الأصحاح العشرون
من
ذا الذى يقدر أن يُعدد الويلات
والقلوب المحطمة؟ والأجساد
الذابلة قبل الأوان؟ والنفوس
الهالكة؟ نتيجة لعدم المبالاة
بالإنذار الوارد في افتتاحية
هذا الأصحاح!
1.
الخمر مستهزئة. والمُسكر عجّاج
ومن يترنح بهما فليس بحكيم.
ما من
رذيلة ابتُلي بها العالم؟ وخلفت
له قدراً كبيراً من التعاسة
والألم مثل إدمان الخمر. فإن
ضحايا الكأس يُحصوَن بمئات
الملايين؟ ومع ذلك فمازال
الشيطان لا يجد أدنى صعوبة في
استمالة الشبان الطائشين لكي؟
يطأوا يومياً تلك الطريق عينها
التي طالما أغوت تلك الحشود
الكثيرة للتلف والبوار.
للخمر -
كأي شيء خلقه الله - مكانها الخاص.
والكتاب نفسه يُقرّ بقيمتها
الدوائية وباستعمالها قانونياً
متى اقتضت الحال (1تي5). ولكن إذا
أُسئ استعمالها؟ فسرعان ما تصبح
شَركاً يحطم الإرادة ويتلف
الحياة.
«الخمر
مستهزئة»؟ تغرر بالشاب لإفساده؟
وتخدع الشخص الذي يزعم في فورة
اندفاعه أنه قادر أن يعبّ الخمر
منغمساً كما شاء؟ وأن يقلع عنها
ويعافها عندما يرغب. بل هنالك
بضع شخصيات من المؤمنين أغوتها
بنت الحان فجلبت عليها الحزن
والهوان. انظر نوح ولوط (تك20: 9؟21؟
19: 30-36). راجع أيضاً ملاحظات ص 23: 29-35.
2.
رعب الملك كزمجرة الأسد. الذي
يغيظه يخطئ إلى نفسه.
راجع 19: 12.
مكتوب «السلاطين الكائنة هي
مرتبة من الله» (رو13: 1) ومن هنا
ضرورة الإقرار بسلطانهم؟
والخضوع لكل ترتيب بشري من أجل
الرب (1بط2: 13). فمن يقاوم السلطان
يقاوم ترتيب الله؟ ويغيظ الملك
فيخطئ إلى نفسه؟ لأن غضبه ينصب
على المتمردين.
ونستطيع
أن نطبق الأقوال على ذلك الملك؟
الذي كل الملوك الآخرين هم رمز
وصورة له. فمن ذا يقيس قوة غضبه
يوم يجلس على كرسيه الملكي ليجري
الدينونة على من يزدري بنعمته؟
لقد اختبر حانون «غضب الملك» يوم
رفض معروفه (2صم10).
3.
مجد الرجل أن يبتعد عن الخصام
وكل أحمق ينازع.
راجع 17: 14.
شيء غريب تلك الكبرياء التي تجعل
الإنسان لا يعترف بخطئه؟ أو
يتراجع بالنعمة من أجل السلام؟
حتى لو أحس أنه على صواب؟ بشرط
عدم تعريض المبادئ الإلهية
للخطر. وفي هذا الصدد ما أحوجنا
إلى تلك الكلمة: «ليكن حلمكم (أو
خضوعكم) معروفاً عند جميع الناس»
(في4: 5). إن رجل الله على استعداد
دائماً للتسليم والتنازل عن
حقوقه؟ حتى لا يطيل الخصام. ولكن
الأحمق يستطرد في الخصومة؟
ويتدخل في أمور ماكان يجب أن
يساهم فيها؟ وهوذا رجل مثل
يوشيا؟ رغم أنه كان مكرساً؟
ولكنه فشل؟ لأنه لم يتعلم هذا
الدرس (2أي35: 20-24).
4.
الكسلان لا يحرث بسبب الشتاء
فيستعطي في الحصاد ولا يُعطى.
إن
الكسلان؟ وهو على استعداد لأن
يهجر عمله لأية علة؟ يهمل زراعة
حقله؟ بينما جيرانه دائبين على
العمل. فمتى جاء الحصاد؟ لا يعطى
حقله ثمراً؟ فيستعطي من جيرانه
الأوفر حظاً. والواقع أنه لا دخل
لما يسميه الناس "حظاً" في
هذا الأمر؟ فإن اجتهادهم له
مجازاة؟ كما أن تكاسلهم له
نتائجه الطبيعية (قارن 19: 15؟24).
5.
المشورة في قلب الرجل مياه عميقة
وذو الفطنة يستقيها.
راجع 18: 4.
قرأنا أكثر من مرة أن الأحمق
وحده هو الذي في صخب كثير؟ يصب
سيلاً من الأقوال في كل مناسبة (راجع
ص17: 27؟28و18: 7). لكن الأمر يختلف مع
الذكي؟ فأقواله قليلة ولا يتكلم
إلا في المناسبة؟ ليس لعدم
المعرفة الصحيحة أو القصور عن
التعليم؟ بل هو يفضل أن ينتظر
وقته. وهناك في أغوار قلبه؟ كما
في بئر؟ يخفي المشورة والحكمة
بسبب وقاره. قد يظنه الجهال أدنى
منهم؟ لكن ذو الفهم يقدر أن
يستقي ما هو للفائدة؟ وفي اللحظة
المناسبة. انظر يوسف وفرعون (تك41).
6.
أكثر الناس ينادون كل واحد
بصلاحه؟ أما الرجل الأمين فمن
يجده؟ 7. الصديق يسلك بكماله؟
طوبى لبنيه بعده. 8. الملك الجالس
على كرسي القضاء يذري بعينيه كل
شر. 9.من يقول إني زكيت قلبى تطهرت
من خطيتي؟ 10. معيار فمعيار مكيال
فمكيال كلاهما مكرهة عند الرب. 11.
الولد أيضاً يُعرف بأفعاله هل
عمله نقي ومستقيم؟ 12. الأذن
السامعة والعين الباصرة الرب
صنعهما كلتيهما.
واضح
أن بين كل مثل في هذا القسم
رابطاً أدبياً؟ لأن الأمثال
جميعها تتناول موضوع الطهارة
واختبارها. فأكثر الناس يعلنون
كل واحد استقامته وأفضاله؟ كما
فعل أيوب قبل أن يرى الرب. لكن
الرجال الأمناء الذين يبررون
الله - رغم كذب ادعاء الإخرين - هم
في الواقع قليلون. وأليهو شخصية
من هذا النوع؟ لأنه كان يتكلم
بالنيابة عن الله. فأيوب في
الأصحاحات من 29-31 يدافع عن نفسه؟
وأليهو في الأصحاحات 32-37 يبرر
الله.
أما
الرجل البار فعلاً (وقد صار هكذا
بالنعمة) فيعلن البر بسلوكه؟
وليس بمجرد إقرار شفتيه. وأولاد
مثل هذا الإنسان يُبَاركون بعده.
وإبراهيم مثل لامع لهذه الحقيقة
(تك17: 1-9).
وإن
كان هناك مَنْ هو عادل؟ فهو
الملك الذي يجلس على كرسي القضاء
ويذري بعينيه كل شر. ولكن حتى بين
هؤلاء (أو بين الناس بوجه عام) من
ذا يجسر أن يقول «إني زكيت قلبي؟
تطهرت من خطيتي»؟
إن
المعايير الغير المتعادلة شهادة
على انعدام الكمال من جانب
الكثيرين. وجميعهم أشرار في نظر
الرب. انظر ص16: 11 ولاحظ عدد 23 من
هذا الأصحاح
وحتى
في بالنسبة للولد؟ فإن طرقه
وأفعاله تفصح عن طبيعته؟ كما في
حالة صموئيل الصغير في الهيكل (1صم3: 18-21).
فماذا يقال عن المتقدمين في السن
وعليهم المسئوليات؟
واضح
إذاً؟ أنه ليس إنسان باراً في
ذاته. لكن الرب يمنح المتكلين
عليه؟ العين المبصرة؟ والأذن
المصغية؟ لكي يروا ويصنعوا
مشيئته ويسمعوا صوته. حيث أنه
عند التخلي عن الادعاء بالطهارة
الذاتية؟ فالذين يقبلون المسيح
يجدون في شخصه العزيز تلك
الطهارة.
13.
لا تحب النوم لئلا تفتقر. افتح
عينيك تشبع خبزاً.
انظر ع4؟
6: 9-11؟ 24: 33؟34. كثيرة هي
الإنذارات ضد التكاسل والرخاوة.
النوم يكسو الإنسان بالخرق
البالية؟ إنما العامل والمجتهد
هما اللذان يكافآن عن تعبهما. «استيقظ
أيها النائم وقم من الأموات
فيضيء لك المسيح» (أف5: 14)؟ هذه
كلمات منشطة يوجهها الروح القدس
للمؤمنين الذين ينامون في عالم
كان المفروض أن ينتبهوا فيه إلى
قيمة الوقت الذي يمضي عاجلاً «فانظروا
كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء
بل كحكماء مفتدين الوقت لأن
الأيام شريرة» (أف5: 15؟16). لقد
كانت الراحة وراء سقوط داود في
خطيته المحزنة (2صم 11: 1؟27).
14.
ردىء؟ ردىء يقول المشتري وإذا
ذهب فحينئذ يفتخر.
هذا
النوع من الخداع كم هو شائع! وهو
طابع البُطل الذي يميز المشتري.
فإنه يبخس السلعة التي يهفو
إليها قلبه ليبتاعها بأفضل
الشروط؟ وفي أخِر الأمر يصل إلى
الموافقة على الثمن الذي يعرضه؟
فيمضي إلى سبيله مبتهجاً بذكائه
ومهارته؟ فخوراً بقدرته على
الشراء بأسعار منخفضة. على أن
هناك عيناً أقدس من عين الإنسان
تنظر إليه وتلاحظ كل حركة وكلمة
وفكر؟ ويوم الحساب قادم سريعاً.
انظر أفرايم (هو12: 7؟8).
15.
يوجد ذهب وكثرة لآلئ. أما شفاه
المعرفة فمتاع ثمين.
إن
الذهب واللآلئ لا قيمة لها
بالقياس إلى الشفاه التي تحفظ
معرفة. فلا ثمن يمكن أن يُقوّم به
حق الله الثمين؟ تلك الحكمة
النازلة من فوق. (انظر 2: 1-5ومز119: 72
).
16.
خذ ثوبه لأنه ضمن غريباً ولأجل
الأجانب ارتهن منه.
راجع ص6: 1-5؟
11: 15. إن الخراب والدمار يتعقبان
خطوات من - بغير حكمة - يضمن آخر؟
أو من يتعامل مع المرأة الأجنبية.
أما طريق السلامة الوحيد فهو أن
يتبرأ الإنسان من كليهما. إن
مسايرة الزمن والناس؟ معناها
الترحيب بالهزيمة. لكن الذي
يستطيع أن يقول "لا" ويُصرّ
عليها حين يكون عرضة للانحياز
إلى أحد الجانبين؟ فهو وحده يكون
في أمان. ومن لا يسمع لابد أن
يختبر مرارة نفسه. انظر يهوذا (تك
38).
17.
خبر الكذب لذيذ للإنسان ومن بعد
يمتلئ فمه حصى.
إنما
إلى لحظة عابرة تنجح الخديعة.
أما نتيجتها التامة ففيما بعد.
وبدلاً من الوجبة اللذيذة
الدسمة؟ يمتلئ فمه بالحصى؟
الإمر القاسى والمخيب للآمال. (انظر
مت26: 14-16؟ 27: 3-5).
18.
المقاصد تثبت بالمشورة
وبالتدابير اعمل حرباً.
إن
الاندفاع والتهور أمران يؤسف
لهما. فقبل أن تبدأ عملاً؟ من
الأحسن أن تحسب النفقة؟ وتستشير
من يُعرف عنهم الحكمة والفطنة.
والرب؟ له المجد؟ توسع في هذا
المثل حين قال «وأي ملك إن ذهب
لمقاتلة ملك آخر في حرب لا يجلس
أولاً ويتشاور هل يستطيع أن
يلاقي بعشرة آلاف الذي يأتي عليه
بعشرين ألفاً. وإلا فما دام ذلك
بعيداً يرسل سفارة وليسأل ما هو
للصلح» (لو14: 31؟32). انظر رحبعام
وشمعيا (2أي1: 11-4).
19.
الساعي بالوشاية يفشي السر. فلا
تخالط المفتح شفتيه.
راجع
ملاحظاتنا عن 11: 13و18: 8 و25: 23. إن
ذاك الذي يتملق في الوجه يشي في
الظَهر. وبالأقوال الملساء
والأساليب الملتوية يحاول أن
يكسب ثقة فريسته؟ مظهراً
استحسانه؟ وهكذا يطلق لسانه من
عقاله حتى يتحدث بأمور كان من
الأصوب احتجازها. وبعد ما خادعه
واكتشف ما في قلبه؟ يذهب للآخرين
ويصب في آذانهم ما عرفه؟
ويتملقهم بنفس الأسلوب؟ موحياً
لهم بأنهم الوحيدون الذين يفضي
إليهم بتلك المعلومات. هل من
أخلاق أدعى للمقت والاحتقار من
هذه؟ وإذ يتجرد مثل هذا الشخص من
المبدأ الأدبي ومن التقوى؟ فإنه
إذا ما وجد في وسط جماعة مسيحية
فإنه يكون مصدر مساوئ لا يعبّر
عنها. والخطة المأمونة هي الرفض
القاطع للاستماع إلى هذا "المفتح"
أو "المتملق بشفتيه". وإذ
ذاك نخلص من أحزان كثيرة. فإن
الشخص الذي يمتدح المستمع إليه
بينما هو يشي بآخر؟ خليق بأن
نعامله بالروح التي أظهرها داود
إزاء الرجل العماليقي الذي
أبلغه خبر موت شاول (2صم1: 1-16).
20.
من سب أباه أو أمه ينطفئ سراجه في
حدقة الظلام.
راجع 19: 26.
صحيح أنه ليس كل الآباء كاملين
في طرقهم؟ على أنهم – نظير
السلطات المدنية – جديرون
بالكرامة من أجل عملهم. هم
يأخذون مكان الله بالنسبة
للأولاد. فإكرام الأب والأم؟
إكرام لله الذي خلقنا ونظّم قيام
العائلات؟ وأسكنها في وحدة في
بيت. ولذلك فمن يسبّ أبويه سيجد
نوره قد انطفأ؟ ونفسه قد طواها
الظلام. حتى ولو ظهر فشل الأم أو
الأب؟ فإن الابن الحكيم يعمل على
ستر عارهما؟ وإنما الابن الغبي
هو الذي يذيع فضيحتهما. وهكذا
كان حام (تك9: 22).
21.
رُب مُلْك معجل في أوله. أما
آخرته فلا تُبارَك.
انظر 21: 6
و28: 20. إن الكنز المكدس على حساب
الضمير والشرف؟ لا يؤتي إلا
قليلاً من العزاء. لأن بركة الرب
التي «تغني ولا يزيد معها تعباً»
لا تكون على ذلك الكنز «حجلة
تحضن ما لم تبض محصل الغنى بغير
حق. في نصف أيامه يتركه وفي آخرته
يكون أحمق» (إر17: 11). وأولئك
الذين يعقدون العزم أن يجمعوا
ثروة مهما تكن الكلفة؟ سيتعلمون
بمرارة النفس أنهم أخطأوا الكنز
الحقيقي الدائم الذي يمكن أن يهب
القلب شبعاً وسروراً في اقتنائه.
اقرأ كلمة الله للأغنياء الذين
جمعوا ثرواتهم بمقاومة الفقراء (يع5: 1-6).
22.
لا تقل أني أجازي شراً. انتظر
الرب فيخلصك.
ليس
أشق على بعض المؤمنين من أن
يتعلموا كيف يستودعون الرب كل
شئونهم؟ وبخاصة حينما يشعروا
أنهم مظلومون. بيد أنه واضح من
الكتاب المقدس أن القديس لا يفعل
خطية أعظم من أن يتناول مسائله
بمثل الطريقة التي يشير بها
العدد الذي أمامنا. فليس أوضح من
الوصية القائلة «لا تجازوا أحدا
عن شر بشر... لا تنتقموا لأنفسكم
أيها الأحباء بل اعطوا مكاناً
للغضب لأنه مكتوب لي النقمة؟ أنا
أجازي؟ يقول الرب» (رو 12: 17-19).
إذاً؟ محاولة مقابلة الشر
بالشر؟ إزاء أقوال كهذه؟ إنما هو
تمرد مباشر ضد الله؟ ولا عجب أن
نكون بهذا قد جعلنا من الكلمة
ثوباً كله رقع! أما القديس الذي
يعترف بأن كل شيء هو بسماح الرب
ولخيره؟ فيحني رأسه أمام
العاصفة؟ عالماً أن الله على
استعداد للتدخل في اللحظة
المناسبة. فإن الانصراف عن
الإنسان الذي أحزننا؟ واهتمامنا
بأن نرى من خلف هذه العاصفة أن
مقاصد أبينا تتم؟ هذا يمنح راحة
وعزاء للنفس المجرّبة. وهذا
الخلق هو الذي صان داود حين كان
شمعي بن جيرا يسبّه ويرشقه
بالحجارة (2صم16: 5-12). إن القصة
كلها من رقة العاطفة بحيث يعز
عليّ إلا أن أقرأها جميعاً
وبخاصة هذه الكلمات الفاحصة من
فم داود المجرَّب؟ التي تنبئ عن
نفس متذللة تعرف مكانها أمام
الله «دعوه يسب لأن الرب قال له
سب داود» ثم قوله فيما بعد «دعوه
يسب لأن الرب أمره». اقرأ 2صمموئيل
16: 5-12.
وإني
أشك في أن يكون داود في كل تاريخه
الروحي قد وصل إلى مستوى من
الثقة المقدسة في الله أرفع من
هذا المستوى وهو في أعمق تجربة.
فإن سباب شمعي المليء بالحقد؟
وعلى قارعة الطريق؟ وفي فترة
حزينة كهذه؟ لابد أنه طعن روحه
بجراح أليمة. لكنه أحنى رأسه
خضوعاً. وعوض أن ينتقم من شمعي أو
يبرر ذاته من اتهاماته؟ سار في
طريقه في ثقة الخضوع؟ وعلى فمه
قولة كريمة «دعوه يسب» لأنه تقبل
الكل من الرب نفسه.
لم يكن
شمعي سوى أداة سلّطها الشيطان؟
لكن بسماح الرب؟ وذلك لتأديب
داود. وهو ينظر إليه من هذه
الزاوية ويغض الطرف عن العلل
الثانوية ناظراً للعلة الكبرى؟
الرب نفسه. هذا شيء مبارك جداً؟
وليت كل قديس مجرّب يحتذي هذه
القدوة.
وقد
جاء اليوم الذي تذلل فيه شمعي
عند أقدام الرجل الذي أشبعه
سباباً؟ وأقرّ على مسمع من
الجماهير بأنه أخطأ «لأن عبدك
يعلم أني قد أخطأت» (2صم19: 16-23)؟
وماذا كان من داود؟ لقد امتدح
حلمه الملكي في المغفرة؟ وتلك
نصرة أعظم من نصرة الانتقام. على
أنه فيما بعد؟ طبقاً لسياسة الله
العادلة؟ حكم عليه بالموت من أجل
خيانته التي اتصف بها؟ وذلك في
أيام سليمان. ومكتوب «وأما
الظالم فسينال ما ظلم به وليس
محاباة» (كو3: 25). وفى ضوء ما تقدم
فلا دخل لي بالقضاء؟ وليكن دورى
هو الخضوع لكل طرق الله
والاعتراف بأن يده في كل ما
يزعجني.
23.
معيار فمعيار مكرهة الرب.
وموازين الغش غير صالحة.
انظر ع10.
إن المعايير المختلفة هي
اختبارات منوعة لأشياء متخالفة
بحسب علاقتها بالإنسان. لكن
المسيحي يجب أن يتصف بقياس واحد
من البر؟ بميزان صادق؟ بمعايير
أمينة. نحن غالباً ما نجد الناس
يطبقون هذه المعايير المتنوعة
في قياس أخلاق بعض الأشخاص. نبرر
الغلطة إذا صدرت منا؟ ونحكم
عليها الحكم القاسي إذا صدرت من
غيرنا. ولكن الغلطتين توزنان في
موازين القدس بمعايير واحدة.
والله يريد أن تكون موازيننا على
نمط موازينه؟ أما العكس فمكرهة
عنده. اقرأ عن نصف الشاقل (خر30: 15).
24.
من الرب خطوات الرجل. أما
الإنسان فكيف يفهم طريقه؟
يقرّ النبي إرميا بهذه
الحقيقة الخطيرة ذاتها «عرفت يا
رب أنه ليس للإنسان طريقه؟ ليس
لإنسان يمشي أن يهدي خطواته».
ولذلك نسمعه يقول «أدّبني يارب
ولكن بالحق؟ لا بغضبك؟ لئلا
تفنيني» (إر 10: 23؟24). أما فيما
يختص بنا فيمكن أن يقال لنا «إنكم
لم تعبروا هذا الطريق من قبل»؟
وهي حقيقة تنطبق على كل خطوة من
رحلتنا في هذا العالم. ففي كل يوم
ندخل مشاهد جديدة واختبارات
جديدة؟ ومن هنا حماقة الاعتماد
على حكمتنا القاصرة في محاولة
فهم طريقنا. واحد هو الذي يعلم
النهاية من البداية؟ وعنده الكل
حاضر أبدي؟ فمن غيره يهدي
خطواتنا؟ إذاً؟ فطوبى للمؤمن
الذي يسلم للرب كل طرقه؟ ويغني
بقلب واثق ونفس مستريحة راحة
مقدسة «في يدك أوقاتي». ولمثل
هذا قال الرب «أعلمك وأرشدك
الطريق التي تسلكها؟ أنصحك. عيني
عليك» (مز32: 8). على أن هذه
القيادة اليومية إنما هي نصيب
المؤمن الخاضع الطائع. أما
الآخرون فلابد أن يختبروا قيادة
أخرى؟ هي لجام وزمام الظروف
والضيقات. انظر إسرائيل عند
الأردن (يش3: 4).
25.
هو شرك للإنسان أن يلغو قائلاً
مقدس وبعد النذر أن يسأل.
الإشارة
هنا – كما يبدو – تتجه إلى أمرين
مرتبطين معاً؟ ينطويان على تهكم
جارح قُصِد به التأثير على
الضمير. فالتسرع في القول عن شيء
أنه مقدس قبل الفحص والسؤال؟ ثم
التعهد بنذر عن أمر ما يُسأل عنه
فيما بعد؟ هذان أمران من الحماقة
والخطر؟ يتخلف عنهما حزن وتعب.
وفي موضع آخر يتحدث سليمان عن
هذه الغلطة بالذات في جامعة 5: 4-7.
إن
عادة النذور تتعارض تماماً مع
روح التدبير المسيحي الذي تملك
فيه النعمة. فتحت الناموس كان
ممكناً للإنسان أن يتعهد بمثل
هذه التعهدات؟ يوم كان الله يطلب
من الإنسان شيئاً. وقد كان نذر
بولس نذر النذير؟ قطعه على نفسه
قبل تجديده (أع18: 18). ومن الأهمية
بمكان أن يستوثق الناذر من أن
تعهده أو نذره بحسب فكر الله؟
وذلك قبل تنفيذه. وبهذه المناسبة
انظر نذر يفتاح المتسرع ونتائجه
المريرة (قض11: 30-40).
26.
الملك الحكيم يشتت الأشرار
ويدير عليهم النورج.
لم
يتثبت عرش من العروش في سلام مع
انتشار الأثمة والظالمين بين
الشعب. فمن الضروري إذاً لصون
المجتمع؟ وسلام الأبرار؟ كما
ولاستقرار الحكم؟ أن يباد أولئك
المقاومون. ولذلك فإنه قبل إقامة
الملكوت الألفي سوف يُقتَلع
الأشرار من الأرض (انظر إش 63؟ رؤ19).
27.
نفس الإنسان سراج الرب يفتش كل
مخادع البطن.
روح
الإنسان ليس مجرد نفخة بلا شخصية.
مكتوب أن الرب هو «جابل روح
الإنسان في داخله» (زك12: 1).
فبالروح يقدر أن يفكر ويخطط؟ وأن
يزن الوقائع والأدلة؟ وأن يدرك
الأشياء المادية والأمور
الروحية. «لأن مَنْ مِن الناس
يعرف أمور الإنسان إلا روح
الإنسان الذي فيه؟» (1كو 2: 11).
وواضح هنا أن الروح هو مركز
الفهم والادراك. فهل من الصواب
إذاً استبدال "روح" بكلمة
"نفخة" في أي عدد من هذين
الاقتباسين؟ ليقال فيهما أن
الله جبل نفخة أو نسمة الإنسان
كشيء له ذاتية في داخله؟ وأنه
بواسطة هذه النفخة أو النسمة
يدرك الأمور الخاصة به؟ وبرغم ما
يدعيه السفسطائيون ضد الكتاب؟
فواضح أنه يعلِّم بشخصية أو
ذاتية روح الإنسان.
يقال
عن الروح هنا سراج الرب؟ ولا
يقال نور الرب. فالسراج (أو
المصباح) هو الآنية التي تحمل
النور المنبثق من الله؟ وهو من
الله فروح الإنسان تتقبل النور
وتحفظه؟ فتنير كل جزء من كيانه
الأدبي؟ وهذه الخاصية هي التي
تميزه وتمنحه الأولوية والسيادة
على كل الخلائق الدنيا. فما أوسع
الشقة القائمة بين أدنى أنواع
الإنسان بما له من كفايات
ومقوّمات النور الإلهي؟ وبين
أرقى أنواع الحيوان التي لابد أن
تبقى إلى الأبد بلا حس أو وعي
للتعليم الروحي!
إن
البدائي الهمجي الممعن في
البدائية؟ يتلمس الله لأن روحه
سراج الرب؟ مهما يكن ضئيلاً
النور الذي يضئ. لكن خذ الحيوان
ودرّبه إلى أسمى نقطة في الذكاء
الحيواني؟ فإنه لا يُظهر أي
تقدير للمسئولية إزاء الخالق؟
أو إحساس للمدارك الروحية. هذه
الحقيقة تكفي وحدها لأن تهدم إلى
الأبد نظرية التطور كما ينادي
بها داروين وهكسلي؟ والتي
يتقبلها بشغف كثيرون ممن هم على
استعداد لأن يركضوا وراء ما يبدو
جديداً؟ خاصة إذا بدا من هذا
الجديد أنه يُقصي الله من الكون
الذي هو له.
وعن
طريق الروح يكلم الله الإنسان.
وبه يسكب نوره في كل مخدع في
كيانه. وهذا هو ما ينشيء الإحساس
بالحاجة إلى الله والحنين إليه.
لأنه في الحالة الطبيعية «ليس من
يطلب الله». ولكن عندما تقبل
النفس شهادته وتنحني أمامه
بالتوبة؟ فإن روحه القدوس؟ من
خلال كتاب الحق؟ «يشهد لأرواحنا
(أو مع أرواحنا) أننا أولاد الله».
انظر إيليا والصوت المنخفض
الخفيف (1مل19: 11-13).
28.
الرحمة والحق يحفظان الملك
وكرسيه يسند بالرحمة.
رأينا
في ع26 أن حكمة الملك أن يجري
الحكم على أعدائه. وهنا يذكرنا
الوحي بالجانب الآخر من سماته.
فإن عرشه يستقر على البر؟ لكن
الرحمة هي التي تسنده. فالرحمة
والحق ضروريان. نعم. فإن «النعمة
والحق بيسوع المسيح صارا»؟ وحين
يملك سيتجلى الاثنان في كمال تام
(إش32).
29.
فخر الشبان قوتهم وبهاء الشيوخ
الشيب.
انظر 16: 31.
لكل شيء زمان ووقت؟ سواء في
النظام الطبيعي أو في تدبير
النعمة. فالشاب يسرّ بأعمال
القوة ويفتخر بعنفوانه البدني.
لكن الشيخوخة هي زمن التأمل
والوقار؟ وهذا ما تذكرنا به
الشيبة التي هي في الواقع جميلة
بهية في مكانها. والرسول يوحنا
يتناول في رسالته الأولى
الأفكار عينها من زاوية روحية.
فالأحداث عنده هم الأقوياء في
الإيمان؟ وكلمة الله ثابتة
فيهم؟ وقد غلبوا الشرير. أما
الآباء فلا يزيد في كتابته إليهم
عن القول «قد عرفتم الذي من
البدء». فإن معرفة المسيح
الاختبارية هي التي تزداد سعة
وعمقاً بمرور السنين (1يو2: 13؟14).
30.
حُبُر جرح منقية للشرير وضربات
بالغة مخادع البطن.
قد
يحتاج الأمر عند علاج حالة
التسمم إلى زيادةفي الألم
والوجع. والجرّاح الماهر لا يعنى
دائماً بشفاء الجرح فوراً. فهناك
في الغالب التهابات غاية في
الإيلام ولكن نتيجتها حسنة. هكذا
الحال في معاملات الله؟ حينما
يتساهل أولاده مع النجاسة؟ فقد
توضع عليهم ضربات وأحزان. الغرض
منها أن يتطهر كيان الإنسان من
كل شر مستتر؟ وذلك بواسطة الحكم
على الذات؟ والاعتراف الكامل في
حضرته. إن الكاتب المجهول الذي
كتب مزمور المرحضة؟ ليس هو
الوحيد الذي استطاع أن يقول «قبل
أن أذلل أنا ضللت؟ أما الآن
فحفظت قولك» (مز119: 67). فكما أنه
ليس بحكيم ذاك المريض الذي يعارض
الطبيب في محاولات تنظيف الجرح
من الشوائب التى يمكن أن تعطل
الشفاء الفعّال؟ والتي إن بقيت
يمكن أن تتسبب فى حالة تسمم كلي؟
هكذا المؤمن الجاهل هو الذي يضجر
تحت يد الآب المؤدبة ويحاول أن
يتخلص من الضربات عوض أن «يسمع
للقضيب ومن رسمه» (مي 6: 9).
الأصحاح الحادي والعشرون
إن
الحقيقة الكبرى التي حاول
دانيال النبي أن يؤثر بها على
ضمير بيلشاصر الكافر؟ في الليلة
الأخيرة من ملكه في بابل؟ هي
التي يستعرضها العدد الأول من
أصحاحنا هذا؟ مع فارق بسيط في
أسلوب العرض. فقد حاول دانيال
جاهداً أن يحمل الملك الكلداني
على الاعتراف بأن الله هو «الذي
بيده نسمتك وله كل طرقك»؟ لكن
الملك لم يشأ أن يتواضع. وهنا
نسمع القول:
1.
قلب الملك في يد الرب كجداول
مياه حيثما شاء يميله.
انظر 20: 24.
فما من ملك؟ مهما عظم؟ يستطيع أن
يعمل بالاستقلال عن الله. وسواء
اعترف أم لم يعترف؟ فإن الرب
يسيطر عليه كما يتحكم في سير
جدول الماء. ذاك الذي «في
الزوبعة وفي العاصف طريقه»
يستطيع أن يجعل غضب الإنسان
يحمده؟ أما بقية ذلك الغضب
فيحجزها. وسفر استير هو التطبيق
العملي لهذه الحقيقة؟ وعلى وجه
خاص الأصحاح السادس (1-10). كما أن
كلام الرب لكورش من قبل أن يولد؟
مثل آخر (إش45: 1-7).
2.
كل طرق الإنسان مستقيمة في عينيه
والرب؟ وازن القلوب.
انظر 20: 6.
لعل تبرير الذات هو أكثر الخطايا
البشرية ذيوعاً. فالناس يبررون
ذواتهم ويتسامحون مع أنفسهم
فيما يدينونه في الآخرين بعنف
وصرامة. لكن الرب يلاحظ القلب
ويرى الكبرياء التي تنخر كالدود.
لأنه ليس من يمدح نفسه هو المزكى
بل من يمدحه الله. يقول بولس في 1كورنثوس4: 4
«فإني لست أشعر بشيء في ذاتي
لكنني لست بذلك مبرراً. ولكن
الذي يحكم فيّ هو الرب».
3.
فعل العدل والحق أفضل عند الرب
من الذبيحة.
لقد
كان شيئاً عادياً عند الناس أن
ينسوا أن الذبائح والتقدمات لم
تكن لتسر الله طالما انعدمت
الاستقامة. فإنه دائماً أبداً
يضع البر والاستقامة فوق
الفرائض الطقسية. وكم من مرة وبخ
سيدنا الفريسيين على اهتمامهم
بالتفاصيل الطقسية بينما كان
يعوزهم العدل والحق. وتلك هي
كلمته «أريد رحمة لا ذبيحة».
وإشعياء يعلن نفس الحق؟ أي ضرورة
إظهار البر؟ وهو يوازن بين
الأصوام الطقسية وبين ما يسرّ به
الرب (إش5: 5-14). انظر كلمة صموئيل
لشاول (1صم15: 22).
4.
طموح العينين وانتفاخ القلب نور
الأشرار خطية.
طالما
يُصِر الإنسان على تمرده ضد
الله؟ فلن يفعل شيئاً مقبولاً
لديه. وليست العيون المتعالية
والقلب المتكبر هي وحدها شر؟ بل
حتى ما يبدو حميداً لدى الناس؟
وهو ما يعبَّر عنه بالنور؟ هو
أيضاً خطية مادام الإنسان يأبى
أن ينحني قدام الله نادماً.
فلو أن
إحدى الولايات أو المقاطعات
تمردت على حاكمها الشرعي؟ وأخذ
المواطنون فيها ينفذون أموراً
كثيرة نافعة؟ لكنها تبقى موسومة
بطابع التمرد؟ فلا يمكن
اعتبارها صواباً. ولكن حينما
يلقون بأسلحتهم عند أقدام
الحاكم ويعترفون بسلطانه؟ فإن
نفس المهام التي أخذوا على
أنفسهم إتمامها تنال رضاه. وهكذا
الحال مع الإنسان البعيد عن
الله؟ ومع أولئك الذين يتحولون
إليه بقلب منسحق. انظر وصف الروح
القدس لإسرائيل بعد أن رفضوا
مسيح الله (رو10: 1-3).
5.
أفكار المجتهد إنما هي للخصب وكل
عجول إنما هو للعوز. 6. جمع الكنوز
بلسان كاذب هو بخار مطرود لطالبي
الموت. 7. اغتصاب الأشرار يجرفهم
لأنهم أبوا إجراء العدل.
إن
الغنى المحصل بالأمانة والكد
يُسِر ويشبع صاحبه. لكن جامع
الثروة العجول؟ بالكذب
والخديعة؟ مضافاً إليهما في
الغالب الاغتصاب؟ يجلب على نفسه
حزناً وعاراً. قد يمتلك إنسان
مخازن من الذهب والفضة لا حد
لها؟ لكنه يكون تعيساً؟ نظير ذلك
البدوي الذي وهو يحتضر جوعاً؟
وجد في طريق إحدى القوافل حقيبة؟
ولما أخذ يفتحها في نهم وشغف
لعله يجد فيها شيئاً من التمر؟
إذا باليأس يحطمه حتى بكى قائلاً
"ليس بها سوى لآلئ"! كانت
تلك الجواهر تقدَّر بآلاف
الجنيهات؟ ولكنها عجزت عن أن
تطعم متضوراً يهلك جوعاً. هكذا
الأمر مع الثروة المحصلة بطرق
غير شرعية؟ إنها لا تُشبع؟ ومن
يقتنيها يكون في حالة الفقر
المدقع. وحياته لن تكون سوى
دورات من التعذيب والخيبة؟ وفي
آخر الأمر يترك للأنين القديم «الكل
باطل وقبض الريح». انظر جامعة5: 1-17.
8.
طريق رجل موزور هي ملتوية وأما
الذكي فعمله مستقيم.
إن طرق
المجرم المذنب ملتوية مثل
الحية؟ ولا ريب في أنه يوجد خطأ
مقصود وشرك من وراء كل سبيل
ملتوية؟ لذلك هو يكثر من
الاعتذار والتعليلات. أما
السائر مع الله فإنه فوق كل
تعيير؟ لأنه ينفر من كل صور الشر.
أجل؟ إن من يعمل الطاهر
والمستقيم حياته مثل كتاب مفتوح
يفسر نفسه؟ يغلق أفواه الجميع؟
حتى أعدائه. وكان دانيال من هذا
الصنف؟ فلما حاول الوزراء
والمرازبة؟ أن يجدوا عليه علة من
جهة المملكة «لم يقدروا أن يجدوا
علة ولا ذنباً لأنه كان أميناً
ولم يوجد فيه خطأ ولا ذنب» (دا 6: 4)
وآخاب مثل خطير على التواء طريق
المذنب (1مل16: 32).
9.
السكنى في زاوية السطح خير من
امرأة مخاصمة وبيت مشترك.
انظر ص19: 13.
طوبى للأسرة التي يُعترف فيها
بترتيب كلمة الله من حيث الروابط
المتعددة التي تربطهم معاً. فإن
كان الزوج يفي زوجته حقها من
الخير؟ وإذا تحلت الزوجة بزينة
الروح الوديع الهادئ؟ فمن
المحقق أن يكون الأولاد في خضوع؟
ويكون البيت صورة حلوة لذلك
البيت الأبدي الذي ننتظره. ولكن
حيث تسعى المرأة المشاغبة أن
تسيطر؟ ولا تقنع إلا بتنفيذ
رأيها في كل شيء؟ فهي حالة مقبضة.
وزاوية السطح الهادئة عندئذ خير
من الإقامة مع امرأة كهذه. ومرة
وجد أيوب وداود الأمر هكذا (أي2: 9؟10؟
2صم6: 20-23).
10.
نفس الشرير تشتهي الشر قريبه لا
يجد نعمة في عينيه.
نحن
عادة نجد في الآخرين ما نبحث عنه.
فالذي يطلب في قريبه صلاحاً
وفضيلة؟ من المحقق أن يجد بعض ما
هو خليق بالمدح؟ ومن يجول
ملتمساً الشر سيجده في معظم
الناس الذين يحدق النظر فيهم؟
ولن يجد أحد نعمة في عينيه حتى لو
كان أرقى وأسمى منه. ومن هذه
العينة سنبلط (نح6: 5-9).
11.
بمعاقبة المستهزئ يصير الأحمق
حكيماً. والحكيم بالإرشاد يقبل
معرفة.
إن
إطلاق العنان لمن يقاوم الحق
يُعزز مركزه في عيني الجاهل.
لذلك لنا القول «الذين يخطئون
وبخهم أمام الجميع لكي يكون عند
الباقين خوف» (1تي5: 20). هم عرضة
للنفور من التقويم؟ غير أن هذا؟
إنما يؤكد الحاجة إليه؟ لأن
الحكيم يستفيد من التعليم ويقبل
معرفة. انظر نتيجة توبيخ بولس
لعليم الساحر وقارنه بمقاومته
لبطرس وبرنابا (أع13: 8-13؟ غل 2: 11-16).
12.
البار يتأمل بيت الشرير ويقلب
الأشرار في الشر.
أعتقد
أن الإشارة هنا إلى نصرة البار
النهائية على الأثمة. فإن البار
لا يتضايق ولا يقلق حينما يرى
نجاح الأشرار في الوقت الحاضر؟
فهو يعلم أن أفراحهم جوفاء؟
وأيام افتخارهم قليلة؟ وقريباً
سيدوسهم لأنه هكذا رتب الله. على
أن هذا العدد أيسر فهماً لدى
اليهودي منه لدى المسيحي؟ لكنه
صحيح على أية حال. فإن الإثم لا
يزدهر طويلاً. فالبار سيهدم
ويقلب بيت المستسلمين للشر؟
وحتى "ياهو" يمكن أن يكون
أداة في يد الله لإتمام ذلك (2مل9).
13.
من يسد أذنيه عن صراخ المسكين
فهو أيضاً يصرخ ولا يستجاب.
في ص19: 17
توكيد الرب لمن يعطف على الفقير
بأنه يردّ له ويجازيه. وهنا نرى
العكس؟ فالشخص الذي لا يصغي إلى
صراخ المحتاج؟ سوف يصرخ في وقت
الحاجة ولا يُسمع له. على أن
البائسين والمكروبين يجدون في
الله الذي خلقهم الصديق الأمين.
فإن اهتمامه حقيقي؟ يلاحظ كل ما
يعمل لهم وما يعمل ضدهم؟ وبخاصة
إذا كانوا من أهل الإيمان. اقرأ
عن دينونة الأمم (مت25: 31-36).
14.
الهدية في الخفاء تفثأ الغضب
والرشوة في الحضن تفثأ السخط
الشديد.
لا شيء
يطفئ البغضاء والسخط مثل فعل
الخير للشخص الذي ينوي على
السوء؟ بشرط أن يكون بهدوء وبلا
ندامة؟ حتى لا يعلم الآخرون
بأمره. إذ أنه من الخطأ ذكر العمل
الطيب وتقديمه علناً؟ حيث قد
يؤخذ على أنه تصنُع لا حقيقة
ويقصد به الخديعة. لكن ما يجري
بين طرفين سراً لا يمكن تأويله
أو تحريفه إن لم يعرفه الآخرون.
وهكذا حاول يعقوب أن يحوّل غضب
يوسف عن اخوته الذين كانوا قد
أساءوا إليه (تك43: 11-14).
15.
إجراء الحق فرح للصديق والهلاك
لفاعلي الإثم. 16. الرجل الضال عن
طريق المعرفة يسكن بين جماعة
الأخيلة.
حينما
يكون الإنسان باراً فإنه يُسرّ
بالبر؟ بينما الظالم يعتقد أن
العدالة الأدبية قد تؤدي إلى
التلف والخراب. خذ واحداً من
رجال الأعمال؟ تعلم كيف يرتب
أموره بالكمال والأمانة جهراً
وسراً. فالانحراف عن مثل هذه
المبادئ يكون في عينيه أليماً؟
وينشيء له أحزاناً وأوجاعاً.
ولكن كم من أشخاص يأخذونها قضية
مسلّمة أن النجاح في ميادين
العمل لا يمكن أن يلازم التمسك
بالحق والاستقامة. وإن أنت حاولت
أن تتصرف هكذا تبدو في نظرهم
منحدراً في طريق الخسارة.
والشاب
المقدم على الحياة العملية عرضة
للتأثر بهذه الفكرة الشريرة
الباطلة. بينما نرى في اختبارات
الجماهير العديدة من الناس ما
يعزز شهادة الكتاب؟ أن النجاح
الحقيقي الوحيد إنما ينشأ من
المعاملة العادلة. ومَن يضل عن
طرق الحكمة الصحيحة يبقى في
جماعة الموتى. لأن «المتنعمة
ماتت وهي حيّة» (1تي6: 5)؟ فلا يمكن
التمتع بالحياة؟ الجديرة بأن
تسمى حياة؟ إلا لأولئك
المستقيمين الذين جعلوا الرب
أمامهم في كل حين. انظر يهوذا
الإسخريوطي في أعمال 1: 18.
17.
محب الفرح إنسان معوز. محب الخمر
والدهن لا يستغني.
إن المسرف(محب الفرح)؟
والمنغمس في الملذات (محب الخمر
والدهن)؟ ليسا في طريق الثروة
والراحة للمستقبل. أما الشخص
المقتصد والذي ينكر نفسه؟ فإنه
بالاعتناء والتدقيق؟ يمهد لنفسه
السبيل إلى ظروف ميسرة في سنواته
القادمة. لكن الشاب الذي يقضي
أوقاته في الحماقة؟ ساعياً وراء
ملذات مُريبة وسط زمرة غير
حكيمة؟ إنما يختزن لمستقبله
التعاسة والعوز. ذاك الذي يُشبع
شهيته بالأطعمة الدسمة الكثيرة
النفقات في شبابه؟ عرضة لأن
ينتهي به الحال إلى حياة خشنة في
شيخوخته. بينما أولئك الذين
كانوا من الحكمة بحيث تخلوا عن
الإسراف في شبابهم الباكر؟ سوف
يكونون على مدى السنين في مركز
يمكنهم من الاستمتاع بما أدخروه
بواسطة الجهد الدائب والاعتناء
والتدقيق. أما الشخص الذي يحب
الحماقة والملذات في تطرف
وإسراف؟ فهو عرضة لأن يصل مسرعاً
إلى الأعماق التي غرق فيها الابن
الضال (لو15).
18.
الشرير فدية الصديق ومكان
المستقيمين الغادر.
هذه
عدالة أصيلة. ولكن منذ أُعلنت
النعمة في المسيح يسوع؟ صار
البار فدية للغادرين! إن العدالة
تُطالب بمعاقبة المجرم لكي ينجو
البريء؟ غير أن المحبة بذلت
البريء للموت حتى يتبرر المجرم.
ولنا صورة تطبيقية لهذا المثل في
حصار وخلاص آبل بيت معكة (2صم20: 14-21).
19.
السكنى في أرض برية خير من امرأة
مخاصمة حردة.
انظر ع9.
ليس أجمل من امرأة تتجلى فيها
محاسن روح الله الكريم؟ حتى ولو
كانت على قدر قليل من الجمال
الطبيعي؟ فإنه يزينها ويجمّلها
أكثر مما تفعل الزينات العالمية
الحمقاء التي تتصف بها الحياة
المصطنعة. لكن المرأة المحرومة
من التفكير والمجردة من اللطف؟
فهي خالية من ميزات المرأة.
والمرأة المخاصمة الغضوبة؟ هي
بغيضة بمقدار لا يعبَر عنه؟ فهي
بلسانها وطرقها المنحوسة تخلق
التعاسة التي لا نظير لها. إن
خيمة في البرية منفردة؟ أفضل من
قصر في صحبة تلك المرأة. وقد كانت
عثليا من هذا النوع البائس؟
فإنها بما اتصفت به من ظلم
وخديعة؟ لم يستوقفها شيء عن
الوصول إلى أهدافها غير المقدسة
(2مل11). انظر ص27: 15؟16.
20.
كنز مشتهى وزيت في بيت الحكيم
وأما الرجل الجاهل فيتلفه.
انظر ع17.
الحكيم لا يعيش للحاضر؟ لكنه
بالفطنة ينظر إلى السنوات
القادمة؟ حين تضعف قوته ويعجز عن
العمل كما كان يعمل في شبابه.
فمتى جاءت أيام راحته من العمل
فهوذا بين يديه مستودع نفيس
ليعول مَن يعتمدون عليه. أما
الجاهل فلا يفكر إلا في اللحظة
العابرة؟ فيسرف لكنه أخيراً يصل
للعوز. انظر 2كورنثوس12: 14.
21.
التابع العدل والرحمة يجد حياة
حظاً وكرامة.
إن
متابعة البر والرحمة في ثبات؟
وإظهارهما في سلوكنا وطرقنا؟ هو
السبيل الأمين الوحيد الذي يؤدي
إلى ما نبتغيه من الحياة
والكرامة. أما مجد هذا العالم
الفارغ؟ ومديح الأشخاص
الجسدانيين؟ فلا قيمة لهما. أما
تكريم الله للمؤمن؟ وتكريم
المؤمن لأخيه المؤمن؟ فذلك هو
الشيء الباقي إلى الأبد. فهو
تعالى؟ يُسرّ بأن يمنح بركاته
لأولئك الذين يوقرون كلمته
ويطيعون حقه. لأن الحق لم يُعطَ
ليكون مصدر متعة ذهنية فقط؟ ولو
أنه كذلك؟ إنما أُعطي لكي يتجلى
في الحياة على قياس ما تجلى
بالتمام في ربنا يسوع المسيح.
وإذ تمتزج به الاستقامة
الأدبية؟ فإنه يتجلى بالرحمة
اللطيفة التي تظهر الحق جميلاً
لأولئك الذين يبتعدون عن الحق
بسبب قسوة وصرامة تابعيه؟
وحينما تسيطر النعمة والحق على
الكيان بهذه الصورة؟ فالنتيجة
هي الحياة والحظ والشرف أو
الكرامة. انظر آسا ملك يهوذا؟
ولاحظ كيف كان ينجح حينما اهتم
بما يرضي الله؟ وما كانت غلطاته
المسجلة إلا تعزيزاً لهذه
الحقيقة (2أي14-16).
22.
الحكيم يتسوَّر مدينة الجبابرة
ويسقط قوة معتمدها.
إن
القوة الغاشمة؟ والتحصينات
المكثفة؟ ليست سوى عبث أمام
الحكمة الرفيعة. فالقوة ليست هي
وحدها التي يُعتَّد بها ويعوَّل
عليها؟ بل العلم والكفاية. فكم
من مراكز حصينة أمكن الاستيلاء
عليها باستخدام الذكاء
والاستراتيجية. فهوذا يبّوس
وبابل كانتا منيعتين على كل
هجوم؟ لكنهما سقطتا أمام رجل
الحكمة والذكاء (1أى11: 4-6؟ إر51: 27-33).
وتبدو أهمية الدرس عند تطبيقه
على الأعداء الروحيين الذين
علينا أن نحاربهم؟ فلكي نفوز
بالنصرة على قوى الشر هذه؟ ما
أحوجنا إلى الحكمة التي نحصلها
من معرفتنا بالله وكلمته. انظر
أفسس 6: 10-18.
23.
من يحفظ فمه ولسانه يحفظ من
الضيقات نفسه.
مرة
أخرى يقودنا الروح إلى الموضوع
الذي يتناوله سفر الأمثال في
طليعة ما يتناول؟ أعني به
السيطرة على اللسان. فإن الأقوال
غير الحكيمة؟ مهما تكن صحيحة في
بعض الأحيان؟ تخلق متاعب وضيقاً
كثيراً. فحفظ الفم واللسان؟ كما
بحراسة مسلحة؟ معناه مجانبة
أحزان وذكريات مريرة. انظر يعقوب2: 3-12.
ثم قارن ملاحظاتنا على ص 11: 13؟15: 1؟17: 20؟18: 6-8.
24.
المنتفخ المتكبر اسمه مستهزئ
عامل بفيضان الكبرياء.
إن
الروح المتعظم العنيد يتجلى في
الأقوال الجامحة والغضب الذي لا
يُضبط. أما المتواضع فهو إنسان
لطيف لا يستسلم لفورات الغضب أو
ثورات السخط. لا شك أن هناك
فارقاً بين الذي يتصرف بغضب
متكبر؟ وبين من تخونه السيطرة
على نفسه ويتفوه بأقوال متعجلة
تحت عامل الاستفزاز الشديد؟
فمثل هذا الشخص يملؤه الحزن
العميق فيما بعد ويحطمه التذلل
من أجل خطيته. لكن الأمر ليس هكذا
مع المستهزئ المنتفخ المتكبر؟
فإن ضميره لا يؤنبه من أجل روحه
الخاطئة الظالمة؟ بل يتشبث
بمسلكه الذي يناقض الوداعة
والصبر؟ ناسياً أن «غضب الإنسان
لا يصنع بر الله». انظر شمعون
ولاوي (تك49: 5-7).
25.
شهوة الكسلان تقتله لأن يديه
تأبيان الشغل. 26. اليوم كله يشتهي
شهوة أما الصديق فيعطى ولا يمسك.
إن
الكسلان مثل ذكر النحل في
الخلية؟ يشتهي ثمرة العمل لكنه
يمقت الجهد الذي يخلق الثمر. هو
مشغول بذاته؟ كله آمال؟ لكنه
يقاوم السعي. طابعه الشديد هو
الأنانية. لكن البار شخص منتج.
يحب أن يكسب إنما لكي «يعتني
بأمور حسنة قدام جميع الناس»
ليسدد أعواز من يعولهم ويكون له
أن يعطي من له احتياج؟ متمثلاً
في ذلك بالله «الذي يعطي الجميع
بسخاء ولا يعير». وازن روح عاخان
(يش7: 21) مع كنيسة فيلبي (2كو8: 2)؟
راجع أيضاً ص12: 27؟13: 4؟19: 24؟20: 4.
27.
ذبيحة الشرير مكرهة فكم بالحري
حين يقدمها بغش (أو بقصد شرير).
انظر 15: 8؟9؟26؟
21: 4. إن ذبيحة الأثيم بغيضة
وليست مقبولة في عيني الله؟
وبالأخص حينما تكون مجرد تغطية
للرياء. فالقيام بما يُقال عنها
واجبات دينية؟ لكي يراهم الناس
وليستروا حياة الشر؟ إنما هو إثم
له طابع التمرد. وهذا الخُلق؟ هو
الذي جعل سيدنا يوبخ بصرامة
الكتبة والفريسيين في يومه. فقد
كانوا يثابرون على مراعاة
الشريعة؟ وإضافات التلمود بشأن
تقدمات الهيكل؟ وكانوا يعرّضون
عصائبهم؟ ويحبون أن يصلوا
قائمين في المجامع وفي زوايا
الشوارع؟ لكي يظهروا للناس؟
لكنهم في الوقت عينه يسلبون
الأرامل الفقيرات؟ وكانوا
يتصفون بالطمع والخبث. وفي يومنا
الحاضر يكثر خلفاؤهم الذين
يلبسون رداء التكريس؟ ويستخدمون
ألفاظ التقوى؟ ويقدمون لمشاريع
الإحسان العلنية من ثروتهم
متباهين؟ لكن حياتهم الباطنية
سوداء وأثيمة. ولئن نجحوا مؤقتاً
في ستر حقيقة حالتهم عن عيون
الناس؟ لكن ذبيحتهم مكرهة في
عيني الله.
28.
شاهد الزور يهلك والرجل السامع
للحق يتكلم. 29. الشرير يوقح وجهه.
أما المستقيم فيثبِّت طرقه.
إن
شاهد الزور قد يصل إلى غرضه
مؤقتاً؟ لكن هلاكه قادم على عجل.
أما الذي يشهد طبقاً لما يسمع
ويعرف؟ فهو قادر أن يحفظ مركزه
ويتكلم بثبات؟ أي بدون أن يتحداه
أحد. هكذا كان الاعتراف الحسن
الذي شهد به ربنا يسوع المسيح
أمام قيافا وبيلاطس البنطي؟ يوم
لم يتفق الشهود الكذبة الواحد مع
الآخر (مت26: 59-64؟ 27: 11-14).
أما
الشخص الذي لا يعتد بالقانون؟
سواء أكان قانوناً وضعياً من
الناس أو شريعة معطاة من الله؟
فإنه يوقح وجهه (يصلّبه ويقسّيه)؟
ويواصل أقواله الزائفة وطرقه
العرجاء. لكن المستقيم الذي
تتطابق أقواله مع أفعاله؟ تثبت
مقاصده.
30.
ليس حكمة ولا فطنة ولا مشورة
تجاه الرب. 31. الفرس معدّ ليوم
الحرب أما النصرة فمن الرب.
إن
النفس الواثقة تستريح على هذه
الحقيقة؟ وهي أن مشورة الرب لن
تنهزم؟ لذلك هي لا تخشى حكمة
أعدائها أو فهمهم أو مكايدهم.
وما الذي يستطيع أن يفعله
الإنسان لكي يؤذي من يحتمي تحت
جناحي الرب؟ قال داود «إن نزل
علىّ جيش لا يخاف قلبي» (مز27: 3).
فلا العدد ولا العتاد هو الذي
يكسب المعركة؟ بل نكسبها إذ يسير
أمامنا إله خلاصنا.
وتلك
كانت الثقة التي أظهرها آسا يوم
حاصرته جيوش زارح الكوشي في
معركة مريشة حيث قيل «ودعا آسا
الرب إلهه وقال أيها الرب ليس
فرقاً عندك أن تساعد الكثيرين
ومن ليس لهم قوة. فساعدنا أيها
الرب إلهنا لأننا عليك اتكلنا
وباسمك قدمنا على هذا الجيش.
أيها الرب أنت إلهنا؟ لا يقوَ
عليك إنسان» (2أى14: 11). هذا شيء
جميل يسرنا التأمل فيه؟ فلم يكن
الأمر في نظر آسا متصلاً بقوة
الجحافل؟ بل كانت المسألة مسألة
قوة الله؟ وتفاهة مقدرة الإنسان
العاجز الفاني. «لا يقو عليك
إنسان»؟ تلك حجة آسا وهو ينتقي
لفظاً عبرانياً لكلمة "إنسان"
لفظاً يؤكد تفاهة هذا الإنسان
وافتقاره للقوة. ففي اللغة
العبرية عدة ألفاظ كان يمكن لآسا
أن يستخدمها. كلمة " أهدهم"
وهي اللفظة المألوفة التي تربط
الإنسان بأبيه الأول؟ وهي مشتقة
من أصل يعني طينة حمراء. وهناك
لفظ "جيبار"
للدلالة على الإنسان في قدرته؟
وهو مشتق من أصل يعني الشدة
والجبروت. وهناك لفظ " إش"
للدلالة على الكرامة. بينما
اللفظ الذي استخدمه آسا هو " أنوش"
مشتق من أصل يعني الهشاشة وعدم
النفع. وذلك هو الإنسان في حالته
الوضيعة كساقط ومائت. هكذا كان
يعني الجيش الأثيوبي العظيم في
نظر آسا. كان الأجناد جميعهم لا
شيء؟ بالقياس إلى اقتدار قوة
الله الذي كان يقود جيش يهوذا
وبنيامين. وكانت النتيجة محققة
إذ «ضرب الرب الكوشيين أمام آسا
وأمام يهوذا فهرب الكوشيون...
لأنهم انكسروا أمام الرب وأمام
جيشه. فحملوا غنيمة كثيرة جداً »
(2أى14: 12؟13).
ليت كل
قديس مُجرَّب يلقي نفسه على
الإله المخلص؟ الكلي القدرة؟ في
كل وقت يداهمه فيهالتعب والمشقة
وهكذا يحقق لنفسه أن «النصرة من
الرب».
الأصحاح الثاني والعشرون
هنالك
ما يُفضّل على الكنوز الأرضية
ولو أن الإنسان طالما يضحي به
ليحصل على تلك الكنوز؟ وهو:
1.
الصيت أفضل من الغنى العظيم
والنعمة الصالحة أفضل من الفضة
والذهب.
ذُكرت كلمة
"اسم" بمعنى صيت في تكوين11: 4
ثم في تثنية26: 19؟ و2صمموئيل7: 9؟23؟
8: 13؟ وفصول أخرى كثيرة. فالاسم
بهذا المفهوم خير من الثروة
الجزيلة؟ والتوقير أفضل من دخل
كبير (جا7: 1). ويخطئ الشاب خطاً
كبيراً إذ يحسبه أمراً يسيراً أن
يفوز بمثل هذا الصيت الجليل في
ميدان القتال؟ أو في مصاف
الكُتّاب الفطاحل؟ أو في أسواق
التجارة. ولكن ليس أحد يكسب
صيتاً أبقى من صيت العائش لله؟
والذي من أجل خاطر الرب يسوع
المسيح يرى في كل ما يقدمه
العالم نفاية! لقد كان التعلق
بداود والتكريس له هو الذي جعل
لأبيشاي وبناياهو اسماً (2صم23: 18؟22)؟
والتكريس للمسيح هو الذي جعل
ذكراً أبدياً لكثيرين ممن كان
يمكن أن يطويهم النسيان الأبدي.
هل كنا نسمع شيئاً عن الاثنى عشر
رسولاً لولا أنهم تركوا كل شيء
وتبعوا يسوع؟! وأي فخر أو مجد
يتصل باسم شاول المعلم الطرسوسي
بالقياس إلى بولس رسول المسيح؟!
2.
الغني والفقير يتلاقيان؟
صانعهما كليهما الرب.
إن
أبوّة الله واخوّة الإنسان؟
حقيقة كتابية صريحة. والواقع أنه
من الكتاب وحده وُهب للناس أن
يعرفوا أن الله «صنع من دم واحد
كل أمة من الناس يسكنون على كل
وجه الأرض» (أع17: 26). أما العقل
البشري فما كان له؟ بعيداً عن
الإعلان الإلهي؟ أن يكتشف هذا.
فإن الأخوّة الشاملة العامة؟ أى
اتحاد كل جنس وأمة من الناس في
أسرة واحدة كبيرة من أصل واحد
مشترك؟ رغم التفاوت في الجسم
والسلالة؟ أمور لم يكن يحلم
الفلاسفة بها حتى أنارتهم كلمة
الله الموحى بها. صحيح أن
العلماء القدامى كانوا يعترفون
متفاخرين؟ بأخوّة الأجناس
العليا؟ أما أن يجدوا في العبد
الحقير الجاهل أخاً؟ فذلك أمر
يتمرد عليه العقل الإنساني. لكن
الكتب المقدسة تشهد طولاً
وعرضاً لهذه الحقيقة؟ أن الناس
جميعاً من أب واحد؟ هو آدم؟
ومترابطون معاً بربُط لا انفكاك
لها. وإذ تعلن أن آدم ابن لله؟
تعلن أيضاً أن الله هو «أبو
الأرواح» (عب12: 9)؟ أي أبو الناس
جميعاً من زاوية الخلقة.
لكن
لنضع في بالنا أن الأبوّة العامة
بهذا المفهوم تختلف جداً عن
الحقيقة الكريمة المتصلة بعائلة
الله كما هي معلنة بفم سيدنا
ورسله. لقد أضاع الإنسان؟
بالسقوط؟ الشَبَه الإلهي؟ وصار
خاطئاً محطماً؟ غريباً أجنبياً.
ومن هنا احتاج إلى فداء وطبيعة
جديدة. فبالولادة الجديدة؟
أولئك الذين بالطبيعة كانوا
أبناء الغضب؟ وبالتصرف أبناء
المعصية؟ صاروا أولاد الله
وشركاء الطبيعة الإلهية. فقد
وُهبت لهم حياة جديدة؟ حياة
أبدية؟ كما وًهب لهم الروح القدس
الذي به يصرخون «يا أبا الآب» (رو8: 15).
وهؤلاء الأشخاص هم وحدهم الذين
تتكون منهم أخوّة الخليقة
الجديدة؟ لأنهم حاصلون على حياة
وطبيعة مشتركة.
هذا
الفارق ينبغي أن يستقر في
أذهاننا في يوم التساهل
والتراخي الذي نعيش فيه؟ حيث
يتمرد الناس على حقيقة السقوط؟
زاعمين أن الله أبوهم بغضّ النظر
عن الولادة الجديدة؟ ويربطون في
أسرة واحدة القديس والخاطئ.
إن
المسيحي يعترف في غير تردد أن
يهوه خالق الجميع؟ وأن قلبه يتجه
نحو كل مخلوق أوجده؟ لكنه يؤمن
بعائلتين في الكتاب: أولاد الله؟
وأولاد إبليس (1يو3: 10)؟ هذان
تعبيران مميزان. وواضح أنه لن
يُدعى أحد ابناً لإبليس ما لم
تثبت مقاومته للحق ورفضه للمسيح.
3.
الذكي يبصر الشر فيتوارى
والحمقى يعبرون فيعاقَبون.
هذا
برهان واضح على مدى محبة الله؟
أنه حذرنا من نتائج رفض التوبة
قدامه؟ ورفض النعمة المقدمة
بالمسيح يسوع. فالرجل الحكيم
يبصر الشر من بعيد ويحتمي في
المخبأ الذي أعده الله. لكن
الأحمق يقسي قلبه ويأبى أن يسمع
فيهلك. «ويكون إنسان كمخبأ من
الريح وستارة من السيل؟ كسواقي
ماء في مكان يابس كظل صخرة عظيمة
في أرض معيية» (إش32: 2). والإيمان
يرى إتمام هذه الأقوال الثمينة
في «الإنسان يسوع المسيح» (1تى2: 5)؟
فيهرب إليه هاتفاً «أنت ستر لي» (مز32: 7).
على أن في رفضه وازدراء نعمته
دينونة أبدية محققة. وازن بين
سجان فيلبي وبين حكام الرومان (أع
16: 25-40).
4.
ثواب التواضع ومخافة الرب هو غنى
وكرامة وحياة. 5. شوك وفخوخ في
طريق الملتوي. من يحفظ نفسه
يبتعد عنها.
ما
أعظمها فوارق بين طرق ومكافآت
الأتقياء والملتوين! فالسماء هي
نصيب الأتقياء؟ وجهنم هي ختام
المطاف للملتوين. يمتاز التقي عن
رفاقه بالروح المتواضعة
المنسحقة ومخافة الرب؟ أما
الفاجر فهو متمرد عنيد. طريق
الأول تؤول للغنى الحقيقي؟ وإلى
الكرامة التي من الله؟ وإلى
الحياة الأبدية. أما خطوات الآخر
فإنها تتشابك بالفخاخ والأشواك
التي إن توقاها إنسان بطاعة كلمة
الرب ينجو ويُحفظ. وازن بين
حزقيا ومنسى قبل اتضاعه (2أى29-33).
6.
ربِّ الولد في طريقه فمتى شاخ
أيضاً لا يحيد عنه.
إن
تنشئة الولد على أساس سليم أمر
في غاية الأهمية. وقد صار مثلاً
ما يقوله الجزويت "أعطنا ولدك
حتى الثانية عشرة؟ ولا يعنينا من
يتعهده فيما بعد". إن الشجرة
تتبع اتجاه سنواتها الأولى؟
هكذا مع بنينا وبناتنا. إذا
علمناهم في الطفولة أن يحبوا
العالم ويركضوا وراء سخافاته؟
فمتى شبوا لابد أن يعيشوا للعالم.
ومن الجهة الأخرى إذا علمناهم عن
البطل الذي يعيش لأجله جميع أهل
الدهر الحاضر الشرير؟ فمتى شبوا
لا نخشى عليهم كثيراً من التخلي
عن هذا الحكم. ولزام على
الوالدين أن يذكروا أنه ليس يكفي
أن يكلموا صغارهم عن الرب يسوع
أو تحذيرهم من طرق العالم؟ بل
عليهم أن يلاحظوا أن يكونوا هم
أنفسهم قدوة فيما يعلمونه
لصغارهم؟ فذلك يؤثر في تدريب
الشباب أكثر من أي شيء آخر. إن
كلام التقوى عن الانفصال
للمسيح؟ بينما تتجلى روح العالم
في اللباس وترتيب البيت والبيئة
التي نعيش فيها؟ يراه الصغار
تصنعاً ورياء؟ ولا نعجب؟ عندئذ؟
إذا رأيناهم؟ متى كبروا؟ يلقون
بكلامنا عرض الحائط ويسيرون في
طرقنا التي تعلن غرض قلوبنا
الحقيقي. ولكن حيث الجو المقدس
المنعش يملأ البيت؟ ويقترن كلام
التقوى بعيشة التقوى؟ فللآباء
أن يعتمدوا على الرب ليحفظ أهل
بيوتهم تابعين الطريق الصحيح.
انظر تيموثاوس (2تي1: 5).
7.
الغني يتسلط على الفقير
والمقترض عبد للمقرِض.
إن
المؤمن الذي يطيع نصيحة الكتاب «لا
تكونوا مديونين لأحد بشيء إلا
بأن يحب بعضكم بعضاً» (رو13: 8)
ينجو من استعباد الدائن. والغني
في الغالب يتسلط على الفقير؟ إلا
حيث تحول النعمة دون ظهور كبرياء
القلب البشري. لذلك فمن الطبيعي
أن المُقرض يعُد نفسه أسمى من
المقترض. على أن المقترض يخسر
حريته إذ يهمل النصيحة الإلهية.
فمن الأفضل بكثير؟ حين توجد في
ظروف ضيقة؟ أن ترتمي في حضن
الرب؟ على أن تكون لك وفرة مؤقتة
عن طريق الاستدانة. والواقع أنه
لا شيء يسحق روح الإنسان مثل
الدين؟ إذا كان ضميره يؤنبه عليه.
فعلى المسيحي أن يرهب الاستدانة
ويتخلص منها؟ فكم من سعي يبذله
العدو لتقويض سلامه وإفساد
اتكاله على الرب. ومن أسف أنه
لايوجد اهتمام كبير بهذا
الموضوع بين القديسين؟ فالناس
قلّما يفكرون في الكمبيالات
واقتراض المال دون ضمان مناسب؟
الأمر الذي يسبب لهم فيما بعد
هواناً وحزناً عميقاً؟ ويجلب
إهانة على المسيح. إنما القديس
الذي يريد أن يكون عبداً للرب
وحده؟ ولا يستعبده إنسان؟ ينفر
من الدين بمختلف الصور. فكثيرون
إذ أهملوا هذا الموضوع تركوا
عائلاتهم في حمأة الضيق كما فعل
أحد أبناء الأنبياء (2مل4: 1).
8.
الزارع إثماً يحصد بلية وعصا
سخطه تفنى. 9. الصالح العين هو
يبارك لأنه يعطي من خبزه للفقير.
في
العددين مقارنة مقصودة؟ تذكّرنا
بيقينية الحصاد طبقاً لنوع
الزرع؟ فالذي يزرع إثماً يحصد
بطلاً. ومع أنه قد يتمتع بمركز
سيادة وينفث غضبه ضد ما هو من
الله؟ فإن عصاه تخيب؟ وسلطانه
يصبح في النهاية أضحوكة؟ كما نرى
فرعون البائس. أما الإنسان
المشفق المحسن؟ الذي يبذر بذار
الاهتمام بالآخرين؟ فيحصد
حصاداً وفيراً من التقدير
والبركة لنفسه. إن الخبز الملقى
على وجه المياه يعود بعد أيام
كثيرة. انظر عبد ملك (إر38: 7-12؟ 39: 16-18).
10.
أطرد المستهزئ فيخرج الخصام
ويبطل النزاع والخزي.
انظر 21: 11.
إن المستهزئ في سفر الأمثال هو
تماماً الشتَّام المذكور في 1كورنثوس5: 11؟
فمثل هذا الشخص يسبب مساوئ بالغة
في وسط جماعة الرب. فكلامه
الشرير؟ مقترناً بازدرائه لكل
قيد تقوي؟ لابدّ أن يستمر يعمل؟
كالخميرة في العجين؟ حتى يخمر
العجين كله ما لم يوقَف عند حدّه.
ومن هنا ضرورة إطاعة كلمة الله «إعزلوا
الخبيث من بينكم» (1كو 5: 11-13). إن
الناموس لم يكن ليرحم من على هذه
الأخلاق؟ فالشخص الذي يستهزئ
بإله إسرائيل؟ ويزعج شعبه؟ كان
بمقتضى شاهدين أو ثلاثة يحكم
عليه بالموت لعزل الشر من وسطهم (تث17: 2-7).
وفي تدبير النعمة لا يقتضي الأمر
هذه الخطوة الخطيرة؟ بل على
القديسين أن يعزلوه من جماعتهم؟
لينجو الباقون من السقوط في طرقه
الدنسة؟ ويُحفظ اسم المسيح من
الإهانة. وفي الخارج يتعامل معه
الله؟ لأنه في الداخل كان
للجماعة مصدر حزن وللرب مبعث
تعيير. انظر هيمينايس والإسكندر
(1تي20: 1).
11.
من أحب طهارة القلب فلنعمة شفتيه
يكون الملك صديقه.
إن
الحاكم البار يُسر بالإنسان ذي
القلب الطاهر والأقوال اللطيفة.
بل وإن ملك الملوك يكون صديق مثل
هذا الإنسان؟ فالأنقياء القلب
هم الذين يعاينون الله (مت5: 8)؟
ويظهرون ذلك بطاعة القول «ليكن
كلامكم كل حين بنعمة مصلحاً بملح»
(كو4: 6). أما لسان المرارة الذي
يعيب كل حين على الآخرين؟ فليس
هو لسان إنسان الله نقي القلب؟
بل هو دليل على أن صاحبه ليس في
ذاته مستقيماً. اقرأ ما يقال عن
مردخاي (إس10: 2؟3).
12.
عينا الرب تحفظان المعرفة وهو
يقلب كلام الغادرين.
إن عين
الرب على حقه؟ الذي هو المعرفة
الوحيدة والحقة. هو يحرسه نهاراً
وليلاً؟ ولا يدعه يسقط على الأرض.
وحين يتكلم به خدامه؟ فإن عينه
تلاحظ؟ ويعمل على أن ينجح فيما
أرسله إليه. أما أقوال الغادرين
الزائفة فتتلاشى لأن الرب نفسه
يهدمها. والخطأ لا ينجح دائماً؟
وإن بدا نجاحه مؤقتاً؟ لكنه
سيباد. قارن ميخا وأنبياء البعل (1مل22).
13.
قال الكسلان الأسد في الخارج.
فأقتل في الشوارع.
راجع
ملاحظاتنا عن ص12: 27؟ 15: 19؟ 19: 24؟
21: 25. ما أكثر المعاذير التي
يختلقها الكسول ليبرر عدم نشاطه.
فحيث لا مخاطر ولا مشاكل فإنه
يتخيلها؟ وإذا وجِدت فعلاً فإنه
يبالغ في تقديرها؟ لدرجة أنه
يراها جبلاً لا يمكن مغالبته.
لكن الشخص الذي يمضي في قوة
الإيمان يرى الأسود وقد خارت
قواها. قارن مع هذا الكسلان؟
بناياهو بن يهوياداع أحد أبطال
داود (2صم23: 20).
14.
فم الأجنبيات هوة عميقة ممقوت
الرب يسقط فيها.
راجع
شرح ص2: 16-19؟ 6: 23-35؟ 7: 4-27. إن
المرأة الأجنبية تخدع؟ بكلامها
المعسول؟ من يقف ليسمع لها؟ وهذا
هلاكه. لكن الذي يسير مع الله لا
يؤخذ بفخها؟ بل الذي لا ترضي
الرب طرقه هو الذي يقع فريسة
خداعها؟ فيقع في الخطية
وعواقبها المرعبة كأعمى في حفرة
عميقة. انظر يهوذا (تك38).
15.
الجهالة مرتبطة بقلب الولد. عصا
التأديب تبعدها عنه.
إن ترك
الولد وشأنه معناه خرابه؟ لأن
الجهالة مرتبطة بقلبه؟ لكن
التأديب المنظم يصلح ما فيه من
نزعات طبيعية للضلال. والعصا هنا
ليست حرفية بالضرورة؟ فإن
العقوبات البدنية ليست لازمة
دائماً؟ وقد تكون أحياناً خطأً
كبيراً. لكن التأديب الحازم
المقترن بالشفقة؟ هو الذي يحدّد
أهمية العدد الذي أمامنا. تتحدث
العصا في الكتاب طولاً وعرضاً عن
السلطة والقوة؟ وفي الحالة التي
أمامنا يعني بها ذلك القيد
الأبوي الذي يدين له الولد
بالكثير. وضياع هذا القيد كان
السبب في قدر كبير من الطرق
الشريرة التي سلك فيها أبشالوم
وأدوناي (2صم14؟ 1مل1: 6)
16.
ظالم الفقير تكثيراً لماله
ومعطي الغنى إنما هما للعوز.
إن
تجميع الثروة بواسطة ظلم
الفقير؟ أو محاولة التزلف
بتقديم هدايا للأغنياء الذين لا
يحتاجون إليها كلا التصرفين
أحمق ونذير بالفقر والعوز. إن من
يمارس أحد العملين قد يبدو
ناجحاً مؤقتاً؟ لكن نهايته
ستُظهر صدق كلمة الله. ذلك لأنه
لن يجد السعادة التي سعى إليها؟
وسيُرغَم أخيراً على الاعتراف
بفشل مقاصده وذلك بسبب إثم قلبه.
اقرأ يعقوب5 عن اضطهاد الأغنياء
للفقير واحتجاز أجرته عنه.
17.
أمل أذنك واسمع كلام الحكماء
ووجه قلبك إلى معرفتي. 18. لأنه
حسن إن حفظتها في جوفك. أن تتثبت
جميعاً على شفتيك. 19. ليكون
اتكالك على الرب عرفتك أنت اليوم.
20. ألم أكتب لك أموراً شريفة من
جهة مؤامرة ومعرفة. 21. لأعلمك قسط
كلام الحق لترد جواب الحق للذين
أرسلوك.
أمامنا
نوع من التحدي يذكرنا بذلك القول
الذي تكرر سبع مرات في رؤيا2؟3 أى
«من له أذنان للسمع فليسمع».
فكثيرة هي أقوال الحكمة التي
سمعناها وكثير يأتي بعد. لكن
النفس قد تألفها جميعاً بحيث
تفشل في إدراك سمو طابعها.
والشيء الذي يعوزنا هو توجيه
القلب للمعرفة المقدّمة لنا. إذ
من الأهمية بمكان أن نحفظها في
جوفنا؟ وأن تثبت على شفاهنا؟ إذا
كنا نريد أن نظهرها عملياً في
حياتنا؟ نحن الذين يجب أن يكون
اتكالنا على الرب.
إن
العبارة «ألم أكتب لك أموراً
شريفة» هي عبارة فريدة؟ فإنها في
الأصل العبري تعني حرفياً "ألم
أضعها أمامك في ثلاث طرق" أو
"مرة ثالثة". ثم أنه يعني
بها أسمى الأمور قدراً؟ أسمى من
الحكمة البشرية. أى أن الله
يعيّن ويحدّد الطريق الأمين
المستقيم الذي يجب أن يسلكه
أولاده وبذلك "يتعلمون يقين
كلام الحق"؟ حتى يتسنى لهم أن
يستعملوه في مجاوبة السائلين.
وفي يوم الشك والإلحاد؟ ما أسعد
النفس التي تستريح على أقوال
الله الحي وتعرف طبيعتها
الكريمة.
من بين
كتبة العهد الجديد؟ أربعة رسل
اقتبسوا بلا تردد من سفر
الأمثال؟ باعتباره موحى به من
الله كسائر الكتب المقدسة. يقتبس
منه بولس (رو12: 19؟20؟ عب12: 5؟6)
ويعقوب (يع4: 6) وبطرس (1بط4: 8؟17؟18؟
2بط2: 22)؟ ويهوذا في حكمه على
المعلمين الكذبة الذين كانوا قد
تسللوا إلى الكنيسة في ذلك الوقت
(يه12).
ولكن
الأهم في نظر المؤمن؟ أن سيدنا
له المجد؟ في خطابه في لوقا 14؟
يستعمل هذا الكنز ويقتبس ثلاث
أعداد من ص 25: 6-8. وفضلاً عن هذا
فهناك إشارات وتلميحات إلى
تعليمه خلال الأسفار الأخيرة من
العهد القديم وكل أجزاء العهد
الجديد. ذلك أن الله أراد أن يربط
هذا الجزء العملي؟ أقوال الحق
هذه؟ بسائر أجزاء كتابه المقدس.
22.
لا تسلب الفقير لكونه فقيرا ولا
تسحق المسكين في الباب. 23. لأن
الرب يقيم دعواهم ويسلب سالبي
أنفسهم.
هذه
كلمة تحذير لمن يجلسون في كراسي
القضاء؟ التي تعنيها عبارة «في
الباب»؟ فإذا كانت أساليب
العدالة ملتوية؟ فليذكر من يصدر
أحكاماً باطلة ظالمة أن القاضي
الأعلى يلاحظ؟ وأنه سيجازي كل
واحد كما يكون عمله. فالحاكم
العادل كريم في عينيه؟ لأنه يعكس
كمال عرشه؟ العرش الأبيض الذي لم
يدنسه الإثم. فإذا وقع خطأ على
الفقراء الآن؟ فإن يهوه نفسه
سيظهر في أعلى المحاكم بوصفه
المحامي عنهم؟ يوم يكون مرعباً
حقاً نصيب أولئك الذين استخدموا
كراسي القضاء لمناصرة الإثم.
وماذا تكون يومئذ حالة أمثال
هيرودس وبيلاطس؟ يوم يُسحبون
سحباً أمام محكمة القداسة
المطلقة؟
24.
لا تستصحب غضوباً ومع رجل ساخط
لا تجئ. 25. لئلا تألف طرقه وتأخذ
شركاً إلى نفسك.
يُعرف
الإنسان بأصحابه؟ «والمعاشرات
الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة» (1كو15: 33)؟
ولذلك فمن الأهمية بمكان
الاعتبار الدقيق لمسألة الصداقة
الوثيقة. فإن مصاحبة إنسان تعود
الغضب (مثلاً) من شأنها أن تجعلك
تتدنس بطرقه المتسرعة وتجلب على
نفسك شركاً. فالغضب والخبث من
أعمال الجسد؟ وعلى المسيحي ألا
تكون له شركة بأمثال هؤلاء؟
لأننا سرعان ما نتدنس بأمورهم.
والسير مع أحد يظهر هذه البراهين
على الجسدانية خطر على السلوك
والشهادة. فشاول (وكل من على
شاكلته) لا يصلح أن يكون صديقاً
لداود (وأمثاله) انظر ص21: 24.
26.
لا تكن من صافقي الكف ولا من
ضامني الديون. 27. إن لم يكن لك ما
تفي فلماذا يأخذ فراشك من تحتك؟
راجع ص6: 1-5؟
11: 15. يوجد من لا يتعلمون
بالوصايا؟ فلابد أن يتعلموا
بالاختبار المرير. وليس من الصعب
أن تجد كثيرين ممن قرأوا سفر
الأمثال كل حياتهم؟ وبرغم
تحذيراته الكثيرة؟ أضاعوا كل ما
يمتلكون بسبب كفالة أو ضمانة
أشخاص اتضح أنهم ليسوا موضع ثقة.
وكم من آلام وفضائح أيضاً كان
يمكن مجانبتها لو أنهم انتبهوا
إلى نصيحة كالتي أمامنا! إذ تملك
النعمة سومح اللذين لم يكن لهما
ما يوفيان (لو7: 4-43) ولكن عند
تطبيق العدالة؟ فإن من ليس لديه
ما يسدد به التزاماته في خطر أن
يفقد فراشه من تحته.
28.
لا تنقل التخم القديم الذي وضعه
آباؤك.
هذا في
الغالب تكرار لما قاله الرب بفم
موسى (تث19: 14)؟ فإن كل إسرائيلي
كان قد نال نصيبه من الرب محدداً
بمعالم واضحة يحترمها الكل. فمن
ينقل تلك المعالم والتخوم
بالقوة أو سراً؟ يحاكمه الله من
أجل تعدّيه. غير أن نصيب شعب الله
في تدبير النعمة الحاضر سماوي
وليس أرضياً؟ ميراثهم في الحق
الثمين المسَّلم لهم. وإزالة أو
نقل التخوم والمعالم؟ أي تعاليم
الكتاب الجوهرية المتميزة؟ يجلب
عدم الرضا الإلهي. ومع ذلك فإن
هذه هي المهمة التعسة؟ التي يشغف
بها اليوم كثير من الدكاترة
والعلماء؟ وفي سخريتهم لا يرون
شيئاً مقدساً. فالحقائق
الثمينة؟ كالكفارة والتبرير
بالإيمان وسر الثالوث المقدس
وشخص ربنا يسوع المسيح؟ كلها
ليست في عيونهم سوى أمور عادية
يهملونها أو يتجاهلونها كما
أرادوا. لكن يوم الحساب قادم حين
يدينهم الله بالعدل؟ وحين
يلعنهم أولئك الذين غرروا بهم
بنقل التخوم القديمة فكانوا
سبباً في هلاكهم. وسيكون عسيراً
حساب أولئك الذين جلسوا كمعلمين
ومؤدبين لقطيع المسيح؟ بينما
كانوا آلات الشيطان لهدم حقائق
الكتاب المخلّصة. انظر كلمة
التحذير التي كتبها بولس
لتيموثاوس (2تي1: 8-13؟ 4: 1-5) ثم
قارن أيضاً ص23: 10؟11.
29
أرأيت رجلا مجتهداً في عمله؟
أمام الملوك يقف؟ لا يقف أمام
الرعاع.
إن
مكافأة المجتهد محققة. فالشخص
الذي يوجّه نفسه لعمله المخصص
والمعين له؟ يمهد لنفسه السبيل
للشهرة والاعتراف به لسبب
كفايته. فكم بالحري إذا كان يعمل
للرب طالباً استحسانه دون
استحسان رفاقه! ويوصينا الرسول «غير
متكاسلين في الاجتهاد (أو في
العمل) حارين في الروح عابدين
الرب» (رو12: 11) هذا هو قانون
تنظيم خدمة المؤمن اليومية.
ولكننا نخشى أن تنقلب الآية
فنقرأها هكذا "حارين في
العمل؟ متكاسلين في الروح
خادمين ذواتكم".
إن من
يحب أن يقف أمام الملك؟ ويتمتع
قريباً بضياء استحسانه؟ لابد له
أن يجتهد في أن يرضيه الآن. وفي
هذا تحدثنا حياة دانيال الأمينة
حديثاً منعشاً؟ فمهما كانت
الأوضاع الحكومية التي وُجد في
جوها؟ فإنه كان رجلاً يظهر
دائماً في الطليعة؟ ويقف أمام
الملوك.
|