آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

  قريب على الأبواب

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

الفصل الثامن

مُلك المسيح الألفي السعيد على الأرض

إذ يصفو الجو، ويوضع جميع الأعداء تحت قدمي المسيح، ويُباد جميع الأشرار من الأرض، ولا يبقى فيها إلا المؤمنون المولودون ثانية، من اليهود (اخوة الرب الأصاغر) ومن الأمم (الخراف التي عن اليمين)؛ يبدأ مُلك المسيح، مُلك البر والسلام على الأرض، الذي تفيض به كل نبوات العهد القديم.

ومدة هذا المُلك ألف سنة، كما يُذكر ذلك صريحاً ست مرات في رؤيا2:20،3،4،5،6،7؛ وكانت مرة واحدة منها تكفي للمؤمن الذي ينحني خضوعاً لكلمة الله.

وهو ملك أرضي وليس ملكاً روحياً فقط، كما يظن الكثيرون، إذ يقول المفديون صريحاً في ترنيمتهم «فسنملك على الأرض» (رؤ10:5)، أي أنه في نفس المكان الذي أُهين فيه المسيح وتألم لابد أن يملك ويتمجد. ويقول الرسول بولس عن المؤمنين أيضاً «إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضاً معه» (رو17:8)، وأيضاً «إن كنا نصبر فسنملك أيضاً معه» (2تي12:2). ولذلك قيل عن الرب يسوع له المجد «ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد» (لو32:1،33). فهل كان كرسي داود ومُلكه مُلكاً روحياً سماوياً؟ كلا إن كلا من داود وسليمان رمز للمسيح، فداود يرمز إليه كالملك الذي يحارب الأعداء ويبيدهم، وسليمان يرمز إليه كملك السلام.

فملك المسيح الألفي السعيد على الأرض هو شيء آخر بخلاف ملكوت الله الروحي الذي يدخل إليه المؤمنون بالميلاد الثاني (يو5:3). وهو تدبير آخر من تدبيرات الله العظيمة، فيه يسود المسيح على كل الأرض كابن الإنسان، آدم الأخير، بحق طاعته «حتى الموت موت الصليب»، بالمقابلة مع آدم الأول الذي فقد الملك والسلطان بسبب عصيانه. فليست بشارة الإنجيل في عهد النعمة الحاضر هي التي ستؤدي تدريجياً إلى أن تمتلئ الأرض من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر، وتمهد لملك روحي سعيد على الأرض فيه تصير ممالك العالم لربنا ومسيحه، كما يعتقد الكثيرون، لأننا نتعلم صريحاً من رسائل العهد الجديد أن أوصاف الأيام الأخيرة في المسيحية تكون على أسوأ حال روحي فتنتشر مبادئ الكفر وإنكار لاهوت ابن الله، وتعم صورة التقوى مع إنكار قوتها، ويتمشى مع ذلك جنباً إلى جنب الفساد الأدبي والإباحية وذلك في البلاد التي تدعي أنها مسيحية، بل بين من يدعون لأنفسهم مراكز قيادة في العالم المسيحي. ولعلنا نشاهد ذلك بكيفية واضحة في هذه الأيام في البلاد التي انتشر فيها مرة نور الإنجيل، ولاسيما بين قادة كنائسها، وفيما يسمونه “مجلس الكنائس العالمي”. إن رسائل تسالونيكي الثانية وتيموثاوس الثانية وبطرس الثانية ويهوذا، ترينا بكيفية واضحة جلية أن المسيحية الاسمية لا تتقدم إلى أحسن بل إلى أردأ «مضِلين ومضَلين» (2تي13:3)، «يتقدمون إلى أكثر فجوراً وكلمتهم ترعى كآكلة» (2تي16:2)، «لأنه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم فيصرفون مسامعهم عن الحق» (2تي3:4،4) «لأنه دخل خلسة أناس... فجار يحولون نعمة إلهنا إلي الدعارة وينكرون السيد الوحيد الله وربنا يسوع المسيح» (يه4). هل من مؤمن ذي عينين مفتوحتين وبصيرة روحية يرى الحالة الروحية والأخلاقية في البلاد المسيحية في هذه الأيام ويقول إن نور الإنجيل ينتشر في العالم؟ إن الأمر بالعكس تماماً. وينطبق على المسيحيين بالاسم الآن قول الرب له المجد «إن كان النور الذي فيك ظلاماً فالظلام كم يكون؟ (أي ما أكثفه وما أحلكه من ظلام)». ليس نور الحق هو الذي ينتشر بل ظلام الارتداد، فإن أيام المسيحية الأخيرة هي أيام لاودكية التي فيها يقول الرب «هكذا لأنك فاتر ولست بارداً ولا حاراً أنا مزمع أن أتقيأك من فمي. لأنك تقول إني أنا غني وقد استغنيت ولا حاجة لي إلى شيء. ولست تعلم أنك أنت الشقي والبئس وفقير وأعمى وعريان» (رؤ16:3،17).

أما الوقت الذي فيه تُغطي معرفة الرب الأرض كما تغطي المياه البحر حين «لا يعلمون بعض كل واحد أخاه قائلين اعرفوا الرب لأنهم كلهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم يقول الرب» (إر34:31)، فسيكون وقت ملك المسيح الألفي السعيد على الأرض ولا يتم ذلك بالتبشير بالإنجيل في عهد النعمة، بل بسكب روح النعمة والتضرعات على البقية في زمان الضيقة العظيمة، لإنشاء الحزن والتوبة في قلوبهم وقبول المسيح كالمخلص والملك. وبسكب روحه عليهم وحصولهم على الميلاد الثاني كما سنرى.

ومن المحقق أن ظهور المسيح وملكه مع قديسيه مدة ألف سنة على الأرض كان إيمان الكنيسة الأولى. ولا يمكن إنكار هذه الحقيقة لشدة وضوحها. ونكتفي بإيراد بعض أقوال المؤرخين. قال موسهيم “إن الراي العام عن مجيء المسيح وملكه ألف سنة بين البشر كان شائعاً ولم يعترض عليه أحد” وقال غيره “كل مؤلفات القرنين الأولين تظهر أن الاعتقاد بالألف سنة كان شائعاً بين الناس”. وقال غيره “إن التعليم الذي علمه الآباء ولم يعترض عليه أحد هو الاعتقاد بالمجيء قبل الألف سنة. هذا ما علمه الآباء بعد الرسل”. وقال آخر “إن الاعتقاد بملك المسيح مدة ألف سنة كان شائعاً في الثلاثة قرون الأولى”. وقال آخر “إن هذا الاعتقاد كان ثابتاً إلى بدء الجيل الرابع”.

ونستعرض الآن بعض الفصول من العهدين القديم والجديد التي تنبئ بملك المسيح الألفي على الأرض وأوصافه:

أعمال19:3

يقول الرسول بطرس لليهود بعد يوم الخمسين «فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب ويرسل يسوع المسيح المبشَّر به لكم قبل. الذي ينبغي أن السماء تقبله إلى أزمنة رد كل شيء التي تكلم عنها الله بفم جميع أنبيائه القديسين منذ الدهر».

فالسماء ينبغي أن تقبل المسيح لا إلى وقت زوال السماء والأرض، بل «إلى أزمنة رد كل شيء»، ويبين أن هذه الأزمنة قد تكلم عنها الله بفم جميع أنبيائه، ويسميها أيضاً «أوقات الفرج»، التي فيها يرسل يسوع المسيح من السماء كالمسيا المبشر به لهم. وقد سأل التلاميذ الرب عن ذلك الوقت، وحدثت مشاجرة بينهم عمن يكون أعظم في ذلك الملكوت، وطلبت أم ابني زبدي أن يكون واحد من ابنيها عن يمينه والآخر عن يساره في ملكوته، حتى اللص نفسه كان متشبعاً بهذه الفكرة إذ قال «اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك»، كما أن تلميذي عمواس قالا للرب في يأسهما «ونحن كنا نرجو أنه هو المزمع أن يفدي إسرائيل (بإقامة ملكه عليهم)». وقد أراد الشعب مراراً أن يختطفه ليجعله ملكاً. هذا كان موضوع الانتظار في العهد القديم. ومع أن العهد الجديد له رجاء أفضل وبركات أسمى، إلا أنها لا تتصادم مع انتظار العهد القديم ولا تضعفه بل تسير معه جنباً إلى جنب.

فبركات الكنيسة الآن سماوية، وهي مرتبطة برأسها وعريسها المقام والممجد عن يمين الله في السماوات، ودعوتها دعوة سماوية عليا، وميراثها سماوي لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لأجلها. ولكن هذا الرجاء لا يلغي مواعيد الله في العهد القديم، ولا يتعارض مع تعظيم اسم الرب في الأرض، في المكان الذي فيه تألم وأُهين. وقد حرص الوحي الإلهي على تثبيت تلك المواعيد القديمة في أيام نزول الروح القدس، أي في الوقت الذي فيه كان يمكن أن يظن أن انتظارات الأنبياء منذ الدهر قد انتهت واستُبدلت بما هو روحي وسماوي. وبذلك يؤيد الوحي أن الأرض أيضاً ستُبارك وتُتوج بأوقات الفرج، وتملأ التسبيحات كل مشهد الخليقة. أَلا يُبهج هذا قلب المؤمن؛ أن يشاهد انتصار الله على كل الشر الذي أفسد به العدو خليقته الحسنة؟

لم يكن هناك وقت فيه عمل الروح القدس بقوة عظيمة مثل ذلك الوقت الذي فيه فاه بطرس الرسول بهذه الأقوال، إذ كانت «نعمة عظيمة» على جميع التلاميذ، ولو كانت أوقات الفرج وأزمنة رد كل شيء هي أزمنة روحية لكانت أيام الخمسين الزاهرة هي أوانها، وكان يُعَد من يعتقد أنها قد أتت، بقوة الروح القدس بواسطة التأثير الروحي لإنجيل نعمة الله، على حق. ولكننا نجد أن الروح القدس بحكمته يختار ذلك الوقت بالذات ليعلن فيه على لسان بطرس الرسول بكيفية واضحة مؤكدة أن أوقات الفرج وأزمنة رد كل شيء لا تزال مستقبلة، وأنها لا تأتي إلا بإرسال يسوع المسيح شخصياً من السماء، الذي عند مجيئه لا يزيل الأرض والسماء لأول وهلة، بل يرد كل شيء إلى حالة البهجة والبركة، كما تكلم الأنبياء القديسون منذ الدهر (وسنرجع إلى كتابات الأنبياء لنتبين بوضوح طبيعة تلك الأوقات). والإشارة إلى الأنبياء لا تترك مجالاً للغموض في معنى أقوال الرسول، بل توضح بكل جلاء أنها ليست إعلاناً جديداً من إعلانات العهد الجديد، بل هي الأقوال التي تكلم بها الأنبياء في العهد القديم.

ويوضح الرسول أن تلك الأوقات السعيدة ستأتي على أثر توبتهم ورجوعهم كأمة، عندما يمس الرب قلوبهم، ويرش عليهم ماء طاهراً فيطهرون (حز25:36) ويجعل نواميسه في أذهانهم ويكتبها على قلوبهم (عب10:8)؛ وهذا توافقه أقوال الرب يسوع المسيح نفسه «هوذا بيتكم يترك لكم خراباً... حتى تقولوا مبارك الآتي باسم الرب» (مت38:23،39).

فظهور المسيح هو الذي سيأتي بالفرج والعتق لكل الخليقة، لأن الرب يسوع المسيح بعمله الكامل فوق الصليب قد وضع أساساً عادلاً متيناً لكل البركات، لا للسماء فقط ليملأها بأبناء كثيرين يأتي بهم إلى المجد، بل للأرض أيضاً ليملأها بأغاني وتسابيح الفرح والبهجة. لا للكنيسة فقط بل للأمة أيضاً حين يمحو خطاياهم، لأنه مات عن الأمة «وليس عن الأمة فقط بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد» (يو52:11). وهذا يأتي بنا إلى الاقتباس الثاني...

كولوسي19:1-22

«لأن فيه سُرّ أن يحل كل الملء وأن يصالح به الكل (كل شيء) لنفسه عاملاً الصلح بدم صليبه بواسطته سواء كان ما على الأرض أم ما في السماوات. وأنتم الذين كنتم قبلاً أجنبيين وأعداء في الفكر في الأعمال الشريرة، قد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت ليحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه».

لقد سُرَّ كل ملء اللاهوت أن يحل في المسيح جسدياً، ولكن التجسد لم يكن كافياً لعمل الصلح بل «عاملاً الصلح بدم صليبه» لذلك كانت هناك خطوة أخرى بعد التجسد الذي يحل فيه كل ملء اللاهوت، وهي «الصليب» لأن سفك دم ابن الله هو الأساس الوحيد لمصالحة كل شيء لنفسه. وهذا يدحض رأي العصريين الكافرين الذين ينكرون لزوم الكفارة.

والمصالحة هنا ليست للأشخاص بل لكل شيء «سواء كان ما على الأرض أم ما في السماوات»، أي أن المسيح وضع بسفك دمه على الصليب الأساس لمصالحة كل خليقة الله التي خلقها حسنة ولكن أفسدها الإنسان بسقوطه «إذ أُخضعت الخليقة للبطل ليس طوعاً بل من أجل الذي أخضعها (آدم) على الرجاء. لأن الخليقة نفسها أيضاً ستُعتق من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله» (رو20:8،21). والرسول يقول أن هذا سيتم عند «استعلان أبناء الله» أي عندما يظهرون بالمجد مع المسيح. وهكذا ينتصر الله في النهاية على كل أعمال العدو.

أما المؤمنون فقد تمت لهم المصالحة من الآن «وأنتم الذين كنتم قبلاً أجنبيين وأعداء في الفكر في الأعمال الشريرة قد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت (بموت المسيح الكفاري لا سواه)».

الواقع أن دليلاً كتابياً واحداً يكفي لإقناع النفس المُخلصة، لأنه صوت الله وحق الله، ومع ذلك فإننا نجد الكتاب المقدس مليئاً بالأدلة على ظهور المسيح ليقيم مملكته مملكة البر والسلام على الأرض. فلنتقدم إلى دليل آخر.

أفسس7:1-10

«حسب غنى نعمته التي أجزلها لنا بكل حكمة وفطنة إذ عرفنا بسر مشيئته حسب مسرته التي قصدها في نفسه لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شيء في المسيح ما في السماوات وما على الأرض».

لقد أجزل الله نعمته لنا بكل حكمة وفطنة، إذ كشف لنا مقاصده. نعم إذا كنا قد اتحدنا بالمسيح كجسده، فكيف لا يعرفنا بأسرار المجد التي قصد أن يعظم بها ابنه حين يجمع كل شيء في شخصه؟ إن لله مشروعاً عظيماً واسعاً لتمجيد المسيح. هذه هي مسرة مشيئته التي قصدها في نفسه لتدبير ملء الأزمنة، أن يجمع كل شيء في المسيح، وأن يضع كل شيء في السماوات وعلى الأرض تحت رئاسة ابن الإنسان المُقام والممجد. ويا له من وقت سعيد وبهيج حين تتحرر كل خليقة الله من يد الغاصب، ومن كل نتائج السقوط المحزنة، وتُوضع تحت سيادة ملك السلام الذي يستطيع أن يملأها بالبركة ويسوسها لمجد الله، فيمجد الله في الحكم كما مجده في النعمة. وكم سيكون فرح كنيسته، عروسه المتحدة به كرأسها الممجد والمرتفع فوق كل شيء، حين يأتي الوقت الذي فيه تعلن كل الخليقة مجده ويعترف كل لسان باسمه. وذلك الوقت هو وقت ظهوره بالمجد لإقامة ملكوته على الأرض. ولنتقدم إلى دليل آخر.

2تيموثاوس1:4

«أنا أناشدك إذاً أمام الله والرب يسوع المسيح العتيد أن يدين الأحياء والأموات عند ظهوره وملكوته».

نجد هنا ملكوت المسيح مقترناً بظهوره وبدينونة الأحياء والأموات. وواضح طبعاً أن هذا الملكوت مستقبل، وهو بخلاف ملكوت السماوات الذي يتخذ الآن شكلاً سرياً مدة غياب الرب عن الأرض (مت13)، ولكن الرب سيظهر ثانية ويدين الأحياء قبل إقامة ملكوته على الأرض كما هو موضح في متى25، وبعد الألف السنة سيدين الأموات أمام العرش العظيم الأبيض، كما هو موضح في رؤيا11:20-15. فكما ظهر مرة في هذا العالم ليُبطِل الخطية بذبيحة نفسه سيظهر ثانية للخلاص للذين ينتظرونه (عب28:9)، ثم لدينونة أعدائه وإقامة ملكوته.

مشهد التجلي

نجد حقيقة مُلك المسيح على الأرض متغلغلة في كل الكتاب، وفي العهد الجديد نفسه، في وسط أسمى الإعلانات المسيحية، كما رأينا. وحادثة التجلي المذكورة في الأناجيل تعطينا صورة واضحة لجمع كل شيء في المسيح، ما في السماوات وما على الأرض. ففيها نرى أناساً في أجسادهم الطبيعية (التلاميذ الثلاثة) وهم صورة لرعايا الملكوت الذين يكونون في الأرض بأجسادهم الطبيعية، وأناساً في أجساد ظاهرة بمجد (موسى وإيليا) وهما صورة للمؤمنين الذين يكونون مع المسيح في ذلك الوقت في المجد بأجساد ممجَّدة؛ إذ يمثل موسى الراقدين المقامين، ويمثل إيليا الذين يُختطفون أحياء، ونرى المسيح مركز ومحور المجد في المشهد.

ويتكلم الرب عن هذا المشهد قائلاً «إن من القيام ههنا قوماً لا يذقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتياً في ملكوته» (مت28:16). ويتكلم عنه بطرس الرسول كصورة للملكوت المستقبل قائلاً «لأننا لم نتبع خرافات مصنعة إذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه بل قد كنا معاينين عظمته .. إذ كنا معه في الجبل المقدس» (2بط16:1،17). ولنتأمل تأملات خاطفة في بعض الفصول الأخرى.

الصلاة التي علمها المسيح لتلاميذه

كان التلاميذ والشعب كله يتطلعون، كما أسلفنا، إلى أن المسيح ابن داود سيقيم لهم ملكوته في الحال كما كرز بذلك يوحنا المعمدان وتلاميذ المسيح. ولكن كان لإقامة الملكوت شروط لم يقبلوا أن ينفذوها؛ وهي التوبة والإيمان القلبي بالملك، بل رفضوا المسيح علناً قائلين «ليس لنا ملك إلا قيصر»، واستمروا في خطاياهم وشرورهم؛ لذلك لم يُقم لهم الملكوت المنتظر. وعندما سأله التلاميذ عن ميعاده قال لهم «ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه» (أع7:1).

ويصف الرب ذلك الملكوت في الصلاة التي علمها الرب لتلاميذه بالقول «ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض». هل يمكن أن تكون مشيئة الله منفذة في الأرض كما في السماء، وإبليس هو «رئيس هذا العالم»، «والعالم كله قد وُضع في الشرير»؟ إن الزمن الوحيد الذي فيه تتم مشيئة الله، كما في السماء كذلك على الأرض، هو زمن ملك المسيح السعيد، ملك البر والحق والسلام حين يكون الشيطان مقيَّداً ومطروحاً في الهاوية.

1كورنثوس2:6

«ألستم تعلمون أن القديسين سيدينون العالم؟ فإن كان العالم يُدان بكم أَفأنتم غير مستأهلين للمحاكم الصغرى؟». هذه الأقوال التي في صيغة المستقبل، متى تتحقق؟ هل في الأبدية؟ أًيوجد عالم ليُدان في الحالة الأبدية؟ كلا. ولكن سيكون ذلك في زمن مُلك القديسين مع المسيح على الأرض ألف سنة. وهذا يتفق مع قول الرائي «ورأيت عروشاً فجلسوا عليها وأعطوا حكماً» (رؤ4:20). وهو يتفق أيضاً مع أقوال الرب الواردة في:

متى28:19

«فقال لهم يسوع. الحق أقول لكم إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر».

«التجديد» هو «أزمنة رد كل شيء» التي أشار إليها بطرس الرسول، والتي تكلم عنها الأنبياء القديسون منذ الدهر، وهو الوقت الذي يجلس فيه ابن الإنسان على كرسي مجده، إذ يتسلم ملكه وسيادته على الأرض المجددة بعد أن تُنزع منها اللعنة ونتائج السقوط؛ والقديسون يملكون معه «على الأرض». وسيكون لرسل الخروف الاثني عشر مكان ممتاز في ذلك الملك (رؤ14:21).

فيلبي8:2-11

«وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفّعه الله وأعطاه اسماً فوق كل اسم. لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب». هذا الفصل غني عن التعليق لأنه وإن كان الرب يسوع ممجداً الآن عن يمين الله، ولكن لم يأت الوقت بعد الذي فيه تجثو له كل ركبة ويعترف به كل لسان، ولكن أوان هذا هو زمان الملك الألفي السعيد، أما في الحالة الأبدية فيكون «الله الكل في الكل» (1كو28:15)، ويتفق مع هذا الفصل ما جاء في:

عبرانيين5:2-8، مزمور4:8-6

«فإنه لملائكة لم يُخضع العالم العتيد الذي نتكلم عنه. لكن شهد واحد في موضع قائلاً: ما هو الإنسان حتى تذكره أو ابن الإنسان حتى تفتقده. وضعته قليلاً عن الملائكة بمجد وكرامة كللته أقمته على أعمال يديك. أخضعت كل شيء تحت قدميه. على أننا لسنا نرى الكل بعد مُخضَعاً له». واضح أن «العالم العتيد» هو بخلاف «العالم الحاضر»، وبخلاف «الحالة الأبدية»؛ هو الملك الألفي الذي فيه تخضع كل الخليقة للإنسان الكامل، ابن الإنسان آدم الأخير الذي نجح فيما فشل فيه آدم الأول وأضاعه، وهو نفس الوقت الذي يقول عنه الرسول في 1كورنثوس25:15،27 «لأنه يجب أن يملك حتى يضع جميع الأعداء تحت قدميه، فالآن «لسنا نرى الكل بعد مُخضَعاً له»، ولكن في ذلك الوقت السعيد سيخضع «كل شيء تحت قدميه».

متى1:1، لوقا23:1،69-71، مزمور2

يُفتتح العهد الجديد بهذه الحلقة الذهبية التي تربطه بالعهد القديم: «كتاب ميلاد يسوع المسيح بن داود بن إبراهيم»، أي الذي فيه أُعطيت المواعيد لإبراهيم بمباركة جميع أمم الأرض (تك18:22)، ولداود بتثبيت كرسيه إلى الأبد (2صم13:7). وقال جبرائيل الملاك للعذراء مريم عند تبشيرها بولادة المسيح «ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد». وفي تسبحة زكريا أبي يوحنا بالروح القدس يقول «وأقام لنا قرن خلاص في بيت داود فتاه كما تكلم بفم أنبيائه القديسين الذين هم منذ الدهر (وهي نفس عبارة بطرس الرسول في أعمال3) خلاص من أعدائنا ومن جميع مبغضينا».

ولاشك أن هذا المُلك على كرسي داود، والخلاص من جميع المبغضين سيتم في الملك الألفي السعيد بحسب نبوة المزمور الثاني «أما أنا فقد مسحت ملكي على صهيون جبل قدسي .. اسألني فأعطيك الأمم ميراثاً لك وأقاصي الأرض مُلكاً لك تحطمهم بقضيب من حديد مثل إناء خزاف تكسرهم».

رؤيا4:20-6؛ 9:21-27

في رؤيا11:19-16 نرى ظهور المسيح؛ نرى السماوات مفتوحة، والمسيح يظهر كالمحارب المنتصر، والقديسون يظهرون معه، وبعد إبادة الأعداء المتجندين ضده نجد في ص4:20 صورة الملك الألفي «ورأيت عروشاً فجلسوا عليها وأُعطوا حكماً... وملكوا مع المسيح ألف سنة». وفي ص9:21 نرى وصفاً مسهباً للكنيسة الممجدة -العروس امرأة الخروف - في مدة الملك الألفي، مرموزاً إليها بالمدينة العظيمة أورشليم المقدسة النازلة من السماء من عند الله، التي «تمشي شعوب المخلَّصين بنورها وملوك الأرض يجيئون بمجدهم وكرامتهم إليها .. ويجيئون بمجد الأمم وكرامتهم إليها». تلك الأوصاف التي لا يمكن أن تنطبق إلا على عصر الملك الألفي السعيد. وهذا يأتي بنا إلى الإشارة إلى قليل من الفصول العديدة في نبوات العهد القديم التي ترينا ذلك الملك البهيج وأوصافه.

دانيال 2

أعطى الرب لدانيال أن يخبر نبوخذنصر الملك بحلمه وبتعبيره. وواضح جداً من كلام دانيال أن «الله العظيم قد عرّف الملك ما سيأتي بعد هذا» (دا45:2) فالتمثال الذي رآه نبوخذنصر بحسب تفسير دانيال يمثِّل الإمبراطوريات الأربعة العظيمة، التي ابتدأت ببابل في أيام نبوخذنصر، وتنتهي بالإمبراطورية الرومانية التي ارتكبت جريمة صلب المسيح، والتي ستعود للحياة بعد اختطاف المؤمنين، كما نراها في التمثال ممثَّلة بأصابع القدمين العشرة التي بعضها من حديد والبعض من خزف، وهي التي ترمز إلى الملوك العشرة الذين سيتحالفون مع الوحش في زمن الضيقة العظيمة، والذين رآهم يوحنا الرائي في شكل عشرة قرون ملوك «يأخذون سلطانهم كملوك ساعة واحدة مع الوحش ... ويعطون الوحش قدرتهم وسلطانهم» (رؤ12:17،13). ويقول دانيال في تفسيره للحلم «وفي أيام هؤلاء الملوك العشرة (الممثلين بأصابع القدمين) يقيم إله السماوات مملكة لن تنقرض أبداً. وتسحق وتفنى كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد» (دا44:2) وهذا يطابق قول الرائي «هولاء (أي الملوك العشرة) سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم (أي يسحقهم كما يقول دانيال) لأنه رب الأرباب وملك الملوك» (رؤ14:17).

من هذا يتضح جلياً أن المملكة الأخيرة على الأرض، التي ستسحق كل الممالك وهي تثبت ولا تنقرض أبداً، هي مملكة المسيح التي تستمر على الأرض ألف سنة. والقديسون السماويون يستلمون معه زمام المملكة. ثم تبقى إلى الأبد بعد زوال السماء والأرض.

مزمور45؛ 145-150

هذه المزامير تتكلم بكل وضوح عن ملك المسيح السعيد على الأرض. ونكتفي باقتباس بعض آيات من هذه المزامير: «فاض قلبي بكلام صالح متكلم أنا بإنشائي للملك...نبلك المسنونة في قلب أعداء الملك..كرسيك يا الله إلى دهر الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك» (مز1:45-6).

«أرفعك يا إلهي الملك وأبارك اسمك إلى الدهر والأبد .. ملكك ملك الدهور وسلطانك في كل دور فدور» (مز1:145،13).

«يملك الرب إلى الأبد... إلى دور فدور هللويا» (مز10:146).

«الجبال وكل الآكام. الشجر المثمر وكل الأرز. الوحوش وكل البهائم... ملوك الأرض وكل الشعوب... الأحداث والعذارى أيضاً. الشيوخ مع الفتيان ليسبحوا اسم الرب لأنه قد تعالى اسمه وحده. مجده فوق الأرض والسماوات» (مز9:148-13).

«سبحوه بصنوج التصويت سبحوه بصنوج الهتاف كل نسمة فلتسبح الرب هللويا» (مز5:150).

بعض الأوصاف الروحية لملك المسيح الألفي على الأرض

يفتتح الرب ملكه السعيد بأن يسكب روحه القدوس من السماء على جميع الأبرار الذين سيرثون الأرض، ويكون هذا هو الإتمام الكامل لنبوة يوئيل، لأن ما حدث في يوم الخمسين كان صورة لما سيحدث في النهاية لأن النبوة تقول بالنص «ويقول بعد ذلك أني أسكب روحي على كل بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاماً ويرى شبابكم رؤى. وعلى العبيد أيضاً وعلى الإماء أسكب روحي في تلك الأيام. وأعطى عجائب في السماء والأرض دماً وناراً وأعمدة دخان. تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يجيء يوم الرب العظيم المخوف» (يؤ28:2-31).

فيكون جميع الذين يدخلون كرعايا في الملك الألفي مولودين من الله، وليس ذلك فقط، بل سالكين في وصايا الله كقول الرب «أجعل شريعتي في داخلهم وأكتبها على قلوبهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً..لأنهم كلهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم» (إر33:31،34). ولذلك لا يكون فيهم لعنة ولا موت طوال الألف السنة. غير أن من نسلهم من يُظهر شره وعناده عندما يبلغ سن المائة سنة، فيقضي عليه الرب باللعنة والموت «لأن الصبي يموت ابن مائة سنة والخاطئ يُلعن ابن مائة سنة» (أش20:65). وأيضاً «باكراً (أي في كل صباح) أبيد جميع أشرار الأرض لأقطع من مدينة الرب كل فاعلي الإثم» (مز8:101).

وسيواظبون على عبادة الرب وخدمته في هيكله كما قيل «هوذا الرجل الغصن اسمه... ويبني هيكل الرب... وهو يحمل الجلال ويجلس ويتسلط على كرسيه ويكون كاهناً على كرسيه» (زك12:6،13). وتسمى العاصمة في ذلك الوقت «يهوه شمة» أي الرب هناك (حز35:48). وسيكون هذا المُلك مُلك البر والعدل والسلام كما يقول إشعياء «ويخرج قضيب من جزع يسى وينبت غصن من أصوله ويحل عليه روح الرب، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب... يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه ويكون البر منطقة متنيه والأمانة منطقة حقويه» (إش1:11-5). هؤلاء هم «شعوب المخلصين» الذين يمشون بنور المدينة السماوية، أي بحسب أحكام الرب وتوجيهات قديسيه السماويين (رؤ23:21،24).

في ذلك العصر السعيد ستُعتق الخليقة غير العاقلة من عبودية الفساد ومن الأنين والتمخض «إلى حرية مجد أولاد الله» (رو21:8،22).

بعض الأوصاف المادية لملك المسيح الألفي

حيث أنه لا تكون خطية ولا لعنة فلا يكون أيضاً ضعف ولا مرض في ذلك العصر السعيد «لا يقول ساكن أنا مرضت»(إش24:33)، بل سيشفي الرب كل علة وكل مرض«حينئذ تتفقح عيون العمي وآذان الصُم تتفتح. حينئذ يقفز الأعرج كالإيل، ويترنم لسان الأخرس» (إش5:35،6)، وأيضاً «المعطي خبزاً للجياع. الرب يطلق الأسرى. الرب يفتح أعين العمي. الرب يقوِّم المنحنين. الرب يحب الصديقين... يملك الرب إلى الأبد» (مز7:146-10).

ويكون ذلك العصر السعيد، عصر سلام وأمان «فيطبعون سيوفهم سككاً ورماحهم مناجل. لا ترفع أمة على أمة سيفاً. ولا يتعلمون الحرب فيما بعد» (إش4:2)، وأيضاً «فيقضي بين شعوب كثيرين .. فيطبعون سيوفهم سككاً ورماحهم مناجل. لا ترفع أمة على أمة سيفاً ... بل يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته، ولا يكون من يرعب لأن فم رب الجنود تكلم» (ميخا1:4-5).

والحيوانات نفسها ستعيش في سلام وأمان «فيسكن الذئب مع الخروف، ويربض النمر مع الجدي، والعجل والشبل والمسمن معا، وصبي صغير يسوقها، والبقرة والدبة ترعيان. تربض أولادهما معاً. والأسد كالبقر يأكل تبناً (ولا يعود يفترس بعد) ويلعب الرضيع على سرب الصل. ويمد الفطيم يده على جحر الأفعوان. لا يسوؤون ولا يفسدون في كل جبل قدسي. لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر. ويكون في ذلك اليوم أن أصل يسى( أي الرب يسوع المسيح) القائم راية للشعوب إياه تطلب الأمم ويكون محله مجداً» (إش6:11-10).

ويعم الفرح والابتهاج الصغار والكبار «سيجلس الشيوخ والشيخات في أسواق أورشليم، كل واحد منهم عصاه في يده من كثرة الأيام (سيزيد عمر بعضهم عن الألف عام) وتمتلئ أسواق المدينة من الصبيان والبنات لاعبين في أسواقها» (زك4:8،5).

بل ستشترك الجبال والآكام والأشجار والأزهار في الفرح والابتهاج والتسبيح للرب «تفرح البرية والأرض اليابسة. ويبتهج القفر ويزهر كالنرجس. يزهر إزهاراً ويبتهج ابتهاجاً ويرنم» (إش1:35،2)، وأيضاً «الجبال والآكام تشيد أمامكم ترنماً وكل شجر الحقل تصفق بالأيادي. عوضاً عن الشوك ينبت سرو، وعوضاً عن القريس يطلع آس» (إش12:55،13)، وأيضاً «سبحي الرب من الأرض يا أيها التنانين وكل اللجج. الجبال وكل الآكام. الشجر المثمر وكل الأرز. الوحوش وكل البهائم. الدبابات والطيور ذوات الأجنحة» (مز7:148-10).

ولا يكون قحط ولا جراد ولا آكل ولا مفسد، بل يكثر الخير بوفرة «في ذلك اليوم أني أستجيب يقول الرب، أستجيب السماوات وهي تستجيب الأرض (عوضاً عن أن تعطيها أذناً صماء فلا تمطر عليها) والأرض تستجيب القمح والمسطار والزيت» (هو21:2،22). وأيضاً «يدرك الحارث الحاصد، ودائس العنب باذر الزرع (أي يكون الخير مستمراً) وتقطر الجبال عصيراً، وتسيل جميع التلال» (عا13:9). وأيضاً «ويكون في ذلك اليوم أن الجبال تقطر عصيراً والتلال تفيض لبناً» (يؤ18:3). وأيضاً «اكتست المروج غنماً، والأودية تتعطف براً، تهتف وأيضاً تغني» (مز13:65).

بل أن الأنوار الطبيعية ذاتها ستزداد «ويكون نور القمر كنور الشمس، ونور الشمس يكون سبعة أضعاف» (إش26:30). فيكون نور باهر؛ روحي وأدبي ومادي.

ما أكبر الفارق بين العالم العتيد والعالم الحاضر الشرير الذي يسود عليه سلطان الظلمة!!

مزمور45؛ 145-150

هذه المزامير تتكلم بكل وضوح عن ملك المسيح السعيد على الأرض. ونكتفي باقتباس بعض آيات من هذه المزامير: «فاض قلبي بكلام صالح متكلم أنا بإنشائي للملك...نبلك المسنونة في قلب أعداء الملك..كرسيك يا الله إلى دهر الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك» (مز1:45-6).

«أرفعك يا إلهي الملك وأبارك اسمك إلى الدهر والأبد .. ملكك ملك الدهور وسلطانك في كل دور فدور» (مز1:145،13).

«يملك الرب إلى الأبد... إلى دور فدور هللويا» (مز10:146).

«الجبال وكل الآكام. الشجر المثمر وكل الأرز. الوحوش وكل البهائم... ملوك الأرض وكل الشعوب... الأحداث والعذارى أيضاً. الشيوخ مع الفتيان ليسبحوا اسم الرب لأنه قد تعالى اسمه وحده. مجده فوق الأرض والسماوات» (مز9:148-13).

«سبحوه بصنوج التصويت سبحوه بصنوج الهتاف كل نسمة فلتسبح الرب هللويا» (مز5:150).

بعض الأوصاف الروحية لملك المسيح الألفي على الأرض

يفتتح الرب ملكه السعيد بأن يسكب روحه القدوس من السماء على جميع الأبرار الذين سيرثون الأرض، ويكون هذا هو الإتمام الكامل لنبوة يوئيل، لأن ما حدث في يوم الخمسين كان صورة لما سيحدث في النهاية لأن النبوة تقول بالنص «ويقول بعد ذلك أني أسكب روحي على كل بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاماً ويرى شبابكم رؤى. وعلى العبيد أيضاً وعلى الإماء أسكب روحي في تلك الأيام. وأعطى عجائب في السماء والأرض دماً وناراً وأعمدة دخان. تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يجيء يوم الرب العظيم المخوف» (يؤ28:2-31).

فيكون جميع الذين يدخلون كرعايا في الملك الألفي مولودين من الله، وليس ذلك فقط، بل سالكين في وصايا الله كقول الرب «أجعل شريعتي في داخلهم وأكتبها على قلوبهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً..لأنهم كلهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم» (إر33:31،34). ولذلك لا يكون فيهم لعنة ولا موت طوال الألف السنة. غير أن من نسلهم من يُظهر شره وعناده عندما يبلغ سن المائة سنة، فيقضي عليه الرب باللعنة والموت «لأن الصبي يموت ابن مائة سنة والخاطئ يُلعن ابن مائة سنة» (أش20:65). وأيضاً «باكراً (أي في كل صباح) أبيد جميع أشرار الأرض لأقطع من مدينة الرب كل فاعلي الإثم» (مز8:101).

وسيواظبون على عبادة الرب وخدمته في هيكله كما قيل «هوذا الرجل الغصن اسمه... ويبني هيكل الرب... وهو يحمل الجلال ويجلس ويتسلط على كرسيه ويكون كاهناً على كرسيه» (زك12:6،13). وتسمى العاصمة في ذلك الوقت «يهوه شمة» أي الرب هناك (حز35:48). وسيكون هذا المُلك مُلك البر والعدل والسلام كما يقول إشعياء «ويخرج قضيب من جزع يسى وينبت غصن من أصوله ويحل عليه روح الرب، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب... يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه ويكون البر منطقة متنيه والأمانة منطقة حقويه» (إش1:11-5). هؤلاء هم «شعوب المخلصين» الذين يمشون بنور المدينة السماوية، أي بحسب أحكام الرب وتوجيهات قديسيه السماويين (رؤ23:21،24).

في ذلك العصر السعيد ستُعتق الخليقة غير العاقلة من عبودية الفساد ومن الأنين والتمخض «إلى حرية مجد أولاد الله» (رو21:8،22).

بعض الأوصاف المادية لملك المسيح الألفي

حيث أنه لا تكون خطية ولا لعنة فلا يكون أيضاً ضعف ولا مرض في ذلك العصر السعيد «لا يقول ساكن أنا مرضت»(إش24:33)، بل سيشفي الرب كل علة وكل مرض«حينئذ تتفقح عيون العمي وآذان الصُم تتفتح. حينئذ يقفز الأعرج كالإيل، ويترنم لسان الأخرس» (إش5:35،6)، وأيضاً «المعطي خبزاً للجياع. الرب يطلق الأسرى. الرب يفتح أعين العمي. الرب يقوِّم المنحنين. الرب يحب الصديقين... يملك الرب إلى الأبد» (مز7:146-10).

ويكون ذلك العصر السعيد، عصر سلام وأمان «فيطبعون سيوفهم سككاً ورماحهم مناجل. لا ترفع أمة على أمة سيفاً. ولا يتعلمون الحرب فيما بعد» (إش4:2)، وأيضاً «فيقضي بين شعوب كثيرين .. فيطبعون سيوفهم سككاً ورماحهم مناجل. لا ترفع أمة على أمة سيفاً ... بل يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته، ولا يكون من يرعب لأن فم رب الجنود تكلم» (ميخا1:4-5).

والحيوانات نفسها ستعيش في سلام وأمان «فيسكن الذئب مع الخروف، ويربض النمر مع الجدي، والعجل والشبل والمسمن معا، وصبي صغير يسوقها، والبقرة والدبة ترعيان. تربض أولادهما معاً. والأسد كالبقر يأكل تبناً (ولا يعود يفترس بعد) ويلعب الرضيع على سرب الصل. ويمد الفطيم يده على جحر الأفعوان. لا يسوؤون ولا يفسدون في كل جبل قدسي. لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر. ويكون في ذلك اليوم أن أصل يسى( أي الرب يسوع المسيح) القائم راية للشعوب إياه تطلب الأمم ويكون محله مجداً» (إش6:11-10).

ويعم الفرح والابتهاج الصغار والكبار «سيجلس الشيوخ والشيخات في أسواق أورشليم، كل واحد منهم عصاه في يده من كثرة الأيام (سيزيد عمر بعضهم عن الألف عام) وتمتلئ أسواق المدينة من الصبيان والبنات لاعبين في أسواقها» (زك4:8،5).

بل ستشترك الجبال والآكام والأشجار والأزهار في الفرح والابتهاج والتسبيح للرب «تفرح البرية والأرض اليابسة. ويبتهج القفر ويزهر كالنرجس. يزهر إزهاراً ويبتهج ابتهاجاً ويرنم» (إش1:35،2)، وأيضاً «الجبال والآكام تشيد أمامكم ترنماً وكل شجر الحقل تصفق بالأيادي. عوضاً عن الشوك ينبت سرو، وعوضاً عن القريس يطلع آس» (إش12:55،13)، وأيضاً «سبحي الرب من الأرض يا أيها التنانين وكل اللجج. الجبال وكل الآكام. الشجر المثمر وكل الأرز. الوحوش وكل البهائم. الدبابات والطيور ذوات الأجنحة» (مز7:148-10).

ولا يكون قحط ولا جراد ولا آكل ولا مفسد، بل يكثر الخير بوفرة «في ذلك اليوم أني أستجيب يقول الرب، أستجيب السماوات وهي تستجيب الأرض (عوضاً عن أن تعطيها أذناً صماء فلا تمطر عليها) والأرض تستجيب القمح والمسطار والزيت» (هو21:2،22). وأيضاً «يدرك الحارث الحاصد، ودائس العنب باذر الزرع (أي يكون الخير مستمراً) وتقطر الجبال عصيراً، وتسيل جميع التلال» (عا13:9). وأيضاً «ويكون في ذلك اليوم أن الجبال تقطر عصيراً والتلال تفيض لبناً» (يؤ18:3). وأيضاً «اكتست المروج غنماً، والأودية تتعطف براً، تهتف وأيضاً تغني» (مز13:65).

بل أن الأنوار الطبيعية ذاتها ستزداد «ويكون نور القمر كنور الشمس، ونور الشمس يكون سبعة أضعاف» (إش26:30). فيكون نور باهر؛ روحي وأدبي ومادي.

ما أكبر الفارق بين العالم العتيد والعالم الحاضر الشرير الذي يسود عليه سلطان الظلمة!!

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.