العهد الجديد يرد في العهد القديم مظللاً، والعهد القديم يرد في العهد الجديد معلناً

 

لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

تقسيمات الكتاب

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

7

وقال لهم هذا هو الكلام الذى كلمتكم به وأنا بعد معكم أنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى في ناموس موسى والأنبياء والمزامير حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب

( لوقا24: 44،45)

 

نظرة عامة

يحتوي الكتاب المقدس على قسمين أساسيين هما العهد القديم؛ وهو مجموعة الأسفار التي كتبت قبل المسيح، وعددها 39 سفراً، ولقد سُمى هذا القسم بواسطة الوحي "العهد العتيق" أو العهد القديم (2كو3: 14). وتبعاً لذلك اصطُلح على تسمية الأسفار التي كتبت بعد المسيح، وعددها 27 سفراً، "العهد الجديد".

القسم الأول هو الكتاب العبري، ويميزه الناموس؛ أي مطاليب الله التي يلخصها القـول «تحب الرب إلهك» (مت22: 36، 37). والقسم الثاني هو الكتاب اليوناني، ويميزه الإنجيـل؛ أي البشارة المفرحة التي يلخصها « هكـذا أحب الله العالم » (يو3: 16).

الكتاب الأول هو كلام موسى والأنبياء (لو16: 29،31)، ومجاله الأرض. والكتاب الثاني هو كلام المسيح ورسله (2بط3: 2)، ومجاله السماء.

الكتاب الأول يتحدث عهد الأعمـال « افعـل هذا » (لو10: 28)، ويُختم باللعنة (ملا4: 6). والكتاب الثاني يتحدث عن عهد النعمة « هنذا أجئ لأفعل » (عب10: 7)، ويُختم بالبركة (رؤ22: 21).

الكتاب الأول ملئ بشوق الأتقياء إلى الله « من يعطيني أن أجده » (أي23: 3). والكتاب الثاني ملئ بشوق الله إلى الخطاة « وجدت خروفي الضال » (لو15: 6).

الكتاب الأول يقود إلى المسيح، والثاني يبدأ بالمسيح.

وكل من العهدين القديم والجديد يحتوى على ثلاثة أنواع مختلفة من الأسفار هى الأسفار التاريخية والاختبارية والنبوية كالآتي:

العهد القديم

العهد الجديد

 

من التكوين إلى أستير

من متى إلى الأعمال

الأسفار التاريخية:

من أيـوب إلى النشيد

الرســائـل

الأسفار الاختبارية:

من إشعياء إلى ملاخي

سفـر الرؤيـا

الأسفار النبوية:

مجموعة الأسفار الأولى تشتمل على أخبار الماضي، والأسفار الثانية تشتمل على اختبارات الحاضر، والثالثة على تطلعات المستقبل.

أو يمكن النظر إلى كل من العهد القديم والجديد بأنه إعلان للحق ثم تطبيقه.

فأسفار موسى الخمسة: إعلان الله لشعبه في النبوات والظلال والرموز

ثم باقي أسفار العهد القديم: الله في شعبه

أولاً: بالسلوك الخارجي؛ الأسفار التاريخية

ثانياً: بالاختبارات الداخلية؛ الأسفار الشعرية

ثالثاً: بالتطلعات المستقبلية؛ الأسفار النبوية.

ونفس الأمر بالنسبة للعهد الجديد.

فالأناجيل الأربعة: هي إعلان الله الجديد والكامل لشعبه بواسطة المسيح

ثم باقي أسفار العهد الجديد: المسيح في كنيسته

أولاً: بالسلوك الخارجي؛ سفر الأعمال

ثانياً: بالاختبارات الداخلية؛ الرسائل

ثالثاً: بالتطلعات المستقبلية؛ سفر الرؤيا

العهد القديم

في نظرة تحليلية أكثر، يمكن تقسيم العهد القديم تقسيماً ثلاثياً كالآتي:

الكتب التاريخية، وهذه عددها 17، والأسفار الاختبارية وهذه عددها 5، ثم النبوات وهذه أيضاً عددها 17

والأسفار التاريخية تنقسم إلى قسمين رئيسيين، 5 أسفار تاريخية أساسية، وهى تلك المعروفة بأسفار موسى الخمسة، ثم 12 سفراً تاريخياً، تسعة منها كتبت قبل السبي البابلي وثلاثة بعد الرجوع من السبي.

والأسفار النبوية أيضاً عددها 17، وهي بدورها تنقسم إلى 5 أسفار كبرى (هي أسفار الأنبياء الكبار ومعها سفر المراثي) ثم 12 نبوة تسمى مجموعة الأنبياء الصغار(نظراً لصغر حجمها)، تسعة منها كتبت قبل السبي البابلي وثلاثة بعد العودة من السبي.

ولقد كان اليهود يقسمون الأسفار التي بين أيديهم إلى ثلاثة أقسام أيضاً (كعدد أقسام مسكن الله الذي بينهم) كالآتي:

1- الناموس (أو التوراة) ويرمز له بالحرف (ت) اختصار توراة، ويشمل أسفار موسى الخمسة.

2- الأنبياء (أو نبييم) وكان يرمز لها بالحرف (ن)؛ وتتكون من كتابات الأنبياء الأول وهي الأسفار التاريخية كيشوع والقضاة وصموئيل والملوك، ثم الأسفار النبوية وهي إشعياء وإرميا وحزقيال ودانيآل وباقي النبوات.

3- الكتابات المقدسة (أو كتبيم) ويرمز لها بالحرف (ك)؛ وهي بقية الأسفار وأولها سفر المزامير، ولذلك استخدم للدلالة على كل القسم.

وهذا هو التقسيم الذي أشار إليه الرب له المجد فى حديثه مع تلاميذه في لوقا 24: 44 إذ قـال لهم « هـذا هو الكـلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم أنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير ».

العهد الجديد:

يبتدئ العهد الجديد بإنجيل متى الذي يقدم لنا المسيح ملك اليهود فى مجيئه الأول، ويختم بسفر الرؤيا الذى نرى فيه المسيح ملك الملوك في مجيئه الثاني. وفى إنجيل متى نرى من بدايته الملك مرفوضا، أما سفر الرؤيا فإنه يحدثنا عن الأسد الخارج من سبط يهوذا، ويختم بشخصه «ملك الملوك ورب الأرباب»

أما أقسام أسفار العهد الجديد فهي أربعة أقسام بحسب موضوعها كالآتي:

1- الأناجيل الأربعة: أسفار التذكير (انظر يو14: 26)؛ وهي تقدم لنا حياة المسـيح وموته وقيامته. كتبها أربعة بشيرون هم متى ومرقس ولوقا ويوحنا.

2- أعمال الرسل: سفر الشهادة (انظر يو15: 26)؛ ويحكى لنا قصة الشهادة التي أقامها الله على الأرض نتيجة مجئ المسيح وموته وقيامته. وهو يبدأ بارتفاع المسيح إلى السماء (أع1) ومجئ الروح القدس إلى الأرض (أع2).

3- الرسائل: أسفار الحق الكامل (انظر يو16: 13)؛ ولهذا كان عددها 21 رسالة (أي 7× 3). منها 14 رسالة لبولس (7×2) ثم 7 رسائل لكتبة آخرين وهى المسمـاة بالرسائل الجامعة (2 لبطرس + 3 ليوحنا + 1 ليعقوب + 1 ليهوذا).

4- سفر الرؤيا: سفر الأمور الآتية (انظر يو16: 13) وهو السفر النبوي الوحيد في العهد الجديد.

التقسيم الخماسي للكتاب المقدس

لاحظ بعض الشارحين الموهوبين أن التقسيم الخماسـي للتوراة (أسفار موسى) قد وضع بصمته الواضحة على الكتاب المقدس كله. ودعنا نرى نبذة سريعة عن ذلك.

