الجمعة 1 ديسمبر - كانون الأول - 2000

تجميل النعمة


« وأنت متى رجعت ثبِّت أخوتك » (لو32:22)

يحق لدارس حياة الرسول بطرس أن يتعجب! كيف وقع الاختيار على ذلك التلميذ المتسرع والمندفع ليكون كاتب لكلمات على جانب كبير من الرقة، وكأروع ما تكون كلمات التعزية التي وقعت على مسامع القديسين المتألمين المضطهدين؟! لكن هذا ما حدث. وهذا نرى فيه صنع الفخاري العظيم الذي « عاد وعمله وعاء آخر كما حسن في عينيه ». وتم ذلك عن طريق كلمات الفخاري ونظراته ومعاملاته مع هذا الوعاء فخرج إناء للصائغ. لقد كان الرسول بطرس يختلف تماماً وهو يكتب رسائله عن ذلك الصياد الذي كان في حياته الأولى يمنطق نفسه ويمضى حاملاً أدوات الصيد، بل وعن ذلك التلميذ الذي نبذ كل شئ ليتبع المعلم بدافع الإعجاب. لقد تماسك الرمل وأصبح صخراً، وأضعف العمر من قوة الرسول وأخذ عنه نضارته « وأنت متى شخت »، وأحنى هيكله وكلل بالشيب رأسه فتحول من اتكاله على نفسه إلى مَنْ هو عظيم في قوته، وتخلى عن مهارته وحكمته هو ليستند على الكُلى الحكمة، ولانت طبيعته تحت تأثير الضيق والألم وأصبحت رقيقة لطيفة. لقد تمت فيه أخيراً بمعنى أكثر عمقاً كلمات الرب له « وأنت متى رجعت ثبّت أخوتك » وهكذا أصبحت طبيعته رقيقة لطيفة وديعة شفوقة، تحولت إلى تربة خصبة ينمو فيها البلسم الشافي للجراح، وأطياب التعزيات الإلهية.

كم عملت النعمة الغنية في ذلك الإناء. لقد أصبح يستخدم سيف الكلمة بعد رّد سيفه إلى مكانه، وأصبح يشجع على السهر والصحو بعد أن اختبر مرارة النوم، وأصبح راعياً بعد أن ضلت خطواته وتعثرت قراراته فرجع إلى البحيرة، لكننا نراه الآن إناءً نافعاً للسيد متأهباً لكل عمل صالح، يقوم بتثبيت أخوته.

بل أخيراً نراه وقد أصبح مؤهلاً أن يخلع مسكنه وأن يخرج من العالم بميتة لم يكن ينتظرها، لكن أمامه وأمام مَنْ يكتب لهم المجد الأبدي.

أنجز ياربي قصدك بي فـإن قلبي واهٍ جريــــح
امـلأ حياتي بروحــــك كي يتجلى فيَّ المسيـح


 

ف.ب. ماير

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS