كتاب يميط اللثام عن أسرار القلب البشري وحالته، وفي الوقت نفسه يكشف لنا أموراً غير منظورة. كتاب يبدأ حيث الماضي يمس الأزل، ويسير بنا في سهول من توضيحات وحلول لكل المسائل الأدبية، إلى أن يصل بنا للنقطة الختامية حيث المستقبل فيها يمس الأبد. وكل ذلك بحسب مشيئة الله.

جون داربي

لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

الكتاب النبوي

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

16

وعندنا الكلمة النبوية وهى أثبت، التي تفعلون حسنا إن انتبهتم إليها كما إلى سراج منير فى موضع مظلم

(2بطرس 1: 19)

 

النبوات في الكتاب المقدس قسمان: قسم منها خاص بالأيام الأخيرة، وهذه قيمتها أن تعطينا فكر الله من جهة ما هو مزمع أن يعمله في العالم، والقسم الآخر تم في الماضي، وقيمتها أنها تعطينا البرهان القاطع بأن هذا هو كتاب الله. نعم فمن غير الله يقدر أن يخبرنا بالمستقبل؟

لنفرض أنني قلت إن السماء ستمطر في مدينة الإسكندرية في شهر نوفمبر القادم. هذا الكلام لن يدهش أي شخص حتى ولو تحقق كلامي، فعادة ما تمطر السماء في الإسكندرية في شهر نوفمبر. أما إذا ذكرت تفصيلات أخرى؛ فحددت اليوم وذكـرت الساعة والدقيقة التي ستمطر فيها السماء، وحددت المدة التي ستستمر فيها السماء تمطر، فإن هذه التفصيلات تعطى لنبوتي قيمة، مما يجعلها شيئا غير عادى.

طبّق هذا الكلام على نبوات الكتاب المقدس؛ أولاً سيدهشك العدد الكبير للنبوات التي في أسفار العهد القديم، كما ستدهشك الدقة العجيبة في ذكر تفصيلات متنوعة وكلها تمت في دقة عجيبة.

ولقد حسب أحد الدارسين عدد نبوات الكتاب المقدس فوجدها 10385 نبوة. ولهذا فلا عجب أن يطلق الرسول بطرس على هذا الكتاب اسم « الكلمة النبوية » ويضيف قائلاً إننا نفعل حسناً إن انتبهنا إليها (2بط1: 19).

فإذا عرفنا أن الإنسان لا يعرف من أمر غده شيئاً (أم27: 1)، وأنه حتى الشيطان لا يعرف المستقبل، حتى تحدى الله قديما الآلهة الوثنية بالقول « أخبروا بالآتيات فيما بعد فنعرف أنكم آلهة » (أش41: 23)، وأن أمر المستقبل في علم الله وحـده كقول دانيآل لنبوخذنصر « السر الذي طلبه الملك لا تقدر الحكماء ولا السحرة ولا المجوس ولا المنجمون علي أن يبينوه للملك. لكن يوجد إله في السموات كاشف الأسرار وقد عرف الملك نبوخذنصر ما يكون في الأيام الأخيرة » (دا2: 27، 28)، يتضح لنا على الفور أهمية هذا الفصل الذي ندرسه.

النبوات الخاصة بالمسيح

فبالنسبة لعدد النبوات عن المسيح ذكر أحد الدارسين واسمه كانون ليدون، أن هناك 333 نبوة عن المسيح وردت فى أسفار التوراة. ولأن المجال لا يسمح بذكر هذه النبوات جميعها فإننا سنكتفي بذكر أهمها. ونُذكِّر القارئ أن هذه النبوات جميعها توجد فى التوراة التى بين أيدي اليهود الذين لا يؤمنون بالمسيح، مما يجعل مسألة تحريف هذه النبوات أو دسها فى هذه الأسفار غير واردة مطلقاً.

التتميم

النبوة

ذُكِر عن المسيح أنه

مت1: 22،23

إش7: 14

سيولد من عذراء

مت2: 5،6

مى5: 2

سيولد فى بيت لحم

مت2: 15

هو11: 1

سيلجأ إلى مصر

مت12: 14-21

إش42: 1-4

سيعيش حياة كاملة فريدة

مت21: 4،5

زك9: 9

سيدخل إلى أورشليم راكبا على جحش

يو13: 18

مز41: 9

أحد تلاميذه سيخونه

مت27: 35

مز22: 16

سيموت مصلوبا

مت 27: 57-60

إش 53: 9

سيدفن فى قبر وجل غنى

أع2: 31

مز16: 10

سيقوم من الأموات

أع1: 2، 9، 11، 22

مز68: 18

سيصعد إلى السماء

هناك عالم رياضيات في جامعة باسادينا في كاليفورنيا بأمريكا يُدعى بيتر ستونر اختار أوضح 48 نبوة من هذه النبوات، ثم طبق نظرية الاحتمالات في أن تتحقق تلك النبوات مصادفة في شخص واحد فوجد أن هذا الاحتمال هو فرصة واحدة أمام رقم فلكى يكتب هكذا: واحد وأمامه 181 صفراً.

2- شعوب الأرض والقارات (تك9، 10)

هذه النبوة القديمة على فم نوح يرجع تاريخها إلى ما قبل الميلاد بنحو 2500 سنة. فهل تمّت؟ نعم إنها تمّت بكل دقة.

فعن حام، ومنه عمرَت قارة أفريقيا (القارة السوداء)، لم يذكره نوح عند بركته لأولاده، وهكذا ظلت معظم القارة الأفريقية أجزاء منسية في العالم، بل وأيضاً حلّت اللعنة بعائلته في كنعان ابنه الصغير، فامتلك اليهود أرضهم وأبادوهم منها، لما كمل مكيال إثمهم. وعن سام الذي منه عمرت قارة آسيا قال « مبارك الرب إله سـام »، فجاء كل الأنبياء وكتبة الوحي من نسله. وعن يافث، الذي منه عمرت قـارة أوربا، قال « ليفتح الله ليافث » ففتح الله له، واكتشف نسله الأمريكتين ثـم استراليا. وقال أيضاً « ليسكن فى مساكن سام »، لهذا فإن نسل يافث من قديـم الزمـان؛ من أيام الإسكندر الأكبر كانوا أشهر الغزاة الفاتحين. ففي التاريخ القديم نجد اليونان ثم الرومان وفى التاريخ الأوسط نجد الإيطاليين والأسبان والبرتغال، وفي العصر الحديث الإنجليز والفرنسيين، وأخيراً الروس والأمريكان كلهم من نسل يافث كقول الكتاب المقدس من آلاف السنين.

3- اليهود

سأل مرة فردريك الكبير ملك بروسيا واحداً من قواده كان معروفاً عنه الإيمان بالمسيح: هل تقدر أن تبرهن على وحي الكتاب بكلمتين. أجاب "اليهود يا مولاي". ولا عجب فلقد قال هيجل فيلسوف ألمانيا (1770-1831)، إنه قدر أن يستوعب تاريخ الأمم الأخرى أما تاريخ اليهود فكان أمامه لغزاً معقداً لم يستطع حله" وهاك بعض المتفرقات من النبوات التي قيلت عنهم في الكتاب وتمت في دقة عجيبة:

1- تشتيتهم بين الأمم لشرهم : تحدث موسى نحو عام 1500 ق. م. عما سيحدث لهذا الشعب عندما يخطئون ضد الرب إلههم، وقال إنهم سيتشتتون فى كل العالم مرتين (تث28: 36، 49). وهذا ما تم فعلاً. المرة الأولى كانت بواسطة جيوش الكلدانيين سنة 588 ق.م. والثانية على يد الرومان بقيادة تيطس فاسباسيان سنة 70 م. وها هم اليوم نتيجة هذا التشتيت الأخير موجودون فى كل بلاد العالم! (انظر أيضاً تث4: 27، 28: 64، إر9: 16، حز7:15).

وقبل أن يحدث السبي البابلي بنحو 150 سنة حدد إشعياء اسم الأمة التي ستستعبدهم (إش39: 6)، ثم ذكر إرميا النبي المدة بالضبط التي سيستعبدون فيها، وهي سبعون سنة أو أجيال ثلاثة (إر25: 11، 27: 7). وهو ما حدث بكل دقة بعد ذلك (2أخ 36: 21،22 و دا 9: 2،20-23).

2- رفضهم لمسياهم أولاً وصلبهم إياه : أوضحت النبوات أن اليهود سيرفضون مسياهم أولاً، ثم بعد ذلك سوف يقبلونه. ما أوضح ما جاء بهذا الصدد في نبوة إشعياء 53، حيث يقـول النبي « كمستر عنه وجوهنا، محتقر فلم نعتد به»،  وأيضاً زكريا 12 حيث يقول النبي « وأفيض على بيت داود وعلى سكـان أورشليم روح النعمة والتضرعات، فينظرون إلىّ الذي طعنوه، وينوحـون عليه كنائح على وحيد له ». وبناء على ذلك تذكر النبوات أيضاً أنهم سيظلون فترة كبيرة فى حالة الضياع « بلا ملك وبلا رئيس وبلا ذبيحة وبلا تمثال وبلا أفود وترافيم » (هو3: 4)، ومدة هذا الضياع حددها دانيآل في نبوته (دا9) بالتفصيل وهي عبارة عن سبعين أسبوعاً (من السنين)، أي 490 سنة. تمَّ منها حتى الآن 483 سنة خُتِمت بصلب المسيح. ثم انقطع الزمن - إذ تكونت الكنيسة - وبعد اختطاف الكنيسة لابد وأن تتم فترة السبع سنين الباقية، وهي فترة الضيقة.

