جولة مع يسوع إلى السامرة |
خادم الرب الأخ: حليم
حسب الله
الفصل العاشر البئر ومعانيها لكل عبارة في كلمة الله مدلولها الخاص، ولم ترد كلمة أو عبارة إلا ويريد الروح القدس أن يعلمنا من خلالها درسا بل دروس. فالبئر في العهد القديم تعطي لنا رمزا جميلا عن المسيح وما نجده فيه. والآن نبحث في بعض الأسفار التي وردت فيها كلمة البئر لنرى وضوح هذه الرموز الرائعة التي تحدثنا عن ربنا يسوع المسيح الذي أعطى ماء الحياة للمرأة السامرية. ذكرت كلمة "بئر" في أسفار العهد القديم عدة مرات نذكر البعض منها وما ترمز إليه:-1- "فقال أبرام لساراي هوذا جاريتك في يدك. افعلي بها ما يحسن في عينيك. فأذلتها ساراي. فهربت من وجهها. فوجدها ملاك الرب على عين الماء في البرية. على العين التي في طريق أشور... فدعت اسم الرب الذي تكلم معها أنت إيل رئي. لأنها قالت أ ههنا أيضا رأيت بعد رؤية. لذلك دعيت البئر بئر لحي رئي." (تك16: 6و7و13و14). في هذه الأعداد نلاحظ الأمور الآتية:- أولا: عين الماء في العدد السابع تدعى البئر في العدد الرابع عشر. هذه البئر كانت المكان الذي عنده وجد ملاك الرب هاجر المرأة المسكينة المنبوذة. وهنا نرى أن المسيح هو المكان الذي من خلاله يتقابل الله مع الخطاة. لقد قال الرب يسوع "ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" (يو14: 6). ثانيا: هذه البئر كانت في البرية، والبرية تشير إلى هذا العالم. البئر في البرية تصور لنا حالة القلب البشري بعد أن يلتقي بالمسيح. ثالثا: البئر هو المكان الذي عنده أعلن الله عن ذاته، لهذا السبب دعت هاجر اسم البئر "بئر لحي رئي". وهذا ما نراه في العهد الجديد أن المسيح هو الذي أعلن الله. قال الرب يسوع "الذي رآني فقد رأى الآب". 2- "فبكر إبراهيم صباحا وأخذ خبزا وقربة ماء وأعطاهما لهاجر... فمضت وتاهت في برية بئر سبع... وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام". في هذه الأعداد نرى:- أولا: أمامنا الآن المرأة المنبوذة مرة أخرى، والماء الذي في القربة التي كانت تحملها قد نفذ تماما مثلها مثل الابن الضال الذي "ابتدأ يحتاج" (لو15: 14). وهذا يرينا نفاذ كل الينابيع التي يستند عليها الخاطئ دون أن يرتوي. ثانيا: طرحت ابنها بعيدا عنها ليموت وجلست تبكي. إنها صورة للخاطئ المسكين في بؤسه ويأسه. ثالثا: فتح الرب عينيها لكي ترى "البئر" التي توجد على الدوام. وبالحكمة والتفكير العاقل نرى أن البئر تحدثنا عن ربنا يسوع الذي يريدنا الله أن نفتح عيوننا عليه فنرى فيه وحده خلاصنا. إنه الرب الذي فتح عينيها لتراه. إنه الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يتقابل مع بؤسنا ويأسنا واحتياجنا العميق. يقول الروح القدس "الأذن السامعة والعين الباصرة الرب صنعهما كلتيهما" (أم20: 12)، وأيضا "ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق" (1يو5: 20). 3- "فأخذ إبراهيم غنما وبقرا وأعطى أبيمالك فقطعا كلاهما ميثاقا. وأقام إبراهيم سبع نعاج من الغنم وحدها. فقال أبيمالك لإبراهيم ما هي هذه السبع نعاج التي أقمتها وحدها. فقال إنك سبع نعاج تأخذ من يدي لكي تكون لي شهادة بأني حفرت هذه البئر لذلك دعا ذلك الموضع بئر سبع. لأنهما هناك حلفا كلاهما" (تك21: 27-31). وهنا نرى أن البئر كانت مكان الميثاق والعهد (عدد27) والذي صدق عليه بالقسم (عدد31). ونقرأ في الرسالة إلى العبرانيين "وعلى قدر ما أنه ليس بدون قسم. لأن أولئك بدون قسم قد صاروا كهنة وأما هذا فبقسم من القائل له أقسم الرب ولن يندم أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق. على قدر ذلك قد صار يسوع ضامنا لعهد أفضل" (عب7: 20-22). 4- "ثم أخذ العبد عشرة جمال من جمال مولاه... وأناخ الجمال خارج المدينة عند بئر الماء وقت المساء... وقال أيها الرب إله سيدي..." (تك24: 10-12). إن كنا قد رأينا في الآبار السابقة مقابلة المخلص بالخاطئ ثم رأينا العهد والقسم يخبرانا عن الراحة العظمى، لكننا بدءا من هذه الأعداد يختص الكلام عن البئر بالمؤمنين فقط. ففي الأعداد السابقة نرى أن عند البئر مكان للصلاة، وهنا نرى المؤمن يطلب من الآب السماوي باسم المسيح الذي تحدثنا عنه البئر. 5- "ثم رفع يعقوب رجليه وذهب إلى أرض بني المشرق. ونظر وإذا في الحقل بئر وهناك ثلاثة قطعان غنم رابضة عندها. لأنهم كانوا من تلك البئر يسقون القطعان والحجر على فم البئر كان كبيرا. فكان يجتمع إلى هناك جميع القطعان فيدحرجون الحجر عن فم البئر ويسقون الغنم. ثم يردون الحجر على فم البئر إلى مكانه" (تك29: 1-3). هنا يمكننا أن نرى التطابق بين هذه الأعداد والأعداد الواردة في (تك16). ففي تك16 نري لقاء المسيح بالخاطئ وهذا ما رأيناه عند البئر التي في البرية التي تصور لنا الخاطئ في بؤسه وفراغ حياته. لكن هنا في هذا المشهد نرى البئر موجودة في الحقل حيث المراعي الخضراء وحيث الراعي الصالح يقود خرافه. يجب أن نلاحظ أنه يوجد ثلاث قطعان من الغنم رابضة "عند البئر" وهنا نرى أنه في المسيح فقط يمكننا أن نجد الراحة والشبع. 6- "... فهرب موسى من وجه فرعون وسكن في أرض مديان وجلس عند البئر. وكان لكاهن مديان سبع بنات. فأتين واستقين وملأن الأجران ليسقين غنم أبيهن. فأتى الرعاة وطردوهن. فنهض موسى وأنجدهن وسقى غنمهن" (خر2: 15-17). كما نعلم أن فرعون مصر هو صورة للشيطان باعتباره إله هذا الدهر (2كو4: 4) الذي يهاجم ويفكر في أن يحطم المؤمن. من فرعون هرب موسى- غالبا ما يسبب العدو اللدود للمؤمن رعبا ليجعله يجري بعيدا- لقد هرب إلى مديان وسكن هناك. نقرأ أولا عن موسى أنه "جلس عند البئر". شكرا للرب يوجد الشخص الوحيد الذي إليه نهرب لأنه مرفوض، الرب يسوع الذي هو البئر. إلى هذه البئر أيضا أتت بنات يثرون لتستقين ماء لكن الرعاة أتوا وطردوهن. كم من المدعين أنهم رعاة في هذه الأيام بتعاليمهم الكفرية طردوا الكثيرين بعيدا عن الرب يسوع. ورغم ذلك الرب يأخذ موسى هنا وهناك الذي ينهض ويساعد وينقذ أولئك الذين يرغبون حقيقة ماء الحياة. يجب أن نلاحظ أنه قبل أن نساعد الآخرين يجب أن نستريح أولا عند البئر لأجل أنفسنا كما فعل موسى. 7- "ومن هناك إلى بئر. وهي البئر حيث قال الرب لموسى اجمع الشعب فأعطيهم ماء. حينئذ ترنم إسرائيل بهذا النشيد. اصعدي أيتها البئر أجيبوا لها" (عد21: 16و17). من الكلام السابق نرى أن البئر تخاطب وكأنها شخص. لقد أصبحت موضوع الترنيم، إنها تستحضر التسبيح. أمر لا يحتاج إلى تفسير فالمسيح هو موضوع تسبيح المؤمنين. 8- "وكان يوناثان وأخيمعص واقفين عند عين روجل فانطلقت الجارية وأخبرتهما وهما ذهبا وأخبرا الملك داود. لأنهما لم يقدرا أن يريا داخلين المدينة. فرآهما غلام وأخبر أبشالوم. فذهبا كلاهما عاجلا ودخلا بيت رجل في بحوريم. وله بئر في داره فنزلا إليها. فأخذت المرأة وفرشت سجقا على فم البئر وسطحت عليه سميذا فلم يعلم الأمر" (2صم17: 17-19). هنا نرى البئر فيها المأوى والحماية لرجال الله من الأعداء. لنلاحظ أنه يوجد غطاء "على فم البئر" ولهذا السبب يوناثان وأخيمعص اختبأنا في البئر. هذا ما نراه في القول المكتوب عن المؤمنين "وحياتكم مستترة مع المسيح في الله" (كو3: 3). يجب أن نلاحظ العبارة الختامية للعبارة السابقة "لم يعلم بالأمر" وهذا يعلن لنا أن العالم في جهل تام لمكانة المؤمنين ووضعهم في المسيح. 9- "فتأوه داود وقال من يسقيني ماء من بئر بيت لحم التي عند الباب" (2صم23: 15) إن ماء بئر بيت لحم أشبع داود. 10- "اشرب مياها من جبك ومياها جارية من بئرك" (أم5: 15). هنا نرى البئر هي لنا ومن المياه الجارية نحن مدعوون لنشرب. كل هذه الأمور السابقة تفسر وتوضح لنا القول "..جلس يسوع هكذا على البئر" (يو4:6). توجد عبارة أخرى يجب أن نتأملها بإمعان، تعطي قوة للصورة السابقة التي تأملنا فيها لأنها تتحدث عن صفات ذلك الخلاص الذي وجدناه في المسيح "وكانت هناك بئر يعقوب" (يو4: 6). توجد ثلاثة أشياء لها علاقة بهذه الجزئية الخاصة بالبئر نحتاج أن نضعها في الاعتبار:- أولا: هذه البئر اشتراها يعقوب، وبأكثر دقة اشترى الحقل الذي فيه البئر (تك33: 18و19). كلمة سوخار الوارد ذكرها في (يو4: 6) تعني كما ذكرنا من قبل مشتراة. نعم هذه هي البئر التي اختيرت وصارت المكان الذي تكلم فيه الرب يسوع عن "عطية الله" مع المرأة، العطية التي لم تكلفنا نحن شيئا لأنها كلفته هو كل شيء. ثانيا: "قطعة الأرض" التي كانت فيها البئر أخذها بعد ذلك يوسف بعد أن تحررت بالسيف والرمح (تك48: 21و22). هذه هي نفس قطعة الأرض المشار إليها في (تك33: 18و19) والوارد ذكرها في (يو4: 5). الأموريون فكروا بأن يسرقوا من يعقوب بئره ولهذا السبب كان من الضروري الدفاع عنها. وهذا ما يفعله الروح القدس معنا عندما يحضر لنا الخلاص، ويفكر الشيطان رئيس هذا العالم أن يقاوم ويبعد البشر عن ذلك الخلاص فيستخدم الروح القدس سيف الروح الذي هو كلمة الله (عب4: 12). ثالثا: قطعة الأرض هذه التي اشتراها يعقوب وأمنها بسيفه ورمحه، أعطاها ليوسف (تك48: 21و22) فصارت له جزء من حق البكورية لأن يعقوب قال ليوسف "قد وهبت لك سهما واحدا فوق أخوتك". هذا كان من المفروض أن يعطي لرأوبين بكر يعقوب لكن بسبب سقوطه في الخطية مع سرية أبيه صارت ليوسف (تك35: 22، 1أخ5: 1). وهنا نرى أن المسيح الإنسان الثاني أخذ الميراث الذي أضاعه الإنسان الأول آدم بسبب السقوط في الخطية. يجب أن نضع أمامنا ثلاثة أشياء امتلكناها ألا وهي: البئر المشترى – البئر المملوك- البئر المبهج.********************* |
جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.