الجمعة 8 فبراير - شباط - 2002

لماذا البرية؟!


لكي يُذِلَّكَ ويجربك ليعرف ما في قلبك ... لكي يعلمك أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل ما يخرج من فم الرب يحيا الإنسان (تث8: 2،3)

في هذا الفصل (تث8) يقدم موسى للشعب ثلاث حيثيات لرحلة البرية:

أولاً: لكي يُذِلَّك. دعنا في البداية نؤكد أن الذل بالمفهوم الإلهي في هذه الآية يختلف عن مفهومنا البشري. إنه يعني أن يجعلنا متضعين. والله الرحيم يريد أن يكتم الكبرياء عنا. وآه من الكبرياء، فهي مُمسكة بنا بشدة. لقد احتاج الشعب قديماً إلى أربعين سنة من المعاملات في البرية كيما يتعلم الاتضاع والاعتماد على الله. وهكذا معنا يحتاج الأمر من الرب وقتاً ومعاملات فيها إذلال لنا. لكن الله في صلاحه لا يُخرجنا من هذا الذُل عبيداً وأسرى، بل سيحررنا من ألد أعدائنا؛ الكبرياء، ويجمّلنا بأجمل فضيلة؛ التواضع.

ثانياً: لكي يُجربّك ليعرف ما في قلبك. والرب طبعاً يعرف ما في قلوبنا. لكنه يسمح بظهوره لنعرف نحن حقيقة ما في قلوبنا، ويبدو أنه لا يوجد مؤمن واحد يعلم تماماً كم هو رديء.

أما الرب فهو يرى التمرد يعمل في طبيعتنا الإنسانية حتى ونحن نرنم ـ في اليوم المُشرق ـ عن الخضوع له. ولهذا يأتي لنا الله بالامتحان، ويحجب شمسه عنا، فتظهر طبيعة التمرد فينا، لنعرف حقيقة أنفسنا. وكذلك الجُبن يعمل فينا حتى ونحن نرنم: « قف بجوار الصليب أيها الجندي الجبار » وتمر أيام معدودة، ونوضع في موقف يُظهر جُبننا وفشلنا. وهكذا بالنسبة للحقد أو النجاسة أو الطمع .. آه كم أظهرت البرية من أعمال الطبيعة الردية ما كان خبيئاً في الأعماق.

ثالثاً: لكي يعلمك أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل ما يخرج من فم الرب يحيا الإنسان. وهو أيضاً درس لا نتعلمه إلا في البرية. فالشعب في أرض مصر كان يعرف كيف ومن أين يحصل على الخبز، فهو يزرع ثم يحصد. لكنهم الآن في البرية حيث لا زرع ولا حصاد، فمن أين الخبز؟ لقد أرسل الرب لهم طعامهم من مخازن السماء، وأطعمهم خبز الملائكة، فالرب لهم، ذاك الذي « قال فكان »، الذي « يدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة ». إنه من العدم يستطيع الله أن يُرسل إلينا كل الأشياء! ومما ليس ظاهراً يمدنا بكل ما نحتاج!!

هذه هي البرية. إنها لا تعلمنا فقط أننا لا شيء، لكنها تعلمنا أيضاً أن الرب كل شيء.


 

يوسف رياض

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS