لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

جولة مع يسوع إلى السامرة

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

خادم الرب الأخ: حليم حسب الله
 

الفصل الرابع عشر

كيف تعامل الرب مع المرأة السامرية؟

"...لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة" (2بط3: 9).

لقد قال الرب يسوع لزكا العشار "أن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك" (لو19: 10). ولكونه قد جاء لكي يطلب ويخلص اتبع نفس الطريقة والكيفية (يطلب ويخلص) في التعامل مع المرأة السامرية لكي يحصل على منزل في قلبها.

كانت المرأة السامرية من بنات الفساد والنجاسة، فقلبها لم يعرف ولم ينشغل بشيء سوى الملذات الجسدية وشهوات الزمان الحاضر، ولكن الرب ابتدأ معها مستخدما الطرق الآتية:-

 · ملأ قلبها بالثقة في شخصه: وهذا ما قد عملته المحبة الحقيقية التي كانت في قلبه تجاهها. فأظهر لها أنه محتاج بأن تعمل معه معروفا وتعطيه ليشرب، فقال لها "أعطيني لأشرب". لقد حصل على الثقة التي كان يطلبها وجعلها تشعر بالراحة والأمان في حضرته وأيضا امتلأ قلبها بالطمأنينة من نحوه.

 · جذب انتباهها إليه: لقد استخدم الثقة التي جعلها في قلبها لفائدتها الشخصية فأثار فيها غريزة حب الاستطلاع مستعملا في حديثه معها كلاما يشعرها أن الذي أمامها ليس إنسانا عاديا.

 · نبه ضميرها وأيقظه: فبعد أن علمت أن الذي تقف أمامه ليس إنسانا عاديا بدأت في الحال تخاطبه بالقول "يا سيد" دليلا على أن ضميرها قد تحرك داخلها وأن الموقف صار خطيرا.

 · بدأ في علاجها: عندما تحرك ضميرها في داخلها، بدأ يعالج أمرها بحكمته الفائقة، مظهرا لها حالتها الحاضرة بكل دقة وأمانة. فهو يلمس الضمير أولا وبعد برهة وجيزة يجعل هذا الضمير يبكتها على ما فعلت فتقع في اضطراب وحيرة.

 · طاردها بمحبته ونعمته: لقد حاولت المرأة أن تختبئ منه وتهرب كما فعل آدم قديما. فأتت بسؤال عن العبادة لعله يقوم مقام أشجار الجنة كما فعل آدم وحواء. ولكن الرب يسوع كان يتبعها إلى مخبئها ويجيب على سؤالها بصورة جعلت انتباهها يتوجه إليه أكثر، وتزداد دهشتها إلى أن رأت فيه المسيا المنتظر.

 · كشف لها عن ذاتها: إن أصعب شيء أن يعرف الإنسان ذاته. إنه يستطيع أن يبصر جيدا عيوب الآخرين، أما عيوبه تخفى عليه. لكن عند لقاء النفس بالرب يسوع ينظر الشخص إلى ما فعله، ينظر إلى نفسه ويرى حقيقتها ويدرك ذاته في نور الله الفاحص. لقد استخدم الرب معها طريقتين ليكشف لها عن ذاتها:-

1-  قادها لتعترف أنها خاطئة: إن الرب يسوع كان قادرا على أن يكشف لها عن كل ما فيها وما فعلته. لكنه لم يفعل ذلك لأنه لم يأت ليفضح خطايا البشر، لذلك قال لها "اذهبي وادعي زوجك...". وهذا أمر طبيعي فأمام كل معلم لابد أن يكون رجل. أجابته قائلة "ليس لي زوج" ولما قالت هذا شجعها بالكلام الطيب. لقد أمسك الرب بشيء مضى في حياة هذه المرأة وابتدأ يمتدحها إذ قال لها "حسنا قلت...بالصدق قلت". كان الرب يعلم كل شيء عن هذه المرأة وهي كانت تعلم ما فيها وما فعلته، لكنه كان لابد أن يجعلها تعترف بهذا "كان لي...والذي معي"، فهو أعلن لها، وجعلها تعترف بهذا، لذا أعلنت الموافقة على كل ما قاله لها في قولها "أرى أنك نبي".

2-  شجعها بأن يغفر لها خطاياها: فبعد أن قال لها "اذهبي وأدعي زوجك" قال لها "وتعالي إلى هاهنا". فبمجرد الاعتراف بخطايانا هو يغفر لنا "من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يرحم" (أم28: 13). لا يمكن للإنسان أن يعترف بخطاياه إلا إذا افتقدته نعمة الله. فأي إنسان يحاول الهروب من الاعتراف بما فعل، لكن عمل النعمة فقط في القلب يجعله يعلن ويعترف.  لقد كانت هذه المرأة منبوذة من المجتمع ومن الناس ومن الأقارب، وغير مقبولة من الجميع. فكل من يقترب منها يخشى أن تشوه سمعته، لكن الرب يسوع اقترب منها وطهر حياتها وجعلها تقول للناس "...قال لي كل ما فعلت".

