لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

أسئلة ختامية

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

الفصل الثامن عشر

 

أسئلة ختامية

الفصل خصصناه لعرض بعض الأسئلة، والإجابة عليها.

س1: من الذي له الحق في أن يقوم بالتعميد؟

لقد لاحظنا في التأملات السابقة أن المعمودية لها معناها وأعماقها الروحية، لذلك وجب على من يعتمد أن يكون مدركاً لهذه المعانى والأبعاد الروحية. لذا فإنه ليس مسموحاً لأى شخص أن يعتمد إلا إذا كان مولوداً من الله.

لقد واجه المعمدان الناس الذين أتوا ليعتمدوا منه دون أن يدركوا معناها مواجهة صارمة "وكان يقول للجموع الذين خرجوا ليعتمدوا منه: يا أولاد الأفاعي، من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي؟ فاصنعوا أثماراً تليق بالتوبة. ولا تبتدئوا تقولون في أنفسكم: لنا إبراهيم أباً. لأني أقول لكم: إن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولاد اً لإبراهيم" (لو7:3-8).

بالنسبة للمعمودية المسيحية لم يختلف الحال كثيراً، فلما تكلم المسيح عنها قال لتلاميذه "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها، من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن" (مر15:16-16). وجاء في سفر الأعمال هذا القول: "وكريسبس رئيس المجمع آمن بالرب مع جميع بيته، وكثيرون من الكورنثيين إذ سمعوا آمنوا واعتمدوا". من الواضح أن (أع 8:18) يؤكد على أن الذي يعتمد يجب أن يكون مؤمنا إيماناً قلبيا بالرب يسوع كمخلصه الشخصي.

لكن يواجهنا سؤال يُوجَّه من الكثيرين، وهو من الذي له الحق أن يقوم بالتعميد؟

من إنجيل متى (ص28) نلاحظ من أقوال الرب يسوع أن الذي يتلمذ هو الذي يُعِّمد ويعلم (مت19:28). ومن هنا نقول أن الخادم الذي يدعو الآخرين للإيمان والذي يستخدمه الرب في توصيل بشارة الإنجيل للآخرين ويتولى تعليمهم هو الذي يقوم بتعميدهم.

كما أننا نلاحظ أنه وإن كان الأمر قد صدر من الرب للاثني عشر رسولاً (مت16:28-20، مر14:16-16)، لكن في أول ممارسة للمعمودية في سفر الأعمال الاصحاح الثاني، لم يذكر الكتاب المقدس أنهم هم الذين عمدوا، بل يمكننا القول انه من الممكن أن يكون المائة والعشرين قد شاركوا في تعميد الثلاثة آلاف نفس. وبمطالعتنا لسفر الأعمال (ص8)، نجد أن فيلبس المبشر - مع أنه ليس رسولاً ولا قسيساً لكنه شماساً، وهو واحد من السبعة الذين انتخبهم الإخوة في (أع 6) لخدمة الأرامل - هو الذي قام بتعميد المؤمنين في السامرة، وعمد أيضاً الخصي الحبشي. لم يعمدهم بصفته شماسا بل بصفته مبشراً (اع8:21). فالذين قبلوا البشارة من خلاله قام هو بتعميدهم. كما أن الذي عمد شاول الطرسوسي هو حنانيا الذي لم يكن من الرسل، بل يقول الكتاب عنه "تلميذ". هذا الذي قال عنه الرسول بولس فيما بعد "أنه كان رجلا تقيا.. ومشهوداً له من جميع اليهود السكان" (اع12:22). والرسول بولس رغم كرازته بالانجيل في كورنثوس، لكنه لم يعمد فيها الإ عدداً قليلاً من المؤمنين (اكو14:1-17). والذين عمدوا كرنيليوس ومن معه من المحتمل أنهم الإخوة الستة الذين رافقوا بطرس الرسول من يافا (أع23:10 ، 12:11) وليس بطرس وحده. ولا نعرف عن هؤلاء الستة شيئا سوى أنهم إخوة.

مما سبق نستنج الآتي:

  1. أي أخ أعطاه الرب موهبة الكرازة أو التعليم، هو مسئول أمام الله عن استخدام هذه الموهبة الممنوحة له بالروح القدس (1بط1.:4،11، رو4:12-8)، ومن حقه أن يعمد.

  2. أي أخ يخدم بالكلمة لغير المؤمنين، عليه مسئولية قيادة من يقبل الكلمة إلي ممارسة المعمودية كوصية الرب " تلمذوا.. وعمدوهم.." ( مت19:28 20).

  3. خادم الرب المدعو من الرب لخدمة النفوس، هو أيضاً له الحق في أن يقوم بالمعمودية، فنستطيع أن نقول أن الرب أعطى الرسل والشيوخ والشمامسة والمبشرين والمؤمنين الحقيقيين، الحق في أن يعمدوا المؤمنين التائبين.

 

س2: هل المعمودية تُخلِّص؟

ترتبط المعمودية في الكتاب المقدس بالخلاص "من آمن واعتمد خلص" ( مر16:16). ولا يمكننا أن نقول أن التجديد أو الولادة الثانية أو الخلاص من الخطية وعقوبتها و من الدينونة الأبدية أو غفران الخطايا غفراناً أبدياً، يتم بالمعمودية، وإنما المقصود بارتباط الخلاص بالمعمودية إنما هو يشير إلى الانتقال من هذا النظام العالمى الذي يتبع الشيطان إلى النظام الإلهي. هذه هي الصورة التي يرسمها أمامنا الرسول بطرس عندما تكلم عن نوح وأهل بيته الذين "خلص.. بالماء" (1بط 20:3). فبالدخول إلى الفلك انتقل نوح والذين معه بالإيمان من العالم العتيق إلى الجديد وينحصر الخلاص هنا في خروجهم من النظام العتيق إلى الجديد ثم يواصل قائلا "الذي مثاله يخلصنا نحن الآن، أي المعمودية " (1 بط 3: 21). إنها معمودية لموته تضع نهاية لخليقة عتيقة، لكنها أيضاً معمودية ليسوع المسيح لأجل خليقة جديدة (رو 6 : 3). فبالنزول إلى الماء ينزل العالم معنا، وبالصعود من الماء نصعد في المسيح تاركين العالم غارقاً. بعد أن آمن سجان فيلبى اعتمد في الحال هو والذين له أجمعون (أع 31:16-34)، وكانت هذه المعمودية شهادة أمام الله، إنهم قد خلصوا من عالم تحت الدينونة وظهرت ثمار الخلاص في كونه قد "تهلل مع جميع بيته إذ كان قد آمن بالله". المسيح وحده يخلصنا، فهو المخلص الوحيد (أع 12:4،13)، والخلاص بالأيمان بالمسيح، وبالنعمة، وليس بالأعمال (أف 8:2،9). لكن من جانب آخر، لنعلن ذلك علناً - في انفصالنا عن النظام العالمى الفاسد - وهذا يكون من خلال الدفن في ماء المعمودية.

س3: هل يجوز تكرار المعمودية؟

لقد قال الرسول بولس للمؤمنين في مدينة أفسس: "رب واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة" (اف6:4). رغم ذلك نرى في بعض الكنائس تكرار هذه الممارسة؛ وذلك لسببين:

السبب الأول: طائفي؛ إذ أن بعض الكنائس لا تعترف ولا تقبل معمودية الكنائس الأخرى، لا لأنها تتعارض مع تعليم الكتاب المقدس بل لأنها لا تتفق مع مبادئها وتعاليمها سواء كانت كتابية أو غير كتابية. وهذا ما لا نؤيده نهائيا، لأن الذي يهمنا في الأمر هو الاتفاق مع كلمة الله - السراج المنير.

السبب الثاني: كتابي؛ بمعنى أن كل ممارسة لا تطابق المرسوم الإلهي في المكتوب لا تكون ممارسة سليمة ومقبولة. فلقد وضع الرب تعليماً واضحاً عن المعمودية كما رأينا في الكتاب المقدس، ونذكر أوضحها:

  1. أن الشخص الذي يرغب في أن يعتمد، لابد أن يكون مُخَلَّصاً أي مولوداً ولادة جديدة.

  2. أن الشخص الذي يرغب في أن يعتمد، لابد أن يكون فاهماً لما يفعله، والقرار يكون بكل إرادته، مثل الخصي الحبشي (أع 36:8).

  3. أن يكون الشخص الذي يعتمد، على وعى وإدراك بالأسباب الروحية التي تجعله يعتمد ( مت19:28 ، مر16:16). هذا بالإضافة إلى ما ذُكر في كل المعموديات التي جاء ذكرها في سفر الأعمال.

  4. أن يعترف المُعَّمد علناً بأن يسوع المسيح هو ابن الله (أع37:8).

  5. أن ينزل الذي يرغب في المعمودية، هو ومن يعمده معا، في مياه المعمودية (أع 38:8).

  6. أن يقوم بالمعمودية أي مؤمن خادم او كارز أو راع، أو أي مؤمن كما ذكرنا من قبل (اع12:8-39 ، اع5:6، 18:9 ، اكو17:14.. الخ).

هذه هي ابسط القواعد الخاصة بالمعمودية كتابياً. والمعمودية التي تُمارَس بهذه الصورة، ومطابقة للمبادئ الكتابية الأساسية، لا يصح ولا يجوز تكرارها نهائيا بأى شكل من الاشكال. وان ما لا تنطبق عليه الشروط الكتابية، لا يصح ولا يجوز أن يسمى بأي حال من الاحوال معمودية. إن التقييم الصحيح لأية ممارسة كتابية يجب ان ينبع من الكتاب المقدس لا مما يستحسنه البشر أو يقررونه، ولا يأتي من فكر تاريخى أو بما حدث في مسار التاريخ، ولا من ممارسات مارستها الكنائس المختلفة. إن مالا تنطبق عليه الشروط الكتابية لا يصح ولا يجوز أن يسمى معمودية. ولو رجعنا إلى سفر الأعمال لوجدنا أن الذين اعتمدوا بمعمودية يوحنا المعمدان، عمدهم الرسول بولس مرة أخرى باسم الرب يسوع ( أع3:19-5). وأبُلُّوس المذكور في (أع 24:18-26) كان خبيراً في طريق الرب، لكن ما وصله من تعليم عن المعمودية لم يكن صحيحاً أو كافياً، فكان يعرف معمودية يوحنا فقط ولم يكن يعرف شيئاً عن المعمودية المسيحية، وعندما شرح له أكيلا وبريسكلا طريق الرب، أعرب عن رغبته في تغيير أفكاره. فأبلوس عندما عرف فكر الرب بأكثر تدقيق، لم يشغل نفسه بالماضى ولكنه كان راغبا في التقدم للأمام.

س4: ما هو مصير الاطفال الذين يموتون بدون معمودية ؟

إن موت المسيح على الصليب رفع عن الاطفال جميعاً عقوبة الخطية الموروثة من آدم. وبما أنهم ماتوا قبل أن يمارسوا الخطية أو يعرفوها، فعدالة الله لا تحاسبهم على ذنب لم يفعلوه. لقد ورث الأطفال خطية آدم، ولكن هبة الله أعظم من ميراث آدم لأن آدم الأول قد وَرَّثَ الخطية أما آدم الأخير (الرب يسوع) فقد أعطى هبة البر بالنعمة ( اكو22:15، رو18:5-19)، لأنه قد جاء لكى يخلص ما قد هلك (مت 11:18). إن كلمه الله تعلن أن كل الاطفال الذين تحت سن المسئولية سيذهبون الى السماء، وهذا ما أعلنه لنا الرب يسوع، لأنهم كما ورثوا خطية آدم دون أن يكونوا مسئولين عنها، هكذا أيضا أعطاهم الله أن يتمتعوا بكل بركات كفارة المسيح حتى دون ان يطلبوها، إن هم ماتوا قبل بلوغهم سن الادراك والمسئولية. لكن متى كبر الطفل وصار مميزاً للخير والشر، صار تحت مسئولية قبول المسيح بالايمان أو رفضه له، وهذا القرار هو مسئول عنه.

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة