« الله لم يَره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر »
(يو18:1)
في هذه الآية إجابة واضحة وبسيطة وقاطعة من الله على التساؤل الذي في صدر المقال. « فيسوع » هو مُعلن الله للنفس، ومُعلن الآب للقلب. يا له من حق ثمين! إننا لسنا مدعوين للتأمل في الخليقة لنعرف الله، رغماً عما تُظهره الخليقة من صفات الله مثل قوته وحكمته وصلاحه. ولسنا مدعوين كذلك للعودة إلى الناموس الذي أعلن بره، ولا إلى التأمل في أعمال العناية رغما عما تبينه من عمق أفكاره وأسرار معاملاته وسياسته معنا.
كلا. إن أردنا أن نعرف مَنْ هو الله، فعلينا أن ننظر إلى وجه « يسوع المسيح » الذي هو كائن في حضن الآب منذ الأزل، وهو دائماً لذته، مركز عواطفه ومشوراته. هو الذي يعلن الله لنفوسنا. وبالإيمان يمكننا أن نتفرس في ذلك الشخص المبارك، ويمكننا أن نرتسم طريقه العجيب على الأرض .. نراه وهو يصنع خيراً ويشفى جميع المتسلط عليهم إبليس. يمكننا أن نلاحظ كل نظراته، وكلماته، وأفعاله، وطرقه .. نراه يشفى المريض، ويطهر الأبرص، ويفتح عيني العُمى، ويُعيد السمع للأصم، ويُقيم المقعد.
يمكننا أن نراه يُقيم الموتى، يجفف دموع الأرملة، يشبع الجموع ويجبر كسر القلوب. بإمكاننا ملاحظته وهو يواجه كل نوع من الاحتياجات الإنسانية، يلطف أحزان البشر، ويبطل مخاوفهم، وهو يعمل كل هذه بنعمة عجيبة وجاذبية رائعة، تجعل كل واحد يشعر بأن ذلك القلب الـمُحب والعظيم يجد سروره في سداد احتياجه هو شخصياً.
وفى كل هذا كان يعلن الله للإنسان. ولذلك فإن كنا نريد أن نعرف الله فعلينا ببساطة أن ننظر إلى المسيح. وفى ذلك الراحة الحقيقية للقلب، وبذلك نعرف الله الحي الحقيقي، ويسوع المسيح الذي أرسله. ونحن نعرفه كإلهنا وأبينا والمسيح ربنا ومخلصنا المعبود.
لنا أن نفرح بشخصه، ونسير برفقته، نستند عليه، ونثق فيه. نتعلق به ونقترب منه، نجد كل ينابيعنا الحية فيه ونفرح بشخصه طول اليوم.
وبإمكاننا أن نجد طعامنا وشرابنا في عمل مشيئته، وإتمام مقاصده، وإعلان مجده. هذه هي المسيحية الحقيقية. ولن يشبعك أي مستوى أقل من ذلك أبداً.
ماكنتوش
|