أقول لكم وإن كان لا يقوم ويعطيه لكونه صديقه، فإنه من أجل لجاجته يقوم ويعطيه قدر ما يحتاج (لو11: 8)
معنى هذا المثل بسيط: لقد ذهب الصديق إلى صديقه في نصف الليل طالباً ثلاثة أرغفة. فلقد أتى إليه ضيف في هذه الساعة المتأخرة، وليس له ما يقدم لضيفه الذي وصل إليه مُنهكاً وجائعاً. والجار الصديق انزعج في بادئ الأمر من جرّاء إيقاظه في هذه الساعة المتأخرة من الليل، ولم يأبه قط للنهوض. لكن بعد أن واصل الصديق الطالب قرعاته وتوسلاته، قام جاره أخيراً وأعطاه بقدر ما يحتاج .. والمفارقة هنا واضحة بين الله وذلك الصديق:
ـ فالله لا ينعس: كما هو مكتوب « لا ينعس ولا ينام حافظك » (مز121: 3،4).
ـ كما أن الله لا ينزعج: قال أحدهم إن الله يُسَّر أن يعطي أكثر مما نُسر نحن أن نأخذ، وهذا يتفق مع كلمات المسيح الشهيرة: « مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ » (أع20: 35).
ـ ثم هو أيضاً لا يعتذر: إنه مُلتزم بوعده العظيم: « ادعُني في يوم الضيق، أنقذك فتمجدني » (مز50: 15).
ومَنْ يذهب لصديق في وقت كهذا ليطلب منه، ينبغي أن يكون على ثقة من ثلاثة أشياء: عُمق علاقته بهذا الشخص الذي يلجأ إليه، ثم كفاية موارد هذا الشخص، وثالثاً: رغبته في العطية. وهذه الأمور عينها ينبغي توافرها في الصلاة « يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود، وأنه يجازي الذين يطلبونه » (عب11: 6).
ويا له من حق رائع أن الله صديق لنا! لقد دُعيَ إبراهيم خليل الله، لكن ليس إبراهيم فحسب، بل قال المسيح لتلاميذه « سميتكم أحباء » (يو15: 15). وما أروع أن نعرف أن الله هو الصديق الوحيد الذي يمكننا أن نمضي إليه في وقت مناسب وغير مناسب. فحقاً ليس سواه يمكننا أن نمضي إليه في نصف الليل، أي عندما تشتد الظلمة في حياتنا ونكون في محنة. أما الآخرون، مهما كانوا، فلا. قال الحكيم: « لا تدخل بيت أخيك في يوم بليتك » (أم27: 10).
أخي العزيز، دعني أسألك: هل أنت في شركة مع الله في النهار، إلى الدرجة التي لا تحس فيها بحرج أن تمضي إليه في نصف الليل؟! هل تتلذذ بالرب في وقت السعة، بحيث يمكنك أن تلجأ إليه في أزمنة الضيق؟ (مز9: 9). مكتوب « إن لم تلمنا قلوبنا، فلنا ثقة من نحو الله » (1يو3: 21).
يوسف رياض
|