومَنْ لا يتمتع
الآن بمقامهِ كحبيب لا يقدر أن يكون
عبدًا أمينًا لأن المصدر الوحيد للخدمة
الحقيقية هو محبتنا للرب والشركة
الروحية معهُ بحسب إعلاناتهِ الكاملة
لنا. فكل ما أخذهُ من الآب إنما أخذهُ
لأجلنا وإذا رفضنا شيئًا نتهاون بمحبتهِ.
ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم
وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم
ثمركم. نرى أن الرب دائمًا يحافظ على مقام
سيادتهِ مهما إتضع وتقارب
منا. فيشير هنا إلى اختبارهِ إياهم
للخدمة لهُ في العالم فيصدق كلامهُ نوعًا
علينا جميعًا لأننا فيهِ كأغصان خضراء في
الكرمة فلا بد من إظهارنا مقدارًا من
الثمر ولكنهُ اختار البعض كالرسل مثلاً
لأجل خدمة خصوصية ونعلم أن ليس الجميع
رسلاً أو أنبياء أو معلمين إلى خلاف ذلك
من المواهب الخاصة. فكان قد اختار الأحد
عشر وأفرزهم عن العالم ثم أرسلهم ليذهبوا
إلى العالم بمقام خصوصي ليأتوا بثمر بعد
انطلاقهِ. ويدوم ثمركم. لا يخفى أن الرب
أسس الإيمان المسيحي في العالم بواسطتهم
فثمرهم قد دام إلى الآن لأننا نحن منهُ.
ثم إن كنا من خدامهِ الخصوصيين يجب أن
نتعب بحسب قوانين الخدمة التي تقتضي قبل
كل شيء إننا نتعبهُ ونثبت فيهِ ويثبت
كلامهُ فينا. لا شك بأننا نخدم
اختياريًّا لأن نعمتهُ تحصرنا ومع ذلك هو
اختارنا ونحن عبيدهُ تحت الالتزام ليس
لنا حقٌّ بأن نفعل شيئًا على سبيل
الاستحسان أو بحكمتنا. ولطفهُ الجزيل
نحونا إنما يزيد مسئوليتنا. لكي يعطيكم
الآب مهما طلبتم باسمي. يجوز لنا أن نقدم
طلباتنا للآب باسم الابن أو للابن نفسهِ
رأسًا بموجب نسبتنا إليهِ. فيراعي هنا
نسبتنا للآب الذي نقترب إليهِ باسم الابن.
فما أحلى اقترابنا إليهِ بهذا الاسم.
فالاسم عبارة عن الشخص ذاتهِ. فإذا قدمنا
للآب باسم المسيح يقبلها بحسب رضاهُ
التام بشخص المسيح وعملهِ. فإنهُ لا ينظر
إلى عدم استحقاقنا بل إلى ذات الابن الذي
نقترب إليهِ باسمهِ ولكن الرب يفرض هنا
إننا نسلك معهُ عارفين قيمة اسمهِ عندنا
ولدى الآب أيضًا ولا يعني أنهُ يمكن لنا
أن نعيش بعيدين عنهُ وقلوبنا مغلوبة من
محبة العالم وأباطيلهِ وإنما نستعمل
اسمهُ كخاتمة لصلواتنا لأنهُ من الأمور
الممكنة أن نذكر اسمهُ في صلواتنا مرَّة
بعد أخرى مع أننا لسنا متمتعين بقيمتهِ
وغير متحققين قبولهُ عند الآب. ينبغي أن
تكون صلواتنا بالروح القدس بحسب عملهِ
فينا في وقتٍ ما وليس بقوتنا أو فصاحتنا
في تركيب بعض ألفاظ. بهذا أوصيكم حتى
تحبوا بعضكم بعضًا. فعيشتنا بالمحبة
والسلام معًا مقترنة مع قبول صلواتنا.
الغضب والجدال إذا دخلا بيننا يبعداننا
عن الرب وينزعان روح الصلاة من قلوبنا.