مرة سألوا الواعظ الشهير مودي قائلين له "عندما تنتهي رحلتك وخدمتك للرب من على الأرض وترقد، ماذا تريد أن نكتب على قبرك؟ فكان جوابه: اكتبوا هنا يرقد أكبر خاطئ مخلص بالنعمة". 

 · أعلن لها عن ذاته: إن هذه المرأة تختلف عن نساء كثيرات قابلهن الرب يسوع في جولاته، فبعضهن توسلن إليه وحصلن على ما يردن بطلبهن منه بتوسل، مثل حنة التي قضت لياليها وأيامها في أصوام وصلوات، والمرأة الخاطئة التي غسلت رجليه بدموعها، والمرأة الكنعانية التي صرخت وانتظرت لأجل ابنتها، وأرملة نايين التي حركت مشاعره بدموعها لأجل ابنها الشاب الميت. لكن هذه المرأة التي أمامنا لم تقدم له أي التماس، ولم تجر أي معجزة سوى تغييرها الروحي، ومع ذلك فقد كانت امرأة محظوظة ذلك لأن الرب يسوع أعلن لها أنه هو المسيا وهو إعلان لم يعلنه لتلاميذه بل تركهم يستنتجون بأنفسهم حقيقة لاهوته من أعماله العظيمة ومعجزات رحمته. فهذه المرأة كان لها امتياز في أنها كانت من ضمن الذين لم يطلبوه لكن وجد لها (إش65: 1). لقد قال لها "أنا هو" فوجدت فيه راحة لضميرها المضطرب وسلاما لقلبها الخائف وامتلأت بالسعادة، وكان هذا هو طعامه وشرابه وراحته هو.

لقد تدرج الرب في التعامل معها فبدأ:-

1- طلبها.  2- كشف لها ذاتها. 3- كشف لها عن ذاته. 4- خلصها.

5- أطلقها في نور وفرح وحرية.

وإذ تمم كل هذا يتهلل هو بالنتيجة ويفرح بها أكثر من تهللها هي.

إن الرب يسوع لا يجد منزلا على الأرض إلا في الخاطئ المسكين الذي يأتي إليه بالقلب المنكسر. وهذا المنزل يحصل عليه لنفسه بقوة وعمل روحه في الداخل.

إن صورة الله مشوهة عند الكثيرين من الناس، لكن الرب يسوع أظهر في مقابلته مع المرأة السامرية حقيقة المودة والألفة التي أظهرها مع العالم والتي سلكها ويسلكها مع أناس هذا الدهر. وبالتأمل في هذه الأمور الرائعة وتمعن النظر في شخصية المسيح المباركة تتغير كل تصوراتنا عن الله. فهو الذي افتقد الناس قبل حلول يوم الدينونة.

لقد جاء الرب يسوع من قمة المجد. من عند الآب خرج لكي يعطي، جاء كي يطلب ويخلص وليس ليدين. فهو الذي كان يجب أن يظهر كالديان، لكنه قد ظهر أولا كالمخلص، آتيا بالنعمة التي لا تخلص فقط لكنها أيضا توجد ساجدين حقيقيين للآب. جاء مفتقدا قلوبا شريرة مقدما لها علاجا شافيا وكاملا. لقد أتى لا ليطلب منا سداد ما علينا من دين، بل أتى ودفعه هو على الصليب. والبشارة التي أتى بها هذا المخلص تتضمن مقابلة الخطاة بحسب ما يحتاجون إليه وليس المطالبة بالديون. يقول الرسول يوحنا في رسالته "ونحن قد نظرنا ونشهد أن الآب قد أرسل الابن مخلصا للعالم" (1يو4: 14). فليس أمامنا سوى "مخلص" ولا يوجد موضوع آخر يبهج القلب وينشغل به سوى "المخلص". ومع أن الرب يكشف القلب وما فيه، لكن سرعان ما يخبر الشخص الذي يلتقي به بأنه خلص "إيمانك قد خلصك. اذهبي بسلام" (لو7: 50). وإذ قد دفع كل شيء فلا مكان للخداع أو الرجوع بالمطالبة. فيمكن لكل من وثق فيه وأتى إلى شخصه أن يذهب من أمامه بسلام وراحة قلب وبلا خوف من الخطية ونتائجها وعقوبتها طالما سمع منه هذا القول "اذهبي بسلام". لقد تعامل مع المرأة السامرية وتعامله معها يدل على النعمة في كمالها وسموها.

*********************

الفصل الأول

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع

الفصل الثامن

الفصل التاسع

الفصل العاشر

الفصل الحادي عاشر

الفصل الثاني عشر

الفصل الثالث عشر

الفصل الرابع عشر

الفصل الخامس عشر

الفصل السادس عشر

الفصل السابع عشر

الفصل الثامن عشر

الفصل التاسع عشر

الفصل العشرون

الفصل الحادي العشرون

الفصل الثاني والعشرون

الفصل الثالث والعشرون

الفصل الرابع والعشرون

الفصل الخامس والعشرون

الفصل السادس والعشرون

الفصل السابع والعشرون

الفصل الثامن والعشرون

الكتاب كاملاً

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.