« نهر سواقيه تفرح مدينة الله مقدس مساكن العلي »
(مز4:46)
حذار أن ننسى النهر بسواقيه التي تفرح. قديماً كان نهر يخرج من عدن ليسقى الجنة، ومن هناك ينقسم إلى أربعة رؤوس. وفى الأرض الألفية سوف يخرج نهر ماء الحياة من عرش الله والخروف وعلى شاطئيه شجرة الحياة بثمارها العديدة (رؤ1:22-2،حز1:47-12). ومنبع هذا النهر الذي يسقى الفردوس الأرضي والذي كان يتطلع إليه الروح النبوي في المرنم، هو مدينة الله، المقدس الذي كان يسكن فيه العلي. ومن هناك تنساب مياه الراحة والهدوء التي هي على النقيض تماماً من طوفان وزوابع الضيقة العظيمة التي تزيد في عنفها وقسوتها عن كل اختبار عالمي آخر.
وسيدنا المبارك، الذي بالروح اجتاز أحزان البقية المضغوطة، كان له طريقه إلى السواقي - أي مجارى المياه، التي تفرح، إلى النهر الخارج من عرش الله. نعم، فإن رجل الأحزان استطاع أن يبتهج بالروح، فيوم رأى طوفان عدم الإيمان يكاد يجرف البذار الصالحة التي كان قد ألقاها في كورزين وبيت صيدا وكفر ناحوم، رفع بصره إلى فوق، وكالمتوكل الواثق الكامل شبع من « دسم بيته ». وإذ استكان لمشيئة أبيه قال « نعم أيها الآب. لأن هكذا صارت المسرة أمامك » ومع أن الجنة الأرضية في عدن قد مضت، ومع أن الأرض المتجددة ما تزال في طيات المستقبل. بيد أن الرب وجد انتعاشاً في ينابيع مستورة كان العالم يجهلها. حتى لتلاميذه قال يوماً: « أنا لي طعام لآكل لستم تعرفونه أنتم ». ما السر في ذلك؟ أليس هو الفرح والراحة اللذان وجدهما في أبيه وإلهه؟ وقد يتفرّق أتباعه بسبب قسوة العالم، ويتركونه وحده، بيد أنه له المجد، يقول « وأنا لست وحدي لأن الآب معي ». ومن هذه الأقوال نستطيع أن نتابع النهر إلى منبعه.
ولنا نحن قدوم وطريق إلى هذه السواقي الحية. أو لم يَقُل سيدنا « إني أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهي وإلهكم »؟ فمن حقنا إذاً أن نشرب من سواقي الرضى والإحسان هذه التي تنبع من نفس النبع السماوي النقي ونفرح بيقين صلاحه الذي لا يسقط أبداً.
رجل العهد القادم سيجد نهر السلام بعد العاصفة
(إش12:66)
. أما المؤمن فإن له الآن سواقي النعمة المفرحة خلال العاصفة. فنحن في العالم لنا ضيق، لكن لنا في الرب سلام
(مز7:36-9)
.
و.ج. هوكنج
|