3- عيشتهم وحدهم دائماً : فهم عندما كانوا فى الأرض ما كانوا يسمحون باختلاط أحد من الغرباء بهم (عز10: 11، نح13: 3، يو4: 9) وحتى بعد تشتيتهم فى العالم كانوا يسكنون معاً فى مناطق خاصة بهم، ولا يختلطون بسواهم. وهو عين ما قالته النبوة عنهم، حتى قبل دخولهم أرض كنعان (عد23: 9).

4- خراب أورشليم وخراب الهيكل : هـذا ما قاله المسيح قبيل صلبه عندما نظر مدينة أورشليم وبكى عليها لأنها لم تعرف زمان افتقادها « ستأتي أيام ويحيط بك أعداؤك بمترسة ويحدقون بك ويحاصرونك من كل جهة، ويهدمونك وبنيك فيك، ولا يتركون فيك حجراً على حجر » ( لو19: 43، 44) انظر أيضاً لوقا 23: 28-31 و متى 22: 7.

أما خراب الهيكل فقد أنبأ به المسيح فى عظته من فوق جبل الزيتون، عندما تقدم تلاميذه لكي يروه أبنية الهيكل، فقال لهم يسوع « أَمْا تنظرون جميع هذه. الحق أقول لكم إنه لا يُترَك ههنا حجر على حجر لا يُنقَض »، وأيضاً « هوذا بيتكم يُترَك لكم خراباً » (مت23: 38، 24: 1،2). ولقد تم كلام المسيح حرفياً بعد 40 سنة، عندما أتى تيطس الروماني وحاصر أورشليم، لكنه - ولسبب غير معلوم - فك الحصار قليلاً عنها. فترك كل المسيحيين أورشليم. ثم جـاء تيطس فى حصار ثان، وأوصى جنوده أن يخربوا المدينة كلها، لكن يبقوا على هيكلها الفخم كتحفة معمارية. وكان كلام تيطس لجنوده يتعارض مع كلام المسيح السابق لتلاميذه. ترى كلام مَنْ الذى يتم؟ هل كـلام نجار الناصرة المتواضع الذي تكلم من أربعين سنة، ثم ترك الأرض، أم كـلام القائـد الظافر الذى هو على رأس جنوده المدربين جيداً على احترام تعليمات قائدهم؟

تذكر سجلات التاريخ أن جندياً ركب فوق آخر وألقى بقطعة مشتعلة داخل الهيكل. وفى أثناء ذلك هبت عاصفة ساعدت على احتراق المبنى بالكامل، مما أدى إلى انصهار الذهب الذي كان يغشّى الهيكل. ويُقال إن الجنود الطامعين فى الحصول على الذهب فصلوا كل حجارة عن الأخرى، وهكذا تمت نبوة المسيح حرفيا.

5- حالة البلاد أثناء شتات الشعب : تصف النبوات حالة البلاد أثناء شتات الشعب وكيف ستكون خربة ومهجورة طوال هذه الفترة (إش6: 11، 12، مي3: 12). ويقول المسيح أيضاً إن مدينة أورشليم ستكون مدوسة من الأمم حتى تكمل أزمنة الأمم (لو21: 24).

6- حالة البلاد فى آخر الأيام : كما تصف النبوات الحالة وقت النهاية بأن البلاد تعمر (حز36: 32-35)، حتى أن يوئيل النبي يصور الأرض في الأيام الأخيرة قبيل أيام الضيقة العظيمة كجنة عدن (يؤ2: 3). وها نحن نسمع كيف امتلأت البلاد بالمدن والمستعمرات، وتضاعفت خصوبة الأرض، وكادت أن تتحول إلى جنة!!

7- رجوع الشعب وبناء الهيكل: يذكر الكتاب المقدس رجوعين لهذا الشعب: الأول فى عدم إيمان، هو ما تم حالياً، ويُعتبَر رجوعاً قومياً، ويشير إليه حزقيال 37: 7، 8 . أما رجوعهم بالتوبة إلى الرب فسيتم بعد اختطاف الكنيسة نتيجة عمل روح الله فيهم خلال فترة ضيق يعقوب ( حز37: 9، 10). ونفس الأمر بالنسبة للهيكل، فإن الكتاب المقدس يعلمناإنه سيُبنَى مرتين؛ الأولى بمجهودهم وحماية الإمبراطورية الرومانية العائدة إلى الحياة، لكنه سيتدنس بالعبادة الوثنية ويخرب. والمرة الثانية سيبنيه الرب نفسه (زك 6: 13). وهم الآن شغوفون جداً لبناء الهيكل. لعلنا كلنا سمعنا عن رغبتهم المحمومة فى إتمام ذلك الأمر.

4- النبوات الخاصة بمصر

لمصر مكان بارز فى نبوات الكتاب المقدس، لعل أشهر النبوات المتعلقة بمصر هى نبوة هوشع عن إلتجاء الرب يسوع فى طفولته إلى مصر، التى تمت بعد نحو 750 سنة (هو 11: 1، مت 2: 15).

1- أولى النبوات: أولى النبوات التى تخص مصر، هي ما قاله الله لإبراهيم عن تغرب نسله فى أرض ليست لهم، وعبوديتهم وذلهم فيها، ثم خروجهم منهـا بأملاك جزيلة بعد أن يوقع الله قضاءه عليها (تك 15: 13، 14). وقد تمت هذه النبوة بحذافيرها بعد ذلك بأربعمائة سنة فى عهد موسى، عندما صنع الرب أحكاماً بكل آلهة المصريين (خر 12: 12).

2- اضمحلال عظمة مصر: أما فى الأسفار النبوية فلنا مثلاً فى إشعياء 19 نبوة كبيرة عن مصر، وكانت مصر قد وصلت فى أيام إشعياء إلى الدرك الأسفل فى الوثنية، جنباً إلى جنب مع روح الكبرياء والاعتداد بالأسلاف القدامى « أنا ابن حكماء » (ع11)! فصدر القضاء الإلهي السريع عليها (ع1)، وهو ما تم بعد ذلك بسنوات، ابتداء من سرجون ملك أشور حوالي 700 ق م، وكان ذلك بداية لاضمحلال عظمة مصر كما ورد فى هذا الأصحاح، إذ بدأت سلسلة من الحروب الأهلية (ع2، 3)، صحبَه ركود اقتصادي (ع5-8)، وتأخرت الصناعات (ع9،10)، وتلفت المحاصيل*(ع6).

3- لا رئيس من مصر: يرى إشعياء شراً آخر فى أصحاح 30، 31 إذ كانت مصر بكل أسف، بدلاً من الله، متكلاً لشعبه! لقد ساعدتهم مرة فأنقذتهم (إر 37: 5 ـ 11) مما جعل فرعون يظن أنه قوة لا تقهر. الأمر الذي ما كان يمكن أن يمر بلا عقاب للمعين والمعان على السواء (إش31: 3 . انظر أيضاً إر42: 13 - 22). عن هذا الشر بصفة خاصة تكلم حزقيال النبي كثيراً (أصحاح17، 29، 30، 31، 32 … )، وأعطى تفصيلات تمت بكل دقة؛ فذكر خراب مصر كلها من شمالها إلى جنوبها (حز29: 10)، وتشتُت أهلها لمدة أربعين سنة (الأمر الذي تم على يد نبوخذنصر ملكبابل*)، انظر إرميا 25: 18،19. لكن النبي قال أيضاً إنهم سيرجعون من الشتات، لكنهم سيكونون أحقر الممالك، رغم أن مصر كانت فى ذلك الوقت فى قوتها، وكانت تلعب دوراً رئيسياً في شئون العالم.

ثم يواصل حزقيال الحديث فى الأصحاح التالى فيوضح « لا يكون بعد رئيس من أرض مصر » (حز30: 13)، وهو عين ما حدث ابتداءً من قمبيز مؤسس الأسرة 27 ثم الإسكندر الأكبر، فالبطالسة، ثم الرومان، ثم العرب، ثم التتار، فالمماليك، فالعثمانين، والأتراك. لقد استمر الحال على هذا المنوال لنحو 2500 سنة، حتى قامت ثورة 23 يوليو لتأخذ مصر من جديد وضعها بين الأمم، وذلك تمهيداً لأحداث هامة تحدث « في وقت النهاية » سبق الكتاب فتنبأ عنها.

4- خراب المدن المصرية: تتحدث النبوات عن خراب كثير من المدن المصرية القديمة، وتهدم هياكلها (إر43: 8 ـ 13، 46: 19، حز30: 14، يؤ3: 19) وكما قال الرب حدث تماماً. ففي عين شمس مثلاً لا يوجد سوى مسلة واحدة فقط تدل على موقع مدينة بيت شمس القديمة، مما يبرهن على أنها خربت تماماً ولم يبق سوى هذه المسلة لتقف شاهدة على صدق نبوة الكتاب. ومدينة صوعن التى كانت لفترة طويلة عاصمة مصر هى الآن قرية صغيرة تدعى "صان" في محافظة الشرقية. أما بوباستس وتدعى الآن تل بسطة في محافظة الشلاقية كذلك، فهي فعلاً تل أو أكمة عالية تشير إلى خرائب المدينة القديمة. ويوجد فى الدلتا أكمات عديدة تدل على مواقع مدن قديمة أمكن الاستدلال على بعضها، ولم يمكن الاستدلال على البعض الآخر، مما يدل على أنها خربت تماماً!!

5- بركة مصر فى النهاية: على أن النبـوة ترى كذلك أموراً مباركة عن مصر، إذ يقول إشعياء « فى ذلك اليوم يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخمها .. ويعرف المصريون الرب فى ذلك اليوم » (إش 19: 19-21) وقد تمت هذه النبوة جزئياً أيام بطليموس فيلوميتر(181-146 ق.م)، عندما أرسل أونياس رئيس الكهنة رسالة إليه يطلب فيها بناء هيكل للرب بجوار قلعة بوباستس استناداً على هذه النبوة، فسمح لـه. على أن إتمامها سيكون عن قريب، بعد اختطاف الكنيسة « فى ذلك اليوم يكون إسرائيل ثلثاً لمصر ولأشور بركة فى الأرض، بها يبارك رب الجنود قائلاً مبارك شعبي مصر وعمل يدي أشور وميراثي إسرائيل » (إش19: 24،25).

5- الإمبراطوريات العالمية المتعاقبة

إبتداءً من حكم نبوخذنصر بدأت الفترة التى أسماها الرب يسوع « أزمنة الأمم » (لو21: 24)، وهى الفترة التى بدأت من رفض الرب لإسرائيل، وانتقال عرشه من أورشليم، وتسلم الأمم سلطة حكم العالم. وكان نبوخذنصر هذا (أنظر دا 2) مؤسـس الإمبراطورية البابلية الثانية قد رأى تمثال إنسان فى حلم. وقد فسر دانيآل هذا التمثال بأنه يمثل كل فترة أزمنة الأمم، كما أعطى فى باقي نبوته تفصيلات إضافية، حدثت بعد ذلك، ولازالت، بصورة مدهشة.

1- لقد كان رأس هذا التمثال من ذهب: وشرح دانيآل أنه يمثل الإمبراطورية الكلدانية التي أسسها نبوخذنصر نفسه، وأصبحت إمبراطورية عالمية سنة 606 ق.م. بعد أن هزمت مصر، وقد رآها دانيآل فى حلمه هو (دا7) ممثّلة بأسد (ملك الوحوش) له جناحاً النسر (ملك الطيور).

2- ثم يأتي بعد ذلك الصدر والذراعان من فضة؛ وهذه تمثل مملكة مادي وفارس الأقل فى العظمة والتي تأسست عام 530 ق.م. بعد هزيمتها للكلدانين، وقد رآها دانيآل فى حلمه هو (دا7) فى صورة دب، الذى يتميز بالشراهة. ثم رآها مرة أخرى (دا8) فى صورة كبش له قرنان عاليان؛ القرن الأول يمثل مادي، والثاني يمثل فارس. والواحد أعلى من الآخر، إشـارة إلى تسيد الفرس على الماديين، والأعلى طلع أخيراً؛ لأن الماديين كـان لهم السبق فى البداية. وكورش الفارسي، الإمبراطور الشهير أتت عنه نبوة بالاسم قبل ظهوره بنحو 200 سنة، عندما ذكر إشعياء كيفية انتصاره على ملك بابل (إش44، 45)! كما أنه فى دانيآل 11: 2 نجد وصفاً دقيقاً لفترة تسلط الفرس وحتى هزيمتهم على يد الإسكندر الأكبر عام 231 ق.م.

3- وبظهور الإسكندر الأكبر تبدأ الإمبراطورية الثالثة التى رآها نبوخذنصر فى التمثال كالبطن والفخذين من نحاس. وفى تفسير الحلم يقول دانيآل « مملكة ثالثة أخرى من نحاس تتسلط على كل الأرض ». ونلاحظ أنه لم يقل هذا التعبير بالنسبة لمملكة الفرس، لأنه لم يميز الفرس تسلطهم على كل الأرض كما حدث بعد ذلك مع اليونان. وهو عين ما حدث فى التاريخ.

وقد رأى دانيآل فى حلمه إمبراطورية اليونان هذه فى صورة نمر ـ الذي يتميز عن الوحوش بسرعة الانقضاض على الفريسة - وله على ظهره أربعة أجنحة (للتعبير عن السرعة أيضاً). وهو ما ظهر بوضوح فى الإسكندر الأكبر مؤسس تلك الإمبراطورية، إذ أنه فى أقل من تسع سنوات غزا العالم بأسره.

يذكر المؤرخ اليهودي يوسيفوس أنه في طريق الإسكندر الأكبر لأحد فتوحاته اقترب من مدينة أورشليم، فانفتحت له أبواب المدينة على مصراعيها، وسار إليه كهنة اليهود ومعهم درج سفر دانيآل. ويضيف المؤرخ أنهم أروه النبوة التي ذكرت أن واحداً من مملكة اليونان سيحطم الإمبراطورية الفارسية. فاعتبر الإسكندر أن هذه النبوة تشير إليه، ونتيجة لذلك عرض عليهم أن يطلبوا منه أي معروف يعمله معهم.

وتستمر نبوة دانيآل بالنسبة لهذه الإمبراطورية أيضاً فتصورها في صورة تيس من المعز، جاء من المغرب على وجه كل الأرض، ولم يمس الأرض (من شدة السرعة)، وله قرن معتبر بين عينيه. لكن هذا القرن انكسر سريعاً (صورة لموت الإسكندر وهو فى ريعان شبابه - 32 سنة). ثم بعد الإسكندر قامت مشاجرات كثيرة بين قواده انتهت بتقسيم المملكة إلى أربعة أقسام. وقد ذكر دانيآل هذه الأمور كلها (دا 8، 11) وقبل حدوثها بنحو 300 سنة. ثم ركز الضوء على قسمين من أقسامها الأربعة: ملك الشمال وملك الجنوب، لأن منازعاتهما الطويلة لم تنته بعد؛ فالجزء الأكبر منها تم والجزء الأهم لابد أن يتم عن قريب على نحو ما بينا أثناء حديثنا عن مصر.

4- ثم الإمبراطورية الرابعة* وهى الإمبراطورية الرومانية التى تأسست عام 68 ق.م. على أنقاض الإمبراطورية السابقة لها، والتي رآها نبوخذنصر فى صورة الساقين من حديد؛ إشارة إلى قسوتهم التى لم يشهد العالم لها مثيلاً؛ ولا عجـب - ألم يصدروا الحكم على ابن الله بالصلب، ثم اضطهدوا الكنيسة فى عصور الاستشهاد؟ « لأن الحديد يدق ويسحق كل شئ ».

5- على أن قدمي هذا التمثال وأصابعه العشرة كان بعضها من حديد والبعض من خزف. وفى تفسير دانيآل للحلم يذكر أن الإمبراطورية الرابعة نفسها، فى صورتها الأخيرة، لن تكون كصورتها الأولى، بل منقسمة إلى ممالك عشر (يربطها اتحاد كونفيدرالى). وها نحن الآن نرى الاتحاد الأوربي، والذي سينتهي به الأمر حتماً كما ذكر الكتاب إلى تحالف عشر دول مع بعضها، ومنها سيظهر الوحش الروماني!

حقا إن ما كتبه المؤرخون العظام عن تاريخ تلك الإمبراطوريات، والذي يتكون من آلاف الصفحات لا يخرج عن كونه تفسيراً لهذا الحلم الوجيز الذي رآه نبوخذنصر، والرؤى التي رآها دانيآل والمسجلة في نبوته العظيمة أصحاحات 2، 7، 8، 11.

6- زوال بعض المدن

نكتفي بالإشارة إلى نبوتين عن مدينتين:

النبوة الأولى عن بابل: وردت في نبوة إشعياء، مع أن بابل لم تكن في أيام إشعياء قد بلغت مجدها، ومع ذلك ترد هذه النبوة العجيبة في أصحاح 13 « تصير بابل بهاء الممالك وزينة فخر الكلدانيين كتقليب الله سدوم وعمورة ».

وهناك بلاد كثيرة أُخربت ثم أعيد بناؤها، لكن بابل حتى يومنا هذا ومن آلاف السنين لم تُبنَ. ذلك لأن الله قال عن خرابها « لا تعمر إلى الأبد ولا تُسكن إلى دور فدور ». واليوم يعمل بين أطلالها الأعراب كمرشدين للسياح الذين يزورون آثارها، لكنهم يرفضون رفضاً باتا أن يبيتوا فيها، بسب اعتقاد راسخ ومتوارث أنها مسكونة بالأرواح الشريرة. وعن هذا الأمر أيضاً جاءت الإشارة « لا يخيم هناك أعرابي ولا يربض هناك رعاة، بل تربض هناك وحوش القفر ويملأ البوم بيوتهم وتسكن هناك بنات النعام وترقص هناك معز الوحش » (إش 13).

صوُر: وعن صور أيضاً، وكانت وقت النبوة عنها من أقدم الممالك وأكثرها غنىٍ، جاءت نبوة عجيبة فى سفر حزقيال بأنها ستُهدم وتخرب وأنها ستسوى بالأرض، إذ سيرمى أطلال مبانيها فى البحر « يضعون حجارتك وخشبك وترابك فى وسط المياه .. وأصيرك كضح الصخر فتكونين مبسطاً للشباك لا تبنين بعد، لأني أنا الرب تكلمت يقول السيد الرب » (حز 26).

ورغم أن موقع المدينة ممتاز ويصلح لإقامة مدينة عظيمة عليه، لأن المياه العذبة والـوفيرة، والتي تقدر بنحو 10 مليون جالون يومياً، تُرمى في البحر، إلا أنه - وتتميماً لقول الكتاب المقدس - لم تُبنَ حتى اليوم، ولن تُبنَى. ولا يرى الزائر لموقعها إلا الصيادين وهم باسطون شباكهم للصيد!

ولقد أوضح عالم الرياضيات الأمريكي الدكتور بيتر ستونر، أن احتمال إتمام النبوة الخاصة بخراب صور على نحو ما ورد فى حزقيال 26 لو تُرِك للصدفة هو بنسبة 1 : 75 مليون. ومع ذلك فقد تمت النبوة بحذافيرها!!

7- طابع الأيام الأخيرة

تحدثنا الأجزاء النبوية فى العهد الجديد، بوضوح عن وصف الأيام الأخيرة ويمكن تقسيمه كالآتي:

أولاً : فى دائرة الاعتراف المسيحي

الناس يقسّون قلوبهم ويرتدون عن الإيمان؛ فيرِد في 2تيموثاوس 3 وصف للحالة الأدبية هكذا: « محبين لأنفسهم محبين للمال … محبين للذات » وأيضاً « مستكبرين.. غير طائعين لوالديهم غير شاكرين دنسين.. الخ ». أَيمكن إجمال وصف الناس لاسيما فى البلاد التى أشرق عليها نور المسيحية بكلمات أدق من هذه؟!

ثم في 2بطرس2، 3 نجد وصفاً للمعلمين الكذبة، وللكافرين المستهزئين. أَوَلا يملأ هذان الفريقان العالم المسيحي طولاً وعرضاً كما قال بطرس.

وأخيراً نجد في رؤيا 3 وصفاً للحالة الكنسية العامة (في دور كنيسة اللاودكيين) حيث يرد القول « هكذا لأنك فاتر. . . أنا مزمع أن أتقيأك من فمي ». فالفتور والادعاء الكاذب، وهما السمتان البارزتان للحالة الروحية فى الكنيسة اليوم، سبق الله وذكرهما فى الكتاب المقدس من ألفى سنة.

ثانياً : الحالة الاجتماعية للناس بصفة عامة

الحروب والإرهاب، والسلام يكاد ينعدم؛ فيرِد في لوقا 21 ما يعتبر وصفاً دقيقاً لهذه الحالة: « على الأرض كرب أمم بحيرة ». فها علامات الاستفهام غائرة على الوجوه، والأمراض العصبية والنفسية والقلق أصبحت من سمات العصر. « البحر والأمواج (صورة لجماهير الناس - رؤ17: 15) تضج، والناس يغشى عليها من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة » (ع25،26)، ومن فينا لا يحس بحيرة رجل الشارع العادي، وحيرة رجال الحكم أنفسهم بسبب الإرهاب والجماعات المتطرفة والاضرابات. « لأن قوات السموات تتزعزع » الأمر الذى نراه فى افتقار رجال الحكم للمهابة والاحترام اللذين كانا لهم سابقاً. فأولئك الذين رتبتهم السماء كحكام للحفاظ على الأمن، لم يعودوا هم أنفسهم فى أمان. ولم يشهد أي زمان آخر حوادث عن اغتيالات وانقلابات كما يشهد هذا الزمان الذى نعيش فيه!!

* * * *

بعد هذا العرض السريع لبعض النبوات التى تمت فى دقة عجيبة، هل لازلت فى شك عن أمر هذه الكلمة أو مصدرها؟! « إن قلت فى قلبك كيف نعرف الكلام الذى لم يتكلم به الرب ؟ فما تكلم به النبى باسم الرب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذى لم يتكلم به الرب » (تث 18: 21،22).

أرأيت إذاً لماذا يحارب الشيطان هذا الكتاب بكل قوة؟ لأنه الكتاب الوحيد الذي يخبرنا عن نهاية الشيطان ومصيره، الذي هو نفس مصيرك بالأسف إن كنت مصمماً على احتقار كلمة الله.

« فالذي خاف كلمة الرب .. هرب بعبيده ومواشيه إلى البيوت. وأما الذى لم يوجه قلبه إلى كلمة الرب فترك عبيده ومواشيه فى الحقل» (خر9: 20، 21).

يا أخي لا تُعطِ أذناً لحيل الشيطان. اقرأ كلمة الله. وتمسك بثبات بالكتاب المقدس كمعتمدك الكلى.

وسفرُ السما دائمٌ لم يزلْ
وصاحبه من قديمِ الأزلْ
وحدَّد فيه ختامَ الأجَلْ
ومن قد تكبَّر ضاعَ وذَلْ

فكيفَ الهلاكُ به قد وَصَلْ
وبالفعلِ قولُ الكتابِ حَصَلْ
عصا موسى قد بَلعتْ كلَ صِلْ
تحقَّق فيه زوالُ الدولْ
وسلطان ربِّ السماءِ كَملْ

يداً تكتبُ فاعتراه الخبلْ
بآلافِ جيشِه، كيف فَشَلْ
وأفنى الجيوشَ، مضى بالخجلْ

ولكنَّ عند النهارِ تُشَّلْ
وقافلةُ اللهِ سوف تظلْ
لأنها تخشى الضيا المشتعلْ
فإن الثعالبَ خلفَ الجبلْ
فأمسكْ بذا النورِ حتى تَصلْ

نرى في الكتابِ بلوغَ الأجلْ
ومهما تسطَّر فيه عُمِلْ
وتخضرُّ أوراقُها وتُطِلْ
نراها. فهل بعد ذا من مثلْ؟

ويبقى العُواءُ فلا تنذهِلْ
وفيه الغذاءُ وفيه الأملْ!

تزولُ الجبالُ وتفنى الدُّوَلْ
وكيف يزول وربُ السماءِ
وسجَّلَ فيه قيامَ الشعوبِ
وأعلن فيه مصيرَ الملوكِ

تحداه فرعونُ مصرَ قديماً
طَوتْهُ المياهُ ومعه الجيوشُ
وكم حاولتْ هدمَه من أفاعي
سلوا دانيآلَ يفسِّرُ حلماً
وقومةَ مُلْكِ السماءِ العظيمِ

سلوا بيلشاصر حين رآها
سلوا سنحاريبَ تحدى الإلهَ
ملاكٌ وحيدٌ من اللهِ جاءَ

فتلك الخفافيشُ بالليلِ تسعى
وتلك الكلابُ ستنبحُ دوماً
وتلك الثعالبُ لابد تعوي
فلا تدهشنَّ لهذا العواءِ
وإنه برهانُ نور السماءِ

ونحن بهذا الزمانِ الأخيرِ
نرى حولنا ما حواهُ الكتابُ
تنبأَ عن دوحةِ التينِ تزهوُ
وها نحن في ذا الزمانِ الأخيرِ

سبيقى الكتابُ على العرشِ نوراً
تصفّحْه دوماً ففيه الضياءُ

زكريا عوض الله

يا أخي لا تُعطِ أذناً لحيل الشيطان. اقرأ كلمة الله. وتمسك بثبات بالكتاب المقدس كمعتمدك الكلى.

* * * *

*يترجم البعض إشعياء 19: 7 هكذا «البردي على السواقي ... تتلف وتتبدد ولا تكون» وهذا ما تم فعلاً فاضمحلت زراعة البردي التي اشتهرت بها مصر في الماضي

*قال الكاتب العربي عبد اللطيف البغدادي (الشهير بابن اللباد) من القرن الثاني عشر «كانت ممفيس مدينة زاهرة أيام إبراهيم ويوسف وموسى، ولوقت طويل أيضاً قبل وبعد هذه الفترة، حتى حكم نبوخذنصر ... إذ ظلت مصر فى حالة خراب أربعين سنة .. والسبب إن ملك مصر ضمن ملجأ لليهود الذين هربوا من وجه نبوخذنصر»117.

لاحظ أن دانيآل حدد عدد الإمبراطوريات العالمية بأربعة فقط. وكم هو مثير أن تعرف أن كل محاولة عملت لإقامة إمبراطورية خامسة قد انتهت بالفشل. فنحو عام 800م. حاول شارلمان إنشاء إمبراطـورية أوربية لم يكتب لها النجاح. ثم حاول نابليون أن يبني إمبراطورية يكتب لها البقاء لفترة أطول، لكنه فشل ومات منفياً في جزيرة سانت هيلانة. وأخيراً جاء هتلر وأسس الرايخ الثالث وحاول إبتلاع كل أوربا، وقد وصل به الغرور أن قال في إحدى خطبه إن إمبراطوريته ستستمر ألف سنة121. لكن الله كان قد قال شيئاً آخر؛ فلقد قال إن مملكة المسيح هي التي ستستمر ألف سنة (رؤ20)، وانتهي هتلر إلي مصير غامض. وكما فشلت كل محاولات إنشاء إمبراطورية خامسة، هكذا فشلت أيضاً محـاولات إحياء إمبراطورية الفرس التي حاول القيام بها شاه إيران المخلوع. ونحن نؤمن أن العالم اليـوم علي وشك مشاهدة لا ميلاد إمبراطورية جديدة، بل إحياء للإمبراطورية الرومانية تحت زعامة روما كما يخبرنا الكتاب المقدس في سفري دانيآل والرؤيا

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.