« وكان أليشع يرى وهو يصرخ يا أبى يا أبى مركبة إسرائيل وفرسانها. ولم يره بعد »
(2مل12:2)
تميزت خدمة النبي إيليا بهذه العبارة « الرب الذي أنا واقف أمامه ». وكانت هذه الشركة هي أحد أسرار القوة في حياته.
أما السر الثاني فهو أنه كان رجل صلاة، إذ يقول لنا يعقوب أنه بلجاجة « صلى صلاة أن لا تُمطر »
(يع17:5)
. ولقد صلى عندما كان مزمعاً أن يُقيم ابن الأرملة (1مل20:17، 21) وصلى أمام الشعب فوق جبل الكرمل
(1مل36:18)
. وأخيراً صعد إلى رأس الكرمل وخرَّ إلى الأرض وجعل وجهه بين ركبتيه، فعل ذلك سبع مرات متتالية!
أما السر الثالث لخدمته فهو الخضوع والطاعة اللذان كونّا طابع حياته في كل مرة قال الله له فيها « اذهب » (1مل3:17-8، 1:18، 15:19).
ولقد عاش إيليا معظم حياته وحيداً. وكان عليه أن يواجه بمفرده عند جبل الكرمل أربعة مئة وخمسين نبياً للبعل، والملك نفسه، فيقول « أنا بقيت نبياً للرب وحدي »
(1مل22:18)
، وهى عظمة بكل يقين لإيليا، لكنها أنبتت فيه أصل مرارة « أنا وحدي ». فهذا التعبير يفيد الاكتفاء بالذات وخيبة الأمل من خدمة بلا ثمر بحسب الظاهر، وهذا قاده إلى الكبرياء. لذلك كان لابد من أن يدخل إيليا مدرسة الله ليتعلم الدرس المؤلم.
لقد هددته إيزابل بالقتل، وخوفاً من تهديدها هرب إلى جنوب البلاد، وإمعاناً في البُعد سار في البرية مسيرة يوم حتى أتى وجلس تحت رتمة وطلب الموت لنفسه وقال قد كفى يارب خُذ نفسي لأنني لست خيراً من آبائي «
(1مل4:19)
. هل كان حقاً يظن أنه خير من آبائه؟! إنه نفس الفخ الذي وقع فيه بطرس « وإن شك فيك الجميع فأنا لا أشك »
(مر29:14)
.
يُجيز الرب أمام إيليا كل قدرة دينونته: الريح العظيمة، الزلزلة، النار، لكن لم يكن الرب في هذه الأشياء. ويأتي بعد ذلك صوت منخفض خفيف قائلا: ما لك ههنا يا إيليـا؟ ثم قال له اللـه « اذهــب راجعا » هل ظننت أنك النبي الوحيد، إن لدىّ نبياً آخر « امسح أليشع بن شافاط نبياً عوضاً عنك »، وهل ظننت أنك الأمين الوحيد؟ لقد أبقيت لنفسي سبعة آلاف كل الركب التي لم تجثُ للبعل.
تعلم إيليا الدرس، واستعاد شركته مع الله ونشاطه في الخدمة، وانتهت حياته بتقدير الرب لخدمته بأخذه إلى السماء في مركبة نارية!
جورج أندريه
|
