الخميس 2 أغسطس - آب - 2001

راحيــل


الحُسن غش والجمال باطل، وأما المرأة المتقية الرب فهي تُمدح (أم31: 30)

نعم كانت راحيل تملك ذلك الوجه الذي يأسر كل مَنْ يراه، فهذه هي شهادة الوحي المقدس عنها، لكن مأساة راحيل أنها رغم نضارة وجهها لم تملك الروح الناضرة على الإطلاق. وقصتها في الكتاب المقدس تحكي لنا هذه المأساة، وتسطرها لنا بأحرف من نار.

ولنبدأ بعلاقتها بيعقوب رجلها. لقد حرص الوحي أن يُخبرنا من البداية عن حب يعقوب لراحيل، لكنه لم يَشِر إطلاقاً إلى حب راحيل ليعقوب. لقد خدم يعقوب بسببها خدمة شاقة لمدة سبع سنين أولى، ثم سبع سنين أُخر، فماذا قدمت هي له في المقابل؟ أكانت هي المرأة الفاضلة التي ثمنها يفوق اللآليء؟ المرأة التي بها يثق قلب زوجها فلا يحتاج إلى غنيمة؟ هل صنعت له خيراً لا شراً كل أيام حياتها؟ أكانت تشتغل بيدين راضيتين أو حتى تعرف الرضا على الإطلاق؟

ذات مرة قالت راحيل ليعقوب « هب لي بنين، وإلا فأنا أموت ». وبهذه الأقوال السخيفة دلت على أن يعقوب لم يكن يمثل شيئاً كثيراً في حياتها.

كان قلب راحيل بِركة آسنة. فمع أنها تمتعت بأكبر قدر من الحب الذي تتمناه أية إمرأة، لكنها لم تُظهره لأحد قط، لا لرجلها ولا لأختها. لكن ثالثة الأثافي كما يقولون هو موقفها من الله. وفي قصة رجوع يعقوب من حاران، حادثة مؤسفة كانت بطلتها راحيل، أظهرت جانباً مُظلماً من حياتها، إذ سرقت آلهة أبيها، وكذبت عليه، كما وضللت زوجها!

صحيح إن يعقوب فشل في أمور كثيرة، إلا أن إيمانه بالله الحي الحقيقي لم يتزعزع أبداً، ولم يتجه قلبه إلى الأصنام. لكن الزوجة المُدللة لم تكن في وحدة الفكر مع رجلها في هذا الأمر الأكثر أهمية في الحياة. وبينما كان يعقوب في طريقه إلى بيت إيل ليجدد العلاقة مع إلهه، كانت راحيل متعلقة بأصنام لابان أبيها، لا بإله يعقوب رجلها.

لقد سافر يعقوب مئات الكيلو مترات ليأخذ لنفسه إمرأة، فأخذ أربعاً. لكن يا للأسف أن التي تعلق بها قلب يعقوب كانت هي متعلقة بالأصنام! ويقيناً لم تكن راحيل في هذا إمرأة فاضلة، فهل التي يطلب منها الوحي أن تنسى شعبها وبيت أبيها، كان يليق بها أن تسرق أصنام أبيها؟

بالإجمال كانت راحيل جذابة من الخارج، لكنها مُحبطة للآمال من الداخل. الوجه يلمع، لكن القلب صدأ. ولقد قال الحكيم « الحُسن غش والجمال باطل، وأما المرأة المتقية الرب فهي تُمدح » (أم31: 30).


 

يوسف رياض

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS