لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

ملاحظات على كيفيه ممارسة المعمودية

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

الفصل الثالث عشر

 

ملاحظات على كيفيه ممارسه المعمودية

 

أن تتم المعمودية بالماء؛ هذا ما قاله الرسول بطرس متسائلاً حينما حل الروح القدس على كرنيليوس والذين كانوا في بيته "أتُرى يستطيع أحد أن يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس كما نحن أيضاً؟ وأمر أن يعتمدوا باسم الرب" (أع47:10-48).

  • ينبغي قبل إجراء المعمودية أن تكون هناك مياه كثيرة؛ يخبرنا البشير يوحنا عن معمودية يوحنا المعمدان فيقول: "وكان يوحنا أيضاً يعمد في عين نون بقرب ساليم، لأنه كانت هناك مياه كثيرة، وكانوا يأتون ويعتمدون" (يو23:3). وبالرغم من أننا نقرأ عن تغيير الأسلوب والغرض بين هذه المعمودية والمعمودية المسيحية، إلا أننا لا نجد ما يفيد تغيير الطريقة، حتى أن بعض الرسل ممن بدأوا يُعمدون بعد ارتباطهم بالرب، مارسوا نفس الطريقة التي اتَّبَعها المعمدان (يو 22:3،26) ، (يو1:4،2).

  • ينبغي أن يذهب الشخص الذي يريد أن يعتمد إلى المياه؛ فالبشير متى يذكر أن كل أورشليم واليهودية خرجت إلى يوحنا المعمدان وجميع الكورة المحيطة بالاردن "..واعتمدوا منه في الأردن معترفين بخطاياهم" (مت 6:3).

  • ينبغي أن المعمَّد ينزل إلى المياه؛ فكما أنه يجب أن يذهب المعمَّد إلى المياه الكثيرة، هكذا ينبغي أن ينزل فيها. يقول البشير لوقا عن فيلبس والخصي الحبشي "فأمر (فيلبس) أن تقف المركبة، فنزلا كلاهما إلى الماء، فيلبس والخصي، فعمده" ( أع38:8). يجب أن نلاحظ أن المُعمِّد والمُعمَّد نزلا كلاهما إلى الماء.

  • الصعود من الماء بعد إتمام المعمودية؛ هذا ما تم مع رب المجد الذي "اعتمد من يوحنا المعمدان في الأردن" (مر 9:1)، "صعد للوقت من الماء" (مت16:3). وأيضا عن فيلبس والخصي الحبشي فبعد أن قال "نزلا كلاهما إلى الماء.. فعمده"، يقول "ولما صعدا من الماء، خطف روح الرب فيلبس" (أع 39:8).. من كل هذه الملاحظات يتضح لنا أن الوسيلة الوحيدة للمعمودية هي التغطيس أي الدفن، لذلك يقول الرسول بولس"فدفنَّا معه بالمعمودية للموت.." (رو3:6-4). لكن ربما يعترض معترض، مستنداً إلى القول "فقبلوا كلامه (أي كلام بطرس) بفرح، واعتمدوا، وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس" (أع 41:2).

فيقول أين عمد الرسول بطرس كل هؤلاء؟ كيف كانت المعمودية بالتغطيس بينما لا يحدثنا الكتاب عن وجود أنهار في أورشليم؟

وللإجابة نقول:

إن كان الروح القدس قد استخدم بطرس في الأقوال التي نطق بها في نفس الإصحاح، والتي من خلالها تعامل الله مع الآلاف، إلا أنه لا بد أن يكون الروح قد استخدم الرسل والتلاميذ المذكورين في الإصحاح الأول من سفر الأعمال، في المشاركة في معمودية هؤلاء، وعددهم مائة وعشرون تلميذاً. أما من جهة المياه في أورشليم فهي كثيرة، ورغم أنه لا يوجد أنهار فيها، لكن ينابيع المياه فيها كثيرة، مما يسمح بمعمودية ثلاثة آلاف نفس.

ومن ضمن هذه الينابيع:

  • الينابيع مثل: نبع جيحون (1مل38:1)، والمسمى بنبع العذراء، وبركة بيت حسدا، وتقع شمال الهيكل (يو2:5-4).

  • البرك مثل: بركة سلوام (يو 7:9)، ويُرجَّح أنها عين سلوان التي هي البركة العليا المذكورة في (2مل17:18). كما توجد بركة السلطان، وبركة حمام البطريق، وبرك سليمان، وهي ثلاث (1صم5:22).

  • كما كانت توجد قنوات: منها مجرى مياه يصل بين نبع جيحون وبركة الحمراء، وقناة لتوصيل المياه من نبع جيحون إلى بركة سلوام أو عين سلوان (2مل 21:2، 2أخ 30:32).

لذلك فمن الممكن أن يعتمد الثلاثة آلاف في البِرَك لأنها قريبة من مكان تواجدهم ومنتشرة حول أورشليم وفي وسطها.

وإن كان لم يُذكر المكان ولا الكيفية التي اعتمد بها هؤلاء، فلا نستبعد أن يكونوا قد ذهبوا إلى نهر الأردن واعتمدوا هناك كما حدث في أيام المعمدان، حيث أن"أورشليم وكل اليهودية وجميع الكورة المحيطة بالأردن" قد ذهبوا ليعتمدوا منه في نهر الأردن. كما أننا لايمكن أن نثبت أن جميعهم عُمِّدوا يوم الخمسين.

يجب أن نتذكر أن المعمودية هي دفن، والشيء الضروري في الدفن هو أن الشخص "يغيب عن النظر" وإلا فلا يسمى دفن. فنحن لا ندفن جثة بوضع قليل من التراب فوقها، وكذلك لا نعمد شخصاً بوضع قطرات من الماء عليه. الرب يسوع نفسه نزل إلى داخل ماء الأردن ليعتمد، والكلمة نفسها "معمودية"، والتي ترجمت من اليونانية "Baptize"، تعنى التغطيس أو الغمر. ومن هنا نستطيع أن نقول أن فكره الرش غريبة عن الكتاب المقدس. كما أن المعمودية تُمارَس بالتغطيس مرة واحدة باسم الآب والابن والروح القدس (مت 19:28)، وليس ثلاث مرات - كل مرة باسم أقنوم - الأمر الذي لم يُذكر في الكتاب المقدس، كما أن الرسل كانوا يعمدون المؤمنين بتغطيس المُعمَّد مرة واحدة باسم الآب والابن والروح القدس (أع38:2، 16:8، 5:19)، ولم يذكر ضرورة التغطيس ثلاث مرات، لأن الآب والابن والروح القدس هم الله الواحد. لذلك فإن غطسة واحدة تكفي، حيث أن المعمودية دليل واعلان خارجى لتغيير داخلي، وهذا التغيير الداخلي يقوم به الثالوث مرة واحدة وليس ثلاث مرات. مع انه عمل الآب (2تى8:1-9)، وعمل الإبن (مت21:1)، وعمل الروح القدس (يو 5:3).

إن الذين اعتقدوا أن عملية العماد يجب أن تتم بالتغطيس ثلاث مرات، قد بنوا هذا الفكر على اساس آمرين، هما:

الأول: إن أقانيم اللاهوت - الذي به يتم العماد - ثلاثة.

الثاني: إن الأيام التي قضاها المسيح في القبر ثلاثة، أو لأن المعمودية تكلمنا عن موت المسيح ودفنه لذلك يغطس المعتمد ثلاث مرات.

لكن وإن كان اللاهوت أقانيم ثلاثة، لكن إله واحد، ولهذا نحن لا نعمد "بأسماء الآب والابن والروح القدس"، بل "باسم الآب والابن والروح القدس". ومع أن المسيح قضى أياماً ثلاثة وليال ثلاثة في القبر، لكنه دفن مرة واحدة ولم يدفن ثلاث مرات، وعليه فإن التغطيس مرة واحدة هو الذي يتوافق مع فكر الكتاب المقدس. مختصر القول: يجب أن يعتمد المؤمن بالتغطيس في الماء، والدليل على ذلك:

  1. الكلمة اليونانية المستخدمة: لقد أشرنا فيما سبق إلى أن كلمة "يعمد" أو "معمودية" تأتي في الأصل اليوناني مشتقة من كلمة Bapto، وهذه الكلمة وردت حوالي ثمانين مرة في العهد الجديد. وبحسب القاموس فهي تعنى "غمس" أو "صبغ"، وهذا بالطبع يتم بالتغطيس أو الغمر.

  2. ويقول في ذلك الكثير من رجال الله: رغم أنهم لم يمارسوا المعمودية بالتغطيس، من أمثال:

  3. 1- ستانلي الذي قال: "لا نقاش في مسألة شكل المعمودية. إنها نفس معنى الكلمة، وهي التغطيس الكامل أو الغمر الكامل في مياه المعمودية.

  4. 2- ولقد قال مارتن لوثر أيضاً: "إني أريد أن كل الذين يعتمدون، يغطسون تماماً أو يُغمرون بالماء لأن كلمه المعمودية تعنى ذلك.

  5. 3- وقد قال جون كلفن أيضاً: "إن كلمة يعمِّد معناها في الأصل يغمر، أي التغطيس".

  6. 4- وأما جون وِسلى فقال: "إن التغطيس العملي يتم بالمعمودية". ولقد كان يرفض أن يشترك أحد على مائدة الرب ما لم يكن معتمداً.

  7.  

  8. إن الوسيلة المطلوبة هي الماء؛ حيث نقرأ في (مت11:3) "أنا أعمدكم بماء"، وفي ( مر5:1)، "واعتمد منه في نهر الأردن"، وفي (يو 23:3): "وكان يوحنا أيضاً يعمد في عين نون بقرب ساليم، لأنه كان هناك مياه كثيرة، وكانوا يأتون ويعتمدون"، وقيل عن الرب في (مت 16:3): "فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء"، وقيل عن الخصي الحبشي وفيلبس في (أع36:8-39): "فنزلا كلاهما إلى الماء.. وعندما صعدا من الماء.."، وذكر أيضاً في (أع 47:10) قول الرسول بطرس في بيت كرنيليوس: "أترى يستطيع أحد أن يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء؟".. ومن هنا يتضح أن الماء ووفرته أمر مطلوب للمعمودية الكتابية.

  9. الوسيلة المستخدمة هي التغطيس أو الغمر، وهي إشارة ورمز لموت ودفن وقيامه الرب يسوع. فكما اجتاز الرب تحت امواج وتيارات عاصفة دينونة الله ضد الخطية نيابة عنا، هكذا المؤمن عندما يطيع وصيه الرب ويغطس في الماء فهو بهذه الطريقة يعلن اتحاده بالرب والمخلص.

  10. الرمز المستعمل لإعطاء الايضاح (رو3:6-6). لايوجد أدنى شك أن المعمودية تتم بالتغطيس، والروح القدس يستخدم مثالاً للإيضاح في ( رو6 )، وهو كاف لإقناع القارئ ذى الذهن المفتوح. ونعود مره أخرى إلى الشاهد الكتابي "فدفنا معه بالمعمودية للموت".. توجد طريقه واحده للدفن وهي استبعاد الشخص عن المشهد، وقد استخدم إبراهيم هذا التعبير عندما اشترى مغارة لكى يدفن زوجته قائلاً: "أدفن ميتي" (تك 8:23). فالمعمودية إذا هي دفن.

ونفس هذه الصورة واردة في (كو12:2): "مدفونين معه في المعمودية، التي فيها أقمتم ايضاً معه بإيمان عمل الله، الذي أقامه من الأموات". وفي سفر يشوع (ص4)، نرى الحجارة التي دُفنت في النهر إشارة إلى اتحادنا بالمسيح في موته، وأما الاثنا عشر حجراً التي نصبت في أرض الموعد فهي إشارة إلى قيامة المؤمن مع المسيح.

وهكذا من معنى كلمة المعمودية في اللغة اليونانية، وبالوسيلة المطلوبة وهي الماء، وبالوسيلة المستخدمة وهي الغمر، وبالرمز المُعَبِّر وهو الدفن.. يمكن أن نصل إلى النتيجة الأكيدة وهي أن الكيفية الكتابية للمعمودية هي التغطيس في الماء.

 

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة