الصدِّيق كالنخلة يزهو ... (مز92: 12)
النخلة شجرة تُزرعَّ، وثمرها كما هو معروف هو البلح. وهي لا تنبت تلقائياً بل لا بد من زراعتها والعناية بها. وهي شجرة صغيرة تختلف عن سائر الأشجار بأن نموها يكون داخلياً، حيث أن خلاياها المتوسطة الداخلية هي التي تحمل عُصارة الحياة. وحتى إذا قُطعت وصارت نبتة خشبية غليظة لا تكاد تعلو عن الأرض كثيراً، إلا أنها لا تلبث أن تنمو وتعلو نحو السماء، واللحاء الخارجي يسندها في نموها ويحمي عُصارة الحياة الداخلية، وكمية الثمر وجودته يتوقف على مدى نجاح سريان « حياتها » الداخلية.
ألا ترى معي المُشابهة في ذلك مع « الصدِّيق »؟ أليس هذا عجيباً؟ فإن نجاح حياتنا يتوقف على مدى النمو داخلياً، فإن إنساننا « الخارج » كاللحاء الخارجي للنخلة: قد يتأثر بالظروف الخارجية إلا أنه إذا كان « الداخل » سليماً فلا شيء يعطل نمونا الروحي.
والنخلة ذات فوائد كثيرة. تسجل دوائر المعارف أن للنخلة نحو 200 فائدة! وكم ذا عجيب فهي طعام، غابات، أحبال، ملابس، حُصر، فرش، مكانس، أماكن للظل، الوقاية من الريح ... وهذا بعض من كثير. وأوراقها دائمة الخُضرة لأن جذورها تضرب عميقاً في التربة لتستمد من تلك الأعماق الرطبة حاجتها، وهذا سبب اخضرارها حتى في الأماكن الجافة والتربة المُجدبة. كما أنها لا تذبل حتى في مواسم الجفاف بسبب جذورها الممتدة في الأعماق. ونحن أيضاً قد نمرّ بأوقات جفاف، ولكن دعونا نضرب بجذورنا إلى الأعماق حيث مصدر المياه الحي، وحينئذ لا نتأثر بالجفاف الذي يُحيط بنا.
والنخلة مُثمرة في عمرها الممتد. إذ أنها تحمل أجود ثمارها كلما امتدت بها السنوات، فيكون ثمرها أكثر حلاوة حينما يصل عمرها إلى الثمانين! أليس ذلك مَدعاة للتأمل؟
وماذا عنا نحن؟! أليس حري بنا أن يكون هذا هو حالنا؟ فكلما ننمو أكثر في حياتنا المسيحية، نكون أكثر حلاوة مصداقاً لقول الكتاب « الصدّيق كالنخلة يزهو« . وكم هو تصوير صادق لنا، وتشجيع في نفس الوقت لمَنْ يريدون خدمة الرب وبخاصة للمتقدمين منهم في العمر.
جرانت ستايدل
|