لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

مختصر شرح سفر الرؤيا

مع تطبيقات على الأحداث التاريخية المعاصرة

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

« طوبى للذي يقرأ وللذين يسمعون أقوال هذه النبوة ويحفظون ما هو مكتوب فيها لأن الوقت قريب »

(رؤيا1 :3).

طبعة ثالثة

مزيدة ومنقحة

1997

خادم الرب الأخ يوسف

سفر الرؤيا، أو؛ « إعلان يسوع المسيح » ، هو سفر له جاذبية خاصة بين أسفار العهد القديم والجديد. يقدره كل الذين يحبون ربنا يسوع المسيح في عدم فساد، وينجذب إليه كل الشغوفين بهذه « الكلمة النبوية » ، الذين ينتبهون إليها « كما إلى سراج منير في موضع مظلم » (2بط1 :19) وكيف لا يكون ذلك؟ ألا يتضمن هذا السفر أربع مرات قول المسيح نفسه « أنا آتٍ سريعاً » ؟ سنري ونحن ندرس هذا السفر كم أصبح هذا اليوم « أقرب مما كان حين آمنا » (رو13 :11). « لأنه بعد قليل جداً سيأتي الآتي ولا يبطئ » (عب10 :37).

لكن هذا السفر له تلك الجاذبية الخاصة ليس فقط لأن لنا فيه الوعد بأننا سنري المسيح، بل لأننا فيه نري المسيح ممجداً، نراه « وعلي رأسه تيجان كثيرة » . فهذا السفر له تقديره العظيم ليس فقط من الذين يحبون الرب، بل بصفة خاصة من « الذين يحبون ظهوره أيضاً » (2تي 4 :8). تري أتوجد رغبة لدي القديس أكثر من أن يري سيده ظاهراً ومستعلناً بقوة ومجد كثير؟

وهذا السفر لا يقدم لنا المسيح الآتي فقط، ولا المسيح الممجد فحسب، بل المسيح المنتصر. إننا في هذا السفر نري نهاية الأمور، وهي بكل يقين أفضل من بدايتها. فالشر الذي اكتسح اليوم بلا ضوابط، والفساد الذي استشرى أو كاد، من بوسعه أن يضع حداً لهما سوي المسيح؟! نعم إنه سفر ثمين جداً على قلب كل قديسي العلي .

وعلي قدر ما نري اليوم يقرب تزداد الرغبة عند أولاد الله الأعزاء في كل طوائف المسيحية لدراسة النبوة. ولا جدال أن سفر الرؤيا هو من أهم الأسفار النبوية في كل الكتاب المقدس. لهذا فلا عجب أن يرد التطويب مرتين في هذا السفر؛ في فاتحته وفي خاتمته، للذين يسمعون أقوال نبوة هذا الكتاب، وللذين يحفظون ما هو مكتوب فيها، لأن الوقت قريب (رؤ1 : 3، 22 : 7).

لقد ظهرت تفسيرات كثيرة جداً لهذا السفر. بعضها كان نتاجاً لسنوات السبات، عندما جميع العذارى « نعسن .. ونمن » (مت25 :5)، وغاب الرجاء المسيحي تماماً عن الأذهان. لكن البعض الآخر من التفسيرات كان ثمرة الصرخة المدوية التي فعلت فعلها العجيب في كل المسيحية؛ صرخة نصف الليل « هوذا العريس مقبل فاخرجن للقائه » (مت25 :6). ومع هذا الفريق يقف مؤلف هذا الكتاب، فهو يؤمن تماماً أن التطبيق النبوي المستقبلي لهذا السفر هو التفسير الوحيد الكتابي والصحيح.

هذا السفر إذا يحتوي على أحداث مستقبلة، ومع ذلك فنحن لا نعتقد أنها بعيدة عنا. إننا نعايش الحوادث الختامية التي تسبق مجيء الرب مباشرة، بل نشاهد بعيوننا إعداد الشخصيات التي ستملأ مسرح الأحداث بعد الاختطاف كما سبق الكتاب المقدس وأنبأنا بها في كل النبوات، وبصفة خاصة سفر الرؤيا.

