ليس أني أقول من جهة احتياج فإني قد تعلمت أن أكون مكتفياً بما أنا فيه ... أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني (في4: 11-13)
يجب أن يكون للقلب غرض ونحن لا نستطيع أن نعيش بدونه. وفي هذا العالم يوجد هدفان فقط هما: المسيح أو الذات. وجميع أفكارنا وكلماتنا وطرقنا وخطواتنا تتشعب وتتركز وتدور حول واحد من هذين الهدفين. وإن لم يكن لنا المسيح كغرضنا الأوحد، فالذات هى غرضنا.
ويندر أن تجد قلباً مكتفياً في هذا العالم، وكلمة « مكتف » تعني أكثر من كلمة « قانع ». كثيرون يقولون: نحن قانعون لأننا لا نستطيع أن نغيّر أو نحسّن ظروفنا. ولكن الرسول بولس استطاع أن يقول « فإني قد تعلمت أن أكون مكتفياً بما أنا فيه » (في4: 11). فما هو القلب المكتفي؟ إنه القلب الذي وجد له غرضاً مُشبعاً أبدياً كاملاً، ولا يطلب معه غرضاً آخر على الإطلاق. هكذا ستكون الحال في المجد؛ لن نبحث عن غرض آخر هناك. سنشبع شبعاً كاملاً وسنكتفي اكتفاءً أبدياً بالمسيح، وممكن أن تكون الحال هكذا الآن لو أن المسيح هو غرضنا المالك على قلوبنا والسائد على كل عاطفة فينا. ويا لها من بركة أن يكون المسيح وكل ما يتعلق به هو غرضنا في الحياة وأن يهتم هو بنا. حينئذ يا لها من راحة ومسرة ولذة نجدها في الحياة وفي خدمته. نعم حينئذ لن نتطلع إلى تغيير الظروف التي نجتازها لأننا نعلم أن هذه هى أفضل ما يمكن لنا. هى من ترتيب أبينا الصالح الذي يحب لنا كل الخير. هى أفضل ما يتناسب مع مجده ومع حاضرنا ومستقبلنا، هي أعمق وأصدق بركة لنفوسنا والنتيجة هي ثقة لا حد لها في محبة لا حد لها.
ويُخبرنا الرسول بولس بأنه في وسط الظروف المؤلمة التي وُجد فيها وليس في ظروف اعتيادية، تعلَّم بأن يكون مكتفياً بما هو فيه. فلأنه امتلك المسيح واكتفى به، لم يعتد بالظروف التي كانت تُحيط به، والسر في ذلك مدوّن في فيلبي4: 13 « أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني ». فما دام المسيح سائداً على عواطفنا فلا بد أنه يقوينا في كل طريق يدعونا للمسير فيه.
إننا بالتبعية نتغير إلى ما نحن مشغولون به. إن كنا مشغولين بالمسيح، فسوف يقوينا على الصبر في عالم التجارب هذا، وسوف نشبع حتى وإن كنا في عالم جائع وسوف نتأيد « بالقوة بروحه في الإنسان الباطن » (أف3: 16).
دينيت
|