تفسير رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية |
الأصحاح الثاني عشر 1 فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا
الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ
تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً
حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً
عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ
الْعَقْلِيَّةَ. 2 وَلاَ
تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ
تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ
بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ،
لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ
اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ
الْكَامِلَةُ. (عدد 1، 2).
يتكلم الرسول من هنا إلى آخر الرسالة عن
الواجبات المسيحية بالنظر إلى رأفة الله
التي قد أظهرها لهم ويشير بقولهِ: أن
تقدّموا أجسادكم. إلى كلامهِ السابق في (أصحاح
6) عن كوننا قد متنا وقمنا مع المسيح
وأُعتقنا من العبودية للخطية. لم ينقذنا
الله لنعود نستعبد لشهواتنا لأننا صرنا
عبيدًا لهُ وقد خصَّصنا بجملتنا بذاتهِ
حتى أجسادنا هي آلات برٍ لا لكي نستعملها
لذواتنا بعد، بل للذي حرَّرنا من يد
إبليس وصيَّرنا مسكنًا للروح القدس. ثمَّ
عبادتنا هذه ليست عمياء كعبادة الذين
يمارسون طقوسًا وفرائض موضوعة عليهم ولا
يفهمون ما هي، بل هي خدمة بنين، لأن لنا
حياة جديدة ومقامًا جديدًا وفهمًا
روحيًّا وبموجب هذه نقدم عبادتنا. فلفظة
عقلية حسب الأصل اليوناني منسوبة لا إلى
العقل، بل إلى الكلمة لأن عبادتنا هي
بالنظر إلى كلمة الله التي يجب أن نعيش
ونرشد بها. هذا الدهر: هو النظام العظيم
الذي بناهُ الشيطان بعد سقوط الإنسان نحن
فيهِ ومنهُ حسب الطبيعة، ولكننا أُنقذنا
منهُ بعمل الفداء (غلاطية 4:1) فلا يليق بأن
نشاكلهُ بعد وأما انفصالنا عنهُ فليس في
الخارج فقط، بل في الداخل أيضًا حسب
قولهِ: تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم:
تجديد أذهاننا جرِ فينا، ليس هو الميلاد
الثاني، بل العمل الروحي الذي يليهِ إذ
يطهر الروح القدس أفكارنا وعواطف قلوبنا
ويكرّسنا عمليًّا لله. لأنهُ إن كنا نسلك
سلوكًا أدبيًّا مجتهدين في ما يجب علينا
وقلوبنا ممتلية من الكبرياء والشهوات
العالمية فليست عبادتنا سوى نجاسة أمام
الله مهما كانت ظريفة في عيون الناس. ثمَّ
هذا العالم المنحرف والمبتعد عن الله هو
ورطة لا توجد فيهِ سوى طرق ملتبسة وإذ ذاك
نحتاج إلى طريق حسب إرادة الله. لا نقدر
أن نعرفهُ ما لم تتطهر قلوبنا. لتختبروا
ما هي إرادة الله الصالحة المرضية
الكاملة؟. أن لله إرادة خصوصية من جهة كل
منا، فعلينا أن نعرفها كل يوم وكل ساعة
وإن سلكنا فيها يكون سلوكنا صالحًا
ومرضيًّا لهُ وكاملاً أيضًا أي حسب مبدأ
دعوتهِ إيانا (انظر فيلبي 15:3) وذلك بركة
عظيمة جدًّا أن يكون لنا طريق كهذا في
موضع مظلم لا يوجد فيهِ سوى طرق الغش
والضلال المؤدية إلى الهلاك. سلك المسيح
هذا الطريق المبارك، لأنهُ عاش بكل كلمة
تخرج من فم الله تاركًا لنا قدوة. لما كان
آدم في الفردوس لم يكن يحتاج إلى طريق إذ
كان ينبغي أن يُقيم في موضعهِ وأما بعد
طردهِ من هناك فأصبح في نظام مبتعد عن
الله فأحتاج حينئذٍ إلى طريق. لم يكن له
أن يرجع إلى جنة عدن وإلى الطهارة، فأنهُ
كان قد فقد شجرة الحياة إلى الأبد. ثمَّ
لما ظهر الإنسان الثاني سلك السلوك
الموافق بأن يكون قدوة لنا حال كوننا
قاصدين شجرة الحياة التي في وسط فردوس
الله، لأنهُ مجهول عندنا حسب الطبيعة. لا
يكفينا أن نسلك سلوكًا صالًا مستقيمًا
ففقط، بل أن نقصد الطاعة لإرادة الله في
كل ما نقوم بهِ. لو عملنا كل الأعمال
لحسنة، ولكن حسب إرادتنا نحن بغض النظر
عن إرادة أبينا لا يحسب ذلك من الطاعة. 3 فَإِنِّي أَقُولُ
بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي،
لِكُلِّ مَنْ هُوَ بَيْنَكُمْ: أَنْ لاَ
يَرْتَئِيَ فَوْقَ مَا يَنْبَغِي أَنْ
يَرْتَئِيَ، بَلْ يَرْتَئِيَ إِلَى
التَّعَقُّلِ، كَمَا قَسَمَ اللهُ
لِكُلِّ وَاحِدٍ مِقْدَارًا مِنَ
الإِيمَانِ. 4 فَإِنَّهُ كَمَا فِي
جَسَدٍ وَاحِدٍ لَنَا أَعْضَاءٌ
كَثِيرَةٌ، وَلكِنْ لَيْسَ جَمِيعُ
الأَعْضَاءِ لَهَا عَمَلٌ وَاحِدٌ، 5 هكَذَا
نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ
فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا
لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ. 6 وَلكِنْ
لَنَا مَوَاهِبُ مُخْتَلِفَةٌ بِحَسَبِ
النِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَنَا:
أَنُبُوَّةٌ فَبِالنِّسْبَةِ إِلَى
الإِيمَانِ، 7 أَمْ خِدْمَةٌ فَفِي
الْخِدْمَةِ، أَمِ الْمُعَلِّمُ فَفِي
التَّعْلِيمِ، 8 أَمِ الْوَاعِظُ
فَفِي الْوَعْظِ، الْمُعْطِي
فَبِسَخَاءٍ، الْمُدَبِّرُ
فَبِاجْتِهَادٍ، الرَّاحِمُ
فَبِسُرُورٍ. (عدد 3-8).
الخضوع لإرادة الله يحفظنا من الأفكار
المُتعظمة من جهة ذواتنا ويجعلنا نسلك كل
واحد حسب المقام الذي وضعهُ الله فيهِ.
قولهُ: يرتئي إلى التعقل، أي يفتكر
أفكارًا صاحية حسب ما يليق بشأنهِ خلاف
التعظم والافتخار بالذات. قد أعطى الله
لكل من أولادهِ مقدارًا من الإيمان فعلى
كل واحد أن يتصرف بموجب ما عندهُ وإذا
حاول أن يعمل فوق ذلك يسقط في فخ العدو.
إذا ابتدأ واحد مثلاً يجول بخدمة الإنجيل
وتجاسر فوق طاقة إيمانهِ لا بدَّ من
وقوعهِ في حيرة ولا يعرف أين يذهب ولا في
أي موضع يقيم وإذ ذاك انفتح باب للشيطان
أن يوسوس لأفكارهِ ويملأهُ شكوكًا مؤلمة.
لا يليق بنا أن نتقلد بإيمان غيرنا في هذه
الأمور، لأنهُ يمكن أن أخًا واحدًا يقدر
أن يعمل ما لا يقدر عليهِ آخر وإن تجاسر
الآخر وحاول هذه الخدمة عينها لابدَّ أن
يجد نفسهُ في مياه عميقة حيث لا يعود يقدر
أن يخوض ولا يعرف أن يسبح. لا شك أن الرب
حنون وينجيهِ غير أنهُ يتمهل عليهِ إلى
أن يتعلم حماقة قلبهِ لكي لا يرتئي فوق ما
يليق بشأنهِ فيما بعد. ولكن ذلك من الأمور
المُرَّة لنا وبسبب إهانة لطريق الحق.
لما أراد الملك شاول أن يُلبس داود
سلاحهُ أبى داود أن ينزل لمقاتلة الجبار
بسلاح غيرهِ الذي لم يكن قد اختبرهُ ثمَّ
نزل للقتال بحسب إيمانهِ الخاص والسلاح
الذي تعوَّد عليهِ فنجح. قد كثر التقلُّد
في أيامنا هذه وعلينا أن نحترز منهُ غاية
الاحتراز لأن الرب لا يكون معنا في هذه
الطريق. أُريد أن أُحذر أخوتي الساعين في
خدمة الكلمة، بأن لا يحاولوا عمل ما يفوق
النعمة المُعطاة لكل واحد. ثمَّ يذكر كوننا أعضاء
بعضنا للبعض لكي يبني على ذلك خطابًا
عمليًّا من جهة القيام بالواجبات
المتبادلة وغاية ممارستنا إياها هي
للبنيان بحيث لنا جميعًا شركة فيهِ. ليس
للجميع عمل واحد، بل لنا مواهب مختلفة.
يذكر النبوة أولاً لكونها أكثر بنيانًا
من سواها (انظر كورنثوس الأولى 1:14-4، 31).
ينبغي أن الذي يكلم أخوتهُ بموجب هذه
الموهبة أن يكون سالكًا قريبًا إلى الرب
حارًا في الإيمان وأن لا يحاول أن يتكلم
إلاَّ بالنسبة إلى إيمانهِ.يكون كلامهُ
والحال هكذا حارًا مناسبًا لأحوال
السامعين ومؤثرًا. أم الخدمة ففي الخدمة،
الخدمة هنا متنوعة على أن ليس المقصد بها
ممارسة المواهب كالنبوة والتعليم
والكرازة، بل الطرق العديدة التي يمكننا
أن نخدم أخوتنا بها. المعلم ففي التعليم،
للمعلم موهبة خصوصية بها يوضح معاني كلمة
الله لبنياننا. أم الواعظ ففي الوعظ،
الوعظ هنا كل خطاب روحي مناسب للمؤمنين
ويجانس النبوة المار ذكرها، غير أنهُ
أقلُّ فعلاً ولا يقتضي التقدم الروحي قدر
ما تقتضيهِ تلك. يمكن للذي عندهُ موهبة
النبوة أن يعظ أيضًا، ولكن يمكن لأخ تقي
أن يعظ ولا يقدر أن يتنبأ أيضًا. لا يذكر
هنا موهبة الكرازة أي إبلاغ البشارة
للعالم، لأنهُ سبق وذكرها (أصحاح 10) ولا
يذكر هنا سوى المواهب التي لبنيان
المؤمنين. المُعطي فبسخاء ينبغي أن نساعد
أخوتنا المحتاجين وخدام الكلمة، ولكن
ليس كشيء مفروض علينا نقوم بهِ كرهًا، بل
عن الإخلاص والاختيار وإلاَّ فلا تكون
خدمتنا من الأثمار الروحية المرضية لله.
وإن قيل: لا يعطي الأكثرون شيئًا ما لم
يُفرض عليهم العطاء بقانون إكراهي. أقول
أنهُ خير أن مالهم يبقى عندهم من أن
نأخذهُ غصبًا باسم الرب. لأن الرب يحب
المعطي بسرور. وكل من لا يجد في قلبهِ أن
يقدم من مالهِ للرب لا ينتفع شيئًا مهما
أعطى من الحياء أو لأجل الافتخار.
المُدبر فباجتهاد، المدبر هو المناظر أو
الراعي الذي يلاحظ سلوك أخوتهُ ويساعدهم
فيهِ (انظر أيضًا تيموثاوس الأولى 1:3-7؛
بطرس الأولى 1:5…الخ). الراحم فبالسرور،
توجد أعمال رحمة للمتضايقين والأرامل
واليتامى. لا يليق بنا أن نباشرها
للافتخار أو بروح ناموسي، بل بقلب فرحان
كخدمة للمسيح الذي هو قدوتنا في خدمة
كهذه. لا يوجد مدخل مطلقًا
للوظائف الكنائسية في كل هذه المواهب ولا
يوجد أساس للوهم المستولي على بال
الكثيرين أن تعيينّا بشريًّا ضروري لنا
لكي نقوم بهذه الواجبات المتبادلة. ولا
يوجد قانون لممارستها إلاَّ أن يتصرف ل
واحد بحسب ما أعطاهُ الله. وإن كان واحد
يتعرَّض للآخر في خدمتهِ الخاصة يقاوم
الرب. وإن كان واحد عندهُ شيءٌ من الرب
لإفادة أخوتهِ وامتنع عن خدمتهِ خوفًا من
الناس أو اعتبارًا لترتيبهم يُحرم
أخوتهُ فوائد ويلام من الرب (انظر المثل
المذكور (مَتَّى 14:25-30) فأن السيد الذي سلم
الوزنات لعبيدهِ طلب أن كل واحد يتاجر
بما عندهُ بلا أذن أو رسامة من رفقائهِ.
ولا خوف من حدوث تشويش في الخدمة على هذا
المنوال إن كان الرب في وسطنا ونحن
خاضعون لهُ ولكلمتهِ. ولكن إن كنا
مرتابين بحضورهِ ينبغي أن ندبر لذواتنا
كما هي الحال عند الأكثرين ومن ثمَّ
التشويش. كلمة الله موجودة وهي أوضح من كل
القوانين البشرية ويجب أن نمتحن كل تعليم
بهذا القانون. 9 اَلْمَحَبَّةُ فَلْتَكُنْ
بِلاَ رِيَاءٍ. كُونُوا كَارِهِينَ
الشَّرَّ، مُلْتَصِقِينَ بِالْخَيْرِ. 10
وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا
بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ،
مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي
الْكَرَامَةِ. 11 غَيْرَ
مُتَكَاسِلِينَ فِي الاجْتِهَادِ،
حَارِّينَ فِي الرُّوحِ، عَابِدِينَ
الرَّبَّ، 12 فَرِحِينَ فِي
الرَّجَاءِ، صَابِرِينَ فِي
الضَِّيْقِ، مُواظِبِينَ عَلَى
الصَّلاَةِ، 13 مُشْتَرِكِينَ فِي
احْتِيَاجَاتِ الْقِدِّيسِينَ،
عَاكِفِينَ عَلَى إِضَافَةِ
الْغُرَبَاءِ. (عدد
9-13).
المحبة الأخوية جميلة جدًّا ولا يمكن
البنيان بلاها لكنها مقدسة تحملنا إلى أن
نلتصق بالخير ونكره الشرَّ. ليست هي
عمياء، لأنها من أثمار الروح القدس
وتسوقنا حسب كلمة الله، وإن كانت فينا
نتواضع بين أخوتنا ولا نختار كل واحد
المتكأ الأول لنفسهِ، بل نتمنى أن أخانا
يكرم أكثر منا ونتسابق معًا روحيًّا في
من يزيد على غيرهِ في تقديم الكرامة
بعضنا لبعض في الرب. وما أحلى منظر كهذا
غير مُتكاسلين في الاجتهاد. أي في الغيرة
الحسنة التي تحملنا إلى الصبر في العمل
الصالح. حارين في الروح: أي نسلك في الروح
حتى لا نحزنهُ وإذ ذاك لا يغلبنا الفتور.
عابدين الرب، أي نعمل كل أعملنا باسم
الرب وعبادة لهُ نظرًا إلى أنهُ اشترانا
بدمهِ. فرحين في الرجاء. لا بدَّ أن يحدث
كثير مما يحزننا، ولكن لنا رجاء أننا
ننتصر على كل شيء بالذي أحبنا ونصرف
أبديتنا معهُ. صابرين في الضيق (راجع
أصحاح 3:5). مواظبين على الصلاة، أننا في
ظروف مضادة لنا فنشعر بضعفنا ويجعلنا ذلك
نصرخ دائمًا للذي عندهُ كل معونة ويعيننا
إجابة للصلاة . مشتركين في احتياجات
القديسين، يقول هذا عمومًا عما يجب بخصوص
هذا الأمر المهم بحيث نعتني بعضنا ببعض
نظرًا لكوننا جسدًا واحدًا. عاكفين على
إضافة الغرباء، أي الأخوة الغرباء غير
أنهُ يجب أن نعمل معروفًا مع أي غريب كان
حسب طاقتنا. لا شك أن ممارسة هذا الأمر
تقتضي نكران الذات واحتمال ما يكدر
راحتنا الذاتية أوقاتًا كثيرة لأننا لا
نقدر أن نضيف الذين نريدهم نحن، بل يجب أن
نقبل كل من يجيء من أخوتنا الغرباء من عند
الرب ولا بدَّ أنهُ يمتحن صبرنا بعض
الأوقات، ولكنهُ يكافينا أيضًا مكافأة
جزيلة حتى في الوقت الحاضر يضع بركتهُ في
بيوتنا ويرسل لنا ملائكة ونحن لا ندري (عبرانيين
2:13). كل مسيحي لا يعكف على هذا يحرم ذاتهُ
لذَّات روحية كثيرة جدًّا. 14 بَارِكُوا عَلَى الَّذِينَ
يَضْطَهِدُونَكُمْ. بَارِكُوا وَلاَ
تَلْعَنُوا. 15 فَرَحًا مَعَ
الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ
الْبَاكِينَ. 16 مُهْتَمِّينَ
بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ اهْتِمَامًا
وَاحِدًا، غَيْرَ مُهْتَمِّينَ
بِالأُمُورِ الْعَالِيَةِ بَلْ
مُنْقَادِينَ إِلَى الْمُتَّضِعِينَ.
لاَ تَكُونُوا حُكَمَاءَ عِنْدَ
أَنْفُسِكُمْ. 17 لاَ تُجَازُوا
أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ. مُعْتَنِينَ
بِأُمُورٍ حَسَنَةٍ قُدَّامَ جَمِيعِ
النَّاسِ. 18 إِنْ كَانَ مُمْكِنًا
فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا
جَمِيعَ النَّاسِ. 19 لاَ
تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا
الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا
لِلْغَضَبِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:«لِيَ
النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ
الرَّبُّ. 20 فَإِنْ جَاعَ
عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ
فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هذَا
تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ». 21
لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ
اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ.
(عدد 14-21). لابدَّ أن بغض
العالم للمسيح يحملهم أن يلعنونا
ويضطهدونا. فالمسموح لنا من نعمتهِ أن
نتمثل بهِ في ذلك ونطلب خير الذين
يؤذوننا. فرحًا مع الفرحين…الخ. للمسيحي
قلب لين والاشتراك بالحس مع الآخرين.
مهتمين بعضكم لبعض…إلخ. لنا دائرة خصوصية لممارسة
عواطف قلوبنا ولا نرفع أفكارنا مثل
العالم طالبين معاشرة الأغنياء والأكابر
لأننا نجد لذة أكثر في معاشرة المتضعين.
والتواضع يحفظنا من فخاخ كثيرة كالتظاهر
بالحكمة ومجازاة الشر بالشر. ثم نشتغل
بأيدينا منتظرين بركة الله على تعبنا حتى
لا يكون لوم على الإنجيل بسببنا. وعلى ما
يمكن نسالم جميع الناس أي نعاملهم بلطافة
حتى لا نهيج بغضهم بكلام ليس في محلهِ. لا
يقول أن نعاشر الجميع، لأن ذلك ممنوع.
عندما يقع علينا ظلم أو تعدٍ تتحرك
قلوبنا غيظًا وإن كنا لا نضبطها نطلب
الانتقام. ولكن هذا غير جائز لنا. أعطوا
مكانًا للغضب. أي للغضب الذي في الآخرين.
يجب أن نتنحى عنهُ كما لو نظرنا وحشًا
مفترسًا في الطريق قدامنا إذ نحيد عن
الطريق لنعطيهُ مكانًا للمرور. للرب
وحدهُ حقٌ أ، يجازي الظالمين عن ظلمهم
ولا بدَّ من ذلك يوم غضبهِ. وأما نحن
فعلينا أن نقتدي بهِ بنعمتهِ. ولا ننتقم
من عدونا إلاَّ بعمل الخير معهُ. وإن
فعلنا هكذا معهُ ربما يتذكر بذلك فيما
بعد ويخجل. وعلى أي حالة كانت ينبغي أن
نعيش فوق الشر في نور إلهنا ومخلصنا حيث
لا يوجد إلاَّ الخير فقط. |
8 | 7 | 6 | 5 | 4 | 3 | 2 | 1 | المُقدمة |
16 | 15 | 14 | 13 | 12 | 11 | 10 | 9 |