وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد تبرر في الروح تراءى لملائكة كُرِز به بين الأمم أُومن به في العالم رُفع في المجد (1تي3: 16)
إن « سر التقوى » بدأ الخطوة الأولى كمن « ظهر في الجسد ». ثم إن الذي « ظهر في الجسد » كان هدفاً لإهانات الناس. فماذا كان جواب السماء على هذه الإهانات؟ « تبرر في الروح » وذلك بالقيامة أو الإقامة من الأموات باعتبار أنه أقام نفسه (يو2: 19).
وبعد القيامة وطبقاً للتسلسل التاريخي كنا نتوقع أن يقول « رُفع في المجد » لكن روح القداسة أبقى هذه الحلقة من السلسلة إلى الآخر، وله قصد في ذلك إذ يقول بعد القيامة « تراءى لملائكة » وهذا حق فإنه وهو في مكان الرفعة في الأعالي لا يراه سوى الملائكة الذين يسجدون له « والفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه ». ثم الحلقة التالية « كُرز به بين الأمم » ليس ذلك في أيام جسده، حيث أن الرب لم يبارح أرض إسرائيل وأوصى تلاميذه « إلى طريق أمم لا تمضوا » (مت10: 5) لكن بعد أن رُفض من الأمة وبعد القيامة قال لهم « إذهبوا إلى العالم أجمع ». ثم تأتي حلقة أخرى « أُومن به في العالم ». لقد طالت يد الإيمان المسيحي حتى وصلت إلى « العالم »، أليس هذا عين ما قاله بفمه الكريم لتلاميذه بعد القيامة؟ « اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم ».
وأنت ترى أيها القارئ العزيز أن الخطوات متعاقبة تاريخياً فيما خلا الصعود. فقد جاء القول أخيراً « رُفع في المجد ». لقد استبقى الروح القدس هذه الحلقة للآخر وكأنها في غير موضعها كما كنا نتوقع، والسبب نراه في الأقوال التي تلي « رُفع في المجد » مباشرة، إذ نقرأ « ولكن الروح يقول صريحاً أنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحاً مُضلة وتعاليم شياطين » (1تي4: 1). فلماذا حدث ذلك؟ السبب كما ورد في رسالة كولوسي هو دخول الفلسفة الوثنية والتقاليد اليهودية التي قادت إلى الانتفاخ مـن قِبَل الذهن الجسدي وعدم التمسك بالرأس المجيد (الذي رُفع في المجد) (كو2). إن ارتفاع الرب ـ له كل المجد ـ والنظرة الساجدة إليه وهو في المجد، ترياق ضد السير في طريق الارتداد وضمان ضد التحول إلى « الأرواح المُضلة وتعاليم الشياطين »، ضد التصوف الوثني الذي يرى في الزواج المقدس نقيصة تخدش دعواهم بالطهارة، والذي يزعم أن في بعض خليقة الله الجيدة رذيلة تدنس الجسد. لكن التمتع بالمسيح المرتفع في المجد يحفظنا من هذه الأضاليل.
أديب يسى
|