فأريد أن يصلي الرجال في كل مكان رافعين
أيادي طاهرة بدون غضب ولا جدال (تيموثاوس
الأولى 8:2). حتى إذا كان رجل مسيحي لا يعيش
بالنعمة مع امرأتهِ تُعاق صلواتهما (انظر
بطرس الأولى 7:3). لاحظ أن الرب يوصينا
بالمحبة مرة بعد أخرى لأنهُ عرف جيدًا
ميلنا الشديد للغضب والحاسيَّات التي لا
تليق بنا كتلاميذهِ. فإن قيل كيف نحبُّ
إخوتنا إذا تعدوا علينا وأظهروا لنا
بُغضًا لا محبة؟ أقول إنهُ من الأمور
الهينة أن نحب الذين يحبوننا لأن
العالميين أنفسهم يقدرون على ذلك ولكن
إذا عشنا روحيًّا نقدر أن نحب خاصَّة
المسيح كما أحبهم هو بحيث أن طبيعتنا
الجديدة هي مصدر محبتنا وقدوة المسيح
قياسها والروح القدس هو قوتها فإذا كنا
في الشركة الروحية نرتفع فوق الأسباب
المكدّرة ونرى إخوتنا أمام الله ونشتاق
إليهم في أحشاء يسوع المسيح ونطلب مجدهُ
فيهم وإذ ذاك سؤ معاملتهم لنا يقدم لنا
فرصة أن نتوسل للآب لأجلهم أكثر. وهذا
كلهُ ضدّ طبيعتنا تمامًا كأولاد آدم. غير
أن كل شيء مستطاع عند نعمة الله.
18
«إِنْ كَانَ الْعَالَمُ
يُبْغِضُكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ
أَبْغَضَنِي قَبْلَكُمْ. 19 لَوْ
كُنْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ لَكَانَ
الْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلكِنْ
لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ،
بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ مِنَ
الْعَالَمِ، لِذلِكَ يُبْغِضُكُمُ
الْعَالَمُ. 20 اُذْكُرُوا
الْكَلاَمَ الَّذِي قُلْتُهُ لَكُمْ:
لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ.
إِنْ كَانُوا قَدِ اضْطَهَدُونِي
فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ، وَإِنْ كَانُوا
قَدْ حَفِظُوا كَلاَمِي
فَسَيَحْفَظُونَ كَلاَمَكُمْ. 21 لكِنَّهُمْ
إِنَّمَا يَفْعَلُونَ بِكُمْ هذَا
كُلَّهُ مِنْ أَجْلِ اسْمِي، لأَنَّهُمْ
لاَ يَعْرِفُونَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. (عدد 18-21). العالم والآب ضدَّان. إن أحب أحد العالم
فليست فيهِ محبة الآب (يوحنا الأولى 15:2).
فلذلك إذا أُظهرنا كأولاد الله يتهيج
بُغض العالم ضدَّنا حالاً. وكذلك المسيح
نفسهُ حين حضر كالابن وأعلن الآب في
العالم هاج عليهِ بُغضهُ. فيذكر التلاميذ
هنا بما شاهدوا من هذا القبيل. ثم قولهُ:
لو كنتم من العالم لكان العالم يحب
خاصَّتهُ يشير إلى مقامهم في العالم حال
كونهم ليسوا منهُ. صاروا من الآب كمصدر
حياتهم الجديدة ولهم مقام جديد كأولادهِ
في وسط العالم الذي لا يحب خاصَّتهُ
ولفظة خاصَّتهُ. تعني أمورهُ الخاصه ولا
تطلق على أشخاص بحسب الأصل اليوناني.
وبالحقيقة العالميون لا يحبُّون بعضهم
بعضًا فإنهم موصوفون بحبّ الذات غير أنهم
يحبون أمورهم المناسبة لمشربهم. فلذلك
الرب لا يكمل هذه الجملة قائلاً: لكان
العالم يحبكم. بل: لكان العالم يحب خاصتهُ.
فلو كانون منهُ لخلصوا من بُغضهِ لأجل
المسيح وكانوا في دائرة أخرى حيث الناس
يحبون كل واحد الأمور المختصة بهِ. ولكن
لأنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من
العالم لذلك يُبغضكم العالم. لفظة العالم
واردة كثيرًا في كتابات يوحنا الرسول.
ونرى أن الرب يكررها نحو تسع وثلاثين
مرَّة من أول (إصحاح 14 إلى آخر إصحاح 17)
فهي عبارة عن هذا النظام العظيم الذي
إبليس رئيسهُ فلا يزال موضوعًا في الشرير
إلى أن يأتي الرب ثانيةً للدينونة اذكروا
الكلام الذي قلتهُ لكم ليس عبد أعظم من
سيدهِ. سبق فقال هذا في (إصحاح 16:13) حين
نبههم على سرعة فراقهِ إياهم ووجوب
امتثالهم بقدوتهِ مدة غيابهِ وهذه
الحقيقة عظيمة الشأن لإرشادهم وإرشادنا
أيضًا لأنهُ تركهم في نفس مقامهِ في
العالم كالنور في وسط الظلمة فورثوا منهُ
بُغض العالم كنصيبهم المعهود. فلا يليق
بالعبد أن يكون أكرم من سيدهِ. إذا حصلنا
على القبول والكرامة من العالم فذلك لا
يبرهن أن العالم نفسهُ قد اصطلح وفقد
شيئًا من بُغضهِ للنور بل إننا نحن قد
صادقنا على عداوتهِ وخنَّا سيدنا وأيُّ
خيانة. لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين.
لأنهُ أية خلطة للبرّ والإثم. وأية شركة
للنور مع الظلمة. وأي اتفاق للمسيح مع
بليعال. وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن.
وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان (كورنثوس
الثانية 14:6-16). فإن كنا شهودًا أُمناء
للمسيح المرفوض لا يلبث العالم أن
يعاملنا كما عاملهُ. إن كانوا قد
اضطهدوني فسيضطهدونكم. وإن كانوا قد
حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم. هذا على
المبدأ الذي سبق ذكرهُ في عدة مواضع أن
معاملة الناس لرسول تُظهر أفكارهم نحو
مُرسِلهِ. هكذا عملوا مع المسيح والآب
مرسلهِ فلا بد أن يعملوا هكذا مع
التلاميذ. كان عدد قليل قد سمعوا من الآب
واجتذبوا إلى الابن وأما الأكثرين
فرفضوا كلامهُ واضطهدوهُ. لا يمكن للناس
أن يحتملونا أن كنا مُفرزين للآب كأولاد
أحباء ولله كشعب خاصّ. لكنهم إنما يفعلون
بكم هذا كلهُ من أجل اسمي لأنهم لا يعرفون
الذي أرسلني. نعلم من مواضع أخرى أن
التلاميذ كانوا مفتكرين في إقامة
الملكوت بالقوة والحصول على المجد
العالمي فيهِ ولم يخطر ببالهم أنهم
عتيدون أن ينالوا البُغض الشديد
والاضطهاد العنيف من كل الجهات إلى آخر
حياتهم. فيكون عندهم شيئان لا يقبلهما
العالم يعني اسم المسيح ومعرفة الآب.
وقلت آنفًا أن الاسم عبارة عن الشخص
ذاتهِ. فمَتَى امتلكنا المسيح حقيقةً
وصرنا نتمثل بخطواتهِ نكابد الإهانة هنا
حيث أُهين هو وكذلك معرفتنا بالآب
وانتسابنا إليهِ كبنين بحيث ننفرز لهُ
ونعاشر بعضنا بعضًا كعائلة خصوصية فلا
يمكن أن نخلص من بغض العالم الرافض الآب
والابن سويةً. ويجب علينا يا إخوتي
أن نعمل حسابنا باعتبار كلام سيدنا
ولا ننتظر الراحة والكرامة في مشهد
الظلام هذا. لا شك بأن الله فوق تآمرات
أعداءهِ ويقدر أن يردعهم عن إظهار بُغضهم
كما يُهدئ أمواج البحر المتكبرة ولكن
البغض لا يزال كامنًا في قلوبهم ويمكن أن
يثير علينا في أي وقت كان. وإذا عرفنا
حقيقة الحال لا نستغرب ذلك كأن أمرًا
غريبًا أصابنا. يجب أن نتذكر القول: ليس
عبد أعظم من سيدهِ. وبالحقيقة أنهُ
لكرامتنا من الله إذا سمح الاضطهاد علينا
(فيلبي 29:1؛ بطرس الأولى 20:2، 21).
