لم أجد ولا في إسرائيل إيماناً بمقدار هذا (لو7: 9)
يسطّر لنا الروح القدس أقوالاً مباركة عن شخصية هذا القائد، نستخلص منها دروساً مباركة لنا. وبالرغم من الدروس المستفادة وبريق حياة هذا الرجل، نرفع عيوننا من عليه ونضعها على السيد الكريم والمعلم العظيم الذي تتنوع فيه الكمالات وتضيء بألوان مختلفة جذابة برزت في حياته المباركة التي عاشها على الأرض، حياة أدخلت السرور لقلب الآب المُحب الذي شهد عنه قائلاً: « هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت ».
أولاً: ظهرت المحبة في حياة قائد المئة إذ شهد الروح القدس عنه بالقول « وكان عبد لقائد مئة مريضاً مُشرفاً على الموت وكان عزيزاً عنده ». وأيضاً شهد شيوخ اليهود بقولهم « لأنه يحب أُمتنا » (لو7: 5).
لكن أين هو من المحب العظيم الذي يحب الخطاة وبذل نفسه عنهم؟ وكذا محبته لخاصته محبة إلى المنتهى، محبة قال عنها الرسول بولس « محبة المسيح الفائقة المعرفة ».
ثانياً: ظهرت حكمة هذا الرجل عندما قال عبارتين لسيدنا المعبود: بأني لست أهلاً أن آتي إليك، لأنه ميَّز أن المعبود الكريم يهودي، فكيف يقترب أممي إلى يهودي. والعبارة الثانية « لست مستحقاً أن تدخل تحت سقف بيتي » كأنه يقول أنت طاهر وقدوس وكيف تدخل إلى بيت نجس. لكن بوناً شاسعاً من حكمة هذا الرجل وفهمه، وبين مَنْ قال عن نفسه « أنا الحكمة، أسكن الذكاء...أنا الفهم » (أم8: 12،14).
ثالثاً: كما نرى في العبارتين السالفتين: الاتضاع الذي أظهره قائد المئة تجاه السيد. لقد شابه يوحنا المعمدان في قوله: لست أهلاً أن أنحني وأحل سيور حذاءه، وبولس في قوله: « أنا الذي لست أهلاً أن أُدعى رسولا ». بحق اتضاع يلذ لقلب الله. ولكن هذا يقودنا إلى المتواضع الحقيقي الذي قال: « وتعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب » (مت11: 29) ـ ذاك الذي قال عن نفسه « أنا دودة لا إنسان »، والذي وضع في مذود بيت لحم. اللابس النور كثوب، اكتسى في طفولته بأقمطة. الذي وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب (في: 8)
رابعاً: وتسطع صفة أخرى هى الإيمان الذي وضح في قوله « قُل كلمة فيبرأ غلامي ». ولكن ما أروع سيدنا رئيس الإيمان ومكمله. نعم فاق الكل ذا الخليل .. له كل المجد.
خليل حزقيال
|