اثبتوا فيَّ وأنا فيكم. كما أن الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته إن لم يثبت في الكرمة (يو15: 4)
إننا لا نجد إطلاقاً أية إشارة في أي مكان عن الثبات في ابراهيم أو موسى أو داود أو دانيال. إنما واحد فقط هو الذي استطاع أن يقول قبيل رحيله « اثبتوا في » مُعطياً نفسه بهذه العبارة الوحيدة المليئة بالمعاني مركز الحصن والمجن ضد عالم الأعداء. وهو يدعو أولئك المُبغَضين من هذا العالم أن يثبتوا فيه - في شخصه المبارك - لأجل وفرة الثمر وشدة القوة ودوام السلام.
وإنه لحصن للثبات مبارك ومقدس!! إن بطرس في السجن، وبولس في روما، ويوحنا في بطمس، جميعهم وصلوا إلى سر كلمات الرب وثبتوا في المسيح. إن يسوع ابن الله قد اجتاز السماوات وجلس عن يمين الله، وتلاميذه مدعوون لأن يثبتوا فيه هناك.
لقد حملهم الإيمان في الطريق المُشرق ورفعهم إلى حيث المسيح جالس، وفيه دخلوا هم إلى ما داخل الحجاب. هناك يسكنون ويثبتون في المسيح. هناك، لهم ولنا، مدينة السكنى والثبات التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله. ونحن لسنا نرى تلك المدينة من بعيد كما فعل الآباء، لأن سيرتنا هي في السماوات، هناك نثبت في المسيح ونسكن في ذاك الذي اسمه سر وعجيب (قض13: 18).
والمرنم في سفر المزامير كان تواقاً إلى مكان مثل هذا أيضاً، ولكنه كان تواقاً إليه كملجأ بصفة خاصة إذ يقول « الساكن في ستر العلي، في ظل القدير يبيت .... بخوافيه يظللك وتحت أجنحته تحتمي » (مز91: 1-4).
ذاك الذي تغنى به المرنم كحصن ثابت مستقر، هو الذي قال لتلاميذه « اثبتوا في ». ولكن بينما نراه في العهد القديم كملجأ وحصن، نراه في العهد الجديد كالكرمة.
فهو مصدر وقوام الحياة الروحية لجميع الذين يثبتون فيه. هو الحياة عينها ومعنى الثبات فيه إظهار هذه الحياة في الأغصان بواسطة إتيانها بثمر.
ولكن المطيعون وحدهم هم المُثمرون. ولنتفكر في هذه الحقيقة، وهى أن الرب يجعل الإتيان بثمر رهناً بطاعتنا من جهة الثبات فيه ... لقد قال « بدوني (أي بالانفصال عني أو بدون الثبات فيَّ) لا تقدرون أن تفعلوا شيئا ».
و.ج. هوكنج
|