أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي (مز73: 28)
بعد دخول الخطية إلى العالم تم فينا القول « كلنا كغنم ضللنا، مِلنا كل واحد إلى طريقه.. » (إش53: 6)، وفي جهلنا قلنا لله « ابعُد عنا وبمعرفة طرقك لا نُسرّ.. » (أي21: 14). لكن الله في نعمته أخذ طريقه إلينا في المسيح فأصبحنا نحن البعيدين، قريبين بدم المسيح (أف2: 13). إن الرب يقصد من اقترابنا إليه خيرنا، ونحن نفعل حسناً إن أدركنا ذلك، وعشنا قريبين منه عملياً. فالاقتراب إلى الله:
دواء: يعالج القلب والنفس. فبعيداً عن مقادس الله عانى آساف المرار إذ تأمل وضع الأشرار، وقابله بحياة الأبرار. لقد كان وقتها أشبه بعصفور تائه عن عشه (أم27: 8) إلى أن رجع إلى المقادس وعندها ثاب إلى رُشده وعاد إليه صوابه وانتبه إلى نظرة الله للأشرار وإلى نهايتهم في الأرض. وقد ختم اختباره بهذه العبارة « أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي ».
وكما كان الاقتراب إلى الله هو دواء آساف، فإنه هو بعينه دواء كل قديس تعطلت شركته وابتعد عن المقادس نظير نُعمي من قبله، وبطرس من بعده.
غذاء: وهذا ما اختبره « أبرام » قديماً عندما كان جالساً عند بلوطات ممرا (أي دسم)، عندما تمتع بدسم وشبع وأفراح الشركة مع الرب (تك18). وهذا ما عرف معناه داود الذي كان مُطارداً في برية يهوذا؛ وقد اشتاقت نفسه إلى الرب وإلى محضره « عطشت إليك نفسي، يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء ». فعلى قدر ما نختبر نشوفة البرية، على قدر ما نشتاق إلى الشبع بالرب. إلا أنه وهو في عُزلته ووحشة البرية التي كان فيها، عرف أن يقترب إلى الرب ليتمتع به، فأردف قائلاً: « كما من شحم ودسم تشبع نفسي » (مز63).
عزاء: وعندما تغيب الأشياء العظيمة، والأشخاص المحبوبين، والظروف الطيبة من حياتنا، فإن اقترابنا إلى الله يملأ قلوبنا تعزية ورجاء « عند كثرة همومي في داخلي تعزياتك تلذذ نفسي » (مز94: 19) فنختبر شيئاً من كلمات حبقوق الرائعة « فمع أنه لا يُزهر التين، ولا يكون حمل في الكروم، يكذب عمل الزيتونة والحقول لا تصنع طعاماً. ينقطع الغنم من الحظيرة ولا بقر في المذاود، فإني أبتهج بالرب وأفرح بإله خلاصي » (حب3: 17،18).
إسحق إيليا
|