فأسفار موسى الخمسة هي:

1- سفر التكوين: وهو سفر البداءات. وفيه نرى بداءة الخليقة، والسقوط، والفداء، والإيمان، والوعد، والاختيار، والمحبة، والميراث، والتأديب، والموت. وبالإجمال نجد فيه بداية كل شئ. وحسناً دُعي هذا السفر « مستودع بذار الكتاب المقدس » فكل الأفكـار التي نمت فيما بعد كشجرة نجد بذرتها في هذا السفـر. لهذا فمن الجميل أن يأتي هذا السفـر في الأول، فيكون ترتيبه هو رقم (1)

2- سفر الخروج: في هذا السفـر نجد أفكاراً جديدة تماماً. فالفكر التمهيدي فيه هو الفداء؛ فداء الشعب من العبودية وإحضارهم إلى الله ليكونوا فى علاقة معه. وهذه العلاقة مؤسسة على قاعدتين: الفداء بالدم (خر12)، والتحرير بالقوة (خر14). ثم في الجزء الأخير من السفـر نجد الحديث عن مسكن الله مع شعبه. فالشركة على أساس الفداء هو ما يؤكده هذا السفر. لهذا من المناسب أن يكون رقم هذا السفر (2)، الذي هو رقم الانفصال كما أنه رقم الشركة.

3- سفر اللاويين: وفيه نجد خطاً آخر من الحق، هو الاقتراب إلى الله، والقداسـة المرتبطة بذلك، وذلك بعد أن صوّر المسيح وكمال شخصه وعمله على الصليب في صور رمزية في التقدمات المتنوعة (أصحاح1-5). ولأن الأقداس هى قلب هذا السفـر، ولأن قدس الأقداس هو القسم الثالث من بيت الله، وهو مكعب، ولأن لاوي هو الابن الثالث ليعقوب، وترتيبه سواء في بركة يعقوب لأولاده أو بركة موسى للأسباط هو الثالث (تك 49، تث 33)، لذلك كان من المناسب أن يأتي سفر اللاويين؛ سفر الأقداس، في الترتيب الثالث.

4- سفر العدد: إنه السفر الذي يحدثنا عن الرحلة فى البرية، وعن المكائد والحروب التي تعرض لها الشعب فيها. وفى هذا يظهر فشل الإنسان من ناحية، كما تظهر أمانة الله من الناحية الأخرى. ثم إنه سفر الخدمة. ولأن الرقم الذي يحدثنا عن الأرض والعالـم في الكتاب هو رقـم (4)، كان مناسباً أن يكون سفر العدد هو السفر الرابع.

5- سفر التثنية: يبدو فى هذا السفر وكأننا نرجع إلى بداية الرحلة. كما نجد استعادة لذكرياتها واستعراضاً لدروسها. وهذا السفر بالعبري اسمه «الكلمات» فالله يعيد عليهـم الدرس قبل أن يدخلهم أرض الموعد بالنعمة، ثم يضعهم في الختام أمام مسئوليتهم. ولهذا فكان من المناسب أن يوضع هذا السفر في آخر هذه المجموعة، وأن يكون ترتيبه رقم (5) الذي يحدثنا عن النعمة وعن المسئولية.

الأسفار التاريخية وتقسيمها الخماسي

تنقسم الأسفار التاريخية أيضاً تقسيماً خماسياً، يطابق التقسيم السابق لأسفار الشريعة الخمسة كالآتي:

1- سفر يشوع: وهو مثل التكوين، إذ نجد فيه بداية جديدة للأمة فى أرض الموعد.

2- القضاة وراعوث: يتجاوبان مع سفر الخـروج، إذ نجد صراخ العبودية يرتفع من جديد، ليس في مصر هذه المرة، بل في أرض الموعد. ثم نجد أيضاً خلاص الله لهم من العبودية. وأخيراً نجد الشركة في أسمى صورها في سفر راعوث.

3- صموئيل والملوك: تتجاوب مع سفـر اللاويين إذ نجد فيها الكهنوت، بجانب الأنبياء والملوك. وكذا تخبرنـا عن خيمة الاجتماع في شيلوه، ثم هيكل الله في أورشليم.

4- عزرا ونحميا وأستير: نجد فيها مرة ثانية ليس تيهـان الشعب في البرية، بل تيهانهم وسط الشعوب. كما أننا نجد الفشل من جانب الإنسان والأمانة والرحمة من جانب الله تكراراً لدروس سفر العدد.

5- أخبار الأيام: يعود بنا إلى البداية، إلى آدم وإلى تـاريخ البشر من ذلك الوقت تكـراراً لدرس تثنية 4: 32. وبالمنظار الإلهـي ينظـر إلى كل تاريخ الشعب حتى سبيهم نظراً لفشلهم في المسئولية. لكن لا يُختـم دون ذكر لمحة خاطفة لعودتهم بالنعمة. وهو نفس ما حدث أيضاً في تثنية 32.

ونلاحظ أن هذه الأسفار التاريخية في مجملها تمثل القسم الثاني، أى أنه يحمل في مجمله طابع سفر الخروج: العبودية نتيجة الخطيئة، ثم تداخل الله بالخلاص.‍

الأسفار النبوية وتقسيمها الخماسي

1- إشعياء: هو أول النبوات وأكبرها، وتميزه النعمة ووفرة النبوات عن المسيح المولود من العذراء (قارن إش 7: 14 مع تك 3: 15). ويتمشى مع طابع سفر التكوين.

2- إرميا ومراثيه: نجدطابع سفر الخروج مرة أخرى إذ أن خطية الشعب استوجبت استعباده وسبيه إلى بابل. كما أن الصراخ وصغر النفس في مصر الذي يفتتـح به سفر الخروج نجده يتجاوب مع الصـراخ وصغر النفس في بابل الذي يرد في تذييل سفر إرميا؛ سفر مراثي إرميا. لكن الخلاص النهائي لهـذا الشعب مقدم في صورة نبوية، حيث يقطع الرب معهم عهـداً جديـداً، لا كالعهد الذي قطعه مع آبائهم يوم خروجهم من أرض مصر (إر 31).

3- حزقيال: كتبه حزقيال الكاهن. ويقدم لنا كتاباً كهنوتياً إذ يذكر خطية إسرائيل لا باعتبارها ذنبـاً وإثماً بل دنساً ونجاسة استوجبت قطع علاقة ذلك الشعب مع الله. لكن تختم النبوة ليس فقط برجـوع الشعب، بل أيضاً ببناء الهيكل حيث سيقدمون ذبائحهم، وحيث سيملأه مجد الرب من جديد بصورة أعظم. وفي هذا نرى طابع سفر اللاويين.

4- دانيآل: كتبه دانيـآل النبي الذي قضى معظـم عمـره في خدمة أباطرة الأمم. وهى النبوة الوحيدة المهتمة بتاريخ العالم وأزمنة الأمم. أي أن طابع سفر العدد واضح فيها. إنه يعيد من جديد قصة فشل الإنسان، فكما فشل إسرائيل كما هو وارد في سفـر العدد، هكذا فشـلت الأمم أيضاً في زمان سيادتهم على العالم.

5- الأنبياء الصغار الاثنى عشـر: تقدم لنا « كلمـات » الـرب، التي تُخـتم في كل النبوات بمشهد المجد، دون إغفال لا جانب النعمة من ناحية الرب في إتمام مواعيده، ولا جانب المسئولية من ناحية الشعب التي تستوجب التأديب.

وهذا القسم الثالث في مجمله يدخلنا إلى داخـل المقادس، في محضر الله نفسه. فالنبي هو ذاك الذي يستحضر القلب والفكر إلى الله. وعليه فهذا القسم كله يتمشى مع طابع سفر اللاويين.

الكتب الشعرية وتقسيمها الخماسي:

1- المزامير: أهم وأكبر أسفار القسم - ويساير سفر التكوين في تنوع موضوعاته.

2- أيوب: يصور لنا الضيق، والشيطان الذي يريد إهلاك المؤمن كما فعل فرعون مع بنى إسرائيل. لكن نجد فيه توقع الولي الفادي (أى19: 25 وخر12)، من ثم فإن الله يخرج المؤمن من وجـه الضيق إلى رحب لا حصر فيه. وهو بهذا يساير سفر الخروج.

3- نشيد الأنشاد: قـدس أقـداس هذا القسم، حيث يؤتى بالنفس إلى حجال الملك (أى غرفته الخاصة). ولهذا فهو يطابق سفر اللاويين.

4- الجامعة: يقدم لنا اختبار سليمان الحكيم من جهة كل ما تحت الشمس، ويدمغه بأنه «باطل الأباطيل، وقبض الريح» (أو انقباض الروح) - الأمر الذي نلمس فيه طابع سفر العدد.

5- الأمثال: تجد فيه الكلمات والمواعظ، الأمر الذي يتمشى مع سفر التثنية.

ونلاحـظ أن هذا القسم في مجمله يتمشى مع سفر العدد - لكنه يقدم لا تـاريخ شعب الله في البريـة بل اختباراتهم فيها. وكـم هو جميل أن هذه الاختبارات مكتوبة شعراً، في صورة تسابيح وأغاني روحية، رغم كونهم « عابرين في وادي البكاء »‍‍‍‍!! ومع صاحب المزمور يقولون «ترنيمات صارت لي فرائضك في بيت غربتي» (مز119: 54).

وبهذا ينتهي العهد القديم بأقسامه الأربعة. وهذا العدد نفسه (4) يحدثنا عن مجمل مضمون أسفاره - فموضوع العهـد القديـم كما ذكرنا هو الأرض، وفيه قصة تعامل الله مع شعبه الأرضي.

العهد الجديد:

هو قسم ثان قائم بذاته ومع ذلك فيمكن تقسـيم أسفاره السبعة والعشرين ذات التقسيم الخماسي الذي مر بنا

التقسيم الخماسي للعهد الجديد

1- الأناجيل الأربعة: بالمقابلة مع سفر التكوين، تقدم لنا بداءة جديدة تماماً بمجيء المسيح له المجد. مع فارق أنه بينما يقدم لنا سفر التكوين أساساً سيَر سبعة أشخاص، فإن الأربعة الأناجيل تقدم لنا شخصاً واحداً. إن صورة واحدة لا تكفي لتعرفني معرفة كاملة على شخص ما، بل يلزمني عادة صور من مختلف الزوايا فأحصل لا على مجموعة صور متناقضة، بل على صور مختلفة تكمل إحداها الأخرى عن ذات الشخص.

فإنجيل متى يقدم لنا الرب كالملك الحقيقي لكن المرفوض.

وإنجيل مرقس يصوره لنا كالعبد الكامل ليهوه والخادم لحاجة البشر.

وفى إنجيل لوقا نرى الرب يسـوع، الإنسان الكامل، المتكل على إلهه، والممتلئ عطفاً على البشرية.

أما في إنجيل يوحنا فنجد الـرب له المجد باعتباره الله الظاهر في الجسد، أو بالحري الشخص الإلهي الفريد، وبالتالي الغريب في هذا العالم.

2- أعمال الرسل: يقابل سفر الخروج، الذي قدم لنا قصة إنقاذ الشعب من عبودية مصر، عبودية الطين واللبن، لكنهم باختيارهم وضعوا أنفسهم فى أصحاح 19 تحت نير عبودية آخر ثقيل لم يقدروا أن يحملوه، إنه نير الناموس. لكن سفر الأعمال يقدم لنا قصة خلاص الآلاف من مختلف الشعوب (أع 2، 8، 10، ..)‍ لا من الخطية فحسب، بل أيضاً من نير الناموس (أع 15).

ثم إن سفر الخروج يحدثنا عن مسكن الله، خيمة الاجتماع، وسفر الأعمال يحدثنا عن البيت الجديد الروحي، كنيسة الله، إذ كان الرب يضم كل يوم إلى الكنيسة الذين يخلصون (أع 2: 47).

3- رسائل بولس: وهى مثل سفـر اللاويين، تتحدث عن الاقتراب إلى الله. فلا توجد كتابات تُشعرك بذات محضر الله، بالسماويات، وبمقام المؤمن السامي، مثل كتابات بولس. لكنها تتحدث في نفس الوقت عن المسئولية التابعة لذلك. وهي كالآتي:

رومية: موضوعها التبرير - كورنثوس: التقديس - غلاطية: التحرير - أفسس: البركة - فيلبي: الفرح - كولوسي: الكمال - تسالونيكي: المجد.

4-الرسائل الجامعة: أى رسائل يعقوب وبطرس ويوحنا ويهوذا، فأربعة كتبة، وقسم رابع ... أما الموضوع فهو مركـز المؤمـن على الأرض وسلوكه هنا كغريب ونزيل، وهو عرضه فى البرية لهجوم إبليـس الأسد الزائر، كما أنه عرضة لجاذبيات وإغـراءات وشهوات العالـم الذي محبته عداوة لله. وعليه فطابع سفر العدد واضح فيها.

5- سفر الرؤيا: يتوافق مع سفر التثنية، حيث فيه نجد مجملاً لأفكار الله من البداية إلى النهاية. ومن الناحية الواحدة نجد مسئولية الرافضين، ومن الناحية الأخرى نجد النعمة السامية التي تتعامل مع المؤمنين.

وفي نظرة خماسية شاملة على كـل الكتاب المقدس الذي يعلن لنا طريق الخلاص نجد:

العهد القديم
الأناجيل
الأعمال
الرسائل
الرؤيا

الإعداد للخلاص
صنع الخلاص
نشر الخلاص
شرح الخلاص
إتمام الخلاص

ما أعجب تراكيب هذا الكتاب الواحد الفريد! هل كان ممكناً لمجموعة من الكتّاب تباعدت بينهم العصور أن يقدمـوا لنا كتاباً كهذا لولا أن الله قادهم من البداية إلى النهاية؟!!

سفر المزامير وتقسيمه الخماسي

والعجيب أنه يمكنك أن تجد نفس هذا الطابـع الخماسي في سفر واحد مثل سفر المزامير. فمعروف أن هذا السفر مقسـم في العبري إلى خمسة كتب، ويسميه بعض اليهود «توراة داود» تمشياً مع توراة موسى. وهذا التقسيم ليس اجتهادياً بل أن كل قسم منه يختم بالقول « مبارك الرب .. آمين ثم آمين » أو ما يشبهه.

فالكتاب الأول: من مزمور 1 إلى 41؛ يميزه كثرة التحدث عن الإنسـان (مز 1، 8، 16 . . . الخ)، فيبدأ بالفارق بين البار والأشرار (مز 1)، وكذا بين الإنسان الأول آدم والإنسـان الثاني (مز 8)، وهكذا. كما أنه يحدثنا عن البدايات وعن الخليقة (مز8،19) ولهذا فهو يتمشى مع سفر التكوين.

والكتاب الثاني: من مزمور 42 إلى 72؛ يكثر الحديث فيه عن الفداء بالدم والتحرير بالقوة، لأنه يبدأ بالشعب وهم يئنون ويتنهدون طالبين النجاة (مز42). إنه كتاب الفداء والفصح (مز51: 7)، وهو في هذا مثل سفر الخروج.

والكتاب الثالث: من مزمور 73 إلى 89؛ وهو يبدأ بمزمور لآساف اللاوي، وفيه يرد القول « حتى دخلت إلى مقادس الله » موجهاً النظر إلى الطابع العام لهذا القسم وهو القداسة. فهذا الكتاب إذاً هو كتاب مساكن الرب (مز84) والكفارة (مز85)، ويتوافق مع سفر اللاويين.

والكتاب الرابع: من مزمور 90 إلى 106؛ وهو يُفتَتَح بالمزمور الوحيد المعنون « لموسى رجل الله »؛ رجـل البرية إذ قضى في البرية معظم حياته. إنه إذاً كتاب البرية والغربة، ويتمشى مع سفر العدد.

والكتاب الخامس: من مزمور 107 إلى 150؛ وهو كتاب التثنية الداودي، ويحتوى على المزمور العجيب، مزمور 119، أطول أصحاح في الكتاب المقدس، والذي موضوعـه من البدايـة إلى النهايـة هو « كلمة الله »!! إنه إذاً كتاب الكلمات والطاعة، مثل سفر التثنية.

وممكن أن نعتبر ختـام الكتاب الخامس هو مزمور 145 الذي يُختـم ببركة كل بشر لاسم الرب، وبعده تأتي المزامير الخمسة الأخيرة بمثابة تذييل رائع لهذا السفر العظيم؛ كل واحد منها يبدأ ويختم بعبارة "هللويا" أو سبحوا الرب، أو بالعبارتين معاً.

أليس جميلاً أن الرقم خمسة يضع بصمته الواضحة على كل الكتاب. ونحن نعرف أن الرقم خمسة هو رقم عمانوئيل؛ الله معنا. ليس فقط الله معنا، بل معنا أيضا كلمته (أع20: 32).

ما دمنا في القفر

لمنتهى الدهر

فهي لنا خير دليل

يصحبنا عمانوئيل

Divred.gif (3565 bytes)

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة© 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجعاتفاقية استخدام الموقع.