كسر الخبز |
خادم الرب الأخ حليم حسب الله
مع أسئلة السائلين عن:- كسر الخبز: (اع2: 41-47) الفصل الأول عشاء الرب وترتيبه وماهيته س1: من هو الذي رتب أن يكون عشاء الرب في أول كل أسبوع؟ · إن الترتيب الخاص بعشاء الرب والتعاليم الخاصة بممارسته، لم توضع عن طريق تلاميذ الرب يسوع أو بواسطة كنيسة ما ، ولم تكن بترتيب بشري نهائيا، بل رتبه الرب يسوع بنفسه، وصنعه لتلاميذه لأول مرة قبل صلبه وبالتحديد "في الليلة التي أسلم فيها" (مت26: 26-29، مر14: 22-26، لو22: 19و20، 1كو11: 23). · كما أنه وهو في مجده الأسنى سلم التعاليم الخاصة بهذا العشاء للرسول بولس، الذي لم يكن حاضرا بين التلاميذ عندما صنع الرب العشاء، والذي بدوره سلمه للكنيسة، لذلك يقول: "لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا أن الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا وشكر فكسر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم. اصنعوا هذا لذكري. كذلك الكأس أيضا بعدما تعشوا قائلا هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي، اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري. فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء." (1كو11: 23-26). · إن الذي أوصى بصنع عشاء الرب هو الرب يسوع نفسه، الله الذي ظهر في الجسد (1تي3: 16)، الذي جاء عنه هذا القول: "الذي لأجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا أنتم بفقره" (2كو8: 9)، وهيبة الرب صانع العشاء، تعطي هذا العشاء الذي سلمه لأحبائه أهمية وتقدير عند كل مؤمن حقيقي مولود من الله. س2: هل كانت الظروف التي فيها صنع الرب يسوع العشاء مع تلاميذه ملائمة لهذا الحدث؟ أن الظروف التي صنع الرب يسوع فيها العشاء لم تكن هينة وملائمة، بل كانت ظروف صعبة وقاسية ومؤثرة جدا. لنصغ إلى المكتوب في كلمة الله "...الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا...". يا لها من عبارة "في الليلة التي أسلم فيها"، الليلة التي لم يكن مخفيا عنه ما لابد أن يجتاز فيه من آلام رهيبة لا تحتمل، آلام وعار الصليب، الآلام التي لم تكن مخفيه أو مبهمة عنه بل كان يعلمها كلها صغيرها وكبيرها. مكتوب "فخرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه وقال لهم من تطلبون..." (يو18: 4)، هذا الذي قال "الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها" (يو18: 11). إنه الرب والسيد العظيم العالم بكل شيء والخالق لكل الأشياء، الذي "فيه خلق الكل...الكل به وله قد خلق" (كو1: 16)، "الذي وهو بهاء مجد الله ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته" (عب1: 3)، "الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله لكنه أخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس..." (في2: 6-8)، "...الذي جال يصنع خيرا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس..." (أع10: 38)، الذي شهد عنه الجميع قائلين: "إنه عمل كل شيء حسنا" (مر7: 37). لكن عندما أتت الساعة، ساعة الصلب والألم الرهيب، الساعة التي قال للآب عنها "أيها الآب نجني من هذه الساعة. ولكن لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة" (يو12: 27)، لم يتراجع للوراء لكنه "من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي" (عب12: 2). لقد ختمت رحلة حياته بالصلب بعد تسليم واحد من تلاميذه له وهو يهوذا الإسخريوطي، كل هذا كان يعلمه وقبل حدوثه مباشرة وفي هذا الجو الكئيب صنع العشاء مع تلاميذه. "في الليلة التي أسلم فيها" لقد كان الرب على وشك الدخول في مواجهة:- 1- كل قوات الظلمة، إبليس وملائكته أعداء الله والبشرية: "لأن رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَ شيء" (يو14: 30) "فإذا قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو (الرب يسوع) أيضا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس ويعتق أولئك الذين خوفا من الموت كانوا جميعا كل حياتهم تحت العبودية" (عب2: 14و15)، "إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارا ظافرا بهم فيه" (كو2: 15). 2- شر الإنسان وعداءه لله: "... ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه" (رو5: 10)، "وأنتم الذين كنتم قبلا أجنبيين وأعداء في الفكر، في الأعمال الشريرة قد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت..."، ويقول أيضا "...لماذا ارتجت الأمم وتفكر الشعوب بالباطل. قامت ملوك الأرض واجتمع الرؤساء معا على الرب وعلى مسيحه..." (أع4: 25-27). وقال الرسول بطرس لبني إسرائيل "يسوع الذي أسلمتموه أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم بإطلاقه. ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل. ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات..." (أع3: 13-15). 3- كل مطالب عدالة الله وكأس غضبه المرير: "ولكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها...وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا" (إش53: 4-6)، "لأنه (الله) جعل (الرب يسوع) الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" (2كو5: 21)، "فإن المسيح أيضا قد تألم مرة واحدة من أجل الخطايا البار من أجل الأثمة لكي يقربنا إلى الله مماتا في الجسد ولكن محيى في الروح" (1بط3: 18). 4- ليلة وغد مريران لم ير مثلهما، مملوءان بكل أنواع وصور الألم التي لم يجتاز فيها أحد سواه: لقد قال لصالبيه "... هذه ساعتكم وسلطان الظلمة" (لو22: 53) وقال لله "يا أبتاه إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس ..." (لو22: 42). ولسان حاله "غمر ينادي غمرا عند صوت ميازيبك كل تياراتك ولججك طمت عليَ" (مز42: 7). وبالرغم من كل ذلك نقرأ عنه "في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا وشكر" يالها من كلمة "الليلة"، إنها ليلة الحزن العميق، وليلة العرق الذي كان كقطرات الدم، الليلة التي فيها أسلمه الواحد وأنكره الآخر وتركه جميع التلاميذ، لكن في نفس هذه الليلة صنع لتلاميذه العشاء وأوصى بأن يصنع هذا لذكراه. لم تكن الآلام مخفية عن الرب يسوع بل كان كل شيء معروفا لدية لذا قيل عنه "أما يسوع قبل عيد الفصح وهو عالم أن ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم إلى الآب إذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم أحبهم إلى المنتهى" (يو13: 1)، "يسوع وهو عالم بكل ما سيأتي عليه" (يو18: 4) ، أعطى تعليماته لإعداد الفصح، وأرسل بطرس ويوحنا لإعداد العلية المراد إعداد الفصح فيها، وأعطاهما أوصاف محددة تتصف بها هذه العلية، (مر14: 15). رغم أن الظروف كانت قاسية، لكن يذكر أن الرب يسوع "أخذ خبزا وشكر وكذلك الكأس أيضا" (مت26:26، مر14: 22و23،لو22: 19، 1كو11: 23و24). لقد شكر وهو يعلم بكل ما يأتي عليه من ألم، ويعلم قسوة الموت الذي كان مزمعا أن يموته على الصليب، شكر رغم كل ما يواجهه من آلام لا يمكن لأي إنسان أن يصل إلى مداها لأنه كان يرى النتائج الرائعة من وراء تلك الآلام والموت الذي كان سيموته على الصليب، لذا يقال عنه "الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي" (عب12: 2)، وما هذا السرور سوى إتمام مشيئة الآب التي تتضمن تمجيده من جانب، وفداء وخلاص البشر الهالكين من جانب آخر، لقد تمم القول المكتوب عنه في المزامير "هنذا جئت بدرج الكتاب مكتوب عني أن أفعل مشيئتك يا إلهي سررت" (مز40: 7و8). عندما خيم عليه شبح الصليب وعاره المشين ورأى عمق الآلام قبل أن تصل إليه، كان في بستان جثسيماني يصلي في جهاد وبأشد لجاجة وعرقه كان كقطرات دم نازلة على الأرض (لو22: 44)، مع كل هذا نراه يشكر على الخبز والكأس لأنهما يشيران إلى كل ما كان سيتحمله على الصليب لأجلنا من آلام وأوجاع. يوجد شيء آخر متعلق بالظروف التي صنع فيها عشاء الرب وهي علاقة عشاء الرب بالفصح اليهودي "وجاء يوم الفطير الذي كان ينبغي أن يذبح فيه الفصح. فأرسل بطرس ويوحنا قائلا اذهبا وأعدا لنا الفصح لنأكل..." (لو22: 7-18) فما كان يرمز إليه تحقق فيه في هذه الليلة. س3: ما هي طبيعة عشاء الرب؟ هذا السؤال يشكل أهمية كبرى لأننا دون أن نفهم طبيعة عشاء الرب لا يمكن أن يكون لدينا الفكر الصحيح من جهة هذا العشاء لذلك هيا بنا لنعرف طبيعة هذا العشاء:- أولا : العشاء هو وليمة تشكرات: لقد أظهر الرب طبيعة العشاء بشكره إذ "أخذ خبزا وشكر...كذلك الكأس أيضا.." (1كو11: 23و24)، شكر وليس صلى طالبا. وهذا ما يجب أن نتحلى به ونحن حول العشاء، يجب أن تمتلئ قلوبنا قبل أفواهنا بالشكر والحمد للرب لأجل شخصه ومحبته وما وصل إلينا من بركات في غنى نعمته. ثانيا : العشاء يرينا وحدانية جسد المسيح: وهذا ما نراه في القول "الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح لأننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد" (1كو10: 16و17)، لهذا السبب يخاطب الرسول بولس المؤمنين في كورنثوس قائلا "فحين تجتمعون معا ليس هو لأكل عشاء الرب لأن كل واحد يسبق فيأخذ عشاء نفسه" (1كو11: 20و21)، وهنا لا نرى الوحدة بين المؤمنين بل التفرق. "عشاء نفسه" شيء فردي لا جماعي وهذا ضد "عشاء الرب". إن العشاء لا يكون عشاء الرب إلا إذا اعترف المؤمنون بوحدانية الجسد، أما إذا لم يعترفوا بوحدانية الجسد يكون العشاء عشاء طائفة فقط، مع ملاحظة انه حيثما تهمل وحدانية الجسد لابد أن تدخل البدع ليكون المزكون ظاهرين، وهنا يتحتم على كل مؤمن أن يمتحن نفسه وهكذا يأكل. مع أن كنيسة كورنثوس كان فيها انقسامات وبدع، ولكن الرسول بولس لم يوصهم بأن يضعوا موائد متفرقة وأيضا لم يأمرهم بأن يمتنعوا عن كسر الخبز، بل كان يعلمهم ويغرس فيهم مبادئ كنيسة الله والاعتراف بوحدتها. ثالثا : العشاء يرينا اتحاد جميع المؤمنين وليس اتحاد فئة معينة بعضها مع بعض قد استراحت على تعاليم معينة ميزتها عن غيرها من المؤمنين: أننا بجلوسنا حول الرب في اجتماع كسر الخبز نعلن عن اتحادنا بعضنا مع بعض واتحادنا بالرب الرأس وإلا فالعشاء لا يصبح عشاء الرب بل عشاء طائفة معينة، فعشاء الرب يظهر ويعلن وحدة كنيسة الله، الأمر الذي لأجله أرسل الرب يسوع الروح القدس من عند الآب إلينا بعد أن قام من الأموات وجلس عن يمين الله ليكون جسدا واحدا وليس أجساد كثيرة. إن الله لا يرضى بأجساد كثيرة لكنه يرضى بأعضاء كثيرة في الجسد الواحد، كما أن الرب لا يسكن في أجساد كثيرة لكنه يسكن في جسد واحد" لأننا جميعنا بروح واحد أيضا اعتمدنا إلى جسد واحد يهودا كنا أم يونانيين عبيدا أم أحرار. وجميعنا سقينا روحا واحدا" (1كو12: 13). إن عشاء الرب لا يقتصر فيه على الإخبار بموت الرب إلى أن يجيء، بل فيه أيضا نظهر حقا واضحا يجب أن نتمسك به ونحياه ونعلمه للآخرين في هذه الأيام بصفة خاصة وهو أن جميع المؤمنين هم خبز واحد جسد واحد. س4: ما هو المعنى الروحي لكل من الخبز والكأس الذين استخدمهما الرب في العشاء مشيرا إلى جسده ودمه؟ إن استخدام الرب للخبز والكأس في العشاء الرباني له معانيه الرائعة التي نذكر البعض منها:- أولا : الخبز: - 1- الخبز الذي يشير إلى جسد الرب يسوع قد جاء من حبات الحنطة المطحونة بعد أن زرعت في الأرض وماتت ثم أخرجت "نباتا ثم سنبلا ثم قمحا ملآن في السنبل" (مر4: 28)، وهذا يذكرنا بما قاله الرب يسوع "الحق الحق أقول لكم إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى لوحدها ولكن إن ماتت فهي تأتي بثمر كثير" (يو12: 24). فالرب يسوع له كل المجد قد مات عل الصليب وقام، ونحن الكثيرون الذين آمنا به نعتبر ثمره الكثير الذي يكون جسده "فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد" (1كو10: 17). 2- الخبز قد جاء بعد طحن حبات الحنطة التي صارت دقيقا ناعما متناسقا ناصع البياض، وهذا يذكرنا بالرب يسوع المتناسق الصفات والذي تخلو حياته تماما من الخطية، كلي القداسة. الذي لم يعرف خطية، ولم يفعل خطية، وليس فيه خطية، قدوس بلا شر (2كو5: 21، 1بط2: 22، 1يو3: 4). 3- لقد دخلت حبات الحنطة بين حجري الرحى وطحنت وهذا يرينا ويذكرنا أيضا بالآلام الجسدية والنفسية التي اجتاز فيها الرب وتحملها سواء في بستان جثسيماني عندما كان يصلي وعرقه يتصبب كقطرات دم (مت26: 38، لو22: 44) أو في احتماله للهزء والعار من البشر الذين أحبهم وخدمهم ، أو في ظلم المحاكمة أمام بيلاطس البنطي الذي حكم عليه بالموت صلبا وأسلمه لهم ففعلوا به كيفما شاءوا، أو في الجلجثة حيث سمروه هناك وصلبوه، "وهو مجروح من أجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا" (إش53: 5). ويذكرنا أيضا بالآلام الرهيبة التي اجتاز فيها في الثلاث ساعات الأخيرة التي فيها صارت ظلمة على كل الأرض. فكما أن الحنطة تسحق بين حجري الرحى هكذا المسيح كان بين حجري رحى غضب الله إذ احتمل دينونة الله العادلة لأجلنا وكذا تحمل غضب الإنسان بكامل شره. 4- يدخل الخبز وهو بعد لازال عجينا إلى التنور بعيدا عن الأنظار ويكون وسط النار ليشوى فيخرج خبزا يؤكل للشبع، هكذا المسيح وهو على الصليب في ساعات الظلمة الرهيبة ترك من الله، "لأنه وضع عليه إثم جميعنا" (إش53: 6)، لقد كان الله وحده منفردا به ليأخذ منه كل حقوقه العادلة التي هي دينونة وحساب خطايانا، التي كان حتما علينا أن نسددها لولا أنه هو سددها كاملة بموته على الصليب، الآلام التي لا يمكن لأي واحد من البشر أن يصفها أو يضع لها حدا. (راجع مز22: 1-3، 42: 7 ، 69: 2). ثانيا : الكأس:- الكأس تحتوي على نتاج الكرمة، ولها أيضا معانيها الروحية التي نذكر القليل منها: 1- إن ما في الكأس كان من نتاج الكرمة وهو يشير إلى دم المسيح الذي به افتدانا، لقد قال الرب يسوع لتلاميذه وهو يعطيهم الكأس "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم" (لو22: 20). واختيار الرب لنتاج الكرمة أي عصير العنب ليكون إشارة لدمه الكريم الذي به خلصنا خلاصا أبديا هو اختيار إلهي، فعصير العنب كان يطلق عليه في العهد القديم "دم العنب" (تك49: 11، تث32: 14) وقد اختاره الرب على هذا الأساس ليشير إلى دمه الثمين. 2- إن كل ذبائح العهد القديم وتقدماته ترمز إلى الرب يسوع الذبيح الأعظم الذي بمجيئه أكمل الفداء وأبطل الخطية بذبيحة نفسه، لذلك كل خاطئ أثيم يأتي إليه بالإيمان ويحتمي في دمه الكريم، يحصل على خلاصه الأبدي ويستريح بل ويطمئن قلبه من جهة ماضيه وحاضره ومستقبله. ونحن حول عشاء الرب تذكرنا الكأس بهذا الدم الكريم في قيمته العظيمة، نتذكر قول الرب لشعبه "لأن نفس الجسد هي في الدم فأنا أعطيتكم إياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم لأن الدم يكفر عن النفس" (لا17: 11). وهنا نري أن الدم فيه الحياة أو النفس ولذلك قال الرب يسوع عن الكأس "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي" ليفهم تلاميذه من ذلك أنه يشير إلى حياته المزمع أن يضعها على الصليب من أجلهم. 3- ونتذكر أيضا من خلال الكأس أن الدم ضروري وأساسي لخلاصنا لأنه مكتوب "...وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عب9: 22) فنتذكر القول المكتوب "إذا كان دم تيوس وعجول ورماد عجلة مرشوش على المنجسين يقدس إلى طهارة الجسد فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميته لتخدموا الله الحي" (عب9: 13و14). 4- بل ونتذكر أن دم المسيح كافي لخلاصنا، ونتذكر أيضا فاعلية هذا الدم والبركات التي لنا من خلاله والتي منها: التطهير (1يو1: 7، عب9: 14)، والتقديس (عب13: 12)، والتغسيل (رؤ1: 5)، والغفران (أف1: 7)، والتبرير (رو5: 9)، والتكفير (لا17: 11، رو3: 24)، والفداء (عب9: 12، 1بط1: 18و19). والشراء (رؤ5: 9و10)، والمصالحة (كو1: 20)، والقرب من الله (أف2: 13). والنجاة من الهلاك الأبدي (خر12: 13). والدخول إلى الأقداس السماوية (عب10: 19)، والغلبة والانتصار (رؤ12: 11)، والدخول للمجد وبيت الآب (رؤ7: 14). لأجل هذه الأسباب ونحن ننظر إلى الخبز والكأس ونتأمل فيهما تفيض قلوبنا بالحمد والشكر والسجود والتسبيح لهذا الشخص العظيم معبود قلوبنا ربنا يسوع المسيح مترنمين هاتفين قائلين: ما أعظمك.......... ما أعظمك ********************
الفصل الثاني الفصح وعشاء الرب س5: لماذا مارس الرب العشاء بعد الفصح مباشرة؟ عندما نقرأ تسلسل الأحداث الوارد ذكرها في إنجيل لوقا الأصحاح الثاني والعشرون نلاحظ علاقة عشاء الرب بالفصح اليهودي إذ يقول: "وجاء يوم الفطير الذي كان ينبغي أن يذبح فيه الفصح. فأرسل بطرس ويوحنا قائلا اذهبا وأعدا لنا الفصح لنأكل...ولما كانت الساعة اتكأ والاثنا عشر رسولا معه وقال لهم شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم فبل أن أتألم. لأني أقول لكم إني لا آكل منه بعد حتى يكمل في ملكوت الله. ثم تناول كأسا (كأس الفصح) وشكر وقال خذوا هذه واقتسموها بينكم. لأني أقول لكم إني لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله" (لو22: 7-18). الفصح كما نعلم هو أول أعياد الرب السبعة التي أعطاها لشعبه القديم والذي صنع أول مرة في تلك الليلة التي فيها خلصهم الرب من عبودية مصر وضربة المهلك، وأوصاهم قائلا "ويكون لكم هذا اليوم تذكارا فتعيدونه عيدا للرب. في أجيالكم تعيدونه فريضة أبدية" (خر12: 14). وأما من جهة علاقته بعشاء الرب فهي في كونه الرمز الحي لذلك الشخص الذي عشاء الرب هو ذكراه. إن الفصح كان يشير إلى ما كان سيحدث في المستقبل، إلى موت الرب يسوع على الصليب، بينما عشاء الرب يذكرنا بما قد تم بالفعل على الصليب، وبهذا العمل انتقل بتلاميذه من الأركان اليهودية وممارساتها وأنظمتها إلى نظام جديد، لم يكن هناك خروف يقدم كذبيحة ولكنه كان خبز يكسر وكأس فيها من نتاج الكرمة يشرب تذكارا لتلك الذبيحة التي قدمت مرة واحدة ولا تتكرر لأن فاعلية عملها يدوم إلى الأبد. إن وضع ممارسة عشاء الرب بعد الفصح مباشرة يعلمنا حقيقة رائعة وهي أن مستقبل الكنيسة ومستقبل إسرائيل مرتبطان بصليب ربنا يسوع المسيح، مع ملاحظة أن الكنيسة لها امتيازها الخاص ومقامها الرفيع عن إسرائيل باعتبارها جسد الرب وهو رأسها المجيد، إلا إن الكل أساسه عمل الصليب. س6: هل كانت هناك شروط معينة للمكان الذي أوصى الرب تلاميذه بإعداد الفصح فيه؟ وما هي الدروس المستفادة روحيا من ذلك؟ لم يترك الرب تلاميذه ليختاروا أي مكان حسب ما يروا أو يستحسنوا، لكنهم سألوه قائلين "أين تريد أن نعد" (لو22: 9)، لقد كان جواب الرب "إذا دخلتما المدينة يستقبلكما إنسان حامل جرة ماء. اتبعاه إلى البيت حيث يدخل وقولا لرب البيت يقول لك المعلم أين المنزل حيث آكل الفصح مع تلاميذي، فذاك يريكما علية كبيرة مفروشة" (لو22: 10-12). أرسل الرب تلميذين من تلاميذه ليعدا المكان لأكل الفصح والذي كان مزمعا أن يمارس فيه العشاء مع تلاميذه، معطيا أوصافه قائلا "...علية كبيرة مفروشة معدة. هناك أعدا لنا" (مر14: 15)، ومن هنا يمكننا أن نعلق ولو القليل عن هذه العلية فهي:- v علية كبيرة (متسعة): لتكون كافية لكل الذين أرادهم الرب يسوع أن يكونوا معه على هذا العشاء، ومن هنا نتعلم الدروس الآتية:- 1- بأنه يجب أن يكون المكان الذي يجتمع فيه المؤمنون لممارسة عشاء الرب متسع يسع كل المؤمنين الذين يصنعون ذكرى موت الرب. فليس من اللياقة أن يكون عدد من المؤمنين جلوس على المقاعد وآخرين وقوف بسبب ضيق المكان طوال فترة الاجتماع التي ربما تطول، ويتكرر هذا الشيء كل أول أسبوع الأمر الذي يصيب أحيانا بالملل. كما يجب أن تكون الرؤية واضحة للمؤمنين عند اختيار المكان من جهة المستقبل وملاحظة الأجيال وتزايد عدد السكان، فلا نكتفي بعدد المؤمنين الموجودين حاليا فقط بل نتوقع زيادة العدد في المستقبل. 2- هذا ومن جانب آخر يجب أن يكون لنا القلب المتسع لقبول المولودين من الله الذين لهم التعاليم الصحيحة والحياة النقية ويرغبون في ممارسة عشاء الرب. v علية مرتفعة : بمعنى مكان مرتفع بعيد عن الضوضاء وعن كل ما يصنع انزعاجا، وهنا نتعلم درسا آخر وهو: يجب أن نتحرر من كل ما يتسبب في سلب أفكارنا أو يحول أنظارنا بعيدا عن الرب موضوع سجودنا، وأن نكون في سمو روحي بعيدا عن مشغوليات العالم الكثيرة ومغرياته، وفي حالة تأمل وانحصار في ذاك الذي بذل نفسه لأجلنا وقام وصعد إلى قمة المجد والذي وعد أنه آتي قريبا وسريعا لأخذ المؤمنين إليه. v علية مفروشة ومعدة: وهذا يعني أن بها كل وسائل الراحة للمجتمعين ليعبدوا الرب بدون انزعاج ولكي تكون القلوب والأذهان مهيأة لعبادة الرب دون أن يكون أدنى مشغولية بشيء سوى الرب. يجب أن نلاحظ أنها مفروشة ومعدة وهنا نرى أن التلاميذ ليس لهم أي دخل في ترتيبها، بل الرجل صاحبها قد أعدها ورتب كل شيء يختص بها، وهو يشير إلى الروح القدس الذي يعد كل شيء. v علية واحدة: وهنا نرى وحدانية الروح ومبدأ الجسد الواحد حيث لا توجد فرصة للانقسامات والتحزبات البشرية. نحن نجتمع حول شخص واحد هو الرب يسوع، ونكسر خبزا واحدا برهانا على ذلك. س7: لماذا قال الرب يسوع للتلاميذ في هذا الفصح بالذات "شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم"؟ (لو22: 16) لقد قال الرب يسوع لتلاميذه قبل أن يذهب إلى الصليب "شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم" (لو22: 16) والعبارة "شهوة اشتهيت" تعني الرغبة الشديدة الفعلية في القلب للشيء الذي يراد ممارسته. وعندما قال الرب هذا الكلام كان في ذهنه ذلك الفصح الذي أوصى به بنو إسرائيل عن طريق موسى ليحفظوه في أجيالهم (خر12: 1-14). وما تم في هذا الفصح ما هو إلا رمز جميل ورائع لما سيحدث لربنا يسوع الفصح الحقيقي الذي ذبح لأجلنا. ولقد جاء الوقت المعين من الله ليأخذ الناموس كل متطلباته العادلة من الرب يسوع النائب والبديل عن البشر الذي "افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبه" (غلا3: 13)، ويخلي طريقه لتدبير النعمة الرائع والمبهج وتتم وتتحقق كل رموز العهد القديم وظلاله في شخص ربنا يسوع المجيد المبارك. لقد كان الفصح الذي أقيم في العلية هو آخر فصح يهودي يصنع بحسب أمر الرب، لأن أي فصح يأتي بعد هذا الفصح لن تكون له قيمة بعد أن مات المسيح لأجلنا وقدم نفسه ذبيحة واحدة عن الخطايا والتي بها وفى مطالب عدل الله الذي لم تستطع كل ذبائح العهد القديم أن توفيها (عب10: 12) "لأن فصحنا أيضا المسيح قد ذبح لأجلنا" (1كو5: 7). ورد هذا التعبير الرائع في بشارة البشير لوقا "وجاء يوم الفطير الذي كان ينبغي أن يذبح فيه الفصح" (لو22: 7) ومن هنا ندرك أن الرب يسوع كان له علم اليقين أنه في تلك الليلة كان لابد أن يحقق الرمز بتقديم نفسه باعتباره حمل الله، وما هي النتائج والبركات التي تعود على كل من يؤمن به ويحتمي في دمه الكريم. س8: كان الإسرائيلي يمارس الفصح سنويا، ونحن نمارس عشاء الرب أسبوعيا، هل توجد مفارقات بين ممارسة الفصح قديما وممارسة عشاء الرب في العهد الجديد أم الثاني امتداد للأول؟ توجد مفارقات واضحة وكثيرة بين ممارسة الفصح وعشاء الرب مثل:- · كان الفصح هو ذكرى لخلاص بنو إسرائيل وفداءهم من عبودية مصر، وأما عشاء الرب فهو ذكرى لما هو أعظم، ففيه نذكر موت ربنا يسوع لأجل خلاصنا من عبودية إبليس والخطية ومن الهلاك الأبدي. · الفصح كان وليمة خاصة لبني إسرائيل، أما عشاء الرب فهو وليمة تشكرات للمؤمنين الحقيقيين المخلصين بالنعمة. · في الفصح كان لابد لبني إسرائيل من أن يذبحوا ذبائح طاهرة وبلا عيب ويأكلونها، أما عشاء الرب فهو ذكرى لمن قال "اصنعوا هذا لذكري"، لحمل الله الذي قدم نفسه لله بلا عيب مرة واحدة لأجلنا. · الفصح يأخذ الفكر إلى الأمام، إلى الفداء الذي سيتم من خلال المرموز إليه ألا وهو حمل الله ربنا يسوع المسيح، أما عشاء الرب فيأخذ أفكارنا إلى الوراء ليذكرنا المسيح الذي تمم فداءنا مرة واحدة إلى الأبد على عود الصليب، وإلى الأمام إلى مجيء الرب يسوع المسيح ثانية "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26). · كان الفصح أحد أعياد الرب السبعة التي أعطاها لبني إسرائيل ليصنعوها في أوقاتها المحددة من الرب، وفي كل هذه الأعياد لابد من سفك الدم، أما عشاء الرب فهو وصية لتذكار الرب وما فعله على الصليب لفدائنا حيث سفك دمه الكريم مرة واحدة وإلى الأبد ولن تتكرر. · الفصح الذي مارسه الرب يسوع قبل صلبه مباشرة هو آخر فصح اعترف به الرب مشيرا إلى قرب نهاية تدبير الناموس، أما عشاء الرب فصنعه الرب في هذا الوقت لأول مرة مشيرا إلى بداية جديدة، هي بداية تدبير النعمة. س9: جاء هذا التعبير في العهد الجديد "لأن فصحنا أيضا المسيح قد ذبح لأجلنا" (1كو5: 7)، هل توجد مشابهات ومفارقات بين الفصح في العهد القديم والمسيح فصحنا الحقيقي في العهد الجديد؟ بكل تأكيد توجد مشابهات وأيضا مفارقات بين الفصح اليهودي في العهد القديم والمسيح فصحنا في العهد الجديد وليس الثاني امتداد للأول، بل الأول رمز رائع للثاني، وإليك المشابهات والمفارقات:- أولا : المشابهات:- 1- خروف الفصح على أساسه بدأ الله ببداية وعهد جديد مع شعبه الأرضي (خر12: 1و2)، وكذلك موت المسيح على الصليب كان بداية لولادة شعب سماوي جديد (1بط1: 3). 2- خروف الفصح كاف لأكثر من بيت "وإن كان البيت صغيرا عن أن يكون كفوا لشاة يأخذ هو وجاره القريب من بيته" (خر12: 4)، لنلاحظ أنه لم يقل إن كانت الشاة غير كافية للبيت يأخذ شاة أخرى، بل قال "وإن كان البيت صغيرا عن أن يكون كفوا لشاة..."، فعدم الكفاية تنسب للبيت لا للشاة، والرب يسوع في موته على الصليب كاف لخلاص كل العالم (يو1: 29، 4: 42) "لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس" (تي2: 11)، ومخلصنا الله "يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون" ( 1تي2: 4)، "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" ( يو3: 16). 3- خروف الفصح يجب أن يكون "شاة صحيحة" (خر12: 5)، والرب يسوع المسيح فصحنا الحقيقي كان يخلو تماما من كل خطية وعيب، فهو "القدوس" وليس القديس (لو1: 35). 4- يجب أن يكون خروف الفصح ابن سنة أي في ريعان شبابه (خر12: 5)، والمسيح فصحنا عندما صلب كان في ريعان شبابه، فعمر الإنسان كما هو مكتوب في كلمة الله "أيام سنينا هي سبعون سنة. وإن كانت مع القوة فثمانون سنة" (مز90: 10)، وربنا يسوع مات كإنسان وله من العمر حوالي ثلاثة وثلاثين سنة ونصف أي في ريعان شبابه، لذلك قال لله باعتباره ابن الإنسان "أقول يا إلهي لا تقبضني في نصف أيامي" (مز102: 24). 5- يجب أن يكون خروف الفصح ذكرا (خر12: 5)، الأنثى تشير إلي الضعف (1بط3: 7) أما الذكر فيشير إلى القوة، والرب يسوع وإن كان قد صلب من ضعف لكنه حي بقوة الله (2كو13: 4). وهو أيضا الأقوى (لو11: 21و22). 6- يجب أن يوضع خروف الفصح تحت الحفظ من اليوم العاشر- اليوم الذي يأخذ فيه- إلى اليوم الرابع عشر من الشهر -اليوم الذي يذبح فيه- (خر12: 3و6). فالعشرة أيام الأولى من الشهر إشارة إلى الثلاثين سنة التي قضاها الرب يسوع بعيدا عن أعين البشر، وهي السنين الأولى من حياته الإنسانية التي عاشها على الأرض قبل أن يبدأ خدمته الجهارية، والتي قضاها في الناصرة خاضعا لأمه مريم ويوسف النجار، وكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس (لو2: 51و52) والتي فيها كان معروفا بكماله عند الآب الذي شهد له بذلك قبل أن يبدأ خدمته العلنية عندما أتى ليعتمد من يوحنا المعمدان قائلا "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" والروح القدس أتى عليه بهيئة جسمية كحمامة (مت3: 16و17). والأيام التي كان فيها خروف الفصح تحت الحفظ للتحقق من خلوه تماما من العيوب، وإثبات صلاحيته للذبح من اليوم العاشر إلى اليوم الرابع عشر، تشير إلى الفترة التي خدم فيها الرب يسوع وكان ظاهرا للجميع وفي ذات الوقت مظهرا كل كمال، فتوالت الشهادات عن كماله:- · الشهادة الأولى: كانت من الآب الذي قال لا مرة بل مرات "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (مت3: 17، 17: 5)، والذي عندما قال له الابن "مجد اسمك" قال له "مجدت وأمجد أيضا" (يو12: 28). · والشهادة الثانية: كانت من الملائكة، فالملاك الذي بشر العذراء بولادته قال لها "فلذلك أيضا القدوس (وليس القديس) المولود منك يدعى ابن الله" (لو1: 35)، وفي بشارة متى يذكر عنهم أنهم قد جاءوا وصاروا يخدمونه بعد انتصاره على المجرب الذي جربه بعد صيامه أربعين يوما وأربعين ليلة (مت4:11)، كما جاءوا وخدموه أيضا عند قيامته وصعوده (مت28: 1-8 ، يو20: 11-13، أع1: 10و11). · والشهادة الثالثة: كانت من الشيطان الذي انهزم وانسحق تحت يد المسيح فشهد قائلا "أنا أعرفك من أنت، قدوس الله" (مر1: 24، لو4: 34). · والشهادة الرابعة: كانت من البشر، وإليك البعض منها:- o شهادة يوحنا المعمدان الذي قال عن الرب يسوع "الذي يأتي بعدي هو أقوى مني الذي لست أهلاً أن أحمل حذاءه" (مت3: 11)، والذي قال أيضا "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم...وشهد يوحنا قائلا إني فد رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه ... وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله" (يو1: 29-34)، وقال عنه أيضا "ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص. الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع. والذي من الأرض هو أرضي ومن الأرض يتكلم. الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع" (يو3: 30و31). o شهادة تلاميذه: لقد قال بطرس الرسول له "أنت هو المسيح ابن الله الحي" (مت16: 16) وأيضا "يا رب إلى من نذهب. كلام الحياة الأبدية عندك. ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي" (يو6: 68و69)، وقال الكثيرون من التلاميذ ذات القول، ويذكر عنهم أنهم سجدوا له اعترافا منهم أنه هو الله القدوس (مت14: 33). o شهادة الذين نالوا منه الشفاء أو صنعت معهم المعجزات مثل المولود أعمى الذي خلق له الرب يسوع عيونا من الطين. هذا الذي قال المسيح له عن نفسه "أتؤمن بابن الله"، فكان جوابه "أومن يا سيد وسجد له" (يو9: 35-38). وكذلك الجموع التي شاهدت معجزاته وسمعت تعاليمه شهدوا قائلين "إنه عمل كل شيء حسنا" (مر7: 35). o عندما قدم له الكتبة والفريسيون امرأة أمسكت في زنى، وطلبوا بأن ترجم بحسب ما أوصي به الناموس، وبعد أن انحنى وكتب على الأرض قال لهم "من منكم بلا خطية فليرمها أولا بحجر"، يقول "وأما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين" (يو8: 1-11)، وفي ذات الأصحاح قال لليهود "من منكم يبكتني على خطية" (يو8: 46) فلم يجرؤ أحد أن يقول له ولو عن خطية واحدة، لقد أظهر خطايا الجميع لكن لم يستطع أحد أن يرى فيه شيء من العيوب، فإنه "قدوس بلا شر ولا دنس" (عب7: 26). o ولما أرسل إليه رؤساء الكهنة خداما ليمسكوه ويأتوا به إليهم، رجعوا بدونه قائلين لهم "لم يتكلم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان" (يو7: 46). o ويهوذا بعد أن باعه بثلاثين من الفضة وأسلمه ليصلب، ولما رأى أنه قد دين رد الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ قائلا "قد أخطأت إذ سلمت دما بريئا" (مت27: 3و4). o وبيلاطس الحاكم الروماني بعد أن فحص بالتدقيق صرح قائلا "لم أجد فيه علة واحدة تستحق الموت" (لو23: 14و22) ). o وامرأة بيلاطس أرسلت لزوجها قائلة "إياك وذلك البار. لأني تألمت كثيرا في حلم من أجله...فلما رأى بيلاطس أنه لا ينفع شيئا بل بالحري يحدث شغب أخذ ماء وغسل يديه قدام الجميع، قائلا إني بريء من دم هذا البار" (مت27: 19و24). o واللص التائب الذي كان مصلوبا مع يسوع قال لرفيقه المصلوب معه "أولا أنت تخاف الله إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه. أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا. وأما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله" (لو23: 47). o وبعد موت الرب يسوع : " لما رأى قائد المئة ما كان، مجد الله قائلا بالحقيقة كان هذا الإنسان بارا" (لو23: 47). o ويشهد الروح القدس عنه في المكتوب قائلا "لم يعرف خطية" (2كو5: 21)، "بلا خطية" (عب4: 15)، "لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر" (1بط2: 22)، "وليس فيه خطية" (1يو3: 5). نعم إنه "حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يو1: 29). 7- يذبحه كل جمهور جماعة إسرائيل في العشية، وهذا ما تم في المسيح فصحنا، فلقد اشترك في جريمة قتله مصلوبا جميع الهيئات الدينية والسياسية، الأمم واليهود معا (أع2: 23و24، 3: 13-15) وإن كان اليهود والرومان نفذوا خطة الله في صلب المسيح (أع2: 23و24)، لكن يجب أن نعلم أننا جميعا اشتركنا في صلبه لأن الموت الذي ماته قد ماته للخطية (رو6: 1،1بط2: 24، 1يو3: 5). وكذلك القول "في العشية" قد تم في صلب الرب يسوع فلقد صارت ظلمة على كل الأرض في الثلاثة ساعات الأخيرة لصلبه (لو23: 44). 8- كان دم خروف الفصح أساس نجاة الأبكار من ضربة المهلك إذ قال الرب "ويكون لكم الدم علامة على البيوت التي أنتم فيها. فأرى الدم وأعبر عنكم. فلا يكون عليكم ضربة للهلاك حين أضرب أرض مصر" (خر12: 13)، وكذلك دم المسيح المسفوك على الصليب هو أساس خلاصنا ونجاتنا من الهلاك الأبدي (يو3: 16،رو5: 9). 9- خروف الفصح هو غذاء المفديين من بني إسرائيل (خر12: 8-11)، وكذلك المسيح هو طعام كل المفديين في العهد الجديد (يو6: 35). 10- الفصح أصبح له ذكرى سنوية (خر12: 14)، وكذلك المسيح أوصى المؤمنين قائلا "اصنعوا هذا لذكري" (لو22:19)، إنها ذكرى أسبوعية. ثانيا : المفارقات:- 1- خروف الفصح حيوان له بداية أيام ومحدود العمر "ابن سنة" (خر12: 5) أما الرب يسوع وإن كان قد جاء إلينا في الزمان وصار فصحنا الحقيقي، لكنه في ذات الوقت هو ابن الله الأزلي المعادل للآب والروح القدس في جوهر لاهوت الله الواحد، الذي لا بداية أيام له ولا نهاية أيام (يو1: 1-3، 17: 5) "...دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي" (عب9: 14)، "عالمين أنكم افتديتم... بدم المسيح معروفا سابقا قبل تأسيس العالم" (1بط1: 19و20). 2- لا يعلم الخروف المقدم في الفصح اليهودي ماذا يحدث له وماذا يتم فيه وما هو الغرض الذي لأجله يقدم، أما المسيح فصحنا الحقيقي قدم نفسه وهو يعلم كل شيء "...فخرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه..." (يو18: 4). ولقد تحدث كثيرا مع تلاميذه عن موته وقيامته "...وهانحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه إلى الأمم لكي يهزءوا به ويجلدوه ويصلبوه. وفي اليوم الثالث يقوم" (مت20: 18و19). وقال لهم بعد قيامته من بين الأموات" هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم، أنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير...كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث" (لو24: 44-46)، ولقد قال "وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليَ الجميع" (يو12: 32). 3- كان خروف الفصح كاف لنجاة شخص واحد وهو البكر من ضربة المهلك ومن الموت الزمني، أما المسيح بموته على الصليب كاف لنجاة كل من يؤمن به من الهلاك والموت الأبدي (يو3: 16). 4- يترتب على خروف الفصح بركات زمنية كثيرة منها: تحقيق الوعد من جهة الميراث الأرضي الذي وعد الرب به الأباء (تك15: 18-21،خر3: 8)، أما موت المسيح فبه تحقيق ما وعد به من ميراث سماوي "...في بيت أبي منازل كثيرة...وأن مضيت وأعددت لكم مكانا آتي وآخذكم إليَ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضا" (يو1: 1-3) "ورثة الله ووارثون مع المسيح" (رو8: 16و17)، "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السموات لأجلكم ..." (1بط1: 3و4). 5- ترتب على ذبح خروف الفصح تحريرهم من عبودية مصر وفرعون (خر3: 7-10و16 و17، 6: 1-8)، أما موت ربنا يسوع المسيح ترتب عليه نوالنا كل البركات الروحية الموهوبة لنا من الله أبينا (أف1: 3) من تحرير وغفران وتبرير وتطهير وتقديس ونوال الحياة الأبدية والبنوة والميراث والدعوة والمجد ودخول بيت الآب وغيرها من البركات الروحية (راجع يو8: 36، أف1:7، أع10: 43، كو2: 13،رو5: 9، 2كو5: 21، 1يو1: 8، عب13: 12، يو3: 15و16 و36، 5: 24، 1: 11و12، 1بط1: 3و4، رو8: 16و17، غلا1: 4، عب3: 1،عب2: 10، 1بط5: 10،......) . س10: كيف ترتب الأشياء التي حدثت في اليوم الأخير للرب قبل أن يصلب؟ في هذا اليوم الأخير وبصفة خاصة في الليلة التي أسلم فيها، حدثت أمور كثيرة ترتب كالآتي:- 1- المناقشة التي حدثت بين التلاميذ عن من يكون عظيما (لو22: 24-30). 2- الشكر الذي قدمه الرب من أجل الكأس الأول (كأس الفصح) (لو22: 17). 3- غسل أرجل التلاميذ (يو13: 2-12). 4- عودة الرب لعشاء الفصح لاستكماله (يو13: 12-30). 5- إعلانه عن خيانة يهوذا له (يو13: 18-30) ولقد فعل الرب ثلاثة أمور ليهوذا لينبهه v أولها : غسل رجليه. v وثانيها : غمس لقمة الفصح وأعطاها له. v وثالثها : أعلمه بما سيفعل، لكن يهوذا لم ينتبه، بل بعد اللقمة دخل الشيطان قلبه، فقال الرب يسوع له "ما تفعله فافعله بأقصى سرعة" وللوقت خرج يهوذا وكان ليلا. 6- الشكر لأجل الخبز الخاص بالعشاء الذي أوصى فيه بالقول "اصنعوا هذا لذكري" وكذلك الكأس المرتبطة بهذا العشاء (لو22: 19و20). 7- الحديث الوداعي والأخير للرب مع تلاميذه الأحد عشر قبل الصليب (يو14-16). 8- الصلاة الكهنوتية التي رفعها للآب (يو17). 9- الصلاة في البستان في جثسيماني لأجل الكأس المريرة المزمع أن يشربها ألا وهي كأس الألم والموت على الصليب (مت26: 36-39). 10- تسليم يهوذا للرب يسوع ليد الجند والخدام الذين أتوا من عند رؤساء الكهنة والفريسيين ليقبضوا عليه ليصلب (مت26: 47). ********************
الفصل الثالث من هم الذين يمارسون عشاء الرب س11: من هم الأشخاص الذين يمكنهم أن يشتركوا في عشاء الرب؟ لقد صنع الرب العشاء للأحد عشر تلميذا، لأن يهوذا بعد أن تناول مع الرب وبقية التلاميذ عشاء الفصح، دخله الشيطان وللوقت خرج من محضر الرب ولم يستكمل مع الرب والتلاميذ بقية الحوادث التي تمت بعد ذلك والتي منها ممارسة عشاء الرب. ومن هنا نلاحظ أن الرب استبعد يهوذا عن عشاءه ( عشاء الرب ) قبل صنعه لهذا العشاء. ومن هنا يمكننا أن نستنتج أن الأشخاص الذين يمكنهم أن يشتركوا في عشاء الرب هم مؤمنون حقيقيون حصلوا على الحياة الجديدة. ويمكننا أن نوجز صفاتهم كما نراها في كلمة الله كالآتي:- 1- مخلصون بالنعمة: واضح لنا من قصة يهوذا السابق ذكره ومن شواهد كثيرة في الكتاب المقدس أنه لا وجود لمجموعات مختلطة من مؤمنين وخطاة ليمارسوا عشاء الرب معا. كما أن الرب لم يوص العالم الذي أبغضه وصلبه أن يصنع شيئا لذكراه، لكنه يطلب منهم أن يتوبوا أولا ويرجعوا إليه "فالله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا..." (أع17: 31)،أما بالنسبة لأحبائه أوصاهم قبل أن يترك العالم ويمضي إلى الآب أن يصنعوا هذا العشاء لذكراه (مت26: 26-29، مر14: 22-26، لو22: 19و20، 1كو11: 23-26). وهذا يمكننا أن نراه بوضوح في الكنيسة الأولى في سفر الأعمال، حيث نرى أن الذين سألوا بطرس وسائر الرسل قائلين "ماذا نصنع أيها الرجال الإخوة. فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيع لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس...فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس. وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات" (أع2: 37-42). فالمواظبة على كسر الخبز تأتي بعد نوال الحياة الجديدة وليس قبلها. يقول الرسول بولس "...لأنه أية خلطة للبر والإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟ وأي موافقة لهيكل الله مع الأوثان؟" (2كو6: 14-16). 2- يعيشون التعليم الصحيح : لسنا نعيش الآن في عصر الرسل ولا في أيام الكنيسة الأولى، لكننا نعيش في آخر الأيام التي تسبق مجيء الرب لاختطاف كنيسته، والتي يميزها لا الانحطاط الروحي فقط بل الجهل وعدم التمسك بالتعليم الصحيح وانعدام الفهم للحقائق الأساسية للإيمان الأقدس عند الكثيرين، ويقول الرسول بولس: "ولكن الروح يقول صريحا إنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواح مضلة وتعاليم شياطين" (1تي4: 1)، وفيها أيضا "...لا يحتملون التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم فيصرفون مسامعهم عن الحق وينحرفون إلى الخرافات" (2تي4: 3و4). نحن لا نتحدث عن ديانات ومبادئ خارج المسيحية، بل عما في داخل المسيحية، فما أكثر الذين يعلمون تعاليم تسبب ارتباكا وتشويشا تطعن الحق مباشرة وتنافي تعاليم ربنا يسوع المسيح وكل تعليم صحيح، الشيء الذي لأجله يوصي الروح القدس قائلا "كل من تعدى ولم يثبت في تعليم المسيح فليس له الله ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا له الآب والابن جميعا. أن كان أحد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم فلا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام" (2يو9و10). فمثل هؤلاء لا يجوز لنا أن نسمح لهم بالاشتراك في عشاء الرب، بل وأكثر من هذا فأن اشتراكهم في عشاء الرب يسبب تشويشا على كل الجماعة وشهادتها. لقد قال الرب يسوع لتلاميذه "انظروا وتحرزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين...حينئذ فهموا أنه لم يقل أن يتحرزوا من خمير الخبز بل من تعليم الفريسيين والصدوقيين" (مت16: 6و12). 3- حياتهم نقية وسلوكهم العملي مشهود له من داخل الكنيسة وخارجها: مع أن التعليم الصحيح والتمسك به ضروري للغاية، لكن يجب أن يلازمه السلوك النقي والحياة الطاهرة التي تتوافق مع هذا التعليم. لقد أوصى الرسول بولس المؤمنين في كورنثوس قائلا "إن كان أحد مدعوا أخا زانيا أو طماعا أو عابد وثن أو شتاما أو سكيرا أو خاطفا، أن لا تخالطوا أو تؤاكلوا مثل هذا...فاعزلوا الخبيث من بينكم" (1كو5: 11-13)، ويقول أيضا "ألستم تعلمون أن خميرة صغيرة تخمر العجين كله. إذا نقوا منكم الخميرة العتيقة لكي تكونوا عجينا جديدا كما أنتم فطير. لأن فصحنا أيضا المسيح قد ذبح لأجلنا، إذا لنعيد ليس بخميرة عتيقة ولا بخميرة الشر والخبث بل بفطير الإخلاص والحق." (1كو5: 6-8). ويجب أن نلاحظ أن الاستمرار في عيشة الشر والإصرار عليه يطلق عليه كما ذكرنا من قبل "خمير" (1كو5: 6) وكذلك التمسك بالتعاليم الغير صحيحة يسمى أيضا "خمير" (غلا5: 9). وفي الحالتين استخدم الرسول بولس التعبير "خميرة صغيرة تخمر العجين كله". يوصي الرب والروح القدس كثيرا من جهة السلوك المقدس، ولا يمكننا هنا أن نذكر التفاصيل، لكن نكتفي أن نذكر أنفسنا والمؤمنين جميعا بهذه النصائح المذكورة في الإنجيل: "عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح" (في1: 27)، "لتسلكوا كما يحق للرب" (كو1: 10)، "ونشهدكم لكي تسلكوا كما يحق لله الذي دعاكم إلى ملكوته ومجده" (1تس2: 12). يجب أن نعلم أن وجود شر في وسط الجماعة غير محكوم عليه يتسبب في تكدير كل الجماعة وتعطيل القوة الروحية وتمنع تمتع الجماعة بحضور الرب في كنيسته، ومن هنا يتحتم على الجماعة أن لا تستعجل في قبول أي شخص على عشاء الرب إلا بعد التأكد من الأمور السابق ذكرها. ملخص القول : يمكننا أن نقول من الجانب العكسي أنه لا يجوز لأي شخص لم يحصل إلى الآن على خلاص المسيح وإلى الآن ليس هو عضوا في جسد المسيح أن تكون له شركة في عشاء الرب. في العهد القديم يأمر الرب في فريضة الفصح قائلا "كل ابن غريب لا يأكل منه...النزيل والأجير لا يأكلان منه...وأما كل أغلف لا يأكل منه" (خر12: 43و45و48)، ولأن فصحنا المسيح قد ذبح لأجلنا لا يمكن لأحد أن يعيد أو يأكل من الخبز ويشرب من الكأس إلا الذين بالحقيقة احتموا في دم الرب يسوع، وعرفوا النتائج المباركة التي حصلوا عليها بالإيمان. إن الاشتراك في عشاء الرب بدون هذه المعرفة هو الأكل والشرب بدون استحقاق، وأيضا كل من يأكل ويشرب يدون استحقاق يجلب على نفسه دينونة. س12: هل مارس يهوذا مع التلاميذ الاشتراك في العشاء الذي صنعه الرب لهم؟ وإن كان لم يشترك معهم، فما تعليقكم على ما ورد في الإنجيل بحسب البشير لوقا حيث يفهم منه أن يهوذا كان حاضرا ومشتركا معهم (لو22: 21-23)؟ هذا السؤال يدور في أذهان الكثيرين عما إذا كان يهوذا الإسخريوطي اشترك في عشاء الرب أم لا، لكن بالدراسة المتأنية وربط الأحداث بعضها ببعض يمكننا أن نصل إلى التفسير المريح وهو أن يهوذا لم يشترك في عشاء الرب ولم يكن حاضرا وقت الممارسة. لقد صنع الرب العشاء للأحد عشر تلميذا وأوصاهم أن يصنعوه لذكراه. لقد كان يهوذا موجودا مع الرب وبقية التلاميذ في أثناء ممارستهم عشاء الفصح اليهودي، لكن بعد إعلان الرب لهم عن من يسلمه قائلا "الحق الحق أقول لكم إن واحدا منكم سيسلمني...هو ذاك الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه. فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الإسخريوطي. فبعد اللقمة دخله الشيطان...فذاك لما أخذ اللقمة خرج للوقت وكان ليلا" (يو13: 21و26و27و30). لقد خرج من محضر الرب ولم يستكمل معهم بقية الحوادث التي تمت بعد ذلك، والتي منها ممارسة عشاء الرب. فهو لم يشترك في عشاء الرب، لكنه اشترك في العشاء المرتبط بعيد الفصح أحد أعياد الرب السبعة وأولها التي أمر الرب الشعب القديم بممارستها، وهذا العشاء يختلف تماما عن عشاء الرب الذي صنعه الرب بعد ذلك لتلاميذه (مت26: 20-30، مر14: 17-26). وعبارة "خرج للوقت" يفهم منها أن يهوذا لم يستكمل عشاء الفصح، لأن اللقمة التي أخذها لم تكن نهاية عشاء الفصح، وبالتالي كيف يكون مشتركا مع التلاميذ في عشاء الرب الذي صنعه الرب بعد ذلك لبقية التلاميذ؟. ومن هنا نلاحظ أن الرب استبعد يهوذا عن عشاءه (عشاء الرب) قبل أن يصنعه لبقية التلاميذ. وهذا الدرس يجب أن يتعلمه المؤمنون باعتبارهم كنيسة الله التي هي جسده والتي تمثله على الأرض، بأن لا نقبل شخصا ما إلا بعد التأكد من حصوله على الحياة الجديدة. ذكر البشيرين متى ومرقس كل في إنجيله هذا القول: "ولما كان المساء اتكأ مع الاثني عشر. وفيما هم يأكلون قال الحق أقول لكم إن واحد منكم يسلمني...الذي يغمس يده معي في الصحفة هو يسلمني...فأجاب يهوذا مسلمه وقال هل أنا هو يا سيدي. قال له أنت قلت. وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ...وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم..." (مت26: 26) وعبارة "وفيما هم يأكلون" هنا تشير إلى وقفة زمنية حدثت بسبب خروج يهوذا ثم عادوا لاستكمال عشاء الفصح الذي في أثناءه صنع عشاءه الخاص. أما بخصوص ما ذكره لوقا في بشارته، فعلينا أن نفهم أن لوقا لم يسرد الأحداث في تتابعها الزمني. فعلى سبيل المثال ذكر سجن يوحنا المعمدان قبل معمودية الرب يسوع منه. مع أن الترتيب الزمني هو معمودية الرب يسوع منه أولا ثم بعد فترة من الزمن كان سجنه من هيرودس الملك (لو3: 19-22). وهنا أيضا في الحديث عن الفصح وعشاء الرب لم يهتم بالترتيب الزمني، فبينما كان يتحدث عن الفصح مع تلاميذه قائلا "شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم" وبعد أن تكلم عن كأس الفصح التي قال لهم عنها "اقتسموها بينكم" (لو22: 14-18)، تحدث عن عشاء الرب فقال "وأخذ خبزا وشكر...وكذلك الكأس أيضا بعد العشاء..." (لو22: 19و20) ثم واصل الحديث مرة ثانية عن الفصح وقال "ولكن هوذا يد الذي يسلمني هي معي على المائدة... فابتدأوا يتساءلون فيما بينهم من ترى منهم هو المزمع أن يفعل هذا" (لو22: 21-23) وهنا ليس المقصود بالمائدة عشاء الرب لكن مائدة الفصح، كما أن تساؤل التلاميذ عن من هو الذي يفعل هذا وقول الرب عن مسلمه واضح من البشيرين أنه كان أثناء أكل الفصح وليس بعده، وقبل ممارسة عشاء الرب وليس بعدها. لنلاحظ أنه عندما تحدث عن الكأس قال "وكذلك الكأس أيضا بعد العشاء"، "بعد" وليس أثناء أو قبل أي في النهاية، لكن عندما تحدث عن يهوذا مسلمه قال "هوذا يد الذي يسلمني هي معي على المائدة" أي أثناء الفصح لا قبله ولا بعده. أما البشير يوحنا لم يخبرنا بشيء عن عشاء الرب، لكنه تكلم عن عشاء الفصح، وهو الذي أشار إلى الوقت الذي خرج فيه يهوذا، "...وكان ليلا" لقد ذهب في ظلام الليل لتنفيذ خطته ومنها ذهب إلى ظلام الليل الأبدي. ومرة أخرى نكرر أن الرب يسوع "غمس اللقمة وأعطاها ليهوذا" وهذا لم يفعله في العشاء الخاص به، فواضح لنا أن الخبز والكأس في عشاء الرب منفصلين ولما أعطى تلاميذه أعطاهم الخبز والكأس كل على حدة، مما يبرهن على أن اللقمة التي أعطاها الرب ليهوذا هي من الفصح اليهودي والتي خلالها دخله الشيطان وخرج قبل ممارسة عشاء الرب. س13: ما هي بعض المبادئ الكتابية التي تحكم قبول المؤمنين على عشاء الرب؟ إن اجتماع كسر الخبز هو اجتماع كنسي، مثل اجتماع الصلاة واجتماعات الوعظ والتعليم ودراسة الكلمة. لكن يجب أن نلاحظ أن اجتماع الوعظ والتعليم هو مسئولية الواعظ أو المعلم المتكلم، والاجتماع التبشيري هو مسئولية المبشر. لكن اجتماع كسر الخبز هو اجتماع سجود يخص الكنيسة كلها، لا توجد مسئولية على واحد معين، وأساس هذا الاجتماع نراه في سفر الأعمال ألا وهو تعليم الرسل والشركة (أع2: 42). إن أساس كوننا جماعة واحدة واجتماعنا معا هو مبني على كوننا جسد واحد، لكن أساس كسر الخبز ليس كوننا جسد واحد فقط بل هو تعليم الرسل والشركة (عا3: 3، 1يو1: 3). ومن هنا نسأل: لمن يجوز الاشتراك في عشاء الرب؟ والجواب نراه في سفر الأعمال، إنهم كل من قبلوا الرب يسوع، إنهم كل من تجاوب مع الروح القدس وقبلوا خلاص الرب وواظبوا على تعليم الرسل والشركة. إن ما علمنا إياه الرب بخصوص عشاءه المبارك والمدون في كتابه الجليل يجب أن نسلك فيه ونعيش بموجبه. ويجب أيضا أن نتجنب الانحراف أو الابتعاد عن الحق الذي علمنا إياه الرب، سواء في وضع قيود أمام طالب الاشتراك على عشاء الرب، أو في التسيب الذي لا مبرر له والغير وارد ذكره في كلمة الله. فإذا كان الشخص مؤمن مولود من الله، يتبع التعليم الصحيح، ونقيا في سلوكه، مشهودا له عن حياته التقوية، وله شركة مع المؤمنين، ولا تربطه أي شركة مع الأشرار ولا في مائدة شياطين أو بمعنى آخر مائدة الوثنية بمختلف صورها، عليه أن يعلن رغبته للكنيسة لممارسة عشاء الرب، وعلى الكنيسة أن تجتمع باسم الرب يسوع للتأكد من كل هذه الأشياء بعد زيارته في بيته والسؤال عنه من المقربين إليه حتى لا تخدع الجماعة بالكلام فقط، مع ملاحظة الأخذ في الاعتبار لرأي كل واحد من الكنيسة حتى لا تسقط الجماعة في ما يسمى المركزية ولكي لا يحدث انشقاق أو انقسام بين المؤمنين، ومتى استراح الجميع على طالب الشركة فينبغي الصلاة لأجله وقبوله. س14: هل يمكن قبول مؤمن حقيقي على عشاء الرب رغم أنه متشكك من جهة خلاص نفسه وغفران خطاياه؟. إن عشاء الرب هو الذكرى الواضحة لذبيحة المسيح الكاملة كمالا أبديا ، ولا يستطيع أحد أن يوجد حول هذا العشاء بفرح وبنشاط إلا الذين تأكدوا من غفران خطاياهم، لكن للأسف فإن كثيرين من أولاد الله بسبب التعاليم الغير صحيحة غير متأكدين أن خطاياهم قد غفرت تماما وذلك يرجع لعدم معرفتهم عظمة اسم الرب يسوع وكفاية عمله على الصليب وقوة وفاعلية دمه الثمين، وكذلك أيضا بسبب الهزيمة الروحية المتكررة الشيء الذي يعطي المجال للشيطان ليكثر من الشكوك والمخاوف. ومثل هؤلاء المؤمنين سواء كانوا مشتركين على عشاء الرب أو غير مشتركين، يجب أن نقترب منهم بكل لطف ونساعدهم في فهم الخلاص في معناه الصحيح، وعمل المسيح الكامل على الصليب وكفايته في الخلاص، والضمان الأبدي للمؤمنين، وشفاعة المسيح، والضعف الروحي وأسبابه وكيف نتعامل معه، والشك وعلاجه، ونظل في مساعدتهم حتى تترسخ الحقائق الروحيه السليمة في قلوبهم وأذهانهم لكي يمارسوا عشاء الرب بفرح ودون انزعاج. مع ملاحظة أنه إذا فصلنا مثل هؤلاء المؤمنين الذين لم يكن عندهم التأكيد واليقين من جهة غفران خطاياهم عن عشاء الرب، جعلنا أساس الشركة في عشاء الرب هو معرفة غفران الخطايا بدلا من الحصول على الحياة الجديدة والطاعة لله. يركز إنجيل يوحنا على حالة الشخص الذي يمارس كسر الخبز، إذ أن ممارسة كسر الخبز لا تتعلق بالقامة الروحية والنمو الروحي، بل يكفي الفرد أن يكون مغسول القدمين. لقد قام الرب عن العشاء واتزر بالمنشفة وصب ماء في مغسل وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ، وعندما أراد سمعان بطرس أن يمتنع عن ذلك، قال الرب له "إن كنت لا أغسلك فليس لك معي (في العشاء) نصيب" (يو13: 8). وهنا يمكننا أن نقول لكون الكلمة المشبهة بالماء تنقي حياتنا وتحكم على ذواتنا (غسل الأرجل) فهذا يكفي لنشترك على عشاء الرب. س15: هل يجوز إعطاء عشاء الرب للأطفال دون عمر الإدراك باعتبارهم لم يفعلوا الخطية ونحن نعلم أن المسيح رفع عنهم خطية أبيهم آدم بموته على الصليب؟ إن فكرة مناولة الأطفال من عشاء الرب، بنيت على أساس الخوف عليهم من الهلاك، وبنيت أيضا على أن الخبز والكأس يتحولان بعد الصلاة إلى جسد الرب ودمه الفعلي، وأنه بأكله يعطي حياة أبدية ومغفرة للخطايا. وبالبحث المتأني في روح الصلاة، وبامتحان الآراء في ضوء كلمة الله نرى أنه لا يجوز نهائيا إعطاء عشاء الرب للأطفال وذلك للأسباب التالية:- 1- من جهة الإدراك: لأن الرب قد أوصى قائلا "اصنعوا هذا لذكري" والذي يتذكر يجب أن يدرك ما يتذكره وإلا فماذا يتذكر؟ ونحن نعرف أن الطفل لا يدرك شيء حتى أننا لا نترك الأشياء الثمينة في يده لئلا يعبث بها لأنه لا يدرك قيمتها. 2- من جهة التمييز بين الخير والشر: لكون الطفل كما ذكرت في سؤالك، لم يفعل خطيئة وهو لا يميز بين الخير والشر، فلماذا نعطيه من عشاء الرب؟، وإن قلنا لأنه وارث لخطيئة أبيه آدم، فيمكننا نحن أيضا أن نقول : كما ورث الطفل من أبيه آدم طبيعته الساقطة والخطيئة ونتائجها وعقوبتها دون أن يكون له إرادة في ذلك ، هكذا ينبغي أن يكون له كل نتائج عمل الرب يسوع وموته النيابي على الصليب من بر وحياة أبدية وأمجاد سماوية دون أن يكون له إرادة في ذلك أو تمييز لعمله وموته على الصليب، ولذلك لا توجد ضرورة لنعطيه من عشاء الرب، والرب يسوع بنفسه قال: "هكذا ليست مشيئة أمام أبيكم الذي في السموات أن يهلك أحد هؤلاء الصغار" (مت18: 14) وهذا القول يدل على أن جميع الأطفال لهم حق الدخول إلى السماء على أساس عمل المسيح الكفاري فوق الصليب، فهم ليسوا مثل الكبار المدركين الذين يحصلون على الحياة الأبدية بالإيمان بالرب يسوع وعمله الكفاري الذي تممه بموته على الصليب (يو3: 16) ثم يعلنون رغبتهم في ممارسة عشاء الرب طاعة له وإعلانا لمحبتهم له. 3- من جهة وجودهم أثناء ممارسة التلاميذ لعشاء الرب: عندما صنع الرب العشاء لأول مرة، صنعه وأوصى به الأحد عشر تلميذا لأنهم يدركون الغرض من ممارسته، ولم يكن معهم طفل واحد، فلماذا حرم الرب الأطفال من هذا العشاء مع أنه لم يحرمهم من الأكل من الخمس خبزات والسمكتين، إذ يخبرنا الروح القدس في الإنجيل "والآكلون كانوا نحو خمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأولاد" (مت14: 21)، ومع أنه قال أيضا "دعوا الأولاد يأتون إليَ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات؟" (مت19: 14). 4- من جهة الممارسة: في كل الممارسات التي ذكرت في كلمة الله لعشاء الرب، كان جميع المشتركين فيها مؤمنين مدركين ما يمارسونه (اقرأ أع2: 41و42، 20: 7). 5- من جهة التعليم المسلم من الرب للكنيسة: عندما قاد الروح القدس الرسول بولس لتسليم ما تسلمه من الرب بخصوص التعليم الخاص بكيفية ممارسة عشاء الرب سلمه لمؤمنين بالغين ولم يسلمه للأطفال فقال "إلى كنيسة الله التي في كورنثوس...مع جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح" (1كو1: 2)، وقال لهم أيضا "احكموا أنتم في ما أقول..." (1كو10: 15). كما أنه يذكر مرارا صيغة المناداة "أيها الأخوة" (1كو1: 10و26، 2: 1،...) ، ولم يذكر ولو مرة واحدة "أيها الأطفال" ومن هنا نفهم أن قول الرسول بولس "لأني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا" (1كو11: 23) لم يكن موجها لأطفال لا يدركون بل للمؤمنين البالغين المدركين. 6- دخول السماء بالنسبة للأطفال: أساسه موت المسيح على الصليب لأجلهم، أي أن مصيرهم الأبدي بالارتباط بأعمارهم محدد مستقبلا دون حاجة لممارسة عشاء الرب، بينما عشاء الرب يتطلب من الراغبين في ممارسته أن يفهموا الغرض والهدف من ممارستهم له، ولهم القدرة على امتحان أنفسهم قبل الاشتراك كما توصي كلمة الله "ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس" (1كو11: 28) الأمور التي لا يدركها الطفل. 7- من جهة الوصية: لقد أوصى الروح القدس المؤمنين الممارسين لعشاء الرب قائلا "كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذا الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26)، الشيء الذي لا يستطيع الأطفال أن يقوموا به نهائيا، وهذا الكلام يستبعد وجود أطفال نهائيا على عشاء الرب. 8- من جهة التمييز لجسد الرب ودمه: يتحتم على المشتركين في عشاء الرب أن يميزوا جسد الرب ودمه عندما يكسرون الخبز ويشربون الكأس (1كو11: 29) الأمر الذي لا يقدر عليه الطفل. *********************
الفصل الرابع عشاء الرب والبركات الروحية س16: لماذا لا يجوز إعطاء عشاء الرب لغير المؤمنين بينما الرب نفسه قال "من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير، لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق، من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَ وأنا فيه...فمن يأكلني فهو يحيا بي" (يو6: 54-57) وهل معنى ذلك أن الحياة الأبدية والثبات في الرب تعطى عن طريق الأكل من عشاء الرب؟ لا يجوز إعطاء عشاء الرب لغير المؤمنين نهائيا، فقبول خطاة على عشاء الرب يخالف تعاليم كلمة الله التي يوجد فيها العديد من النصوص التي تعلن أن العشاء هو للمؤمنين. ففي سفر الأعمال نقرأ عن الذين سمعوا الإنجيل في يوم الخمسين "فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا...وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات" (أع2: 41و42)، ونقرأ أيضا "وفي أول الأسبوع إذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزا..." (أع20: 7)، وقال الرسول بولس عن المؤمنين الذين كانوا يمارسون عشاء الرب في مدينة كورنثوس: "...كنيسة الله التي في كورنثوس المقدسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين مع جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان لهم ولنا" (1كو1: 2)، وقال عنهم أيضا "...اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم باسم الرب يسوع وبروح إلهنا" (1كو6: 11). ومن هنا نرى أن الذين يمارسون عشاء الرب هم مؤمنون حقيقيون، مولودون ثانية، ومخلصون بالنعمة، وسكن فيهم الروح القدس، ومطيعون لكلمة الله. لقد وضع الرب العشاء وأوصى به لكنيسته التي أحبها وأسلم نفسه لأجلها، عائلته التي افتداها بدمه. دعنا الآن نعلق بعض الشيء على العدد الذي ذكر والوارد في (يو6: 54-57). لا يمكننا أن نفهم عدد من أقوال الرب بالانفصال عن الأعداد التي قبله، والأعداد التي بعده، وبالمقارنة مع ما كتب في الأصحاح الذي وردت فيه هذه العبارات، والمناسبة التي قيلت فيها. لذلك دعنا نرجع إليها الآن: v إن أقوال الرب في الأصحاح السادس من إنجيل يوحنا والتي ذكرها صاحب السؤال كانت أثناء خدمته وتسبق صلبه بزمن طويل، أما ممارسة العشاء الذي أوصى به كانت في الليلة التي أسلم فيها (1كو11: 23)، فهو لم يتحدث في ذلك الوقت عن ممارسة العشاء الرباني وإلا فكان في هذه المناسبة أخذ خبزا وكأسا وقدم لسامعيه، وهذا لم يحدث نهائيا. v هذه الأقوال التي تكلم بها الرب يسوع تكلم بها أمام الألوف من البشر الذين أتوا إليه بعد أن شبعوا في اليوم السابق لهذا اليوم من الخمسة أرغفة الشعير والسمكتين ليختطفوه ويجعلوه ملكا (يو6: 15)، لا ملكا على حياتهم بل ملكا لإشباع بطونهم، وهذا ما لا يرضى به الرب يسوع نهائيا، فهو لم يقل "يا ابني أعطني بطنك" بل قال "يا ابني أعطني قلبك..." (أم23: 26)، أما العشاء الذي أوصى به صنعه في الليلة التي أسلم فيها للأحد عشر تلميذا وليس مع الجموع. v إن الرب يسوع محب للجميع، ولقد أعلن لنا بنفسه أنه "قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك" (لو19: 10). وأعلن أيضا "لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم" (يو3: 17)، وقال لتلميذيه اللذين أظهرا روح الانتقام لأولئك الذين رفضوا قبول المسيح في إحدى قرى السامريين "...لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلص" (لو9: 56)، وجاء عنه هذا القول إنه "محب للعشارين والخطاة" (لو7: 34)، فلو كانت الحياة الأبدية وغفران الخطايا يمنحها عن طريق مادتي الخبز والكأس باعتبارهما كما يظن البعض أنهما جسد ودم الرب يسوع الحرفي، ما كان صرف الجموع من أمامه إلا بعد أن ناولهم جميعا، وهذا لم يحدث نهائيا لا في هذا الأصحاح ولا أثناء خدمته، بل عندما قال هذه الأقوال الواردة في كلمات السؤال وركز عليها كثيرا، تركه الجميع ومضوا ويقول الرسول يوحنا "من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه" (يو6: 66) ولم يذكر أن الرب أرجعهم وناولهم بعد أن أفهمهم، بل يذكر أنه قال للأثني عشر ألعلكم أنتم أيضا تريدون أن تمضوا". v لو كانت الحياة الأبدية وغفران الخطايا تعطى عن طريق ممارسة عشاء الرب ما كان من الضروري أن يموت الرب يسوع على الصليب لفدائنا، ولظل هو بنفسه يعلم ويناول الجموع ليمنحها الحياة الأبدية وغفران الخطايا، ولكان أيضا أوصى رسله أن يفعلوا ذلك، وهذا لم يفعله الرب يسوع ولم يفعله تلاميذه، وبالإضافة إلى ما سبق لو كان الحصول على غفران الخطايا ونوال الحياة الأبدية بأكل الخبز وشرب الكأس ما كان الرب أوصى تلاميذه بالقول "اصنعوا هذا لذكري"، بل كان يقول لهم كلوا واشربوا هذا لغفران خطاياكم!! v إن إنجيل يوحنا لم يحدثنا عن عشاء الرب ولا المعمودية، لأن موضوعه الرئيسي هو الإيمان، ولذلك ترد فيه كلمة الإيمان ومرادفاتها حوالي مائة مرة، وفي الأصحاح السادس التي ترد فيه العبارات السابقة موضوع السؤال، ترد كلمة الإيمان ومرادفاتها حوالي عشر مرات، ولذلك قال عن نفسه لأولئك الذين يبحثون عن الشبع، الذين قالوا للرب يسوع "يا سيد أعطنا في كل حين هذا الخبز" (يو6: 34)، "أنا هو خبز الحياة. من يقبل إليَ فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدا" (يو6: 35)، لنلاحظ أنه لم يقل من يأكلني، لكنه قال "من يقبل إليَ...ومن يؤمن بي..." وقال لهم أيضا "...كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير...الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية. أنا هو خبز الحياة" (يو6: 40و47و48). ومن هنا يمكننا أن نقول أن الوسيلة الوحيدة التي وضعها الرب لنا للحصول على الحياة الأبدية هي الإيمان القلبي الحقيقي بالمسيح وعمله على الصليب "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16). v في الأصحاح الرابع في حديث الرب يسوع مع المرأة السامرية وبعد أن قال لها "كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا، ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد. بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية" (يو4: 13و14)، "قالت له المرأة يا سيد أعطني هذا الماء لكي لا أعطش ولا آتي إلى هنا لأستقي" (يو4: 15). وهنا نسأل: هل كان الرب يسوع يقصد بالماء الذي تحدث عنه ماءا حرفيا أم كان يقصد شيئا آخر؟. واضح لنا أنه كان يقصد شيئا آخر، فهو الذي نادى قائلا "إن عطش أحد فليقبل إليَ ويشرب. من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه..." (يو7: 37-39). إن كنا نقبل أن الماء ليس مقصود به الماء الحرفي بل الروح القدس الذي يسكن في قلب كل من يؤمن بالرب يسوع، فلماذا لا نقبل أن القول "...من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية...لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق..." (يو6: 53-56)، ليس المقصود به جسدا ودما حرفيا بل قبول الرب يسوع بالإيمان؟ v بمقارنة الأعداد بعضها ببعض نرى وضوحا أكثر للمعنى، فلقد قال الرب يسوع لأولئك القوم "لأن هذه هي مشيئة الذي أرسلني أن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير" (يو6: 40). ثم قال لهم أيضا "لا يقدر أحد أن يقبل إليَ إن لم يجتذبه الآب الذي أرسلني وأنا أقيمه في اليوم الأخير" (يو6: 44) وقال أيضا "من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير" (يو6: 54)، لنلاحظ القول "...من يرى الابن ويؤمن به..." والقول "...يجتذبه الآب..." والقول "يأكل ... ويشرب" نرى أن هذه الأشياء روحية وليست حرفية. v وبالعودة إلى الكلام الذي قاله أيضا للجموع والذي قال فيه: "اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية الذي يعطيكم ابن الإنسان لأن هذا الله الآب قد ختمه، فقالوا له ماذا نفعل حتى نعمل أعمال الله، أجاب يسوع وقال لهم هذا هو عمل الله أن تؤمنوا بالذي هو أرسله". والقول "الحق الحق أقول لكم ليس موسى أعطاكم الخبز من السماء بل أبي يعطيكم الخبز الحقيقي من السماء. لأن خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياه للعالم. فقالوا له يا سيد أعطنا في كل حين هذا الخبز. فقال لهم يسوع أنا هو خبز الحياة من يقبل إليَ فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدا...كل من يري الابن ويؤمن به تكون له حياه أبدية...الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياه أبدية. أنا هو خبز الحياة آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا. هذا هو الخبز النازل من السماء لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت. أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلي الأبد. والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم" (يو6: 27-29و 32-35و40و47-51). ومن هنا نلاحظ أن كلام الرب في هذه المناسبة ليس عن العشاء الرباني بل عن الإيمان بشخصه. لقد تكلم عن الأكل من جسده والشرب من دمه للحصول على الحياة الأبدية في أوائل خدمته الروحية بين الناس، بينما صنع العشاء لتلاميذه وأوصاهم بصنعه قبل صلبه بساعات، فهل يعقل أن الرب تكلم مع الناس في أوائل خدمته عن أمر لم يعلن عنه شيئا بعد، أم كان يتحدث معهم عن قبول شخصه بالإيمان؟. v واضح من الأعداد السابقة ولاسيما القول "أنا هو خبز الحياة من يقبل إليَ فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدا" (يو6: 35)، كما أننا بالأكل وبالشرب نشبع ونروي جوعنا وظمأنا الطبيعي، هكذا عندما نقبل إلى الرب يسوع يشبع جوعنا الروحي، وعندما نؤمن به يروي عطشنا الروحي، ففي العدد الرابع والخمسين يقول الرب "من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية" فالحياة الأبدية في هذا العدد مشروطة بأكل جسده وشرب دمه في لغة تشبيهية، لذلك في العدد السابع والأربعين يقول "الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية" وهنا نرى أساس وشرط امتلاك الحياة الأبدية هو الإيمان، في هذا العدد يتكلم الرب في لغة واضحة بدون تشبيه، فالإيمان به وأكل جسده بمعنى واحد ولذلك بعد أن قال "من يؤمن بي فله حياة أبدية" قال "أنا هو خبز الحياة" (يو6: 47و48). v قال الرب يسوع "كما أرسلني الآب الحيُ وأنا حيُ بالآب فمن يأكلني فهو يحيا بي. هذا هو الخبز الذي نزل من السماء. ليس كما أكل آباؤكم المن وماتوا. من يأكل هذا الخبز فإنه يحيا إلى الأبد" (يو6: 57و58) في هذه الأعداد نري كما أن الابن حيُ بالآب، هكذا كل من يأكل الابن يحيا به. وهنا نسأل هل الابن يأكل الآب لكي يحيا به؟ وكيف يأكله؟. من الواضح لنا أن هذا يعني الاتحاد، فعندما نأكل أو نشرب يهضم هذا الطعام ثم يمتص وينتشر في كل أجزاء الجسم، هكذا أيضا عندما نقبل المسيح بالإيمان فإنه يمتلكنا ونمتلكه ويتحد بنا ونتحد به ويصير فينا "...فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَ" (غلا2: 20) ونصير نحن أيضا فيه "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2كو5: 17)، نتحد به كاتحاده بالآب، لقد قال لتلاميذه في حديثه الأخير "في ذلك اليوم تعلمون أني أنا في أبي وأنتم فيَ وأنا فيكم" (يو14: 20) وقال للآب "ليكون الجميع واحدا كما أنك أنت أيها الآب فيَ وأنا فيك ليكونوا هم أيضا واحدا فينا...أنا فيهم وأنت فيَ ليكونوا مكملين إلى واحد..." (يو17: 21و23). v التلاميذ حين سمعوا كلمات الرب السابقة وعجزوا عن فهمها لأنها كانت كلمات مجازية (راجع يو6: 51و52) قالوا "...إن هذا الكلام صعب. من يقدر أن يسمعه" (يو6: 60)، لكن الرب يسوع تبارك اسمه فسرها لهم قائلا "الروح هو الذي يحيي. أما الجسد فلا يفيد شيئا. الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة " (يو6: 63). v بعد أن رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه بسبب عدم فهمهم لهذا الكلام، قال للاثني عشر ألعلكم أنتم أيضا تريدون أن تمضوا، فأجابه سمعان بطرس يا رب إلى من نذهب . كلام الحياة الأبدية عندك ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي" (يو6: 66-69) وهنا نرى أن التلاميذ أدركوا ما معنى كلامه وضرورة الإيمان بشخصه. وأيضا لم يرفض الرب هذه الإجابة التي نطق بها بطرس بل اكتفى بها دلالة على أنه لا يقصد بالأكل من جسده وشرب دمه إلا الإيمان الحقيقي بشخصه الكريم وعمله المبارك. v إن الذين وجه الرب يسوع لهم الحديث في هذا الأصحاح كان معظمهم غير مؤمنين (يو6: 13و41و42)، ومن المؤكد أن الرب يسوع لا يتحدث عن العشاء الرباني لمثل هؤلاء بل عن الإيمان يشخصه، لأن ممارسة هذا العشاء خاص بالمؤمنين الحقيقيين لأن هؤلاء يقدرون عظمة محبة الله لهم وكفارة المسيح لأجلهم والفوائد العظيمة التي وصلت إليهم نتيجة لذلك. كما أن الرب يسوع ختم قوله في هذا الأصحاح بالقول "ولكن منكم قوم لا يؤمنون" ويقول الرسول يوحنا معلقا على هذا الكلام "لأن يسوع علم من البدء من هم الذين لا يؤمنون ومن هو الذي يسلمه" (يو6: 64و65)، ولم يقل : لأن يسوع علم من البدء من هم الذين لا يأكلون جسده ولا يشربون دمه بالمعنى الحرفي. v إن خلاص اللص التائب الذي كان مصلوبا مع المسيح كان خلاصا كاملا حتى أن الرب يسوع قال له "اليوم تكون معي في الفردوس" (لو23: 43) مع أنه لم يمارس عشاء الرب ولو مرة واحدة. لو كانت الحياة الأبدية يعطيها الرب من خلال تناول العشاء الرباني لكان هذا اللص أول الهالكين. س17: عندما أعطى الرب يسوع تلاميذه الكأس قال لهم: "اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا"، ألا يفهم من هذا الكلام أن الاشتراك في عشاء الرب يغفر الخطايا؟ من العبارة السابقة يتضح لنا أن مغفرة الخطايا لا علاقة لها بالخمر التي كانت في الكأس، بل بدم المسيح الذي كان لا يزال في جسمه لأنه لم يكن قد سفكه بعد، بل كان عتيدا أن يسفكه على الصليب ولذلك لم يقل "هذا هو دمي...الذي سفك من أجل كثيرين..."، لكنه قال "هذا هو دمي...الذي يسفك من أجل كثيرين..."، بمعنى المزمع أن يسفكه، لاحظ زمن الفعل فإنه يفيد المستقبل. إن الأساس المتين الذي وضعه الله لمغفرة الخطايا هو دم المسيح الذي سفكه لأجلنا على الصليب، فالمسيح بموته على الصليب وفى كل مطالب عدالة الله من نحونا، ولأنه مكتوب "وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عب9: 22) لذا جاء هذا القول عن الرب يسوع "الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته" (أف1: 7). والسبيل الوحيد للتمتع بالغفران هو الإيمان القلبي بالمسيح فمكتوب "أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا" (أع10: 42) وأيضا "حتى ينالوا بالإيمان بالمسيح غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين" (أع26: 18). يمكننا أن نقول أن مانح الغفران هو الرب يسوع المسيح، وأساسه: 1- النعمة (أف1: 7). 2- دم المسيح (أف1: 7، كو1: 14، عب9: 22). 3- اسم الرب يسوع (أع10: 42، 1يو2: 12). ووسيلة الحصول عليه هي الإيمان (أع10: 42، 26: 18) ولا يوجد أساس كتابي يقول أن عشاء الرب يمنح المشترك فيه غفرانا لخطاياه. س18: ما رأيك في الرأي القائل أن الخبز والكأس يتحولان إلى جسد ودم فعلي بعد ممارسة العبادة والشكر على كل منهما؟ لقد بنى أصحاب هذا الفكر – فكر التحول – على أعداد من كلمة الله دون فهم معناها الصحيح مثل الأعداد التي سبق أن تأملنا فيها في سؤال سابق والوارد ذكرها في الأصحاح السادس من إنجيل يوحنا ونصوص من مواضع أخرى مثل:- E القول "إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليست لكم حياة فيكم" (يو6: 53)، ولقد سبق لنا في إجابة سؤال سابق وقلنا أن كلام الرب يسوع هنا ليس عن العشاء الرباني الذي صنعه في الليلة التي اسلم فيها، أي بعد هذا الوقت الذي فيه تكلم بتلك العبارات بشهور كثيرة، وإنما كان يقصد بهذا الكلام قبول شخصه بالإيمان (راجع إجابة السؤال السادس عشر). E وبنو أيضا على قول الرب "هذا هو جسدي...هذا هو دمي" (مر14: 22و24) وقالوا أن الرب لم يقل "هذا الخبز يرمز إلى جسدي وهذه الكأس ترمز إلى دمي" وفاتهم أن الرب يسوع شبه نفسه بتشبيهات كثيرة مثل: "أنا هو الطريق..." (يو14: 6)، "أنا هو الباب" (يو10: 9)، "أنا هو الكرمة الحقيقية" (يو15: 1)، "أنا هو الراعي الصالح" (يو10: 11) فهل قصد الرب أن يفهم تلاميذه أنه شجرة عنب حرفية أو أنه باب أو طريق حرفي؟ بالطبع لا، لكنه استخدم هذه التشبيهات لإيضاح شيء معين، كما أن الكتاب المقدس مليء بالتشبيهات المجازية التي تعبر وتشرح شيء معين، فمثلا يقول الكتاب المقدس "كل جسد عشب" (إش40: 6-8) فالكتاب لم يقل "كل جسد يشبه العشب" ولكنه قال "كل جسد عشب" ولنلاحظ أن هذا العدد اقتبسه ووضحه الرسول بطرس في العهد الجديد وقال "كل جسد كعشب" (1بط1: 24) ومن هنا نفهم أن الإنسان الضعيف يشبه العشب الذي ييبس. هكذا حين قال الرب يسوع "هذا هو جسدي...هذا هو دمي" فقد قصد أن هذا هو ما يرمز إلى جسده ودمه وإلا ما كان قد قال بعدها "اصنعوا هذا لذكري". هذا ومن جانب آخر، عندما أمسك الرب بالخبز في يده وشكر وكسر وقال لتلاميذه "خذوا كلوا هذا هو جسدي..." (1كو11: 24) كان هو أمامهم بجسده الحرفي، وهنا نستطيع أن نقرر أن الرب كان يقصد بقوله هذا أن الخبز الذي في يديه كان يمثل جسده وكذلك الكأس أيضا يمثل دمه، ولو كان قصد الرب جسده ودمه الفعلي ما كان أمسك خبزا وكأسا بل كان قدم لهم لحمه ودمه الفعلي وبالتالي لا داعي من قوله "والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم" (يو6: 51)، وأيضا قوله "وأخذ خبزا وشكر وكسر وأعطاهم قائلا هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم. اصنعوا هذا لذكري وكذلك الكأس أيضا بعد العشاء قائلا هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم" (لو22: 19و20)، لنلاحظ زمن الفعل "يبذل" والفعل "يسفك" لا يدل على فعل قد تم بل إلى شيء سيفعل، مع ملاحظة أنه لم يقل "هذه الكأس هي دمي" بل قال "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم" لأنه ذهب في اليوم التالي لهذا الكلام إلى الصليب للقيام بمشروع الفداء. لنرجع مرة أخرى إلى المكتوب في كلمة الله "...أخذ يسوع خبزا...ثم أخذ كأس..." (مر14: 22و23) ولم يقل الكتاب المقدس أنه أخذ جسده ودمه، ومن هنا نفهم المعنى الرمزي لكلماته "هذا هو جسدي...هذا هو دمي". E لقد حرم الرب أكل الدم في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، فعندما أعطى التصريح للإنسان الممثل في نوح ونسله بأكل اللحوم بعد الطوفان مباشرة، قال لهم: "كل دابة حية تكون لكم طعاما كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع غير أن لحما بحياته دمه لا تأكلوه" (تك9: 3و4) وقال لشعبه القديم في وصاياه لهم "وكل دم لا تأكلوا في جميع مساكنكم من الطير ومن البهائم. كل نفس تأكل شيئا من الدم تقطع تلك النفس من شعبها" (لا7: 26و27)، وقال أيضا "وكل إنسان من بيت إسرائيل ومن الغرباء النازلين في وسطكم يأكل دما أجعل وجهي ضد النفس الآكلة الدم وأقطعها من شعبها. لأن نفس الجسد هي في الدم فأنا أعطيتكم إياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم. لأن الدم يكفر عن النفس...لأن نفس كل جسد دمه هو بنفسه. فقلت لبني إسرائيل لا تأكلوا دم جسد ما. لأن نفس كل جسد هي دمه. كل من أكله يقطع" (لا17: 10-14)، وقال أيضا "ولكن من كل ما تشتهي نفسك تذبح وتأكل لحما في جميع أبوابك حسب بركة الرب إلهك التي أعطاك...وأما الدم فلا تأكله. على الأرض تسفكه كالماء" (تث12: 15و16) راجع أيضا (تث12: 23و24). أبعد هذا يغير الرب ما أوصى به ويكسر الناموس مع أنه قال عن نفسه "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل"؟ (مت5: 17) فإذا كان المسيح قد أعطاهم جسده ودمه الحرفيين، يكون بذلك ناقضا للناموس الذي جاء ليكمله وهذا لا يمكن أن يكون، وأيضا في العهد الجديد عندما اجتمع الرسل والمشايخ بخصوص الأمم الذين قبلوا الإنجيل اتفقوا على أن "يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم" (أع15: 20). E إن كان الرب يسوع حين أعطى تلاميذه الخبز والكأس، أعطاهم جسده ودمه حرفيا، بهذا تكون العلية هي مكان الفداء وليس الصليب وبالتالي لا داعي للصليب وهذا ما لا يوافق عليه كل مسيحي حقيقي. E إن فكرة تحول الخبز إلى جسد والكأس إلى دم تعتبر إلغاء وإنكار لذبيحة المسيح على الصليب وكفايتها والتي قدمها مرة واحدة وإلى الأبد، وهذا يخالف تعاليم كلمة الله التي تعلن أن المسيح "... بعدما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله" (عب10: 12) وأيضا "فبهذه المشيئة نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع مرة واحدة" (عب10: 10) وأيضا "بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين" (عب10: 14). E لم يذكر في العهد الجديد كله ولو مرة واحدة أن التلاميذ اجتمعوا ليأكلوا جسد الرب ودمه ولم يعلموا بذلك في كل التعاليم التي كتبوها لنا بالروح القدس، بل يذكر عنهم أنهم كانوا يواظبون على...كسر الخبز..." (أع2: 42) وأيضا "وفي أول الأسبوع إذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزا..." (أع20: 7). E إن تحول الخبز والكأس إلى جسد ودم إنما هو تكرار لذبيحة المسيح وبالتالي صار المسيح كسائر الذبائح الحيوانية التي كانت تقدم في العهد القديم لأنها غير كافية لمقدمها ولله معا "لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا" (عب10: 4)، ولذلك يقول الروح القدس عن العبرانيين الذين ارتدوا عن المسيح وعادوا إلى أنظمة الناموس وذبائح العهد القديم "...لا يمكن تجديدهم أيضا للتوبة إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية ويشهرونه" (عب6: 6). E إن تكرار ذبيحة المسيح من خلال تحول الخبز والكأس إلى جسد ودم ليس تقليل من كفاية عمله على الصليب فقط بل وإنكار للاهوت ربنا يسوع، لأنه باعتباره الله المتجسد لابد أن يكون عمله كافيا وكاملا وبالتالي لا تكرار لذبيحته. ومن القصص الكتابية والتي توضح لنا ما ذكرناه: حين استولى الفلسطينيون على مدينة بيت لحم وكان داود مع رجاله في مغارة عدلام "فتأوه داود وقال من يسقيني ماء من بئر بيت لحم التي عند الباب" (2صم23: 15) فسمعه ثلاثة من أبطاله، وشقوا محلة الفلسطينيين "واستقوا ماء من بئر بيت لحم التي عند الباب وحملوه وأتوا به إلى داود فلم يشأ أن يشربه بل سكبه للرب وقال حاشا لي يا رب أن أفعل ذلك. هذا دم الرجال الذين خاطروا بأنفسهم. فلم يشأ أن يشربه" (2صم23: 16و17). وهنا نسأل هل كان ما سكبه داود للرب ماء أم دم؟ بالطبع كان ماء ولكن داود قال عنه "دم الرجال" لأنه كان يشير بذلك إلى مخاطرة الأبطال وتضحيتهم بحياتهم، لاحظ أن داود لم يقل "هذا الماء يشبه الدم" لكنه قال "هذا دم الرجال". س19: إذا كان الخبز لا يتحول إلى جسد والكأس إلى دم، وهو مجرد ذكرى أليس في هذا فقدان لهيبة ووقار العشاء الرباني؟. لقد أراد الرب أن يجمع كنيسته المحبوبة والغالية على قلبه حول شخصه المبارك، لذلك وضع أمامهم عشاءه حتى عند نظرهم إلى هذا العشاء يذكرون ويتذكرون شخصه، وأيضا جسده المبذول ودمه المسفوك لأجلهم، فيدركون عظمة محبته لهم، والمستقبل السعيد والمجد العظيم الذي ينتظرهم والذي أساسه عمل الصليب. يجتمع المؤمنون حول الرب لصنع العشاء كمن دعتهم محبة الله إلى أعظم وليمة، فالعشاء هو وليمة تشكرات لأجل نعمة قد حصلنا عليها ومن خلالها حصلنا على كل شيء. ليست هيبة ووقار العشاء في ذاته، بل فيما يشير إليه، فالصورة لها ذات وقار صاحبها ولكون الخبز والكأس صورة لجسد الرب ودمه، لذلك الهيبة والوقار للرب صاحب العشاء الحاضر في وسط قديسيه والمسرور بهم. ولا ننس أنها وصية الرب الغالية جدا "اصنعوا هذا لذكري". إنها رغبة الرب ووصيته لأحبائه أن يتذكروه كلما أكلوا الخبز وشربوا الكأس فيخبرون بموته إلى أن يجيء. إنها طلبة غالية على قلب الرب، إنها طلبته الموجهة إلى كل مؤمن حقيقي ليطيعها، ولنعلم أنه بمقدار محبتنا للرب يكون انتباهنا إلى وصيته، وتقديرنا لشخصه المبارك. *******************
الفصل الخامس ضرورة ممارسة عشاء الرب س20: إذا كان المؤمنون قد حصلوا على الحياة الأبدية بالإيمان بالرب يسوع وبعمله المبارك على الصليب فلماذا يصنع هؤلاء المؤمنون عشاء الرب؟ لا توجد وصية أوصى الرب بها في كتابه المقدس إلا وذكر لنا الأسباب التي دعت إلى ممارستها. فإن كان الرب أوصى تلاميذه والمؤمنون به أن يصنعوا العشاء لذكره، فالروح القدس دون لنا الأسباب التي دعت إلى ذلك. والآن نقول أن المؤمنين يمارسون عشاء الرب للأسباب التالية:- 1- طاعة للرب الذي أوصى قائلا "اصنعوا هذا لذكري" (1كو11: 24)، والمواظبة على صنع عشاء الرب من مظاهر الطاعة له، ونحن نؤمن أنه "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع5: 29). لقد وبخ الرب سامعيه ذات مرة قائلا لهم "لماذا تدعونني يا رب يا رب وأنتم لا تفعلون ما أقوله" (لو6: 46). ألا نعتبر أنفسنا غير صادقين ونحن نتهاون في طاعة وصيته التي أوصانا بها؟. ربما بسبب جهلنا ولعدم معرفتنا بالمكتوب، لا نعرف ماذا يريد الرب منا، وربما بسبب كثرة المشغوليات بأمور الزمان أهملنا في طاعة الرب سيدنا. لقد قال رجل الله صموئيل للملك شاول الذي لم يعلن عن طاعته للرب لا عن قرب أو بعد فيما قد أوصاه به "هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب. هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة والإصغاء أفضل من شحم الكباش لأن التمرد كخطية العرافة والعناد كالوثن والترافيم" (1صم15: 22و23)، فهل نحن الآن بعد أن عرفنا وصيته مستعدون أن نطيعه في تنفيذها وممارستها؟. 2- إعلان عن محبتنا للرب الذي قال "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي"، وقال أيضا "الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني. والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأظهر له ذاتي" (يو14: 15و21). ولقد قال هذا في الليلة التي أسلم فيها، فإن كنا نحبه محبة حقيقية فجدير بنا أن نعلن عن ذلك بطاعتنا لوصيته "اصنعوا هذا لذكري". يقول الرسول يوحنا قي رسالته "فإن هذه هي محبة الله أن نحفظ وصاياه. ووصاياه ليست ثقيلة" (1يو5: 3). 3- ليبرهن كل مؤمن منا على أنه واحد من الأعضاء الكثيرة التي يتكون منها جسد الرب الذي هو كنيسته طبقا للمكتوب "فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد ( الرغيف الواحد)" (1كو10: 17)، "وأما أنتم فجسد المسيح وأعضاؤه أفرادا" (1كو12: 27). وأيضا إعلان جماعي لاتحادهم بالرب يسوع كأعضاء جسده الذي هو الكنيسة وتظهر هذه الوحدة بين المؤمنين حين يجتمعون بنفس واحدة ليسجدوا للرب وهم يمارسون عشاء الرب. 4- لنتذكر الرب معبود قلوبنا الذي أوصى قائلا "اصنعوا هذا لذكري" (لو22: 19) نتذكره شخصا وعملا، وإذ نذكره فلابد أننا نشكره. فنحن المؤمنون كلما نصنع هذه الوصية في أول كل أسبوع، نذكر فادينا ومعبود قلوبنا، والتكلفة العظيمة التي تكلفها لأجل فدائنا، والمحبة التي لا مثيل لها التي جعلته يأتي إلينا من قمة المجد ويبذل نفسه لأجلنا. ولقد تكررت عبارة "اصنعوا هذا لذكري" مرتين في رسالة الرسول بولس التي كتبها للمؤمنين في كورنثوس (1كو11: 2و25) والتكرار دليل تأكيد رغبة الرب في أن يصنع المؤمنون ذكراه بمواظبة من خلال ممارستهم لعشائه الذي أوصى به. ولقد صنع الرب العشاء بنفسه لتلاميذه، وعرفهم الهدف من ممارسته حين قال لهم "اصنعوا هذا لذكري"، ومن تلك اللحظة يجتمع المؤمنون به سواء في اجتماعات كبيرة أو صغيرة العدد، يجتمعون باسمه وتحت رئاسته في أول كل أسبوع معلنين محبتهم له في تتميم وصيته الغالية. هناك فارق كبير بين الذهاب لسماع كلمة الله من مبشر أو معلم ضليع وبين الذهاب لاجتماع كسر الخبز الذي فيه نتقابل بالإيمان مع الرب نفسه في فرصة العشاء الذي أقامه هو، وأوصى جميع المفديين بدمه بصنعه، لذلك ليس من الصواب أن يفضل البعض من المؤمنين الذهاب لسماع عظة عن ذهابهم لصنع ذكرى الرب نفسه. فالاجتماع باسم الرب لصنع الذكرى يختلف عن فرصة البشارة، أو سماع عظة أو تعليم، أو فرصة صلاة من أجل عمل الرب، أو أي اجتماع لأجل أي غرض آخر، لأن في اجتماع كسر الخبز يتركز الذهن في التفكير في شخص المسيح وحده فيفيض القلب شكرا وتسبيحا ويمتلئ محضره من السجود الذي يكون بمثابة الناردين كثير الثمن. أي أن التشكرات الصادرة منا تكون محصورة في كمالات ربنا يسوع المسيح وعمل الفداء الذي تممه. 5- إعلانا منا عن الاشتراك الروحي في الفوائد الناتجة عن سفك دم المسيح وبذل جسده على الصليب ذاكرين القول "كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح. الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح" (1كو10: 16)، "وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح...فلنا شركة بعضنا مع بعض..." (1يو1: 3و7). 6- لكون الرب قد أحسن إلينا فلابد لنا أن نخبر بفضله وإحسانه علينا، ومن ضمن وسائل الإخبار ممارسة عشاء الرب متذكرين القول "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26). والكلمة "يخبر" هي ذاتها "يبشر أو ينادي بالإنجيل" كما وردت في (أع4: 2، 13: 5، 15: 36، 17: 3-13، 1كو9: 14، في1: 16-18، كو1: 28)، ومن هنا يمكننا أن نقول عندما يجتمع المؤمنون حول عشاء الرب لذكرى شخصه يكون اجتماعهم لا لذكرى موت الرب فقط بل للأخبار به أيضا. 7- عشاء الرب يربط قلوبنا وتفكيرنا بحدثين جليلين هما موت الرب لأجلنا ومجيئه لاختطافنا، هذا يجعلنا في أشواق دائمة لمجيئه لذلك يقول الروح القدس لنا "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26). إن ممارستنا لعشاء الرب هو أمر مؤقت، نصنعه هنا على الأرض مادمنا متغربين عن الرب، لكن قريبا سيأتي وسنراه وجها لوجه وسنراه كما هو وسنكون معه (رؤ22: 4، 1تس4: 17، 1يو3: 2)، فعشاء الرب يأخذ أفكارنا وقلوبنا إلى الوراء حيث نذكر أن المسيح مات مصلوبا لأجل خطايانا، ويأخذ بأنظارنا إلى السماء فنرى بالإيمان أن من مات قد قام، وهو الآن مكللا بالمجد والكرامة جالسا في يمين العظمة في الأعالي، ويأخذنا إلى الأمام فننتظر بشوق الوقت الذي سيأتي فيه ليأخذنا إلى منازل بيت الآب (يو14: 1-3). "تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" يالها من عبارة، فنحن نكسر الخبز بشكر طالما نحن هنا متغربين عنه، لكن في كل مرة نترجى أن تكون المرة الأخيرة التي تسبق مجيئه، حيث يأتي ويأخذنا إليه ونراه عيانا ولا نحتاج بعد إلى ذكرى، هذا هو رجاء الكنيسة المنتظر تحقيقه، فنترك العالم بأحزانه وآلامه ودموعه وظلامه وأنينه وأمراضه، ونستريح من آثار الخطية والموت ونرى ونساكن الرب إلى الأبد. نحن في كل مرة نمارس فيها عشاء الرب نوقن أن مجيء الرب قريب كما وعدنا " وهاأنا آتي سريعا" (رؤ3: 11، 22: 7و12و20). نكسر الخبز بشكر طالما أنت هناك نترجى أن تجيء عن قريب فنراك. بعد وضوح هذه الأسباب هل نتراجع لأي سبب مهما كان عن طاعة وصيته؟! س21: لقد ذكر في الحديث السابق أن الرب أوصى قائلا "اصنعوا هذا لذكري" (لو22: 19). يا ترى ماذا نذكر؟ وهل من تفصيل لهذه العبارة؟ ونحن نتذكر الرب أثناء اجتماعنا إلى اسمه حول العشاء يجب أن نذكر الأمور التالية:- * * نذكر أعماله العجيبة في الخليقة: عندما نقل تابوت الرب من بيت عوبيد أدوم بواسطة داود ورجاله إلى خيمته التي أعدت له خصيصا، رفع الشعب صوته بالتسبيح، وعين داود آساف وأخوته لحمد الرب فقالوا "احمدوا الرب... اذكروا عجائبه التي صنع. آياته وأحكام فمه" (1أخ16: 8-12)، يليق بنا ونحن في محضره وحوله أن نذكر عجائب الرب في الخليقة "لأن الكل به وله قد خلق" (كو1: 16) ولا ننس أن "السموات تحدث بمجد الله. والفلك يخبر بعمل يديه" (مز19: 1)، ونتأمل ونذكر أيضا عجائبه العظيمة في الفداء (أف1: 7) في بذله نفسه عنا على الصليب، هذا العمل الذي حينما يذكره المؤمن يبتهج ويفرح "لأنك فرحتني يا رب بصنائعك بأعمال يديك أبتهج" (مز92: 4). حينئذ نستطيع أن نردد مع المرنم "ما أعظمك". * * نذكر اسمه: يقول داود في سفر المزامير "هؤلاء بالمركبات وهؤلاء بالخيل، أما نحن فاسم الرب إلهنا نذكر" (مز20: 7)، في الكتاب المقدس توجد أسماء كثيرة للرب يحلو لنا التأمل فيها، وبمقدار ما نتأمل فيها يزداد سرورنا وشبعنا بالرب فتفيض قلوبنا بالحمد والشكر له(راجع أش42: 8، مت1: 20و21، في2: 9، أع2: 36، أش9: 6، يو1: 1-5، الخ). * * نذكر محبته: قالت العروس في سفر نشيد الأنشاد "نبتهج ونفرح بك نذكر حبك أكثر من الخمر" (نش1: 4) ونحن حول عشاء الرب نستطيع أن نذكر محبة المسيح الفائقة المعرفة (أف3: 19)، المحبة التي بلا حدود، المحبة الأزلية والأبدية التي لا تقف أمامها سدود أو مفشلات، المحبة الثابتة كثبات الله نفسه لأن الله محبة، المحبة التي لا تطفئها المياه الكثيرة والسيول لا تغمرها (أف3: 18، إر31: 3، رو8: 35-39، 1يو4: 9، يو13: 1، نش8: 7)، وكلما زاد تأملنا في محبته نجد أنفسنا نسبح في بحار الحب اللامحدود فتفيض قلوبنا بالحمد والشكر للرب الذي أحبنا ونهتف قائلين "نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولا" (1يو4: 19). * * نذكر آلامه: يقول الرب بلسان النبوة "أما إليكم يا جميع عابري الطريق. تطلعوا وانظروا إن كان حزن مثل حزني الذي أذلني به الرب يوم حمو غضبه. من العلاء أرسل نارا إلى عظامي فسرت فيها" (مرا1: 12و13) ونحن حول العشاء نذكر الرب في آلامه الرهيبة التي تحملها لأجل مجد الله ولأجل خلاص البشرية، نتأمل في كم لاقي مقاومة من الأشرار وكم جازت عليه تيارات ولجج غضب الله وكيف كسر عار خطايانا قلبه، وكيف غطاه الظلام مع أنه النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان، وكيف ترك من الله في تلك الساعات الرهيبة مع أنه ابن الأحضان الأزلية، سرور قلب الله من الأزل إلى الأبد. ونحن نتأمل في كل هذا لا نجد العبارات التي تتناسب مع هذا العمل العظيم، ونجد أنفسنا مترنمين قائلين: هل كل ذا عني أنا قاسى المسيح ذا العنا * * نذكر قيامته وتمجيده: يوصي الرسول بولس تلميذه تيموثاوس قائلا " اذكر يسوع المسيح المقام من الأموات حسب إنجيلي" (2تي2: 8) فنحن حول العشاء لا نذكر آلامه وموته فقط، بل أيضا نذكر قيامته وهو الآن في "قوة حياة لا تزول"، نراه بالإيمان "مكللا بالمجد والكرامة"، جالسا عن يمين العظمة في الأعالي، حي في كل حين يشفع فينا، ونحن نعلم أن "المسيح بعدما أقيم من الأموات لا يموت أيضا، لا يسود عليه الموت بعد لأن الموت الذي ماته قد ماته للخطية مرة واحدة والحياة التي يحياها فيحياها لله" (عب1: 3، 2: 9، 7: 25، رو6: 9) نذكره كمن رفعه الله وأعطاه اسما فوق كل اسم لكي تجثو باسمه كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب، نذكره وهو الآن "فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم يسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل أيضا وأخضع كل شيء تحت قدميه وإياه جعل رأسا فوق كل شيء للكنيسة التي هي جسده ملء الذي يملأ الكل في الكل" (في2: 9-11، أف1: 21-23). * * نذكر مراحمه: وإن كنا ونحن حول الرب في اجتماع كسر الخبز نذكره شخصا وعملا، هذا لا يمنع أن نذكر مراحمه علينا، ماذا كنا قبل الإيمان وماذا صرنا بعده؟ كيف كانت أيامنا في ظلام ونحن في قيود خطايانا وسلاسلها وكيف أصبحنا الآن في حاضر منير بهيج ممتلئ ببركات الله التي لا تحص المعطاة لنا منه في المسيح. يقول الرسول بولس بالروح القدس للمؤمنين " لذلك اذكروا أنكم أنتم الأمم قبلا في الجسد المدعوين غرلة من المدعو ختانا مصنوعا باليد في الجسد...ولكن الآن في المسيح يسوع أنتم الذين كنتم قبلا بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح" (أف2: 11-13) ومن منا يرجع بفكره للوراء ويذكر ذلك اليوم المجيد الذي فيه تقابل الرب يسوع معه وتمتع فيه بالخلاص الثمين، ولا يتحرك ضميره وقلبه فتتصاعد من أعماقه عبارات الحمد والشكر والتسبيح لهذا الإله العظيم المحب؟ نعم، كلما نذكر لطف الله ومراحمه الكثيرة التي لنا في المسيح نهتف مع المرنم قائلين "بمراحم الرب أغني إلى الدهر لدور فدور أخبر عن حقك بفمي " (مز89: 1). * * نذكر كلماته: ونحن في محضر الرب وحوله وأمامنا الذكري الرائعة التي أوصانا أن نصنعها، جدير بنا أن نطيع الوصية التي أوصى بها الرسول بولس شيوخ كنيسة أفسس قائلا: "... متذكرين كلمات الرب يسوع أنه قال مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ" (أع20: 35)، إننا نفعل حسنا عندما نتذكر كلماته الأمر الذي يتطلب منا جلوس ومكوث كل يوم- ويا حبذا لو كان هذا في أوقات منتظمة- أمام الكلمة ودراستها في روح الصلاة واختزانها في عقولنا وقلوبنا، الشيء الذي يساعدنا أن نتذكرها ونسترجعها ونحن في محضر الرب وخاصة تعاليمه والنبوات التي عن شخصه، والعبارات السبعة التي نطق بها وهو على الصليب وغيرها "لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى" (كو3: 16). س22: يقول الروح القدس للمؤمنين "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26) يا ترى بأي شيء نخبر؟ ومن نخبر؟ من الأسباب الرئيسية لصنع عشاء الرب كما مر بنا في إجابة سؤال سابق، هو الإخبار بموت الرب إلى أن يجيء، وهنا نسأل لمن نحن نخبر؟ وللإجابة نقول:- أولا- كل مؤمن يخبر نفسه: في أول كل أسبوع حيث يجتمع المؤمنون حول الرب لصنع الذكري، يذكر كل واحد منهم نفسه أن موت الرب على الصليب كان لأجله ونيابة عنه، ووجود الخبز والكأس منفصلين أمام عيني المؤمن يتكلمان بقوة عن موت الرب يسوع بدلا منه، موفيا عدالة الله حقوقها ومسددا مطالب ناموس الله. أي أنه يذكر ويخبر بفضائل الرب الذي دعانا من الظلمة إلى نوره العجيب (1بط2: 9). ثانيا- كل كنيسة الله مطالبة بأن تخبر العالم: وهذا التخبير يمكن أن يتم بطريقتين:- - الأولى : من خلال العشاء نفسه، فإذا كان من الحاضرين شخص ما لم يختبر بعد خلاص المسيح، وجود عشاء الرب والتسبيح والقراءات من كلمة الله وكلمات الشكر كلها مجتمعة تخبره عن موت المسيح على الصليب بدلا عنه، الشيء الذي يمكن أن يؤثر فيه فيفتح قلبه للإيمان بالرب يسوع فيحصل على الخلاص. - الثانية : بعد أن مارسنا الكهنوت المقدس في محضر الله بتقديم الذبائح الروحية المقبولة عند الله بيسوع المسيح من سجود وتسبيح (1بط2: 5) يجب علينا أن نمارس الكهنوت الملوكي بأن نذهب إلى العالم المسكين لنخبره عن محبة الله التي بينها لنا بموت المسيح على الصليب لأجلنا "وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي أمة مقدسة شعب اقتناء لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب" (1بط2: 9)، "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر16: 15). ثالثا- إعلان موت الرب أمام الرياسات والسلاطين السماوية: إن للرب قصد سامي في وجود الكنيسة على الأرض، لا لتكون عابدة له وشاهدة عنه للعالم فقط، بل وأيضا "وأنير الجميع في ما هو شركة السر المكتوم منذ الدهور في الله خالق الجميع بيسوع المسيح، لكي يعرف الآن عند الرؤساء والسلاطين في السماويات بواسطة الكنيسة بحكمة الله المتنوعة حسب قصد الدهور الذي صنعه في المسيح يسوع ربنا" (أف3: 9-11)، ففي اجتماع كسر الخبز تفسر أمور كثيرة كتب عنها الأنبياء قديما إذ شهدوا عن "الآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها التي تشتهي الملائكة أن تطلع عليها" (1بط1: 10-12) وأعتقد أن هذا يفسر أمر الرب للأخوات بغطاء الرأس أثناء الاجتماع بالارتباط بالقول "من أجل الملائكة" (1كو11: 10). هذا من جهة الملائكة الذين لم يسقطوا، أما الملائكة الساقطين ورئيسهم فإنهم يبغضون اجتماع المؤمنين حول عشاء الرب جدا، لأن المؤمنين فيه يذكرون أن الرب يسوع أباد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس (عب2: 14) وأن تنفيذ القضاء النهائي عليه قد اقترب. س23: أنا أخ مؤمن ومتأكد من ذهابي للسماء بالنعمة وعلى حساب الدم هل من اللازم أن اشترك في عشاء الرب؟ وإذا لم اشترك فما هو الخطأ في ذلك؟ تعلمنا كلمة الله أنه لا علاقة بين نوال الحياة الأبدية ودخول السماء مع اشتراكنا في عشاء الرب، فالبركات الروحية من تبرير وتطهير وغفران ومسامحة ومصالحة ونوال الحياة الأبدية ودخول السماء وغيرها من البركات نحصل علي جميعها بالإيمان (يو3: 16و36، رو3: 24، 5: 1،أع10: 43،...)، أما عشاء الرب فهو وصية الرب يسوع الغالي جدا على قلوبنا لنا نحن المؤمنين والذي أوصى قائلا "اصنعوا هذا لذكري" والذي قال "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي" (يو14: 15) ويجب أن نعلم أن طاعتنا للرب لها تقديرها عنده. لقد قال صموئيل للملك شاول الذي لم يطع كلام الرب هذا القول " هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب. هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة والإصغاء أفضل من شحم الكباش لأن التمرد كخطية العرافة والعناد كالوثن والترافيم. لأنك رفضت كلام الرب رفضك من الملك"(1صم15: 22و23). ومن هنا نسأل: فإن كنت حقا من أولاد الله ، أين إعلان محبتك وطاعتك للرب؟. لنتصور شخصا عزيزا ومحبا ومحبوبا لدينا وتعلقت قلوبنا به حتى أننا لا نطيق فراقه لحظة، لكنه فاجأنا بأنه مسافر لمكان بعيد وسفرته هذه هي لصالحنا نحن ولخيرنا. ومع أننا لا نريده أن يتركنا، لكنه سافر وترك لنا صورته لنذكره ولا ننساه، واتفق معنا على أن نجتمع معا في يوم عينه هو لنذكره ونتأمل صورته. أليس من الصواب أن نجتمع معا في ذات اليوم الذي حدده من كل أسبوع لنذكره، لا طاعة لوصيته فقط بل وأيضا إعلانا عن ولاءنا ومحبتنا له؟ وماذا لو اجتمعنا لنذكره، وامتنع واحد منا من أن ينظر ويتفرس ويتأمل في صورة هذا الحبيب لأي سبب كان، وعلم هذا الحبيب بذلك ، ألا يحزن هذا قلبه الرقيق؟ ألا يعتبر هذا تهاون من هذا الممتنع؟ لنعلم أن الرب حبيبنا ومعبود قلوبنا قد قال "أنا أمضي لأعد لكم مكانا. وإن مضيت وأعددت لكم مكانا آتي أيضا، وآخذكم إليَ حتى حيث أكون أنا تكون أنتم أيضا" (يو14: 2و3). ولقد مضى وقريبا سيأتي. لكنه في غيابه ترك لنا أعظم صورة وتذكار ألا وهو عشاءه، موصيا إيانا بالقول "اصنعوا هذا لذكري". ألا يشجعنا هذا أن نذكره ونتذكره أول كل أسبوع إلى أن نلتقي به على سحب المجد؟. إن الكاتب يعترف أن الرب لو أوصى بصنع الذكرى له كل يوم لفعل ذلك، فماذا عن مرة في أول كل أسبوع؟ ألا نخجل من أنفسنا عندما نتغيب عن ممارسة عشاء الرب تحت أي بند من الأعذار؟ وهل يوجد أغلى من الرب حتى نعتذر عن صنع الذكرى له؟. راجع إجابة الأسئلة الثلاثة السابقة. س24: تخبرنا كلمة الله عن اللص التائب الذي صلب مع الرب يسوع بأنه دخل الفردوس، إذ قال الرب يسوع له "الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس" (لو23: 43) مع أنه لم يمارس ولو مرة واحدة عشاء الرب، ألا نرى في ذلك عدم ضرورة ممارسة عشاء الرب. فما رأيك في ذلك؟ بالطبع اللص التائب لم يمارس عشاء الرب ولو مرة واحدة لأنه لم يكن قبل تنفيذ الحكم الصادر عليه صلبا واحد من تلاميذ الرب يسوع بل كان مذنب (لو23: 32) ولص (مت27: 38)، والحكم الصادر عليه لم يكن ظلما بل كان عن استحقاق، وهذا ما قد اعترف به لزميله المصلوب معه فقال له: "أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا". (لو23: 46)، ثم من لحظة اعتلائه الصليب لم ينزل من عليه إلا ميتا ودفن في قبره، فمتى وكيف كان يمارس عشاء الرب؟! لو كان أنزل من على الصليب حيا وبقي على قيد الحياة ولو أسابيع قليلة لكنا تساءلنا وسألنا لماذا لم يمارس عشاء الرب؟ لكنه مات فمن أين نأتي بالوقت الذي كان يجب أن يمارس عشاء الرب فيه؟. إذا لا يمكننا أن نتخذ هذا مثالا لنا لنبرر به عدم اشتراكنا على عشاء الرب. فهو حصل على الخلاص في نهاية حياته، أما أنا وأنت لازلنا على قيد الحياة وبصحتنا. كما أن الرب لم يوص المؤمنين الذين رقدوا قائلا "اصنعوا هذا لذكري"، لكنه أوصى من هم على قيد الحياة ويسلكون بالإيمان. لقد قال الرب لذلك اللص "...تكون معي..."، كما قال الرسول بولس "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح. ذاك أفضل جدا" (في1: 23)، فهؤلاء الذين صاروا مع المسيح وجها لوجه لماذا يصنعون الذكرى؟. نحن المؤمنين المتغربين عن الرب ومستوطنين في الجسد نصنع الذكرى مادمنا هنا طاعة له، لكن لا يمكننا أن نصنعه متى جاء وأخذنا إليه، فإننا نتمتع به عيانا ونسجد له ونسبحه وفي هذه الحالة لا ضرورة لصنع الذكرى. ينبغي أن ندرك أننا لا نمارس الذكرى لكي نحصل على الحياة الأبدية أو لندخل السماء، لكن لأننا خلصنا بالإيمان بالرب يسوع وننتظر مجيئه القريب إلينا بحسب وعده "آتي وآخذكم إليَ" (يو14: 3) فلابد لنا أن نمارسها في فترة غيابه عنا واغترابنا عنه طاعة له وإعلانا عن محبتنا له في زمن رفضه من العالم إلى أن يجيء (1كو11: 26). *******************
الفصل السادس الانضمام لممارسة عشاء الرب س25: عند اقتناعي بالمكتوب في كلمة الله عن كيفية ممارسة عشاء الرب، وأردت أن أمارسها طاعة للرب الذي قال "اصنعوا هذا لذكري" هل من الضروري أن أطلب من الكنيسة المحلية ذلك؟ ولماذا؟ لقد ذكرنا فيما سبق من هم الذين يجوز لهم ممارسة عشاء الرب وأوصافهم، وحيث أن هذه الشروط متوافرة فمن حقك أن تمارس عشاء الرب مع المؤمنين ممارسة صحيحة بحسب ما تعلمه كلمة الله، لكن يجب أن تعلن رغبتك إلى الكنيسة، ومن المؤكد أن الكنيسة تجتمع باسم الرب وحيث أنك مولود من الله وصحيحا قي التعليم ونقيا في السلوك ومواظبا على التعليم والشركة فلابد أن تحوز القبول والترحيب من كل الجماعة بفرح. يجب أن لا ننس القول "وكان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون" (أع2: 47)، واضح لنا أن الرب يضم إلى الكنيسة ومن خلال الكنيسة لأنها هي المفوضة من الرب بذلك، وهي التي يجب أن تتأكد من إن كان الشخص طالب الاشتراك مؤمن حقيقي أم لا، وتتأكد أيضا من أن الشهادة عنه من الخارج حسنة أم لا، حتى لا تكون ملامة على اسم الرب ولا عثرة للذين هم من خارج. يمكننا أن نرى هذا الحق واضحا في بداية حياة الرسول بولس الذي عند رجوعه من دمشق بعد تجديده حاول أن يلتصق بالأخوة في أورشليم لكنهم خافوا من أن يقبلوه لأنه كان مجدفا ومضطهدا، فتوسط برنابا الذي كان يحوز ثقة الجميع وقدمه لهم وعرفهم اختباره الروحي وعلى هذا الأساس قبله الأخوة (أع9: 19-29). كما أن الطلب من الكنيسة يعلن أن الشخص طالب الاشتراك يعترف ضمنا بالكنيسة ككيان روحي، وبيت يرأسه الرب ويدبر شئونه، ويعترف أيضا بسلطان الكنيسة المعطى لها من الرب رأسها وتمارسه تحت قيادة الروح القدس وسلطان المسيح. لقد قال الرسول بولس معلنا هذه الحقيقة عندما صدرت أحكام ضد المخطئ مع زوجة أبيه "باسم ربنا يسوع المسيح إذ أنتم وروحي مجتمعون مع قوة ربنا يسوع المسيح، أن مثل هذا يسلم جسده للشيطان..." (1كو5: 4و5). إن كان هذا من جهة توقيع الحكم على المخطئ، أليس بالأولى قبول مؤمن على عشاء الرب؟. إن روح الاتضاع الذي يتحلى به المؤمن كثمر للروح القدس يجعله يطلب من الكنيسة أما روح الكبرياء تمنع ذلك. س26: ما رأيك في القول: إن الاشتراك في عشاء الرب هو مسؤولية شخصية وليست مسؤولية الكنيسة وبالتالي لا يوجد ما يسمى قبول أو رفض؟ إن الاشتراك في عشاء الرب لم يعتمد على المسئولية الشخصية للمؤمن فقط بل هو أيضا مسئولية كل الجماعة التي تجتمع باسم الرب لصنع العشاء، فبالرجوع إلى سفر الأعمال نرى أن الذين خلصوا في يوم الخمسين يذكر عنهم "فقبلوا كلامه (كلام الرسول بطرس) بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس" وأيضا يذكر "وكان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون" (أع2: 41و47)، لم يذكر الروح القدس عنهم أنهم خلصوا واشتركوا في عشاء الرب ثم انضموا، لكن يذكر أنهم:- أولا : خلصوا. ثانيا : اعتمدوا. ثالثا : انضموا في ذلك اليوم الذي خلصوا فيه. رابعا : ثم يأتي القول "وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات" (أع2: 42). ومن هنا نسأل: كيف كان يتم الانضمام إلى الكنيسة؟ وللجواب نقول: من القول "وكان الرب يضم كل يوم إلى الكنيسة الذين يخلصون" واضح لنا أن الرب يخلص الشخص ويمنحه الحياة أولا قبل أن يضمه إلى كنيسته وقبل أن يشترك في عشاء الرب. فهو لا يضم إلى كنيسته أعضاء ميتة وهالكة، فهو الذي يمنح الحياة ويخلص وهو الذي يضم إلى الكنيسة الذين يخلصهم. ونحن نعلم أن الكنيسة هي جسد الرب يسوع (أف1: 22و23) والمكونة من مؤمنين حقيقيين مولودين من الله وسكن فيهم الروح القدس، لذلك يضم الرب إليهم ومن خلالهم. يكتب الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس "هذا أكتبه إليك...لكي تعلم كيف يجب أن تتصرف في بيت الله الذي هو كنيسة الله الحي عمود الحق وقاعدته" (1تي3: 14و15). عندما يأتي شخص ما وليكن مولودا من الله ليمارس عشاء الرب مع المؤمنين، من أعلم الكنيسة أن هذا الشخص مولود من الله حتى يمارس مع الجماعة عشاء الرب؟ وإن فعلنا هذا نبرهن على أن بيت الله الذي هو نحن المؤمنين (عب3: 6) بلا ضوابط فيفعل كل واحد ما يحسن في عينيه. لنلاحظ أن الذين انضموا لم يمارسوا كسر الخبز فقط، لكن سبقها "يواظبون على تعليم الرسل والشركة" ثم بعدها "كسر الخبز والصلوات". إنها علاقة واضحة وقوية مع الذين سبقوهم في الإيمان. فالذي يتعلم هو تلميذ، والمدرسة والدرس تربط التلاميذ بشركة قوية بالمعلم وببعضهم البعض، وبالتالي يمكنهم ممارسة ما هو مطلوب منهم من المعلم. هكذا الحال مع المؤمنين، فهم يواظبون على التعليم معا من أعظم معلم ألا وهو الرب يسوع الذي قال تعلموا مني..." (مت11: 29) وبالتالي تربطهم علاقة وشركة قوية بالرب المعلم وبعضهم ببعض وبالتالي يسهل عليهم أن يمارسوا معا وصية هذا المعلم "اصنعوا هذا لذكري". يقول الروح القدس "خميرة صغيرة تخمر العجين كله" (غلا5: 9)، فالاستهانة بعشاء الرب وعدم التدقيق في قبول الأشخاص على عشاء الرب والتأكد من نوالهم الخلاص وأيضا سلامة ما وصلهم من تعليم كتابي يسبب قلق وارتباك لكل الجماعة وإلا ما كان صرح الروح القدس بالقول "وكانوا يواظبون على تعليم الرسل" بعد إيمانهم مباشرة، الشيء الذي إذا استهنا به تسبب في انقسام الفكر والتشويش وعدم تمتع الجماعة ببركة حضور الرب في وسطهم. س27: إن كانت مسؤولية الكنيسة في القبول أو الرفض فهل في جميع الأحوال يمكننا الحكم الصحيح على الأشخاص من جهة الإيمان وعدمه؟ وهل فعلا كل الذين قبلوا على عشاء الرب هم مؤمنون والذين لم يقبلوا جميعهم خطاة؟ ألا يعتبر هذا إدانة للآخرين، والرب يسوع قال: "لا تدينوا لكي لا تدانوا"؟ (مت7: 1). إن وجود السلبيات لا ولن يلغي الحق الواضح في كلمة الله ، فإن كنا نخطئ أحيانا في تقييم بعض الأمور فهذا دليل الضعف والقصور البشري، لكن يظل الحق حق لا يقبل التبديل والتغيير. ويعترف الكاتب أنه مرات كثيرة أخفقت الجماعات في قبولها للأشخاص على عشاء الرب حتى أن مؤمنين مولودين من الله لم يقبلوا في عشاء الرب، وأيضا مرات كثيرة تسرعت في قبولها لآخرين غير مولودين من الله لأسباب لا داعي لذكرها الآن. ليس العيب في الحقائق التي تعلمنا إياها كلمة الله، بل القصور في الجماعة نفسها. أعطي لك مثالا لذلك: لنفترض أن طالبا تخرج من كلية الطب وواصل دراسته متخصصا في الجراحة وحصل على رسالة الدكتوراه، ثم في ممارسته لمهنته كجراح، للأسف أن كثيرين من مرضاه يموتون تحت مشرطه، ترى هل العيب في الطب كعلم رائع أم العيب وكل العيب في طريقة ممارسة الطبيب لمهنته؟ أعتقد توافقني لو قلت أن العيب في ممارسة الطبيب لمهنته. هكذا الأمر معنا، فمرات كثيرة نظهر فشلنا في طاعة الرب وهذا لا يقلل من جمال الحق الذي تعلمنا إياه كلمة الله. إنه يتحتم علينا أن نكون في شركة وعلاقة مع الله تؤهلنا على فحص الأمور بالتدقيق لقبول أو رفض الأشخاص على عشاء الرب بدون مجاملة ومواربة. ويجب أن نعلم أن هذا الشيء ليس هو إدانة للآخرين كما يذكر صاحب السؤال، بل هي مسئولية كل الجماعة أمام الله، فالكنيسة مسئولة أمام الله عن ذلك. س28:أنا خائف أن أشترك في عشاء الرب لأني غير معصوم من الخطأ، الرجاء الإفادة ماذا أفعل؟ فبل أن نتحدث عن الخوف والخطأ وعدم المقدرة على العصمة من الخطأ، دعني أسأل أولا وقبل كل شيء، هل أنت متأكد أنك قد ولدت من الله، ولك اختبارك في ذلك؟ وهل عندك اليقين من ذلك؟ وهل أنت مستعد لمجيء الرب يسوع المسيح؟، فإن الذين يمارسون عشاء الرب يجب أن يكونوا أولا وقبل كل شيء، مولودين من الله مخلصين بالنعمة. يقول الوحي الإلهي "وكان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون" (أع2: 47) هؤلاء هم الذين قال عنهم الروح القدس "فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس. وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات" (أع2: 41و42). لاحظ أنهم انضموا بعد أن قبلوا كلمة الله بفرح، ومن ذلك اليوم بدءوا في ممارسة التعليم والشركة وكسر الخبز والصلوات، لم يذكر عنهم أنهم تأخروا بسبب الخوف من السقوط في الخطية. إن خوفك من الاشتراك في عشاء الرب نابع من:- 1- تقديس المادة ( الخبز والكأس ) أكثر من الرب صاحب العشاء نفسه، والدليل على ذلك عدم الامتناع عن التسبيح وتقديم التشكرات، ونسينا أن ما يمنع عن الاشتراك في عشاء الرب يمنع أيضا عن الاشتراك في العبادة. 2- سماع تعاليم غير صحيحة عن عشاء الرب تسبب الارتباك والرعب من عشاء الرب. 3- الفهم المغلوط للعبارة القائلة "إذا أي من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرما في جسد الرب ودمه...لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب" (1كو11: 27و29). 4- الشك من جهة نوال الحياة الجديدة. 5- الحساسية المفرطة والسعي نحو الكمال. 6- فهم التأديب الإلهي بطريقة خاطئة والخوف منه. إن خوفك هذا يظل ملازم لك طوال حياتك، والذي يخاف من السقوط في الخطية هو عرضة للسقوط فيها لأن المشغولية بالخطية لابد أن تتسبب في السقوط في الخطية، لذلك لا تفكر في نفسك وتنشغل بما سيكون في الغد قدر ما تنشغل وتفكر في المسيح. تقدم للأمام وأطع الرب في وصيته القائلة "اصنعوا هذا لذكري" وتأكد أن الرب قادر أن يحفظك، ولا تنس أن "لا خوف في المحبة بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج لأن الخوف له عذاب وأما من خاف فلم يتكمل في المحبة" (1يو4: 18). س29: هل من الضروري أن أشكر في الاجتماع كشرط لاشتراكي في عشاء الرب أم لا؟ الرجاء الإجابة من المكتوب. وهل من الضروري في حال اشتراكي في عشاء الرب أن أشكر في كل اجتماع؟ من ضمن الدلائل الروحية التي تدل على الولادة الجديدة ونوال الحياة الأبدية هي الصلاة، وهذا ما نجده في اختبار بولس الرسول، عندما التقى به الرب ومنحه الحياة الجديدة وهو في طريقه إلى دمشق. لقد كانت العلامة المعطاة لحنانيا عن نواله الحياة الجديدة "لأنه هوذا يصلي" (أع9: 11). كما أن الصلاة والشكر في المسيحية ليست هي تأدية واجب مطلوب أو فرض يؤدى، لكنها علاقة رائعة بين الله والمؤمن، وهي لغة التعبير عن الامتنان نتيجة الشعور بإحسان الله، فهي ليست مطلوبة لأجل الاشتراك في عشاء الرب فقط لكنها حياة يجب أن نحياها على الدوام، فكما أن السمك لا يستطيع أن يعيش خارج الماء هكذا المؤمن لا يستطيع أن يعيش بدون الصلاة. ومن هنا نستطيع أن نقول أن الشكر في الاجتماع شيء ضروري ولازم للبرهنة على نوال الحياة الجديدة ووجود شركة حقيقية مع الرب، لأنه لا يعقل أبدا أن شخص يولد حيا ويظل صامتا، حتى ولو كان أخرس، لكنه يعبر بطرق متنوعة، أما الصمت المطلق يبرهن أحيانا كثيرة على الموت. بالإضافة إلى ذلك يمكننا أن نقول أنه ليس من الضروري أن يشكر المؤمن في كل اجتماع، مع أن الشكر في كل اجتماع شيء رائع ومشبع لقلب الرب. لكننا مرات كثيرة نتأثر بظروف الحياة فنتوقف عن الشكر. كما أنه يجب أن نعلم أن شكرنا وصلواتنا يجب أن تكون تحت قيادة الروح القدس وبمشغولية منه، الأمر الذي يتطلب منا أن نكون في علاقة وشركة شخصية قوية مع الرب، وسلوك وحياة مقدسة حتى لا نتسبب في حزنه (أف4: 25-30). دعنا نسأل: ماذا لو كان كل المشتركين على عشاء الرب صامتين، لا تسبيح ولا شكر يقدم منهم؟! أين حياة الله في مثل هذه الجماعة؟ وكيف يمكن لنا أن نقول أن هذه الجماعة صنعت ذكرى الرب؟ لذلك يجب أن نكون في حضرة الرب ونحن مهيئين ومستعدين لتقديم السجود له متذكرين أن الرب قديما أوصى موسى بأن لا يظهر بنو إسرائيل أمام الرب وخاصة في أعياد الرب فارغين (خر3: 21، 23: 15، 34: 20، تث16: 16). س30: هل يجب أن تكون هناك فترة انتظار طويلة على طالب الاشتراك في العشاء أم يقبل بمجرد الطلب؟ لا يجوز الانتظار طويلا على مؤمن طالب الممارسة في عشاء الرب، وكذلك لا يجوز التسرع في قبول الأشخاص الطالبين إلا من بعد التأكد من شهادتهم ونوالهم الحياة الجديدة. مرات كثيرة ننتظر طويلا على طالب الاشتراك على عشاء الرب بدون داع إلى أن يصاب بالملل، وربما إلى الفشل تحت بند الفحص وعدم التسرع، وفي ذات الوقت ليس من يسأل عن طالب الاشتراك بل كل واحد مشغول في أموره الخاصة. هذا ومن جانب آخر في مرات كثيرة يكون الاندفاع والتسرع في قبول طالب الاشتراك لا لأن الجماعة اجتمعت باسم الرب وفحصت الأمر بالتدقيق، لكن لأن طالب أو طالبة الاشتراك ابن أو ابنة أخ متقدم في الاجتماع أو من ذوي الأموال أو أصحاب المراكز الاجتماعية المرموقة، وبعد فترة من الزمن تكتشف الجماعة الخطأ في قبولها لهذا الشخص على عشاء الرب. مما يؤسف له أنه في مرات كثيرة بسبب التسرع وعدم استشارة الرب ووجود الجماعة في حالة التساهل وعدم التدقيق، يقبل خطاة على عشاء الرب، وللأسف ينتظر كثيرا على مؤمنين ناضجين. أعتقد أن الجماعة التي تستشير الرب والتي تتواجد في محضره وتؤمن بسيادته المطلقة على كنيسته ولا تستخدم حكمتها البشرية بل تتكل اتكالا كليا على إرشاد روحه لا يمكن أن تسقط في مثل هذه المتاهات. هناك مثل يقال عن الخباز بأنه يضع الخبز في الفرن ليشوى لكن يظل يلاحظه، فلا يخرجه قبل أن ينضج ولا ينتظر عليه حتى يحرق، لكنه يخرجه متى تم نضجه، هكذا يجب على كنيسة الله أن تلاحظ الأشخاص فلا تقبل شخص على عشاء الرب قبل وقته، ولا تنتظر على آخر أكثر من وقته، فكل شيء يجب أن يكون في وضعه الصحيح. وعلى الأخوة الذين حباهم الرب بالتمييز الروحي وسط الجماعة أن يلاحظوا هذا. س31: هل يوجد ارتباط بين معمودية الماء وكسر الخبز، بمعنى لا يمكن ممارسة عشاء الرب إلا إذا تعمدت بالماء؟ لقد أوصى الرب بوصيتين مباركتين وهما كسر الخبز والمعمودية، الأولى أوصى بها قبل موته والأخرى بعد قيامته، فقبل أن يذهب إلى الصليب وبالتحديد في الليلة التي أسلم فيها صنع العشاء لتلاميذه وأوصاهم بالقول "اصنعوا هذا لذكري" (لو22: 19، 1كو11: 23-25) وبعد قيامته من بين الأموات وقبل صعوده أوصاهم قائلا "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس . وعلموهم..." (مت28: 19و20). فالمعمودية ترينا موتنا ودفننا وقيامتنا مع المسيح الشيء الذي نمارسه بدفننا في قبرنا المائي وقيامتنا منه لنسلك في جدة الحياة (رو6: 1-3)، أما عشاء الرب فيه نذكر معبود قلوبنا ربنا يسوع المسيح شخصا وعملا. كما أننا بممارستنا لعشاء الرب نخبر بموت الرب إلى أن يجيء (رو6: 4، 1كو11: 26). ومن هنا نلاحظ أنهما وصيتان منفصلتان لكل واحدة مدلولها وأهميتها، وعلى كل مؤمن يعلن عن محبته للرب بطاعته لوصاياه (يو14: 15و21)، مع ملاحظة عدم ارتباطهما معا ولا يمكننا أن نقول أن من لا يعتمد لا يشترك في عشاء الرب. ******************
الفصل السابع أين ومتى يمارس عشاء الرب س32: هل يجب أن يصنع عشاء الرب في مباني فاخرة أم من الممكن ممارسته في أي مكان حيث يوجد المؤمنين؟ لم يذكر العهد الجديد عن أماكن معينه مخصصه للعبادة، ولا يوجد سند كتابي لإقامة مباني فخمه. ويجب أن نميز ما بين بيت الله في العهد القديم وبيته في العهد الجديد، ففي العهد القديم عندما كان بنو إسرائيل في رحلة البرية كانت خيمة الاجتماع مسكنا لله (خر25: 8،عد5: 2و3)، ثم بعد أن استقروا في أرض كنعان نقرأ عن بناء الهيكل في أورشليم الذي ملأه الرب بسحابة مجده عند تدشينه (1مل8: 10و11، 2أخ5: 13و14). وكل من خيمة الاجتماع والهيكل أطلق عليه "بيت الله" (قض18: 31، 2أخ22: 12). أما في العهد الجديد بمجيء ربنا يسوع المسيح فقد انتهى البيت الأول ونظامه، حتى أن الرب يسوع الذي قال عن الهيكل في أثناء خدمته على الأرض وقبل صلبه أنه بيته قائلا "بيتي بيت الصلاة يدعى..." (مت21: 13)، بسبب رفض شعبه له، هكذا كان رفضه المؤقت لهم وللبيت الذي قال عنه "بيتي"، ولذلك في نهاية خدمته وقبل أن يصلب منهم قال "...كم مرة أردت...ولم تريدوا، هوذا بيتكم (وليس بيتي) يترك لكم خرابا..." (مت23: 37-39). ولما خرج ومضى من الهيكل، وتقدم تلاميذه لكي يروه أبنية الهيكل، قال لهم يسوع "أما تنظرون جميع هذه. الحق أقول لكم إنه لا يترك ههنا حجر على حجر لا ينقض" (مت24: 1و2)، وقد تم هذا كما قال الرب يسوع سنة 70 ميلادية. وبعد أن قبضوا على الرب يسوع وأخذوه للصلب، ذهبوا به أولا إلى رئيس الكهنة الذي في أثناء استجوابه للرب يسوع وبعد أن سمع منه القول "...من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء "قيل عنه" فمزق رئيس الكهنة حينئذ ثيابه قائلا قد جدف..." (مت26: 64و65). وتمزيق الثياب دلالة على انتهاء نظام معين وبداية لنظام جديد (اصم15: 27و28). ولما صلب الرب يسوع واسلم الروح "وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل" (مت27: 51). مما سبق يتضح لنا أن البيت الأول انتهى بكل أنظمة العبادة المرتبطة به من ممارسات يهودية وتقدمات وذبائح متكررة، كما أن الكنيسة بمفهومها في العهد الجديد لا تعتبر إطلاقا امتداد للنظام اليهودي، بل إعلان الرب عن بداية لعهد جديد فيه يقبل الله ويبرر كل من يرجع إليه بتوبة حقيقية مهما كان شره، واثقا ومتكلا على كفاية دم المسيح. ومن هنا بدأ الرب بعد موته وقيامته وإرسال الروح القدس بتأسيس بيت جديد بحسب فكره من هؤلاء المخلصين لإعلان اسمه باعتباره السيد وصاحب السلطان، ولإعلان مجده من خلال اجتماع المؤمنين حول شخصه المحبوب لصنع الذكرى. وهكذا اصبح للرب بيتا من نظام خاص وتكوين خاص، "بيتا روحيا" ذات كهنوت خاص "كهنوتا مقدسا"، وله ذبائحه الخاصة "ذبائح روحية" (1بط2: 5). هذا البيت الروحي هو كنيسة الله الحي، عمود الحق وقاعدته (1تي3: 16)، جماعة المؤمنين "وبيته نحن" (عب3: 6)، الحجارة الحية التي سكن فيها الروح القدس وجعلهم مسكنا لله في الروح، وشخص المسيح ابن الله الحي هو الصخرة أساس هذا البيت وهو بانيه أيضا وهو حجر زاويته، وهو ابن على بيته، بمعنى هو المشرف عليه باعتباره الرب والسيد (مت16: 18، 1كو3: 11، أف2: 20، عب3: 6). فالله لم يعد يسكن في هياكل مصنوعة بالأيادي" (أع17: 24-28). إن كلمة كنيسة التي ذكرت في العهد الجديد لا تشير إلى مبنى مشيد من الطوب أو الحجارة أو الخشب، لأن كلمة كنيسة في اللغة اليونانية التي كتب بها العهد الجديد (إكليزيا ) تعني جماعة مجتمعة أو كما وردت في (أع 19: 32و39 و41) "محفل"، فالكنيسة في مفهوم العهد الجديد هي جماعة المؤمنين الحقيقيين الذين يجتمعون معا إلى اسم الرب بغرض عبادته وتمجيده، فالكنيسة في بدء تأسيسها كانت تجتمع في البيوت (رو16: 5، 1كو16: 19، فل: 21) ولم تكن مباني خاصة في ذلك الزمان. ومن هنا يمكننا أن نقول أنه يمكن للمؤمنين أن يجتمعوا لممارسة عشاء الرب في أي مكان حتى ولو كان خيمة على أن يتفق عليه المؤمنين معا. أنا لا أعني بهذا القول أن الاجتماع يكون في مكان آيل للسقوط يعرض العابدين للخطر أو مكان غير مناسب، بل يجب اختيار مكان مناسب ملائم ومرتب لممارسة العبادة وتؤدى فيها الخدمات الروحية بمختلف أنواعها في حدود الظروف والإمكانيات المتاحة لهم. لقد شرفني الرب بالخدمة في بعض البلاد الفقيرة جدا، كانوا يعبدون الرب في خيام ومباني لا تقيهم حر النهار أو برد الليل ومع ذلك كانت أفراح وتعزيات الروح القدس والإحساس بحضور الرب شيئا واضحا وملموس. ويجب أن نلاحظ أنه لم يكتب عن الرسل في كلمة الله أنهم شيدوا بناءا خاصا للعبادة وممارسة عشاء الرب، بل كانوا يمارسون ذلك في بيوت عادية. ولو كانوا شيدوا ولو بناءا واحدا لظل إلى الآن كآثار مسيحية ولكنهم لم يتركوا شيئا مثل ذلك وراءهم كغيرهم. س33: في أي يوم من أيام الأسبوع يمكن للمؤمنين أن يمارسوا عشاء الرب؟ واضح لنا من كلمة الله أن اليوم الذي نصنع فيه عشاء الرب هو يوم الأحد، هذا اليوم الذي ذكر في العهد الجديد بأكثر من اسم، فلقد سمي:- 1- يوم الرب (رؤ1: 10). 2- أول الأسبوع (أع20: 7، اكو16: 2). 3- يوم القيامة (لو24: 1) الذي فيه قهر الرب يسوع الموت وقام من بين الأموات. وفي هذا اليوم ظهر الرب يسوع بعد قيامته للتلاميذ وهم في العلية (يو20: 19) وظهر بعد ثمانية أيام أي في مثل ذات اليوم للتلاميذ ومعهم توما الذي شك في قيامة الرب يسوع، كان من الإمكان أن يظهر الرب لتوما في أي يوم من أيام الأسبوع لكنه ظهر له في أول الأسبوع (يو20: 26). وفي هذا اليوم كانت الكنيسة تجتمع لكسر الخبز إذ نقرأ "وفي أول الأسبوع إذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزا..." (أع20: 7)، وهو ذات اليوم الذي فيه أوصى الرسول بولس المؤمنين في كورنثوس أن يضع فيه كل واحد منهم عنده ما تيسر لسد احتياجات القديسين إذ يقول "في كل أول أسبوع ليضع كل واحد منكم عنده. خازنا ما تيسر..."(1كو16: 2). ويجب أن نلاحظ أن الكنيسة قد بدأت رحلتها في نفس ذلك اليوم وكان ذلك يوم الخمسين (لا23: 15-21، أع2: 10). لقد رفض الرب الشرب من نتاج الكرمة، وبذلك ابتعد بتلاميذه عن الممارسات اليهودية واضعا شيئا جديدا ووصية جديدة تمارس في يوم جديد. يمكننا أن نخبر بموت الرب إخبارا حقيقيا متى أدركنا قوة القيامة التي حدثت في أول الأسبوع، ذلك اليوم الذي فيه يجب أن نصنع الذكرى. في سفر اللاويين نلاحظ أن الأعياد التي تتكلم عن عصر الكنيسة يرددها في غد السبت، كل شيء مرتبط بقيامة الرب يسوع وبلغة موسم أول الحصيد والتقدمة الجديدة أنها في غد السبت، في هذين الموسمين فقط نقرأ عن "في الغد، بعد السبت" (لا23: 10و11و15و16)، وإن سألنا عن ما هو غد السبت؟ فواضح لنا أنه يوم قيامة الرب، أول الأسبوع. إن كسر الخبز هو ممارسة مسيحية ويجب أن تنفذ حسب وصية الكتاب المقدس. س34: نعلم أن الرب حين صنع العشاء مع تلاميذه لم يصنعه في أول الأسبوع بل صنعه قبل ذلك بثلاثة أيام حتى أن الرسول بولس يقول للمؤمنين في كورنثوس "لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا إن الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا..." (1كو11: 23). فلماذا اختار الرب أول الأسبوع منذ بداية تأسيس الكنيسة حتى الآن؟. من الواضح كما ذكرت في سؤالك أن الرب يسوع صنع العشاء مع تلاميذه في الليلة التي أسلم فيها أي ليلة الخميس قبل أن يذهب إلى الصليب، وهنا وقتها الصحيح، فهو ذاهب إلى الآب بالقيامة من بين الأموات بعد إكمال عمل الفداء بالموت على الصليب، فلابد له أن يترك لأحبائه أعظم وأروع ذكرى. لذلك يذكر البشير لوقا في سرد أحداث الصليب قائلا "ولما كانت الساعة اتكأ والاثنا عشر رسولا معه وقال لهم شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم لأني أقول لكم إني لا آكل منه بعد حتى يكمل في ملكوت الله...وأخذ خبزا وشكر وكسر وأعطاهم قائلا هذا هو جسدي الذي يُبذل عنكم. اصنعوا هذا لذكري. وكذلك الكأس أيضا بعد العشاء قائلا هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم" (لو22: 14-16و19و20)، لاحظ القول "يُبذل...ويسفك" فهو لم يبذل جسده بعد ولم يسفك دمه بعد. وفي اليوم التالي لهذا الكلام، بذل الرب نفسه على الصليب وسفك دمه الكريم وأسلم الروح ومات. ولكنه في صباح الأحد – في أول الأسبوع - قام منتصرا وأصبحت الذكرى مرتبطة بالموت والقيامة معا وليس بالموت فقط، لذلك يقول الروح القدس للمؤمنين "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26)، من هنا يتضح لنا أنه لا يجوز لنا أن نصنع عشاء الرب إلا في اليوم الذي فيه غلب الموت وقام. من ضمن العادات الوثنية الموروثة عمل ذكرى الأربعين والذكرى السنوية للموتى، فيها يجدد الناس الأحزان والبكاء لأن موتاهم لم يقوموا من الموت بعد، أما ذكرى ربنا المعبود ذكرى للفرح لأنه وإن كان قد مات لأجل خطايانا فإنه قد قام لأجل تبريرنا (رو4: 25، 1كو15: 3). ملخص القول :- 1- الأحد أول الأسبوع هو يوم قيامة المسيح رأسا لجنس وخليقة جديدة (أع26: 23 ، 1كو15: 20-23و45-49). 2- أول الأسبوع هو يوم تكوين الكنيسة التي هي جسده.(أع2: 1و4، 1كو12: 13و27، أف4: 4، 1كو10: 17). 3- أول الأسبوع يوم رتبه الرب لعبادته (أع20: 7). 4- أول الأسبوع جعله الرب وحده لصنع الذكرى في ممارسة عشاء الرب، لذلك لما كان بولس ورفقاؤه في ترواس، وقضوا فيها سبعة أيام لم يكسروا خبزا في أي يوم منها بل انتظروا حتى جاء أول الأسبوع وكسروا فيه خبزا (أع20: 6و7). 5- أول الأسبوع هو اليوم الذي فيه يخزن كل واحد من المؤمنين ما تيسر لعمل الله (1كو16: 2). س35: لقد أوصى الرب بنو إسرائيل قديما أن يحفظوا ويقدسوا يوم السبت فلماذا لا نمارس عشاء الرب في هذا اليوم؟ يوم السبت هو اليوم السابع أي الأخير من الأسبوع، وكان هذا اليوم عهدا بين الله وشعبه القديم بنو إسرائيل. لذلك يوصيهم قائلا "...سبوتي تحفظونها. لأنه علامة بيني وبينكم في أجيالكم لتعلموا أني أنا الرب الذي يقدسكم" (خر31: 13) ويذكر أيضا في ذات الأصحاح "فيحفظ بنو إسرائيل السبت، ليصنعوا السبت في أجيالهم عهدا أبديا" (خر31: 16)، ومن هنا نفهم أن السبت يختص ببني إسرائيل دون غيرهم فهو لم يعط للكنيسة في العهد الجديد لتحفظه. كما أن الكنيسة ليست هي امتداد لعهد الرب مع شعبه القديم إسرائيل، بل هي تدبير خاص قائم على أساس النعمة المتفاضلة التي بالمسيح يسوع وليس على الناموس الذي أعطي بموسى (يو1: 17)، لذلك لا نقرأ أبدا شيئا عن تقديس يوم السبت في العهد الجديد، بل نقرأ أن الرب يسوع صنع أكثر معجزاته يوم السبت، الشيء الذي أنشأ في قلوب الفريسيين والكهنة ورؤسائهم غيظا وحقدا ظانين أن الرب يسوع كسر وصية حفظ السبت ولم يقدسه (يو5: 16، 9: 16). ومن الملاحظ أنه لم يذكر نهائيا أن الكنيسة اجتمعت لتكسر خبزا في يوم السبت، ولكن يذكر "وفي أول الأسبوع (وليس آخر الأسبوع) إذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزا" (أع20: 7). ومن الملاحظ أيضا أن اليوم الوحيد الذي قضاه الرب كاملا في القبر هو يوم السبت، ولذلك يقول البشير متى "وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر...ليس هو هاهنا لأنه قام كما قال..." (مت28: 1-7) فقيامة المسيح كانت أول الأسبوع وأصبح "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب نبتهج ونفرح فيه" (مز118: 24) فمن المؤكد أن الرب هو الذي صنع هذا اليوم ومن حق شعبه أن يبتهج ويفرح فيه لأن فصحنا أيضا المسيح قد ذبح لأجلنا إذا لنعيد..." (1كو5: 7و8). يوم السبت مرتبط بالناموس فهو الوصية الرابعة، أما خلاصنا نحن قائم على أساس النعمة التي تفاضلت علينا جدا. إن الترتيب الإلهي بحسب المكتوب أن يذكر المؤمنون موت الرب وقيامته ومجيئه يوم الأحد لأن الرب يسوع قام من بين الأموات في هذا اليوم، وإن كنا نذكره يوم السبت فإننا لا نذكره مقاما من الأموات ولكننا نذكره مدفونا في القبر "وإن لم يكن المسيح قد قام فباطل إيمانكم. أنتم بعد في خطاياكم" (1كو15: 17). يريد الشيطان أن يمحو من ذاكرة المؤمنين هذا الشيء العظيم "قيامة المسيح من الأموات"، هذا الحق الثمين الذي هو سبب بركة وتعزية للمؤمنين في كل العصور. لقد كتب الرسول بولس لتيموثاوس مشجعا إياه بالقول "فاشترك في احتمال المشقات...أذكر يسوع المسيح المقام من الأموات (يوم الأحد وليس السبت) من نسل داود بحسب إنجيلي الذي فيه أحتمل المشقات..." (2تي2: 3-9). س36: في أعمال 20 بعد أن أطال الرسول بولس الكلام إلى بعد منتصف الليل وسقط أفتيخوس من الطاقة وبعد أن قام كسر الرسول بولس الخبز بعد ذلك أي يوم الاثنين فهل يجوز ذلك؟ يجب أن نلاحظ أن العدد السابع يبدأ بالقول "وفي أول الأسبوع إذا كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزا...". وواضح أيضا من العدد السادس، أن الرسول بولس انتظر عمدا في ترواس سبعة أيام حتى يكون مع المؤمنين في أول الأسبوع لكسر الخبز. ومن العدد السابع يتضح لنا أن المؤمنون في الكنيسة الأولى كانوا يجتمعون معا في أول الأسبوع ليحتفلوا بعشاء الرب، وإن كان الاجتماع قد طال إلى نصف الليل، لكن لا ننس أن الاجتماع بدأ في يوم الرب الذي هو أول الأسبوع كالعادة. يمكننا أن نقول متى يبدأ الاجتماع لكن لا يمكن أن نقول متى ينتهي لأن صاحب القرار في هذا هو الرب رأس الاجتماع وروحه القدوس الذي يدير كل شيء، فلكون الاجتماع طال إلى بداية يوم جديد، هذا لا يعطينا التصريح بأن كسر الخبز من الممكن أن يكون يوم الاثنين أو أي يوم آخر وننسى بقية العبارات التي توصي أن يكون كسر الخبز في يوم الرب أول الأسبوع. هذا ومن جانب آخر أنه لا يمكننا أن نجزم بأن الرسول بولس والكنيسة مارسوا عشاء الرب بعد منتصف الليل، لكن من المحتمل الكبير أنهم مارسوا عشاء الرب قبل أن يبدأ الرسول بولس خدمة الكلمة لأن هذا هو الغرض الذي لأجله اجتمع المؤمنون "إذ كان التلاميذ مجتمعون ليكسروا خبزا". أما الخبز الذي كسره الرسول بولس بعد أن أقام أفتيخوس من الموت هو وليمة محبة، وكانت هذه تدل على الشركة وتقام بالارتباط بعشاء الرب في الأيام الأولى للكنيسة. لنلاحظ القول "فنزل بولس ووقع عليه واعتنقه قائلا لا تضطربوا لأن نفسه فيه. ثم صعد وكسر خبزا وأكل وتكلم كثيرا إلى الفجر. وهكذا خرج" (أع20: 10و11). لم يقل شكر وكسر خبزا وأكلوا، ثم شربوا الكأس أيضا، لكنه قال "كسر خبزا وأكل"، فهذا مرتبط بالرسول بولس. وأيضا لم يذكر شيئا عن الكأس، حتى أنه يذكر أكل ولم يذكر عن شرب الكأس شيئا. س37: متى يجوز للمؤمنين أن يمارسوا عشاء الرب؟ هل مرة في كل شهر، أم مرة في كل عام أو مرتين،أم في المناسبات مثل الأعياد الموسمية ورأس السنة وغيرها، أم في أول كل أسبوع؟ يجب علينا نحن المؤمنين أن نمارس عشاء الرب في أول كل أسبوع بمواظبة، ولقد ذكرنا العديد من الشواهد الكتابية قبل ذلك ولكن للتذكرة نسرد البعض منها:- 1- "وفي أول الأسبوع إذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزا..." (أع20: 7)، لنلاحظ القول "إذ كان" فهي تفيد الاستمرارية وتؤكد حدوثه من قبل وفي نفس التوقيت، أي كالعادة المتبعة في أول كل أسبوع، وإلا لو ممارسة عشاء الرب حدثت صدفة في أول ذلك الأسبوع، لكان القول هكذا: وفي أول ذلك الأسبوع...مميزا إياه عن غيره من الأسابيع، كما قيل عن سبت الفصح تمييزا له عن غيره من سبوت السنة "لأن يوم ذلك السبت كان عظيما" (يو19: 31). 2- كما أنه أظهر ذاته لتلاميذه أفرادا وجماعة من فجر يوم الأحد إلى عشيته (مر16: 9و12و14، لو24: 29-32و34، يو20: 19و20و24-27). 3- هذا ومن جانب آخر فإن أقصر دورة في حياة الإنسان هي الأسبوع، فليس كثيرا علينا أن نذكر الرب في أول كل أسبوع. كما أنه من دوافع الحياة المقدسة المواظبة على عشاء الرب أسبوعيا، فلكي تكون عبادتنا بفرح ونحن حول الرب لممارسة العشاء يجب أن لا نحزن الروح القدس طوال الأسبوع وإذ نضع في اعتبارنا هذا نسلك ونعيش بالتدقيق كل أيام حياتنا التي تعتبر أسبوعا متكررا. س38: لقد صنع الرب العشاء لتلاميذه في المساء ولذلك يطلق عليه "عشاء الرب"، يا ترى متي يمكننا نحن أن نصنع عشاء الرب، مساءا أم صباحا؟ لم يحدد العهد الجديد وقتا أثناء يوم الرب ليصنع فيه العشاء، وإن كنا ندرك أن الرب يسوع صنعه لتلاميذه في المساء وذلك لأنه ارتبط بعشاء الفصح "بين العشاء ين" لهذا السبب يحبذ البعض صنعه في المساء معتبرين رأيهم بحسب كلمة الله. في الكنيسة الأولى كان المساء هو الوقت المناسب لغالبية المؤمنين ليجتمعوا فيه، ومازال هذا الأمر حتى يومنا هذا والسبب في هذا أن الأكثرية يمارسون أعمالهم الزمنية في النهار وبالتالي لا يمكنهم حضور الاجتماع إلا بعد أداء أعمالهم، ولهذا السبب أجتمع الرسول بولس ومعه التلاميذ لذكرى الرب في ترواس في المساء (أع20: 7). كما أن الكنيسة الأولى أيضا مارست عشاء الرب في المساء بسبب الاضطهاد الواقع على الكنيسة، فالمساء كان أفضل وقت لاجتماع كسر الخبز بالنسبة لهم. لكننا الآن نعبد الرب بحريه، واليوم الأول من كل أسبوع يطلق عليه "يوم الرب" ليس جزء منه بل كل اليوم، لذلك متاح لنا عمل اجتماعات كثيرة بطول اليوم، فإذا كان الصباح هو الوقت المناسب لأغلبية المؤمنين لكسر الخبز فلا مانع من عمل ذلك، وإذا كان المساء هو الوقت المناسب لعمل الاجتماع فلا مانع من ذلك، فسواء كان اجتماع كسر الخبز صباحا أم مساء فهو يطابق المكتوب لأن اليوم كله هو يوم للرب. س39: نحن عدد ليس بقليل وعملنا فرصة مؤتمر أو خلوة أو رحلة وكان من بين أيامها يوم أحد هل من الممكن لنا أن نجتمع معا لكسر الخبز أم لا، على أساس أننا بعيدين عن مكان العبادة الرسمي الذي يقول عنه البعض أن الرب قدسه ووضع اسمه عليه؟ إن القول عن الرب أنه قدس مكان العبادة ووضع اسمه عليه، لهو وارد في العهد القديم ومرتبط بخيمة الاجتماع في أيام موسى رجل الله، ومرتبط أيضا بالهيكل الذي بناه سليمان الحكيم بحسب المواصفات التي أعطاهما إياها الرب حيث أقام الرب اسمه عليه، وارتبط هذا البيت بنظم معينه وممارسات محددة من الرب مباشرة (خر40، 2أخ7: 12- 16)، أما في العهد الجديد حيث رفض المسيح من شعبه القديم وانتهى رفضهم بصلبه، بدأ الرب بترتيب بيت جديد له نظامه الخاص وعبادة خاصة تختلف تماما عن العهد القديم بكل أنظمته، وإليك مقارنة عن ذلك:- ** في العهد القديم في أيام موسى، بيت الرب كان هو خيمة الاجتماع، وكان على ذات النظام الهيكل الذي بناه سليمان الحكيم. أما في العهد الجديد فإن المؤمنين الحقيقيين هم بيت الله الحي "وبيته نحن" (عب3: 6) "أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم" (1كو3: 16). ** كان بيت الرب مبني من الحجارة المقتلعة من محاجر جبلية أرضية ومصنوعة بأيدي الناس، وهي لا تعبد بل من داخلها تقدم العبادة للرب. أما بيت الرب في العهد الجديد مكون من حجارة حية أتى بها الروح القدس من محجر العالم مستخدما كلمة الله الحية الفعالة، وهؤلاء هم المؤمنون الحقيقيون الذين يقدمون للرب حمد وسجود قلوبهم. ** خيمة الاجتماع شيدها موسى والهيكل شيده سليمان الحكيم كل بحسب الحكمة والمرسوم المعطى لهما من الله. أما بيت الله في العهد الجديد فبانيه هو الله (عب3: 4) وقال الرب يسوع "...أيني كنيستي" (مت16: 18). ** العبادة في العهد القديم كانت مرتبطة بالمكان ألا وهو خيمة الاجتماع أو الهيكل الذي بناه سليمان الحكيم حيث دعي اسم الرب عليه، وبالزمان سواء في الأعياد أو المواسم لممارسة الفرائض والوصايا التي أوصى بها الرب. أما في العهد الجديد فقال الرب يسوع "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20) وكلمة "حيثما" تفيد الزمان والمكان، بمعنى في أي مكان وفي أي زمان يجتمع المؤمنون إلى اسم الرب مهما كان العدد ولو اثنان أو ثلاثة يكون الرب في وسطهم. ومن هنا نستنتج أن ارتباط الرب أصبح بالمؤمنين المجتمعين إلى اسمه وليس بمكان معين، واسمه أيضا ارتبط بالمؤمنين وليس ببناء مشيد. ولذلك عندما يجتمع المؤمنين إلى اسمه فهو يشرف الاجتماع بحضوره الإلهي فيه. ومن هنا يحق لنا أن نقول من حق المؤمنين المؤتمرين في مؤتمر أو في خلوة أن يجتمعوا معا في أول الأسبوع ويمارسوا عشاء الرب بلا مانع وإلا جعلنا الرب مرتبط بمكان العبادة وليس بالمؤمنين وبالتالي نكون قد رجعنا إلى نظام العهد القديم ولا يمكننا بعد ذلك أن نتحدث عن العبادة بالروح أو حرية الروح في العبادة أو الاجتماع إلى اسم الرب. لقد سألت المرأة السامرية الرب عن مكان السجود لأنها أصيبت بالحيرة من جهة المكان الجغرافي، وقالت للرب يسوع "آباؤنا سجدوا في هذا الجبل (جبل جرزيم) وأنتم تقولون أنه في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه" (يو4: 20)، وكان جواب الرب يسوع يعلن أن الموقع الجغرافي أو شكل البناء لا قيمة له في السجود، لقد قال لها "يا امرأة صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم...ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق. لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين" (يو4: 21-23). بهذه الكلمات أعلن الرب أن المكان والبناء لا دخل لهما في السجود، وأن حالة الساجد الروحية وليس الموقع المادي هو الذي يقرر إن كان سجوده مقبولا لدى الآب. س40: إذا كان مؤتمر للأخوات وصادف في أيامه يوم الأحد، هل من الإمكان أن يجتمعوا باسم الرب لصنع عشاء الرب لوحدهم؟ وإذا كان الجواب بنعم فهل يمكن لإحدى الأخوات أن تشكر على العشاء؟ وإن كان الجواب بلا فلماذا؟ من الواضح أننا نحتاج إلى فهم دقيق لمعنى وماهية الكنيسة، فكلمة كنيسة بحسب كلمة الله واللغة الأصلية التي كتب بها العهد الجديد ( اللغة اليونانية ) جاءت "إكليزيا" ومعناها جماعة مدعوة خارجا "مفرزة لعبادة الله" ( أع7: 38). وتستخدم هذه الكلمة للدلالة على:- كل كنيسة الله في كل زمان وفي أي مكان من يوم الخمسين يوم تأسيسها إلي لحظة اختطافها (مت16: 18 ، أف5: 25 ، عب12: 23). الاجتماعات المحلية التي فيها يجتمع المؤمنون باسم الرب في أي مكان ( أع8: 1، 13: 1، 1كو1: 2 ، 1تس1: 1). يطلق على مجمل هذه الاجتماعات بالقول الكنائس ( أع9: 31، 15: 41، 16: 5، رو16: 4، غلا1: 2). والكنيسة هي جسد واحد تحتوي على مؤمنين مخلصين من كل الأجناس والشعوب والأمم والألسنة، رأس هذا الجسد هو المسيح المقام من الأموات (أف1: 20-23). يجب أن يكون كل أعضاء الكنيسة المحلية مولودين ثانية ويمتلكون حياة الرأس الذي هو المسيح (1كو12: 12-27، أف4: 15و16)، يعيشون حياة التقوى والقداسة (1بط1: 15و16، 2تي2: 19)، كما يجب أن يكون عند كل الأعضاء مبادئ كتابية سليمة، ومعرفة التعاليم الأساسية (تي1: 9، 2: 1، أع2: 42). وتجتمع الكنيسة معترفة بحرية وقوة الروح القدس لقيادة الكنيسة في كل شئونها سواء في العبادة بكل صورها أو الخدمة بمختلف أنواعها. ويجب أن نلاحظ أن المرأة هي من الكنيسة لكن لا تشكل بالانفصال عن الرجل الكنيسة، يمكن للأخوات أن يجتمعن معا في مؤتمر أو اجتماعاتهن الخاصة للبنيان ودرس الكلمة وممارسة مواهبهن معا لكن لنعلم أنهن لا يشكلن لوحدهن كنيسة الله الحي عمود الحق وقاعدته (1تي3: 15) كما يجب أن نلاحظ أن المرأة في اجتماعات الكنيسة لا تقود بل تتعلم في كل خضوع، فهي جسد وليست الرأس، هذا ما تعلمنا إياه كلمة الله والذي يجب أن نتمسك به ونطيعه (1كو11: 3-12، 14: 34-36، 2تي2: 11-14). كما أن الرسول بولس عندما تسلم من الرب التعاليم الخاصة بعشاء الرب لم يسلمها للأخوات بل للأخوة كمسؤولين في بيت الله الحي. وبناء على ما سبق نقول ليس من الصواب أن يجتمع الأخوات لوحدهن دون وجود اخوة مؤمنين من الرجال لعمل اجتماع لممارسة عشاء الرب. ويجب أن نلاحظ أن الرب عندما صنع العشاء وأوصى به صنعه للأحد عشر تلميذا وأوصاهم بممارسته بعد ذلك، حدث هذا رغم وجود العديد من الأخوات القديسات الفاضلات في ذلك الوقت. س41: إذا كان زوجان مؤمنين حقيقيين هل من اللياقة الروحية أن أحدهما يصنع عشاء الرب بالطريقة الكتابية والتي بحسب تعليم المسيح والآخر يصنعه مع جماعة أخرى ليست على المبدأ الكتابي؟ ألا يحق لهذا الطرف أن يشترك في العشاء لأجل الطرف الآخر المشترك؟ مرة أخرى نكرر بأن ننتبه لئلا نتحول عن ممارسة وصايا الرب بفرح ومحبة له إلى الناموسية القاتلة ويصبح تنفيذ الوصايا شيئا آليا دون أن يكون له تأثير حقيقي على حياتنا. لقد قال الرب يسوع "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي...الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني. والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأظهر له ذاتي" (يو14: 15و21). إن طاعتنا للرب نابعة من محبة صادقة وبإخلاص له، وأي تنفيذ لوصية ما دون أن نحبه فلا قيمة لها، ولذلك ما الفائدة من ممارسة عشاء الرب لزوجة ليس باختيارها بل طاعة لزوجها أو مرغمة بسبب زوجها دون أن تعي معناها؟ وهل نظن أن هذا الأمر ينشئ سرورا في قلب الرب؟ أعتقد لا. إننا لا نجانب الصواب إن قلنا أنه مادام أحد الزوجين مشتركا على عشاء الرب فبالضرورة يتحتم على الطرف الآخر أن يشترك في عشاء الرب ناسين أنها طاعة فردية وبعد نوال الحياة الجديدة، كما أنه لا يوجد في طاعة وصايا الرب ما يسمى لأجل خاطر، ولا توجد نيابة شخص عن شخص آخر. بالطبع اشتراك الزوجين معا على عشاء الرب بطريقة كتابية صحيحة يعتبر شيئا رائعا ومفيدا لأولادهما في الحفاظ على وحدة الفكر الروحي في البيت، لكن هذا يتطلب منا المرونة والصبر ومناقشة الأمور بطريقة يسودها كل الحب وليس الخشونة والتمسك بالرأي. فالمحبة الحقيقية غالبة على الدوام، والمناقشة بروح الصبر والتأني تحقق الغرض المقدس، ولا ننس أن العلاقة الزوجية تتأثر بسبب الاحتداد في الرأي ومن الممكن يتولد نفور وعطب في العلاقة الزوجية بسبب هذه الأمور الشيء الذي لا يريده الرب أبدا. ************************
الفصل الثامن عشاء الرب وذوي المواهب س42: على من تقع مسؤولية عشاء الرب؟ وهل من الممكن للكنيسة ممارسة عشاء الرب في حال عدم وجود خدام مفرزين للخدمة؟ تقع مسئولية عشاء الرب علي كل الكنيسة (جميع المشتركين علي عشاء الرب) بدليل أن الرسول بولس يقول للمؤمنين في كنيسة كورنثوس "لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا أن الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا..." (1كو11: 23). نلاحظ في هذا القول أن الرسول لم يسلم التعليم الخاص بعشاء الرب للخدام أو للشيوخ أو للشمامسة الموجودين في الكنيسة، لكن سلمة لجميع المؤمنين. ففي مقدمة الرسالة يكتب لا للمسئولين في الكنيسة بل للكنيسة كلها "بولس المدعو رسولا ليسوع المسيح بمشيئة الله وسوستانيس الأخ إلي كنيسة الله التي في كورنثوس المقدسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين مع جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان لهم ولنا" (1كو1: 1و2) فالذين كتب لهم هم ذاتهم الذين سلمهم التعليم الخاص بعشاء الرب. ومن هنا يمكننا أن نقول أن المسئولية تقع علي جميع المشتركين في عشاء الرب، فسواء وجد خادم مفرز للخدمة أو أي واحد من أصحاب المواهب الروحية أو لم يوجد فالجماعة يجب أن تمارس عشاء الرب لأن الخادم أو أي واحد من أصحاب المواهب الروحية لا يزيد عن أنه واحد من كنيسة الله، فلا سلطان لأحد علي عشاء الرب إلا الرب وحده صاحب العشاء و الذي قال "اصنعوا هذا لذكري" (1كو11: 24). س43: هل من الممكن أن يشكر أي أخ من الأخوة المحليين على عشاء الرب في حال وجود خادم زائر مفرز لخدمة الرب أم يعتبر هذا تهكم وتسرع وفي ذات الوقت إهانة للخادم الموجود بالاجتماع؟ وهل الضرورة موضوعة على الخادم الضيف أن يشكر على عشاء الرب حتى ولو سبق وقدم سجودا في بداية الفرصة؟ إن اجتماع المؤمنين حول الرب باعتباره رأسهم والحاضر في وسطهم، لا يعط السلطان والسيادة لأحد المؤمنين مهما كان علي الكنيسة، فالرب الحاضر في وسطهم هو الذي له السلطان أن يقود الجماعة كما يشاء في كافة ما يجرى من تسبيح وسجود وخدمة التعليم وغيرها. ومن هنا يمكننا أن نقول أي شخص من الأخوة الروحيين بما فيهم أصحاب المواهب والخدام يستطيع أن يشكر نيابة عن الجماعة و يقدم الخبز أو الكأس. مع ملاحظة أن الأخ الذي يشكر علي الخبز والكأس بالنيابة عن الجماعة فهو يشكر أيضا عن نفسه بدليل أنه يشترك فيهما عندما يأتي دوره. ولا ننس أن نذكر أن هذا العمل لا يعطي من يقوم به مركزا متميزا بين أخوته المؤمنين كما أنه لا يعطي له الحق في اتخاذ مركز قيادة الجماعة بدلا عن الرب، فهو لا يزيد عن كونه مؤمن مثل غيرة من المؤمنين يقوم بتنفيذ عمل روحي قاده الرب فيه. وأنا أعتقد أن الخادم العارف لكلمة الله يسر جدا عندما يري أن الجماعة تحت قيادة الرب الواضحة بروحه القدوس. س44: يلاحظ في بعض الاجتماعات أن أحد المتقدمين في الاجتماع يمتنع عن تقديم السجود لأنه وضع في قلبه أن يشكر على العشاء، هل هذه ظاهرة روحية صحيحة، أم من الأفضل أن يشترك في تقديم السجود مع الأخوة ويترك الشكر على العشاء لمن يقوده الروح القدس وليكن هو الشخص نفسه؟ إن من يميز نفسه عن اخوته ظانا أنه أكثر منهم روحانية، ويضع في قلبه أن يشكر على العشاء ويمنع نفسه من تقديم السجود في فرصة العبادة، يكون قد أخذ مركز الرب في الاجتماع لأنه قد وضع نفسه قائدا للجماعة حتى وإن كان بحسن نية، ولذلك يجب أن يكون الرب هو محور العبادة وموضوع تأمل ومشغولية قلوب جميع المجتمعين فلا يفكروا أبدا ولو مجرد التفكير في من هو الذي يشكر على العشاء وإلا فقد حدث التشويش وسط الجماعة المجتمعة. إن الرب يسوع هو صاحب السلطان المطلق وله حق السيادة الكاملة في الاجتماع، لذلك نحترس جميعنا حتى لا يأخذ أحدنا مكانه، لأنه هو صاحب العشاء، ولنتيقن من حضوره حسب وعده الذي وعدنا به "فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20). ولا يغيب عن بالنا أن كل مؤمن منا فيه الجسد الذي يعبر عن وجوده مرات عديدة بروح التعالي والإحساس بالأفضلية عن الآخرين، وأحيانا أخرى بالتسرع والاندفاع الأمر الذي يتطلب من المؤمن الاتضاع في حضرة الرب والخضوع للروح القدس الساكن فيه حتى يرشده إلى التصرف الحسن وتقديم السجود للرب في الوقت المناسب بحسب إرشاده. ولذلك نرى أنه من الأفضل أن يشترك كل أخ في تقديم السجود للرب في فرصة العبادة ويترك الشكر على العشاء لمن يقوده الروح القدس وربما يكون هو ذات الشخص ولا مانع من ذلك. ****************
الفصل التاسع التغيب عن عشاء الرب س45: ما رأيك في المؤمن المشترك على عشاء الرب ويتغيب عن الممارسة مرات كثيرة عن اجتماع كسر الخبز لسبب أو لغير سبب؟ إن وصية الرب بصنع العشاء لذكراه لم تكن للعالم لكن لتلاميذه، للمؤمنين به لعائلته التي افتداها بدمه الثمين، وعلى جميع أفراد هذه العائلة الحضور حول الرب لصنع الذكرى الغالية التي أوصى بها، وكل من يتغيب إنما يعلن عدم طاعته للرب الذي أوصى بذلك، ونتيجة عدم الطاعة لا يكون سوى الضعف الروحي والفشل التام في الشهادة للمسيح. هناك بعض الأسباب الاضطرارية تجعل المؤمن يتغيب عن حضور اجتماع كسر الخبز رغم وجود أشواق عارمة في قلبه للحضور. مثل هؤلاء يقدر الرب ظروفهم التي فاجأتهم. ونحن لا نتكلم عن مثل هؤلاء المؤمنين، نحن نتحدث عن الذين يتعمدون ترك الاجتماع وصار هذا الشيء عادة عندهم، لأن مثل هؤلاء لا يتسببون في إهانة الرب فقط في عدم طاعتهم له، بل وأيضا لا يمكن أن تنمو حياتهم الروحية أو تتقدم للأمام. لقد أمر الرب بنو إسرائيل بحفظ الفصح (خر12)، ولا يستطع أحد أن يستثني نفسه من هذا الأمر "من كان طاهرا وليس في سفر وترك عمل الفصح تقطع تلك النفس من شعبها لأنها لم تقرب قربان الرب في وقته. ذلك الإنسان يحمل خطية نفسه" (عد9: 13). بكل أسف كثيرون من المؤمنين يستخفون ويستهينون بالمواظبة على الحضور لصنع ذكرى الرب، وعندما نسألهم عن سبب ذلك يضعون الأعذار الغير منطقية والغير مقبولة، وهذا شيء واقعي فالذي لا يبالي بعشاء الرب لابد أن يسمح لأمور تافهة تعوق حضوره عشاء الرب مثل:- أولا : التساهل: الذي يعتبر جرما كبيرا في نظر الله والذي يتسبب في ضرر كثيرين من الاخوة، واللامبالاة الناتجة عن أشياء كثيرة مثل :- 1- أمور عائلية. 2- تفضيل الراحة الشخصية عن حضور الاجتماع. 3- الطقس الغير مناسب، والشعور بالتعب الجسدي الذي يزول مع نهاية الاجتماع ويتلاشى في صباح يوم الاثنين لممارسة الأعمال اليومية التي من ورائها الكسب المادي. ثانيا : عدم النضج الروحي وقلة الإدراك الروحي بسبب قلة التعليم ولا سيما عن الأمور المرتبطة بكمال عمل المسيح وكفايته في الخلاص والتبرير. كثيرون من المؤمنين لم يكن عندهم اليقين من جهة خلاصهم وتبريرهم الأمر الذي يجعلهم يحجمون عن ممارسة عشاء الرب، وإن اشتركوا في ممارسته فإنهم يمارسونه بفتور وجمود روحي، ومثل هؤلاء كيف يخبرون بموت الرب؟. فإنه لا يمكن أن يخبر بموت الرب إلا الذين أدركوا وفهموا بالروح القدس قيمة موت المسيح. فعشاء الرب ليس هو وسيلة بها نقترب إلى الله أكثر أو تزيد من الشعور من جهة قبول الله للشخص، بل يجب أن يؤمن الشخص كما تعلم كلمة الله بأن الله قد قبله من خلال المسيح وعمله الكفاري على الصليب، وأن جميع خطاياه قد غفرت وسترت إلى الأبد من خلال دم المسيح قبل أن يشترك في عشاء الرب. ثالثا : الإحساس بعدم وجود فائدة من الحضور للاجتماع، والشعور بأن الوجود في البيت ودراسة كلمة الله في الخلوة الشخصية أفضل بكثير من الذهاب للاجتماع. وبالنظرة السريعة والحكم على الأمور بعجلة مع ضعف الحالة الروحية وعدم فهم أمور الله الفهم الصحيح بل وأيضا عدم التقدير لأمور الله في زمن صار الغالي رخيصا والرخيص غاليا نقول هذا حق!! لكن بالتأني وفحص الأمر بدقة في محضر الله نرى أن هذا الفكر هو نوع من أنواع الأنانية والبحث على ما يجلب السرور واللذة الشخصية دون الاهتمام بطاعة وصية الرب وتمجيده من خلال الكنيسة التي هي جسده. أليست الطاعة لوصية الرب المبارك، الوصية التي نطق بها "في الليلة التي أسلم فيها" وتنفيذها هو أسمى من أي غرض ذاتي مهما كان نوعه حتى ولو يؤول إلى تعزيتنا؟ أن كان الرب يريدنا نحن المؤمنين أن نجتمع باسمه حول العشاء لنخبر بموته إلى أن يجيء، فهل يجوز لنا بعد ذلك أن نمتنع عن الحضور تحت فكرة الوجود في البيت لدراسة الكلمة أفضل من حضورنا اجتماع فاتر، إذ نجد سرورنا فيها أكثر؟. يطلب الرب منا قائلا "اصنعوا هذا لذكري" ونحن نقول له: يا رب اسمح لنا أن نقول لك إننا نشعر بالسرور ونحن في بيوتنا اكثر من الوجود في محضرك والاجتماع إلى اسمك!! أي سعادة هذه المؤسسة على الأنانية والعصيان والتمرد على الرب؟! إنه خير لنا أن نرضى بالتعب في طريق طاعتنا للرب من أن تسر أنفسنا من خلال عدم الطاعة له. إن الاختبار مع الزمن أثبت أن القول، الوجود في البيت يكفي لهو وهم وغرور وأن النتيجة التي حصدها هؤلاء القوم هي أسوأ نتيجة روحية. إن الرسول توما بعدم حضوره مع بقية الرسل يوم القيامة حرمه من رؤية الرب ومكث ثمانية أيام دون أن يراه، إلى أن اجتمعوا في أول الأسبوع وكان توما حاضرا معهم، هكذا الأمر مع أولئك الذين يفضلون الوجود في بيوتهم أكثر من تواجدهم في الاجتماع باسم الرب، إن مثل هؤلاء يتأخر نموهم ويسبقهم كثيرون في المعرفة والاختبار، وهؤلاء يوصيهم الكتاب المقدس لا نحن بالقول "غير تاركين اجتماعنا كما لقوم عادة بل واعظين بعضنا بعضا وبالأكثر على قدر ما ترون اليوم يقرب. فإنه إن أخطأنا باختيارنا بعد ما أخذنا معرفة الحق لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطية بل قبول دينونة مخيف وغيرة نار عتيدة أن تأكل المضادين" (عب10: 25-27). رابعا: الإحساس بجدب ونشوفة الاجتماعات الروحية، وننسى أن هذا الإحساس يصيب كل من يصاب بالانتقاد والتذمر، ولمثل هؤلاء نوصي بأننا لو قضينا وقتا ولو قليل في محضر الله نطلب منه البركة على اجتماعاتنا لاختلف الحال معنا تماما واختبرنا شيئا آخر يختلف تماما عما كنا عليه أولا. س46: هل من أضرارا يتسبب فيها من يتغيب عن اجتماع كسر الخبز؟ لو أمعنا التفكير مع أنفسنا في نور محضر الله وقداسته قبل أن نتغيب عن الاجتماع، ونفكر في النتائج المحزنة التي تنتج عن تغيبنا مهما كانت الأسباب التي نبديها لا يمكننا أن نتغيب عن الحضور أبدا، فبغيابنا عن الاجتماع نتسبب في:- 1- حزن قلب الرب بسبب استهانتنا به وبمقدساته، لأننا لو نعطيه حق قدره لا يمكننا أن نعطي لأي شيء تقدير أكثر من الرب، وبالتالي لا يمكن لأي شيء أن يعوقنا من الوجود في محضر الله. 2- الشعور بالجفاف الروحي الذي ينتج عنه الشعور بالحزن وعدم وجود تعزية، وبالتالي عدم الإحساس بحضور الرب في الاجتماع، الشيء الذي يساعد ويشجع الكثيرين على تكرار التغيب عن الوجود في محضر الله، الأمر الذي إذ تكرر كثيرا صار مرضا متفشيا في وسط الجماعة. 3- التقصير في الشهادة للمسيح وعدم وجود دافع روحي للقيام بأي عمل روحي. 4- التسبب في ضرر الأخوة بنشر روح التسيب وعدم التدقيق في وسط الجماعة. 5- تعطل أو توقف النمو الروحي للشخص الأمر الذي يؤثر على الجماعة أيضا. 6- يؤثر تأثيرا سلبيا على بنيان الكنيسة، ففي مثل هذه الظروف تتعطل بعض الأعمال الروحية بغياب بعض أعضاء الجسد عن العمل. 7- في غياب الأخ عن الاجتماع يعتبر إعلان عن رفضه البرهنة على وحدة الجسد الأمر الذي يتسبب في ضرر الجماعة والشخص نفسه. 8- بكثرة التغيب يتبلد الضمير وتنعدم حياة التدقيق وبالتالي تمتلئ الحياة بالهرجلة الشيء الذي يتسبب في أن يكون المؤمن عرضة للتأديب. 9- الحرمان من التمتع بالشركة مع المؤمنين الذين يمارسون عشاء الرب. س47: إن كان التغيب عن حضور اجتماع كسر الخبز خطأ وجريمة في حق الرب صاحب العشاء، فما هو التصرف الصحيح في حال جدوبة الاجتماع وعدم الشعور بالتعزية؟ الشعور بأن الاجتماع في حالة جفاف هو شعور شخصي ناتج من أسباب شخصية مثل ضعف الشركة الشخصية مع الرب، والإصابة بداء الانتقاد والتذمر، وربما يكون شعور جماعي له أسبابه المتعددة والتي ليست هي موضوع دراستنا الآن، لكن ما يهمنا في الأمر بناءا على السؤال السابق هو كيفية التصرف في مثل هذه الأوضاع. يجب أن يكون كل مؤمن في حالة روحية صحيحة طوال الأسبوع، وذلك عن طريق الشركة الشخصية المستمرة مع الرب، وأيضا الشركة مع المؤمنين التي تمارس في الاجتماعات الروحية، الشيء الذي يتطلب عدم التسيب أو الإهمال في حضور الاجتماعات الروحية، وأيضا لا يهمل في الوجود أمام كلمة الله التي تنقي الحياة. مرات كثيرة يأتي المؤمنون إلى حضرة الرب في أول الأسبوع وهم منهكين من مشاكل ومشاغل الأسبوع كله بسبب أعمالهم المشروعة، فتكون النتيجة نوم ونعاس في الاجتماع مما يتسبب في جفاف وجدوبة الاجتماع، ومرات أخرى تكون في وسط الجماعة شرور غير معترف بها تتسبب في كدر كل الجماعة، لذلك يجب على كل مؤمن أن يقضي وقتا قدام الرب فيه يعترف بضعفه وما صدر منه، ويحكم عليه في نور محضر الله ، ثم يطلب بركة الرب على الجماعة، وإذ نكون في الوضع الصحيح أمام الرب فلابد أن يبارك، لأن مبدأ الله الثابت والدائم وغير المتغير هو: "مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ" (أع20: 35)، هذا ومن جانب آخر، يجب أن لا يفصل أحدنا نفسه عن الجماعة ظانا بروح الكبرياء أنه أفضل الكل وينسى أننا نحن الكثيرين جسد واحد. ولنتعلم الدرس من أبطال الإيمان، ففي أيام تحول الشعب القديم عن الرب، وتأديبات الله التي وقعت عليهم، لم يفصل نحميا نفسه عن الأمة في ضعفها بل اعتبر ما هم فيه سببه هو وبيت أبيه فقال في صلاته للرب: "... لتسمع صلاة عبدك الذي يصلي إليك الآن نهارا وليلا لأجل بني إسرائيل عبيدك ويعترف بخطايا بني إسرائيل التي أخطأنا بها إليك فإني أنا وبيت أبي قد أخطأنا لقد أفسدنا أمامك..." (نح1: 6و7)، وكذلك يشوع بن نون عندما كسر وانهزم بني إسرائيل أمام شعب عاي المدينة الصغيرة بسبب الخيانة التي حدثت من عخان بن كرمي بعد الانتصار العظيم على مدينة أريحا المحصنة والعظيمة، لم يفصل يشوع نفسه عن الأمة الخائنة للرب والمهزومة بسبب شرها، بل يطالعنا الوحي بالقول: "فمزق يشوع ثيابه وسقط على وجهه إلى الأرض أمام تابوت الرب إلى المساء هو وشيوخ إسرائيل ووضعوا ترابا على رؤوسهم" وصلى إلى الرب، وأشار الرب إلى شر الجماعة، وبعد التنقية جاء الانتصار (يش7). ويقول الرسول بولس "من يضعف وأنا لا أضعف من يعثر وأنا لا ألتهب" (2كو11: 29). فالأمثلة على ذلك ما أكثرها. لكن لنتذكر قول الرب "إن أغلقت السماء ولم يكن مطر وإن أمرت الجراد أن يأكل الأرض وإن أرسلت وبأ على شعبي، فإذا تواضع شعبي الذين دعي اسمي عليهم وصلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية فإنني أسمع من السماء، وأغفر خطيتهم وأبرئ أرضهم" (2أخ7: 13و 14). إنه شر وجرم أن تكون لنا شركة مع اخوتنا وهم في القوة ونتركهم ونعتزل عنهم في ضعفهم بدلا من أن ننحني ونصلي لأجلهم. إنها روح الأنانية وحب الذات المعجونة بالكبرياء وغباء القلب الذي لم يدرك ما معنى وحدانية الجسد الواحد الذي يعلمنا إياه عشاء الرب. هذا ومن جانب آخر، من الممكن أن يكون الإحساس بالجفاف في الاجتماع إحساس شخصي له أسبابه الكثيرة مثل التعلق بأشخاص موهوبين متغيبين عن الاجتماع، أو تحول الفكر والعين عن الرب الحاضر في الاجتماع إلى الانشغال بمن يقوم بالخدمة الوعظية وبالتالي ينصرف الذهن عن انتظار الرب إلى انتظار من يقوم بخدمة الكلمة ويصير الهدف من الوجود في الاجتماع سماع المواعظ وليس عبادة الرب وإكرامه. ******************
الفصل العاشر الامتناع عن ممارسة عشاء الرب س48: متى يمنع المؤمن نفسه عن ممارسة عشاء الرب؟ وما رأيك في تغيب المؤمن عن حضور الاجتماع في حال منع نفسه عن ممارسة عشاء الرب؟ ليس من الصواب أن يمنع المؤمن نفسه عن ممارسة عشاء الرب، لأنه لا يوجد في كلمة الله ما يسمى مؤمن يمنع نفسه عن عشاء الرب، أو أسباب لأجلها يمنع المؤمن نفسه عن ممارسة عشاء الرب. كما أنه لا يوجد شيء في حياتنا غير قابل للعلاج أو الإصلاح، لكن لسوء الفهم وقلة الإدراك لكلمة الله عند كثيرين يجعلهم يمنعون أنفسهم عن ممارسة عشاء الرب، ظانين أنهم بهذه الكيفية هم أكثر تدقيق من الآخرين. وليس ذلك فقط لكنهم أيضا يمتنعون عن حضور اجتماع كسر الخبز نهائيا شاعرين في أنفسهم أنهم غير مستحقين لممارسة عشاء الرب، بل وأيضا غير مستحقين الوجود في محضر الله إلا بعد حدوث الإصلاح في حياتهم، بانين فكرهم على فهم خاطئ للأعداد التالية: "إذا أي من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرما في جسد الرب ودمه...لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب. من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون. لأننا لو كنا حكمنا على أنفسنا لما حكم علينا. ولكن إذ قد حكم علينا نؤدب من الرب لكي لا ندان مع العالم" (1كو11: 27، 29-32). ربما من فرط الحساسية يمنع المؤمن نفسه عن ممارسة عشاء الرب، لكن ما هو الداعي من منع نفسه من حضور الاجتماع الذي من الممكن أن يتم فيه علاجا روحيا للشخص من خلال فكرة كتابية تقال ومن خلالها تصحح مفاهيم مغلوطة. وربما من خلال شكر أخ بالروح القدس، أو قراءة من كلمة الله أو من خلال ترنيمة ترنم يجري الروح القدس علاجا للأخ الذي منع نفسه؟. بل وجود الأخ الممتنع في حضرة الرب في حد ذاته علاج عظيم لأنه ينشأ في قلب المؤمن تبكيت عظيم وتوبة ورجوع. في حال الامتناع عن عشاء الرب وعدم حضور الاجتماع يتبلد الضمير ومن الممكن يظل المؤمن على هذا الحال لوقت طويل، وهنا نقول ياله من خطر عظيم يداهم المؤمن!!. ليس من الصواب أن يمنع المؤمن نفسه من حضور الاجتماع في حال منع نفسه عن ممارسة عشاء الرب، لأن في وجوده في محضر الرب علاج روحي له فلا تطول فترة الامتناع. هذا لا يمنع في أنه توجد أشياء فيها يمتنع المؤمن عن ممارسة عشاء الرب لحين إصلاحها مثل:- E وجود شر في حياة الشخص لم يتوب عنه ولم يعترف به للرب، سواء كان هذا الشر سري أو علني، مع عدم وجود رغبة قلبية صادقة على ترك هذا الشر والتوبة عنه. E عدم وجود شركة لفترة طويلة مع المؤمنين بدون عذر قهري يمنعه عن الحضور كالمرض ومتاعب الشيخوخة أو ممارسة أعمال هامة في وقت الاجتماع، لأن الذين كانوا يمارسون عشاء الرب في الكنيسة الأولى كانوا يواظبون على "التعليم والشركة وكسر الخبز والصلوات..." (أع2: 42). E وجود خصومة بين المشترك وبين شخص آخر، ولذلك يجب أن يبادر الأخ قبل يوم الرب الذي فيه يمارس عشاء الرب بالصلح مع من تخاصم معه. E حدوث مشكلة عائلية بين الزوج والزوجة أو مع الأولاد قبل الذهاب إلى اجتماع كسر الخبز تتسبب في ضيق وكدر العائلة دون أن يتم علاجها فورا. س49: هل من الممكن أن يشترك الأخ الذي منع نفسه عن عشاء الرب لسبب ما، في تقديم السجود مثل أي أخ آخر مشترك على عشاء الرب؟ وهل من الممكن أن يستخدمه الروح القدس في قيادة الاجتماع في العبادة؟ لا يجوز للأخ الذي منع نفسه عن ممارسة عشاء الرب لأي سبب أن يشترك مع الجماعة في تقديم السجود أو قيادة الاجتماع في العبادة إلا بعد إزالة الأسباب التي منعته من ممارسة عشاء الرب، فإن ما يمنعه من الممارسة إن كان خمير الشر أو خمير التعليم، يمنعه أيضا من تقديم الشكر للرب، كما أن الروح القدس لا يمكن أن يوافق على الشر حتى أنه يستخدم من فيه عيب في قيادة الاجتماع، ولا يمكنه أيضا أن يستخدم أعضاء مشلولة في العمل الروحي. وكيف يرفع الروح القدس شكر أو سجود من فيه عيب إلى حضرة الله؟ وكيف يشتم الله مثل هذا السجود كبخور عطر تفوح رائحته من هذا الشكر المعيب في حضرة الله القدوس؟ وهل من الممكن أن يقبل الله القدوس ذبيحة مملوءة بالعيوب؟. وبالإضافة إلى ما سبق ما لم تتنقى الأجواء الروحية لمثل هؤلاء الأشخاص لتسببوا في كدر روحي لكل الجماعة المجتمعة باسم الرب وحوله. س50: هل من الممكن للأخ الذي أوقعت عليه الجماعة أحكاما كنسية وتم عزله من الاشتراك في عشاء الرب أن يشترك في تقديم السجود أو طلب ترنيمة؟ لا يجوز للأخ الذي أوقعت عليه الجماعة أحكاما كنسية وتم عزله من الاشتراك على عشاء الرب في أن يشترك في تقديم السجود أو طلب ترنيمة وذلك للأسباب التالية:- 1- من المؤكد أن الجماعة التي عزلت هذا الأخ لم تكن متدنية عليه، بل لأجل أسباب واقعية مشينة ومهينة للرب ومجده صدرت عليه هذه الأحكام، وإليك مثال لذلك: الشخص الذي هو من الكنيسة التي في كورنثوس والذي سقط في الخطيئة مع امرأة أبيه، والذي بسبب فعلته المشينة اجتمعت الكنيسة والرسول بولس مع قوة ربنا يسوع المسيح وصدر ضده هذا الحكم "أن يسلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع". ولهذا السبب يوصي الرسول بولس بالروح القدس بالقول "فاعزلوا الخبيث من بينكم" (1كو5: 1-5و13). فكيف يكون لمثل هذا الشخص الحق في قيادة الجماعة ما لم تصلح حياته أولا، ونحن نعلم أن العزل أحد الوسائل التي تستخدم في الإصلاح والعلاج؟ (2كو2: 5- 11). 2- هذا الأخ بطبيعة الحال لو أدرك ما معنى العزل وما هي الأسباب التي لأجلها عزلته الجماعة، لناح تائبا ولأدرك من نفسه أنه يحتاج إلى توبة ورجوع إلى الرب قبل أن يأخذ مركز قيادي في الاجتماع، مثل مؤمن كنيسة كورنثوس الذي سبق الحديث عنه والذي تم عزله فناح وحزن وتاب (2كو2: 5-8). 3- لو ترك هذا الأخ يمارس العبادة كعادته وهو معزول فإنه مع الزمن يفقد الحس وبالتالي لا يحقق الحكم الكنسي غرضه في إحساس الشخص بخطئه وبالتالي لا يتوب توبة حقيقية من قلبه وتتبلد مشاعره ويتسبب في كدر كل الجماعة. 4- من صفات الأشخاص الذين يخدمون الرب خدمة كهنوتية في بيت الله، يجب أن لا يكون فيهم عيبا "وكلم الرب موسى قائلا: كلم هرون قائلا. إذا كان رجل من نسلك في أجيالهم فيه عيب فلا يتقدم ليقرب خبز إلهه. لأن كل رجل فيه عيب لا يتقدم...كل رجل فيه عيب من نسل هرون الكاهن لا يتقدم ليقرب وقائد الرب. فيه عيب لا يتقدم ليقرب خبز إلهه. خبز إلهه من قدس الأقداس ومن القدس يأكل، لكن إلى الحجاب لا يأتي وإلى المذبح لا يقترب لأن فيه عيب لئلا يدنس مقدسي. لأني أنا الرب مقدسهم" (لا21: 16-23)، "إن راعيت إثما في قلبي لا يستمع لي الرب" (مز66: 18). ونحن المؤمنين في العهد الجديد جميعنا كهنة، وكهنوتنا كهنوتا مقدسا ومن واجبنا أن نقدم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح (1بط2: 5)، فكيف يقدم المؤمن ذبائح للرب وهو في حياته خطايا أو عيوب بسببها حكمت عليه كل الكنيسة بالعزل؟ س51: ما هو حدود الامتناع عن ممارسة عشاء الرب في حال وجود خصومة؟ وماذا عن الخصومة لو كانت بين مؤمن مشترك على عشاء الرب والآخر غير مؤمن؟ لا يجوز الامتناع عن ممارسة عشاء الرب نهائيا لأي سبب كان، لأن كلمة الله لم توصي بذلك بأي حال من الأحوال. حتى في حال امتحان الإنسان نفسه، لم يذكر ثم بعد ذلك يمتنع، لكن يقول "ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس" (1كو11: 28)، لأنه لا يوجد شيء غير قابل للإصلاح سواء كان تعليم غريب أو خطية أو مخاصمة، فمع النصيحة والمحبة الصادقة والاقتراب من بعض يمكن إصلاح كل شيء. من أجل هذا لا يجوز للمؤمن أن يمتنع عن ممارسة عشاء الرب في حال وجود خصومة، ولا يجوز أيضا الاشتراك على عشاء الرب في حال وجود خصومة. فإن كانت الخصومة بين اثنين مشتركين على عشاء الرب، فيجب أن يسرع كل منهما في التصالح معا حتى لا تعاق شركتهما، باستثناء حدوث المشكلة قبل ممارسة عشاء الرب مباشرة حيث لا تتيسر لهما الفرصة للتصالح، الأمر الذي نرجو أن لا يسمح به الرب، في مثل هذه الحالة يمتنعا عن ممارسة عشاء الرب حتى يتم التصالح. يقول الرب يسوع "وإن أخطأ إليك أخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما. إن سمع منك فقد ربحت أخاك. وإن لم يسمع فخذ معك أيضا واحدا أو اثنين لكي تقوم كل كلمة على فم شاهدين أو ثلاثة. وإن لم يسمع منهم فقل للكنيسة. وإن لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار" (مت18: 15- 18). يتصرف أحيانا أحد طرفي الخصومة تصرف خاطئ وهو أن يمنع نفسه عن ممارسة عشاء الرب في حال وجود الخصومة، وبهذا التصرف يظن أنه أكثر قداسة وتدقيق عن الطرف الآخر ولازالت الخصومة باقية، والآخر يتساهل ويشترك في عشاء الرب دون التصالح بحجة أنه صافح لأخيه في قلبه ويعتبر أن هذا التصرف كاف بأن يجعله يشترك في عشاء الرب، لكن في الواقع كلاهما على خطأ، فالحل الصحيح هو التصالح معا ثم الاشتراك على عشاء الرب وعدم الامتناع. يقول الرب يسوع "فإن قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك، فاترك قربانك قدام المذبح (قدام المذبح وليس على المذبح) واذهب أولا اصطلح مع أخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك" (مت5: 23و24). وقال أيضا "ومتى وقفتم تصلون فاغفروا إن كان لكم على أحد شيء لكي يغفر لكم أيضا أبوكم الذي في السموات زلاتكم. وإن لم تغفروا أنتم لا يغفر أبوكم الذي في السموات أيضا زلاتكم" (مر11: 25و26)، ويقول الروح القدس"محتملين بعضكم بعضا ومسامحين بعضكم بعضا إن كان لأحد على أحد شكوى. كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضا" (كو3: 13). وأن كانت الخصومة بين مؤمن على عشاء الرب وآخر غير مؤمن، ينبغي على المؤمن طاعة للرب الذي أوصى قائلا "كن مراضيا لخصمك سريعا ما دمت معه في الطريق." (مت5: 25) وباعتباره مولود من الله وأخذ طبيعة الله التي هي المحبة (ايو4: 16، 2بط1: 4) أن يبذل كل جهده، حتى ولو لزم الأمر أن يشارك آخرين من المؤمنين معه لمصالحة غير المؤمن لكي يربحه معلنا محبة صادقة له متذكرا قول الرب "أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم. لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات." (مت5: 44و45)، وأيضا "إن أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم. أ ليس العشارون أيضا يفعلون ذلك. وإن سلمتم على اخوتكم فقط فأي فضل تصنعون أ ليس العشارون أيضا يفعلون هكذا" (مت5: 46و47) ويقول الروح القدس "فإن جاع عدوك فأطعمه. وإن عطش فاسقه. لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه. لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير" (رو12: 20و21)، لنلاحظ أن كلمة أعداءكم ليس المقصود بها أننا نحن نعادي الآخرين، بل الآخرين هم الذين يعادوننا ويخاصموننا، ولنلاحظ القول" وعبد الرب لا يجب أن يخاصم" (2تي2: 24). وفي حال فشل كل المساعي للمصالحة فلا مانع أبدا من أن يشترك المؤمن في عشاء الرب. س52: ما رأيك في الذي يمتنع عن ممارسة عشاء الرب لمدة طويلة وربما إلى شهور ثم يشترك في عشاء الرب دون علم الجماعة؟ وإن كان هذا خطأ فلماذا؟ المؤمن الذي يمتنع عن ممارسة عشاء الرب لمدة طويلة ثم يشترك دون علم الجماعة يكون قد تصرف تصرفا غير لائق بكنيسة الرب وبالرب نفسه. ولذلك يجب قبل أن يعود للشركة مع اخوته أن يخبرهم عن سبب امتناعه وذلك للأسباب التالية:- 1- لكونه قد امتنع عن ممارسة عشاء الرب وخاصة لمدة طويلة، وضح لكنيسة الله أنه هناك شيء ما قد حدث تسبب في منعه، حتى وإن كانت الجماعة تجهل هذا السبب، لذا يتحتم عليه أن يحيط الجماعة علما بسبب امتناعه عن ممارسة عشاء الرب، ويؤكد لهم أن سبب المنع قد عولج تماما وذلك لراحة ضمائر اخوته من نحوه الذين يمارس معهم عشاء الرب وبالتالي لا يتسبب في كدر أحد من كنيسة الله الحي. 2- ربما لا حظ أحد المؤمنين شيئا من العيوب في حياة الأخ الممتنع، وبسبب طول فترة الامتناع رأى أن هذه العيوب تحتاج إلى إصلاح قبل اشتراكه على عشاء الرب، لذلك وجب عليه أن يحيط اخوته بذلك حتى يمكنهم معالجة ذلك بروح النعمة. 3- إن اشتراك الأخ الممتنع عن عشاء الرب دون علم اخوته يسبب عثرة لكثيرين ولا سيما الذين يعرفون سبب منعه، لذلك وجب عليه قبل العودة إلى عشاء الرب أن يخبر اخوته بذلك وكيف عالجه الرب ورد نفسه فيسبب فرح لكل اخوته "فإن كان عضو واحد يتألم فجميع الأعضاء تتألم معه. وأن كان عضو واحد يكرم فجميع الأعضاء تفرح معه. وأما أنتم فجسد المسيح وأعضاءه أفرادا" (1كو12: 26و27). 4- في حال امتناع الأخ عن عشاء الرب تسبب في ألم لكل الجسد، كما أن هذا التصرف يعثر البادئين في الإيمان وصورة سيئة لهم، لذلك لا يعود إلى الشركة من ذاته بالانفصال عن الجماعة بل يعود بعلمها وراحتها أيضا، ولكي يدرك كل المؤمنين سلطان المسيح على بيته، لا يجوز عودة الأخ الممتنع للشركة على عشاء الرب إلا بعلم الكنيسة. 5- ربما يكون سبب امتناعه جهل لبعض الحقائق الروحية التي وإن لم يصحح مفهومها، فحتى ولو عاد للشركة فإنه يمتنع مرة أخرى ويتكرر ذلك، لذلك متى أعلم اخوته بذلك يساعدونه في فهم الحقائق بطريقة صحيحة تساعده على النمو الروحي والثبات في المسيح. 6- إن كل مؤمن هو عضو في جسد الرب الغالي على قلبه والمهتم به والذي يقوته ويربيه والذي هو رأسه، في حال امتناع عضو عن ممارسة عشاء الرب يكون بسبب امتناعه قد تسبب في إهانة الرب، فليس من الصواب أن يعود إلى الشركة في كسر الخبز من ذاته دون الاعتذار للرب من خلال الاعتراف للجماعة بسبب المنع وإعلان التوبة عن كل ما تسبب في الامتناع وإعلان الإصلاح الذي تم في حياته. 7- الكنيسة هي بيت الله، ولا يوجد بيت بدون أبواب وبوابين وإلا صار بيتا مملوء بالفوضى والتسيب، يدخل فيه كل من أراد ويخرج منه أيضا كل من أراد، وهذا ما لا يمكن أن يكون، فكيف يمكن لأخ امتنع لوقت طويل عن ممارسة عشاء الرب دون أن يعرف أحد عنه شيء أن يرجع للشركة دون علم الجماعة؟! وإن حدث رجوع الأخ الممتنع عن عشاء الرب لفترة طويلة من نفسه دون علم الكنيسة فلابد نتيجة لذلك من انتشار روح التسيب والتساهل واللامبالاة وعدم التقدير للرب وللكنيسة باعتبارها جسد الرب الواحد المتحدة أعضاءه بعضها ببعض في كل الجماعة، وإذ تنتشر هذه الروح فلابد من أن يفعل كل واحد ما يحسن في عينيه ويتم فيهم هذا القول "في تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل. كل واحد عمل ما يحسن في عينيه" (قض21: 25). *****************
الفصل الحادي عشر كيفية ممارسة عشاء الرب س53: ما هي الطريقة الكتابية الصحيحة لممارسة عشاء الرب؟ كما ذكرنا في الإجابة على أسئلة سابقة وفي ضوء ما نفهمه من كلمة الله نرى الآتي:- 1- يجب أن يكون اجتماع كسر الخبز بمواظبة, وهذا ما نراه في سفر الأعمال حيث يذكر عن الذين آمنوا في يوم الخمسين أنهم "كانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات" (أع2: 42), وفي ذات السفر نرى أن اجتماع كسر الخبز كان يقام في أول كل أسبوع, لذا نقرأ "وفي أول الأسبوع إذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزا" (أع20: 7). 2- يوضع أمام المؤمنين على منضدة رغيف خبز واحد وصحيح وبجواره كأس بها من نتاج الكرمة (عصير عنب) ويجتمع المؤمنون حول العشاء باسم الرب ليصنعوا ذكراه كما أوصاهم. 3- عندما يجتمع المؤمنون حول الرب لصنع ذكراه, يجب أن يدرك كل واحد واجبه في تقديم السجود للرب, لأن اجتماع كسر الخبز هو اجتماع سجود وشكر للرب. عندما نأتي إلى محضر الرب في هذا الاجتماع نحن نأتي لنعطي, أما في اجتماع الوعظ أو التعليم نحن نأتي لنأخذ. وهنا نسأل: ماذا نعطي؟. والجواب هو, نعطي استعدادنا, والحياة التي عشناها في طوال الأسبوع السابق, تأملاتنا وسلتنا المملوءة, هذا كله يجعلنا لا نظهر أمام الرب فارغين. يجب أن نعلم أن اجتماع كسر الخبز ليس هو محطة تزويد للأسبوع المقبل فقط, لكن بالأحرى ننقل ما تمتعنا به بالرب خلال الأسبوع السابق. إن اجتماع كسر الخبز هو لله بالتمام, لهذا نأتي لنعطي. لنذكر قارورة الطيب التي كانت لمريم, لقد كسرتها للرب يسوع, نعم إنها سكبتها كلها له وحده, وامتلأ البيت من رائحة الطيب (يو12: 1-3). كم من البركات نأخذ عندما نعطي للرب, وكم من الأفراح نجتني عندما ينال هو منا ما يستحقه وأيضا ما هو يشتاق إليه؟. لذلك يجب أن يبدأ الاجتماع باسم الرب ويتوالى بقيادته التسبيح والسجود للرب من كل المؤمنين وبحسب إرشاد الروح القدس. 4- يعقب كسر الخبز خدمة تعليم من كلمة الله, إن كان هذا في الإمكان. إن كان لا يوجد وصايا صريحة بخصوص ترتيبات اجتماع عشاء الرب, لكن توجد مبادئ محددة لإرشادنا منها:- · قيادة الروح القدس وإرشاده للمؤمنين: إن وعد الرب لشعبه "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت 18: 20), كما أنه هو رأس الكنيسة وبالتالي فهو رأس ورئيس الاجتماع وهو صاحب السلطان فله الحق أن يقود الجماعة كيفما شاء (أف1: 22و23, 1كو12: 11و12و27). وكما كان حاضرا في صنع العشاء مع تلاميذه أول مرة في العلية في الليلة التي أسلم فبها, هكذا هو حاضر معنا نحن في كل مرة نجتمع فيها إلى اسمه, وحيث أنه لم يوص أحد بأن يقوم مكانه فعلينا أن نحترم حضوره الإلهي. وأكثر من ذلك, فإن الروح القدس يسكن في كل المؤمنين, ومهمته وسروره إظهار مجد الرب العجيب في مثل هذا الاجتماع, وإعلان جماله الفريد وكماله المطلق أمام قلوب الساجدين, فيقودهم في التسبيح وتقديم السجود اللائق به. إن الروح القدس يعرف عمله ويتقنه بين الجماعة فهو يقود ويرشد الجماعة كيفما يريد وكيفما يشاء إن سمحنا له بذلك. · التسبيح وتقديم السجود ضروري ومهم في الاجتماع: إن هدف اجتماع كسر الخبز هو إكرام الرب وتعظيم اسمه لأجل شخصه المبارك ولأجل كل ما فعله لأجلنا, لذلك حينما يجتمع المؤمنين حول الرب لصنع الذكرى يجب أن يأخذ التسبيح والشكر أكبر وقت ممكن. إن التسبيح والشكر هما شيئان أساسيان في اجتماع عشاء الرب. مع ملاحظة أنه يستحيل على المؤمن أن يسبح الرب ويعبده بحق إلا إذا عاش عيشة مقدسة ونقية كل أيام الأسبوع. · حرية الخدمة وعدم احتكار أي شخص لها: نحن نعرف من كلمة الله أنه لا يوجد ما يعرف بخدمة الشخص الواحد, وأيضا ليس كل من يندفع يصلح لخدمة الكلمة, بل أولئك الذين أهلهم الروح القدس. ومع أننا مجتمعين باسم الرب وحوله وحرية العبادة متاحة لجميع المؤمنين, لكن هذه الحرية ليست هي فرصة لأي من كان أن يفعل مسرته (1كو14: 31), ولقد أشار الرسول بولس إلى حقيقة تنوع الخدمة وسط الجماعة بقيادة روح الله كما حث القديسين لإظهاره للمنفعة, ولكن بترتيب إلهي "كل واحد منكم له مزمور له تعليم...فليكن كل شيء للبنيان" (1كو14: 26). ومن هنا يمكن القول أن احتكار شخص واحد للشكر والتسبيح وخدمة الكلمة إنما هو ضد المبادئ الإلهية التي أعلنها لنا الرب في العهد الجديد, لأن الروح القدس لا يعطي كل مواهبه لشخص واحد وإلا ما كان قد ذكر عن الكنيسة أنها جسد الرب والمؤمنين أعضاءه أفرادا (1كو12: 12 و27). ولا ذكر أيضا عن الروح القدس أنه "أعطى البعض أن يكونوا...والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين. لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح..." (أف4: 11و12, 1كو12: 4-12) لذلك ليحفظنا الرب من أن نغير من كلمته. · خدمة التعليم مهمة ولازمة بعد ممارسة العشاء: من المعروف لنا أن الغرض الأساسي لاجتماع كسر الخبز هو ذكرى الرب وعمله لكن يجب أن تكون فرصة بعد الانتهاء من ممارسة عشاء الرب لخدمة الكلمة التي يقود فيها روح الرب اخوة موهوبين في خدمة التعليم, وذلك لأن كثيرين من الأخوة والأخوات لا تتيسر لهم فرصة الحضور للاجتماع إلا في هذا اليوم فقط بسبب المشغوليات الزمنية الكثيرة. مع ملاحظة أن للخدمة ثلاث جوانب هي بنيان ووعظ وتسلية أو تعزية (1كو14: 3و6), لذلك يجب أن تكون الكلمة حسب الاحتياج الأمر الذي يتطلب عدم التسرع والاندفاع , بل التريث في محضر الله والتأكد أن المشغولية بالروح القدس. · يجب أن يسود النظام الإلهي في الاجتماع: الله لا يحب التشويش والفوضى في العبادة لذلك نقرأ في كلمة الله "الله ليس إله تشويش بل إله سلام...ليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب" (1كو14: 33), لا نقصد من هذا روح الناموسية والتزمت بل نقصد بذلك الترتيب الإلهي تحت قيادة الروح القدس للجماعة وخضوع المؤمنين له. إن النظام الروحي وحسن الترتيب يجعل جميع الأعضاء في توافق وانسجام كاملين باعتبارهم أعضاء في الجسد الواحد(1كو12: 12-27), وإذا وجد عدم الترتيب في الاجتماع الذي بحسب كلمة الله فلن يكون ذلك الاجتماع كما يريده الله, وهنا يتلخص العلاج في حرص كل المؤمنين على الخضوع الكامل وبإخلاص للروح القدس ولكلمة الله. أعطي مثالا لذلك: لنفرض أن عدد المشتركين في عشاء الرب أكثر من 200 شخص فليس من اللياقة أن يكون رغيف الخبز صغير بل يجب أن يكون حجم الرغيف الواحد متناسبا مع عدد الأعضاء حتى لا يحدث تشويش, ولا يكسر إلا بعد الشكر ثم تستخدم أطباق تمر على المشتركين في هدوء وبلا تأخير حتى يتمكن الجميع من الاشتراك في الخبز, و كذلك الكأس يكون الخمر فيها بكمية كافية ثم يوزع بعد الشكر على عدد من الكؤوس تناسب عدد المشتركين. · يجب أن يتحلى كل المؤمنين بمبدأ الطاعة والخضوع للمبادئ الكتابية في كل عمل أو خدمة يقومون بها. وكما أن الطاعة مطلوبة من المؤمنين في الكنيسة فهي مطلوبة أيضا من المؤمنات الحقيقيات بالرب, فعلى سبيل المثال: إن كل أخت مطالبة بأن تغطي رأسها أثناء الاجتماع علما بأن لكل أخت غطاءين, الأول هو شعرها وهو الغطاء الطبيعي الممنوح لها من الله و الثاني هو غطاء الرأس الذي تضعه علي رأسها أثناء وجودها في الاجتماع باسم الرب (1كو11: 1 و16). · يجب أن يكون المؤمنون أسخياء في العطاء وبانتظام: ويتم هذا تلقائيا بسرور من جانب المؤمنين والمؤمنات لسداد احتياجات القديسين. وهذا ما قاله الرسول بولس للمؤمنين في كورنثوس "وأما من جهة الجمع لأجل القديسين فكما أوصيت كنائس غلاطية هكذا افعلوا أنتم أيضا. في كل أول أسبوع ليضع كل واحد منكم عنده. خازنا ما تيسر حتى إذا جئت لا يكون جمع حينئذ"(1كو16: 1و2) . لنلاحظ القول "في كل أول أسبوع" يفيد وقت تواجد المؤمنين في اجتماع كسر الخبز, أي أن العطاء يسير جنبا إلى جنب مع كسر الخبز. س54: هل يجوز غمس الخبز في مادة الكأس ثم أكلها, أم يجب أكل الخبز ثم الكأس منفصلين؟ ولماذا؟ لا يجوز لنا من قرب أو بعد أن نغمس الخبز في مادة الكأس, بل يجب أن نأكل الخبز بعد الشكر عليه, ثم نشرب الكأس بعد الشكر عليها أيضا, وذلك للأسباب التالية:- 1- إن اتحاد الخبز مع الكأس يشير إلى اتحاد الدم بالجسد وبالتالي يشير إلى حياة الرب وليس موته, وعشاء الرب هو تذكار لموته وليس لحياته "فإنكم كلما أكلتم...وشربتم...تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26), فلابد من انفصال الدم من الجسد الشيء الذي يشير إليه انفصال الخبز عن الكأس. 2- كما أن الروح القدس يخاطبنا بالقول "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26) واضح لنا من هذه العبارة أن كل من الخبز والكأس منفصل عن الآخر. 3- ولكون العشاء يذكرنا بموت الرب وسفك دمه الكريم وجب علينا أن نتناول الخبز بالانفصال عن الكأس وإلا فقد معناه وما يشير إليه. 4- عندما صنع الرب يسوع العشاء لتلاميذه أعطاهم الخبز أولا بعد أن شكر ثم أعطاهم الكأس أيضا بعد أن شكر عليها منفصلة عن الخبز (مر14: 22و23, لو22: 19و20, 1كو11: 23-25). س55: لماذا لا يكون أمام المؤمنين في اجتماع كسر الخبز أكثر من رغيف واحد؟ لا يمكن أن يكون أمام المؤمنين في اجتماع كسر الخبز أكثر من رغيف واحد للأسباب التالية:- 1- لأن الرب يسوع كما ذكرنا ليس له إلا جسد واحد بذله على الصليب لذا قال لتلاميذه بعد أن شكر على الخبز "هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم. اصنعوا هذا لذكري" (لو22: 19), كما أن هذا الخبز يشير إلى جميع المؤمنين الذين يمثلون كنيسة المسيح التي هي جسده, وكما نعلم من كلمة الله أن للمسيح كنيسة واحدة قد أحبها وأسلم نفسه لأجلها (أف5: 25), ويقول الروح القدس "وأما أنتم فجسد المسيح" (1كو11: 27), ويقول أيضا "لأنه كما أن الجسد هو واحد وله أعضاء كثيرة وكل أعضاء الجسد الواحد إذا كانت كثيرة هي جسد واحد كذلك المسيح أيضا" (1كو12: 12). 2- في صنع الرب العشاء لتلاميذه جاء عنه هذا القول "وفيما هم يأكلون (عشاء الفصح) أخذ خبزا وبارك وكسر وأعطاهم وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي" (مر14: 22). واضح لنا من هذه العبارة أن الخبز واحد وليس خبزات. 3- ويقول الروح القدس "أن الرب في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا" ولم يقل أخذ خبزات (1كو11: 23) ولقد أشار الرسول بولس عن الخبز الواحد في قوله "فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد" (1كو10: 17). في حال ازدياد عدد المؤمنين الذين يمارسون عشاء الرب لا يمكننا أن نتحول عن التعليم الجميل الذي يرمز إليه الخبز ونشوهه بأفكارنا وحكمتنا واستحساننا البشري بوضع أكثر من رغيف, لكن يجب أن يكبر حجم الرغيف ليناسب عدد المشتركين. في ذات مرة كنت واحد من المشتركين في عشاء الرب في اجتماع كسر الخبز في مؤتمر وكان عدد المشتركين ربما يصل إلى الألف وكان حجم الرغيف ما يناسب هذا العدد, إنه عمل خصيصا لهذه المناسبة وكم فرحت في داخلي لما رأيت ذلك. فالذي شكر, قد شكر على رغيف واحد وبعد الشكر كسر في مجموعة أطباق لتصل إلى المشتركين للممارسة. س56: هل ما يقال على الخبز ينطبق على الكأس أيضا؟ ولماذا؟ نعم كل ما قيل عن الخبز ينطبق على الكأس أيضا, فهي كأس واحدة وليست كؤوس, ولذلك يقال عن الرب في صنعه العشاء لأول مرة لتلاميذه "ثم أخذ الكأس وشكر وأعطاهم فشربوا منها كلهم" (مر14: 23). وفي التعليم الخاص بممارسة عشاء الرب الذي سلمه الرب للرسول بولس وهو بدوره سلمه للكنيسة (باعتبار ما سلمه هو الحق الذي يجب أن يمارس من كل المؤمنين في كل كنيسة الله في كل مكان وفي كل العصور إلى بوم مجيء ربنا يسوع المسيح لاختطافنا إلى بيت الآب) جاء هذا القول: "كذلك الكأس (وليس الكؤوس) أيضا بعد ما تعشوا قائلا هذه الكأس (وليس الكؤوس) هي العهد الجديد بدمي. اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري" وهذا ما لابد أن يكون لأن الكأس تشير إلى دم المسيح الواحد الذي سفك لأجلنا. ثم يقول "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز (وليس الخبزات) وشربتم هذه الكأس (وليس الكؤوس) تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 25و26). والكأس أيضا تشير إلى ما تحمله الرب يسوع من يد الله العادل من دينونة وغضب لأجلنا نحن البشر, والتي قال للآب عنها "يا أبتاه إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس..." (لو22: 42), وقال أيضا عنها "الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها" (يو18: 11). فهي كأس وليست كؤوس. والرب لم يتجرع هذه الكأس على دفعات, لكنه تجرعها مرة واحدة, ولم يترك الصليب إلا بعد أن أكمل العمل الفدائي تماما لذا قال" قد أكمل ونكس الرأس وأسلم الروح" (يو19: 30). ويذكر الرسول بولس أيضا عن الكأس "كأس البركة (وليس الكؤوس) التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح" (1كو10: 16). س57: من الإجابة السابقة للأسئلة السابقة لاحظت أننا نأخذ بحرفية الكلام وأشعر أنه لا داع لذلك, فأنا أوافقك على ضرورة وجود الرغيف الواحد الذي يجب أن يكسر بعد الشكر لا قبله لأنني مقتنع بالأسباب التي ذكرتها لي, لكن بخصوص الكأس أرى أنه رغم الأسباب التي ذكرتها أنه من الأفضل أن تكون في كؤوس حتى لا ينقل مرض ما من شخص إلى شخص من خلال كأس واحد. فما رأيك في هذا؟ دعني أقص عليك هذه القصة التي قرأتها عن مرسل في إحدى الدول الأفريقية: كان هذا المرسل يعيش في إحدى المدن ولكونه من محبي تربية الحيوانات, فبدلا من أن يعيش بمفرده يعاني من الشعور بالوحدة بحث في الغابة عن حيوان من الحيوانات الأليفة فوجد جرو أسد صغير, فأخذه لبيته وآنسه فكان يأكل من بين يديه ويلعب معه وكان مسرورا به جدا. بدأ يكبر جرو الأسد وبدأت تظهر على جسده معالم الأسود فزادت فرحة المرسل به أكثر. في يوم من الأيام بدأ المرسل في ساعة صفاء يكتب مذكراته اليومية بيد, واليد الأخرى على شعر جرو الأسد ذهابا وإيابا وكان الوضع جميلا لكليهما, وفجأة تغير الحال, فجرو الأسد بدأ يلعق بلسانه في يد المرسل ولوجود الخشونة بلسانه ضعف جلد اليد وسالت الدماء منها, ولما لعق جرو الأسد من الدم تحركت طبيعته الوحشية فانقض على المرسل وقتله! وكتب الخبر تحت عنوان: استهان به ولاطفه لكنه خانه فقتله!! عزيزي القارئ: هل أدركت ما أنا أعنيه من وراء القصة؟ إن لم نكن جادين مع أنفسنا فأمور كثيرة نفقدها بسبب استهانتنا واستهتارنا. ومن يستهين بالصغيرة فمع الزمن يسقط في الكبيرة. ولا ننس قول الكتاب المقدس "خميرة صغيرة تخمر العجين كله" (1كو5: 6, غلا5: 9) وقول العروس في سفر نشيد الأنشاد "خذوا لنا الثعالب الثعالب الصغار المفسدة الكروم" (نش2: 15), وقول الحكيم "الذباب الميت ينتن ويخمر طيب العطار" (جا10: 1). يجب أن نلاحظ أننا لو انحرفنا عن الحق قليلا فمع الزمن ننحرف كثيرا وربما يفقد الحق تأثيره على ضمائرنا, ولذلك يجب أن نتمسك بالحق مهما كان الثمن ولا تنس أن "الأمين في القليل أمين أيضا في الكثير" (لو16: 10). أما من جهة نقل الأمراض فهذا ليس من الصواب. لكن هذا الكلام نوع من أنواع الخوف. كل القديسين الذين سبقونا كانوا يمارسون عشاء الرب بذات الطريقة التي علمنا إياها الرب ولم يذكر أن أحد أصيب بالمرض. كثيرون أخذوا الحيطة من المرض والأمراض ومع ذلك لم يرحموا منها, لذلك دعنا نسلك في الحق المكتوب ونبتعد عن كلام الحكمة البشرية والاستحسان البشري لأنه "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع5: 29). س58: هل من الممكن أن نبقي ما تبقى من الخبز ومن الكأس بعد اشتراك كل المؤمنين أم يجب أن يؤكل كل الخبز ويشرب كل الكأس؟ وإن كان الجواب نعم أو لا في أي حال فأرجو توضيح الأسباب؟ في أثناء خدمتي التجوالية في العديد من الدول رأيت أنهم بعد الاشتراك في عشاء الرب يبقون ما قد تبقى سواء من الخبز أو من الكأس الشيء الذي لم أتعود عليه في اجتماعاتنا المصرية مما جعلني أسأل عن سبب هذا فكان الجواب كالآتي:- · إننا كجماعة مجتمعة لم نكن كل كنيسة الله بل جزء منها, والخبز يشير إلى كل الكنيسة عامة, وبقاء ما تبقى يعلن أننا لسنا كل كنيسة الله بل جزء منها, فيوجد مؤمنون سبقونا بالرقاد وهم الآن مع الرب, ويوجد مؤمنون غيرنا في مختلف بلدان العالم, ويوجد مؤمنون ستتعامل معهم نعمة الله بعدنا هذا لو تأنى الرب في مجيئه. كل هؤلاء يشير إليهم الرغيف الواحد ولذلك يقولون إننا نبقى ما قد تبقى إعلانا عن هذا. · ويقولون أيضا إننا لا نقدس المادة وإلا صنعنا منها صنما معبودا, لذا بعد الممارسة إن تركنا ما قد تبقى من الخبز أو أكلناه وكذلك ما تبقى من الكأس أو شربناه لم يفرق في الأمر شيء, يكفي أننا قد صنعنا ذكرى الرب طاعة لوصيته. · ويقولون أيضا أن الرب قال "اصنعوا هذا لذكري" مرة واحدة, ففي مرور الخبز أو الكأس على المشتركين أكثر من مرة يدل على أننا نصنع الذكرى أكثر من مرة في الأسبوع. لكنني على قدر فهمي المحدود البسيط أرى أنه من باب اللياقة أن الجماعة المجتمعة لأجل صنع ذكرى الرب أن تأكل كل الخبز وتشرب كل الكأس أيضا وذلك للأسباب التالية:- 1- حتى وإن كانت الكنيسة المحلية ليست هي كل الكنيسة, لكنها تمثل جسد الرب, فالمنظور الإلهي لها ليست جزء من الكنيسة بل الكنيسة كاملة, ولذلك لم يقل الرسول بولس في رسائله للكنائس أن كل كنيسة جزء من الكنيسة العامة بل يقول عن كل واحدة منها أنها كنيسة الله ( راجع 1كو1: 2, 2كو1: 1, 1تس1: 1, 2تس1: 1) . ترد كلمة كنيسة في العهد الجديد مرارا كثيرة, وشملت ثلاثة اتجاهات: الاتجاه الأول: كنيسة الله العامة, ويمكن مراجعة الشواهد التالية (أع2: 47, 8: 3, 20: 28, 1كو12: 28, 15: 9, أف3: 10و21, 5: 23و25و27, كو1: 18و24, 1تي3: 15, عب2: 12). والاتجاه الثاني: الكنيسة المحلية والشواهد الكتابية عنها ما أكثرها نذكر البعض منها (مت18: 17, أع14: 23, رو16: 27, 1كو4: 17, 14: 19و35, 1تي5: 16,رؤ2: 1و8, 3: 14,...). والاتجاه الثالث: الكنيسة التي في البيت, ويمكن مراجعة الشواهد التالية (رو16: 5, 1كو16: 19, كو4: 15, فل1: 2). في هذه الاتجاهات الثلاثة لم يذكر ولو مرة واحدة أن الكنيسة المحلية أو الكنيسة التي في البيت أنها جزء من الكنيسة العامة, لكن ينظر إليها ممثلة لكل الكنيسة. ومن هنا يمكن القول أن الرغيف الواحد يمثل كل الكنيسة العامة وأيضا يمثل الكنيسة المحلية وكذلك الكنيسة التي في البيت, ولذلك أرى أنه يجب أن يأكل الخبز كله وكذلك تشرب الكأس كلها. 2- عندما سلم الرب الحق الخاص بعشائه للرسول بولس الذي بدوره سلمه للكنيسة التي في كورنثوس وهي كنيسة محلية, لم يقل لهم "فإنكم كلما أكلتم من هذا الخبز وشربتم من هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" على اعتبار أنهم جزء من الكنيسة العامة, لكنه قال "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26) ولم يقل من هذا أو هذه. بينما عندما خاطب المؤمن باعتباره عضو من أعضاء كنيسة الله قال "ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس" (1كو11: 28). لقد كرر القول "من" بالارتباط بالخبز وبالكأس أيضا. 3- إن الخبز في مادته قبل الشكر أو بعد الشكر هو خبز والكأس كذلك, ونحن لم نقدس المادة أو نعبدها نهائيا, لكنها لكونها صورة تذكارية من خلالها نذكر معبود وحبيب قلوبنا تبارك اسمه إلى الأبد, فلابد أن يكون فينا الوقار والخشوع للرب والاحترام له في محضره, مع عدم الاستخفاف بما يشير إلى شخصه. أعطي مثلا لذلك: في المظاهرات التمردية التي يحدثها البعض في بلاد مختلفة, يحضرون صورة الملك أو الرئيس الذي يتظاهرون ضده ويرشقونها بالحجارة أو يحرقونها بالنار, مع أنها لا تزيد عن ورقة عادية وربما أقل من العادية, لكن لكون صورة الرئيس صارت عليها أخذت في الاعتبار وكأنها الرئيس ذاته وما يفعلونه من تظاهر أو تمرد لم يفعلونه ضد الصورة بل ضد الرئيس الممثل في الصورة فاحتقارهم للصورة ما هو إلا احتقار لصاحبها, وعلى هذا القياس أقول أن الخبز الذي نشترك فيه لذكرى الرب لا يزيد شيئا عن أي خبز وكذلك الكأس, لكن كون أنه قد وضع أمامنا في أجمل وأروع فرصة فيها نذكر الرب المهوب فيجب أن يكون لدينا التقدير الصحيح لصورته هذه ولا نعبث بها. 4- بعد اشتراك المؤمنين في عشاء الرب وبعد نهاية الاجتماع أين يلقى ما قد تبقى من الخبز والكأس؟ أليس من اللياقة أن نأكله ونشربه كله ولا نلقيه للعصافير!!؟ س59: يحدث أحيانا أن أحد المشتركين في عشاء الرب لم يتمكن من الممارسة بسبب المرض أو تقدم العمر أو بسبب الشيخوخة, هل يجوز لنا أن نبقي شيئا ثم أثناء زيارتنا له والسؤال عنه بعد الاجتماع نعطيه إياه؟ لا يجوز نهائيا أن نبقي من عشاء الرب شيئا لمن لم يتواجدوا في الاجتماع ليمارسوا العبادة في اجتماع كسر الخبز لأي سبب كان, فكما أن الفصح قديما "في بيت واحد يؤكل. لا تخرج من اللحم من البيت إلى خارج" (خر12: 46) هكذا أيضا عشاء الرب. وإن كان الرب سمح لهذا المؤمن بالمرض أو الشيخوخة بسبب تقدم العمر فأقعده ذلك في بيته ولم يتمكن من الحضور إلى الاجتماع, فهذا لا يؤثر إطلاقا في علاقته مع الله ولا يقلل من مركزه باعتباره ابن لله ولا يكون هذا سببا في هلاكه. لقد تسبب المرض والشيخوخة في عدم المقدرة على حضور الاجتماع وبالتالي الامتناع عن ممارسة عشاء الرب لكن هذا لا يتسبب في انفصاله عن الرب باعتباره عضو في جسده المبارك. كما أن ممارسة عشاء الرب لا تؤهل الشخص للوصول إلى بيت الآب بل هي وليمة تشكرات وسجود وتسبيح للرب الشيء الذي لا يستطيع المريض أو من أقعدته الشيخوخة أن يمارسه بسبب عدم مقدرته على الجلوس والبقاء لوقت طويل بالاجتماع. هذا ومن جانب آخر يمكن للمؤمنين الذهاب إلى بعض المسنين أو العجزة أو المرضى في منازلهم ويجتمعوا باسم الرب لصنع الذكرى معهم, حيث يستحيل عليهم الحضور إلى مكان الاجتماع بسبب تقدم السن أو عدم القدرة على الحركة بسبب المرض. س60: هل من الضروري أن نضع المقاعد على شكل دائرة حول العشاء حتى يكون الرب في الوسط حسب وعده في بشارة البشير متى "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20)؟. إن جلوس العابدين والمشتركين في عشاء الرب لا يرتبط بوضع معين للمقاعد ولا أن يكون نظاما خاصا وجامدا, كما أننا نعبد الرب بالروح القدس وليس عن طريق أنظمة كما في العهد الموسوي. لقد قال الرب يسوع "تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق. لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" (يو4: 23و24). فالعهد الجديد كله لم يوص بنظام معين للعبادة غير العبادة بالروح والحق. كما أنه لم يوصي بوضع معين للمقاعد التي يجلس عليها العابدين. ولذلك ترتيب المقاعد علي شكل دائرة أو صفوف في جهة واحدة أو أكثر فهذا ليس له أهمية, وإلا فماذا يفعل المؤمنون القليلون المجتمعون إذا كان عددهم لا يكمل دائرة؟. وهل من الممكن لاثنين أو ثلاثة أن يشكلوا دائرة؟ إن وعد الرب بأن يكون في وسط المؤمنين المجتمعين باسمه هي علاقة وشركة روحية أكثر من أن تكون نظام يتبع, وهذا يعنى به قلوب متجه إلى شخص الرب وعقول مشحونة بالتفكير فيه وعيون متجهة إليه وعواطف مشبعة بشخصه ونفوس لا تبغي سواه وإرادة مخضعة له لا تريد شيئا سوى أن تعبده وتمجده ولا ترض بغيره. س61: هل هناك شروط للخدمة الوعظية التي تقدم بعد ممارسة عشاء الرب؟ لا يمكننا أن نمنع من أن تكون خدمة وعظية في اجتماع كسر الخبز, لكن في ذات الوقت نفضل أن تكون خدمة الكلمة بعد كسر الخبز لا قبله حتى لا يحدث أي تشويش على أذهان المؤمنين بأي موضوع آخر غير الرب يسوع موضوع العشاء. يذكر عن الرسول بولس والمؤمنين "وفي أول الأسبوع إذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزا خاطبهم بولس وهو مزمع أن يمضي في الغد..." (أع20: 7). والآن نذكر أمام القارئ العزيز بعض النقاط المحددة التي نرى أنها من الشروط اللازمة للخدمة الوعظية:- أولا : يجب أن تكون بعد كسر الخبز لا قبله: كما ذكرنا في إجابات سابقة أن الهدف الأساسي من ممارسة عشاء الرب هو تركيز أفكار الحاضرين وعواطفهم في شخص الرب يسوع وفي عمله دون الانشغال بشيء آخر سواه. ومن هذا المنطلق لا يجوز القيام بأية خدمة تعمل على تشتيت أفكار المؤمنين قبل كسر الخبز وشرب الكأس, لهذا يكون من المناسب أن تقدم الخدمة الوعظية أو التعليمية بعد صنع ذكرى الرب أي بعد الانتهاء من كسر الخبز. مع ملاحظة أنه لا مانع من أن تقرأ أعداد من كلمة الله تتناسب مع جوهر وغرض الاجتماع وهو ذكرى الرب, أو تأمل قصير عن الرب وعمله وذلك لتنشيط وإنهاض أذهان العابدين لمواصلة السجود والعبادة للرب على أن تكون جميعها بمشغولية من الروح القدس. ثانيا : يجب أن تكون الخدمة من كلمة الله وبها حقائق روحية مفهومة وواضحة: هذا لكي يحدث بنيان للجماعة واستنارة لأذهان السامعين, وتفي باحتياجاتهم الروحية. وعلينا أن نعرف أن الخدمة النافعة لكنيسة الله ليست هي الخدمة التي يكثر فيها الكلام المنسق والرنان, وليست هي الخدمة الطويلة التي تتسبب في ملل السامعين, وليست هي الخدمة التي لها قوة جذب في عناوينها دون أن يكون لها عمق كتابي وروحي, بل هي الخدمة التي تكون مناسبة لحالة الاجتماع, وهي وليدة من شركة مع الرب ودراسة مشبعة في روح الصلاة, وأيضا تكون بحسب إرشاد الروح القدس أثناء الاجتماع وليس قبله. ومثل هذا النوع من الخدمة تكون أحيانا تعليم وأحيانا تحريض لتشجيع المؤمنين على حياة أكثر تكريسا للرب, وأحيانا تحتوي على بعض التوبيخ لتوجيه انتباه السامعين إلى خطأ معين في حياتهم وتحتوي أيضا على التشجيع للذين يجتازون مصاعب في حياتهم, كما يجب أن تكون الكلمة لها الطابع الروحي وتعليمها صحيح بحسب كلمة الله وتقدم بوعي كامل من المتكلم. ثالثا : يجب أن تقدم بصوت واضح ومسموع لكل الحاضرين: لابد أن يكون الصوت مسموع والعبارات واضحة وإلا ما هي الفائدة التي تعود على السامعين؟ "هكذا أنتم أيضا إن لم تعطوا...كلاما يفهم فكيف يعرف ما تكلم به. فإنكم تكونون تتكلمون في الهواء" (1كو14: 9) فخدمة مثل هذه لا تحقق الهدف من إلقائها وهو بنيان السامعين. ولذلك يجب أن يكون صوت المتكلم ونبراته متناسبا مع حجم المكان وعدد الحاضرين. رابعا : يجب أن تكون الخدمة هادفة ومختصرة: لأن الخدمة المختصرة تتناول لب الموضوع وتصيب الهدف وتفيد السامعين وتتناسب مع وقت الاجتماع فلا تتسبب في ملل أحد الحاضرين. خامسا : يجب أن تكون الخدمة بقيادة واضحة من الروح القدس وحسب الحاجة: الأمر الذي يتطلب من كل واحد في الاجتماع ضبط النفس, فليس كل كلام يقال هو من الرب لأن أحيانا كثيرة يكون الدافع للكلام هو الجسد وبالتالي تكون سببا لتذمر البعض ولا تحدث بنيان للجماعة ولا تفي بحاجة السامعين. فإن لم يتأكد المتكلم أن خدمته بإرشاد من الروح القدس وبدافع شديد منه ومناسبة لحالة وحاجة الجماعة فمن الأفضل أن يصمت. ومن المؤكد أن الروح القدس يشغل آخر. سادسا : يجب أن تكون الخدمة مقبولة من جميع السامعين ولا تتسبب في تذمر البعض "أما الأنبياء فليتكلم اثنان أو ثلاثة وليحكم الآخرون" (1كو14: 29). سابعا : يجب أن تكون الخدمة مفيدة للجميع وليس مضيعة لوقتهم, والحكم في هذا ليس من المتكلم بل من السامعين "وليحكم الآخرون" (1كو14: 29). س62: هل يمكن تحديد زمن معين لاجتماع عشاء الرب, بمعنى متى يبدأ ومتى ينتهي؟ بدراستنا لكلمة الله وخاصة الأصحاحات والأعداد التي تتكلم عن عشاء الرب لم نجد ولو عددا واحدا يحدد فيه الزمن الذي يستغرقه اجتماع كسر الخبز, لكننا نجد الإشارة عن متى يبدأ الاجتماع. فلقد جاء في كلمة الله "ولما كانت الساعة اتكأ يسوع والاثني عشر رسولا معه" (لو22: 14) لكن لم يذكر متى انتهى الاجتماع. وبالتطبيق لهذا الدرس الذي تعلمنا إياه كلمة الله يجب أن يكون اتفاق بين المؤمنين على ميعاد بدء الاجتماع وبما يوافق الجميع. وهكذا متى اجتمعنا لصنع الذكرى نجتمع في الميعاد المتفق عليه لكننا لا نعلم متى ينتهي, فهذا متروك لحرية الروح القدس والمجتمعين باسم الرب. ولا ننس أننا نعيش الآن أياما تحكمنا فيها الظروف الأمر الذي يوجب علينا مراعاة الوقت الذي تستغرقه أية خدمة تتم فيه. ولذلك يختلف زمن الاجتماع من مكان لآخر. يجب أن يراعي الهدف الأساسي من اجتماع كسر الخبز, وهو ذكرى الرب يسوع صاحب الاجتماع, وأيضا لنحترس من الإطالة في الاجتماع بلا داع حتى لا يصاب العابدين بالملل ويحدث التحول المحزن من التأمل في الرب إلى الروتين والعبادة الشكلية التي لا يجد الرب فيها ما يشبع قلبه ولا يجد المؤمن أيضا ما يشبع قلبه أو ما ينشأ التعزية فيه. س63: أثناء العبادة وتقديم السجود, ما هو الوضع الصحيح للعابدين, الوقوف أم الجلوس على المقاعد؟ من دراستنا لكلمة الله وتتبع الأعداد التي وردت فيها كيفية ممارسة عشاء الرب نرى الآتي:- في ممارسة التلاميذ للعشاء الذي صنعه الرب لهم لم يذكر أنهم كانوا في وضع معين يتحتم علينا أن نسير على دربه, فجاء في بشارة الرسول متى "وفيما هم يأكلون الفصح, أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ, وقال لهم: خذوا كلوا هذا هو جسدي. وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلا: اشربوا منها كلكم. لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد, الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا" (مت26: 26-28). وهكذا يؤكد هذا القول كل من البشير مرقس والبشير لوقا (مر14: 22-24, لو22: 19و20). لم يذكر أن الرب وقف وشكر على العشاء, أو جثا على ركبتيه وشكر والتلاميذ كانوا أيضا معه جاثين على ركبهم, لم يذكر شيء من مثل ذلك, بل وهو في عشاء الفصح اليهودي وهم حول المنضدة الموضوع عليها العشاء, أخذ الخبز وشكر وكذلك الكأس, فأي وضع يستريح المؤمنون أن يكونوا فيه مع خشوع القلب والوقار اللازم للرب في محضره وانسكاب القلب في التأمل في الرب يسوع صاحب الذكرى هو ما يجب أن يكون. عندما سلم الرب الرسول بولس التعليم الخاص بممارسة عشاء الرب لم يعطي ولو إشارة بسيطة عن وضع معين يجب أن نتخذه ونحن نصنع العشاء, لكنه أعاد ما حدث في العلية وقت وجوده مع تلاميذه حين صنع لهم العشاء قبل الصلب وبالتحديد "في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا وشكر" (1كو11: 23-26). عندما ذكر في سفر الأعمال عن ممارسة المؤمنين للعشاء لم يذكر أنهم كانوا وقوفا أو جلوسا أو في أي وضع ما, لكن كل ما ذكر عنهم أنهم "كانوا يواظبون على...كسر الخبز" وأيضا "وإذ هم يكسرون الخبز في البيوت..." (أع2: 42و46). وعندما كان المؤمنون ومعهم الرسول بولس مجتمعين في أول الأسبوع ليكسروا خبزا لم يذكر عنهم أنهم كانوا وقوفا أو جلوسا أو جاثين (أع20: 7-12). وإن قال أحدنا أنه ذكر عن الرب يسوع أنه "اتكأ" ومن هذه الكلمة يفهم أن الرب يسوع كان جالسا ولذلك يجب علينا أن نكون في العبادة حول عشاء الرب جلوس. فلمثل هذا نقول: إن كلمة اتكأ يعنى بها أنه لما دخل العلية لممارسة الفصح أخذ مكانه بارتياح وهذا ما نحن نفعله كلنا بمجرد دخولنا إلى قاعة الاجتماع, إذ يأخذ كل واحد منا مكانه ليتهيأ لعبادة الرب, وهذا يختلف عن مفهوم السؤال الذي يختص بوضعنا أثناء العبادة واعتقد أنني قد أجبت على ذلك. من الملفت للنظر في بعض الاجتماعات بل وأكثرها, وأثناء فترة السجود يكون الأخوة وقوفا والأخوات جلوسا طوال فترة الشكر, وأيضا بعض الأخوة بسبب طول الوقت وضعف الجسد يكونون جلوسا, ومتى حان الوقت لتقديم الشكر للرب لأجل الخبز يقف الجميع من اخوة وأخوات. وهنا أسأل لماذا وقف الجميع في هذا الوقت بالذات؟! هل احتراما للرب صاحب العشاء, أم احتراما لعشاء الرب؟. إن قلنا احتراما للرب الحاضر في وسطنا, فأنا بدوري أسأل: هل حضر الرب وقت الشكر على عشائه أم بحسب وعده من وقت بدء الاجتماع؟. واضح لنا بناء على وعد الرب في (مت18: 20) هو حاضر من بدء الاجتماع, فإن كان وقوفنا احتراما له فمن المفروض أن نكون وقوفا اخوة وأخوات لا يستثنى منا أحد سوى المرضى والمسنين خلال العبادة وليس أثناء الشكر على عشاء الرب فقط. أما إذا كان جوابنا هو أن وقوفنا احتراما لعشاء الرب نكون قد سقطنا في شرك تقديس المادة وبالتالي نكون قد صنعنا منها وثنا, وصار العشاء الذي هو رمز له تقديره أكثر من الرب يسوع المرموز إليه. ومن هنا أقول يجب أن تكون الأمور بحسب التقدير للرب والاحترام لشخصه. س64: أليس من الصواب أن نكون حول عشاء الرب في حالة من التأثر العميق والحزن الشديد الذي لابد أن يظهر على قسمات وجوهنا لأننا نذكر موت المسيح على الصليب؟ أليس هذا ما تعلمنا إياه العبارة "على أعشاب مرة يأكلونه" (خر12: 8)؟ إن الاجتماع حول الرب لصنع العشاء ليس هو مكان للتألم أو الحزن, الكأس هي كأس بركة, كأس شكر, وهو الرمز الرائع لدم الرب يسوع الذي به افتدينا, والخبز الذي نكسره هو شركة جسد المسيح. فكيف إذاً نكسره بقلوب مكتئبة ووجوه عابسة؟. تجتمع الكنيسة حول الرب باعتبارها عائلته في فرح وسرور بشخصه ومحبته التي هي أساس اجتماعها. رغم أن كل واحد له ظروفه الخاصة من صحة معتلة, وأحزان بسبب تجارب متنوعة, وسقطات غير معلومة للآخرين, فإنه يجب أن لا تكون هذه الأمور موضوع التأمل والتفكير ونحن حول العشاء, فانشغالنا بهذه الأمور إهانة للرب صاحب العشاء, وتحويل كأس البركة إلى كأس حزن ليس بحسب المفهوم الصحيح الذي تعلمنا إياه كلمة الله عن عشاء الرب. قد دعانا الرب إلى وليمة العشاء لنذكره هو ونذكر كمال محبته وقوة تطهير دمه, وعندما تمتلئ العين بشخصه فلا مكان لشيء آخر غيره. إن كانت خطايانا هي موضوع مشغوليتنا وتفكيرنا فمن المؤكد نشعر بالكآبة والحزن وبذلك نكون قد خرجنا عن ما قصد الرب أن ننشغل به ونتأمله ألا وهو شخصه المجيد المبارك, وبالتالي يصبح العشاء موضوع كآبة وحزن بدلا من أن يكون وليمة أفراح. لو كان لابد أن يصحب عشاء الرب الشعور بالحزن لكان بالأولى أن يحدث هذا عندما صنع الرب هذا العشاء لتلاميذه في أول مرة حيث كان متوفرا كل ما يسبب ذلك, الشيء الذي لم نراه, بل نرى السرور المتدفق من قلب الرب حتى أنه "شكر". وإن كان الرب قد فرح وشكر عند كسر الخبز الذي هو لجميع المؤمنين في كل الأجيال تذكارا دائما لشخصه, ألا يحق لنا أن نفرح نحن المؤمنين الذين صار لنا حق التمتع بشخصه ونتائج عمله المبارك على الصليب؟. إنه يتحتم علينا أن لا نجعل للحزن مكانا ونحن في محضره لأن "أمامه شبع سرور". وعندما نكون حول شخصه مكتئبين علينا أن ندرك أن عيوننا قد تحولت عنه وأن مشغولية قلوبنا صارت لشيء آخر غيره. كثيرون يقتربون من عشاء الرب بقلوب مكسورة ونفوس منحية, ظانين أن هذا إكرام للرب وللعشاء, ذاكرين خطاياهم التي تسببت في صلب الرب أكثر من الرب الذي صلب لأجل خطاياهم. أن كل فكر كهذا الفكر نابع من القلب البشري الذي لا ينبع منه إلا ما هو مهين لله, ناسين أن دم المسيح هو أساس طهارتهم والذي سفك مرة واحدة لا تتكرر, الشيء الذي يجب أن يتذكرونه بفرح عظيم وهم مجتمعون باسم الرب وجالسون حول العشاء. يجب أن ندرك أن دم المسيح قد محا كل خطايانا إلى الأبد والروح القدس يجمعنا حول شخص المسيح المقام والممجد, فالمسيح قد وفى بدمه كل ما كان علينا لله, والآن نجتمع حول شخصه المقام والممجد في السموات. لقد قال "وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليَ الجميع" (يو12: 32 ), ومع أن الكأس تشير إلى دم المسيح ولكننا لسنا مجتمعين حول الكأس أو الدم, ولكن حول من سفكه. إن دم المسيح قد أزال كل ما كان يعوق شركتنا مع الله والدليل على ذلك مجيء الروح القدس ليعمد المؤمنين إلى الجسد الواحد ويجمعهم حول الرأس المقام والممجد. وإن كنا في اجتماع كسر الخبز أمامنا خبز نذكر من خلاله جسد الرب المبذول على الصليب وكأس نذكر من خلالها الدم المسفوك لكننا نجتمع حول الرب الذي وإن كان قد مات وسفك دمه على الصليب مرة لأجل خطايانا لكنه الحي إلى الأبد والذي لا يسوده الموت. إذاً ونحن مجتمعون حوله ينبغي أن تمتلئ قلوبنا بالأفراح التي نعبر عنها بالتسبيح والسجود لشخصه المجيد المبارك. س65: هل يجوز للكنيسة المحلية أن تمارس عشاء الرب أكثر من مرة واحدة في اليوم؟ لا يجوز للكنيسة المحلية أن تمارس عشاء الرب أكثر من مرة واحدة في الأسبوع وبالتحديد كما ذكرنا في يوم الرب أي أول الأسبوع. وإن كانت الممارسة مرة واحدة أسبوعيا فكيف يمكن أن تكون أكثر من مرة واحدة في اليوم؟. هذا لا يمنع أن نقول: أنه في بعض الأماكن يمارس عشاء الرب مرتين مرة في الصباح والأخرى في المساء وذلك بسبب ظروف العمل الزمني للمؤمنين. فكثيرون منهم أعمالهم الزمنية في الصباح وبالتالي يعاقون من ممارسة عشاء الرب في الصباح ولذلك الأنسب لهم هو المساء, وآخرون أعمالهم الزمنية في المساء وبالتالي لا يمكنهم ممارسة عشاء الرب في المساء فالأنسب لهم في الصباح, وعلى أية حال يجب أن يكون كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب. س66: هل من الضروري تغطية عشاء الرب بغطاء أم تركه عاريا؟ نميل نحن البشر نحو تقديس المادة لنصنع لها هالة من الوقار يصل أحيانا إلى أكثر من الوقار, إلى حد التأله وهذا ليس من الصواب. فكما ذكرنا من قبل أن الوقار والاحترام هو للرب صاحب العشاء الذي نحن نجتمع إلى اسمه. فسواء وضعنا على العشاء أثناء العبادة غطاء أو لم نضع فهذا لا يغير من الوضع شيء. مع ملاحظة أن التلاميذ في أول مرة مارسوا فيها العشاء كان عيد الفصح اليهودي وأخذ الرب يسوع من الخبز الموجود أمامهم وشكر وأعطاهم وكذلك الكأس أيضا (لو22: 19و20) ولم يذكر أي شيء عن نوعية خاصة من الخبز أو الكأس ولم يذكر شيئا عن وضع الغطاء على الخبز والكأس. ومن جانب آخر حيث أن الروح القدس يذكر القول "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26), فمن دواعي التخبير أن تكون الذكرى مرئية للجميع وبالتالي فلا داعي للغطاء. لكن في حال تواجد حشرات مثل الذباب فالضرورة تستدعي وجود غطاء على العشاء.
*****************
الفصل الثاني عشر العبادة حول عشاء الرب س67: هل يجوز للأخ الذي يشكر على عشاء الرب أن يشترك في تقديم السجود للرب في فرصة السجود التي تسبق ممارسة عشاء الرب مع اخوته؟ حيث أن الجماعة المجتمعة حول الرب وتحت رئاسته وسيادة روحه المطلقة لا تعلم من هو الشخص الذي يقوده الروح القدس في تقديم الشكر للرب على الخبز والكأس, وكل واحد من المؤمنين يعلن الخضوع المطلق لقيادة الرب, فلا مانع أبدا من أن يشترك الأخ الذي يقوده الرب لتقديم الشكر على عشاء الرب في تقديم السجود للرب في فرصة السجود التي تسبق ممارسة عشاء الرب مع اخوته. كما أنه يجب أن لا يغيب عن فكرنا أن اجتماع كسر الخبز هو وليمة الحب الذي فيه يعبر كل واحد منا عن امتنانه وتقديره للرب الذي أحبه إلى المنتهى فيفعل كما فعلت مريم أخت مرثا ولعازر " فأخذت مريم منا من طيب ناردين خالص كثير الثمن ودهنت قدمي يسوع ومسحت قدميه بشعرها. فامتلأ البيت من رائحة الطيب" (يو12: 3). س68: ما رأيك في الإطالة في الشكر وكذلك عدد الترنيمات المطلوبة؟ يجب أن نعلم أن اجتماع كسر الخبز هو اجتماع يختلف تماما عن الاجتماع التبشيري واجتماع درس الكتاب وغيرها من الاجتماعات التي تعقد للبنيان, فاجتماع كسر الخبز هو اجتماع سجود فيه نتجه بكل عواطفنا ومشاعرنا نحو الرب, فنتأمله ونذكره ونذكر عمله وتخرج من قلوبنا ذبائح الحمد والشكر والتسبيح له وله وحده. وكل مؤمن حقيقي منا هو كاهن من حقه أن يقدم "ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح" (1بط2: 5), وهنا تبرز مسئولية كل مؤمن في تقديم ذبائح التسبيح والحمد لربنا يسوع المسيح. فيجب أن نلاحظ أن كل مؤمن له الحق في تقديم الشكر للرب, ولذلك لابد أن يضع كل واحد منا في اعتباره أنه متى أطال في شكره, أخذ وقت آخرين كان لهم الحق أن يقدموا للرب حمدا. كما أن الإطالة في الشكر تصيب العابدين بالملل وتطفئ روح العبادة, ولنعلم أن إطالة الشكر بدون داع هو تعدي على الروح القدس وسلب لحق العابدين في العبادة , ومن يفعل ذلك فهو عرضة للانتقاد من الآخرين ومثل هذا الشخص يحتاج أن يتعلم التمييز الروحي "ذوقا صالحا ومعرفة علمني" (مز119: 66). وكذلك يجب أن يكون تسبيحنا مناسب لجو وروح الاجتماع, وترتل تسبيحاتنا بطريقة صحيحة وإلا تسبب عكس ما هو مرجو. إن الاجتماع لممارسة عشاء الرب ليس هو فرصة للترتيل فقط, بل للسجود والشكر وقراءة كلمة الله والتعلم منها, والحقيقة أن الترنيم محبب للجميع ولكن الخوف من أن يتحول اجتماع كسر الخبز إلى فرصة للترنيم. لذلك لنحترس من أن يصير الترنيم وحده وسيلة التعبير للسجود. إن العلاج يكمن في أن نحترس من الدوافع الجسدية والاستحسان البشري في العبادة ونخضع تماما لإرشاد الروح القدس, فعندما يقود الروح القدس لطلب ترنيمة أو البدء في ترنمها أو في قراءة جزء من كلمة الله أو في تقديم الشكر والسجود للرب يجب أن نكون مهيئين روحيا. ولا يفوتنا أن نذكر هذه الحقيقة الهامة, وهي أن الروح القدس هو الذي يشغل المؤمنين بشخص الرب وحده, وهو الذي يقودهم ويرشدهم في عبادته, وإذا غاب هذا الحق عن الجماعة فلا يكون سوى الشكليات والروتين القاتل الذي يؤدي إلى البرودة الروحية والأساليب الجسدية التي تظهر في الحركات المتكررة التي لا تبني الجماعة ولا تعمل على تقدمها روحيا بل تطفئ الروح القدس فيهم. س69: ماذا تعني كلمة السجود؟ وماذا يُقصد بالقول اجتماع السجود؟ السجود ليس هو سماع عظة وليس هو الكرازة بالإنجيل وليس هو فعل الخير أو فعل الصلاح كما أنه ليس هو الشكر أو الصلاة. ويمكننا أن نفهم من كلمات الرب يسوع التي أجاب بها على أسئلة الشيطان "للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد" أي تخدم (مت4: 10), أن العبادة والخدمة شيئان متحدان, فالعبادة التي لا تقود للخدمة والخدمة التي لا تقود للعبادة وتنبع منها تصبحان كلتاهما بعيدتين عن النموذج الإلهي. كلمة سجود لها معانيها الكثيرة منها:- السجود هو فيضان القلب نتيجة لعمل وتأثير نعمة الله, كما أنه ينبع تلقائيا من الداخل ويفيض من قلب مملوء إحساسا بعظمة الله وإحسانه. (راجع مز45: 1). السجود هو سكيب النفس المستريحة أمام الله نتيجة كفاية عمل المسيح الكفاري على الصليب. وهذا يتعلق بالحالة الروحية للساجد. فالمؤمن مستريح, أي أنه مدرك ومستمتع بيقين قبوله الكامل أمام الله بيسوع المسيح. السجود هو انشغال القلب لا بما يحتاج, ولا حتى بالبركات التي حصل عليها, ولكن بالله ذاته, ومن هنا ندرك أن هناك فارق بين الصلاة والشكر والسجود. السجود هو فيضان قلب قد عرف الآب كالمعطي والابن كالمخلص والروح القدس كالساكن. ومن هنا ندرك أن المؤمن المولود من الله فقط هو الذي يستطيع أن يسجد لله سجودا حقيقيا. كلمة "سجود" باللغة اليونانية التي كتب بها العهد الجديد (بروسكونيو), تعني يقدم الاحترام, يجثو, يسقط على وجهه, يجثو لله, يسجد (راجع مت2: 2و11) السجود هو شيئا عظيما لابد أن يقدم بوعي وتفكير وتعقل وانتباه وهو يتضمن التضحية والبذل. س70: ما هو الفرق بين الصلاة, الشكر, والسجود؟ ترد في كلمة الله كلمات يفهمها الكثيرون أنها مرادفات لكلمة واحدة لكنها في الواقع تختلف في معناها بعضها عن بعض, ومن ضمن هذه الكلمات:- 1- الصلاة : وهي في مفهومها البسيط الصلة بين المؤمن وأبيه السماوي, الشيء الذي يجب أن نتحلى به كل حياتنا. يوصينا الرب يسوع قائلا "...ينبغي أن يصلى كل حين ولا يمل..." (لو18: 1). ويجب أن لا نمارسها كروتين لكن "مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة..." (أف6: 18) الأمر الذي يتطلب منا الاختلاء بالرب والوجود قدامه. لقد قال الرب يسوع "...وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك واغلق بابك وصل إلى أبيك الذي في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية" (مت6: 6), ولنا الوعد من الرب "لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه" (مت6: 8و32و33). ويجب أن تكون صلواتنا كلها مرفوعة لله أبينا في اسم الرب يسوع المسيح, الذي قال "ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجد الآب بالابن. إن سألتم شيئا باسمي فإني أفعله" (يو14: 13و14). ويمكننا أن نقول أن الصلاة هي انشغال النفس بما تحتاجه. 2- الشكر : وهو فيضان القلب بالعبارات نتيجة الشعور المستمر بإحسان الرب ومعروفه, ولأن إحسان الرب دائم ومستمر وبركات الصليب ونتائجه لم تنقطع, لذلك يقول لنا الروح القدس "شاكرين كل حين على كل شيء في اسم ربنا يسوع المسيح لله والآب" (أف5: 20) وأيضا "اشكروا في كل شيء. لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم" (1تس5: 18), كما أن الشكر دائما مرتبط بالصلاة, لأننا نطلب فنأخذ ونأخذ فنشكر "واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر" (كو4: 2), "لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله" (في4: 6). كما أن الشكر هو خدمة تقدم لله مثل أي خدمة أخرى. لقد قال كاتب رسالة العبرانيين للمؤمنين "لذلك ونحن قابلون ملكوتا لا يتزعزع ليكن عندنا شكر به نخدم الله خدمة مرضية بخشوع وتقوى" (عب12: 28). ويمكننا أن نقول أن الشكر هو انشغال النفس بما قد حصلت عليه من بركات. 3- السجود : وهو تحول القلب تماما عن ما نحن نحتاج وما نحن أخذنا, فالسجود ليس هو صلاة ولا هو شكر, بل هو انشغال القلب والفكر كلية بالرب وما هو فيه في ذاته. في مثل هذه الحالة لا يبقى أمام القلب والعين سوى الرب, فنستطيع أن نغرد به ونشبع بشخصه وتختفي الأنا ولا نجد إلا القول "...أنت أبرع جمالا من بني البشر. انسكبت النعمة على شفتيك..." (مز45: 2), وأيضا "كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبي بين البنين تحت ظله اشتهيت أن أجلس وثمرته حلوة لحلقي. أدخلني إلى بيت الخمر وعلمه فوقي محبة...حلقه حلاوة كله مشتهيات" (نش2: 3- 5: 10-16). في اجتماع كسر الخبز مع أننا نشعر بالإحسان الإلهي الذي وصل إلينا نتيجة عمل الرب المبارك من خلال موته على الصليب, فتفيض قلوبنا بالشكر لمعبود قلوبنا ربنا يسوع المسيح, لكن هذا ليس هو الهدف الأساسي فقط لهذا الاجتماع الذي أوصانا الرب فيه بالقول "اصنعوا هذا لذكري", بل أيضا في هذا الاجتماع لا يكون أمامنا ولا يشغلنا سوى الرب يسوع وحده وموته عل الصليب وقيامته وصعوده إلى بيت الآب وجلوسه في يمين العظمة في الأعالي ووجوده هناك لحسابنا ومجيئه, فكل العبارات الخارجة من قلوبنا هي عنه وليس عن شيء آخر غيره. لا ننشغل بما نحن نحتاج ولا بما أخذنا بل بما هو في ذاته. أعطي مثلا لذلك: حين يقال"يا رب خلص نفسي", فهذه صلاة, وحين يقال "شكرا لك يا رب لأنك خلصتني" فهذا شكر, ولكن حين يقال "شكرا يا رب من أجل ذاتك" فهذا سجود. فالسجود شيء مقدم منا لله كاعتراف إرادي لتقديرنا العميق لما هو, ولكل ما صنع. س71: ما الفرق بين الخدمة والسجود؟ الفرق بين السجود والخدمة ببساطة هو أن الخدمة هي ما ينزل إلينا من الآب بواسطة الابن في قوة الروح القدس وعن طريق الآلات البشرية التي يعطيها الله مواهب لهذا الغرض, ولكن السجود هو ما يصدر إلى فوق من المؤمن إلى الآب بقوة الروح القدس وبواسطة الابن, فالخدمة هي ما ينزل من عند الله لنا, بينما السجود هو ما يصعد من عندنا لله. س72: يذكر عن الرب يسوع أنه "أخذ الخبز وبارك وأعطى التلاميذ" (مت26: 26, مر14: 22), ويقول الرسول بولس "كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح" (1كو10: 16), هل يفهم من ذلك أنه بعد الشكر على الخبز والكأس يباركان حتى أننا من خلال الأكل والشرب نأخذ بركة, وإلا فما معنى كلمة "بارك" الواردة في هذا العدد؟ من دراستنا للأعداد الخاصة بصنع الرب العشاء لتلاميذه, نرى أن كلمة "بارك" تعطي ذات المعنى لكلمة "شكر" فلقد قال البشير لوقا في ذات الموضوع "وأخذ خبزا وشكر وكسر وأعطاهم" (لو22: 19) ويقول الرسول بولس عن الحق الذي تسلمه من الرب بخصوص هذا العشاء "إن الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا وشكر فكسر وقال..." (1كو11: 23). ومن هنا لا يكون الرب يسوع أودع بركة في الخبز بل شكر لأجلها. ومن الملاحظ أنه لم يذكر أن الرب "بارك الخبز" بل قال "بارك" فقط, ويفهم من ذلك أنه "بارك الله" وبمعنى آخر "شكر الله". لقد قال داود "باركي يا نفسي الرب" (مز103: 1) وهي تعني ما ذكرناه "اشكري يا نفسي الرب". أما بخصوص القول "كأس البركة التي نباركها" فلقد خص الرسول بولس الكأس بالمباركة دون الخبز, الذي قال عنه "الخبز الذي نكسره", واعتقد أنه ليس من المعقول أن تكون الكأس مباركة دون الخبز, إذ أنهما تذكار واحد للرب يسوع, وهذا يؤكد أن كلمة "بارك" تعني "شكر" وأن "كأس البركة" لا يراد بها إلا "كأس الشكر". س73: ما هي نوع الصلاة التي تقدم لله عند القيام بعشاء الرب؟ إن الصلاة التي يجب أن تقدم لله عند القيام بالعشاء الرباني يجب أن تكون شكر وسجود يقدم من القلب للرب, مع ملاحظة أن مجال الشكر في هذه المناسبة واسع الأرجاء, فيمكننا ونحن حول العشاء نتأمل الرب في سجاياه وكماله وروعة صفاته وعظمة شخصه وتجسده وكمال ناسوته وغنى نعمته وروعة تعامله مع البشر وموته على الصليب وقيامته واتحاده بالكنيسة كعروسه ومجيئه السعيد لاختطافها, وغيرها من البركات الروحية العظيمة التي أصبحت لنا. كل هذه الأمور عندما نتأملها بعمق تفيض قلوبنا قبل أفواهنا بالشكر للرب. كما أنه يجب أن يقترن سجودنا وشكرنا بالتسبيح كما فعل الرب يسوع مع تلاميذه (مت26: 26-30). إن الرب لم يطالبنا في مثل هذه المناسبة أن نصلي لأجل الخطاة والضالين والمرضى والمتألمين والحزانى والفقراء والأرامل والأيتام أو غيرهم من ذوي الاحتياجات الكثيرة, الشيء الذي يمكننا أن نمارسه في اجتماعات الليالي خلال أيام الأسبوع (1تي2: 1و2, مت5: 44). إنه يطالبنا بالقول "اصنعوا هذا لذكري" فهو موضوع الشكر والسجود, ويجب أن لا ننشغل بأي شيء آخر سوى شخصه المحب الكريم, ويجب أن تتركز أفكارنا كلها في شخصه الكريم ومحبته وعمله الفدائي على الصليب فنستطيع أن نسكب طيبنا الكثير الثمن على قدميه حتى وإن تذمر أو اعترض علينا المدعون أنهم يهتمون بالفقراء والمحتاجين (يو12: 1-8). س74: لقد ذكر في الكتاب المقدس أن الرب يسوع أخذ خبزا وشكر وكذلك الكأس, فلماذا لم تذكر كلمات الشكر التي نطق بها؟ إنه لأمر يفرح القلب لو ذكر لنا الروح القدس كلمات الشكر التي تكلم بها الرب يسوع في شكره لأجل الخبز وأيضا لأجل الكأس فإننا كنا حفظناها ورددناها في كل مرة نمارس فيها العشاء الرباني, لكن لحكمة إلهية فائقة وعجيبة لم تذكر هذه الكلمات نهائيا. يبدو أن الروح القدس لم يسجلها حتى لا نستخدمها نحن في كل مرة فيها نصنع العشاء بحجة أن الرب نطق بها فتصير عبادتنا روتينية شكلية آلية بعيدة عن قيادة الروح القدس. إن العبادة في العهد الجديد هي عبادة روحية, مصدرها ليس ما حفظناه من عبارات وصلوات رفعها قديسون أفاضل حتى وإن كانت رائعة, بل مصدرها الروح القدس وحده, فهو الذي ينشئها في كل مرة جديدة بما يتناسب مع جو الاجتماع "الله روح. والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" (يو4: 24). يجب أن نلاحظ أن العبادة المسيحية في العهد الجديد تختلف كل الاختلاف عن العبادة اليهودية التي كانت في العهد القديم, فالعبادة اليهودية كانت طقسية تمارس بالجسد والحواس البشرية, فالعين كانت ترى المذبح والذبيحة, واليد كانت تلمس كلا منهما, والأنف كانت تشم البخور. أما العبادة المسيحية فهي عبادة روحية, أي تمارس بالروح نتيجة إدراك واعي بالإيمان عن الرب يسوع والعمل الجليل الذي تممه من خلال موته على الصليب والفوائد الروحية التي أخذناها نتيجة لهذا العمل, الذي بسببه ينشئ الروح القدس شكرا وسجودا للرب. مع ملاحظة أمر هام وهو أن المسيحية ليست هي امتداد لليهودية, ولم تتطور اليهودية إلى المسيحية أبدا, ولذلك فالعبادة في العهد الجديد ليست هي النطق بصلوات محفوظة صلى بها الرب يسوع أو أي شخص آخر بل هي تشكرات وصلوات ينشئها الروح القدس, فهي عبادة عقلية لا شكلية (رو12: 1). س75: هل هناك نظام معين للعبادة في اجتماع كسر الخبز؟ كثيرا ما يميل البشر في عباداتهم إلى النظام الذي يتفق مع رغباتهم وميولهم, أما العبادة المسيحية الصحيحة فهي مرتبطة بالمرسوم الإلهي الذي أعلنه في كلمته المباركة والتي نذكر البعض منها:- ¨ أولا : إن العبادة في العهد الجديد ليست كما كانت في العهد القديم تحت نظم وفرائض, لكنها في وضع جديد يخضع خضوعا مطلقا لقيادة الروح القدس. لقد قال الرب للمرأة السامرية "يا امرأة صدقيني إنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب...ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيين يسجدون للآب بالروح والحق. لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" (يو4: 23و24) ففي كل الاجتماعات وعلى رأس القائمة اجتماع كسر الخبز ينبغي أن تكون كل الجماعة مجتمعة باسم الرب وتحت رياسته وقيادة وإرشاد الروح القدس. ¨ ثانيا : اجتماع كسر الخبز هو وليمة تشكرات, فيه يسكب المؤمنون طيب تشكراتهم للرب الذي أوصى قائلا "اصنعوا هذا لذكري", وكل ما هو مطلوب في هذا الاجتماع هو رغيف خبز واحد وكأس واحدة فيها من نتاج الكرمة, ولا يوجد تدبير لخادم معين للقيام بما هو لازم لعشاء الرب, ولا يوجد طقس خاص أو نظام معين للخدمة والعبادة, بل يجتمع المؤمنين باسم الرب وحول عشاءه لتقديم السجود له ويمارسونه معا في بساطة متناهية, وهم متأكدون من حضوره الإلهي يحسب وعده الصادق "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20) معلنين خضوعهم الكامل له ولقيادة روحه القدوس. ¨ ثالثا : يبدأ الاجتماع في التوقيت المتفق عليه من كل المؤمنين ولنتعلم الدرس من الرب يسوع الذي كتب عنه "ولما كانت الساعة اتكأ يسوع والاثنا عشر رسولا معه" (لو22: 14). لنلاحظ القول "ولما كانت الساعة" بمعنى في التوقيت المتفق عليه ما بين الرب يسوع وتلاميذه, وأيضا القول "اتكأ" أي جلس بارتياح دون أدنى مشغولية بأي شيء, مع أنه كان يوجد ما يشغله ولا سيما أنه الرب العالم بكل شيء, وهو يعلم بكل ما يأتي عليه من كافة أنواع الألم بكل صورها المتعددة (يو18: 4) لكنه اتكأ مع الاثني عشر. ومن هنا نتعلم بعض المبادئ الروحية الصحيحة اللازمة في اجتماع كسر الخبز:- 1- الوجود في محضر الرب في الميعاد المتفق عليه ويستحسن قبل الميعاد ولو بدقائق وقبل أن يبدأ الاجتماع ليتمكن كل واحد من العابدين أن يسكن قلبه قدام الرب, ويهدئ نفسه في محضره, ليفسح المجال للروح القدس ليقود الكنيسة في عبادة الرب, وهكذا يكون كل واحد من المؤمنين في الوضع الصحيح الذي يريده الرب فلا يحدث تسرع واندفاع ولا يحدث تباطؤ في طاعة الروح القدس. لنلاحظ القول "مع الاثني عشر" بمعنى أن جميعهم كانوا موجودين في الميعاد. 2- الوجود في محضر الرب دون أدنى مشغولية أو ارتباك بأي شيء في الخارج أو في الداخل سواء في أمورنا الشخصية أو الأمور المتعلقة بنظام العبادة أو الانشغال بالعابدين. 3- الرغبة الصادقة والاشتهاء من القلب لصنع الذكرى, وإلا وجدنا في محضره في جمود الشيء الذي لا يريد الرب أن نكون فيه. لقد قال الرب "شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم" (لو22: 15). ¨ رابعا : يبدأ التسبيح والسجود من المؤمنين تحت قيادة الروح القدس إلى أن يحين الوقت الذي فيه يقود الرب من يشكر لأجل الخبز وبعد أكله يشكر أيضا لأجل الكأس ثم يتقاسمها المؤمنون معا, ثم بعد ذلك خدمة الكلمة والعطاء ويجب أن يكون كل شيء خاضعا خضوعا مطلقا لقيادة الروح القدس. س76: هل يجوز الشكر على الخبز والكأس مرة واحدة اختصارا للوقت؟ أم يجب الشكر على الخبز ثم بعد ذلك الشكر على الكأس؟ لا يمكننا أن نجيب على هذا السؤال من أفكارنا الباطلة العقيمة ولا من استحساننا البشري وإلا ضاع جمال وروعة الحق الذي تعلمنا إياه كلمة الله, لهذا السبب يجب أن نلتزم بكلمة الله والطريقة التي مارس تلاميذ الرب بها العشاء كما صنعها لهم الرب وكما دونها لنا الروح القدس في البشائر وكما علم بها في الرسائل. جاء في بشارة متى عن كيف مارس تلاميذ الرب العشاء بالكيفية التي صنعها لهم, هذا القول "وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي, وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم" (مت26: 26و27), مع ملاحظة أن كلمة بارك التي قيلت بالارتباط بالخبز هي ذات كلمة شكر التي قيلت عن الكأس, وذات القول ورد أيضا في بشارة مرقس ( مر14: 22و23), أما البشير لوقا قال عن الرب "وأخذ خبزا وشكر وكسر وأعطاهم...وكذلك الكأس أيضا بعد العشاء..." (لو22: 19و20) وعبارة "وكذلك الكأس أيضا" تفيد أن ما فعله لأجل الخبز فعله بنفس الكيفية لأجل الكأس. وفي التعاليم التي سلمها الرب بخصوص ممارسة عشاء الرب للرسول بولس والذي بدوره سلمها للكنيسة كما يقول "لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا" (1كو11: 23) يقول فيها "إن الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا وشكر فكسر وقال خذوا كلوا...كذلك الكأس أيضا بعد ما تعشوا قائلا هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي..." (1كو11: 23-25). فالخبز والكأس مادتان منفصلتان كل منهما يشير إلى شيء يختلف عن الآخر فالخبز يشير إلى جسد الرب الذي بذله لأجلنا مرة واحدة على الصليب, والكأس تشير إلى دمه الثمين الذي سفكه لأجلنا, وللتميز بينهما كان لابد أن يكون الشكر لأجل كل منهما على حدة وهذا ليس مضيعة وقت لكنها في غاية الانسجام المتوافق مع السجود المستمر في فرصة العبادة هذه. س77: هل يجوز تكسير الخبز قبل الشكر؟ وأن كان بعد الشكر. فلماذا؟ لا يجوز تكسير الخبز قبل الشكر, بل بعد أن يعبد المؤمنون الرب, ويقوم من يشغله الروح القدس بالشكر على الخبز ثم يكسره ليوزع على المؤمنون ليأكلونه, وذلك للأسباب التالية:- 1- هذا ما فعله الرب يسوع مع التلاميذ, إذ يذكر عنه أنه "أخذ خبزا وشكر وكسر وأعطاهم" (لو22: 19), لم يقل أخذ خبزا وكسر وشكر بل العكس شكرا أولا ثم كسر فالشكر أولا ثم الكسر. 2- ويقول الرسول بولس بالروح القدس "الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح, فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واجد لأننا جميعنا نشترك في الخبز ( الرغيف ) الواحد" (1كو10: 16و17) ولذلك يجب أن يكون أمام العابدين رغيفا واحدا صحيحا لا يكسر إلا بعد الشكر رمزا لوحدة جسد المسيح الذي هو الكنيسة كما سبقت الإشارة. 3- في اجتماعات المؤمنين معا لعبادة الرب وصنع الذكرى الغالية التي أوصى بها الرب يسوع وأمامهم الرغيف الواحد الصحيح غير المكسور إنما يعلنوا ويقروا أمام كل الحاضرين معهم من بشر وملائكة قائلين "لأننا جميعنا بروح واحد أيضا اعتمدنا إلى جسد واحد يهودا كنا أم يونانيين عبيدا أم أحرارا وجميعنا سقينا روحا واحدا" (1كو12: 13) , وبذلك نبرهن ونزين القول "وأما أنتم فجسد المسيح" (1كو12: 27), وبعد الشكر وفي أثناء اشتراكنا فيه كل واحد بدوره إنما نعلن أننا "أعضاءه أفرادا" (1كو12: 27). س78: هل من الممكن أن يقوم بالشكر لأجل الخبز والشكر لأجل الكأس أخان من العابدين وليس أخ واحد؟ ولماذا؟ يوجد مدرستان, لكل مدرسه رأيها الخاص في إجابة هذا السؤال:- المدرسة الأولى تقول: إن العهد الجديد لم يذكر لنا أن المؤمن الذي يشكر لأجل الخبز لابد له أن يشكر على الكأس أيضا, بانين قولهم على الأسباب التالية:- · وإن قلنا أن الرب يسوع شكر على الخبز والكأس كل على حده, وإن كان هذا حقيقيا, لكن علينا أن نفهم أن الأخ الذي يشكر على الخبز لا يتجاسر أن يأخذ مكان الرب يسوع, ويتحتم عليه أن يشكر على الكأس أيضا, ونحن نعلم أيضا أن هذا العمل إذا تكرر يصبح عادة, فيصير تقليدا جامدا بمرور الزمن, لذا يجب عدم التقيد بخصوص من يشكر على الخبز أو الكأس إذ يترك هذا الأمر إلى مشغولية أي أخ بعمل الروح القدس سواء كان الشكر على الخبز أو الكأس أو كليهما. · إن الرب يسوع شكر على كل من الخبز والكأس لأنه هو الرأس, لذلك وهو يصنع الأساس لهذه الوصية للمرة الأولى كان من المحتم عليه أن يقوم بنفسه بالشكر على كل من الخبز والكأس اللذين يشيران إلى جسده ودمه, الأمر الذي شرحه الرسول بولس عندما قال: "فإني تسلمت من الرب ما سلمتكم", فهو بهذا سلم تلك الوصية للمؤمنين كأعضاء في الجسد, فما يقوم به العضو بقيادة من الرب رأس الكنيسة يصادق عليه باقي الأعضاء بكلمة آمين, لذا نكرر أنه ليس من الخطأ أن يشكر أحد المؤمنين على كل من الخبز والكأس على التوالي, ولكن الخطأ هو الإصرار على هذا الأمر فيصبح بذلك ترتيبا جامدا لا يمكن الخروج عنه. · وباعتبار كل المؤمنين أعضاء في جسد واحد ألا وهو كنيسة الله الحي كما تعلمنا كلمة الله "وأما أنتم فجسد المسيح وأعضاؤه أفرادا" (1كو12: 27), فكل عضو يكمل الآخر, وهذه الأعضاء متحدة بعضها ببعض وجميعها متحدة بالمسيح الرأس, والرب باعتباره الرأس له الحق أن يقود بالروح القدس الأعضاء كيفما يشاء. فإن قاد الرب عضوا من أعضاء جسده للشكر لأجل الخبز ثم قاد ذات العضو للشكر أيضا لأجل الكأس فهذا شيء رائع, وإن قاد عضو من أعضاء الجسد للشكر لأجل الخبز وقاد عضوا آخر للشكر لأجل الكأس فهذا أيضا شيء رائع, فجميع الأعضاء تهتم اهتماما واحدا بعضها لبعض (1كو12: 25), "...هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح وأعضاء بعضا لبعض كل واحد للآخر" (رو12: 5), ولا يوجد في كل كنيسة الله إلا رأس واحد ألا وهو الرب يسوع المسيح. · إننا نسأل, ماذا يحدث في حال أن الذي شكر لأجل الخبز بقوة الروح القدس وتحت قيادته, شعر بالفراغ وعدم المقدرة على الشكر لأجل الكأس؟ هل يقوم بالشكر لأجل الكأس بالجسد أم ينتظر عضوا آخر ليقوده الروح القدس فيقوم بالشكر على الكأس وهكذا الواحد منا يكمل الآخر؟ والمدرسة الثانية تقول: لا يجوز تقديم الشكر من اثنين على عشاء الرب أحدهما يشكر على الخبز والآخر يشكر على الكأس, بانين هذا الفكر على الأسباب التالية:- · إن عشاء الرب هو عشاء واحد حتى ولو كان مكون من خبز وكأس, وأن كنا نفصلهما عن بعض في أثناء الممارسة ذلك لأننا نذكر موت الرب لا حياته, فالخبز يذكرنا بجسده الذي بذله على الصليب والكأس يذكرنا بدمه الكريم الذي سال على الصليب, لكن لكوننا نذكر الرب نفسه في العشاء بناء على قوله "اصنعوا هذا لذكري" لذلك يعتبر الخبز والكأس شيئا واحد, لذلك يجب أن يقدم الشكر من واحد لا اثنين. · من الممارسة التي قام بها المسيح مع التلاميذ في الليلة التي أسلم فيها, أخذ خبزا وشكر وهو نفسه أخذ الكأس وشكر, ونحن نعتقد أننا نجانب الصواب إذا اتبعنا المثال الذي أعطاه لنا الرب ومن المؤكد هذا يسر قلبه الكريم. لقد ورد عن موسى مرارا وتكرارا عندما عمل خيمة الاجتماع "ففعل موسى بحسب كل ما أمره الرب هكذا فعل" (خر39و40) · إن الوقت ما بين الشكر على الخبز والشكر على الكأس هو وقت انحصار وتأمل في الرب بالروح القدس, في أثناءه يشترك المؤمنون في أكل الخبز ومن ضمنهم من قاده الرب للشكر على الخبز, فهو أيضا في قوة الشركة وروح السجود وبالتالي يمكنه الشكر على الكأس. · إن من يقوم بالشكر لأجل الخبز ينوب عن كل الجماعة المجتمعة حول الرب, فليس من الصواب أن ينوب عن الجماعة اثنين, واحد يشكر لأجل الخبز والآخر يشكر لأجل الكأس, ونحن نعلم أننا ككنيسة نمثل جسد واحد لا اثنين. س79: هل يمكننا أن نرنم أو نصلي في ما بين أو أثناء ممارسة كسر الخبز وشرب الكأس؟ ليس من الحكمة الروحية ولبس من الصواب وكذلك لم تقرره كلمة الله أن نرنم أو نشكر أثناء أكل الخبز أو أتناء شرب الكأس وكذلك ما بين الشركة في الخبز والكأس وذلك للأسباب التالية:- 1- لم يرد في الأناجيل عن الرب عندما مارس تلاميذه العشاء الذي صنعه لهم بنفسه أنهم رنموا أو سبحوا أثناء أكلهم الخبز أو أثناء شربهم الكأس أو بينهما, لكن يذكر أنه "وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا. هذا هو جسدي. وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم" (مت26: 26و27). لم ترد كلمة أو عبارة واحدة تشير من قرب أو بعد أنهم صلوا أو سبحوا أثناء ممارستهم للعشاء. 2- لم يذكر الرسول بولس في التعليم الذي تسلمه من الرب بخصوص ممارسة عشاء الرب أية عبارة فيها توصية من قريب أو بعيد بأن يصلى أو يسبح أثناء أكل الخبز أو شرب الكأس أو بينهما بل أعاد ما فعله الرب في الممارسة الفعلية التي صنعها لتلاميذه قبل أن يصلب (1كو11: 23و24). 3- اجتماع كسر الخبز هو أساسا للتأمل في الرب وتقديم الحمد والتسبيح له من أول الاجتماع إلى آخره, وأثناء أكل الخبز والكأس يكون الفكر منشغل تماما بالتأمل في شخص الرب وعمله, فليس من اللياقة الروحية أن يقطع التأمل وانحصار الفكر بالرب وعمله من خلال ترنيمة أو صلاة, بل يجب أن يستمر العابدين منشغلين بالرب صاحب الذكرى بدون أدنى تشويش. 4- إن كان اجتماع كسر الخبز كله وليمة تشكرات وتسبيح اشتركت في تقديمها كل الجماعة للرب لوقت كاف كما أعطاهم الروح القدس, فما هو الضرورة للتسبيح أثناء الممارسة ذاتها والتي فيها يكون العابدين في حالة من التأمل بخشوع وسجود القلب؟ س80: إذا كان لم يذكر أن الرب والتلاميذ لم يسبحوا ويرنموا أثناء ممارسة العشاء بين كسر الخبز والكأس كما ذكرتم, فكيف نرنم ونسبح قبل ممارسة العشاء إذ لم يذكر أيضا في ممارسة العشاء في العلية؟ إن اجتماع كسر الخبز هو اجتماع فيه نذكر الرب كما أوصانا "اصنعوا هذا لذكري" ولكوننا نذكره شخصا وعملا فلابد من فيضان القلب بالسجود لشخصه المبارك وهذا ما تعبر به الجماعة المجتمعة حوله وإلى اسمه. في هذا الاجتماع جدير بنا أن نقدم له ذبائحنا التي تعبر عن امتنانا وشعورنا بإحسانه الإلهي ومن ضمن هذه الذبائح:- 1- ذبيحة الحمد "ذابح الحمد يمجدني" (مز50: 23). 2- ذبيحة التسبيح "فلنقدم به لله في كل حين ذبيحة التسبيح أي ثمر شفاه معترفة باسمه" (عب13: 15). 3- ذبائح فعل الخير والتوزيع "ولا تنسوا فعل الخير والتوزيع لأنه بذبائح مثل هذه يسر الله" (عب13: 16). 4- تكريس الحياة للرب "فأطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية" (رو12: 1). ومن المؤكد ونحن حول الرب لابد لنا أن نقدم هذه الذبائح الروحية. يقول الرسول بطرس بالروح القدس "كونوا أنتم أيضا مبنيين كحجارة حية بيتا روحيا كهنوتا مقدسا لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح" (1بط2: 5و6). ويجب أن نلاحظ أن الرب عندما صنع العشاء لتلاميذه كان في ليلة الفصح اليهودي, وبعد أكل الفصح, ونحن نعلم أنه لا يوجد في الكتاب المقدس تصريح واضح بالتسبيح في أكل الفصح اليهودي. ثم أن عشاء الرب كان مرحلة انتقالية من عهد إلى عهد ومن وضع إلى وضع, من الناموس إلى النعمة ومن البركات الأرضية إلى البركات الروحية السماوية, ومن الذبائح الحيوانية إلى الذبيح العظيم ربنا يسوع المسيح الذي قدم نفسه لله بلا عيب, لذلك لم يذكر بعد هذا العيد أنه صنع فصح آخر لأن "فصحنا المسيح قد ذبح لأجلنا" (1كو5: 8). ومن الملاحظ أيضا أنه في نهاية ممارسة العشاء وقبل أن يخرجوا يذكر عنهم أنهم "سبحوا ثم خرجوا". ولأننا نحن الآن نجتمع إلى اسم الرب يسوع المبارك لنذكره ونتذكره فلابد أن نسبح ونحمد شخصه "حسن هو الحمد والترنم لاسمك أيها العلي" (مز92: 1). س81: هل من الممكن لشاب حديث الإيمان ومشترك على عشاء الرب أن يقود الجماعة في العبادة أو يشكر على عشاء الرب في حال وجود شيوخ الكنيسة؟ كنيسة الله الحي إجمالا تتكون من رجال وسيدات وتفصيليا تتكون من شيوخ وعجائز وأحداث وحدثات (تي2: 2-6), ولا يوجد فرق بين عضو وعضو لأننا كلنا نكون جسد واحد للمسيح, لكن لكل واحد مكانه في كنيسة الله بحسب الترتيب والنظام الإلهي, فمثلا جميعنا اخوة وأخوات متساوون في الخلاص والبركات الروحية (غلا3: 27و28), لكن من ترتيب الله في محضره أوصى أن تصمت المرأة في الكنيسة (1كو14: 34) وكذلك أوصي الأحداث بالخضوع للشيوخ, وأوصى الشيوخ أن يرعوا رعية الله (1بط5: 1-5). فالموضوع ليس في أن هذا شاب وذاك شيخ, بل في من هو أكثر خبرة في أمور الله ولديه مقدرة روحية لتمييز قيادة الروح القدس في الاجتماع. فحديث الإيمان يحتاج إلى تدريب, وكطفل في الإيمان يحتاج إلى لبن "وكأطفال مولودين الآن اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكي تنمو به" (1بط2: 2), والذي يتناول اللبن يذكر عنه "لأن كل من يتناول اللبن هو عديم الخبرة في كلام البر لأنه طفل, وأما الطعام القوي فللبالغين الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدربة على التمييز بين الخير والشر" (عب5: 13و14). إن الذين آمنوا في بداية تأسيس الكنيسة في يوم الخمسين يذكر عنهم الروح القدس أنهم "كانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات" (أع2: 42). لنلاحظ أن أول كل شيء أنهم "كانوا يواظبون علي التعليم" الذي يعطي نمو روحي وإدراك متزايد ونضوج وتمرن وتمييز روحي يؤهلهم بعد ذلك لتحمل المسؤولية التي تنسب إليهم من الروح القدس. من الناحية البشرية العملية لا يمكننا أن نسند لطفل أعمال عظيمة, العبث بها يتسبب في عواقب جسيمة, لكن يمكن أن نسند إليه نفس الأشياء متى كبر وصار كفء لتحمل المسئولية, هكذا أيضا يواصل الروح القدس عمله في الكنيسة لنمو من فيها وبالتالي يستخدم كل واحد بحسب نموه وما وصل إليه من نور. فقيادة الاجتماع تتطلب اخوة مدركين ومميزين, أما الشكر فكل واحد منا شيوخ وشبان مطالبين بتقديم الشكر والسجود للرب بحسب قيادة الروح القدس وعلى قدر ما يعطي من كلامات الحمد للرب. س82: هل يجوز للمرأة أن تشكر أو تصلي أو تقدم سجود للرب أو تعطي تأمل في اجتماع كسر الخبز؟ لا يمكننا التحدث في أي موضوع إلا بعد العودة إلى كلمة الله الحية الفعالة لنرى ماذا تقول؟: "لأن الله ليس إله تشويش بل إله سلام. كما في جميع كنائس القديسين. لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذونا لهن أن يتكلمن بل يخضعن كما يقول الناموس أيضا. ولكن إن كنا يردن أن يتعلمن شيئا فليسألن رجالهن في البيت لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة. أم منكم خرجت كلمة الله أم إليكم وحدكم انتهت. إن كان أحد يحسب نفسه نبيا أو روحيا فليعلم ما أكتبه إليكم أنه وصايا الرب. ولكن إن كان يجهل أحد فليجهل" (1كو14: 33-38). من الكلام السابق يتضح لنا أن المرأة لا يجوز لها أن تتكلم في كنيسة. إن هذا التعليم ليس من عند الناس بل هو ما تعلمنا إياه كلمة الله:- 1- من العدد الثالث والثلاثين نفهم أن الله ليس إله تشويش بل إله سلام, وبالتالي لا يمكن أن يتحول محضره إلى ساحة من الفوضى والتشويش وإلا لا يمكننا أن نقول أن الروح القدس هو المسيطر. 2- من المعروف أن تقسيم الكلام إلى أعداد, وعلامات الوقف في العهد الجديد, أضيفت بعد كتابة النسخ الأصلية بقرون. فالعبارة الأخيرة من العدد الثالث والثلاثين تعطي معنى أعظم لممارسة الكنيسة في العدد الرابع والثلاثين إذا تقر بحضور الرب في كل كنائس القديسين. 3- هذه التعليمات لا يقدمها الروح القدس من خلال الرسول بولس للكنيسة التي في كورنثوس لوحدها, بل وجهها أيضا إلى جميع كنائس القديسين. فالفكر المغلوط القائل بأن ما تحدث به الرسول بولس هو حالة خاصة بالكنيسة التي في كورنثوس لا أساس له. فالرسالة أساسا لم تكتب لكنيسة الله التي في كورنثوس فقط, بل وأيضا "...مع جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان لهم ولنا" (1كو1: 2). أن شهادة العهد الجديد هي أن للنساء العديد من الخدمات الرائعة, لكن لا يسمح لهن أن يمارسن خدمات عامة متى اجتمعت الكنيسة كلها. إن أفضل الخدمات التي تقدمها النساء هي أن تربي أولادها للرب تربية حسنة, وأن تهتم بترتيب بيتها, وتخلق فيه جو مريح ومنعش لأهل بيتها وللغرباء (1تي5: 10). لكن غير مسموح لهن أن يتكلمن علنا في الكنيسة, حيث أن مركزها مركز الخضوع للرجل. 4- بالنسبة للعبارة "كما يقول الناموس أيضا" فهي تعود إلى خضوع المرأة للرجل. هذا ما يعلمه الناموس, وبه يقصد بصفة خاصة أسفار موسى الخمسة. فسفر التكوين مثلا يقول "إلى رجلك يكون اشتياقك. وهو يسود عليك" (تك3: 16). يظن البعض أن الرسول بولس كان يقصد بعبارة "لتصمت نساؤكم" منع النساء من الثرثرة وكثرة الكلام في أثناء الاجتماع, وهذا الظن ليس صحيحا لأن الكلام السابق يفسره اللاحق. 5- في العدد الخامس والثلاثين نرى أنه غير مسموح للنساء أن يسألن الأسئلة علنا في الكنيسة, ولكن إن كنا يردن أن يتعلمن شيئا فليسألن رجالهن في البيت. إن بعض النساء يحاولن الهروب من المنع المذكور سابقا والخاص بكلام المرأة في الكنيسة , وذلك بالأسئلة, حيث من الممكن التعليم بطريقة السؤال, فهذه العبارة تغلق الطريق تماما أمام أي ثغرة أو أي اعتراض من هذا القبيل. وإن جاز السؤال كيف يطبق هذا الكلام على غير المتزوجات وأيضا الأرامل؟ فالجواب هو أن كلمة الله لا تأخذ كل حالة على حدة, بل تضع المبادئ العامة. فغير المتزوجة فبإمكانها أن تسأل والدها أو أخاها أو أحد شيوخ الكنيسة. وعلى أية حال تبقى القاعدة الأساسية التي يجب أن لا تنس "قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة". 6- طبيعة الإنسان لا تقبل الحق بسهولة وببساطة, وأن ما كتب بخصوص هذا الصدد هو منشأ للتساؤل والنزاع, ولذلك يسأل الرسول بولس المؤمنين في كورنثوس قائلا: "أم منكم خرجت كلمة الله؟ أم إليكم وحدكم انتهت". 7- فوق كل هذا فإن الرسول بولس يؤكد في العدد السابع والثلاثين أن هذه التعاليم ليست هي من أفكاره الشخصية أو تفسيراته الخاصة, بل هي "وصايا الرب", وأن من يحسب نفسه نبيا للرب أو روحيا يعترف أن هذه هي الحقيقة. وهذا يعتبر أفضل جوابا على الذين يقولون أن هذه هي أراء الرسول بولس الخاصة من جهة النساء وأنه كان متحاملا عليهن. فهذه ليست أراء الرسول لكنها وصايا الرب. 8- يختم الرسول بولس هذه الأقوال بالقول "ولكن إن يجهل أحد فليجهل" (ع38) بمعنى إن رفض أحد أن يعترف أن هذه هي وصايا الرب وينحني أمامها بخضوع, فلا يبقى له بديل سوى الاستمرار في الجهل. البعض يتخذ من هذه الأقوال "وأما كل امرأة تصلي أو تتنبأ ورأسها غير مغطى فتشين رأسها..." (1كو11: 5) حجة بإمكانية تعليم المرأة في الكنيسة. ونقول لمثل هؤلاء: لو كان هذا العدد هو العدد الوحيد في الكتاب المقدس الذي يتكلم عن هذا الموضوع, لفهمنا أنه من الممكن للمرأة أن تصلي أو تتنبأ في الكنيسة إن كان على رأسها غطاء. لكن الروح القدس يعلم كما مر بنا, أن المرأة يجب أن تصمت في الكنيسة (1كو14: 34), وأيضا يقول الرسول بولس "لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع. ولكن لست آذن للمرأة أن تعلم ولا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت. لأن آدم جبل أولا ثم حواء. وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي" (1تي2: 11-14). لقد طلب الرسول بولس من الرجال وليس من النساء أن يصلوا في كل مكان رافعين أيادي طاهرة بلا غضب ولا جدال (1تي2: 8). أما بالنسبة للمرأة فطلب أن تصمت في الكنيسة, لكن يمكنها أن تصلي بصوت مسموع أو تتنبأ (تعظ) في اجتماع الأخوات أو الشابات (تي2: 3-5). مع ملاحظة الأسباب المذكورة التي دعت إلى ذلك:- أولا: لأن آدم جبل أولا ثم حواء. ثانيا: لأن آدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي. س83: لماذا تضع المرأة غطاءا على رأسها أثناء الاجتماع؟ عندما نقول أن المرأة لا تصلي أو تتكلم في كنيسة وتغطي رأسها ألا يعتبر هذا سلبا لحريتها واحتقارا لها؟ هذا السؤال من الأسئلة الهامة والحساسة. وقبل أن نخوض في هذه الحقيقة نود أن نشير أولا وقبل كل شيء إلى أن غطاء الرأس هو مجرد علامة خارجية, وأن قيمته تتجلى فقط عندما يكون علامة خارجية لنعمة داخلية. بمعنى آخر: ما معنى أن تضع المرأة غطاء على رأسها, ولا تكون خاضعة لرجلها؟. في حالة كهذه ليس لغطاء الرأس أية قيمة. إن الأهم هو التيقن بأن القلب خاضع لحق كامل وليس لجزء منه, وعند ذلك يصبح للغطاء معنى. لقد خصص الرسول بولس جزءا من الأصحاح الحادي عشر لغطاء الرأس عند المرأة, ونحن نؤمن أن "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم..." (2تي3: 16). ومن الأشياء الملفتة للنظر, أنه بعد الكلام عن غطاء الرأس جاء الحديث عن عشاء الرب, بمعنى أن الرب قصد أن ينظم بيته قبل أن تجتمع الجماعة حوله لتسجد له وتصنع الذكرى التي أوصى بها. وللأسف نرى تضارب في الآراء في الأوساط المسيحية بخصوص غطاء الرأس للمرأة, فعلى الأقل نرى أربعة فئات:- الفئة الأولى: تقول أن هذا الكلام يخص أيام الرسول بولس فقط. الفئة الثانية: تقول إن هذه الأعداد تظهر تحامل الرسول بولس على النساء لأنه كان غير متزوج. الفئة الثالثة: وهي حديثة التفسير, تقول أن ملاك الكنيسة هو الراعي أو القسيس أو خادم الكنيسة وهو الذي يقرر بحسب ما يرى وهذا يفسر القول "من أجل الملائكة" هذا حسب زعمهم (1كو11: 10). الفئة الرابعة: وهم الذين يقبلون كلمة الله ويطيعونها بكل قلوبهم حتى ولو لم يدركوا كل ما فيها من تعليم. وبالتأمل في هذه الأعداد الخاصة بغطاء الرأس عند المرأة, نرى أن الرسول بولس يضع الأسباب التي دعت لوضع المرأة الغطاء على رأسها كالآتي:- 1- لقد أظهر الرسول أولا وقبل كل شيء حقيقة رائعة مبنية على أساسين, وهذه صفة كل مجتمع منظم, هما: السلطة والخضوع لتلك السلطة. ويذكر الرسول بولس ثلاث علاقات كبرى أساسها السلطة والخضوع وهي:- · رأس كل رجل هو المسيح. فالمسيح هو الرب والرجل يخضع له. · رأس المرأة هو الرجل. لقد أعطى الله الرجل مركز الرئاسة, والمرأة وضعت تحت سلطته, ولذلك يجب أن تخضع له. · رأس المسيح هو الله. يجب أن نؤكد أن الخضوع لا يعني أن الشخص الخاضع أقل رتبة أو مقاما من الشخص الخاضع له, فالمسيح يخضع لله الآب لكنه ليس أقل منه مقاما. هكذا أيضا المرأة ليست أقل من الرجل لخضوعها له. في هذا الجزء (1كو11: 2-16) لا يتحدث الرسول عن اجتماعات الكنيسة, ولذلك فإن التعاليم الخاصة بغطاء الرأس لا يمكن حصرها باجتماعات الكنيسة, فإنها واجبة التطبيق في أي وقت تصلي فيه المرأة أو تتنبأ. 2- كل رجل يصلي أو يتنبأ وله على رأسه شيء يشين رأسه, الذي هو المسيح. هذا معناه أن الرجل عندما يصلي ورأسه مغطى فهو لا يعترف أن المسيح هو رأسه, وهذا عيب وعار ولوم يأتي على المسيح. وأما كل امرأة تصلي أو تتنبأ ورأسها غير مغطى فتشين رأسها, الذي هو الرجل. هذا معناه أنها لا تعترف بأن الرجل هو رأسها, ولا تعترف برئاسته المعطاة له من الله وأنها لن تخضع لهذه الرئاسة, وفي هذه الحالة هي والمحلوقة شيء واحد بعينه. 3- إن رأس المرأة غير المغطى شائن لها كما لو كان شعرها مقصوصا. المرأة المحلوقة الشعر هي المرأة التي تسبى في الحرب وتذل في الخطية "إذا خرجت لمحاربة أعدائك ودفعهم الرب إلهك إلى يدك وسبيت منهم سبيا ورأيت في السبي امرأة جميلة الصورة والتصقت بها واتخذتها لك زوجة فحين تدخلها إلى بيتك تحلق رأسها وتقلم أظافرها" (تث21: 10-12). وهنا نرى أن حلق الشعر للمرأة صورة من صور العار والمذلة والخذي. ومن هنا يمكننا أن نقول أن الرسول في هذا المجال لم يوص أو يشجع على قص الشعر, بل يشير إلى العمل بمقتضى الالتزام الأدبي "إذ المرأة إن كانت لا تتغطى فليقص شعرها. وإن كان قبيحا بالمرأة أن تقص أو تحلق فلتتغط". 4- في الأعداد 7-10 يرجع الرسول بولس بنا إلى نظام الله من بدء الخليقة, وهذا ينفي الإدعاء القائل أن تعليم الرسول عن غطاء رأس المرأة هو ما كان مناسبا لأيامه فقط, ولا يمكن تطبيقه في هذه الأيام. نعود ونكرر إن رئاسة الرجل وخضوع المرأة هما ترتيب إلهي منذ البدء بالذات وهذا ما نراه كالآتي:- · إن الرجل "هو صورة الله ومجده", بينما "المرأة هي مجد الرجل". وهذا يعني أن الرجل أقيم على الأرض كممثل لله, ليمارس السلطان على الخليقة التي على الأرض والتي من ضمنها المرأة أيضا, ورأس الرجل غير المغطى هو شاهد صامت على هذه الحقيقة. لكن المرأة لم تعط هذا المركز ومقابل ذلك هي مجد الرجل, بمعنى أنها تبرز وتظهر سلطة الرجل. · كل جسد يعلن مجد رأسه, لذلك المسيح لما كان على الأرض كان كل قصده إعلان مجد الله باعتباره رأسه لذلك في نهاية خدمته على الأرض وقبل الصليب مباشرة قال للآب "أنا مجدتك على الأرض" (يو17: 4). كذلك الرجل لا ينبغي أن يغطي رأسه عندما يصلي, لأن ذلك معناه حجب مجد الله لأنه صورة الله ومجده, مما يعتبر إهانة لله ولجلاله. أما في حال عدم وضع الغطاء على رأس المرأة, فهذا إصرار منها عن إعلان وإظهار المجد البشري الباطل الممثل في رأسها الذي هو الرجل لأن المرأة هي مجد الرجل, والممثل أيضا في إرخاء شعرها الذي هو مجدها الشخصي (1كو11: 7و15), وبالتالي لا يمكن أن يعلن مجد الله في كنيسته, لأنه لكي يعلن مجده لابد أن يكون "على كل مجد غطاء" (إش4: 5). ومن هنا لزم الأمر أن تضع المرأة غطاءا على رأسها لإخفاء مجدها ومجد رجلها. · الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل (1كو11: 8). لقد خلق الرجل أولا, ثم أخذت المرأة من جنبه (تك2: 7و21-24). وهذه الأسبقية للرجل تعزز الحق الخاص من جهة رئاسة الرجل. · الغاية التي من أجلها خلقت المرأة تؤكد ذلك إذ يقول "ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة بل المرأة من أجل الرجل" (1كو11: 9). فلقد قال الله "ليس جيدا أن يكون آدم وحده فأصنع له معينا نظيره" (تك2: 18). ونظرا لهذا المركز الخاص بالمرأة بالنسبة للرجل يقول "لهذا ينبغي للمرأة أن يكون لها سلطان على رأسها" (1كو11: 10), والسلطان يتمثل بغطاء الرأس الذي يشير هنا لا إلى سلطانها بل إلى خضوعها لسلطان الرجل. · يضع الرسول سببا جوهريا لأجله ينبغي أن يكون للمرأة سلطانا على رأسها ألا وهو "من أجل الملائكة" (1كو11: 10), وذلك لأن الملائكة هم مشاهدون لكل ما هو يحدث على الأرض الآن, كما كانوا مشاهدين للأمور التي حدثت عند الخليقة الأولى. في الخليقة الأولى هم شاهدوا كيف اغتصبت المرأة مركز الرئاسة على الرجل. فإنها هي التي اتخذت القرار الذي كان للرجل أن يتخذه (تك3: 1-6و13). ونتيجة لذلك دخلت الخطية إلى العالم بكل ويلاتها وعقوبتها. والله لا يريد أن ما حدث في الخليقة الأولى أن يتكرر في الخليقة الجديدة. كما أنه يريد أن الملائكة عندما ينظرون إلى اجتماعات المؤمنين, يرونهم مجتمعين حول الرب باعتباره الرأس وجميعهم في خضوع تام له, وفي الوضع الذي رسمه هو لا إنسان, والمرأة خاضعة للرجل, وتدلل على خضوعها خارجيا بوضع الغطاء على رأسها. كما يجب أن نعلم أن الكنيسة هي أروع ما صنعه الله, تحفته التي يريها لكل الخليقة "لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع..." (أف2: 7), "لأننا صرنا منظرا للعالم للملائكة والناس" (1كو4: 9), وأيضا "لكي يعرف الآن عند الرؤساء والسلاطين في السماويات بواسطة الكنيسة بحكمة الله المتنوعة" (أف3: 10), ويقول الرسول بطرس "...الأمور التي أخبرتم بها أنتم...التي تشتهي الملائكة أن تطلع عليها" (1بط1: 12). كل هذه العبارات تعلن أن الملائكة يشاهدون ويتطلعون إلى منظر كنيسة الله حول رأسها الذي هو المسيح. · الرجل والمرأة كل منهما يحتاج إلى الآخر, ويعتمد الواحد منهما على الآخر "غير أن الرجل ليس من دون المرأة ولا المرأة من دون الرجل في الرب" (1كو11: 11), وفكرة الخضوع لا تناقض فكرة الاحتياج المتبادل. "لأنه كما أن المرأة هي من الرجل, (أي أنها أخذت من آدم) هكذا الرجل أيضا هو بالمرأة (بالولادة فإن المرأة تلد الطفل الذي يصير رجلا)" (1كو11: 12). وهكذا فقد أقام الله هذا التوازن الكامل بحيث لا يمكن للطرف الواحد أن يؤخذ بغير الآخر. ثم يقول "ولكن جميع الأشياء هي من الله" بمعنى أن الله قد صنع جميع الأشياء, وبالتالي لا محل للشكوى. إن الله لم يخلق فقط العلاقات بل قصد من ورائها كلها أن تؤول إلى مجده. فهذا كله يجب أن يجعل الرجل متضعا والمرأة راضية. 5- يلجأ الرسول بولس إلى الحكم الداخلي في ضمير الإنسان الذي يتفق مع الذوق البشري الفطري فيقول "احكموا في أنفسكم. هل يليق بالمرأة أن تصلي إلى الله وهي غير مغطاة" (ع13), ومن المؤكد كل رجل وقور يجيب أنه ليس من الوقار أو اللياقة أن تدخل المرأة محضر الله دون غطاء. 6- دروس الطبيعة نفسها: "أم ليست الطبيعة نفسها تعلمكم أن الرجل إن كان يرخي شعره فهو عيب له" (ع14). فشعر الرجل الطويل يجعله يظهر متشبها بالأنثى الشيء الذي لا يليق." وأما المرأة إن كانت ترخي شعرها فهو مجد لها لأن الشعر قد أعطي لها عوض برقع" (ع15). لقد أساء البعض فهم هذا العدد, فقالوا مادام الشعر قد أعطي لها عوض برقع, فلماذا الحاجة بعد إلى غطاء آخر؟. في الحقيقة أن هذا النص لا يتحدث عن غطاء واحد لكنه يتحدث عن اثنين والدليل واضح من العدد السادس "إذ المرأة إن كانت لا تتغطى فليقص شعرها" فبحسب الرأي السابق ذكره من المفروض أن تكتب هكذا "إن لم يكن شعر المرأة على رأسها فلتقص" وهذا القول مناقض للواقع, لأنه إن لم يكن شعر المرأة على رأسها فكيف يقص؟. من العدد الخامس عشر يمكننا أن نفهم أن هناك تناسق رائع بين الروحي والطبيعي, فقد أعطى الرب المرأة غطاءا طبيعيا وهو شعرها "وإن كانت المرأة ترخي شعرها فهو مجد لها", هذا لم يعطيه الرب للرجل. ولهذا مغزى روحي, فهو يعلم أنه عندما تصلي المرأة إلى الله يليق بها أن تضع غطاء على رأسها. وما يصح في المجال الطبيعي يصح في المجال الروحي. ومن هنا يمكننا أن نقول أن للأخت غطاءين, الأول هو شعرها وهو الغطاء الطبيعي الممنوح لها من الله و الثاني هو غطاء الرأس الذي تضعه علي رأسها أثناء وجودها في الاجتماع باسم الرب (1كو11: 1 و16). 7- مما سبق يتضح لنا أنه لا يجوز للرجل أن يكون في محضر الرب ورأسه مغطاة, ولا يجوز للمرأة أن تكون رأسها غير مغطاة. إن كان هذا هو المبدأ الذي بحسب كلمة الله, ففي حال وجود المرأة في محضر الرب ورأسها غير مغطاة فمن تكون ترى؟ رجل أم امرأة؟!. إن هذا التعليم يتنافى مع ميول الطبيعة الردية التي فينا, فقبوله صعب ما لم تكن هناك محبة حقيقة للرب وشركة روحية عميقة معه تقود إلى ملء روحي. لذلك يختم الرسول قوله بالقول "ولكن إن كان أحد يظهر أنه يحب الخصام فليس لنا نحن عادة مثل هذه ولا لكنائس الله" (ع16). فهذه الحقائق لا تقودنا للخصام والانقسام لكن نقبلها باعتبارها تعليم الرب. س84: ماذا عن الأخ الذي لم يشترك في الخبز نتيجة نفاذه قبل أن يصل إليه, هل يشترك في الكأس أم ماذا يصنع؟ أنه من اللياقة الروحية أن يلاحظ المؤمنون أن يكون الخبز والكأس متناسب مع العدد الموجود في محضر الرب حتى لا يحدث ما ذكرته في سؤالك, كما يجب على المشتركين أن يكونوا منتبهين عارفين للذين يشتركون معهم حتى لا يحرم أحد منهم من الاشتراك في الخبز وأيضا في الكأس. كما أننا نريد أن نلفت الانتباه أنه من النادر أن يحدث هذا, وإن حدث فيجب أن تعلم الجماعة بما حدث حتى يلاحظ هذا الأمر في المرات التالية وأيضا لينبه على جميع المشتركين ملاحظة ذلك. أما من جهة الأخ الذي لم يشترك على الخبز نتيجة نفاذه قبل وصوله إليه أرى أنه لكونه لم يشترك في الخبز يفضل عدم اشتراكه في الكأس لأن الذكرى لابد أن تكون من خلال الاشتراك في الخبز والكأس وليس أحدهما, كما أنه يجب أن لا يسبب هذا له ضيقا أو حزنا أو شعورا بالذنب لأن ما حدث فهو خارج عن إرادته. س85: ماذا لو بعد الشكر لم نجد الخبز أو الكأس أو كليهما؟ مع أن هذا الشيء لم يحدث لكن لنضع في الاعتبار جواز حدوثه لذلك يجب:- 1- التأكد من وجود الخبز والكأس قبل بدأ الاجتماع. 2- كما أنه لا توجد ضرورة لوضع غطاء على العشاء ما لم تكن هناك حشرات مثل الذباب كما ذكرنا في سؤال سابق, وهذا يجعل كل شيء مكشوف لدينا, وبالتالي نتحاشى هذا الخطأ. 3- ومن المعروف أن هذه الخدمة يقوم بها أخ معروف لدى الأخوة, فغيابه عن الاجتماع لسبب ما, يجعل الأخوة يقظين ويدركوا أن الخبز والكأس لم يوضعا بعد, وبالتالي يقوم آخر باستحضار الخبز والكأس. وفي حال حدوثه يمكن أن يعتبر الأخوة أن هذه الفرصة فرصة سجود وعبادة للرب على أن يتنبهوا لذلك في المرات التالية مع قبول ما حدث ببساطة, ولتحترس الجماعة من الإدانة لمن تسبب في حدوث ذلك وبالتالي من حدوث مشاكل بين أفرادها, ولتكن المحبة هي العنصر السائد بين الجميع. س86: هل من الضروري أن الأخ الذي يقوده الرب ليشكر على الخبز والكأس أن يقف عند المنضدة الموضوع عليها الخبز والكأس؟ أشياء كثيرة تمارس مع أنها غير موجودة في كلمة الله, ومع البساطة وطول زمن ممارستها, أصبحت تقليد بل وأكثر من هذا أصبحت تمارس وكأنها موحى بها من الله, ومن يخالف ممارستها كأنه تحول عن الحق ويعرض نفسه للمساءلة. ولأننا تعودنا على أن الذي يشكر لابد أن يقف أمام المنضدة الموضوع عليها الخبز والكأس, أصبح الأمر مأخوذ به وكأنه شيء موحى به, لكن في الواقع لا يوجد نص صريح في كلمة الله بذلك. وأيضا لا نقرأ عن الرب أنه قام ووقف عند العشاء وشكر. كما أنه لم يوص بذلك في التعليم الذي سلمه للرسول بولس بخصوص العشاء. لذلك نرى سواء وقف الشاكر عند المنضدة أو لم يقف, فهذا لا يؤثر في الأمر شيء. لكن إذا أخذ على أساس تنبيه العابدين, وحتى لا يندفع آخر في تقديم الشكر, فهذا من الجائز. لكن لنحترس من أن يتحول هذا إلى قانون ومن يخالفه فقد أجرم, وهنا نكون قد سقطنا في تقليد ثقيل. ولنحترس من أن نفعل هذا لنخلق جو من الهيبة والوقار للعشاء أكثر من صاحب العشاء وننسى أن الرب الذي نحن نجتمع إلى اسمه حاضر من بدء الاجتماع, فالهيبة والوقار له وحده ولنحترس من تقديس المادة أكثر من الرب فنسقط في شرك الوثنية.
الفصل الثالث عشر المترددين وعشاء الرب س87: كيف نتعامل مع أخ مؤمن تقي وله التعليم الصحيح حسب كلمة الله وحياته الأدبية لا غبار عليها لكنه مرتبط بدوائر غير كتابية لسنين عديدة ويريد الاشتراك على عشاء الرب؟ في حالة تقدم أخ مؤمن تقي وله التعليم الصحيح وحياته الأدبية لا غبار عليها للاشتراك على عشاء الرب, ولكنه مرتبط بدوائر غير كتابية لسنين عديدة, يجب أن يقترب منه الأخوة الروحانيين بكل الحب واللطف ومن خلال كلمة الله يوضحوا له أنه كان في شركة غير صحيحة وليست بحسب كلمة الله, وفي حال اقتناعه بالمكتوب, لابد أن يعلن انفصاله عن هذه الدوائر, ويواظب على ممارسة العبادة في الاجتماع تحت سيادة الروح القدس ورئاسة المسيح. هذا ومن جانب آخر يجب أن يتعامل معه الأخوة بكل محبة ولطف وبكل تمييز روحي, فيناقشونه للتأكد من كونه ابن لله أم لا, وأيضا مدى طاعته للرب, مع تقديم الحق له بلطف وأمانة موضحين له أقوال الله. مع ملاحظة أن لا نبتعد عن كلمة الله في المناقشة, و يجب أن نضع في الاعتبار أنه لا يمكن لأي شخص أن يتعلم كل المبادئ الصحيحة في ساعة واحدة, لذلك يجب أن نتحلى بالصبر, و يجب أن نشجع دائما علي السلوك بحسب التعليم الكتابي. ولا ننس بأننا نعيش في أيام أخيرة وجيل يبعد كثيرا عن التعليم الصحيح, فإذا توافق الشخص مع كلمة الله وتأثيراتها, ومن خلال الجو الروحي بين الجماعة, لا بد أن يظهر محبته لجميع المؤمنين, ويزداد في نموه الروحي, في النعمة وفي معرفة ربنا يسوع المسيح بموجب الحق الإلهي كما هو معلن في كلمة الله, هذه الأمور التي تنشئ راحة من عدمه وبالتالي يقررون قبوله أو رفضه في ممارسة عشاء الرب. س88: هل يجوز لشخص متردد على الاجتماع بمواظبة وهو غير مشترك على عشاء الرب أن يتقدم الجماعة في طلب ترنيمة أو تقديم شكر للرب حتى ولو كان مولود من الله؟ وإن كان الجواب بالنفي فما هو التصرف الحكيم مع مثل هذا الشخص حتى لا نعثره؟ لقد قال الرب يسوع "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20), وحيث أن الجماعة مجتمعة باسم الرب وتحت إرشاد وقيادة الروح القدس, ومكتوب "وحيث روح الرب هناك حرية" (2كو3: 17), وهذا حق لا يمكننا أن ننكره, لكن لا ننس أن الهدف والغرض الأساسي من الاجتماع لممارسة عشاء الرب هو أن نذكر الرب وما عمله لأجلنا على الصليب من خلال اشتراكنا في الخبز والكأس, لذلك كيف يشترك مؤمن في تقديم الشكر والسجود للرب مع الجماعة وفي ذات الوقت لا يشترك في عشاء الرب, وهل هذا من اللياقة الروحية؟. فمن الأفضل لغير المشترك, حتى ولو كان مشتركا ومنع نفسه لأي سبب عن ممارسة عشاء الرب, أن لا يشترك في تقديم السجود للرب, فالذي يمنع المؤمن من ممارسة عشاء الرب يمنعه أيضا عن تقديم ذبيحة الحمد والتسبيح للرب "إن راعيت إثما في قلبي لا يستمع لي الرب" (مز66: 18). وأعتقد أن الروح القدس لا يقود أي شخص بخلاف ما هو مكتوب, فكيف يقود مؤمن لا يقدر قيمة عشاء الرب, ولا يبالي بوصيته لآي سبب كان, سواء تمسكه بخطية أو بتعليم غير متفق مع كلمة الله , في تقديم السجود للرب؟. أما كيفية التعامل مع مثل هذا الأخ, ينبغي أن يقدم لهم التعليم الخاص بعشاء الرب في روح الاتضاع وتقدم النصيحة لمثل هؤلاء بالحكمة وبروح الوداعة والتواضع وبكلام النعمة والتشجيع وليس التجريح مع إظهار روح المحبة الصادقة لمثل هؤلاء. س89: كيف نتعامل مع بعض المؤمنين الذين يحضرون في اجتماع كسر الخبز دون أن تكون لهم شركة مع الجماعة في ممارسة عشاء الرب؟ هؤلاء المؤمنون الذين يحضرون اجتماع كسر الخبز دون أن يشتركوا في ممارسة عشاء الرب, أحيانا يكون ذهنهم مشوشا بخصوص التعاليم الخاصة بعشاء الرب, وفي ذات الوقت لهم رغبة شديدة في أن يتعلموا, فيجب علينا أن نقترب منهم ونحاول مساعدتهم بتوضيح كلمة الله ببساطة ودون مواربة أو مجاملة مع الالتزام بالمكتوب, كما يجب أن نتعامل معهم بكل حكمة وفطنة روحية, فكم من مؤمنين عرفوا الحق الكتابي ومارسوه من خلال وجودهم بين مؤمنين روحيين حكماء, وفي أجواء معطرة بالقداسة والمحبة الأخوية. وليس ذلك فقط بل أن مثل هؤلاء يحتاجون إلى اخوة روحيين فاهمين لكلمة الله يساعدونهم على فحص المكتوب والتأكد من سلامة ما تعلموه وبالتالي تتولد فيهم رغبة لممارسة عشاء الرب, مع ملاحظة عدم استخدام الأسلوب الهدام في المناقشة وأيضا عدم مهاجمة الآخرين في مبادئهم حتى ولو كانت غير سليمة, ولنتجنب المباحثات الغبية والسخيفة التي تولد نفور وخصومات ملاحظين القول الرائع "وعبد الرب لا يجب أن يخاصم بل يكون مترفقا بالجميع صالحا للتعليم صبورا على المشقات" (2تي2: 23و24, تي3: 9), ولنلتزم بالمكتوب في كلمة الله بدون إدخال آرائنا الشخصية ونحن نثق في سلطان الله المطلق وقوة عمله من خلال كلمته وقوة تأثيرها على الضمائر وفاعليتها في القلوب "لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته" (عب4: 12) وعلى أية حال فإن الرب هو الساهر على كلمته ليجريها (إر1: 12), ومن المؤكد أنها لا ترجع إليه فارغة بل تعمل ما سر به وتنجح في ما أرسلها له (إش55: 11). س90: لاحظت أن عشاء الرب قاصر على المؤمنين المشتركين فقط بينما يوجد في الاجتماع مؤمنون من جماعات أخرى ولها الأشواق أن تمارس عشاء الرب ولم يسمح لها, بما تعلل هذا؟ أليس العشاء كما ذكرت من قبل هو عشاء الرب ومن حق كل مؤمن أن يشترك في ممارسته؟ ألا تعتبر هذا نوع من أنواع الفريسية والإحساس بالأفضلية والقداسة أكثر من الآخرين؟ أليس هذا احتقار لهم ومنشأ عثرة لهم؟ بالتسرع في الحكم على الأمور يمكننا أن نتهم هؤلاء المؤمنين الذين يتصرفون مثل هذا التصرف بالتزمت والفريسية والكبرياء وقل كيفما شئت, لكن بالتريث وفحص الأمور في ضوء كلمة الله متشبهين بالمؤمنين الذين في مدينة بيريه الذين "قبلوا الكلمة بكل نشاط فاحصين الكتب كل يوم هل هذه الأمور هكذا" (أع17: 11), يمكننا أن نحكم الحكم الصحيح وإلا سقطنا فيما قد اتهمنا فيه الآخرين!. لقد سبق أن ذكرنا في الإجابة على سؤال سابق أنه من ضمن الشروط الواجب توافرها في الأشخاص الذين يشتركون في عشاء الرب: أن يكونوا مولودين من الله, ولهم التعليم الصحيح, والسلوك النقي. وهنا نسأل كيف يمكننا أن نميز هذه الأمور ما لم تكن لهؤلاء الأشخاص شركة وارتباط بالمؤمنين في الكنيسة المحلية؟. نحن نعلم أن كلمة كنيسة يعني بها المؤمنين الحقيقيين, الذين يجتمعون باسم الرب يسوع وتحت رئاسته سواء: للعبادة, أو التسبيح, أو للصلاة ودراسة كلمة الله, أو لكسر الخبز, أو للتعليم. وعلى كل مؤمن حقيقي أن يلتزم بالوجود في محضر الله مع هؤلاء المؤمنين, فيتمتع بامتياز الشركة معهم, وهذا ما مارسته الكنيسة الأولى. فبالعودة إلى سفر الأعمال نرى أن الذين قبلوا الكلمة بفرح واعتمدوا يقال عنهم: "وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس. وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات" (أع2: 41و42) ثم يقول "وكان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون" (أع2: 47), لنلاحظ معا الترتيب السابق بعد نوال الحياة الجديدة:- 1- انضموا إلى الكنيسة. 2- يواظبون على تعليم الرسل. 3- يواظبون على الشركة. 4- يواظبون على كسر الخبز. 5- يواظبون على الصلوات. وإن أمعنا التأمل نلاحظ أن كسر الخبز سبقه التعليم والشركة, فالتعليم يربط الشخص بالمدرسة وبالمعلم وبالتلاميذ. ومن هنا نسأل من هو المعلم؟. ولا جواب لنا إلا ما قاله الرب يسوع بنفسه "تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" (مت11: 29), وبالتالي المدرسة هي محضره حيث يأخذ مركزه الصحيح باعتباره الرأس, هذا "الذي صعد إلى العلاء وسبى سبيا وأعطى الناس عطايا...وهو أعطى البعض أن يكونوا ... والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين" (أف4: 8 و11), لاحظ أنه لم يقل معلم بل معلمين, هم في الأصل تلاميذ وتعلموا من الرب, ومع أنهم أخذوا من الرب موهبة التعليم لكنهم لازالوا تلاميذ في مدرسته, وما يتعلموه من الرب يعلموه لآخرين. ومن هنا نستنتج أن وجود معلم واحد في الكنيسة مبدأ ليس بحسب المكتوب, لذلك متى اجتمعت الكنيسة باسم الرب يجب أن يتعلم كل واحد من الموهوبين الخضوع المطلق لقيادة الرب بروحه القدوس لتقديم ما قصد الروح القدس تقديمه لقطيع الرب ولبنيان شعبه, أما التلاميذ بما فيهم المعلمين لأنهم هم أيضا تلاميذ, تربطهم علاقة وشركة قويه بعضهم ببعض وبالمعلم الأعظم ربنا يسوع المسيح ومن هنا يتحتم عليهم طاعة وصية الرب "اصنعوا هذا لذكري". ومن هنا نسأل كيف يتسنى لنا قبول أشخاص لا علاقة لهم بالجماعة ولا يمارسون أي شيء من الأمور التي ذكرناها؟. ومن العبارة "وانضم في ذلك اليوم", والعبارة "وكان الرب يضم كل يوم إلى الكنيسة الذين يخلصون", نفهم أن بيت الرب الذي هو المؤمنين (عب3: 6 ) لم يكن من غير باب وبوابين وإلا ما الداعي لكلمة "انضم"؟ هذا بجوار أن من يشترك في ممارسة عشاء الرب له الحق في ممارسة كل شيء في محضر الله من عبادة وتعليم وغيرها, فإن لم تكن الجماعة متأكدة من سلامة التعليم الذي عند من يطلب الاشتراك في عشاء الرب, فإنه يسبب قلقا وانزعاجا لكل الجماعة وربما يحدث انشقاقا وانقساما للجماعة بسبب أفكاره والتعاليم التي تعلمها وتبناها والتي لا تتفق مع روح الكتاب المقدس وتعاليم ربنا المبارك يسوع المسيح, لذلك تحتم علينا أن لا نتسرع في قبول الأشخاص ولا نقبل شخصا إلا بعد التأكد من الأمور سابقة الذكر. يكلمنا الروح القدس كثيرا عن "التعليم الصحيح" (1تي1: 13, 4: 3, تي1: 9) وأيضا "أناس أصحاء" و"أصحاء في الإيمان" (تي1: 13) ويقول أن كل واحد منهم "يعظ بالتعليم الصحيح" كما يوصي باستخدام "الكلام الصحيح غير الملوم" ( 2تي1: 13, تي2: 8), فكل واحد ينكر الحقائق الأساسية للإيمان المسيحي مثل: الله في وحدانيته وثالوث أقانيمه, ولاهوت ربنا يسوع المسيح ولاهوت الروح القدس, وموت المسيح على الصليب وقيامته وكفاية عمله في خلاص الإنسان, والضمان الأبدي للمؤمنين, وسيادة المسيح المطلقة على كنيسته وقيادته بالروح القدس للجماعة في العبادة وممارسة المواهب الروحية, والنظام الإلهي في العبادة والوضع الصحيح الذي بحسب كلمة الله للرجل والمرأة في محضر الرب, لا يجوز قبوله للاشتراك على عشاء الرب, وإلا فنحن نسأل صاحب السؤال: هل يجوز لنا أن نقبل شخصا دون أن نتأكد من نقاء حياته وسلامة التعليم الذي تعلمه؟. س91: ما هي حدود علاقتنا بالذين لا يشتركون معنا في عشاء الرب؟ كما ذكرنا في إجابات سابقة أن هؤلاء المؤمنون مع أنهم لا يشتركون معنا في عشاء الرب لكنهم أعضاء في جسد الرب يسوع ومن ضمن كنيسته, فليس من الصواب أن نعاملهم بالعداء أو بالكراهية, أو نصاب بروح الفريسية ونحسب حالنا أفضل منهم وننسى أن الذي بررهم هو ذاته الذي بررنا. إنهم "نالوا معنا إيمانا ثمينا مساويا لنا ببر إلهنا والمخلص يسوع المسيح" (2بط1:). لا نقل مثلما قال الفريسي "إني لست مثل باقي الناس" (لو18: 11). للنظر إلى كل المؤمنين بمنظار صحيح ولا تقودنا المعرفة والتعليم الصحيح الذي تعلمناه إلى روح الغرور والكبرياء والتعالي على الآخرين أو احتقارهم بسبب قلة ما تعلموه, وليعطنا الرب نعمة أن نعيش ما تعلمناه في روح الاتضاع ولنذكر دائما أنه لا فضل لنا فيما تعلمناه, بل كما خلصنا بالنعمة هكذا نتعلم بالنعمة ومن النعمة. إن هؤلاء المؤمنون قد أحبهم المسيح ومات لأجلهم وقام, فينبغي لنا أن نحبهم ونقترب منهم ونعلم ونتعلم معهم الحق, ولنعلم أن المحبة غالبة على الدوام. ******************
الفصل الرابع عشر عشاء الرب وأسماءه س92: وردت في الإنجيل ثلاثة عبارات وهي: مائدة الرب (1كو10: 21), عشاء الرب (1كو11: 20), وكسر الخبز (أع2: 42) هل هذه العبارات لها معنى واحد أم تختلف كل عن الأخرى؟ هذه العبارات مع أنها تحدثنا عن شيء واحد لكن كل واحدة منها ترينا شيئا مستقلا, فمائدة الرب تكلمنا عن الامتياز وعشاء الرب يكلمنا عن المسئولية وكسر الخبز يكلمنا عن الممارسة نفسها. إن الله يريد أن ممارستنا تتوافق مع امتيازنا ومسئوليتنا. عندما نتحدث عن مائدة الرب نرى الامتياز الذي لجميع المؤمنين, وما نفعله في مائدة الرب هو بالحقيقة أننا نولم بالمسيح بمعنى نتغذى به باعتباره العجل المسمن (لو15: 23) والنتيجة "فابتدأوا يفرحون" (لو15: 24), هذا الفرح لا يتوقف مادمنا على مائدة الرب, هذا ما نولم به. عشاء الرب معروف لدى هؤلاء الذين هم على مائدة الرب, لكن ليس كل واحد على مائدة الرب هو في عشاء الرب لأن ممارسة عشاء الرب مسألة تتعلق بالمسئولية في اتباع ما صنعه الرب يسوع لتلاميذه وأوصى بتنفيذه طاعة له...هؤلاء من يعرفون رئاسة وربوبية المسيح. لذلك نستطيع أن نقول أن كل المؤمنين هم على مائدة الرب وليس جميع المؤمنين يشاركون في عشاء الرب. س93: فيما سبق كنت تركز الحديث عن عشاء الرب, وفي السؤال السابق ذكرت عبارة اجتماع كسر الخبز, هل هناك فارق بين العبارتين "عشاء الرب", "كسر الخبز"؟ v من حيث الممارسة لا يوجد فرق بين التسميتين فهي صنع ذكرى الرب التي أوصى بها قديسيه, وقد سميت هذه الممارسة "كسر الخبز" للتعبير عن نفس العملية, عملية كسر الخبز, وسميت "عشاء الرب" لأن رسمه الأول كان في العشية بعد أكل الفصح اليهودي التذكاري الذي كان يؤكل في العشية (مت26: 17-20), وفعلا كان التلاميذ يمارسون عشاء الرب في العشية (أع20: 7و8), ويقول الرسول بولس للمؤمنين في مدينة كورنثوس "لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا إن الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا وشكر...كذلك الكأس أيضا..." (1كو11: 23-25). v اجتماع كسر الخبز هو اجتماع كنسي مثل اجتماعات الصلاة والوعظ ودراسة الكلمة. وكما أن اجتماع الدراسة هو مسئولية الواعظ أو المعلم المتكلم, والاجتماع التبشيري هو مسئولية المبشر, فإن اجتماع كسر الخبز هو مسئولية كل الكنيسة, لا توجد مسئولية على واحد معين من الجماعة, فهو اجتماع سجود للرب وهذا يجب أن تفعله كل الكنيسة. إن اجتماع كسر الخبز هو أن الكنيسة المحلية تأتي وتجتمع متجاوبة مع وصية الرب التي أوصى بها "اصنعوا هذا لذكري". ولا ننس أن نذكر أن أساس كسر الخبز هو تعليم الرسل والشركة (أع2: 42,عا3: 3, 1يو1: 3). وإن كنا نتحدث عن الممارسة فأمامنا بعض التساؤلات: · من يكسر خبزا؟ وسبق أن قلنا أن الجواب نراه في سفر الأعمال, أنهم كل الذين قبلوا الرب يسوع, أنهم كل من تجاوب مع الروح القدس وقبلوا خلاص المسيح وواظبوا على تعليم الرسل والشركة (أع2: 42). · لماذا يجتمع المؤمنين في اجتماع كسر الخبز؟ والجواب نقرأه في سفر الأعمال إذ نرى أن التلاميذ اجتمعوا ليكسروا خبزا(أع20: 7). لم يجتمعوا ليسمعوا عظة من الرسول بولس, وإن كان الرسول فعل ذلك, أو اجتمعوا لغرض الصلاة بل اجتمعوا ليكسروا خبزا. إن هدف تجمعنا هو كسر الخبز. يجب أن نضع تحدي لأنفسنا أن لا يتحول كسر الخبز إلى شيء آخر يضاف إلى الاجتماع بل يكون كسر الخبز هو الهدف الرئيسي للاجتماع. · ما هو الدافع لكسر الخبز؟ الدافع هو قول الرب "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي" (يو14: 15), فمحبتنا للرب هي الدافع, وطاعتنا للرب تأتي بنا إلى كسر الخبز. · ما هو الهدف من كسر الخبز؟ الهدف هو أن نخبر الناس ونعلن ونبشر بموت الرب (1كو11: 26). · ما هي الحالة التي أكون فيها لممارسة كسر الخبز؟ لابد من إعداد مسبق. لقد أمر الرب يسوع التلاميذ أن يعدوا الفصح (لو22: 8), وهنا نسأل: إلى أي مدى أنا معد روحيا قبل مجيئي لكسر الخبز؟ يجب أن يكون هناك تأمل في عمل الرب قبل الاجتماع وأثناء الاجتماع. · ماذا نقدم للرب في الاجتماع؟ كل واحد منا على حسب استطاعته, مثل مقدمي الذبائح في العهد القديم, ثور, كبش, تيس معزى, زوج حمام, فرخي يمام. إذا كان هناك إعداد قبل الاجتماع وتركيز المشغولية في الرب أثناء الاجتماع سينتج عن ذلك سجود روحي يليق بالرب. v والتسمية "عشاء الرب" ذكرت أيضا بالارتباط بذكرى موت الرب والإخبار به وانتظار مجيئه وامتحان وتنقية أنفسنا قبل الأكل منها لئلا ندان (1كو11: 17-34). v والقول عشاء الرب ذكر ليميزه عن أي عشاء آخر, ولذلك يقول الرسول بولس للمؤمنين في كورنثوس "فحين تجتمعون معا ليس هو لأكل عشاء الرب. لأن كل واحد يسبق فيأخذ عشاء نفسه في الأكل فالواحد يجوع والآخر يسكر. أ فليس لكم بيوت لتأكلوا فيها وتشربوا" (1كو11: 20-22). لاحظ القول "عشاء الرب" و "عشاء نفسه", الأول جماعي نرى فيه وحدة المؤمنين باعتبارهم جسد المسيح الواحد والذي يشير إليه الرغيف الواحد (1كو10: 17) والثاني العشاء الشخصي الطبيعي الذي يجب أن يؤكل في البيت. v وأيضا القول "عشاء الرب" يظهر لنا أن صاحب العشاء هو الرب الذي له السيادة المطلقة عليه سواء في قيادة المؤمنين في العبادة وهم من حول هذا العشاء أو في توزيعه "...أخذ خبزا وشكر فكسر وقال خذوا كلوا... كذلك الكأس أيضا بعد ما تعشوا ..." (1كو11: 23-25), فهو الذي يخلص وهو الذي يضم إلى كنيسته الذين يخلصون (أع2: 47) وهؤلاء جميعهم ينضمون إليه هو "وكان مؤمنون ينضمون للرب أكثر جماهير من رجال ونساء" ( أع5: 14), وأيضا "...فانضم إلى الرب جمع غفير" (أع11: 24). الانضمام إلى الرب يعني: إعلان سيادة الرب المطلقة على حياتهم وعلى بيوتهم واجتماعاتهم ولا خضوع لغيره مهما كان السبب, ولا رضا بغيره أو بمن يحل محله, ولذلك كل من يريد أن يمارس عشاء الرب من المؤمنين طاعة لوصية الرب, يجب أن يعلن سيادة الرب والخضوع المطلق له باعتباره سيد وقائد ورأس كنيسته (أف1: 22و23, كو1: 18), والانفصال عن كل ما هو غير ذلك. ولنعلم أنه لا مكان على العشاء لمن لم يسد الرب يسوع على حياته ومن لا يعلن ذلك عمليا. س94: هل هناك فارق بين مائدة الرب (1كو10: 21 ) وعشاء الرب (1كو11: 20)؟ وهل من الممكن أن ندرج تسمية عشاء الرب تحت تسمية مائدة الرب؟ ليس المقصود بالقول مائدة الرب ذات القول عشاء الرب وإن كانت توجد أمور مشتركة بين مائدة الرب وعشاء الرب مثل:- 1- أن الرب هو صاحبها ومنشئ ترتيباتها. 2- ذكر في كلاهما الخبز والكأس. 3- كلاهما امتياز عظيم لشعب الرب. ونتيجة هذه الأسباب كثير من المؤمنين لا يفرقون بين مائدة الرب وعشاء الرب, وإن كان الفرق واضحا. فعشاء الرب هو العشاء الذي صنعه هو بنفسه لتلاميذه في الليلة التي أسلم فيها للصلب (1كو11: 23) والتي أوصى تلاميذه والكنيسة أن يمارسونها فترة غيابه عنهم قائلا "اصنعوا هذا لذكري" (لو22: 19و20). فالفكر الرئيسي الواضح لعشاء الرب هو ذكرى الرب والإخبار بموته إلى أن يجيء (1كو11: 24-26), وكل من يكون في هذه الذكرى يكون في علاقة روحية وحرفية كاملة مع الكنيسة, ولقد عرفنا الكثير عن هذا الموضوع من خلال إجابات كثيرة لعديد من الأسئلة التي مرت بنا, بعكس مائدة الرب التي لا وجود لهذه العلاقة الحرفية فيها, ولكن توجد علاقة روحية فقط, لأن كل مؤمن حقيقي في الكنيسة هو عضو فيها, ولذلك ترد العبارات التي تعبر عن ذلك مثل "شركة", "مشترك", "شركاء", "تشتركوا" (1كو10: 16-20). مع ملاحظة أن التعبير "مائدة الرب" يستخدم كثيرا في الاجتماعات لكنه ذكر مرة واحدة في العهد الجديد (1كو10: 21). ونحن باشتراكنا في مائدة الرب نعبر عن حقيقة موتنا مع المسيح واتحادنا معه في مائدته. كما أنه لا يوجد في مائدة الرب تعبير "متى اجتمعتم" لأن جميع المؤمنين منظور لهم بأنهم معا وشركاء فيما أعده الله لأجلهم ومن حق كل مؤمن أن يتمتع بما أعده الله لشعبه في نعمته غير المحدودة. أما في عشاء الرب فعلى المؤمنين أن يجتمعوا معا لممارسة هذا العشاء طاعة لوصية الرب (1كو11: 18-20). ولنلاحظ أن جميع المؤمنين الحقيقيين ينظر إليهم بأنهم شركاء فيما أعده الرب "لأننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد" (1كو10: 17), فمنذ لحظة الحصول على الخلاص يرى المخلصون على مائدة الرب الروحية وسيظلون عليها طوال مدة حياتهم على الأرض, بينما لا يرى المؤمنون دائما على عشاء الرب "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26), فواضح لنا من كلمة الله أن عشاء الرب كان يصنع مرة في أول كل أسبوع (أع20: 7). فمائدة الرب دائمة, وأما عشاء الرب فيقام في وقت محدد وفي مكان معين. كما أن مائدة الرب لا ترى بالعين المجردة ولا نشتمها أو نتذوقها أو نلمسها إذ هي حقيقة روحية, أما عشاء الرب فهو مرئي وملموس ويؤكل لأنه يتكون من رغيف خبز وكأس يحتوي على نتاج الكرمة, فهو حرفي يشير إلى جسد الرب ودمه. مائدة الرب لجميع المؤمنين وليست هي وصية من الرب يجب أن تطاع, أما عشاء الرب هو وصية الرب لأحبائه ويجب أن تطاع (1كو11: 23). في مائدة الرب هو يعطي ويقدم بركاته, أما في عشاء الرب الهدف من صنعه هو إكرام الرب وتقديم السجود والإكرام لشخصه المعبود. في مائدة الرب لا يوجد سلطان لأحد في قبول أو رفض مؤمن منها فهو الذي قال "من يقبل إليَ فلا أخرجه خارجا" (يو6: 37) أما في عشاء الرب فيسبقه قبول من الكنيسة لأخ مؤمن حقيقي له نقاء الحياة والتعليم الصحيح, وللجماعة أيضا الحق في عزل من صارت حياته ملومة وغير قابلة للإصلاح أو انحرف تعليميا عن الحق المكتوب في كلمة الله (1كو5: 11-13, رو16: 17). في مائدة الرب ذكر الكأس أولا ثم الخبز (1كو10: 16) أما في عشاء الرب فقد ذكر الخبز أولا ثم الكأس وذلك لأن دم المسيح هو الأساس الذي به نلنا حق التمتع بمائدة الرب والتقدم إليها ثم يتحدث عن الخبز الذي نكسره. لنلاحظ أنه لم يقل "الذي يكسر", لكن "الذي نكسره". نحن نكسره ونكسره كله. الخبز قبل الكسر يتحدث عن الجسد الواحد لذلك كل مؤمن في كل مكان في العالم له مكانه عند مائدة الرب. لا يوجد شيء باستطاعتنا أن نفعله لنكون على مائدة الرب سوى أن نأتي إليه بخطايانا وهو يمحوها بدمه الكريم ويأتي بنا إلى مائدته ليكون لنا شركة معه. كما أنه لا يمكننا أن نحفظ أنفسنا على مائدته بقوتنا الذاتية, لكن ارتباطنا به هو أساس وجودنا على مائدته دائما. لا يوجد وقت في حياتنا على الأرض كمؤمنين لا نكون فيه عند المائدة, في السفر وفي البيت وفي العمل وفي الاجتماع وفي أي مكان. نحن على مائدة الرب, وهذه مكانة مستمرة. وهنا نسأل: ما هو التصرف الواجب بالمتمتعين بالوجود على مائدة الرب؟ إن كنا على مائدة الرب فيجب أن لا نرتبط بأمور هذا العالم. إن مسيحنا مرفوض من العالم ولذلك يجب أن نأخذ نحن أيضا وضع المرفوضين معه وهذا يؤكد لنا إلى أي مدى نقدر وجودنا على مائدة الرب. كيف نتجاوب ونقدر أمور هذا العالم مع كون المسيح مرفوض؟ وهل لنا مكان في العالم؟ وهل نبحث عن مكان في العالم؟. يقول الرسول يوحنا في رسالته "يا أولادي احفظوا أنفسكم من الأصنام" (1يو5: 21). إن كنا على مائدة الرب فيجب أن نحفظ أنفسنا من أي شيء يأخذ قلوبنا بعيدا عن الرب. لا يمكن أن يكون لنا ارتباط بأي من المذبح الوثني (1كو10: 21و22) أو المعبد اليهودي (عب13: 12). في مائدة الرب ذكر عن الخبز أنه صورة لجسد المسيح الذي هو كنيسته التي بدأ الروح القدس من يوم الخمسين بتكوينها "لأننا جميعا بروح واحد أيضا اعتمدنا لجسد واحد وجميعنا سقينا روحا واحدا" (1كو12: 13), كما يرمز أيضا إلى وحدة المؤمنين حيث يقول "لأننا نحن الكثيرين خبز واحد وجسد واحد لأننا جميعا نشترك في الخبز الواحد" (1كو10: 17), فالخبز في مائدة الرب يمثل جميع المؤمنين, أما في عشاء الرب صورة أو ذكرى لجسد المسيح الحرفي الذي قدمه على الصليب من أجلنا, وهذا يفسر لنا لماذا وقع المؤمنون في كورنثوس تحت تأديب من الرب لأنهم صنعوا عشاء الرب بغير وقار ولم يميزوا جسد الرب (1كو11: 29), في وصف مائدة الرب فإن المشاركة في الكأس والخبز سميت بشركة موته حيث لا يتمتع بها إلا من اتحد مع المسيح في موته (1كو10: 16و17) ولكن في عشاء الرب هدفه الإخبار بموت الرب إلى أن يجيء (1كو11: 26). في مائدة الرب حذر كل مشترك فيها من العيشة بغير الحق (1كو10: 21) أما في عشاء الرب فالتحذير موجه لمن يأكل بدون استحقاق (1كو11: 29). في مائدة الرب لا يذكر شيئا عن مجيء الرب الثاني لأن كل المؤمنين يتمتعون دائما بتلك المائدة بخلاف عشاء الرب الذي يتحتم على المؤمنين صنعه إلى أن يجيء (1كو11: 26) وسيبطل هذا بمجرد أن نراه لأننا في هذا الوضع الجديد لا نحتاج إلى ذكرى لأننا سنكون معه كل حين وسنراه وجها لوجه. ومن هنا يمكننا القول بأن المقصود بمائدة الرب هو الاشتراك في جميع الفوائد والبركات الروحية نتيجة عمل المسيح. فالعبارة "مائدة الرب" مستعملة على سبيل الكناية, إنها لا تعني "عشاء الرب". كما أنه يجب أن نعلم أنه ليس المقصود بالمائدة قطعة الأثاث التي يوضع عليها الطعام حيث يتمتع الآكلون بشركة الأكل معا, ولكن يمكننا أن نقول أن مائدة الرب تشير إلى مجمل البركات التي لنا من الله أبينا في المسيح والتي من حق كل مؤمن أن يتمتع بها باعتباره عضو من أعضاء جسد الرب المبارك. ملخص القول: مائدة الرب امتياز لكل المؤمنين, وهذه المائدة تفصلنا عن اليهود وخيمتهم والأمم وأصنامهم. كما أن تمتعنا بمائدة الرب غير مرتبط بعشاء الرب, لكن تمتع مستمر بدأناه يوم قبولنا الرب. وإن كانت مائدة الرب امتياز فإن عشاء الرب هو مسئولية, وكما أحضرنا الرب إلى مائدته هو أيضا أعطانا مسئولية عشاء الرب "اصنعوا هذا لذكري" هذه وصيته وهو يتوقع منا تنفيذها. ولكن كيف نستطيع تنفيذ هذه الوصية؟ فالجواب أن الروح القدس في رسالة بولس الرسول إلى المؤمنين في كورنثوس يخبرنا أن لنا رأس فيجب أن نعترف بكونه رأسنا وربنا ونتبع إرشاداته. إذا فهمنا ذلك كان من السهل علينا أن نتحمل مسئولية عشاء الرب. س95: أسمع العديد من المسميات لعشاء الرب مثل فريضة العشاء الرباني, والتناول, والبركة, وعشاء يسوع, وعشاء الله, وغيرها من المسميات, فما رأيك في هذه المسميات؟ وما هي التسمية الصحيحة الني بحسب كلمة الله؟ لا يمكننا أن نجتهد من أنفسنا بأي مسمى لعشاء الرب, لكن يجب أن نخضع للمكتوب وما تعلمنا إياه كلمة الله, فالله هو الأصدق. يطلق البشر أي مسمى للعشاء بحسب استحسانهم لكن يجب أن نقبل المكتوب ونعيش بموجبه وإليك نظرة سريعة عن بعض المسميات المختلفة:- L فالعشاء لم يطلق عليه فريضة, لأن الفريضة هي ما يجب فعله بفهم أو بغير فهم, وما أكثر الفرائض التي كان يمارسها الشعب القديم دون فهم لها. يمارسونها لأن الله أمرهم بذلك وخوفا من الله صاحب الأمر الذي قال مرة عن ممارسة الفصح اليهودي "لكن من كان طاهرا وليس في سفر وترك عمل الفصح تقطع تلك النفس من شعبها لأنها لم تقرب قربان الرب في وقته. ذلك الإنسان يحمل خطيته" (عد9: 13). عشاء الرب هو وصية الرب لأحبائه, لقد قال للتلاميذ "لا أعود أسميكم عبيدا لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده. لكني قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي" (يو15: 15) وقال لهم أيضا "ولكن أقول لكم يا أحبائي..." (لو12: 4), لذلك قال لهم "أنتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيكم به" (يو15: 14), وقال أيضا "الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني" (يو14: 21), لذلك يمارس المؤمنون عشاء الرب طاعة له وبرهان محبتهم له أيضا. L والعشاء لم يطلق عليه عشاء الله, ولا عشاء المسيح, ولا عشاء يسوع, مع أن الرب يسوع هو الله وهو المسيح وهو يسوع. فكل اسم من أسمائه له مدلولاته وارتباطاته:- 1- فالاسم الله مرتبط بعلاقته بالخليقة "السموات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه" (مز19: 1), وكل ما فعله الله وصنعه من حق الخليقة العاقلة وغير العاقلة كلها وبدون استثناء أن تشترك في التمتع به مثل, الهواء والشمس والمأكل والمشرب وغيرها, فالخليقة كلها هي موضوع رعاية الله واهتمامه وعنايته "فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين" (مت5: 45), وكذلك يقول الرب يسوع لنا "انظروا إلى طيور السماء. إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن. وأبوكم السماوي يقوتها" (مت6: 26), ولذلك لا يرتبط العشاء به باعتباره الله خالق كل الأشياء, وإلا لصار من حق كل الخليقة الاشتراك في عشاء الرب لأن كل ما هو مرتبط بالله باعتباره الخالق من حق كل الخليقة أن تتمتع به وهذا ما لا يمكن أن يكون. 2- وكذلك الاسم المبارك يسوع مرتبط به باعتباره المخلص "وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم" (مت1: 21), وموت الرب يسوع على الصليب كان لأجل كل البشر والله يريد أن جميع الناس يخلصون..." (1تي2: 5), ولذلك لو ارتبط به العشاء باعتباره يسوع المخلص لصار من حق كل البشر بدون استثناء أن يشتركوا فيه لأن الخلاص صنعه الرب بموته على الصليب لأجل كل البشر ويقدمه أيضا لكل البشر وهذا ما لا يمكن أن يكون أيضا. 3- والاسم المسيح مرتبط يشخصه باعتباره الملك, وإن كنا الآن نراه مرفوضا من العالم لكن سيأتي اليوم قريبا الذي فيه يملك على الجميع "وتجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع هو رب لمجد الله" (في2: 11), ويجب أن نلاحظ أن العشاء لا يرتبط بالرب باعتباره المسيح الملك لأنه لم يملك بعد وإن كان هو الملك الحقيقي لكنه الآن هو مرفوض حتى من شعبه الأرضي. L ولا يسمى العشاء كما يظن البعض "البركة" لأننا لا نشترك فيه لأخذ بركة من الله, لكننا نشترك فيه معا لنذكر معبود وحبيب قلوبنا الذي قال "اصنعوا هذا لذكري", كما أننا لا ننتظر بركة من ممارسة معينة لأن كل بركات الله أبونا منحت لنا في المسيح يسوع (أف1: 3). L ولا يسمى عشاء الرب بالتناول لأن التناول يلزم بوجود مناول ووجود مناول يلغي سيادة الرب يسوع علي عشائه, وليس ذلك فقط بل ويقسم كنيسة الله إلي فئات عليا وأخرى أقل وبالتالي ضاع الحق الذي يعلمنا إياه الخبز الواحد الذي يشير إلى الجسد الواحد ووحدة أعضاءه. مع ملاحظة أن الرب يسوع في صنع العشاء لتلاميذه وبعد أن شكر لم يناولهم واحد بعد الآخر بل قال لهم "خذوا كلوا" وكذلك الكأس أيضا قال لهم عنها "اشربوا منها كلكم" ويقول البشير مرقس "...وأعطاهم فشربوا منها كلهم" (مت26: 26و27, مر14: 23). L لذا يطلق على العشاء "عشاء الرب" (1كو11: 20) وهذا الاسم المجيد يعلن سيادة الرب المطلقة على من آمنوا به, ولذلك يذكر في سفر الأعمال "وكان الرب يضم كل يوم إلى الكنيسة الذين يخلصون" (أع2: 47) وأيضا "جمهور من المؤمنين رجالا ونساء كانوا ينضمون للرب" (أع5: 14) فالرب هو الذي يضم إلى الكنيسة والكنيسة تنضم له فهو رأسها وسيدها. ومن هنا نستنتج أن الذين يمارسون عشاء الرب يجب أن يؤمنوا ويعلنوا سيادة الرب المطلقة على حياتهم وعلى اجتماعاتهم وهؤلاء يوصيهم الرب بالقول "اصنعوا هذا لذكري". L لقد تكررت كلمة "الرب" في كلمات الرسول بولس في الرسالة الأولى إلى المؤمنين في كنيسة كورنثوس والأصحاح الحادي عشر وبصفة خاصة في الجزء الخاص بعشاء الرب سبع مرات (1كو11:20و23و26و29و32) وقد ظهرت هذه الكلمات عندما أوصى الرب كنيسته بصنع وحفظ هذه الوصية, فهذه الوصية هي من حق الرب وتخصه, فهو واضع العشاء والعشاء يخصه لذلك يطلق عليه "عشاء الرب". س96: أسمع البعض يقولون عن عشاء الرب أنه نور ونار, فما رأيك في هذا؟ هذا التعبير (عشاء الرب هو نور ونار) تعبير غير كتابي وفي ذات الوقت غير صحيح, بل هو تعبير ناشئ عن فهم وتفسير خاطئ. لقد ظن البعض أن عشاء الرب ينير على من يستحقه ويمنحه الحياة الأبدية, وسبب دينونة لمن لا يستحقه بانين ذلك على أن الخبز والكأس يتحولان إلى جسد ودم المسيح حرفيا, الشيء الذي سبق وتحدثنا عنه في أسئلة أخرى. ولقد فاتهم أن المسيح هو "النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان" (يو1: 9) والذي قال "أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة" (يو8: 12), وبعد أن يملك المسيح النور على الحياة يعلن الشخص طاعته للرب وولاءه له بصنع ما أوصى به "اصنعوا هذا لذكري". أما الدينونة فهي لعدم الإيمان "الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد. وهذه هي الدينونة أن النور قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة" (يو3: 18و19), ولقد قال أيضا "الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة" (يو5: 24), هذا لا يمنع أن من يزدري بعشاء الرب يعرض نفسه لتأديب الرب "لأننا لو كنا حكمنا على أنفسنا لما حكم علينا. ولكن إذ قد حكم علينا نؤدب من الرب لكي لا ندان مع العالم" (1كو11: 31و32). س97: ما هو الفرق بين عشاء الرب والعشاء الطبيعي؟ ولا سيما أن الرسول بولس يقول للمؤمنين في كورنثوس مشيرا إلى العشاء العادي "فحين تجتمعون معا ليس هو لأكل عشاء الرب لأن كل واحد يسبق فيأخذ عشاء نفسه في الأكل فالواحد يجوع والآخر يسكر" (1كو11: 20و21). لقد وبخ الرسول بولس المؤمنين في كورنثوس لعدم الترتيب وأيضا بسبب التشويش الذي ساد عليهم في ممارسة عشاء الرب حتى أنه قال لهم "ولكنني إذ أوصي بهذا لست أمدح كونكم تجتمعون ليس للأفضل بل للأردأ" (1كو11: 17) ثم قال لهم "لأنه لابد أن يكون بينكم بدع..." (1كو11: 19), فبخصوص عشاء الرب حدث بينهم الآتي:- 1- حولوا عشاء الرب إلى وجبة عادية لإشباع رغبتهم في الطعام والشراب. 2- تطرف البعض منهم في الشرب حتى سكروا. 3- لم يستطيعوا فهم الغرض من ممارسة عشاء الرب, ولم يدركوا أن الخبز الواحد صورة لجسد المسيح الواحد ووحدة أعضاءه, لذلك كان كل واحد يأكل عشاء نفسه وليس عشاء الرب. 4- سمحوا لنظام الطبقية بينهم, فالبعض منهم كانوا يحضرون ويأكلون كميات كبيرة من الطعام, والبعض الآخر الذين ليس لهم كانوا يجوعون, الأمر الذي جعل الرسول بولس يقول لهم "فحين تجتمعون معا ليس هو لأكل عشاء الرب لأن كل واحد يسبق فيأخذ عشاء نفسه في الأكل فالواحد يجوع والآخر يسكر. أ فليس لكم بيوت لتأكلوا فيها وتشربوا. أم تستهينون بكنيسة الله و تخجلون الذين ليس لهم." (1كو11: 20-22), ولقد نتج عن عدم التمييز بين عشاء الرب و العشاء العادي حالة من التشويش حتى أن الرسول بولس قال لهم "لأن الله ليس إله تشويش بل إله سلام كما في جميع كنائس القديسين" ( 1كو14: 33). 5- كان من نتيجة عدم سلوكهم بلياقة من جهة عشاء الرب وفشلهم في تمييزه عن العشاء العادي أن الله أدبهم فكان فيهم كثيرون ضعفاء و مرضى وكثيرون يرقدون (1كو11: 30) لذلك شعر الرسول بولس بالمسؤولية نحوهم فكتب لهم مذكرا إياهم أنه سلمهم ما تسلمه هو أيضا من الرب بخصوص الحق الخاص بعشاء الرب وعرفهم الهدف من صنعه لكي يكونوا متنبهين في حفظهم لهذه الوصية مستقبلا كما يليق بها. مع ملاحظة أن الرسول بولس لم يكن حاضرا حين صنع الرب العشاء مع تلاميذه, لكنه تسلم هذا الحق منه مباشرة بالظروف المحيطة به والهدف من صنعه. ونجد في هذا الأصحاح التعاليم الأساسية الخاصة بعشاء الرب والتي تميزه عن أي عشاء آخر:- · أن عشاء الرب لم يسلم لأفراد بل سلم لكل الكنيسة أي لكل المؤمنين: "لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا" (1كو11: 23). واضح لنا أن الحديث موجه لكل كنيسة الله التي في كورنثوس لهم ولنا أيضا (1كو1: 2). · ضرورة الشكر قبل الممارسة: "الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا وشكر...كذلك الكأس أيضا بعدما تعشوا..." (1كو11: 23-25). · إن عشاء الرب هو بمثابة الإعلان والإخبار بموت ربنا المبارك يسوع المسيح: "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26). · ضرورة فحص كل مؤمن لنفسه والحكم على الذات قبل الاشتراك في عشاء الرب: "ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس...لأننا لو حكمنا على أنفسنا لما حكم علينا" (1كو11: 28و31). · يجب أن يكون لدينا تمييز لجسد الرب ودمه عند أكلنا الخبز وشربنا الكأس: "لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب" (1كو11: 29). · الأكل من عشاء الرب بدون تمييز واهتمام ينتج عنه التأديب من قبل الرب: "من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون...نؤدب من الرب لكي لا ندان مع العالم" ( 1كو11: 30-32). · يجب أن نصنع عشاء الرب ونمارسه ونحن في حالة الانتظار لمجيئه من السماء ليأخذنا إليه كما وعدنا (يو14: 3), "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26). الفصل الخامس عشر المسؤولية إزاء عشاء الرب س98: ما هي مسئولية كل مؤمن إزاء عشاء الرب؟ إنه امتياز وشرف عظيم لكل المؤمنين الذين يجتمعون إلى اسمه في أول كل أسبوع حول العشاء لصنع الذكرى التي أوصانا بها, لكن لا يوجد امتياز إلا وتلازمه مسئولية, ولقد أعلن الرب لنا ذلك في قوله "إن علمتم هذا فطوبا كم إن عملتموه" ( يو13: 17), ولذلك كل واحد منا هو مسئول عن أمور كثيرة نذكر البعض منها:- 1- يجب أن يعطي كل واحد من العابدين الفرصة للروح القدس لقيادة الاجتماع كما يرى ولنحترس من التسرع والاندفاع ونحن في محضر الله. إن عمل الروح القدس هو الإخبار بموت الرب يسوع وتعظيم اسمه وشخصه وعمله ومتى تركنا له القيادة فلاشك أنه يجعل لعمل الرب المقام الأول قي الاجتماع. 2- المواظبة على حضور الاجتماع وعدم التغيب لأي سبب كان: لا يمكننا أن ننكر أننا في آخر الأيام والأزمنة الصعبة التي فيها كثر الإثم وبردت محبة الكثيرين (مت24: 12, 2تي3: 1-5) ورخصت الأمور الغالية في أعين الكثيرين, حتى أن كثيرين من المؤمنين يتغيبون عن عشاء الرب لأسباب قد تكون تافهة, لا تمنعهم من الذهاب لأعمالهم اليومية, وهذا لا يدل إلا على الفتور الروحي وغياب الأشواق المقدسة لذكرى الرب الحبيب, ونذكر الآن البعض منها والتي نرجو أن يرحمنا الرب منها: المشغولية بالأولاد أكثر من الرب الذي أعطانا إياهم- الشعور بالإعياء أو الصداع – تقلبات الطقس – وصول زائر غير متوقع مجيئه – دعوة من آخرين للمشاركة في مناسباتهم – اختلاق المشغوليات وقت الاجتماع – الاسترخاء والنوم حتى نهاية الاجتماع – الانشغال في الخدمة الروحية أكثر من اللازم كمرثا التي اهتمت واضطربت من أجل أمور كثيرة (لو10: 40) – قبول دعوة لإلقاء عظة في مكان ما في ذات الوقت الذي فيه يجتمع المؤمنون ليكسروا خبزا. وغيرها من الأعذار الواهية التي يطول ذكرها , لكن أركز الكلام على اثنين منها ربما يكونا أكثر الأسباب التي تجعل الكثيرين يتغيبون. الأولى : الاهتمام بالأولاد على حساب أمور الله مثل المذاكرة لهم في وقت الاجتماع, نحن لا نقلل من أهمية ومسئولية تربية الأولاد, لكن إن لم نربيهم للرب وبمعونته كيف نربيهم؟ وإن لم نزرع فيهم من الصغر مخافة الرب واحترام محضره فمتى نزرع فيهم هذه الفضائل؟. يوصي الروح القدس بالقول "ربوهم بتأديب الرب وإنذاره" (أف6: 4). لا أنس عتاب الرب لعالي الكاهن والقضاء الذي أوقعه عليه وعلى بيته, إذ قال الرب له "...وتكرم بنيك عليَ لكي تسمنوا أنفسكم...هوذا تأتي أيام أقطع فيها ذراعك وذراع بيت أبيك حتى لا يكون شيخ في بيتك" (1صم2: 27-36), إن كان الأمر هكذا في تفضيل الأبناء عن الرب, فماذا عن تفضيل الأصدقاء أو الأقارب عن الرب؟. على أية حال لنذكر قول الرب يسوع "من أحب أبا أو أما أكثر مني فلا يستحقني. ومن أحب ابنا أو ابنة أكثر مني فلا يستحقني" (مت10: 37), "إن كان أحد يأتي إليَ ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده واخوته وأخواته حتى نفسه فلا يقدر أن يكون لي تلميذا" (لو14: 26). الثانية : زيارة الأصدقاء لنا أو زيارتنا لهم في وقت الاجتماع الأمر الذي يحرمنا من حضور الاجتماع. دعنا نسأل أنفسنا سؤالا ونجيب عليه صراحة, هب أن أحدنا استلم دعوة من إنسان ذات مركز وشهرة لحضور احتفالا أقامه لابنه وحيده, وفي هذا الاحتفال أعد وليمة عظيمة, من منا يتردد في أن يذهب إلى هذا الاحتفال ما لم يكن مريضا وفي خطر الموت؟ من المؤكد لابد أن نلبي الدعوة, على الأقل احتراما لهذا الشخص الذي دعانا دعوة شخصية؟ وماذا نفعل في حال وصول زائر في ذات ميعاد الاحتفال؟ اعتقد أننا نقدم الاعتذار له لأن لنا موعد مع هذا الرجل العظيم صاحب الاحتفال, ونطلب منه قبول الاعتذار على أن يؤجل موعد الزيارة لوقت آخر. الرب يسوع ملك الملوك ورب الأرباب سبق وقدم لنا الدعوة لحضور عشاءه قائلا لنا: "اصنعوا هذا لذكري". وفي أول الأسبوع, وفي أثناء قيامنا بالذهاب لحضور الاجتماع وإذا بضيوفنا الكرام أتوا لزيارتنا, ماذا نفعل؟ هل لنا الشجاعة الأدبية أن نقدم اعتذارنا للزائرين ونؤجل الزيارة احتراما للرب الذي دعانا بنفسه "قائلا اصنعوا هذا لذكري" أم نجاملهم على حساب الرب؟ وهل يوجد أفضل وأعظم من الرب حتى ينال التقدير أكثر من الرب؟! 3- الحضور في الميعاد: ولنا مثال ونموذج رائع في ذلك ألا وهو الرب يسوع الذي نقرأ عنه "ولما جاءت الساعة اتكأ والاثني عشر رسولا معه" (لو22: 14). مرات كثيرة يحضر البعض متأخرين مع أنه لا يوجد ما يستدعي التأخير, وإن دل هذا فهو يدل على الضعف الروحي وعدم التقدير للرب الذي وعد أن يكون في وسطنا, كما يدل على عدم اللياقة في ترتيب أمورنا. أي واحد منا دعي لحضور اجتماع يعقده الرئيس ويرضى على نفسه أن يدخل بعد أن أخذ الرئيس مكانه وجلس وبدأ يتكلم؟ أنا أعتقد أن كل واحد مدعو يذهب قبل الميعاد بوقت ويأخذ مكانه منتظرا مع جميع الحاضرين الموكب ودخول الرئيس ليشارك في الترحيب والاستقبال. ومن منا يذهب متأخرا لعمله الزمني اليومي وهو يعلم أن التأخير يسبب انعكاسات وعواقب ليست حسنة عند أصحاب العمل؟. وهنا نسأل لماذا لا نعامل الرب بالمثل بل وأكثر؟ وهل من اللياقة أن نحضر بعد وقت من بدأ الاجتماع ونحن نؤمن أن الرب يسوع حاضر في وسطنا حسب وعده وهو أعلى سلطة في الوجود, الرب الإله, خالق كل الأشياء؟. هذا ومن جانب آخر أن دخول أخ إلى الاجتماع متأخرا يسبب انزعاج للعابدين إذ يتسبب في انشغالهم وقطع أفكارهم عن التأمل في الرب كما أنه يسلب من اخوته المجتمعين الوقت الذي يختلون فيه لصنع الذكرى والسجود للرب, وبصراحة الإيمان وشجاعته الأدبية, يمكن أن أقول إن التأخير المستمر يشير إلى عدم ضبط النفس وضعف القدرة على مواجهة المتطلبات الضرورية. إنه من الأفضل جدا أن نصل الاجتماع قبل الوقت المحدد ونجلس بهدوء ونسكن قلوبنا في محضر الرب ونتأمل شخصه وعمله المجيد على الصليب, وإذ يبدأ الاجتماع تكون قلوب العابدين في فيضان روحي عميق فيقدم منها سجود يشبع قلب الرب. 4- يجب أن يكون كل مؤمن في حالة الاستعداد الروحي اللائق بهذه المناسبة: وهذا يتطلب منا تنفيذ القول "ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس" (1كو11: 28), وبمعنى آخر يجب الاعتراف الفوري بأي خطية صدرت منا وإدانتها في الحال في نور محضر الله والرجوع عنها. إن الأشياء التي يحذرنا الروح القدس من فعلها كثيرة ولا يمكننا أن نذكرها كلها في عجالة مثل هذه لكن نرجو من القارئ العزيز أن يقرأ الأعداد التالية (كو3: 5-10, 1بط2: 1). 5- يجب أن نكون في محضر الله في حالة الوقار والاحترام لشخصه المبارك: وهذا يلزمنا أن نلاحظ تصرفاتنا في محضره, فمثلا ليس من اللياقة أن يكون أحد الأخوة أو الأخوات في محضر الرب ويمضغ اللبان, كما يجب أن نلاحظ ملابسنا ومظهرنا الخارجي أن تكون لائقة بهيبة الرب الحاضر في الاجتماع وحتى لا تلفت انتباه الحاضرين (1تي2: 8-11, 1بط3: 1-4), وعلى الأخت أيضا أن تغطي رأسها وتصمت في الاجتماع طاعة لكلمة الله (1كو11: 1-16, 14: 34و35), كما يجب أن نعود أطفالنا على الجلوس بهدوء أثناء الاجتماع, كما يجب أن يكون تصرفنا متميزا بطابع الخشوع والتقوى. ونحن نفعل هذا لا ننس القول المكتوب عن الرب إلهنا "لأنه من في السماء يعادل الرب, من يشبه الرب بين أبناء الله. إله مهوب جدا في مؤامرة القديسين ومخوف عند جميع الذين حوله" (مز89 : 6و7) وأيضا "...العلي المرتفع ساكن الأبد القدوس اسمه. في الموضع المرتفع المقدس أسكن..." (إش57: 15). 6- يجب أن نركز كل تفكيرنا في التأمل في الرب وحده ونحذر من تشتتها في أي أمر كان, ونتجه بكل قلوبنا في التأمل في شخصه المبارك وعمله الكفاري باعتباره هدف الاجتماع ويمكن لنا ذلك عندما نتأمل في شخصه ومحبته وعمله وفي كلماته التي تساعدنا في تركيز الفكر, وذلك من خلال التأمل في كلمات كل ترنيمة نرنمها, وفي كلمات الشكر التي نستمع إليها أثناء تشكرات اخوتنا وأيضا أي جزء يقرأ من كلمة الله "مستأثرين كل فكر لطاعة المسيح" (2كو10: 5). 7- يجب أن تفرغ أذهاننا تماما من أية مشغولية مهما كان نوعها لتكون مهيأة للسجود والعبادة لشخصه فقط, ولنتعلم هذا الدرس بالذات من الرب رأسا الذي كان يعلم كل ما ينتظره وما يواجهه من ألم لا يقدر أحد أن يصفه, لكنه أخذ مكانه في وسط تلاميذه على العشاء ويذكر عنه "ولما كانت الساعة اتكأ والاثنا عشر رسولا معه" وكلمة اتكأ تعني أنه أخذ مكانه براحة كاملة وفي هدوء تام دون أية مشغولية بما سيحدث له مع أنه كان يعلم بكل ما يأتي عليه (يو18: 4), لذلك استطاع أن يأخذ خبزا ويشكر وكذلك الكأس أيضا. لنتعلم نحن أيضا هذا الدرس العظيم من الرب فنبعد عن كل ما يشغلنا عن الرب في محضره ولا سيما من المرض العصري المزعج وهو التليفون المحمول بأيدينا الذي في كل مرة يعطي صوته ينشئ انزعاجا وتشتيتا لا لحامله فقط بل أقول ولكل العابدين أيضا, لذلك من اللياقة والاحترام للرب في محضره يجب أن يغلق قبل دخول الاجتماع مهما كانت الأسباب. 8- لا نستبدل فرصة عشاء الرب تحت مسميات الخدمة أو الكرازة نهائيا, فالمنبر هو مكان الإنسان, وكثيرا ما يكون سبب الانقسامات والانشقاق بين الجماعة بسبب التزاحم عليه, أما عشاء الرب الذي إذا تعمق في النفس تأثيره يكون له أقوى عمل على دوام المحبة والاتحاد بين الجماعة. 9- يجب أن يمارس كل مؤمن منا دوره في ممارسة العبادة ونحن حول عشاء الرب: نحن نعلم من كلمة الله أن جميع المؤمنين هم كهنة لله, ولذلك يجب أن يقدم للرب من كل مؤمن منا "ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح" (1بط2: 5) فهو قد قال "ذابح الحمد يمجدني" (مز50: 23), ويوصي كاتب الرسالة إلى العبرانيين قائلا "فلنقدم به (بالمسيح) في كل حين لله ذبيحة التسبيح أي ثمر شفاه معترفة باسمه" (عب13: 15). كثيرون من المؤمنين يظهرون روح السلبية في محضر الله فلا تسمع أصواتهم, لا في تقديم الشكر للرب ولا في طلب ترنيمة وهكذا تمر السنين ولا يسمع أحد صوتهم في الاجتماع, لو تخيلنا أن كل واحد في الاجتماع فعل ذلك, ماذا تكون النتيجة؟! 10- على كل مؤمن أن يواجه مسئوليته بأمانة وفي روح الصلاة وأن يكون دائما مستعدا للخدمة إذا ما أرشده الرب أن يتكلم أثناء الاجتماع ويكون هدفه بنيان الكنيسة ولنلاحظ أن الخدمة ليست هي إلقاء الكلمات الرنانة والبلاغة في الحديث, لكنها كلمات معطاة من الرب ومصحوبة بقوة الروح القدس, فكم من كلمات قليلة وبسيطة تخرج من القلب بالروح القدس لها قيمتها أكثر من العبارات البليغة. ومن الملاحظ وجود نوعين من المتكلمين الأول: منها المندفع والمتسرع, والثاني: هو المتباطئ المتردد وهذا ما نجده في (مز32: 9) "لا تكونوا كفرس أو بغل بلا فهم. بلجام وزمام زينته يكم..."فالفرس يصور الشخص المتسرع المتهور الجامح الذي يندفع إلى المعركة بدون تفكير, أما البغل فمعروف بعناده فيحصل عنه القصور لمواكبة السرعة المطلوبة, فهو يرفض أن يتحرك لمجرد سماع الأمر, وعلاج هذه الحالة في قول الرب "أعلمك وأرشدك الطريق التي تسلكها أنصحك عيني عليك" (مز32: 8), لذلك لنحترس من الدوافع الجسدية والاستحسان البشري ولنخضع لقيادة الروح القدس في الاجتماع لكل شيء يجرى فيه من اختيار الترنيمات واللحن الذي ترنم به وكلمات الشكر والسجود والقراءات الكتابية وخدمة الكلمة حتى الوقفات في العبادة, ولنلاحظ أن يكون كل شيء بلياقة وترتيب, ولا يغيب عن بالنا أن اجتماع عشاء الرب ليس هو فرصة للترتيل فقط بل للسجود والشكر وقراءة كلمة الله والتعلم منها. الترنيم جميل ورائع ولكن الخوف هو من تحويل الاجتماع إلى فرصة للترنيم. كما ينبغي أن تكون ترنيماتنا متناسقة مع الغرض الذي من أجله يُصنع العشاء. 11- عدم الخروج من الاجتماع أثناء العبادة لأي سبب كان ما لم يكن لعذر قهري خارج عن إرادة الإنسان مثل المرض لأن الحركة الكثيرة تشتت أفكار العابدين وتضعف روح التأمل وبالتالي روح العبادة إلا بعد ممارسة العبادة وانتهاء الاجتماع. يذكر عن الرب يسوع والتلاميذ بعد أن انتهوا من ممارسة العشاء "ثم سبحوا وخرجوا..." (مر14: 26). س99: ذكر في السؤال السابق عن مؤمنين لا يشتركون في العبادة العلنية للرب مع أنهم مؤمنين ومشتركين على عشاء الرب. هل من أسباب دعت إلى ذلك؟ إن السكوت في الاجتماع لابد أن يكون له أسباب نذكر البعض منها:- · الخجل والخوف من أن يسمع الأخوة والأخوات صوتهم. ربما يرتعش المؤمن وهو يتكلم أو يصلي لأول مرة في الاجتماع, لكنه بالتكرار تتلاشى هذه الظاهرة وتحدث انطلاقة روحية في حياة هؤلاء لأنه لا يمكن أن تظهر المواهب في حالة الصمت. · الخوف من انتقاد بعض المؤمنين لهم, مع أنه أغلب الأحيان لا يحدث هذا, بل هو تصور وتخيل عند البعض. · عمل مقارنة بينهم وبين الشاكرين والإحساس بعدم وجود كفاءة شخصية لمسايرة هؤلاء العابدين. · عدم معرفة الأخ الصامت لمسئوليته في الاجتماع وإلقاء مسئولية السجود العلني على الأخوة الموهوبين حسب ظنه وهكذا تسقط الجماعة في شرك التقسيم إلى قادة وشعب وبالتالي نبعد كثيرا عن المبادئ الكتابية في الاجتماع باسم الرب. · عدم التمييز لصوت الرب وبالتالي عدم الطاعة لصوته. · ضعف الشركة مع الرب, وندرة التأمل في كلمة الله. · عدم الاهتمام بالروحيات كل أيام الأسبوع بسبب المشغولية المستمرة بالأمور العالمية, فالمؤمن الذي يدفن نفسه روحيا طوال أيام الأسبوع لا يتوقع نهضة تحدث له يوم الأحد. · قراءة الكتب والمجلات الهابطة, وتضييع الوقت في التسليات غير البناءة لحياتنا الروحية مع عدم الاهتمام بالأمور الروحية من دراسة كلمة الله والصلاة والمواظبة على حضور الاجتماع طوال الأسبوع. · عدم المعرفة لمحتوى كتاب الترنيم, فيصعب اختيار ما هو مناسب للاجتماع, ومثل هؤلاء نوصيهم باقتناء كتاب الترانيم على أن يقرأ في كل يوم ولو ترنيمة واحدة على الأقل فيصبح لدية معرفة بالترانيم, وبالتالي يمكنه أن يطلب ما هو مناسب لحالة الاجتماع, فإذا كانت مناسبة تكون سبب بركة للعابدين وإلا تفعل عكس ذلك عندما تطلب وترتل بطريقة تلقائية غير واعية. س100: هل يجب أن يكون المؤمن صائما قبل الاشتراك على عشاء الرب أم غير صائم؟ وأثناء الاشتراك على عشاء الرب هل من الضروري أن أخلع حذائي أم لا يهم هذا؟ لم يذكر عن التلاميذ عندما صنع الرب العشاء لهم أنهم كانوا صائمين ولكن جاء هذا القول "وفيما هم يأكلون أخذ يسوع خبزا وبارك وكسر وأعطاهم..." (مر14: 22). من الواضح أن الرب صنع العشاء التذكاري لتلاميذه بينما كانوا يتناولون عشاء الفصح اليهودي. إن الذين ينادون بضرورة الصيام قبل الاشتراك بنوا هذا الفكر على تحول الخبز إلى جسد فعلي ومادة الكأس إلى دم فعلي, ولذلك لا يجوز بحسب معتقدهم أن يتناول الشخص إلا إذا كان جوفه نقيا لذا وجب عليه الصيام, وفاتهم أن النقاء المطلوب هو نقاء الحياة الداخلية والقلب المطهر والمغتسل بدم المسيح. في ذات مرة لما رأى الفريسيون بعضا من تلاميذ الرب يسوع يأكلون خبزا بأيد دنسة أي غير مغسولة لاموا لآن هذا كان مخالفا لتقليد الشيوخ, مما جعلهم يسألون الرب عن "لماذا لا يسلك تلاميذك حسب تقليد الشيوخ بل يأكلون خبزا بأيد غير مغسولة", فوبخهم الرب وقال عن تعاليمهم "تعاليم هي وصايا الناس" وقال لهم أيضا "رفضتم وصية الله لتحفظوا تقليدكم" ثم قال لكل الجمع بعد أن دعاهم "ليس شيء من خارج الإنسان إذا دخل فيه يقدر أن ينجسه لكن الأشياء التي تخرج منه هي التي تنجس الإنسان...أما تفهمون أن كل ما يدخل الإنسان من خارج لا يقدر أن ينجسه. لأنه لا يدخل إلى قلبه بل إلى الجوف ثم يخرج إلى الخلاء وذلك يطهر كل الأطعمة, ثم قال إن الذي يخرج من الإنسان ذلك ينجس الإنسان لأنه من الداخل من قلوب الناس تخرج الأفكار الشريرة زنى فسق قتل. سرقة طمع خبث مكر عهارة عين شريرة تجديف كبرياء جهل. جميع هذه الشرور تخرج من الداخل وتنجس الإنسان" (مر7: 1-22). إن الصوم ضروري في حياتنا الروحية, وهو شيء رائع متى اقترن بالصلاة لأجل طلبة معينة, لكن لا توجد ضرورة للصوم قيل ممارسة العشاء. كذلك الوجود في محضر الرب يتطلب الخشوع والوقار والاحترام للرب الحاضر في وسط كنيسته والذي يعبر عنه بانحصار الفكر في التأمل في شخصه المبارك بقلب خاشع وساجد وليس بخلع النعلين من القدمين. يجب أن نلاحظ أننا لا نقدس المادة وإلا صارت وثنا, فنحن نعظم ونحترم ونسجد ونعبد الرب وحده صاحب العشاء الذي يحضر في كل اجتماع فيه نجتمع إلى اسمه, فالوقار والاحترام لشخصه يجب أن يكون سمة الحياة باستمرار وليس في اجتماع كسر الخبز فقط. س101: أنا مؤمن لي في خدمة الكلمة ومشترك على عشاء الرب, دعيت لخدمة الوعظ في ميعاد اجتماع كسر الخبز في مكان ما مما يجعلني لا أستطيع أن أمارس عشاء الرب, فهل أذهب للخدمة أم أعتذر عنها؟ التغيب عن حضور اجتماع كسر الخبز بسبب قبول دعوة لإلقاء عظة في مكان ما في ذات وقت اجتماع كسر الخبز ليس حسنا. لا يمكنني أن أقلل من أهمية خدمة الكلمة سواء التبشير أو التعليم, ولا يمكن وضع قوانين أو قيود محددة وصارمة عن متى وأين يخدم المؤمن مبشرا أو معلما بكلمة الله, ونعرف من العهد الجديد أن كل مؤمن يعتبر خادم للرب ومسئولية الخدمة مسئولية شخصية أمام سيده ولا يجوز لنا أن ندين أحد في ذلك, لكن لا ننس "كل الأشياء تحل لي لكن ليس كل الأشياء توافق" (1كو6: 12), فكل مؤمن منا علية أن يحكم ليس بين الحسن والرديء, بل أيضا بين الحسن والأحسن, بل يجب علينا أيضا أن نزن الأمور وزنا صحيحا ونحن في روح الصلاة في محضر الله, فيجب أن لا تكون الخدمة على حساب السجود في اجتماع كسر الخبز لأن هذه وصية الرب "اصنعوا هذا لذكري" وهذه الوصية تعلو عن أي خدمه أخرى, لنفترض أن جميع الأخوة تغيبوا عن اجتماع كسر الخبز بسبب قبولهم دعوة للخدمة, فما الذي يحدث لاجتماع ذكرى الرب؟ لذلك نحتاج أن نرجع إلي كلمات الرسول بولس "هذا أصليه أن تزداد محبتكم أيضا أكثر فأكثر في المعرفة وفي كل فهم حتى تميزوا الأمور المتخالفة لكي تكونوا مخلصين وبلا عثرة إلى يوم المسيح" (في1: 9و10). بالإضافة لما سبق, لا ننس أن الخادم يجب أن يكون قدوة لمخدوميه, فمتى سأل المؤمنون عن سبب غياب من يخدم عن عشاء الرب, ولاسيما لو كان السؤال من البادئين في الحياة الروحية, وعلموا أن التغيب كان بسبب قبول خدمة في مكان ما, ألا يتسبب هذا التصرف إلى عثرتهم أو استهانتهم بعشاء الرب فيفعل كل واحد منهم ما يحسن في عينيه؟ كما أن الرب يسوع لم يقل إن أحبني أحد يخدمني أكثر, لكنه قال "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي...الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني. والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأظهر له ذاتي...إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلا" (يو14: 15و21و23). لقد انشغلت مرثا بخدمة الرب يسوع أكثر من الجلوس عند قدميه وسماع كلامه كما فعلت أختها مريم, فما كان عليه إلا أن يوجه انتباهها بالقول "مرثا مرثا أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة, ولكن الحاجة إلى واحد. فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها" (لو10: 41و42). وقال الرب يسوع للمرأة السامرية "ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق. لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له" (يو4: 23). فالآب طالب ساجدين, والابن طالب محبين له, والسجود والحب نعلنهما للآب والابن في اجتماع كسر الخبز, والروح القدس يسر بتقديم السجود للآب وإظهار محبتنا للابن ونحن حول الرب في اجتماع كسر الخبز. أبعد هذا نفضل الذهاب لخدمة دعينا إليها عن إشباع قلب الآب والابن معا؟. ولا ننس أن المنبر هو مكان الإنسان الذي يحدث تزاحم عليه كثير من المرات, أما عشاء الرب هو مكان الرب شخصيا لأنه هو الذي دعانا لصنعه قائلا "اصنعوا هذا لذكري" وبالتالي فلابد أن يكون هو في مجلسه وبالتالي لابد أن تفوح رائحة نارديننا. (نش1: 12) س102: أليس الالتزام بحرفية الكتاب هو نوع من أنواع التزمت أو الناموسية, وأنت تعلم أن الرسول بولس يقول "الحرف يقتل"؟ ( 2كو3: 6). إنه من المدهش أن نسأل مثل هذا السؤال السابق إذ يعتبر صاحب السؤال أن التمسك بالحق المكتوب هو نوع من أنواع التزمت أو الناموسية على حد تعبيره! ونحن بدورنا نقول: إن لم نقبل أقوال الكتاب المقدس فأي كلام نقبل؟! وعلى أي مستند نستند؟! أ نقبل كلام الله ووصاياه التي تكلم بها, أم كلام البشر المبني على فلسفة الناس وحكمتهم العقيمة؟! هذا ومن جانب آخر فأن المعنى للقول "الحرف يقتل" ليس المقصود الأخذ بحرفية الكلام المكتوب في كلمة الله, لكن المقصود به الناموس ووصاياه الذي جلب على الإنسان القضاء بسبب عدم مقدرة البشر على طاعته, ولذلك يسميها الرسول بولس "خدمة الموت المنقوشة بأحرف في حجارة..." ويطلق عليها أيضا "خدمة الدينونة" وأيضا "الزائل", هذا بالمقارنة بخدمة العهد الجديد التي قال عنها "خدمة الروح", "خدمة البر", "الدائم" (2كو3: 6-11). ونرى في وصايا الروح القدس التي قدمها الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس ضرورة التمسك بالتعليم الصحيح فنراه يقول: "اكرز بالكلمة اعكف على ذلك في وقت مناسب وغير مناسب. وبخ انتهر عظ بكل أناة وتعليم لأنه سيكون وقت لا يحتملون التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم, فيصرفون مسامعهم عن الحق وينحرفون إلى الخرافات" (2تي4: 2-4) ويقول له أيضا "وأما أنت فاثبت على ما تعلمت وأيقنت عارفا ممن تعلمت. وأنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص بالإيمان الذي في المسيح يسوع. كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر لكي يكون إنسان الله كاملا متأهبا لكل عمل صالح" (2تي 3: 14-17) ويقول له أيضا "تمسك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعته مني في الإيمان والمحبة التي في المسيح يسوع" (2تي1: 13). ويجب أن نلاحظ أننا لو تساهلنا في شيء من حق الإنجيل لقادنا ذلك إلى روح التسيب وعدم التمسك بالحق الذي يجعلنا نصاب بمرض التساهل في كل شيء وتصير حياتنا بدون معنى. *******************
الفصل السادس عشر أسئلة حول آيات عسرة الفهم س103: في رسالة الرسول بولس الأولى للمؤمنين في كورنثوس يرد هذا القول "لا تقدرون أن تشربوا كأس الرب وكأس شياطين. لا تقدرون أن تشتركوا في مائدة الرب وفي مائدة شياطين" ما المقصود بكأس ومائدة شياطين؟ يتحدث الرسول بولس للمؤمنين في كنيسة كورنثوس في الأصحاح الثامن عن الأوثان وفي الأصحاح التاسع يتحدث عن الخدمة وأيضا عن الأوثان وفي الأصحاح العاشر يعود ويتحدث عن الخدمة والأوثان, وكأن روح الله يريد أن يقول لنا أنه لا يمكن أن يكون لمائدة الرب مكان طالما هناك أوثان. في العدد الثامن عشر يقول ما معناه أن حتى وجودهم في معابد يهودية هذا يعتبر في حد ذاته أوثان. بعد أن طلب الرسول بولس في العدد الرابع عشر من المؤمنين أن يهربوا من الأوثان, بدأ الحديث عن مائدة الرب. وهنا نسأل: ما هي مائدة الرب؟ والجواب هو أن المائدة هي مكان للشركة, "الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضا شركة معنا. وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح" (1يو1: 3), فالمائدة مكان نجد فيه أشياء نتشارك فيها معا. في سفر دانيال نقرأ عن أناس يكذبون على مائدة واحدة, أما بالنسبة لمائدة الرب نرى أن الرسول يطلب منا بالروح القدس أن نهرب من الأوثان. مع ملاحظة أن الوثن هنا هو أي شيء يأخذ مكان الرب في قلوب أبناء الله. إن مكاننا عند مائدة الرب هو مكان عكس المكان الذي يذهبون إليه عبدة الأوثان, لذلك في العدد الثاني والعشرين يقول "لا تقدرون أن تشتركوا في مائدة الرب وفي مائدة شياطين. هذه مكانة الله التي رفعنا إليها. يوجد في العالم ثلاثة فئات (1كو10: 32), اثنان منها هما اليهود والأمم, ونرى أن ما يميز اليهود هو خيمة الاجتماع (1كو10: 18, عب13: 10), وما يميز الأمم هو عبادة الأوثان (1كو10: 19-22) والفلسفة (أع17: 15-21). ومن بين هاتين الجماعتين يؤسس الرب جماعة ثالثة وهي كنيسة الله (1كو10: 32), والشيء الذي يميز كنيسة الله هو مائدة الرب. في مطلع الأصحاح الذي وردت فيه العبارة السابقة موضوع السؤال, يحذر الروح القدس المؤمنين من الاختلاط أو المشاركة في عبادة الأوثان بالقول: "لذلك يا أحبائي اهربوا من عبادة الأوثان" (1كو10: 1-14), ثم يضع أمام المؤمنين موضحا ما يعنيه كل من الخبز والكأس (1كو10: 15-17), ثم يتخذ من العهد القديم دليلا فيقول "انظروا إسرائيل حسب الجسد. أليس الذين يأكلون الذبائح هم شركاء المذبح" وهنا يريد أن يلفت انتباهنا إلى أن الأكل على مائدة الرب يدل على الشركة معه وهذا ما نراه في الذين أكلوا قديما من الذبائح, بمعنى أنه كان لهم شركة في "المذبح" وهنا يشير إلى ذبيحة السلامة, فإن الذين كانوا يأتون بذبائحهم إلى الهيكل كان يتم إحراق جزء من الذبيحة ويحتفظ بجزء آخر للكهنة بينما يخصص الجزء الثالث لمقدم الذبيحة وأصدقائه, وكان هؤلاء يأكلون من الذبيحة في اليوم نفسه. ومن هنا نرى أن كل من أكل من الذبيحة أعلن عن اتحاده بالله وبالأمة وبكل ما يمثله "المذبح". ومن هنا يمكن أن نقول أن الاشتراك في مائدة الرب يعبر عن الشركة مع الرب. وكما أن العبرانيين القدامى باشتراكهم في ذبيحة السلامة عبروا عن الشركة في "مذبح الرب" هكذا الأكل من وليمة وثن تعبر عن الشركة مع الأوثان, ومن هذه العبارة يبرهن على ما قصد توضيحه فقال "فماذا أقول. أ إن الوثن شيء أو إن ما ذبح للوثن شيء. بل إن ما يذبحه الأمم فإنما يذبحونه للشياطين لا لله" (1كو10: 19و20) لا يقصد الرسول في هذه الأقوال أن اللحم المذبوح للأوثان تغير صفته أو نوعيته ولا يقصد نهائيا أن الوثن حقيقي يسمع ويرى ولديه قوة, بل ما يريد الرسول توضيحه هو أن "ما يذبحه الأمم فإنما يذبحونه للشياطين لا لله". فإن عبادة الأوثان مرتبطة بالشياطين, والشياطين باستخدامهم الأوثان يسيطرون على قلوب وعقول من يعبدونها لذلك يقول "فلست أريد أن تكونوا أنتم شركاء الشياطين. لا تقدرون أن تشربوا كأس الرب وكأس شياطين. لا تقدرون أن تشتركوا في مائدة الرب ومائدة شياطين" (1كو10: 18-21), والمقصود هنا أن عملا كهذا يتعارض مع الإيمان الحقيقي من الناحية الأدبية, بل ويعتبر خيانة للرب يسوع وعدم ولاء له الشيء الذي يغيظ الرب ويثير سخطه العادل فبنزل التأديب علينا. ومن هنا نرى ضرورة الانفصال عن العالم بكل صوره المتعددة وأنظمة عباداته الوثنية المتنوعة, وضرورة عدم التساهل في ذلك. الروح القدس يوصي المؤمنين بالقول "لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين. لأنه أية خلطة للبر والإثم. وأية شركة للنور مع الظلمة. وأي اتفاق للمسيح مع بليعال. وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن. وأي موافقة لهيكل الله مع الأوثان .فإنكم أنتم هيكل الله الحي كما قال الله إني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلها وهم يكونون لي شعبا. لذلك اخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب ولا تمسوا نجسا فأقبلكم. وأكون لكم أبا وأنتم تكونون لي بنين وبنات يقول الرب القادر على كل شيء" (2كو6: 14-18). ليعيننا الرب لنسلك بموجب الحق الذي تعلمنا إياه كلمة الله وليحفظنا من روح التسيب والتساهل في هذه الأيام الأخيرة التي تسبق مجيء ربنا يسوع المسيح الثاني. س104: ما المقصود بالقول "إذاً أي من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرما في جسد الرب ودمه" والوارد في الرسالة الأولى إلى المؤمنين في كورنثوس؟ (1كو11: 27 ). إن كلمة "إذاً" التي ترد في أول العبارة هي كلمة استنتاجيه تربط الكلام السابق في الأعداد 23-26 بالكلام اللاحق في الأعداد 27-32. ومن الكلام السابق لها وفي الأعداد 23-26 نري الخبز صورة لجسد الرب والكأس صورة لدمه, لذلك كلما أكلنا هذا الخبز وشربنا هذه الكأس نخبر بموت الرب إلى أن يجيء. فمن الواضح لنا مع أن الخبز والكأس لم يحدث لهما تحول أو تغير في مادتيهما, لكن لكونهما يرمزان إلى جسد الرب ودمه فيتحتم علينا أن نوقر ونحترم كل ما يرمز إلى الرب, فنحن نعلم أن من يحترم صورة شخص ما فهو يحترم صاحبها, ومن يزدري بالصورة يزدري أيضا بصاحبها. ولذلك لم يقل: إذاً أي من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرما في هذا الخبز وهذه الكأس, لكنه قال "يكون مجرما في جسد الرب ودمه". الرسول هنا لا يتكلم عن الاستحقاق الشخصي, لكنه يتكلم عن السلوك المعيب الذي ميز الكورنثيين لما كانوا يجتمعون لممارسة عشاء الرب. لقد كانوا مذنبين في اتباع سلوك متهاون خال من الوقار, وسلوك كهذا يكسب صاحبه صفة مجرم في جسد الرب ودمه, وبمعنى آخر: المؤمن الذي لا يقدر عشاء الرب الذي فيه نذكر موت المسيح وقيامته ومجيئه السعيد إلينا, ويسلك سلوكا خالي من الوقار للرب صاحب العشاء هو الذي ينطبق عليه القول "...من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرما في جسد الرب ودمه". ومن هنا يجب أن نلاحظ أن العبارة التي أمامنا ليست عن المؤمن الشاعر بعدم استحقاقه الذاتي للوجود أمام الله, والمعتمد أولا وأخيرا على نعمته الغنية في أمر الخلاص, بل إنها عن المؤمن المهمل الذي يستخف بعشاء الرب فلا يمتحن نفسه قبل الاشتراك فيه. س105: ومن العبارة "إذا من أكل هذا الخبز أو كأس الرب بدون استحقاق", نحن نسأل من هو الشخص الذي ينطبق عليه القول "بدون استحقاق؟ إننا جميعا غير مستحقين في ذواتنا للاشتراك في عشاء الرب ولا لأي شيء من مراحمه وبركاته, لكن ليس هذا هو الموضوع الذي يريد الرسول بولس أن يتكلم عنه, فهو لا يتكلم عن استحقاق شخصي في ذواتنا, فإننا من لحظة تطهرنا بدم المسيح صار لنا الاستحقاق للاقتراب من الله من خلال ابنه الوحيد . ليس هناك واحد من المؤمنين الحقيقيين مهما بلغ أسمى درجات التقوى يستحق في ذاته أن يكون مقبولا أمام الله. "لأن الجميع زاغوا وفسدوا معا. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد" (رو3: 12), ومن هنا يجب أن نلاحظ أن قبول أي مؤمن منا أمام الله يتوقف على شيء واحد ألا وهو عمل المسيح الكفاري الذي تممه بموته على الصليب مرة واحدة وإلى الأبد لأنه من خلال هذا العمل وفيت كل مطالب عدالة الله. هذا التعبير "بدون استحقاق" لا يشير إلى المؤمنين المحيطين بعشاء الرب, لكنه يشير إلى الكيفية التي بها يتناولون هذا العشاء. لم يشك الرسول بولس في إيمان الكورنثيين بل في مطلع رسالته يقول عنهم "كنيسة الله التي في كورنثوس القديسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين", رغم أنه ذكر في ذات الرسالة أخطاء كثيرة صدرت منهم (راجع 1كو1: 10-12, 3: 1-3, 5: 1, ...). إذاً كيف يتسنى للرسول بولس أن يتكلم عنهم في مطلع الرسالة بهذه الأقوال ثم بعد ذلك يظهر الشك في إيمانهم في الأصحاح الحادي عشر؟ بالطبع هذا مستحيل. لقد نظر إليهم الرسول قديسين وعلى هذا الاعتبار كان يحثهم على أن يحيطوا حول عشاء الرب بحاله تليق بها. وبجوار هذا يمكننا أن نقول أنه هناك فئات ينطبق عليها هذا القول "غير مستحقين" نذكر البعض منها:- 1- من المؤكد أن غير المؤمن لا يستحق إلا بعد ولادته الجديدة, فكما أنه لا يجوز لأي شخص في العهد القديم أن يأكل من الفصح إلا من احتمى في الدم من ضربة المهلك, هكذا أيضا لا يجوز لأي شخص أن يشترك في عشاء الرب إلا إذا كان قد احتمى في دم المسيح وولد من الله ولادة ثانية, فالخبز هو شركة جسد المسيح والكأس هو شركة دم المسيح (1كو10: 16و17) ولذلك ليس لغير المفديين الحق في الاشتراك في عشاء الرب, لأنهم كيف يذكرون شخصا هم لم يستفيدوا من عمله؟ 2- كل مؤمن له شركة في مائدة شياطين أي موائد الوثنية بمختلف صورها (1كو10: 20و21) لا يستحق الاشتراك في عشاء الرب إلا بعد الانفصال عن أي شركة من هذا القبيل. 3- كل من يعيش الخطية ولا سيما الخطايا المذكورة في (1كو5: 11-13) "إن كان أحد مدعو أخا زانيا أو طماعا أو عابد وثن أو شتاما أو سكيرا أو خاطفا أن لا تخالطوا ولا تواكلوا مثل هذا ... فاعزلوا الخبيث من بينكم". وإليك مثالا لذلك: الأخ الذي كان من الكنيسة التي في مدينة كورنثوس وارتكب الخطية مع زوجة أبيه, فمع أنه لم يفقد مركزه ولا مقامه في المسيح, لكنه حرم من الشركة مع اخوته حتى أظهر وأعلن توبته (1كو5: 1-5, 2كو2: 5-10). 4- كل من يحتفظ بأي نوع من أنواع الخمير الذي يحذرنا الكتاب المقدس منه مثل:- · خمير السلوك (1كو5: 8). · خمير التعليم (غلا5: 9, مت16: 6و12). · خمير الفريسيون الذي هو الرياء (لو12: 1). · خمير الصدوقيون (مت16: 11). · خمير هيرودس (مر8: 15). هؤلاء لابد أن يتنقوا من الخمير أولا قبل الاشتراك في عشاء الرب. 5- كل من له علاقة وشركة بجماعات تعلم تعاليم ضد لاهوت ربنا يسوع المسيح وكفاية عمله أمثال شهود يهوة وغيرهم, إلا بعد إعلان توبتهم عن هذه التعاليم المهلكة (2بط2: 1-3). س106: ما معنى القول : "لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق, يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب ودمه. من أجل ذلك فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون. لأننا لو كنا قد حكمنا على أنفسنا لما حكم علينا. لكن إذ قد حكم علينا نؤدب من الرب لكي لا ندان مع العالم" (1كو11: 29-32). أرجو الإيضاح؟ بعد أن عرفنا من السؤال السابق من هو الشخص الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق, نرى في هذه الأعداد المذكورة في هذا السؤال, سياسة الله التأديبية وسلطانه على بيته "يا ابني لا تحتقر تأديب الرب ولا تخر إذا وبخك. لأن الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله... فأي ابن لا يؤدبه أبوه" (عب12: 4-11). ومن هنا يمكننا أن نقول أن الدينونة الواردة في هذه العبارات ليست هي الدينونة الأبدية, لأن هذه قد حملها الرب يسوع بدلا عنا على الصليب, وينجو منها كل من يؤمن به إيمانا قلبيا مستندا على صدق الله في وعده "الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة" (يو5: 24), وهذا ما تؤكده العبارات السابق ذكرها في السؤال ذاته, لأنها تعلن لنا:- أولا : إن المؤمن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق قد يقضى عليه بالتأديب الذي ربما يصل أحيانا إلى الرقاد, وهذا ما حكمت به الكنيسة والرسول بولس على المؤمن الذي ارتكب الخطيئة مع زوجة أبيه "أن يسلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع" (1كو5: 5). الرقاد هنا يختلف عن الموت, فالمقصود به انتقال المؤمن إلى الفردوس (لو23: 43), بينما الموت يعبر به عن موت الخطاة الرافضين للرب يسوع وعمله النيابي على الصليب وذهابهم إلى موضع العذاب في الهاوية (لو16: 22-28). ثانيا : إن المؤمن يمكن أن يؤدب من الرب هنا على الأرض في الزمان الحاضر لكي لا يدان مع العالم لأن الدينونة قد حملها المسيح نيابة عنه. إن غرض الرب من التأديب ليس هو الانتقام منا, بل لنقدر نعمته ونسلك السلوك المقدس أمامه باعتبارنا أولاد الله المحبوبين (عب12: 6-10). س107: ما معنى القول "ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس" والوارد في (1كو11: 28)؟ حيثما اتحد البشر لابد أن تظهر بينهم البدع والانشقاق, ولكن حينما يجتمع المؤمنون معا حول الرب لصنع الذكرى, يظهرون ويؤكدون ما يعنيه عشاء الرب معترفين بما يعلمهم إياه هذا العشاء من جهة إظهار وحدة كنيسة الله التي من أجلها أرسل الرب الروح القدس من عند الآب. إن الرب الحاضر في وسط كنيسته هو صاحب العشاء ومن المؤكد انه كما أخذ الخبز وشكر وأعطى التلاميذ ليأكلوا وكذلك الكأس أيضا لازال يفعل هكذا معنا, ولا زال يقول "خذوا هذه واقتسموها بينكم". إن أدركنا هذا لقبلنا بعضنا البعض على هذا الأساس المسيحي الصحيح أننا أعضاء في الجسد الواحد ولنا شركة بعضنا مع بعض, والرب يسوع الذي قال "وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليَ الجميع" (يو12: 32) هو مركز هذه الشركة وهذا الاتحاد, وبوجودنا على العشاء بعضنا مع بعض نحن المؤمنين لا يمكننا أن نعترف بشيء ما سوى اتحاد جميع المؤمنين وليس فئة معينة منهم وإلا أصبح العشاء مرتبط بطائفة معينة وليس بالرب. ومن هذا المنطلق يأتي القول "ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس" لم يقل ليثبت الإنسان أنه مؤمن وهكذا يأكل, أو ليمتحن المؤمن نفسه وهكذا يأكل, "ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل..." بمعنى ليظهر الإنسان وليعلن أنه واحد من المؤمنين ليس الذين يسلكون بالتدقيق واستقامة قلب بصفة شخصية فقط, بل ويعملون على إظهار وحدة كنيسة المسيح التي هي جسده. هذا ومن جانب آخر يرى البعض أن هذا العدد شمولي ويتضمن السلوك المسيحي والحياة العملية الأمر الذي يتطلب امتحان النفس دائما والاعتراف بكل ما يعوق الشركة الروحية سواء مع الرب أو مع بعضنا البعض, ويعوق أيضا ممارسة عشاء الرب. فإن الذين يمارسون عشاء الرب يجب أن لا يستخفون به, بل يعطوا الوقار والاحترام اللائق بالرب صاحب العشاء, ومن ثم يجب أن يمتحنوا أنفسهم امتحانا دقيقا ويعترفوا للرب بما يرونه في أنفسهم من نقائص. ومكتوب "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (1يو1: 9). يحكى عن ثلاثة مؤمنين كان لهم الحديث معا عن "ليمتحن الإنسان نفسه", قال أحدهم: إنني في نهاية كل أسبوع وقبل يوم الرب بصفة خاصة أمتحن وأفحص نفسي وأعترف للرب بكل ما فعلت من خطايا طوال الأسبوع حتى يمكنني الاشتراك في عشاء الرب. وقال الثاني أنا لا أنتظر لنهاية الأسبوع لأفعل هذا, بل أفعله في نهاية كل يوم. فقال الثالث وأنا أيضا لا أفعل هكذا ولا أنتظر إلى نهاية اليوم, بل بمجرد أن يحدث مني ذللا ما على الفور أعترف به. وهنا أسأل ماذا عني وعنك أيها القارئ العزيز؟ يجب أن نلاحظ القول بعد أن يمتحن الإنسان نفسه "وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس", فالامتحان لا ينتهي بالامتناع عن الاشتراك في عشاء الرب, بل يجب أن ينتهي بإزالة الموانع وبالتالي يأكل من الخبز ويشرب من الكأس, مع ملاحظة أن الاشتراك في عشاء الرب دون امتحان هو شر فهذا دليل على عدم المبالاة بوصية الرب, وكذلك الامتحان الذي لا يؤدي إلى الاشتراك هو أيضا شر لأن ذلك يدل على التساهل مع الخطيئة والتراخي في أمور الله. س108: يقول الرسول بولس للمؤمنين في كورنثوس "لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب" (1كو11: 29). ما المقصود بالقول "دينونة لنفسه" والقول "غير مميز جسد الرب"؟ لا يقصد الروح القدس كما سبق وذكرنا, بالقول "غير مميز جسد الرب "أنه قد حدث تحول حرفي للخبز والكأس إلى جسد الرب ودمه, بل يقصد أن الخبز والكأس يشيران إلى جسد الرب ودمه. وهنا نقول أن المؤمنين عندما يشتركون في الخبز والكأس إنما يميزون جسد الرب ودمه بطريقة روحية, وذلك عندما يدركون بالإيمان حقيقة هذه الرموز, فيرون في الخبز صورة لجسد الرب وفي الكأس صورة لدم الرب المبارك. والمؤمن في ضوء إعلان الكتاب المقدس يستطيع أن يميز ويقدر عظمة المعنى الروحي لكل من الخبز والكأس. لأنه وإن كان الخبز بعد الشكر عليه يظل كما هو خبز وكذلك الكأس أيضا, لكن قيمتهما تستمد من مما يشيران إليه, أي جسد الرب ودمه الذي به تم الفداء وصار الضمان الأبدي مكفولا لكل المؤمنين الحقيقيين. هذا ومن جانب آخر فإن المؤمن يقدر وصية الرب المخلص "اصنعوا هذا لذكري" التي قد سلمها لشعبه حينما صنع هذا العشاء لأول مرة, هذه الوصية التي أعطت لهذا العشاء قيمة روحية عظيمة. كما أن الاستهانة بالخبز والكأس هي استهانة بالرب نفسه صاحب العشاء الأمر الذي يعرض من يستهين للدينونة. ليس المقصود بالدينونة هنا الدينونة الأبدية, لأن الرب يسوع قد حملها نيابة عنا على الصليب, ونحن الذين آمنا به إيمانا قلبيا وحقيقيا قد نجونا منها وإلى الأبد (يو5: 24). ولكن المقصود بها هنا التأديب كما ذكرت من قبل, لذلك يقول "يأكل ويشرب دينونة لنفسه..." بمعنى يتحمل هو شخصيا نتيجة استهتاره واستهانته وتعديه على كرامة جسد الرب ودمه الذي يشير ويرمز إليه العشاء. س109: ما هو ارتباط الأقوال السابقة بالقول "من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون, لأننا لو كنا حكمنا على أنفسنا لما حكم علينا. ولكن إذ قد حكم علينا نؤدب من الرب لكي لا ندان مع العالم" (1كو11: 30-32)؟ واضح لنا أنه يوجد ارتباط وثيق بين الأقوال السابقة والأقوال اللاحقة, فإن الذي يستهين بعشاء الرب ويأكل ويشرب بدون استحقاق يعرض نفسه للتأديب, وهذا ما حدث مع بعض المؤمنين في كورنثوس, فكانت يد الرب عليهم للتأديب, لذلك يقول لهم "من أجل ذلك فيكم كثيرون ضعفاء (أي ضعفاء روحيا), ومرضى, (وهؤلاء تحت التأديب), وكثيرون يرقدون, (وهؤلاء يرقدون تحت التأديب أيضا)". لذلك يجب أن يحكم كل واحد منا على نفسه ويدين أي نوع من أنواع الشر يظهر في حياته وإلا يد الرب تمتد للتأديب لكي لا ندان مع العالم, "لأنه الوقت لابتداء القضاء من بيت الله" (1بط4: 17). س110: يقول الرسول بولس "كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح" ثم يقول "الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح" (1كو10: 15و16). لماذا يذكر دم المسيح في هذا العدد أولا, أما في تأسيس عشاء الرب فجاء ذكر الخبز أولا؟ قبل أن نجيب على هذا السؤال نريد أن نعلق بعض الشيء على هذا العدد: "كأس البركة" هنا تشير إلى كأس الخمر التي نشربها في ممارسة عشاء الرب, وهي كأس تشير إلى البركة العظمى التي حصلنا عليها نتيجة موت ربنا يسوع المسيح على الصليب وسفك دمه الكريم, ومن هذا المنطلق تسمى الكأس "كأس البركة". والعبارة "التي نباركها" تعني "التي نشكر عليها ", فعندما نشترك في هذه الكأس نعلن أننا شركاء مع كل المؤمنين في الفوائد الروحية التي صارت لنا من خلال دم المسيح. وبتعبير آخر يمكننا أن نقول العبارة كالآتي "الكأس التي تشير إلى البركات العظمى التي حصلنا عليها بواسطة دم الرب يسوع, والتي نشكر عليها, هي شهادة بأن جميع المؤمنين هم شركاء في الفوائد والبركات الروحية التي أساسها دم المسيح". وما تكلمنا عنه بخصوص الكأس ينطبق تماما على "الخبز الذي نكسره" أي الرغيف الذي نشترك في أكله. فعندما نشترك نحن المؤمنين في أكل الخبز نعلن أننا جميعا خلصنا بتقديم جسد المسيح على الصليب. ويمكننا أن نقول أن الكأس والخبز يمثلان الشركة مع المسيح والاشتراك في خدمته المجيدة لأجلنا. أما من جهة السؤال المذكور أعلاه بخصوص أسبقية الكأس عن الخبز فالجواب: أن الرسول بولس يتكلم هنا عن ترتيب الأحداث عندما ندخل في شركة الإيمان المسيحي. فالخاطئ قبل أن يدرك ما معنى جسد المسيح فهو يحتاج أولا أن يحتمي في دم ربنا يسوع المسيح ويستفيد من الفوائد الروحية الناتجة عن ذلك, وبالتالي فالمؤمن البادئ عادة يفهم قيمة دم المسيح قبل أن يدرك الحق المتعلق بوحدة المؤمنين باعتبارهم جسد المسيح. وهكذا يبرز هذا العدد الترتيب الذي به نفهم الخلاص المقدم لنا من الله وبركاته, ولذلك يذكر الكأس قبل الخبز. فالدم هو الأساس الذي به يكون لنا نصيب في مائدة الرب. س111: ما هو المعنى المستفاد من العبارة التي قالها الرسول بولس للمؤمنين في كورنثوس "أم تستهينون بكنيسة الله وتخجلون الذين ليس لهم", والقول "إذا يا أخوتي حين تجتمعون للأكل انتظروا بعضكم بعضا" (1كو11: 22و33) وما المقصود بالقول "المزكون" في عدد19؟ ومن هم؟ لا يكتب الروح القدس شيئا إلا وله معناه وفائدته, فالقول "وتخجلون الذين ليس لهم" يعنى بها ليس لهم الثراء الذي يؤهلهم لإحضار طعامهم مثل بقية الأغنياء الذين أحضروا طعامهم معهم. والدرس المستفاد من هذه العبارة السابق ذكرها هو: أنه لا يجوز نهائيا وجود أي فوارق بين المؤمنين بعضهم لبعض أثناء ممارستهم لعشاء الرب أو في أي اجتماع للعبادة, فالغني والفقير, المتعلم والجاهل, الكبير والصغير, الخادم والمخدوم جميعهم واحد. الجميع هالكون وأموات بالذنوب والخطايا (أف2: 1), وجميعهم خلصوا بالإيمان بالرب يسوع وعن طريق موته وسفك دمه الكريم على الصليب وبالنعمة "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد" (أف2: 8 و9), ويقول الرسول بطرس عن المؤمنين "إلى الذين نالوا معنا إيمانا ثمينا مساويا لنا ببر إلهنا والمخلص يسوع المسيح" (2بط1: 1). يجب أن نلاحظ أن من أعطاهم الرب خدم ومواهب روحية لهم مركز خاص في الوعظ والتعليم والإرشاد, لكن في ذات الوقت لا فرق بينهم وبين بقية المؤمنين وهم حول عشاء الرب الذي من خلاله يتذكرون جميعا الرب الذي فداهم وخلصهم بموته على الصليب. أما من جهة القول "حين تجتمعون للأكل (الأكل من عشاء الرب) انتظروا بعضكم بعضا "فهذا شيئا ضروريا وذلك للأسباب التالية:- 1- هذا العشاء يشير إلى وحدة المؤمنين باعتبارهم أعضاء جسد المسيح الواحد والذي يشير إليه الرغيف الواحد, ولهذا السبب يجب أن ينتظر المؤمنون بعضهم بعضا. 2- هذا العشاء ليس هو عشاء واحد من المؤمنين, بل هو عشاء الرب وكل المؤمنين ما هم إلا ضيوف في حضرة الرب وليس من اللياقة أن أحد الضيوف يأخذ مكان الأفضلية أو الأولوية عن غيره من المؤمنين ولذلك ينبغي لنا أن ننتظر بعضنا بعضا. 3- قول الرسول للمؤمنين أن ينتظروا بعضهم بعضا يدل على أن العشاء المذكور قد وضع بين أيديهم جميعا وأنهم كجماعة مسئولين عن كل تصرف لا يليق به, ولا نستغرب في هذا لأن الرب لم يكن رب لفريق معين منهم بل هو رب للجميع ولذلك يجب على الكل أن يطيعونه طاعة كاملة. أما المقصود بالقول "المزكون" هو هؤلاء المؤمنون الذين يلمعون ويظهرون بتمسكهم بالحق وقت ظهور البدع والأمور المخالفة لتعاليم ربنا يسوع المسيح ويتميزون بالآتي :- ¨ الإخلاص للرب في ممارسة عشاء الرب. ¨ الابتعاد عن كل الانقسامات والخصومات. ¨ يسعون دائما على وحدة كنيسة الله. ¨ غير أنانيين فهم لا ينشغلون بغفران خطاياهم وبسلامهم وبفرحهم الداخلي ويهملون مجد الله واتحاد كنيسته المحبوبة. ¨ لا يهتمون بذواتهم قدر ما يهتمون ببيت الله. ***********
الفصل السابع عشر علاقة المؤمن بالأوساط غير الكتابية س112: هل من الممكن للمؤمن أن يشترك في ممارسة عشاء الرب مع أي جماعة تحت أي مسمى طائفي؟ وإن كان الجواب بنعم أو لا, نرجو ذكر الأسباب؟ لا يمكن للمؤمن الحقيقي الفاهم لكلمة الله أن يشترك في ممارسة عشاء الرب مع أي جماعة تحت أي مسمى طائفي وذلك للأسباب التالية:- 1- للمسيح جسد واحد, كنيسة واحدة, كما هو مكتوب "جسد واحد وروح واحد كما دعيتم أيضا في رجاء دعوتكم الواحد" (أف4: 4), كما أن هذا الجسد رأسه واحد وهو المسيح (كو1: 18), هذا ما تعلمنا إياه كلمة الله, وهذا ما نتعلمه من الرغيف الواحد ونحن نصنع العشاء "فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد" (1كو10: 17). الرغيف الواحد هو صورة لكنيسة الله الواحدة المتحدة والموجودة في كل العالم وفي كل العصور. أنا أقصد من كلمة الكنيسة كل المؤمنين في كل العالم, وإن لم نعترف بوحدة الكنيسة فنكون جانبنا الصواب وصرنا طائفة تتضارب مع كل ما يسمى طائفة, وهذا ما لا نقبله نهائيا. ولذلك كل من لا يعترف بوحدة الكنيسة باعتبارها جسد المسيح الواحد تحت أي مسمى من المسميات الطائفية, ولا يعترف أيضا بالمسيح باعتباره رأس الجسد, لا يمكن أن تقوم لنا شركة معه. 2- لا يمكن أن يشترك كل من تعلم الحق في أي ممارسة ليس لها أساس كتابي صحيح وإلا صار شريك في كل ما هو غير متوافق مع كلمة الله وهذا نوع من أنواع الخمير التي يجب أن نتنقى منه. 3- وبالإضافة لما سبق كيف يمكن لمن شارك في الخطأ أن يعلم الحق ويقول عنه أنه حق بعد أن صار له شركة مع من يمارس بطريقة غير صحيحة؟, وإلا فالسؤال يفرض نفسه كيف اشترك في الخطأ وهو يعلم الحق ما لم يكن الحق الذي تعلمه باطل ؟ . 4- لا يمكننا أن نقول عن كل عشاء أنه عشاء الرب, فعشاء الرب له أوصافه الخاصة فمثلا لابد أن يرتبط بالرب وحده وليس بأصحاب المواهب, واجتماع كسر الخبز الذي يمارس فيه عشاء الرب ينبغي أن يكون باسم الرب وتحت رئاسته "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20), ولا يسود عليه أي نظام بشري بل تخضع كل الجماعة المجتمعة لقيادة الروح القدس. هذا بالإضافة إلى أنه يجب أن يكون أمام المؤمنين رغيف واحد صحيح لا يكسر إلا بعد الشكر عليه وكذلك كأس واحدة توزع بعد الشكر عليها أيضا. 5- هذا ومن جانب آخر لا يمكننا أن نشترك مع جماعة بها خمير تعليم يخص الله في وحدانيته وثالوث أقانيمه (الآب والابن والروح القدس), ولاهوت ربنا يسوع المسيح, وكمال عمله في خلاص المؤمنين, والضمان الإلهي للمؤمن وثبات مركزه, وسيادة المسيح المطلقة على كنيسته باعتباره رأسها وهي جسده, ومجيئه الثاني لاختطاف كنيسته وملكه السعيد والحالة الأبدية, وغيرها من التعاليم الكتابية. س113: إذا حضرت في اجتماع ما ولاحظت أنهم لا يمارسون عشاء الرب بحسب المكتوب وامتنعت عن ممارسة العشاء معهم, ألا يعتبر هذا غرور وكبرياء مني؟ وألا يعثرهم تصرفي هذا؟ لا علاقة للكبرياء بامتناعك عن ممارسة عشاء الرب مع من لا يمارسونه بطريقة صحيحة حسب ما علمنا إياه ربنا يسوع المسيح, بل هو تمسك بالحق وذلك للأسباب التالية:- 1- لأنه لا يمكننا أن نجامل أحد على حساب حق المسيح وكلمته التي توصينا بالتمسك بالتعليم الصحيح, التمسك الواضح في حياة التقوى وطاعة الحق. لقد أوصى الرسول بولس شريكه في الخدمة تيموثاوس بأن لا يتحول أو ينحرف عن التعليم الصحيح قائلا "وأما أنت فاثبت على ما تعلمت وأيقنت عارفا ممن تعلمت. وأنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص بالإيمان الذي في المسيح يسوع" (2تي3: 14و15), ويقول له أيضا "تمسك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعته مني في الأيمان والمحبة التي في المسيح يسوع. احفظ الوديعة الصالحة (ما سلمه الرسول بولس من تعليم لتيموثاوس) بالروح القدس الساكن فينا" (2تي1: 13و14). 2- "ألستم تعلمون أن خميرة صغيرة تخمر العجين كله. إذا نقوا منكم الخميرة العتيقة لكي تكونوا عجينا جديدا كما أنتم فطير. لأن فصحنا أيضا المسيح قد ذبح لأجلنا. إذا لنعيد ليس بخميرة عتيقة ولا بخميرة الشر والخبث بل بفطير الإخلاص والحق" (1كو5: 6-8). إن اشتراك المؤمن على عشاء ليس بحسب المكتوب هو مشاركة في خمير التعليم, وهذا ما لا يليق بمؤمن تعلم كلمة الله. 3- بالإضافة إلى ما سبق إن عدم اشتراكنا في ما هو خطأ لا يعثر الآخرين قدر ما يفسح المجال للتساؤل عن سبب المنع وبالتالي يمكننا أن نقدم ما هو صحيح بحسب كلمة الله, أما اشتراكنا فيه دليل الموافقة على صحته مع أنه خطأ. 4- إننا في اشتراكنا في الخطأ ونحن نعلم ما هو الخطأ خوفا من أن نتهم بالكبرياء أو الغرور ما هو إلا مجاملة على حساب المسيح وبذلك نكون سقطنا في خطية الرياء التي حذر الرب يسوع تلاميذه منها قائلا "تحرزوا لأنفسكم من خمير الفريسيين الذي هو الرياء" (لو12: 1). لقد وصف الرسول بولس الإيمان الذي في تيموثاوس أنه الإيمان العديم الرياء (2تي1: 5). س114: أنا مؤمن مشترك على عشاء الرب, لكن بسبب ظروف عملي الزمني نقلت إلى بلد لا توجد فيه اجتماعات بحسب كلمة الله وبدأت أحضر معهم, ثم في أول الأسبوع وضعوا العشاء ولاحظت أنه بطريقة غير كتابية, هل يمكنني أن أشترك معهم في العشاء لأنه لا يوجد غيرهم في ذلك البلد الذي نقلت إليه؟ في الواقع أن هذا السؤال من الأسئلة الحساسة التي أرجو أن لا يعتبر القارئ العزيز أن الإجابة عليها نوع من أنواع التزمت والتعصب, هذا الأمر الذي لا يرغب فيه الكاتب ولا يشجعه نهائيا بل ويبغضه أيضا. في ذات الوقت أشعر بالإلزام بالإجابة, فيجب أن تكون الأمور واضحة وفي نصابها الصحيح. فإن كنا نريد أن نعلم التعليم الصحيح للآخرين فيجب علينا أن نمارسه ونعيش فيه وإلا فقد تأثيره. لقد قال الرب يسوع "وأما من عمل وعلم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السموات" (مت5: 19), وقال أيضا لتلاميذه بعد أن غسل أرجلهم "إن علمتم هذا فطوباكم إن عملتموه" (يو13: 17), ولقد قال لوقا الطبيب عن الرب يسوع نفسه "الكلام الأول أنشأته يا ثاوفيلس عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلم به" (أع1: 1). واضح لنا أن التنفيذ والعيشة في الحق تسبق تعليمه للآخرين. يقول صاحب السؤال السابق عن الاجتماع الذي ذهب إليه أنهم "وضعوا العشاء ولاحظت أنه بطريقة غير كتابية" ثم يقول سائلا: هل يمكنني أن أشترك معهم في العشاء؟. وأنا بدوري أسأل: كيف يمكنني أن أوافق على الخطأ باشتراكي فيه بعد أن تعلمت الحق؟ وكيف يقبل الآخرين الحق إذا علمته للآخرين بعد اشتراكي في ما هو لا يتفق مع كلمة الله؟. يوصي الرسول بولس تلميذه تيموثاوس بالقول "لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك. لأنك إذا فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضا" (1تي4: 16). وقال له أيضا "ولا تشترك في خطايا الآخرين. احفظ نفسك طاهرا" (1تي5: 22). ويوصي أيضا تيطس بالقول "مقدما نفسك في كل شيء قدوة للأعمال الحسنة ومقدما في التعليم نقاوة ووقارا وإخلاصا وكلاما صحيحا غير ملوم لكي يخزى المضاد إذ ليس له شيء رديء يقوله عنكم" (تي2: 7و8). ومن هنا أرجع السؤال لصاحبه مرة أخرى, هل من اللياقة أن نشترك في ممارسة كتابية تمارس بطريقة غير صحيحة أم نتثقل بأن نعلم الآخرين الحق ثم نمارسه معهم بطريقة صحيحة؟ لتجب لنفسك بضمير صالح أمام الرب. ولنعلم أننا لو تثقلنا بتقديم كلمة الله بوضوح للمؤمنين الذين لهم رغبة التعلم لبارك الرب هذا العمل وصارت شهادة حية لأعلان الحق ولو بدأت باثنين أو ثلاثة مؤمنين. *************************
الفصل الثامن عشر خطاب التوصية وعشاء الرب س115: ما المقصود بخطاب التوصية من الكنيسة المحلية؟ وهل هذا ضروري في حالة وجودي في اجتماع غير اجتماعي المحلي؟ في حال حضور أي أخ أو أخت كضيوف إلى الاجتماع للمرة الأولى عليه أن يحمل خطاب توصية من اجتماعه المحلي الذي يمارس فيه مع المؤمنين عشاء الرب, موقعا عليه من أخوة مسئولين وموصى فيه بقبول هذا الأخ أو هذه الأخت في الشركة على عشاء الرب حتى ينال اهتمام وقبول المؤمنين بكل محبة. لقد قال الرسول بولس للمؤمنين في كورنثوس "أفنبتدئ نمدح أنفسنا أم لعلنا نحتاج كقوم رسائل توصية إليكم أو رسائل توصية منكم..." (2كو3: 1-4). كذلك الخادم أو المعلم الموهوب والمعروف والمتجول في وسط الاجتماعات, مثل هذا لا يحتاج إلى خطاب توصية في تحركه بين الاجتماعات التي حوله والمعروف لديها, ولكن في حال ذهابه إلى بلاد بعيدة لا تعرفه من قبل, فعليه أن يحمل خطاب توصية من كنيسته المحلية. وخطاب التوصية له أهميته مثل:- 1- يعرف الأخوة المستوطنين في الجهة المتجه إليها حامل الرسالة, أن حاملها مؤمن مشهود له من كنيسته المحلية ولا وجود لأي شكوى عليه. 2- أن هذا الأخ حامل الرسالة مشترك على عشاء الرب بالطريقة الكتابية الصحيحة ولقد استراحت عليه أحشاء القديسين في كنيسته المحلية, وخطاب التوصية مصادقة بذلك. 3- لا يوجد في حياة حامل الرسالة أي نوع من أنواع الخمير التي يحذرنا منها الرب يسوع وكلمته. 4- خطاب التوصية تنقل من خلاله محبة وأشواق وتسليمات الأخوة المحليين في الكنيسة المحلية التابع لها هذا الأخ حامل رسالة التوصية, وهذا نوع من أنواع الشركة بين الكنائس. س116: هل يجوز إعطاء خطاب توصية لأخ منقطع عن عشاء الرب لفترة طويلة والجماعة لا تعرف عنه شيء في كل هذه الفترة لتقديمه لاجتماع في منطقة أخرى؟ لا يجوز نهائيا إعطاء خطاب توصية لأخ منقطع عن الشركة على عشاء الرب لفترة طويلة حيث أن شركته مقطوعة مع الرب ومع المؤمنين وهم لا يعلمون عنه شيئا في كل فترة انقطاعه لتقديمه للاجتماع الموجود في الجهة التي هو متجه إليها. فعلى من تقع مسؤولية اشتراكه مع الجماعة المتجه إليها وهي لا تعلم عنه شيء؟. من المؤكد أنها تقع على الذين أعطوه خطاب التوصية وهم يعلمون أنه منقطع عن الشركة معهم في عشاء الرب. ومن الواضح أنه لا يوجد مؤمن منقطع عن الشركة في عشاء الرب إلا وفي حياته شر إن لم يكن أدبي فهو تعليمي تسبب في منعه من الاشتراك كل هذه الفترة الطويلة. وإذا أعطي له خطاب توصية من الكنيسة المحلية التي ينتسب إليها وهو في حياة مشينة بسببها امتنع عن ممارسة عشاء الرب لوقت طويل, تكون هذه الجماعة قد جانبت الصواب وأعلنت موافقتها على الشر الذي يعيشه هذا الشخص الممتنع عن ممارسة عشاء الرب. وسيكون هذا سبب كدر ومرارة للجماعة المتجه إليها بسبب حياته الممتلئة بالخمير. في مثل هذه الحالات يجب أن يتوب الشخص عن ما تسبب في امتناعه عن ممارسة عشاء الرب, وبعد أن تصلح حياته يعلن ذلك أمام اخوته ويلاحظوا وضوح ذلك بالفعل في حياته, وعندئذ يقرروا قبوله مرة أخرى, وبعد أن يشترك مع كنيسته المحلية يمكن إعطاءه خطاب توصية منها للجهة المتجه إليها ليقبل معهم على عشاء الرب. س117: إذا ذهب أحد المشتركين إلى مكان يبعد كثيرا عن مدينته أو قريته التي يوجد فيها اجتماعه المحلي ونسي خطاب التوصية, هل من الممكن التأكد من ذلك بالتليفون؟ إننا نرجو أن تكون الأمور واضحة لنا, وإلا تحولنا إلى الناموسية تماما, ووضعنا الأمور الروحية الرائعة والمبهجة للقلب في قالب وقانون ثقيل على النفس. فخطاب التوصية كما ذكرنا في سؤال سابق هو للتأكد من أن حاملة شخص مولود من الله, وله شركة مع القديسين الذين أعطوه هذا الخطاب كما أنه يحمل فيه تحياتهم إلى الجماعة التي هو متجه إليها. لكن لسبب ما إذا نسي هذا الشخص خطاب التوصية فمن دافع الأمانة يجب أن يرسل الخطاب من الكنيسة المحلية إلى الكنيسة التي ذهب إليها عن طريق الفاكس أو بأي طريقة أخرى ولا سيما أننا نعيش في عصر فيه سبل الاتصالات متوفرة وسهلة. وإن لم تكن متوفرة فالتليفون أسهل السبل لذلك, مع ملاحظة ضرورة التأكد من خلال سؤال مؤمنين موثوق فيهم. ************ الفصل التاسع عشر نوعية الخبز ونوعية مادة الكأس س118: من أي مادة يصنع الخبز؟ وهل يضاف إليه خمير أم لا؟ ولماذا؟ وكذلك ما هو نوع النبيذ المستخدم في الكأس؟ وهل هو مختمر أم لا؟ وهل من مواصفات معينة يجب أن تتوافر في الشخص الذي يقوم بإعداد الخبز والكأس؟ 1- لقد صنع الرب العشاء لتلاميذه بعد أكل الفصح, ولم يوصي تلاميذه في هذه المناسبة بعمل خبز معين ذات أوصاف معينة لأجل هذه المناسبة, ولم يعين منهم شخصا معينا ذات أوصاف تؤهله لذلك , بل يذكر "وفيما هم يأكلون (الفصح اليهودي) أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا. هذا هو جسدي ..." (مت26: 26, مر14: 22). واضح لنا أنه أخذ من الخبز الموجود أمامهم في هذه المناسبة التي تلزم المعيد بأن يأكل فطيرا, فالمناسبة هي التي فرضت ذلك. 2- في ممارستنا لعشاء الرب نحن لا نقدس المادة أو نعبدها لكن نأخذ منها الإشارات الروحية, فالخبز كما نعلم يعمل من حبات الحنطة التي وقعت في الأرض وماتت وأتت بثمر كثير, صورة لربنا يسوع المسيح الذي أتى من قمة المجد إلى عالمنا المسكين ومات لأجلنا على الصليب نحن الذين صرنا ثمره الكثير, والتي سحقت بين حجري الرحى وبعد عجنها دخلت النار وانشوت وصارت خبزا, صورة لجسد ربنا يسوع المسيح الذي جاز في تيارات ونيران غضب الله لأجلنا (يو12: 24). وكذلك الكأس كان فيها من نتاج الكرمة التي يطلق عليها "دم العنب" (تك49: 11, تث32: 14) والتي تشير إلى دم ربنا يسوع الكريم. 3- المادة في العهد القديم لها مدلولاتها الرمزية في العهد الجديد ولهذا السبب لا نتمسك بالتطبيق الحرفي لها. فالفطير في العهد الجديد يشير إلى القداسة, كما أن الخمير يشير إلى حياة الشر سواء الشر السلوكي أو الشر التعليمي, الشيء الذي توصينا كلمة الله أن نبتعد عنه (1كو5: 7و8, مت16: 6-8و11و12). 4- أيضا لم يذكر أن الرب عندما أعطى الرسول بولس الحق الخاص بممارسة عشاء الرب أنه تكلم عن نوع معين من الخبز ولم يتكلم نهائيا عن أوصاف معينة لمن يقوم بإعداده. وكذلك الروح القدس في كل العهد الجديد لم يذكر نهائيا شيئا عن نوع الخبز أو نوع النبيذ الذي في الكأس كما فعل في الفصح اليهودي الذي أوصى فيه بضرورة الفطير ولا عن الأشخاص الذين يقومون بإعداده. 5- ورب سائل يقول من الواضح لنا حتى وإن لم يذكر أن الخبز الذي كان في الفصح كان خاليا من الخمير, لكن يمكننا أن نستنتج بحسب شروط ممارسة الفصح في العهد القديم أن الخبز كان خاليا من الخمير (تث16: 3و4). ألا نتعلم من هذا أن الخبز في عشاء الرب يجب أن يكون خاليا من الخمير؟. وللإجابة نقول: إن الخبز الذي استخدمه الرب في العشاء كان بالفعل غير مختمر لأنه هو الذي كان متاحا أمامه في عشاء الفصح, وهنا نرى أن الرب لم يهتم بنوعية الخبز قدر ما كان يريد أن يلفت انتباه أحباءه إلى صنع التذكار, وإلا كان قد ذكر لنا نوعية الخبز المستعمل. و بعد قيامة الرب وصعوده بفترة زمنية, تسلم الرسول بولس الإعلان الخاص بالعشاء من الرب المجيد ولم يذكر له نوع خاص من الخبز, فلو كان هذا الشيء ذات أهمية لكان الرب ذكره لبولس الرسول. 6- في ممارسة المؤمنين في كورنثوس لعشاء الرب واضح لنا أنهم استخدموا الخبز الذي كانوا يأكلونه في طعامهم اليومي ومن المحتمل أن يكون من الخبز المختمر لأنهم أمم لا تربطهم أي علاقة بالفصح اليهودي وفطيره. إن ما ذكرناه عن الخبز ينطبق أيضا على النبيذ الذي في الكأس, فهو لم يذكر لنا أنه مختمر أم لا, وفي الحقيقة أن كلمة خمر أو مختمر لم تذكر في هذا السياق, لأن الرب يسوع تكلم عنه في هذا السياق بأنه " نتاج الكرمة " (لو22: 18). ومن الأقوال الواردة في (1كو11: 21و22) نستنتج أن الخمر الذي استخدمه المؤمنون في كورنثوس في ممارسة عشاء الرب كان مختمرا, لأنهم سكروا إذ شربوا منه بكثرة مما تسبب في التشويش في محضر الله, ولعلاج هذا التشويش لم يعدد الرب لهم في الحق الذي سلمه لهم من خلال الرسول بولس أنواع الخمور, بل ركز على أن عشاء الرب ليس عشاء عاديا ولكنه وصية الهدف منها ذكرى الرب الذي أوصى قائلا "اصنعوا هذا لذكري" مع ملاحظة أن العهد الجديد كله لم يذكر شيئا عن نوع الخمر. س119: هل من الإمكان أن نستخدم أي نوع من العصائر بدلا من عصير العنب في الكأس؟ ولماذا؟. لا يجوز لنا نهائيا أن نستخدم أي نوع آخر من العصائر غير الذي أوصى به الرب ألا وهو عصير العنب. لقد قال لتلاميذه في الليلة الأخيرة من رحلة حياته على الأرض وقبل صلبه "لأني أقول لكم إني لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله" (لو22: 18). فهو يقول عن ما في الكأس "نتاج الكرمة", ولقد شبه نفسه أيضا بالكرمة قائلا "أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرام" (يو15: 1). ولا يغيب عن بالنا أن الحصول على عصير العنب في القديم كان يتم من خلال عصر العنب بدياسته في المعصرة "يعصرون الزيت داخل أسوارهم . يدوسون المعاصر ويعطشون" (أي24: 11), ثم يصفى ويوضع في زقاق مصنوعة من الجلد, أو في أوعية فخارية حتى يختمر, ولهذا السبب يطلق عليه "دم العنب" (تك49: 11, تث32: 14) وقد اختاره الرب على هذا الأساس ليشير إلى دمه الثمين لذلك قال لتلاميذه وهو يعطيهم الكأس "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم" (لو22: 20), ويقول الرسول بولس "كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح" (1كو10: 16). س120: لقد قال الرسول بولس للمؤمنين في كورنثوس "ليس افتخاركم حسنا. ألستم تعلمون أن خميرة صغيرة تخمر العجين كله. إذا نقوا منكم الخميرة العتيقة لكي تكونوا عجينا جديدا كما أنتم فطير. لأن فصحنا أيضا المسيح قد ذبح لأجلنا. إذا لنعيد ليس بخميرة عتيقة ولا بخميرة الشر والخبث بل بفطير الإخلاص والحق" (1كو5: 6-8). ألا تشجعنا هذه الأقوال بأن نقول أنه يجب أن يكون الخبز وعصير العنب خاليان من الخمير والتخمر؟ لا يقصد الرسول بولس بكلمة عيد الواردة في الجزء السابق أن يشير إلى عشاء الرب, لأنه يقصد بهذا العيد حياة المؤمن كلها, وبمعنى آخر يمكننا أن نقول أن كل أيام حياة المؤمن من لحظة قبوله للرب يسوع قد أصبحت كلها عيد على حساب من مات لأجله على الصليب, المسيح الذي قد ذبح لأجلنا. والخمير المشار إليه هنا يراد به الحياة غير النقية, وأيضا الشر بكل صوره, سواء في ارتباطه بالفرد أو الجماعة, الشيء الذي يجب أن تتنقى منه حياة المؤمن كفرد والكنيسة كلها كجماعة. إن عبارة "كما أنتم فطير" نرى فيها مقامنا في المسيح أمام الله ونظرته لنا من خلال المسيح "قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة" (أف1: 4). ومن الجانب الآخر يجب أن تكون حياتنا متوافقة مع مقامنا لذلك يقول "إذا نقوا منكم الخميرة العتيقة لكي تكونوا عجينا جديدا...", ففي هذا الجزء لم يتحدث الرسول بولس عن نوعية الخبز والكأس المستعملان في عشاء الرب, بل يتحدث عن وضع المؤمنين من حيث المقام وما يتوافق معه من حيث السلوك المسيحي العملي الصحيح. ***********
الفصل العشرون الأخ المتأخر عن الميعاد والأخ الزائر س121: أنا أخ مشترك على عشاء الرب, لسبب ما تأخرت عن موعد الاجتماع حتى أنني لم أتمكن من الاشتراك في تقديم السجود للرب مع العابدين ولم أحضره, هل من الممكن أن أشترك على عشاء الرب؟ إن اجتماع كسر الخبز ليس هو اجتماع أكل وشرب, وهذا ما سقط فيه المؤمنون في كورنثوس حتى أن الرسول بولس قال لهم "فحين تجتمعون معا ليس هو لأكل عشاء الرب. لأن كل واحد يسبق فيأخذ عشاء نفسه في الأكل فالواحد يجوع والآخر يسكر. أ فليس لكم بيوت لتأكلوا فيها وتشربوا. أم تستهينون بكنيسة الله وتخجلون الذين ليس لهم" (1كو11: 20-22). كما أن اجتماع كسر الخبز ليس هو اجتماع لأخذ البركة من خلال الأكل من الخبز والشرب من الكأس, فالله أبونا في سرور تام ورضا كامل وفي غنى نعمته قد باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح, فهو لم يبق بركة إلا وقد وضعها لحسابنا في بنك السماء. إن اجتماع كسر الخبز هو اجتماع وليمة تشكرات, فيه تتحرك مشاعر المؤمنين وعواطفهم في التأمل في شخص ربنا ومعبود قلوبنا يسوع المسيح الذي مات لأجلنا وقام, ذلك الشخص الذي قال "اصنعوا هذا لذكري". ومن هنا يمكننا أن نقول: لكون المؤمن صاحب السؤال لم يحضر الاجتماع من بدايته مشاركا اخوته بكل مشاعره وعواطفه في تقديم التسبيح والسجود للرب, لا يجوز له أن يشترك في عشاء الرب. س122: أنا أخ مؤمن ومشترك على عشاء الرب, لسبب ما تأخرت عن الحضور حتى أنه في دخولي كان الأخوة المشتركين على عشاء الرب قد انتهوا من الشركة على الخبز, هل يمكنني أن أشترك في الكأس؟ إن كل من الخبز والكأس يشيران إلى شخص واحد, هذا الشخص هو الذي مات لأجلنا وقام, وهو الذي قال "اصنعوا هذا لذكري". لقد قال الرب يسوع في التعليم الخاص بعشائه والذي سلمه للرسول بولس وهو بدوره سلمه للكنيسة "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26), وأيضا "ليمتحن الإنسان نفسه. وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس" (1كو11: 28), لم يقل يأكل فقط أو يشرب فقط, بل يأكل ويشرب. كما أن الرب في أول ممارسة صنعها لتلاميذه لم يعط للبعض من تلاميذه الخبز والبعض الآخر الكأس, ولم يوص بذلك أبدا, كما أنه لم يذكر عن واحد من التلاميذ دخل متأخرا أثناء ممارسة العشاء وبالتحديد بعد الانتهاء من الاشتراك على الخبز, ولم يذكر أيضا أنه لما دخل أعطاه الرب الكأس. وبالإضافة إلى ذلك أننا في أكل الخبز نذكر جسد الرب الذي بذل لأجلنا وفي الكأس نذكر دمه الذي سفك من أجلنا ونحن لا نذكر جسده دون أن نذكر دمه بل نذكرهما معا, ولذلك لا يجوز للأخ المتأخر أن يأخذ الكأس دون أن يشترك في الخبز. وكما ذكرت في السؤال السابق لكون الأخ المتأخر لم يشترك بقلبه وعواطفه مع اخوته في تقديم السجود والتسبيح للرب, فلا يجوز له الاشتراك في عشاء الرب. س123: لقد مارست عشاء الرب في اجتماعي المحلي في الصباح, وفي المساء ذهبت لزيارة اجتماع آخر يمارس عشاء الرب على ذات المبدأ الكتابي, هل من الممكن أن أشترك معهم في العشاء مرة أخرى؟ نحن نعلم أن الخبز يشير إلى جسد المسيح الذي بذل لأجلنا على الصليب, ويشير أيضا إلى أن كنيسة المسيح هي جسده الواحد, ولذلك يقول الرسول بولس للمؤمنين "الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح. فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد" (1كو10: 16و17), وكل مؤمن منا هو عضو في هذا الجسد الواحد الذي يشير إليه الخبز, لذلك يجوز للمؤمن أن يشترك في عشاء الرب في الاجتماع الآخر لأنه واحد من أعضاء جسد المسيح الذي يشير إليه الخبز وأيضا لإعلان شركته مع بقية الأعضاء, ولذلك لا يفصل نفسه عنهم بالامتناع عن الشركة في عشاء الرب معهم, مع ملاحظة أنه يجب أن يكون معه رسالة توصية من الاجتماع القادم منه إن كان غير معروف للكنيسة التي ذهب إليها. س124: إذا جاء مؤمن زائر يعبد في أماكن أخرى هل من الممكن أن يشترك مع الكنيسة في ممارسة عشاء الرب؟ لقد سبق وتحدثنا عن مثل هذا السؤال في أسئلة سابقة, ولكن لكي لا نعيد ونكرر ما قلناه, يمكننا أن نقول بالإيجاز أن مثل هذا الأخ في حال وجود خطاب توصية معه من الكنيسة المحلية التابع لها يقبل لممارسة عشاء الرب مع الكنيسة, أما في حال عدم وجود خطاب توصية من الكنيسة المحلية التابع لها, وإن كان معروف لدى بعض المؤمنين المحليين في الاجتماع الذي جاء إليه ومشهود له منهم من جهة إيمانه وسلامة التعليم الذي عنده وعند الجماعة القادم منها, فيجب أن يزكيه المؤمنون العارفون به ويشترك معهم على عشاء الرب, لأنه واحد من جسد المسيح الذي هو كنيسته والذي يشير إليه الخبز الواحد. أما في حال عدم معرفة الأخوة به ويعلن رغبته في ممارسة عشاء الرب مع الجماعة المجتمعة باسم الرب, فعلى اثنين أو ثلاثة من الأخوة المتقدمين والعارفين لكلمة الله أن يقتربوا منه قبل بدء الاجتماع ويتعرفوا به ويمكنوا له المحبة ويتأكدوا أولا وقبل بدء الاجتماع من إيمانه وسلامة التعليم الذي يسلكه ثم يرحبون به كضيف معهم على عشاء الرب, لأنه "تقوم كل كلمة على فم شاهدين أو ثلاثة" (مت18: 16). أما في حال دخوله والاجتماع في بدايته فيستحسن عدم اشتراكه على عشاء الرب, لأنه من يستطيع أن يثبت أن هذا الشخص مولود من الله من عدمه وهو غير معروف للجميع؟. وبعد الاجتماع يجب أن يقترب منه المؤمنون ويرحبوا به ولا يحتسبونه عدوا بل أخا محبوبا ويعرفونه سبب المنع لأنه يجب أن نمارس الحق في روح الاتضاع والانكسار. ولا ننس أن المحبة تغلب وتربح دائما. *******************
الفصل الحادي والعشرين عشاء الرب والعثرات س125: أنا مؤمن حقيقي مولود من الله مقتنع بالحق المكتوب في كلمة الله عن كسر الخبز, لكنني لم اشترك حتى الآن بسبب تصرفات وسلوك مؤمنين مشتركين على عشاء الرب. فما رأيك في ذلك؟ ربما تكون محق في سؤالك من جهة سلوك البعض من المشتركين على عشاء الرب, لكن لنعلم أن تثبيت النظر على أخطاء الغير ضار جدا بصحتنا الروحيه, وليس من الصواب أن نعمل ذلك. كما أنه يجب أن نصلي لأجلهم ليصلح الرب طريقهم, ولكونك مؤمن حقيقي فيجب عليك الاقتراب من أولئك وتساعدهم روحيا سواء بالإصلاح (غلا6: 1) أو بالإنذار أو بالتشجيع أو بالتسنيد (1تس5: 14). ليس هذا عذر به نبرر عدم طاعتنا للرب في وصيته لنا, فالضعف الروحي هو اختبار متكرر, ولقد أثبتت رحلة البرية ضعفنا البشري واحتياجنا المستمر إلى نعمة الله الحافظة والمقوية لنا كل رحلة الطريق حتى الوصول إلى الرب (1تي2: 1, 1بط1: 13). أما إذا كانت شكايتك هي عثرة الآخرين لك فلقد قال الرب يسوع "ويل للعالم من العثرات. فلابد أن تأتي العثرات ولكن ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة", وقال أيضا لتلاميذه "لا يمكن إلا أن تأتي العثرات. لكن ويل للذي تأتي بواسطته" (مت18: 7, لو17: 1). ولذلك يوصي الروح القدس بالقول "كونوا بلا عثرة لليهود ولليونانيين ولكنيسة الله" (1كو10: 32). ويقول الرسول بولس "لذلك أنا أيضا أدرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس" (أع24: 16) ويقول أيضا "ولسنا نجعل عثرة في شيء لئلا تلام الخدمة" ( 2كو6: 3), ويقول للمؤمنين في فيلبي "وهذا أصليه أن تزداد محبتكم أيضا أكثر فأكثر في المعرفة وفي كل فهم حتى تميزوا الأمور المتخالفة لكي تكونوا مخلصين وبلا عثرة إلى يوم المسيح" ( في1: 10), ويقول الرسول يوحنا "من يحب أخاه يثبت في النور وليس قيه عثرة" ( 1يو2: 10), ويوصي الرسول بولس المؤمنين في رومية قائلا "حسن أن لا تأكل لحما ولا تشرب خمرا ولا شيئا يصطدم به أخوك أو يعثر أو يضعف" (رو14: 21), ويقول أيضا "لذلك إن كان طعام يعثر أخي فلن آكل لحما إلى الأبد لئلا يعثر أخي" (1كو8: 13), ويقول الرب عن الذي تأتي منه العثرات "خير له لو طوق عنقه بحجر رحى وطرح في البحر من أن يعثر أحد هؤلاء الصغار" (لو17: 2). من كل الكلام السابق نستنتج أن العثرات موجودة ولا يمكن أن نمنعها, وإذا وقفت أمامنا كحاجز فلا يمكننا أن نطيع الرب في أية وصية, ولذلك نحن نحتاج إلى تثبيت النظر على الرب وحده ونتبعه ونطيعه دون تردد ودون تأثر بما يحيط بنا "لنطرح كل ثقة والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا. ناظرين إلى رئيس الأيمان ومكمله يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله. فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا في نفوسكم" (عب12: 1-3). أرجو أن تعلم أخي أن الذي يحب الرب من كل قلبه لا تؤثر فيه العثرات والمعطلات التي تأتيه من المحيطات التي تحيط به, ولا تنس أنه لا توجد محبة أو طاعة بلا تضحية, فإن كنت تحب الرب تقدم للأمام وانتصر على كل العثرات ومارس عشاء الرب مع اخوتك المؤمنين وستجد بركات عظيمة تتمتع بها نتيجة الطاعة وهذا يكون بمثابة تعويض إلهي لك. س126: أنا أخت مشتركة على عشاء الرب ولاحظت أن إحدى المترددات على الاجتماع في مظهر غير لائق وكذلك واحدة من المشتركات وهذا المظهر يعثر كثيرين من الأخوة والأخوات. هل من حقي أن أقدم لهن النصيحة بترك الأشياء التي لا تليق؟ أحيانا كثيرة نهتم وننشغل بالمظهر دون أن نلاحظ الجوهر, ونركز أنظارنا على اخوتنا وأخواتنا, فتتحول عيوننا عن الرب, ويكثر انتقادنا والحديث عن الخراب الذي فينا وأحوالنا أكثر من الحديث عن الرب. فمثلا نهتم بوضع غطاء الرأس على رأس الأخت مع أن هذا الشيء بحسب كلمة الله, ولا نهتم بلباس الحشمة. فبكل أسف الرؤوس مغطاة والأجساد عارية, وهل الرب يسر ويرضى بذلك؟. وربما نهتم بهذا وذاك وننسى ضرورة خضوع المرأة لرجلها, ففي الاجتماع غطاء الرأس ولباس الحشمة وفي البيت التمرد والعصيان. فنحن كثيرا نركز على الخارج بينما الداخل مليء بالحياة الركيكة والسلوك غير المقدس, وننسى أننا نحتاج أن يرحمنا الرب من هذا وذاك. وتحت عنوان الإصلاح والإنذار وتقديم النصيحة نستخدم الكلام الجارح الذي لا يبني والذي يسبب نفور أكثر من البنيان. مع ملاحظة أنه كما أننا نلاحظ أخطاء الآخرين, فالآخرين يلاحظون أخطاءنا وكما ننتقدهم كذلك هم ينتقدوننا وبذلك نكون قد تحولنا عن الهدف الرئيسي للاجتماع ألا وهو عبادة الرب وتمجيد اسمه الكريم. هذا لا يمنع ضرورة النصح والإرشاد الذي يجب أن يكون في الوضع الصحيح والتوقيت الصحيح. يقول الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس "لا تزجر شيخا بل عظه كأب والأحداث كاخوة والعجائز كأمهات والحدثات كأخوات بكل طهارة" (1تي5: 1و2). كما طلب أيضا من العجائز أن "ينصحن الحدثات" (تي2: 4). ويقول للمؤمنين في تسالونيكي "أنذروا الذين بلا ترتيب" (1تس5: 14). مما سبق يتضح لنا أنه يجب أن يلاحظ في الاعتبار المستوى الروحي والعمر والأسلوب المناسب الذي يلائم من ينذر, وإلا تكون النتيجة عكس ما نرجو. ومن الأفضل أن تقدم أية نصيحة للآخرين من شيوخ الكنيسة ولا سيما المشهود لهم بتقواهم في وسط الجماعة. وأيضا العجائز (الأخوات المتقدمات في العمر) ينصحن الحدثات. (تي2: 4). س127: هل الرب يسوع عندما صنع للتلاميذ العشاء الخاص به أكل معهم من الخبز وشرب من الكأس؟ لقد تناول الرب عشاء الفصح اليهودي مع تلاميذه, لكنه لم يتناول معهم العشاء الخاص به بل شكر لأجل الخبز وأعطاهم قائلا "كلوا" ثم شكر لأجل الكأس وقال لهم "اشربوا" لأن هذا العشاء أعده لهم هو بنفسه وأوصاهم قائلا "اصنعوا هذا لذكري". من الأخطاء الشائعة التي تردد على ألسنة الكثير من المؤمنين أن الرب مارس العشاء مع تلاميذه, لكن في الواقع صنع لهم إياه وأوصاهم به لكن لم يأكله معهم.
|
جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.