« ثم رحلوا من بيت إيل ... فماتت راحيل ودُفنت في طريق أفراته التي هي بيت لحم »
(تك16:35، 19)
مدينتان تفصلهما مسافة قصيرة من الأرض لكل منهما مكانة بارزة في التاريخ المقدس. بيت إيل بدأت بداءة مُشرقة مباركة لكنها انتهت نهاية مُحزنة. أما بيت لحم فقد بدأت بالأحزان، لكنها انتهت بالفرح والأخبار السارة.
أول ذكر لبيت إيل نجده في تكوين8:12عندما وصل أبرام إلى أرض كنعان ونصيب خيمته بين بيت إيل وعاي. وبيت إيل تعنى « بيت الله ». وأما « عاي » فمعناها « كومة خراب ». والمغزى الروحي أننا في مكان الشركة مع الله، وبنظرة الإيمان نستطيع أن نرى حقيقة هذا العالم أنه كومة خراب، فهو واقع تحت القضاء والدينونة وقريباً سيزول بالحريق.
المرة الثانية التي نقرأ فيها عن بيت إيل في تكوين28 عندما خرج يعقوب من بئر سبع وذهب نحو حاران، ورأى حلماً وسمع مواعيداً عظيمة من الرب. هناك كانت بيت إيل هي التعبير عن أمانة الله ونعمته غير المشروطة. وهناك شعر يعقوب بقداسة حضور الرب، وقال « ما أرهب هذا المكان ». وفى بيت إيل أعلن الرب ذاته ليعقوب كالله القدير
(تك11:35)
.
ومن بيت إيل كان يبدأ صموئيل خدمته الناجحة، حيث كان يذهب من بيت إيل ويدور في الجلجال والمصفاة ويعود إلى بيته في الرامة
(1صم16:7)
. فالخدمة الصحيحة تبدأ من مكان الشركة مع الله.
لكن بالأسف بعد سنوات طويلة أقام يربعام بن ناباط عجلاً ذهبياً في كل من بيت إيل ودان. وهكذا تنجست بيت إيل بالعبادة الوثنية (1مل12). وفى أيامه أرسل الرب رجل الله الذي من يهوذا برسالة قضاء على شر بيت إيل (1مل13). وفى أيام آخاب خرج من بيت إيل رجل اسمه حيئيل وبنى أريحا المدينة الملعونة (1مل16). وأخيراً نقرأ عن القضاء المروع الذي وقع على غلمان بيت إيل الذين سخروا من أليشع (2مل2).
أما بيت لحم، فقد بدأت تاريخها بالأحزان. فإن أول إشارة لها ارتبطت بموت راحيل التي كانت تمثل أعز آمال يعقوب في الحياة. لقد ماتت ودُفنت في طريق أفراته التي هي بيت لحم (تك35). وهكذا كان اللحد لآماله الأرضية هو المهد لآماله السماوية. فمن بيت لحم خرج المسيح مخلص العالم
(مى2:5)
، الذي عليه رجاء إسرائيل ورجاء الأمم ورجاء الخليقة كلها.
محب نصيف
|