فابتدأ يحتاج.. فرجع إلى نفسه وقال .. أقوم وأذهب إلى أبي وأقول له: يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك.. فقام وجاء إلى أبيه (لو15: 14-20)
إن الإنسان يتجه إلى الله متى احتاج ثم أيضاً متى رجع إلى نفسه. إن الشعور بالحاجة ليس كافياً وحده، فكم من أُناس يشعرون بالاحتياج، ثم تارة يحاولون إخفاءه، وتارة أخرى يخففون من وطأته على ضمائرهم بتغيير مجرى حياتهم وعيشتهم عيشة أدبية أو بممارس - آذار - تهم بعض الطقوس الدينية.
ولكن ينبغي أن يرجع الإنسان إلى نفسه أو بعبارة أخرى يشعر بعجزه واحتياجه مقروناً ذلك بشعوره بصلاح الله الذي به يقابل احتياجه « فرجع إلى نفسه وقال ... أنا أهلك جوعا » وذلك في الوقت الذي كان في منزل والده من الخبز ما يكفي المأجورين ويفضل عنهم.
هل وصلت أيها القارئ إلى هذه الحالة؛ حالة الاحتياج، ورجعت إلى نفسك؟ ثق بأنه لا بد أن يأتي الوقت الذي فيه ترجع إلى نفسك، إن لم يكن في هذا العالم، ففي العالم الآتي. إن لم يكن الآن فسيكون في الأبدية عندما تفوتك الفرصة. إن الفرق بين الابن الأصغر (لو15) والرجل الغني (لو16) هو أن الأول رجع إلى نفسه عندما كانت له الفرصة لنوال الرحمة، بينما الآخر قد رجع إلى نفسه في وقت لم يكن في وسعه أن ينالها فيه، بل لم يكن في وسعه أن يحصل على نقطة ماء يبرد بها لسانه في عذابه.
لقد شعر هذا الغني بحاجته، فصرخ قائلاً « ارحمني ». لقد « رجع إلى نفسه » وشعر بحالته شعوراً تاماً فقال « إني معذب في هذا اللهيب » ولكن الفرصة كانت قد فاتت. ما أشد هول هذه الكلمة « فاتت ». قف أيها القارئ العزيز غير المؤمن، ارجع قبل أن تفوت الفرصة ولا تعود، ارجع إلى مَنْ يرحمك « إلى إلهك لأنه يكثر الغفران ».
انظر كيف صار اهتمام الغني؟ كيف يتضرع لا من أجل نفسه فقط، بل من أجل الآخرين أيضاً « فقال أسألك إذاً يا أبتِ أن ترسله إلى بيت أبي لأن لي خمسة اخوة حتى يشهد لهم لكي لا يأتوا هم أيضاً إلى موضع العذاب هذا » (لو16: 27،28). انظر كيف يقدّر هذا الغني بشارة الإنجيل والكارزين به وتحذيراته للآخرين عندما تأكد أن الفرصة قد أفلتت من يده فأصبح في عذاب أبدي. هذه كانت نتيجة رجوعه إلى نفسه بعد أن فاتت الفرصة. ولكن التوبة هي نتيجة رجوع الإنسان إلى نفسه في الوقت المناسب.
وليم كلي
|