* * * *

الطبعة الأولى من هذا الكتاب ظهرت سنة 1977. وكان ذلك بعد دراسة متأنية لهذا السفر استغرقت سنتين كاملتين. ولقد رأي الأخوة أن يعاد تلخيص محتويات هذا السفر في محاضرات مركزة، فخرج هذا الكتاب، وكان في صورته الأولى لا يشتمل إلا على المحاضرات الست لشرح مجمل أفكار هذا السفر. لكن منذ أن انتهينا من هذه الدراسة ومن كتابة المذكرات في صورتها الأولى ونحن لم نكف عن دراسة هذا السفر. ولما نفذت طبعته الأولى أعيد طبعه بعد أربع سنوات، حيث أضيف إليه العديد من الأفكار لسد الثغرات التي ظهرت في المناقشات مع بعض المؤمنين في هذا السفر النفيس. ولقد تكررت الطبعة الثانية عدة مرات. لكني أخيراً شعرت بالاحتياج إلى عمل توسعات للمرة الثالثة في مادة هذا الكتاب، مع الإبقاء على شكله القديم في صورة محاضرات، وعمل ملحق آخر للكتاب بعنوان " تساؤلات خارج المحاضرات "

وبين يدي صاحب السفر أستودع هذا الشرح الموجز البسيط، كيما يستخدمه الرب بنعمته ليكون واسطة إنهاض لعواطف وأشواق القديسين، وبوق تحذير للمتغافلين المتهاونين، حتى إذا جاء سيدنا وقرع نفتح له للوقت. آمين.

أغسطس 1997

الأخ يوسف

محتويات الكتاب

مقدمة

محتويات الكتاب

نظرة عامة على سفر الرؤيا

ملاحظات تمهيدية

المحاضرات

1- ما رأيت وما هو كائن (ص1-3)

2- فتح السفر المختوم (ص4 - 7)

3- الأبواق السبعة (ص8 - 11)

4- السفر الصغير (ص12-16)

5- بابل، ما هي ؟ وما نهايتها؟ (ص17، 18)

6- الظهور - المُلك - الأبدية (ص19-22)

ملحق :

تساؤلات خارج المحاضرات

تذاييل :

1- رقم الوحش 666

2- الطريق نحو بابل العظيمة

3- ثروة الفاتيكان

4- ليل لا يكون هناك

ملاحظة :

روجعت النصوص الكتابية الواردة على أدق الترجمات؛ وفي مقدمتها ترجمة داربي . والجدير بالملاحظة أن النصوص الواردة حسب ترجمة داربي تظهر مائلة في الكتابة. ( هذا في نسخة الكتاب المطبوعة وليس في نسخة الإنترنت )

نظرة عامة على سفر الرؤيا

أهمية هذا السفر

يختلف هذا السفر عن باقي أسفار الوحي الأخرى في أمر هام؛ فيوحنا لم يتلقَ مادة هذا السفر بوحي من الروح القدس بالطريقة المعتادة، بل تلقاه بإعلان مباشر من الرب يسوع المسيح. واسم هذا السفر الذي أُعطي له بالوحي هو « إعلان يسوع المسيح » . وهذا الاسم في ذاته يؤكد لنا عكس ما يفكر به البعض أنه سفر غامض. كلا، ليس هو سفراً غامضاً، ولا هو سفراً مختوماً (ص22 :10)، بل هو إعلان يسوع المسيح.

وربما لم يَلقَ سفر في العهد الجديد، إن لم يكن في الكتاب المقدس كله، نظير ما لاقاه هذا السفر من الإهمال، كل هذا في الوقت الذي ينفرد فيه هذا السفر -ودون كل أسفار الوحي الأخرى - بتطويب ثلاثي في فاتحته؛ لمن يقرأ، ولمن يسمع، ولمن يحفظ المكتوب فيه. وكما يبدأ السفر بتطويب من يقرأه (1 :3) هكذا يختم أيضاً بتطويبه (22 :7).

من الذي يستفيد من هذا السفر؟

من الأعداد الأولى في هذا السفر يمكننا أن نجمع لأنفسنا بعض الدروس الأدبية التي تساعدنا على الاستفادة من هذا السفر العظيم.

فهذا السفر موجه لعبيد الرب (ع1)؛ أي لأولئك الذين كل اهتمامهم محصور في سيدهم وشئونه ومجده. ومن أهم مميزات العبيد الأمناء انتظار سيدهم الغائب. قال المسيح « طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين » . لمثل هؤلاء، وليس لأمثال العبد الرديء الذي يقول في قلبه « سيدي يبطئ قدومه » (لو12 :37،45)، يقدم الرب هذا السفر.

ثم إنه موجَه أيضاً لأولئك الذين لهم نصيب في ملكوت يسوع وصبره (ع9). فالذين يجتازون ظروفاً صعبة لشهادتهم وأمانتهم لسيدهم، يجدون لذة خاصة في معرفة متى يتمجد المسيح ويتمجد قديسوه معه. أما الذين ملكوا بدوننا (1كو4 :8)، فعادة لا يجدون أية لذة في سفر كهذا!

ثم ثالثاً، هو موجه للذين يعرفون أنهم غرباء ونزلاء على الأرض. هؤلاء هم المتلهفون للحبيب ويوقنون أن « الوقت قريب » ؛ طوبى لهم (ع3).

أما من يدرس هذا السفر لمجرد إشباع الفضول ومعرفة أحداث المستقبل فلن يستفيد حقاً منه.

وأخيراً يقول الرائي إنه عندما تلقي تلك الإعلانات العظيمة كان « في الروح في يوم الرب » ؛ اليوم الأول من الأسبوع. ونحن أيضاً، وإن لم يكن بوسعنا أن نكون فعلياً « في الروح » بالمعنى الذي كأنه يوحنا، فإنه يلزمنا أن نكون أدبياً وقلبياً في تلك الحالة وإلا فلن نتمتع بدروس هذا السفر النفيس.

طابع هذا السفر

سفر الرؤيا هو سفر نبوي (1 :3 و 22 :7، 10، 18، 19)، وبالتالي فإن التطبيق التاريخي لهذا السفر ليس صحيحاً.

والطابع العام المميز لهذا السفر هو القضاء والدينونة، تلك الدينونة المروعة التي ستنصب على العالم الرافض للمسيح بعد اختطاف الكنيسة. لكن الدينونة في هذا السفر، كما في كل الكتاب، ليست هدفاً في ذاته، بل هي وسيلة لهدف؛ يستخدمها الله لتنقية الأرض من الشر والأشرار لإعدادها لمُلك ربنا يسوع المسيح. وفي هذا قال رجل الله جون بلت : "الدينونة تنقي الكأس لكي يملأها المجد". وعليه فإن الرب الذي أُهين في هذا العالم، لابد أن يتمجد في نفس المشهد الذي فيه أُهين.

لكن وإن كانت الدينونة ليست هي هدف وغرض السفر، فإنها أيضاً ليست كل ما فيه. فهذا السفر يشير - ولو إشارات عابرة - إلى مركز الكنيسة السامي ؛ سواء في الحاضر (ص1 :5، 6)، أو في فترة الملك الألفي (ص21 :9-27)، أو في الأبدية (ص21 :1-8).

ثم أنه مليء أكثر من كل أسفار العهد الجديد بالتسبيحات، حتى أسماه أحد القديسين :كتاب تسبيحات العهد الجديد؛ التسبيحات المتزايدة في أصحاح 1 : 6 نجد تسبيحة ثنائية، وفي 4 : 11 تسبيحة ثلاثية، وفي 5 : 13 نجد تسبيحة رباعية، ثم في 7 : 12 نجد تسبيحة سباعية. .

كما أن كلمة " هللويا " لم ترد في كل العهد الجديد إلا في هذا السفر، حيث تذكر فيه 4 مرات في أصحاح 19. وليس فقط الهللويات بل فيه أيضاً نجد تطويبات سباعية (1 :3، 14 :13، 16 :15، 19 :9، 20 :6، 22 :7، 14).

ولا ننسي أن أول كلمة موجهة إلى الكنائس السبع هي « نعمة وسلام » . وآخر كلمة هي « نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميع القديسين » فما أمجد هذا؛ فحتى في مشهد الغضب والدينونة، من امتياز المؤمنين أن يتمتعوا بالنعمة والسلام!

مع كل هذا يظل الطابع القضائي هو الطابع الغالب على السفر. وتبعاً لذلك تُرى الكنيسة لا في امتيازاتها بل في مسئوليتها. لهذا لا يُذكر الاختطاف في هذا السفر صراحة، لأن الاختطاف كما يرى الكثير من الشراح أن العبارة التي وردت في رؤيا 12 : 5 تشير إشارة ضمنية إلى اختطاف الكنيسة.

