لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

جولة مع يسوع إلى السامرة

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

خادم الرب الأخ: حليم حسب الله
 

الفصل السابع

سوخار والضيعة

 

"فأتى إلى مدينة من السامرة يقال لها سوخار بقرب الضيعة التي وهبها يعقوب ليوسف وكانت هناك بئر يعقوب" (يو4: 5و6).

في العددين السابقين نرى أمرين هامين هما:-

1- اسم المدينة ومعناها.

2- موقع الضيعة من المدينة.

أولا: اسم المدينة: "سوخار". ومعنى هذا الاسم "مشتراة". يعقوب اشترى قطعة الأرض لأجل هذه البئر وحارب لأجلها ودافع عنها ثم أعطاها لابنه يوسف هدية (تك48: 22).

من معنى الكلمة "سوخار" وكلمة "وهبها" في العدد الخامس، نرى رمزا جميلا للرب يسوع الذي ذبح واشترانا لله بدمه (رؤ5: 9) لكي يهبنا الحياة الجديدة والغفران والخلاص والأبدية السعيدة، فهو الذي "أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها...وهو مجروح من أجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا..." (إش53: 4-12). ولأننا عطية الآب له فهو يدافع عن هذه الحياة التي وهبها لنا أيضا بل ويحفظنا نحن أيضا فيها. لقد قال "خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني. وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد. ولا يخطفها أحد من يدي. أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي. أنا والآب واحد" (يو10: 27-30). وقال أيضا "لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني. وهذه مشيئة الآب الذي أرسلني أن كل ما أعطاني لا أتلف منه شيئا بل أقيمه في اليوم الأخير" (يو6: 38و39).

قال الرب يسوع للمرأة السامرية "...لو كنت تعلمين عطية الله..." (يو4: 10). وكأنه يقول: أنا العين الذي يعطي المياه الحية والحياة الحقيقية، ليس مثل بئر يعقوب الذي اشتراها يعقوب بأمواله، بل البئر التي كان ثمنها حياة الرب يسوع التي بذلها على الصليب. البئر التي حارب الرب الشيطان لأجلها وانتصر عليه، لكي لا نحرم نحن من الارتواء بها. فالرب يقدم لنا نفسه. هذه هي عطية الله. إنه يعطي الخلاص ويعطي روحه القدوس. "وفي اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلا إن عطش أحد فليقبل إليَ ويشرب. من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ما حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه. لأن الروح القدس لم يكن قد أعطي بعد لأن يسوع لم يكن قد مجد بعد" (يو7: 37-39).

يقال أيضا أن كلمة "سوخار" معناها "السكارى"، وجميل أن يدور الحديث عن العطش والارتواء في مدينة السكارى الذين شربوا كثيرا حتى سكروا لأنهم خطاة هالكين ومري النفس. قال الحكيم "أعطوا مسكرا لهالك وخمرا لمري النفس" (أم31: 6).

ثانيا: موقع المدينة: هذه المنطقة لها ذكريات خالدة في قلب كل يهودي فبالقرب منها ضيعة صغيرة اشتراها يعقوب أبو الأسباط (تك33: 18و19) وعلى سرير الموت وهب يعقوب هذه الضيعة لابنه يوسف (تك48: 22). وعندما كان يوسف في مصر أوصى من جهة عظامه بأن يدفن في فلسطين فنقل ودفن في ذلك المكان (يش24: 32). لذلك يذكر عن المدينة سوخار أنها "قرب الضيعة التي وهبها يعقوب ليوسف ابنه". وهنا نستطيع أن نرى عطية الآب لابنه، الابن المحبوب. لقد أعطى يعقوب لابنه المحبوب يوسف عطية ألا وهي "الضيعة". كذلك الآب السماوي يريد أن يعطي ابنه المحبوب ربنا يسوع عطية يعتز بها ألا وهي الكنيسة. يقول الرب يسوع للآب عن المؤمنين "كانوا لك وأعطيتهم لي" (يو17: 6).

لقد ترك الرب يسوع اليهودية التي رفضته ثم اتجه إلى الجليل والتي حسب الظاهر قبلته لكن في الواقع قد رفضته أيضا. "فلما جاء إلى الجليل قبله الجليليون إذ كانوا قد عاينوا كل ما فعل في أورشليم في العيد. لأنهم هم أيضا جاءوا إلى العيد" (يو4: 45). لنلاحظ أن الرب يسوع قال في العدد السابق لهذا العدد "ليس لنبي كرامة في وطنه". فهم قد قبلوه لأنهم رأوا ما فعله، لكن سرعان ما رفضوه رغم كل ما فعل. لكن وهو مرفوض من اليهودية ومتجها إلى الجليل كان بينهما السامرة. وهنا نرى الرب يسوع قد جاء لليهود من حوالي ألفي عام لكنهم رفضوه "إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله" (يو1: 11). لكنه قال لهم "لأني أقول لكم أنكم لا ترونني من الآن حتى تقولوا مبارك الآتي باسم الرب" (مت23: 39). بمعنى أنهم سيقبلونه في المستقبل وهذا ممثل في قبول الجليلين له (يو4: 45). وما بين تركه لليهودية وقبول الجليليون له كان لابد أن يجتاز السامرة. لقد كان متجها من اليهودية التي رفض منها إلى الجليل حيث يقبلونه في المستقبل وما بين الاثنين السامرة التي تمثل فترة النعمة ودخول الكنيسة.

ما بين مجيئه لليهود من ألفي عام (إش9: 6) ومجيئه القريب كان لابد أن يجتاز السامرة، وفي السامرة تقابل مع المرأة السامرية. مكان اللقاء مهم لذلك يذكر أنه لما جاء إلى السامرة وصل إلى مدينة يقال لها سوخار التي معناها كما سبقت الإشارة "مشتراة" والرب يسوع لما جاء إلى العالم في مجيئه الأول اشترى العالم كله بموته على الصليب. ومن المثل الذي ذكره في إنجيل متى نرى أنه اشترى الحقل لأجل الكنز الذي كان فيه (مت13: 44).

سوخار مدينة كبيرة لكنها قريبة من الضيعة. من الأمور المألوفة عند البشر أنهم يقولون الضيعة قريبة من المدينة وليس العكس، لكن هنا يقال أن المدينة قريبة من الضيعة. وهنا المدينة صورة للعالم الذي اشتراه الرب، قرب الضيعة الصغيرة التي لا يقول عنها أنه اشتراها بل "وهبها يعقوب ليوسف ابنه". يبدو أن الرب يسوع كان جالسا لكنه كان ينظر إلى الضيعة التي وهبها يعقوب ليوسف ابنه المحبوب، وهنا الضيعة ترمز إلى عطية الآب لابنه المحبوب ألا وهي الكنيسة، المؤمنون الذين كانوا للآب وأعطاهم لابنه المحبوب (يو17: 6). لقد قال الرب يسوع للآب "أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم" (يو17: 24). لذلك كان الرب يسوع عند البئر وعيناه على الضيعة التي وهبها الأب لابنه في السامرة قرب المدينة التي يقال لها سوخار.

جاء الرب يسوع إلى العالم متجسدا وعواطفه ومحبة قلبه متجهة إلى الكنيسة. كان يعلم أنه لابد أن يرفض من اليهودية، لكن كان لابد له أن يجتاز السامرة الساعة السادسة. ورقم ست (6) في كلمة الله له أهميته. ففي اليوم السادس قد ذهب إلى الصليب، وقضى عليه ست ساعات من الساعة الثالثة حتى الساعة التاسعة. وفي الساعة السادسة ترك من الله وصرخ وهو على الصليب "إلهي إلهي لماذا تركتني" ولماذا؟ والجواب لكي يمكن له أن يقترب من أمثال هذه المرأة. في الساعة السادسة مات المسيح، ترك من الله لكي يشتري الحقل كله ولكي يقتني القطعة التي وهبها له الله. لكي توجد الكنيسة كان لابد أن يذهب إلى الصليب. إنه مشبه بتاجر يطلب لآلئ حسنة، فلما وجد لؤلؤة واحدة كثيرة الثمن مضى وباع كل ما كان له واشتراها (مت13: 45و46).

لما تحدث الرب يسوع عن الكنز الذي في الحقل ذكر عنه، "كنز مخفي في حقل وجده إنسان فأخفاه ومن فرحه مضى وباع كل ما كان له واشترى ذلك الحقل"، ولكن عند الحديث عن اللؤلؤة لم يذكر القول "فمن فرحه" ويقول "يشبه ملكوت السموات، ليس إنسانا وجد لؤلؤة، لكن إنسانا تاجرا يطلب لآلئ حسنة، فلما وجد لؤلؤة واحدة كثيرة الثمن"، ولم يذكر القول "من فرحه" لكنه "مضى واشترى". لماذا لم يذكر القول "فمن فرحه"؟ لأنه في المثل الأول يتكلم عن العالم وإسرائيل، وفي المثل الثاني يتكلم عن الكنيسة التي لم تأتي في خطة عابرة، لكن أتى خصيصا لأجلها، فهي في المقاصد الأزلية. لذلك عيناه على الضيعة التي وهبها يعقوب لابنه يوسف.

لقد قال الرب يسوع للمرأة السامرية "تأتي ساعة وهي الآن" (يو4: 23، 5: 25) وهي فترة النعمة الحاضرة التي فيها نسجد للآب بالروح والحق. لقد مكث في السامرة يومين ثم ذهب إلى قانا الجليل (يو4: 43) التي فيها حول الماء إلى خمر (يو2: 1) وكان هذا في اليوم الثالث، ووصل إليها مرة أخرى في اليوم الثالث أيضا. في اليومين في فترة النعمة نرى إعلانين عظيمين هما:-

1-  السجود للآب (يو4: 25)

2-  ارفعوا أعينكم وانظروا الحقول أنها قد ابيضت للحصاد (يو4: 35).

ثم يقول "والحاصد يأخذ أجرة ويجمع ثمرا للحياة الأبدية لكي يفرح الزارع والحاصد معا" (يو4: 36). فالاتجاه الأول السجود للآب والاتجاه الثاني أي بعد السجود التوجه للعالم للخدمة لجمع الثمر للحياة الأبدية.

لما جاء السامريون إلى الرب قالوا للمرأة "إننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لأننا نحن قد سمعنا ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم" (يو4: 42). إذا المسيح هو مخلص العالم، ليس بالمعجزات لكن بالإيمان. فهو لم يعمل ولا آية في السامرة. الآيات ليست للأمم لكن لليهود "لأن اليهود يسألون آية" (1كو1: 22). أما بالنسبة للأمم قال المسيح لتلاميذه بعد قيامته من بين الأموات "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت28: 19و20). لقد كانت الآيات في بداية الكنيسة في العصر الرسولي لأن الكنيسة كانت في بداية تأسيسها، والكرازة كانت لليهود أولا ثم الأمم (أع1: 8). فالآيات كانت لليهود، لكنهم تقسوا، (عب2: 3و4). لكن السامريين مع أنهم لم يروا آيات لكنهم سمعوا وآمنوا وهذا هو دور الكنيسة "الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله" (رو10: 17). إنها كلمة الله العظيمة الحية والفعالة (عب4: 12).

يجب أن نلاحظ عطية الرب لنا في هذا الأصحاح هو الروح القدس الذي يتجه بنا إلى اتجاهين:

الأول: إلى أعلى وهو السجود للآب بالروح والحق. وهذا هو الكهنوت المقدس (1بط2: 5).

الثاني: أفقي وهو الخروج إلى العالم لنخبرهم بأن يأتوا ليتصالحوا مع الله (2كو5: 20) وهذا هو الكهنوت الملوكي (1بط2: 9).

*********************

الفصل الأول

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع

الفصل الثامن

الفصل التاسع

الفصل العاشر

الفصل الحادي عاشر

الفصل الثاني عشر

الفصل الثالث عشر

الفصل الرابع عشر

الفصل الخامس عشر

الفصل السادس عشر

الفصل السابع عشر

الفصل الثامن عشر

الفصل التاسع عشر

الفصل العشرون

الفصل الحادي العشرون

الفصل الثاني والعشرون

الفصل الثالث والعشرون

الفصل الرابع والعشرون

الفصل الخامس والعشرون

الفصل السادس والعشرون

الفصل السابع والعشرون

الفصل الثامن والعشرون

الكتاب كاملاً

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.