« إن أحبني أحد يحفظ كلامي ... وإليه نأتي وعنده نصنع منزلا »
(يو23:14)
لقد صرنا جميعاً بالإيمان بالمسيح شركاء البركة بفضل الحياة الأبدية. وأول نواحي البركة أن لنا شركة مع الآب. وكيف لنا هذه الشركة؟ لأن لنا ابنه يسوع المسيح.
إن سرور الآب هو في الابن، وهكذا سرورك وسروري. فالآب وأولاده لهم سرورهم العميق، سرورهم الواحد المشترك في الابن. الآب أرسل الابن وأعطاه لنا، ونحن لنا هذه الحياة العجيبة لأن لنا الابن، وهو بكل ما حوى من صفات ومشتهيات لابد وأن يكون موضوع مسرة مَنْ لهم الحياة الأبدية. غير أن الآب وحده هو الذي يعرف الابن معرفة كاملة. وهو لذلك يقدّر الابن تقديره الصحيح الجدير به، وهذا ما لا نجرؤ أن نقوله عن أنفسنا، ولو أننا نملك الابن ونحبه ونُسّر به. وهذا كله بروح الله وعلى قدر طاقتنا وقياسنا. وهذه هي الشركة مع الآب في الابن يسوع المسيح.
ولكن كيف لنا شركة مع ابنه؟ لنا شركة معه في الآب الذي هو أبوه وأبونا. لقد كان الابن في علاقة أزلية مع الآب، وقد شاءت مسرته بالاشتراك مع مشيئة أبيه ونعمته أن يعلنه لنا كأبينا
(قارن يوحنا17:20)
. فلم يكن كافياً أن يُرينا الآب. هذا كان يكفى الرسول فيلبس، كما قال أرنا الآب وكفانا، ولكنه لم يكن يكفى المحبة الإلهية. لقد كان شوق الآب أن يكون لنا بمعنى الكلمة وأن نكون نحن أولاداً له. وبذلك فنحن الآن أولاد الله وبالتبعية لنا شركة مع الابن بالنعمة، كما أن الابن في حقوق اللاهوت. وهكذا لنا شركة مع الآب لأن لنا الابن، ولنا شركة مع الابن لأن لنا الآب. وهل يمكن إلا أن يكون فرحنا كاملاً؟
إن السماء نفسها والمجد الأبدي يتضاءلان أمام هذه البركة العظمى، مع أن لنا كليهما أيضاً. فلو كنا عرفنا عن هذه الشركة دون أن تكون لنا، هل كان يمكن أن يكون فرحنا كاملاً كما هو؟ إننا لا ننتظر لحين ما ننطلق ونكون مع المسيح لتكون لنا هذه الشركة، ولا حتى إلى أن تتغير أجسادنا على صورة جسد مجده عند مجيئه. فهي لنا من الآن، وليس سوى عدم الإيمان هو الذي يحرم أي واحد من أولاد الله من التمتع بها الآن وعلى الأرض. وفضلاً عن ذلك فقد أُعطينا الروح القدس شخصياً كالقوة الإلهية للاستمتاع بهذه الشركة.
وليم كلى
|