لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته (في3: 10)
كان عند الرسول بولس إيماناً بالله وخضوعاً له، لكن كان عنده أيضاً ما هو أكثر من ذلك. كان مكرساً لسيده لدرجة أنه اشتاق إلى الاشتراك مع سيده في كل شيء. لقد اشتهى فوق كل شيء أن يعرفه ويعرف شركة آلامه، ويتوق مدفوعاً برغبة شديدة إلى أن يتشبه بموته.
كثيرون منا يريدون مع بولس أن يعرفوا الرب في حلاوة الشركة يوماً بعد يوم. ونحِنّ أن نشترك في قوة قيامة المسيح، ونرغب في أن نعرف فرح الرب وسلامه. كلنا نتوق أن نكون مؤمنين ناضرين، ويسرُّنا أن نكون شهوداً مُثمرين لنعمة الله المخلّصة. لكن أن نعرف شركة آلام الرب أو بالحري أن تكون أمنية قلوبنا أن تكون لنا شركة (أو نصيب مع الرب) في الرفض من الناس وفي فقره وتألمه، فهذا شيء آخر. نريد أن نرى أنفسنا متشبهين بحياته، لكننا لسنا على يقين من أننا نشتهي أن نتشبه بموته.
صحيح قد نرضى بهذا إن كانت هذه هى مشيئة الله من نحونا. ربما نسلم أنفسنا بالإيمان لمصير كهذا، وهذا خضوع منا ولكنه خضوع سلبي. فليس في قلوبنا شعور يتقد صارخاً « إن اشتهاء قلبي أن أعرف المسيح وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته ».
إن مطمح الإنسان الطبيعي هو الإكليل بدون الصليب. مرة طلب اثنان من تلاميذ المسيح وهما يعقوب ويوحنا، أن يجلس واحد منهما عن يمينه والآخر عن يساره عندما يأتي في ملكوته (مر10: 38-40). ولما أشار الرب إلى الكأس التي كان ينبغي أن يشربها قالا بكل جرأة إنهما يشربان منها، ولكن بعد أيام قليلة تركاه وهربا مع مَنْ ترك وهرب من التلاميذ. لكن بعد القيامة لما رأيا المسيح المُقام، تحقق خضوعهما وشربا من الكأس عندما مات يعقوب بسيف هيرودس (أع12: 1،2) ونُفيَ يوحنا في جزيرة بطمس « من أجل كلمة الله ومن أجل شهادة يسوع المسيح » (رؤ1: 9).
وإذ نرجع إلى بولس نقول إن سر لذته في خضوعه الإيجابي، نجده في نكرانه المطلق لذاته. لقد حسب اتحاده بالمسيح أمراً واقعياً حقيقياً عملياً، وأقام الاعتبار لحقيقة أنه قد صُلب مع المسيح وإذ هو قد اتحد بالمسيح في موته، أصبح المسيح المُقام يحيا فيه (غل2: 20؛ رو6: 5).
ويجرام
|