لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص ؟؟

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

الفصل التاسع عشر

 

ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص ؟؟

 

السؤال سأله حافظ السجن لبولس وسيلا بعد أن حدثت الزلزلة العظيمة وبعد أن فكر في الانتحار، إذ استل سيفه وكان مزمعاً أن يقتل نفسه، ظاناً أن المسجونين قد هربوا، فناداه الرسول بولس بصوت عظيم قائلاً: "لا تفعل بنفسك شيئاً ردياً! لأن جميعنا ههنا!" (أع25:16-30). وقد كان جواب بولس وسيلا على سؤاله هو: "آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك" (أع 31:16).

عزيزي القارئ.. إن ذات السؤال يتكرر كل يوم على ألسنة البشر، كل واحد يقول "ماذا ينبغى أن أفعل لكي أخلص؟". وبحق أقول أن أسمى وأعظم الأمور التي يمكن للإنسان أن يحصل عليها هو الخلاص. فامتلاك كل الأشياء الزمنية دون الحصول على الخلاص لا يعتبر شيئاً، "لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟" (مر36:8).

إن اتباع جواب خطأ على سؤال مهم مثل هذا، إنما يقود إلى أخطر العواقب. لذا يجب فحص المكتوب بكل اهتمام ونشاط لمعرفة ما هو طريق الله البسيط للخلاص، حتى إذا أُخذ القرار يكون مبنياً على أساس صحيح من كلمة الله. لذلك أضع أمام القارئ بعض الخطوات الكتابية للحصول على الخلاص:-

 

أولاً: يجب أن تتأكد من أنك خاطئ هالك تحتاج إلى خلاص الله:

يتضايق الكثيرون عند سماعهم القول "أنت خاطئ"، بل ويعتبرها البعض إدانة لهم أو حتى إهانة، وفاتهم أن هذا التقرير هو تقرير الله عن الإنسان، سواء كان مهذباً أو شريراً، يعرف الله أو لا يعرفه، فالبشر خطاة لا لأنهم فعلوا خطايا، بل لأنهم ولدوا بالخطية: "هأنذا بالإثم صورت، وبالخطية حبلت بي أمي" (مز5:51)، لذلك جاء عنهم أنهم "مظلمو الفكر، ومتجنبون عن حياة الله بسبب الجهل الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم" (أف18:4)، وأيضا "ليس من يفهم. ليس من يطلب الله. الجميع زاغوا وفسدوا معاً. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد" (رو11:3-12). لذلك يجب ان تعرف أنك بالطبيعة خاطئ لأنك مولود من آدم (رو19:5)، وأنك عدو لله (رو10:5، كو21:1)، وبالطبيعة ابناً للغضب (اف3:2)، وأنك هالك بأعمالك، لأنك بتعمد ضللت بعيداً عن الله كالابن الضال الذي ابتعد عن أبيه وذهب إلى الكورة البعيدة (لو11:15-17، لو10:19). يقول الكتاب المقدس: "لا فرق. إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله" (رو22:3-23)، وأيضا "لأنه لا إنسان صديق في الأرض يعمل صلاحاً ولا يخطئ" (جا 20:7)، وأيضاً "وقد صرنا كلنا كنجس، وكثوب عِدة كل أعمال برنا" (إش6:64)

 

ثانيا: أنت لا تقدر أن تخلص نفسك:

  1. الكتاب المقدس يطالعنا بأن الخلاص "ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد" (اف9:2) وأنه "لا بأعمال في برّ عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته - خلصنا بغُسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس" (تي 5:3) "لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر أمامه" (رو20:3) "لأنه إن كان بالناموس بر، فالمسيح إذاً مات بلا سبب" (غلا21:2)، وأفضل ما نعمله هو في عين الله نجس "كثوب عُدَّة (نجس) كل أعمال برنا" (اش6:64)، ولقد قال الرب يسوع لنيقوديموس معلم إسرائيل: "الحق الحق أقول لك : إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله" (يو3:3).

  2. ولأن الله عادل وقدوس وعدالته تتطلب الاقتصاص من الخاطئ، فلقد قال لآدم ناهياً اياه عن الأكل من شجرة معرفة الخير والشر: "لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت" ( تك2: 17 )، وفي نبوة حزقيال قال : "النفس التي تخطئ هي تموت" (خر20:18). وفي العهد الجديد يقول أن "أجره الخطية هي موت" (رو23:6). لم يقل الله أن أجرة الخطية هي أن نعمل أعمالاً صالحة للتكفير عنها، بل قال أن أجرة الخطية هى موت، أي انفصال عن الله مصدر حياتنا. لذلك يقول الروح القدس عن البشر انهم "أموات بالذنوب والخطايا" (أف1:2). وإذا استمر الحال بدون تدخل الله في المشهد سيكون نصيبهم في بحيرة النار والكبريت حيث العذاب الأبدى في النار التي لا تُطفأ وهذا هو الموت الثاني (رؤ14:20).

 

ثالثا: الله تدخل لحل قضية البشر، لأنه يحبهم:

يقول الإنجيل عن الله: "الله محبه". يقول البعض: "هذا من حظنا"، لكن ليس هذا حظ، بل إن هذا هو الله في ذاته، لذلك فهو قام بحل مشكلة البشر، إذ أرسل ابنه الوحيد ربنا يسوع المسيح ليموت كنائب عنا على الصليب، ولكي يوفي العدالة الإلهية حقها، لذلك يقول الوحي "كلنا (جميع البشر) كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه (على المسيح) إثم جميعنا"(اش6:53)، ولكونه قد حمل كل خطايانا في جسده على الخشبة (ابط24:2) ، لذلك عانى كل أنواع الآلام النفسية والجسدية والكفارية "..وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا. تأديب سلامنا عليه، وبحبره شفينا..ظُلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه. كشاة تساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة امام جازيها فلم يفتح فاه..من كان يظن..أنه ضرب من أجل ذنب شعبي؟ وجُعل مع الأشرار قبره، ومع غنى عند موته. علي انه لم يعمل ظلماً، ولم يكن في فمه غش.. أنه سكب للموت نفسه وأُحصى مع أثمه، وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين" (إش 5:53-12). لذلك يقول الرسول بولس "أي إن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه، غير حاسب لهم خطاياهم، وواضعاً فينا كلمة المصالحة.. لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، (ذبيحة) خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه" (2كو19:5-21). لقد عجز الناموس عن أن يخلص الانسان "لأنه ما كان الناموس عاجزاً عنه، في ما كان ضعيفاً بالجسد، فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية، ولأجل الخطية، دان الخطية في الجسد، لكي يتم حكم الناموس فينا.." (رو3:8-4).

واضح لنا أنه لاخلاص بدون مخلِّص، ولا مخلص سوى الرب يسوع. وهذا ما ذكره لنا الوحي "وليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس اسم آخر تحت السماء، قد أعطى بين الناس، به ينبغي أن نخلص" (أع 12:4)، "..وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم" (مت21:1) "فمن ثم يقدر أن يخلص ايضاً الى التمام الذين يتقدمون به (أي بالمسيح) إلى الله، إذ هو حيٌ في كل حين ليشفع فيهم" (عب 25:7) "وإذ كُمِّل صار لجميع الذين يطيعونه، سبب خلاص أبدي" (عب 9:5). نعم لقد جاء الرب يسوع من السماء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك (لو10:19).

 

رابعا: ما عليك الآن ، بعد أن أدركت أن المسيح هو مخلصك، إلا أن:

  1. تُب: يجب أن تقتنع أنك تسير في طريق ملتو، وأنك خاطئ. بالإضافة إلى الاقتناع بأن الله يحبك، بأن أرسل أبنه الوحيد الذي مات لأجلك على الصليب. لذلك بادله الحب إذ تُغَيِّر اتجاهك وسيرك، فتعطى ظهرك للخطية والشيطان والعالم، وبقلبك تتجه إلى مَن صُلب لأجلك "فالله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا، متغاضيا عن أزمنة الجهل. لأنه أقام يوماً هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل، برجل قد عينه، مقدماً للجميع إيماناً إذ أقامه من الأموات" (أع 30:17-31 )، "اطلبوا الرب مادام يوجد. ادعوه وهو قريب. ليترك الشرير طريقه، ورجل الإثم أفكاره، وليتب إلى الرب فيرحمه، وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران" (إش 6:55-7 ).

  2. يجب أن تكون التوبة حقيقية. لقد كانت توبة فرعون توبة زائفة، سببها الخوف (خر 33:9-34)، وأيضاً توبة يهوذا كانت محاولة لإصلاح ما فعله (مت5:27)، كذلك توبة أخآب كانت بسبب الخوف من العقاب (1 مل 38:22). إن التوبة الحقيقية هي نعمه وعطية من الله (أع18:11). يوحنا المعمدان كرز بها (مت2:3 )، والرب يسوع بدأ خدمته العلنية بالقول "توبوا" (مت17:4)، وحذر الناس من الهلاك إذا لم يتوبوا (لو5:13). وبطرس الرسول كرز يوم الخمسين بالتوبة ( أع38:2)، وبعد شفاء الأعرج قال لسامعيه "توبوا.." (أع17:3-19). التوبة الحقيقية هي : تغيير الطريق الخاطئ (أش6:56-7، أم 13:28)، وهى تغيير الفكر الأثيم (أش6:56-7). لابد أن يصحبها الحزن على الخطية (2كو9:7-10)، مثل الخاطئة التي جاءت للرب يسوع وهو في بيت سمعان الفريسى (لو36:7-37)، ولابد أن يصحبها إحساس بالكراهية للخطية لأنها سبب صلب المسيح ابن الله، وتكون توبة مثمره (مت 8:3)، مثل زكا العشار الذي رد المسلوب ووزع على الفقراء (لو1:19-10).

    عزيزي القارئ: لتحترس من القساوة (رو4:2-5)، ولتكن الصرخة "توبني فأتوب، لأنك أنت الرب إلهي" ( إر18:31 ) خارجه من القلب.

  3. آمن إيماناً قلبياً بالرب يسوع واعترف به علناً (2كو13:4، مت32:10-33، أع1:8-4، رو 10: 9،10).

إن التوبة بدون الإيمان بالمسيح تعنى أنك تقلب صفحه جديده مع ابقاء الصفحات القديمة ملطخة بدين الخطية الثقيل، لأنه لا يوجد ما يمحو الخطية سوى دم المسيح. مع ملاحظة أن الإيمان الذي يخلص الإنسان ليس هو الإيمان المبني على معرفة كلمة الله فحسب، بل هو الإيمان الذي يخصص موت المسيح للنفس، ويقبل المسيح كما تعلنه كلمة الله كحامل لخطايانا وكالمحرر من سلطان الخطية والشيطان (يو34:8-36) "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو16:3)، و"الذي يؤمن بالابن له حياه أبديه، والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياه بل يمكث عليه غضب الله" (يو36:3 )، و"الذي يؤمن به لا يدان، والذي لا يؤمن قد دين، لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد" (يو18:3).

جـ - لا تؤجل، فإن التأجيل هو لغة الشيطان التي يهمس بها دائماً في قلب الإنسان. يقول الوحي في (2كو2:6) "هوذا الآن وقت مقبول، هوذا الآن يوم خلاص" وفي (عب7:3) يقول "لذلك كما يقول الروح القدس، اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم.."إن الوقت المناسب للحصول على الخلاص هو الوقت المتاح لك الآن، لسببين:

  1. لأن الرب وعدنا بأنه آت سريعاً (رؤ7:22،12)، فلربما يأتي الآن، أو في وقت تكون فيه مازلت مؤجلاً لخلاصك.

  2. ربما تنتهي الحياة، فالموت فوق رؤوس الأصحاء، وكم من البشر ماتوا دون أن يتوقعوا، لذلك لا تفعل مثل ما فعل فيلكس الوالي الذي سمع عن البر والتعفف والدينونة العتيدة أن تكون فارتعد وأجاب قائلا لبولس الرسول: "أما الآن فاذهب، ومتى حصلت على وقت أستدعيك" (أع 25:24)، ولم يُذكر في الكتاب أنه حصل على وقت واستدعى بولس مرة أخرى. استمع إلى النصيحة العظيمة التي قالها القديس يعقوب "أنتم الذين لا تعرفون أمر الغد، لأنه ما هي حياتكم إنها بخار يظهر قليلا ثم يضمحل" (يع 14:4).

ما أخطر التأجيل، لذلك اصرخ إلى الرب الآن.. الآن.. الآن ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍دون تأجيل، وهو سيسمعك وسيخلصك، "لأنه يقول: في وقت مقبول سمعتك، وفي يوم خلاص أعنتك" (2كو 2:6).

د - تيقن من خلاصك؛ اليقين يُبنى على صدق أقوال الله ولا يبنى على شئ آخر. فإن الذي وعد هو أمين وصادق "من لا يصدق الله، فقد جعله كاذبا، لأنه لم يؤمن بالشهادة التي قد شهد بها الله عن ابنه. وهذه هي الشهادة: أن الله أعطانا حياة أبدية، وهذه الحياة هي في ابنه. من له الابن فله الحياة، ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة" (1يو10:5-12). الله يريدك أن تصدق كلمته التي أوحى بها الروح القدس، فتأكد أن الله قد خلصك بعمله النيابي على الصليب وكان ذلك على أساس محبته لك، فلا تعتمد على شعورك لأن المشاعر والعواطف تتغير حسب الظروف، بل اعتمد على كلمة الله التي لا تقبل التغيير ولا تقبل التبديل. قال الرب يسوع: "خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها فتتبعني. وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي.. ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبى. أنا والآب واحد" (يو27:10-30). وقال أيضا "الحق الحق أقول لكم: إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة" ( يو24:5). ويقول الرسول يوحنا "كتبت هذا إليكم، أنتم المؤمنين باسم ابن الله، لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية.." (1يو13:5). ويقول الرسول بولس "..لأنني عالم بمن آمنت، وموقن أنه قادر يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم " (2تى12:1). ويقول أيضاً "لأننا نعلم أنه إن نقض بيت خيمتنا الأرضي، فلنا في السماوات بناء من الله، بيت غير مصنوع بيد، أبدى" (2كو1:5).

عزيزي القارئ: أناشدك باسم المسيح الذي أحبك أن تقف مع نفسك موقفاً جاداً لأخذ القرار المهم من جهة قبولك للمسيح المخلص. تعال إليه الآن وبدون تأجيل.. تعال إليه كما أنت ولا تغير في نفسك شيئاً، فهو يريدك ويرغب فيك الآن وليس بعد قليل..

 

كما أنا آتي إلى
إذ قلتَ نحوي أقبلا

 

فادي الورى مستعجلا
يا حمل الله الوديع

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة