لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

 الفصل1 

الصلاة لطلب الروح القدس

والمعمودية بالروح القدس

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

بالرجوع إلى ما جاء في (رو8: 11، 1كو6: 19، 2كو1: 21، أف1: 13) ومواضع أخرى بخلاف ذلك يظهر بوضوح أنه في وقتنا الحاضر يسكن الروح القدس في كل مؤمن. وأود بأكثر تدقيق لأن ما قيل في (لو11: 13) "يعطى الروح القدس أن أتناول هذا الأمر للذين يسألونه"[1]كثيراً ما يؤخذ كذريعة بأنه يجوز الصلاة لطلب الروح القدس في الوقت الحاضر.

وسأبدأ بسؤال لا أجيب عليه: عما إذا كان بوسع أحدنا الجزم بأن الرب كان يقصد من كلامه السابق أن سامعيه يصلون طالبين الروح القدس. وحتى لو افترضنا أن هذا كان قصد الرب حقيقة، فإن سؤالاً آخر يلح علينا وهو: هل ما زال هذا ينطبق على وقتنا الحاضر؟ لأنه في (لو11: 13) لم يكن الرب قد أتم بعد عمله العجيب على الصليب ولم يكن قد صعد بعد إلى السماء. فإن موت الرب وقيامته وصعوده للسماء قد غيَّر كل شيء، حتى مركز المؤمنين.

في (يو7: 39) نقرأ "قال هذا عن الروح القدس الذي كان المؤمنون مزمعين أن يقبلوه. لأن الروح القدس لم يكن قد أُعطى بعد، لأن يسوع لم يكن قد مُجّد بعد". وهكذا نجد تأكيداً هنا أن المؤمنين في ذلك الوقت لم يكونوا قد حصلوا على الروح القدس. فإن ذلك لم يكن ليحدث إلا بعد تمجيد الرب أي بعد صعوده للسماء. وهذا الأمر مقرر أيضاً بصورة قاطعة في (يو14: 16- 18، 25، 26 وكذلك 16: 5- 7) وفي هذا الفصل الأخير يقول الرب نفسه "خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزّي، لكن إن ذهبت أرسله لكم".  

وتتميم الوعد الكريم نجده في سفر الأعمال ففي (أع1: 5) يقول الرب المقام لتلاميذه قبل صعوده "ستتعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الأيام بكثير" وذلك طبقاً لما سبق وأنبأ به يوحنا المعمدان قبلاً. وبعد صعود الرب يسوع بعشرة أيام حدث انسكاب الروح القدس في يوم الخمسين (أع2). وقال بطرس لليهود الذين نخسوا في قلوبهم بواسطة الكلمة: "توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس" (أع2: 38). هذا يتفق تماماً مع ما كتبه بولس الرسول للمؤمنين في أفسس أنهم خُتموا بروح الموعد القدوس وبمجرد أن قبلوا الإنجيل بالإيمان. كما كتب أيضاً للمؤمنين في رومية وكورنثوس وتسالونيكي أنهم قبلوا الروح القدس وأنه فعلاً ساكن فيهم (رو8: 11، 1كو6: 19، 2كو1: 22، 1تس4: 8) بل إنه ترد في (رو8: 9) حقيقة خطيرة وهي إنه إن كان أحد غير حاصل على الروح القدس فهو ليس مسيحياً (ليس للمسيح).

وهكذا بعد أن صعد الرب يسوع وتمجد، نزل الروح القدس على الأرض وتكونت الكنيسة بمعمودية الروح القدس (1كو12: 13) وسكن الروح القدس في المؤمنين (1كو3: 16، أف2: 22). وكل شخص الآن يقبل الإنجيل بالإيمان يحصل على الروح القدس الذي يسكن فيه ويبقى فيه. وهذه السكنى في المؤمن ليست مرتبطة بطلب الروح القدس ولكن مرتبطة بالإيمان بالإنجيل (أف1: 13). إن الصلاة لطلب الروح القدس كانت تناسب فترة ما قبل تمجيد الرب يسوع وما قبل نزول الروح القدس على الأرض في يوم الخمسين أما الصلاة الآن لطلب الروح القدس فإنها تُعتبر علامة عدم الإيمان وإنكار لوجود الروح القدس على الأرض بخلاف ما يؤكده الله لنا في كلمته.

كذلك بالنسبة لمعمودية الروح القدس فقد ورد ذكرها في كلمة الله في (مت3: 11، مر1: 8، لو 3: 16، يو1: 33 أع1: 5، 11: 16، 1كو12: 13). في الثلاث عبارات الأولى في الأناجيل الأربعة يعلن يوحنا المعمدان أن الرب سيعمد بالروح القدس. وفي (أع1: 5) فإن الرب نفسه يقول أن هذه المعمودية ستحدث "ليس بعد هذه الأيام بكثير". وبطرس لما خاصمه أهل الختان بسبب رجوع كرنيليوس ومؤمنين آخرين من الأمم، ذكّرهم بقول الرب عن معمودية الروح القدس "فتذكرت كلام الرب كيف قال أن يوحنا عمَّد بماء وأما أنتم فستعمدون بالروح القدس" (أع11: 16). وفي (1كو12: 13) يتضح معنى المعمودية بصورة نهائية "لأننا جميعنا بروح واحد أيضاً اعتمدنا إلى جسد واحد، يهوداً كنا أم يونانيين، عبيداً أم أحراراً وجميعنا سُقينا روحاً واحداً" أي أن جميع المؤمنين اعتمدوا إلى جسد المسيح الواحد.

إن الغرض من موت ربنا يسوع ليس هو فقط خلاص الخطاة ولكن "لكي يجمع أولاد الله المتفرقين إلى واحد" (يو11: 52). وعندما أكمل المسيح عمل الفداء ووضع بذلك أساس اتحاد المؤمنين جميعاً، فقد نزل الروح القدس من السماء إلى هذه الأرض لكي يتمم هذا الأمر العظيم. فالروح هو الرباط الذي به يرتبط كل مؤمن بالرب الممجد في السماء وبكل المؤمنين على الأرض، وهذا نجده حاصلاً في معمودية الروح القدس التي حدثت يوم الخمسين (أع2).

من المهم أن نلاحظ أن المعمودية تمت مرة واحدة لجميع الذين كانوا في ذلك الوقت مؤمنين بالرب يسوع وبعمله، وأنها لا يمكن أن تتكرر لأن الكنيسة التي هي جسد المسيح على الأرض أصبحت منذ ذلك الوقت حقيقة واقعة وستظل باقية إلى أبد الآبدين بضمان إلهي. وكل خاطئ يرجع إلى الله الآن ويؤمن بالإنجيل، يُختم بالروح القدس الذي يسكن فيه ويضمه على التو كعضو في جسد المسيح الذي تكوّن يوم الخمسين بمعمودية الروح القدس. ولذلك نجد أيضاً أن هذه المعمودية لا تُذكر أبداً بالارتباط مع المؤمن الفرد بل بالحري بجماعة المؤمنين ككل. فإذا ظن واحد أو علَّم بأن المؤمن يجب أن يُعمّد بالروح القدس في الوقت الحاضر فإما أن يكون جاهلاً للمعنى الصحيح لهذه المعمودية أو رافضاً بإرادته لكلمة الله.


[1] ما قيل في (لو11: 13) عن الصلاة لطلب الروح القدس قد تم في فترة العشرة أيام ما بين صعود الرب يسوع إلى السماء وانسكاب الروح القدس على التلاميذ، وفيها كان التلاميذ المائة والعشرون يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء (أع1: 14) كانوا يصلون طالبين انسكاب الروح القدس كما يصلي المؤمنون الآن طالبين سرعة مجيء الرب (هوكنج).

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.