والمسيح لا يُقال عنه اختطف بل صعد. فالقول إذاً أن الابن الذكر اختُطف إلى الله وإلى عرشه يتضمن اختطاف القديسين أنفسهم. وهو بلا شك أمر عميق المغزى أن يُري المسيح والكنيسة معاً؛ لا اثنين بعد بل واحداً. وهو نفس الاْمر الذي نجده في 1 كورنثوس 12 : 12 إذ يقول " كذلك المسيح أيضاً " مع أنه كان يشير إلى الكنيسة؛ إلى الجسد لا إلى الرأس! هو من أعمال النعمة وليس مرتبطاً بالمسئولية. ولذا نري في الأصحاح الأول مجيء الرب، لكن لا للكنيسة لاختطافها، بل للعالم للقضاء « هوذا يأتي ...وستنظره كل عين...وينوح عليه جميع قبائل الأرض » .

ولعله ملفت للنظر أن يستخدم الروح القدس يوحنا الحبيب، رسول المحبة، في كتابة هذا السفر المليء بالويلات المروعة التي ستنصب على الأرض. فيوحنا هو ذلك التلميذ الذي كان يسوع يحبه، والذي تحدث كثيراً عن المحبة سواء في إنجيله أو في رسائله، والذي نتيجة لشركته مع الرب كتب لنا عنه كمن أتي مملوءاً نعمة وحقاً. لكننا نراه هنا يتكلم عن أمر آخر، لا عن النعمة بل عن القضاء، ليس عن المسيح وهو هنا على الأرض كابن الله - كما في الإنجيل - بل وهو هناك في عرش الله كابن الإنسان، ليس عن المسيح كحمل الله الوديع (يو1 :29) بل كالأسد الذي من سبط يهوذا الخارج لينتقم لدمه ويدوس المعصرة وحده (رؤ5 :5، 14 :17-20). وهل من غرابة في هذا؟!

ألا يعلن الإنجيل أن « الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية. والذي لا يؤمن بالابن لن يري حياة بل يمكث عليه غضب الله » (يو3 :36)؟! كثيرون من المبشرين بالأسف يُهملون جانب الدينونة ولا يكرزون إلا بالخلاص. لكن الدينونة هي النصف الآخر من الإنجيل الذي نكرز به « من آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يُدن » (مر16 :16).

المسيح كالإنسان

يُذكَر الرب في هذا السفر كثيراً باسمه " يسوع "، إذ يتكرر هذا الاسم الجميل 14 مرة (2×7). ويبدأ السفر بالقول « إعلان يسوع المسيح » ويختم بصوت الرب قائلاً « أنا يسوع أرسلت ملاكي لأشهد لكم » . اسمه الحلو الذي عُرف به بين الناس لما عاش في الأرض هنا كإنسان كامل. وهذا السفر يقدم المسيح كالإنسان لسببين :

1- لأن الدينونة هي من أعماله كابن الإنسان، حيث أنه رُفض واحتقر من الإنسان بهذا الاعتبار، وهو ما يقوله يوحنا نفسه في يوحنا 5 :27 « وأعطاه سلطانا أن يدين أيضاً لأنه ابن الإنسان » . ويقول بولس « الله... أقام يوماً هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل برجل قد عيّنه » (أع 17 :31).

2- ولأن الرب سيملك على العالم باعتباره " ابن الإنسان " « فإنه لملائكة لم يُخضع العالم العتيد (أي الملك الألفي ) » ؛ بل إنه أخضعه لابن الإنسان (عب2 :5- 8).

والأمران السابقان نجدهما مرتبطين معاً في متى 25 :31 « متى جاء ابن الإنسان في مجده... فحينئذ يجلس على كرسي مجده (كالملك) ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض (كالقاضي )... ثم يقول الملك للذين عن يمينه... الخ » .

اللغة الرمزية في السفر

من الأهمية بمكان أن نلاحظ أن لغة هذا السفر هي لغة رمزية. وهو ما يؤكده الروح القدس من الآية الأولى ، عندما يقول « يُري عبيده ما لابد أن يكون عن قريب، وبّينه... » . وكلمة " بّينه " تعني حرفياً أظهره بآيات. هذا يعطي الطابع العام لهذا السفر.

ويمكننا أن نري هذه اللغة الرمزية في أمثلة عديدة وواضحة جداً :

فمثلاً عندما يقول في أصحاح7 :14 « غسّلوا ثيابهم، وبيّضوا ثيابهم في دم الخروف » واضح هنا أنه لا يمكن أن يكون هذا الكلام حرفياً.

وعندما يقول في أصحاح 3 :17 « إنك أنت.. فقير وأعمي وعريان. أشير عليك أن تشتري مني ذهباً مصفي بالنار لكي تستغني ... وكحل عينك بكحل لكي تبصر » واضح هنا أيضاً أن هذا الكلام يستحيل أن يكون حرفياً. فكيف للفقير أن يشتري الذهب ليستغني ؟ وكيف لكحل العين أن يمنح البصر للأعمى؟!

أو عندما يُطلب من يوحنا في أصحاح 11 :1 أن يقيس هيكل الله والمذبح والساجدين فيه؛ قد يكون من السهل عليه أن يقيس الهيكل والمذبح، لكن كيف له أن يقيس الساجدين؟!

أو عندما يقول عن المدينة المقدسة إن سوقها (شارعها) من ذهب نقي شبه زجاج شفاف (21 :21)، هذا أيضاً لا يمكن أن يكون حرفياً.

ويصرح الوحي أحياناً بأنه يستخدم اللغة التصويرية عندما يقول مثلاً عن امرأة الخروف (أي الكنيسة) « أُعطيت أن تلبس بزاً نقياً بهياً؛ لأن البز هو تبررات القديسين » (19 :8).

ليس معنى ذلك أن كل ما ورد في السفر مجازي أو تصويري . هناك قاعدة تفسيرية هامة وهي أنه إذا كان المعنى الحرفي مقبولاً، فلا ينبغي أن نأخذ معنى آخر إلا إذا وجدت قرائن قوية تؤيد ذلك. وعليه فالجراد الذي له وجه الرجال لا يؤخذ حرفياً، وكذلك الوحش الصاعد من البحر في رؤيا 13. لكن الأسباط الاثني عشر في رؤيا 7 تؤخذ حرفياً.

راجع الملحق : تساؤلات خارج المحاضرات؛ السؤال رقم 9 في رؤيا 9

مساعدات لفهم السفر

لقد طلب الرسول بطرس من القديسين أن ينتبهوا إلى « الكلمة النبوية » وأن يدرسوها. وعندما يقول الرسول « الكلمة النبوية » فهذا يعني أنها وحدة واحدة، وأن النبوة تفسر بعضها بعضاً. بلغة إشعياء النبي « هنا قليل، هناك قليل » (إش28 :10). كما طلب الرسول بطرس أيضاً أن يعرفوا هذا أولا « أن كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص » (2بط1 :20). وكلمة أولاً تفيد أنه قبل دراسة النبوة يجب أن نفهم هذا الأمر جيداً؛ فبواسطته يمكننا أن نفسر كل ما يستشكل علينا فهمه، في ضوء باقي الأجزاء النبوية.

وبالنسبة لسفر الرؤيا بالذات من المهم أن نلاحظ أن السرد فيه ليس دائماً استطرادياً، بل إن الوحي يعود من آنٍ إلى آخر ليبرز أشياء رأي الروح القدس أنها تحتاج إلى المزيد من الضوء. ولعل أوضح مثالين على العودة من جديد لإلقاء المزيد من الضوء على بعض الموضوعات الهامة أن الرائي في رؤيا 11 بعد أن وصل إلى ملك المسيح، بل وإلى زمان الأموات لكي يدانوا (بعد الألف السنة- رؤ20 :11)، فإنه رجع في الأصحاح الثاني عشر ليعطينا تفصيلات أدق في موضوع سبق إيجازه. ثم في رؤيا 21 بعد أن وصل إلى عتبة الأبدية في الأعداد الأولى من الأصحاح، فإنه رجع في ع9 ليلقي المزيد من الضوء على وصف المدينة السماوية في الملك الألفي .

كما ونلاحظ أيضاً أن هذا السفر تتخلله أجزاء اعتراضيه ليست في سياق الحديث. وسوف نذكر هذه الأجزاء الاعتراضية بعد قليل لتسهيل فهمه.

التقسيم السباعي للسفر

للرقم سبعة مكان بارز في هذا السفر، يطبعه بصورة واضحة، كما سنلاحظ من دراستنا له. ويمكننا أن نلخص السفر كله في سبعة سباعيات كالآتي :

1- السبع الكنائس :وهي تعطينا وصفاً نبوياً رائعاً لكل فترة وجود الكنيسة هنا فوق الأرض (رؤ2، 3).

2- السبعة الختوم :وهي تعطينا وصفاً دقيقاً لأحداث فترة مبتدأ الأوجاع؛ أي الثلاث سنين ونصف الأولى من السبع الأخيرة لأسابيع دانيال السبعين (رؤ5- 8).

3- الأبواق السبعة :وهي تعطينا وصفاً لأحداث فترة الضيقة العظيمة؛ أي الثلاث والنصف الأخيرة لأسبوع دانيال السبعين (رؤ 8- 11).

4- الشخصيات السبع :التي ستلعب أهم الأدوار في السبع سنين الأخيرة لتاريخ أزمنة الأمم، ولأسابيع دانيال السبعين (رؤ12، 13).

5- الأحداث السبعة :وهو ما أسميناه في المحاضرات بالرد الإلهي السباعي على تحركات الشيطان والوحش والنبي الكذاب، في فترة الضيقة العظيمة (رؤ 14).

6- الجامات السبعة :مجموعة الضربات الأخيرة والخطيرة التي تسبق ظهور المسيح مباشرة (رؤ15، 16)

7- الدينونات السبع انظر نظرة عامة على سفر الرؤيا" ص14. :أحكام الرب ودينوناته المختلفة في الفترة المسماة « يوم الرب » بداية من دينونة بابل، ولغاية دينونة الأموات أمام العرش العظيم الأبيض (رؤ17- 20).

الأجزاء الاعتراضية في هذا السفر

يوجد في السفر أيضاً سبعة أجزاء اعتراضيه (كطابع السفر السباعي ) وهي كالآتي :

1- الجزء الاعتراضي الأول في أصحاح 7 ورد بين الختم السادس والختم السابع، ويدور حول المخلصين في فترة الضيقة العظيمة من إسرائيل ومن الأمم.

2- الجزء الاعتراضي الثاني في أصحاح 8 :3- 5 بين مقدمة الأبواق السبعة وبين بداية ضرب الأبواق، عن صلوات القديسين في السماء.

3- الجزء الاعتراضي الثالث من رؤيا10 :1 إلى 11 :13 بين البوق السادس والبوق السابع، ويتكون من جزأين أساسيين :السفر الصغير (ص10)، والشاهدين (ص11 :1-13).

4- الجزء الاعتراضي الرابع (وهو أطول الأجزاء الاعتراضية كلها) من رؤيا 11 :19 لغاية رؤيا 15 :4 ويقع بين مجموعة الأبواق ومجموعة الجامات، وهو يتكون من ثلاث آيات في السماء كالآتي .

الآية الأولى :المرأة وابنها الذكر (رؤ11 :19 - 12 :17).

الآية الثانية :الثالوث الأنجس (الشيطان والوحش والنبي الكذاب)، أو الوحوش الثلاثة. :

الشيطان : التنين (رؤ12 :3-17)

الوحش : الوحش الطالع من البحر (رؤ13 :1-10)

النبي الكذاب : الوحش الطالع من الآرض (رؤ13 :11-18)

ثم في أصحاح 14 يأتي الرد الإلهي السباعي على هذا العدوان الثلاثي

الآية الثالثة :الواقفون على البحر الناري (رؤ15 :1-4)

5- الجزء الاعتراضي الخامس :رؤيا 16 :13-16 ويقع بين الجام السادس والجام السابع (هرمجدون).

6- الجزء الاعتراضي السادس :رؤيا 17 :1 إلى 19 :10، بين آخر أحداث سني الضيقة وظهور المسيح بالمجد والقوة من السماء ويشتمل على فكرتين أساسيتين :

دينونة بابل :رؤيا 17، 18

هللويا السماء وعرس الحمل :رؤيا 19 :1 - 10

7- الجزء الاعتراضي السابع :رؤيا 21 :9 إلى 22 :5 بين آخر الأحداث التاريخية ووصولنا إلى الأبدية، وبين ختام السفر، وموضوعه الخروف وامرأته.

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.