22
لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ جِئْتُ
وَكَلَّمْتُهُمْ، لَمْ تَكُنْ لَهُمْ
خَطِيَّةٌ، وَأَمَّا الآنَ فَلَيْسَ
لَهُمْ عُذْرٌ فِي خَطِيَّتِهِمْ. 23 اَلَّذِي
يُبْغِضُنِي يُبْغِضُ أَبِي أَيْضًا. 24
لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ عَمِلْتُ
بَيْنَهُمْ أَعْمَالاً لَمْ
يَعْمَلْهَا أَحَدٌ غَيْرِي، لَمْ
تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ، وَأَمَّا
الآنَ فَقَدْ رَأَوْا وَأَبْغَضُونِي
أَنَا وَأَبِي. 25 لكِنْ لِكَيْ
تَتِمَّ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ
فِي نَامُوسِهِمْ: إِنَّهُمْ
أَبْغَضُونِي بِلاَ سَبَبٍ. (عدد 22-25). طالما افتخر اليهود بمعرفتهم الإله
الواحد بالمقابلة مع الأمم المستعبدين
لآلهتهم وأربابهم الكثيرة ولكن عند
امتحانهم وجدت معرفتهم صورة فارغة. لو لم
أكن قد جئت وكلمتهم لم تكن لهم خطية. يعني
كان قد أرسل عبيدهُ الأنبياء وكلمهم من
زمان طويل ونعلم أنهم دائمًا اضطهدوا
المرسلين إليهم ولكن مع ذلك كانوا
معذورين نوعًا بحيث أن الله لم يعلن
ذاتهُ كالنور والمحبة ولكنهُ جاء أخيرًا
وكلمهم. انظروا النعمة الكاملة الظاهرة
بمجيئهِ إليهم حتى يكلمهم وجهًا لوجه.
وقد رأينا إعلان هذه النعمة العجيبة في
هذا الإنجيل. فطالما خالفوا الناموس
وأهانوا الأنبياء ولكنهُ لم يظهر بعد
أنهم يرفضون الله نفسهُ إذا حضر بالنعمة
في وسطهم. فهذا هي خطيتهم الآن. فلو لم يكن
قد جاء وكلَّمهم لم تكن لهم خطية كهذا (راجع
إصحاح 41:9). كان قد حضر في وسطهم غير حاسب
لهم خطاياهم الأخرى الكثيرة (انظر
كورنثوس الثانية 19:5) وكلام الرب المكرَّر
أوقاتًا عديدة في هذا الإنجيل إنهُ لم
يأت للدينونة. فلو تابوا وقبلوهُ لغفرت
خطاياهم ولم تكن لهم خطية رفضهِ. وأما
الآن فليس لهم عذر في خطيتهم. ما دام الله
لم يعلن نفسهُ تمامًا لهم كان يمكن أن
يقولوا: آه لو عرفناهُ بحسب ملء محبتهِ!
لكنا نخضع لهُ ونطيعهُ. نعلم أن نظام
الناموس كان نيرًا ثقيلاً لأن الوحي
نفسهُ هكذا يشهد عنهُ ولكن إظهار النعمة
إنما أعطاهم الفرصة المناسبة لتكميل
إثمهم فإنهم لم يكونوا قد خالفوا الناموس
وعجزوا عن حفظهِ فقط بل أبغضوا المسيح
ورفضوا نعمة الله. فما لهم أقلُّ عذر في
خطيتهم. نعلم أن الرب يتكلم هنا عن حالة
اليهود باعتبار معاملاتهِ القديمة معهم
وحضورهِ الشخصي بينهم. ولكنهُ يطلق علينا
جميعًا من جهة طبيعتنا الساقطة التي لا
تزال تختار العالم دون الله وتفضل الخطية
على النعمة لأنهُ لا يوجد فرق بين اليهود
والأُمم لأن الجميع قد أخطأوا وأعوزهم
مجد الله. كان اليهودي أحد بني آدم فقط
والامتيازات المعطاة لهُ إنما برهنت
أنهُ مثل آدم الساقط الذي ابتعد عن الله
واستبعد لإبليس. الذي يُبغضني يُبغض أبي أيضًا. لاحظ جيدًا
أن إعلان الآب بواسطة الابن هو مصدر
النعمة والأمر العجيب المحزن إن إظهار
النعمة التي لا توصف يهيج بُغض قلب الناس
إلى أقصى درجة. لما أعلن الله بعض صفات
جلالهِ على جبل سيناء خاف إسرائيل ووقفوا
بعيدًا ولكنهُ ليس مذكورًا أنهم أبغضوهُ.
معلوم أنهم أسرعوا وأفسدوا طريقهم ولم
يرتضوا بناموس الله كما قال شاهدًا عليهم:
فلم يسمع شعبي لصوتي وإسرائيل لم يرضَ بي
(مزمور 11:81). ولكن العداوة والغريزية في
القلب البشري إنما هاجت وثارت من مشاهدة
النعمة المطلقة الصادرة من الله حين ظهر
بالجسد. حقًّا هذه من الحقائق التي تستحق
العجب والأسف وما كنا نقدر أن نصدقها لو
لم نكن قد شاهدناها في أنفسنا وفي
الآخرين أيضًا. لأننا جميعًا نرفض النعمة
وإهانة ولا يقبلها أحد إن لم يقتنع
روحيًّا باحتياجهِ الشديد إليها. لو لم
أكن قد عملت بينهم أعمالاً لم يعملها أحد
غيري لم تكن لهم خطية. سبق وذكر كلامهُ في
(عدد 22) إذ جاء وكلمهم فتركهم بدون عذر في
خطيتهم وهنا يذكر أعمالهُ أيضًا التي
اقتضت أنهم يميزون مَنْ هو ويؤمنون بهِ.
كأن الأليق بالجميع أن يقبلوهُ بموجب
كلامهِ لأن الإيمان المبني على كلامهِ
أفضل مما يبنى على مشاهدة أعمالهِ (راجع
إصحاح 11:14). ولكنهُ أحب إسرائيل ولم يترك
واسطة من الوسائط إلاَّ استعملها
لتنبيههم على التوبة. فتنازل وأكثر لهم
الأعمال المعجزيَّة حتى إذا أمكن يتوبون
ويؤمنون بهِ لسبب الأعمال ولكنهم كانوا
صمًا وعميًا لم يسمعوا كلامهُ ولا أرادوا
أن يروا أعمالهُ. قلب الإنسان كحصن منيع
لا يوجد بسهولةٍ. مثل الصلّ الأصم يسدُّ
أُذنهُ. الذي لا يستمع إلى صوت الحواة
الراقين رُقى حكيم (مزمور 4:58). وأما الآن
فقد رأوا وأبغضوني أنا وأبي راجع قولهُ:
الذي رآني فقد رأى الآب (إصحاح 9:14). كان قد
أضاء بينهم كالنور الحقيقي وكلما
قاوموهُ وأهانوهُ ازداد لمعانًا إذ تأنى
عليهم وأظهر لهم المحبة بدل بُغضهم
فنظروا إعلان الآب في الابن فاستمرُّوا
على بغضهم. فالشكوى العظيمة الآن على
اليهود والبشر جميعًا ليس أنهم خلائق
ساقطة فقط بل أنهم يبغضون الله إذا أُعلن
بالنعمة. لكن لكي تتم الكلمة المكتوبة في
ناموسهم أنهم أبغضوني بلا سبب (انظر
مزمور 19:35؛ 4:69). سبق الوحي وعرف حالة
إسرائيل وأدرج النبوات التي توضح
تاريخهم إلى النهاية. فإنما تمموا كتبهم
بما عملوا مع المسيح. ومعلوم أن البغض من
صفات الإنسان الساقط. لأننا كنا نحن
أيضًا قبلاً أغبياء، غير طائعين، ضالين،
مستعبدين لشهوات ولذّات مختلفة، عائشين
في الخبث والحسد، ممقوتين، مبغضين بعضنا
بعضًا (تيطس 3:3). ولكن
الناس غالبًا إنما يبغضون بعضهم بعضًا
إذا ظهر سبب مهيج والقانون الدارج معهم
هو. تحب قريبك وتبغض عدوَّك. ولكنهم لم
يقدروا أن يسلكوا بهذا القانون مع الله
لما ظهر في وسطهم وجعل نفسهُ قريبهم
وأحبّهم وصنع معهم كل نوع من الخير فإنهم
أبغضوهُ بلا سبب. وأي بُغض. 26
«وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي
الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ
مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي
مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ
يَشْهَدُ لِي. 27 وَتَشْهَدُونَ
أَنْتُمْ أَيْضًا لأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ
الابْتِدَاءِ (عدد 26، 27). قد تكلم معهم باعتبار رفضهِ التام من
العالم وانطلاقهِ منهُ ولكنهُ ليس بتارك
العالم من جهة شهادة نعمتهِ لهُ. لأنهُ
مزمع أن يرسل الروح القدس ليشهد لهُ مدة
غيابهِ. سبق ووعد التلاميذ في (إصحاح 15:14-17،
26) بأنهُ يطلب من الآب فيرسل لهم الروح
القدس كمُعزٍّ آخر وقد رأينا هناك نسبتهُ
لهم وعملهُ معهم وأن الآب هو الذي يرسل
لهم الروح باعتبار نسبتهم لهُ كأولادهِ.
وأما هنا فالمسيح هو الذي يرسلهُ لأنهُ
يُراعيهم بالنسبة إلى خدمتهم كشهود لهُ. فلنتمعن قليلاً في هذا الفصل لأنهُ يتضمن
بعض حقائق عظيمة الشأن من الإيمان
المسيحي. فنرى فيهِ: أولاً- أن الروح القدس أُقنوم من أقانيم
الثالوث الأقدس إذ تُنسب لهُ الأفعال
الإلهية كما يقال عنهُ: ومَتَى جاء
المُعزّي الخ (انظر أيضًا إصحاح 7:16-11) حيث
يُنسب لهُ المجيء والتبكيت إلى خلاف ذلك
من الأفعال الشخصية الإلهية. وقيل أيضًا
أن لهُ إرادة (عبرانيين 4:2) ويمكن أن
يُحزَن (أفسس 30:4) وإنهُ يعلّم أولاد الله
بطريق فعالة (يوحنا الأولى 27:2). إذا
راجعنا هذه الشهادات مع خلافها من جهة
هذا الموضوع نرى أنهُ أُقنوم إلهي ليس
مجرد قوة تصدر من الله. ثم الرسول بقولهِ:
نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة
الروح القدس مع جميعكم (كورنثوس الثانية
14:13) يساويهِ مع المسيح والله. ثانيًا- كما أن الأُقنوم الثاني أخذ
إرسالية إذ جاء إلى العالم هكذا الأُقنوم
الثالث أخذ إرسالية أيضًا وجاء ولم يزل
للآن حاضرًا في العالم حضورًا شخصيًّا
حقيقيًّا. وكما أن خطية اليهود الكبرى
كانت عدم معرفتهم الابن حين حضر هكذا
خطية النصارى الكبرى هي عدم التفاتهم إلى
حضور الروح القدس. فأطلب إلى القارئ
المسيحي أن يتأمل في هذا الموضوع. فنراهُ
هنا مُرسلاً من قِبَل المسيح بعد
ارتفاعهِ كما يقول: الذي سأرسلهُ من الآب.
وتم هذا يوم الخمسين كما يفسر بطرس
الرسول تلك الحادثة قائلاً: وإذ قد ارتفع
بيمين الله وأخذ موعد الروح القدس من
الآب سكب هذا الذي أنتم الآن تبصرونهُ
وتسمعونهُ (أعمال الرسل 33:2). فإنهُ تمجد
كإنسان وقَبَلَ من الآب الروح القدس
بطريق جديدة حتى يستطيع أن يسكبهُ. على
الآخرين. راجع قول المعمدان فهذا هو الذي
يعمد بالروح القدس (إصحاح 33:1). كان قد حلَّ
على المسيح شخصيًّا وقت معموديتهِ فتكلم
وعمل بملء قوتهِ (انظر أعمال الرسل 38:10)
ولكنهُ بقى وحدهُ كحبَّة الحنطة الجيدة
حتى بعد موتهِ وارتفاعهِ وحينئذٍ أخذ
الروح ثانيةً وسكبهُ على المؤمنين
ليحلَّ فيهم كقوة سلوكهم وخدمتهم ويضمهم
إلى المسيح في المجد كرأس الجسد الجديد
الذي هم أعضاؤهُ. وقد رأينا من وجه آخر أن
الروح هو عطية الآب لهم نظرًا إلى كونهم
أولادهُ لأنهُ يجعلنا منتسبين للآب لكي
نعرفهُ كأبينا ونصرخ يا أب الآب. ثالثًا- هو ذات الروح الواحد سواء نظرنا
إليهِ كمرسل من الابن أو معطي من قِبَل
الآب لأن الرب يقول هنا: أنهُ يرسلهُ من
الآب ويصفهُ كذات الروح المُعزي الذي سبق
فتكلم عنهُ. قابل قولهُ هنا: روح الحق
الذي من عند الآب ينبثق. مع قولهِ السالف:
وأنا أطلب من الآب فيعطيكم مُعزّيًا آخر
الخ (إصحاح 15:14-17). وأما معنى اللفظة
المترجمة. ينبثق فهو يخرج. انظر حاشية
الإنجيل المشوهد. ففحوى كلام الرب هنا هو
المُعزّي الذي سأُرسلهُ أنا إليكم هو ذات
الروح القدس الذي سآخذه من الآب وهو روح
الحق الذي ذكرتهُ لكم سابقًا الذي يخرج
من عند الآب ويجيء إليكم. قابل هذا مع
مواضع شتى حيث الرب يشير إلى محبتهِ هو من
عند الآب وإرسالهِ من قبلهِ. لايخفى عند القارئ المسيحي أنهُ قد جرت
مُجادلات طويلة عنيفة بين علماء
المسيحيين من الأجيال القديمة في شأن هذا
الموضوع إذ فسَّروا هذا الفصل ليس على
حلول الروح القدس يوم الخمسين بل على
كيفية وجودهِ الأزلي ونسبتهِ للآب
والابن. مع أن ذلك ليس بموضوع الرب هنا
بتةً. فزعموا بأن معنى ينبثق هو يصدر يعني
أن العمل المُعبَّر عنهُ بهذه اللفظة هو
الصدور ويشير ليس إلى خروجهِ من فوق
وحلولهِ أو مجيئهِ يوم الخمسين بل إلى
كيفية وجودهِ الإلهي الأزلي غير أنهُ قد
حصل اختلاف عظيم بين اللاهوتيين من جهة
المصدر الذي كان الروح صادرًا منهُ إذ
قال البعض: أن الروح القدس صادر أو منبثق
من الآب وحدهُ وأما البعض الآخر فقال:
أنهُ من الآب والابن سويةً. ومع أنهم
كانوا جميعًا غلطانين في هذه المسألة
فانشقُّوا إلى فريقين وحرموا بعضهم
البعض كهراتقة. إن لا أقول: أنهم علَّموا
تعاليم فاسدة مُهينة لأي من الأقانيم
الإلهية وأسندوها إلى تفسيرهم هذا لأنهم
لم يفعلوا ذلك إذ كانوا جميعًا أصحاء في
الإيمان من جهة الثالوث الأقدس ومساواة
أقانيمهِ في اللاهوت والمجد والأزلية.
غير أنهم أهملوا حقيقة مجيء الروح القدس
وحلولهِ الدائم في الكنيسة وفي جميع
المؤمنين كل واحد بمفردهِ وصاروا
يتباحثون معًا من جهة مسألة ليست مذكورة
في الكتاب المقدس يعني كيفية وجود الروح
القدس منذ الأزل. فلذلك تشتَّتت أفكارهم
فوقعوا في ورطة لا مخرج منها إن لم تترك
هذه المسألة على جانب كشيء لم ترد إشارة
إليهِ في أسفار الوحي ثم من الجهة الأخرى
نلتفت إلى العبارات الصريحة التي تثبت
حقيقة حضور الروح القدس معنا وفينا مدة
غياب المسيح كالمُعزي وروح الحق وروح
التبني والمرشد والمُعلِّم والمسحة
الثابتة إلى خلاف ذلك من تفاصيل خدمتهِ
العجيبة لنا كمؤمنين بابن الله. تنبيه قد أُدرجت جملة في الكتاب المسَّمى
معرفة ابن الله باعتبار انبثاق الروح
القدس كأنهُ يشير إلى نسبتنهِ للآب
والابن منذ الأزل ولكنها دخلت سهوًا بدون
التفات إلى الشهادات التي أُسند إليها
هذا الفكر الدارج عند المسيحيين (انظر
وجه 12) من الكتاب المذكور. أخيرًا أطلب
إلى القارئ العزيز أن لا يصرف وقتهُ في
المُباحثات العقلية ولا في المسائل
الدقيقة التفسيرية على سبيل الجدال
لأنها لا تفيد البنيان الروحي. يوجد فينا
جميعًا ميل شديد إلى البحث في المسائل
السخيفة التي اخترعها عقل الإنسان وإذا
سلمنا أنفسنا لهذا الميل لا نعود نقدر أن
ندرك أقوال الله الصافية ببساطة قلب
وإخلاص نية بل نبتعد عنها أكثر فأكثر
ونتهور في الآراء البشرية التي لا حدَّ
لها. وأني قد احترزت غاية الاحتراز في كل
ما كتبت خصوصًا في هذا الإنجيل من ذكر
الاعتراضات الكفرية ضد ذات المسيح وعملت
جهدي لأتتبع أقوال الوحي شارحًا عليها
بقدر استطاعتي لأجل بنيان المسيحيين لأن
السيد قد أوجب على عبيدهِ أن يُقدموا
لأهل بيتهِ الطعام المناسب وأني لست أرى
أن تشغيل أفكارهم بالاعتراضات الكفرية
ضد شخص فاديهم من الطعام الروحي. أني قد
عملتُ أن البعض يطلبون ذلك من المفسرين
زاعمين أنهم يحتاجون إليهِ لكي يستطيعوا
أن يردُّوا على الكفرة ولكنهُ غلط منهم: أولاً- لأن الرب لم يطلب منا أن نجادل
المعترضين. ثانيًا- لأن كل مسيحي يتعاطى الجدال إنما
يضعف روحيًّا أو يفقد إيمانهُ بالكليَّة.
هذا يصير وقد صار مع كثيرين. فلنرجع الآن إلى كمالة هذا الإصحاح. فقول
الرب: فهو يشهد لي. يرينا خدمة الروح
القدس إذ يشهد للمسيح من جهة مجد ذاتهِ
وكمال عملهِ. وتشهدون أنتم أيضًا لأنكم
معي من الابتداء. هذه خدمة الاثنى عشر على
نوع خصوصي كشهود للمسيح بين اليهود
والأُمم (انظر أعمال الرسل 8:1؛ وأيضًا
يوحنا الأولى 1:1، 2). قد انتهى تاريخ إسرائيل ككرمة الله
المطلوب منها الثمر هذا العالم وصار
المسيح وتلاميذهُ في مقامهم من هذا
القبيل. قال لهم الله في الزمان القديم:
أنتم شهودي يقول الرب (إشعياء 10:43) ولكنهم
كانوا شهود زور إذ صار اسم الرب يُجدَّف
عليهِ بين الأُمم بسببهم فرُفضوا وأقيم
غيرهم مقامهم. معلوم أن الرسل كانوا
شهودًا أمناء إذ قدَّموا شهادة مصحوبة
بالروح القدس ولكن النصارى على وجه
الإجمال قد صاروا كأغصان يابسة بدون ثمر
بل عثرة في طريق العالم نفسهِ فالدينونة
المُقبلة تنزعهم من مقام الشهادة كما نرى
في (رومية 11:11-24). |
10 | 9 | 8 | 7 | 6 | 5 | 4 | 3 | 2 | 1 | المقدمة |
21 | 20 | 19 | 18 | 17 | 16 | 15 | 14 | 13 | 12 | 11 |