أقول لكم وإن كان لا يقوم ويعطيه لكونه صديقه، فإنه من أجل لجاجته يقوم ويعطيه قدر ما يحتاج (لو11: 8)
التعليم الروحي في هذا المَثَل مهم. فنحن نذهب إلى الصديق المقتدر: المسيح الذي ليس مثله صديق، المحب الألزق من الأخ، وعلينا ألا نخشى مُطلقاً أننا سنزعجه، لأنه دائماً يرحب بنا، فهو قبْل أن يترك الأرض، وعلى مسمع من تلاميذه الأحباء، قال: « لأجلهم أقدس أنا ذاتي » (يو17: 19).
ثم إننا نذهب إليه بشعور العوز المحتاج، كما قال الصديق في المَثَل: « ليس لي ما أقدمه له ». آه لو أحس كل مَنْ أخذ خدمة من الرب أنه ضعيف في ذاته وعاجز. عندئذ ستصبح صلواتنا بلجاجة هي أملنا وملجأنا الوحيد. إن الصلاة بصفة عامة تستلزم شخصاً مسكيناً بالروح، يحس بأنه لا يملك شيئاً، فينال من الرب كل شيء.
ثم إننا نطلب من الرب لأجل صديق لنا: قد يكون هذا الصديق هو الزوج أو الابن أو الأخ. أو قد يكون هو أخاً مؤمناً معنا، أو قد يكون شخصاً بعيداً عن الله، لكننا بعواطف المسيح نحبه ونتمنى له الخلاص.
وبالإضافة إلى ذلك فعلينا عندما نذهب إلى الرب للطلب، أن نطلب طلباً محدداً. كان الطلب في المَثَل « ثلاثة أرغفة ». وهي طبعاً تشير إلى شيء أعظم بكثير من مجرد الطعام البائد، إنها تشير إلى الطعام الباقي للحياة الأبدية.
على أن الدرس الرئيسي في المَثَل هو ما ورد في ع8، إذ يقول المسيح « أقول لكم وإن كان لا يقوم ويعطيه لكونه صديقه، فإنه من أجل لجاجته يقوم ويعطيه قدر ما يحتاج ». وتعبير « لجاجته » يعني حرفياً « عدم خجله » : فعادة تصرف كهذا من الصديق النائم، كفيل بأن يجعلنا ننكص على أعقابنا. أما هذا الصديق الطالب، فقد قبل أن يُعامل كما لو كان شحاذاً.
ونجد نموذجاً عجيباً لهذه اللجاجة في المرأة الفينيقية التي أتت لتطلب لأجل ابنتها (مت15: 21-28)، والرب لم يصرفها فارغة، بل أعطاها حاجتها.
لاحظ قول الرب في المَثَل إن الصديق أعطى صديقه لا بقدر ما طلب، بل بقدر الاحتياج. ويؤكد الرسول بولس على هذا الفكر ويقول: ليس إن الله سيعطي فقط بقدر ما نحتاج، بل « فيملأ إلهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع » (في4: 19).
يوسف رياض
|