آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

  قريب على الأبواب

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

الفصل الخامس

ماذا سيحدث في الأرض بعد اختطاف المؤمنين؟

رأينا مما سلف أن مجيء المسيح لاختطاف المؤمنين لا يرتبط بأية علامات أو حوادث لابد من حدوثها قبله. ورأينا أيضاً أن الرب عند مجيئه سيخطف المؤمنين جميعهم، كل الذين هم للمسيح بدون تفريق، لأنه بالاختطاف يتم الخلاص النهائي وفداء الأجساد وهذا كله بالنعمة الإلهية الخالصة. وهذه النعمة هي التي بها يتقوى المؤمن في شهادته وخدمته للرب، وفي العيشة بالتعقل والبر والتقوى، منتظراً سرعة مجيء المسيح.

ولكن بعد اختطاف جميع المؤمنين إلى السماء ماذا سيحدث على الأرض؟ سينصب غضب الله على العالم، وستأتي «ساعة التجربة» على العالم كله لتجرِّب الساكنين على الأرض.

أما المؤمنون فسيُنقذون من هذا الغضب (1تس10:1)، وسيُحفظون من ساعة التجربة (رؤ10:3)؛ ولذلك سُمّي أخذهم إلى الرب اختطافاً، لأنه بمجرد أن ينتشلهم من المشهد «في لحظة في طرفة عين» يبدأ انصباب غضبه على الأرض، الغضب الوارد تفصيله في سفر الرؤيا، من فتح الختوم، وإيقاع ضربات الأبواق، وصب جامات الغضب؛ كما سنرى.

مدة وقوع الضربات على الأرض

إن المدة التي ينصب فيها الغضب على العالم هي سبع سنين، وهي الأسبوع الأخير من السبعين أسبوعاً الموضحة في دانيال9، وسنثبت تحديد هذه المدة وانقسامها إلى قسمين بشواهد عديدة من الكتاب، ثم نبيّن ما سيحدث في كل من القسمين.

ولكن قبل ذلك نقول إن الكنيسة، باعتبارها سماوية، ليس لها مكان في نبوات العهد القديم، وتاريخها على الأرض يجيء معترضاً بين الانقطاع الجزئي لعلاقة الرب بشعبه الأرضي، واستئناف تلك العلاقة بعد اختطاف الكنيسة، فبعد انتهاء سياحتها الأرضية واختطافها إلى المجد، يتصل حبل النبوة، ويتم ما جاء فيها بخصوص ضيقة يعقوب وظهور الرب في نهايتها ليملك على الأرض. وقد جاء أحدهم بتشبيه جميل لتوضيح ذلك فقال: إن القطار البطيء الخاص بالشعب القديم قد وُضع في المخزن، إلى أن يمر القطار السريع الخاص بالكنيسة في طريقه إلى محطته النهائية، بيت الآب؛ وبعد ذلك يخرج قطار الشعب القديم من المخزن، ليستأنف مسيره في طريقه إلى محطته النهائية، ملك المسيح السعيد على الأرض لمدة ألف سنة؛ وبعد ذلك الأبدية.

إن الرب يسوع في مجيئه لاختطاف المؤمنين يأتي «ككوكب الصبح المنير» (رؤ16:22) الذي يظهر باكراً جداً بعد أحلك ساعات الظلمة. أما ظهوره للملك «فيشرق كشمس البر والشفاء في أجنحتها» (ملا2:4). والفترة بين مجيء كوكب الصبح وإشراق شمس البر، أي بين اختطاف المؤمنين وظهورهم مع المسيح بالمجد، هي فترة انصباب غضب الله على الأرض، وهي سبع سنين.

السبعون أسبوعاً

ولكي نتبين أن هذه الفترة مدتها سبع سنين، لنرجع إلى الأصحاح التاسع من نبوة دانيال، حيث يقول جبرائيل المرسل من الله لدانيال «سبعون أسبوعاً قُضِيَت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا، ولكفارة الإثم. وليؤتى بالبر الأبدي، ولختم الرؤيا والنبوة، ولمسح قدوس القدوسين. فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع، واثنان وستون أسبوعاً، يعود ويُبني سوق وخليج في ضيق الأزمنة. وبعد اثنين وستين أسبوعاً يُقطع المسيح وليس له. وشعب رئيس آتٍ يخرب المدينة والقدس وانتهاؤه بغمارة. وإلى النهاية حرب وخِرَب قُضى بها. ويثبِّت عهداً مع كثيرين في أسبوع واحد. وفي وسط الأسبوع يُبطل الذبيحة والتقدمة، وعلى جناح الأرجاس مخرِّب. حتى يتم ويُصب المقضي على المخرِّب» (دا24:9-27).

واضح أن هذه السبعون أسبوعاً هي أسابيع سنين، أي 490سنة، كما قال الرب لحزقيال مرة « قد جعلت لك كل يوم عوضاً عن سنة» (حز6:4). وواضح أنها خاصة بشعب دانيال، أي اليهود، وبمدينته المقدسة، أي أورشليم. وأنها مقسَّمة إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول سبعة أسابيع أي 49سنة تبتدئ «من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبناؤها» وفي هذه المدة «يُبنى سور أورشليم (أي شارع) وخليج (أي سور) في ضيق الأزمنة» أي في وقت كرب، وهذا قد تم في أيام نحميا حيث كانوا «باليد الواحدة يعملون العمل وبالأخرى يمسكون السلاح. وكان البانون يبنون وسيف كل واحد مربوط على جنبه» (نح17:4،18).

والقسم الثاني اثنان وستون أسبوعاً، أي 434 سنة، بعدها يُقطع المسيح (أي يموت) وليس له (أي لا يأخذ ملكه). وهذا قد تم في ميعاده بالضبط في صَلب ربنا يسوع المسيح.

بعد هذا تأتي نبوة مترتبة على رفض المسيح وقطعه وهي أن «شعب رئيس آت يخرب المدينة والقدس». وهذا عينه هو ما أنبأ به الرب له المجد قبل صلبه قائلاً «هوذا بيتكم يترك لكم خراباً... الحق أقول لكم إنه لا يُترك ههنا حجر على حجر لا ينقض» (مت38:23،2:24). وتم هذا بالضبط في سنة 70م. عندما جاء تيطس الروماني بجيوشه وأخرب المدينة والقدس، وتوصف هذه الجيوش في النبوة بأنها «شعب رئيس آت»؛ وهذا الرئيس الآتي هو رأس الإمبراطورية الرومانية الأخير، عندما تعود إلى الحياة بعد شفاء جرحها المميت، وذلك بعد اختطاف الكنيسة، وهذا الرئيس الآتي هو «الوحش الأول» المشار إليه في رؤيا13.

الأسبوع الأخير

والقسم الثالث من هذه الأسابيع هو الأسبوع الأخير. ومن العجيب أن النبوة تفصل الأسبوع الأخير من التسع والستين، وتقطع السلسلة قبل الأسبوع الأخير. والسبب في ذلك هو رفض المسيح وقطعه، الأمر الذي قطع علاقة الشعب بالله (رو25:11)، وقطع حبل النبوة؛ وعوض أن يؤتى بالبر الأبدي ويملك السلام والبركة، قضى عليهم «بحرب وخرب إلى النهاية» أي إلى نهاية الأسبوع الأخير، ثم تأتي البركة الألفية الكاملة.

والفترة بين صلب المسيح (نهاية الأسبوع التاسع والستين) وإعادة اتصال حبل النبوة (في الأسبوع الأخير) هي فترة تاريخ الكنيسة على الأرض، وهي فترة لا حساب لها في الزمان النبوي، لأن الكنيسة كما أسلفنا سماوية. وبعد اختطافها سيبدأ الأسبوع الأخير ويعود الرب للتعامل مع شعبه القديم، إذ يجيزهم في «كور المشقة» وأتون الضيقة العظيمة، ليقودهم إلى التوبة التي يعقبها ملك المسيح الألفي.

وتقول النبوة بخصوص الأسبوع الأخير إن الرئيس الآتي «يثبِّت عهداً مع كثيرين في أسبوع واحد» (دا27:9)، أي أن أكثرية اليهود (بخلاف البقية الأمينة) سيتحالفون في أول الأسبوع مع رئيس الإمبراطورية الرومانية التي ستعود للحياة في شكل تحالف من عشرة ملوك (عشرة قرون متوجة) (رؤ1:13) تحت زعامة الوحش، والشيطان من ورائه، كما نرى ذلك بكل وضوح في الفصول الآتية التي نرجو الرجوع إليها: دانيال7:7،8،24،35؛ رؤيا1:13-8؛7:17-17.

وتستمر النبوة قائلة «وفي وسط الأسبوع يُبطل الذبيحة والتقدمة وعلى جناح الأرجاس مخرِّب حتى يتم ويصب المقضي على المخرب». أي أن الوحش سينقض العهد مع اليهود بعد ثلاثة سنين ونصف، ويمنعهم من إقامة عبادتهم ويقيم لهم عبادة وثنية إجبارية، المشار إليها هنا «بجناح الأرجاس»، وتسمى في دانيال11:12 «رجس المخرب»، أو كما يسميها الرب له المجد «رجسة الخراب» (مت15:24)، وهذا مشار إليه أيضاً في دانيال25:7 حيث يقول عن القرن الأخر، الذي هو الرئيس الآتي، «ويتكلم بكلام ضد العلي ويُبلى قديسي العلي ويظن أنه يغيِّر الأوقات والسنة (أي فرائض اليهود وأعيادهم) ويسلَّمون ليده إلى زمان وأزمنة ونصف زمان (أي ثلاث سنين ونصف، أو نصف الأسبوع، وهذه هي شدة الضيقة العظيمة)».

فالأسبوع الأخير الذي يبدأ بعد اختطاف الكنيسة ينقسم إلى قسمين متساويين، يُشار إلى ذلك في دانيال بعبارة «وسط الأسبوع»، أو «زمان وأزمنة ونصف زمان»، وفي سفر الرؤيا «زمان وزمانين ونصف زمان» (رؤ14:12)، و«اثنين وأربعين شهراً» (رؤ2:11،5:13)، و«ألفاً ومئتين وستين يوماً» (رؤ3:11،6:12).

والرب يسوع - له المجد - يُسمي النصف الأول من الأسبوع «مبتدأ الأوجاع» الذي فيه تحدث الحروب والمجاعات والأوبئة والزلازل (مت7:24،8)، والنصف الثاني «الضيق العظيم» (مت21:24). ومبتدأ الأوجاع يطابق تماماً فتح الختوم المشار إليها في سفر الرؤيا. وفيما يلي وصف مختصر لما سيحدث حينئذ.

1- فتح الختوم

إن مجيء المسيح لاختطاف المؤمنين الذي هو أعظم حادث مفرح لهم، هو من الناحية الأخرى بدء كوارث ونكبات مروعة تحل بالساكنين على الأرض. ونفس خلو العالم من المؤمنين الأتقياء الذين «يضيئون بينهم كأنوار في العالم» يجعل الأرض مكاناً رديئاً جداً ومظلماً جداً لاتطاق السكنى فيه. ونقرأ في رؤيا5:4 أنه في ذلك الوقت يخرج من عرش الله «بروق ورعود وأصوات» نذر غضب الله الرهيب الذي سينصب على الساكنين في الأرض. ويتمثل هذا الغضب في فتح سبعة ختوم، وضرب سبعة أبواق، وصب سبعة جامات. ولعلنا نذكر أن رقم سبعة في الكتاب يشير إلى الكمال، فكما أن نعمة الله كاملة هكذا غضبه كامل.

ورأى يوحنا الرائي عند فتح الختوم الأربعة الأولى: فرساً أبيض، ثم فرساً أحمر، ثم فرساً أسود، ثم فرساً أخضر على التوالي (رؤ1:6-8).

وبالرجوع إلى هذا الفصل نفهم بوضوح أن الفرس الأبيض يشير إلى فترة سلام وهمي، ينتهزها الشيطان لنشر الضلال بين الناس «فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين أنا هو المسيح ويضلون كثيرين» (مت5:24).

أما الفرس الأحمر فيشير إلى الحروب حيث يقال صريحاً «وللجالس عليه أعطى أن ينزع السلام من الأرض (السلام الوهمي الذي في الفترة السابقة) وأن يقتل بعضهم بعضاً وأُعطى سيفاً عظيماً»، وهذا يطابق قول الرب في متى6:24 «وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب... لأنه تقوم أمة على أمة، ومملكة على مملكة».

والفرس الأسود يشير إلى المجاعات الشديدة التي تحدث على الأرض حتى تصير ثمنية القمح بدينار، أي أن أجر العامل في اليوم (دينار) لا يكاد يكفيه وحده قوت يومه من الخبز، بخلاف عائلته وأولاده، حتى ينطبق على الناس في ذلك الوقت قول إرميا النبي «جلودنا اسودّت كتنور من جرى نيران الجوع» (مرا 10:5). وهذا يوافق قول الرب في متى6:24 «وتكون مجاعات».

والفرس الأخضر يشير إلى الأوبئة التي تحدث نتيجة للحروب وانتشار جثث القتلى، ونتيجة للجوع أيضاً وضعف أجساد الناس لمقاومة الأمراض الفتاكة. وفي هذا الختم تتجمع كل الويلات السابقة حيث نقرأ «والجالس عليه اسمه الموت، والهاوية تتبعه، وأُعطيا سلطاناً... أن يقتلا بالسيف والجوع والموت وبوحوش الأرض» (رؤ8:6)، وأدوات الفناء الأربع هذه هي أحكام الرب كما يقول «كم بالحري إن أرسلت أحكامي الرديئة على أورشليم. سيفاً، وجوعاً، ووحشاً ردياً؛ ووبأ» (حز21:14). وفتح الختم الرابع يطابق قول الرب له المجد في متى7:24 «وأوبئة».

وفتح الختم الخامس يكشف لنا عن شدة الاضطهاد الذي يحدث على الذين يؤمنون من الشعب القديم، بعد اختطاف الكنيسة، ويتمسكون بالشهادة عن مجيء المسيح ليملك على الأرض. حتى أن كثيرين منهم يُقتلون على مذبح التضحية والشهادة للرب. وتصرخ نفوسهم كما من تحت المذبح قائلة «حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض؟» (رؤ10:6) وهذا يطابق قول الرب له المجد في متى9:24 «حينئذ يسلمونكم إلى ضيق ويقتلونكم وتكونون مبغَضين من جميع الأمم لأجل اسمي».

أما المشهد عند فتح الختم السادس فمروع جداً. ونلاحظ أن الويلات والنكبات تشتد قسوة وعنفاً، لأن الأرض مقبلة على الضيقة العظيمة التي لم يحدث مثلها منذ بدء الخليقة. ويكفي أن نورد هنا النص كما هو «ونظرت لما فتح الختم السادس وإذا زلزلة عظيمة حدثت، والشمس صارت سوداء كمسح من شعر، والقمر صار كالدم، ونجوم السماء سقطت إلى الأرض كما تطرح شجرة التين سقاطها إذا هزّتها ريح عظيمة. والسماء انفلقت كدرج ملتف، وكل جبل وجزيرة تزحزحا من موضعهما. وملوك الأرض والعظماء والأغنياء والأمراء والأقوياء وكل عبد وكل حر أخفوا أنفسهم في المغاير وفي صخور الجبال، وهم يقولون للجبال والصخور: أسقطي علينا وأخفينا عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الخروف، لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم ومن يستطيع الوقوف؟» (رؤ12:6-17). ومع أنه ستحدث فعلاً تغيرات طبيعية مخيفة ومرعبة، إلا أن كل قوى الطبيعة تُستعمل هنا كرموز للانقلابات والاضطرابات السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية، بحيث يتزعزع كل شيء ولا تبقى أية سلطة أو أية مبادئ ثابتة؛ بل يسود الفساد، وتغشى الظلمة الأدبية الدامسة كل الأرض، ويعم الارتداد والموت الروحي. ونتيجة لذلك ينتشر الذعر والرعب بين كل الطبقات: الحكام والمحكومين، الأغنياء والفقراء، الأقوياء والضعفاء على السواء. وسيفقد الناس وعيهم ويطلبون الموت، إذ يقولون للجبال «أسقطي علينا»، فلا يجدونه، ويلتمسون الهرب والاختفاء من غضب الخروف فلا يجدون لهم مهرباً أو مخبأ.

وفتح الختم السابع يقترن بسكوت رهيب، ينبئ عن توقع أحداث أشد هولاً عتيدة أن تحدث على الأرض، وهو تمهيد للويلات التي ستحل على العالم عند الأبواق السبعة.

2- الأبواق السبعة

رأينا أن فتح الختوم السبعة، وما يقترن به من ويلات، يعتبره الرب يسوع مبتدأ الأوجاع، وأن فتح الختم السابع يمهِّد للضيقة العظيمة وما سيحدث فيها من ضربات عند النفخ في الأبواق السبعة؛ ثم صب الجامات السبعة. ولا يمكننا أن نبيّن بالتفصيل - لضيق المجال في هذه النبذة - كل ما سيحدث عند كل بوق وكل جام. ولكننا نقول بالإيجاز إن الأربعة الأبواق الأولى ستقع ضرباتها على الأرض، والبحر، والمياه، والشمس والقمر والنجوم على التوالي؛ وتُستعمل فيها رموز العوامل الطبيعية كالرعود والبروق، والزلازل، والبرد والنار، والجبل العظيم المتقد، والكوكب العظيم المتقد كمصباح، للدلالة على الخراب والدمار والفساد والارتداد والموت الروحي والأدبي والمادي الذي سينتشر في ذلك الوقت العصيب.

أما الثلاثة الأبواق الأخيرة فهي أشد هولاً ولذلك تسمى «أبواق الويل» إذ يقال «ويل ويل ويل للساكنين على الأرض من أجل بقية أصوات أبواق الثلاثة الملائكة المزمعين أن يبوقوا» (رؤ13:8). ونكتفي بأن نورد بعض فقرات من الكتاب بنصها عما سيحدث عند البوقين الخامس والسادس «ثم بوّق الملاك الخامس، فرأيت كوكباً قد سقط من السماء إلى الأرض، وأُعطى مفتاح بئر الهاوية، ففتح بئر الهاوية، فصعد دخان من البئر كدخان أتون عظيم، فأظلمت الشمس والجو من دخان البئر. ومن الدخان خرج جراد على الأرض، فأُعطى سلطان كما لعقارب الأرض سلطاناً، وقيل له أن لا يضر ... إلا الناس فقط... وأُعطى أن لا يقتلهم، بل أن يتعذبوا خمسة أشهر؛ وعذابه كعذاب عقرب إذا لدغ إنساناً. وفي تلك الأيام سيطلب الناس الموت ولا يجدونه... وشكل الجراد شبه خيل مهيأة للحرب... وكانت أسنانها كأسنان الأسود، وكان لها دروع كدروع من حديد، وصوت أجنحتها كصوت مركبات خيل كثيرة تجري إلى قتال، ولها أذناب شبه العقارب وكانت في أذنابها حمات... ولها ملاك الهاوية ملكاً عليها» (رؤ1:9-11). وأيضاً «ثم بوّق الملاك السادس... فانفك الأربعة الملائكة المعدون للساعة واليوم والشهر والسنة، لكي يقتلوا ثلث الناس، وعدد جيوش الفرسان مئتا ألف ألف... وهكذا رأيت الخيل في الرؤيا، والجالسين عليها لهم دروع نارية وأسمانجونية وكبريتية، ورؤوس الخيل كرؤوس الأسود، ومن أفواهها يخرج نار ودخان وكبريت. من هذه الثلاثة قتل ثلث الناس... فإن سلطانها هو في أفواهها وفي أذنابها لأن أذنابها شبه الحيات ولها رؤوس وبها تضر» (رؤ15:9-19).

3- الجامات السبعة

بعد ويلات الأبواق ويلات الجامات، وهي أوسع مدى وأشد تركيزاً، وكأن غضب الله المركَّز وقد تجمّع في تلك الجامات ليُسكب على الأرض في الوقت المعين، كقول النبي «لأصب عليهم سخطي كل حمو غضبي» (صف8:3). ويوجد تقارب بين أنواع الضربات وترتيبها في الأبواق والجامات من حيث أنها ستنصب على الأرض، والبحر، والمياه، والشمس، على التوالي. ولكن ضربات الجامات أكثر هولاً لأنه يذكر عنها أنها السبع ضربات الأخيرة لأن بها «أُكمل غضب الله» وفيها قطف عناقيد كرم الأرض وتُلقى إلى «معصرة غضب الله العظيمة وديست المعصرة... وخرج دم من المعصرة حتى إلى لجم الخيل».

في مدة سكب الجامات، يشتد غضب الوحش والنبي الكذاب، وأعمالهما القاسية، وتنصب دينونة الله على عرش الوحش ومملكته، وعلى أتباعه. وفي ختام تلك الضربات تحدث موقعة «هرمجدون»، التي تكون نتيجتها قتل أتباع الوحش من ملوك وقواد وجنود حتى تأكل طيور السماء لحومهم.

والعجيب أن كل هذه الدينونات المروعة لن تقود الناس إلى التوبة، بل بالعكس «كانوا يعضون على ألسنتهم من الوجع، وجدّفوا على إله السماء من أوجاعهم ومن قروحهم ولم يتوبوا عن أعمالهم» (رؤ10:16،11). إن فرصة التوبة المقبولة أمام الله هي الآن، قبل انتهاء زمان النعمة وغلق بابها عند مجيء المسيح لاختطاف المؤمنين. ليت أقوال الله الصادقة هذه تقود كل نفس إلى قبول المسيح الآن بالتوبة والإيمان به مخلِّصاً وربّاً، قبل فوات الفرصة لأنه «هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص» (2كو2:6).

من هم الذين ستقع عليهم الضيقة العظيمة؟

بما أن الضيقة العظيمة ستحدث بعد اختطاف الكنيسة كلها للمجد، فالكنيسة إذاً لا تجتاز في تلك الضيقة، إذ هي مثل أخنوخ الذي نقله الله إلى السماء قبل وقوع دينونة الطوفان على الأرض. وزمان الضيقة هو زمان غضب الله وغضب الخروف (رؤ17:6؛1:16؛15:19). والمؤمنون ليسوا من أبناء الغضب (أف3:2)، ولم يجعلهم الله للغضب (1تس9:5)، بل هم أواني رحمة (رو22:9)، وهم ينتظرون ابن الله من السماء الذي ينقذهم «من الغضب الآتي» (1تس10:1).

أما الذين ستقع عليهم الضيقة العظيمة فهم:

1- اليهود بصفة خاصة؛ لذلك يطلق على زمن الضيقة «وقت ضيق على يعقوب» (إر7:30). وينقسمون إلى ثلاثة أقسام:

أ- المرتدون: وهم الذين سيسجدون للوحش والنبي الكذاب.

ب- الأمناء: أو البقية الأمينة التي ستنجو من يد الوحش بالهروب إلى الأمم وحمل بشارة الملكوت إليهم، وهم المشار إليهم بإخوة الرب الأصاغر في متى25.

ج- شهداء الضيقة: الذين سيُقتلون في النصف الأول من الأسبوع، وفي النصف الثاني بواسطة الوحش، وهؤلاء سيُقامون تتمة للقيامة الأولى ليملكوا مع المسيح كما سنرى.

2- المسيحيون بالاسم: أي الكنيسة الاسمية المرتدة التي سيتقيأها الرب من فمه، ويتركها في الأرض بلا رجاء ولا عزاء، إذ يكون قد أخذ المؤمنين الحقيقيين وأغلق دونها الباب. ولها دينونة شديدة خاصة باعتبارها الزانية العظيمة موضحة بالتفصيل في رؤيا17،18.

3- الأمم الأشرار والوثنيون. وستصل إليهم بشارة الملكوت بواسطة البقية الأمينة الهاربة كما رأينا. ومنهم من يقبلون البشارة ويؤمنون بالمسيح، وهم المشار إليهم بالخراف في متى25، ومنهم من يرفضون، وهم المشار إليهم بالجداء، وسيُقضي عليهم الملك بالذهاب إلى النار الأبدية.

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.