لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

المعمودية في معناها وأهميتها

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

الفصل الثاني عشر

 

المعمودية في معناها وأهميتها

 

معنى كلمة معمودية:

&#في اللغة الأصلية للعهد الجديد، وهي اليونانية، تأتي كلمة [يُعَمِّد]، من الكلمة اليونانية Baptisma، وهي اسم، ومنها يأتي الفعل Baptizo، والكلمتان مشتقتان من Bapto، وتعني الغمس أو الغمر. وتستعمل هذه الكلمة أحياناً بمعنى "غسلات" كما وردت في (عب 6: 2 ، 9: 10). واستعملت هذه الكلمة لوصف طريقة الصباغة، وهي غمس الثوب مثلاً في الصبغة، ولهذا نُقلت الفكرة بكلمة [غمر].

ثانياً : تعريف المعمودية:

يمكن أن تُعَرَّف هذه الكلمة، من استخدامها في العهد الجديد وارتباطها بالمعمودية المسيحية، كالتالي:

المعمودية هي رسم إلهي محدد، يعترف بواسطته المؤمن - رمزياً أو خارجياً بغمره في الماء - ليس فقط بإيمانه بابن الله، ولكن باتحاده الروحي بالمسيح، بموته ودفنه وقيامته. وكما أن المسيح مات من أجل خطايانا ودُفن وقام، هكذا المؤمن بتغطيسه في الماء وظهوره مرة أخرى، يعلن ويعترف أنه مات عن الخطية في شخص البديل، وأنه دُفن وأنه قام معه أيضاً لكي يسلك في جدة الحياة ويعيش لمجد المسيح.

كلمة معمودية، في اللغة الأصلية اليونانية التى كتب بها العهد الجديد، تعنى [يُغَطِّس أو يغمس أو يغمر أو يصبغ]، وهي التي تُرجمت إلي "يُعمِّد" (مر9:1-11 ، مت 16:3، يو3: 23 ، أع36:8-38، رو3:6-4 ، كو12:2). كما أنها تُرجمت بمعنى "يغمس" (يو26:13 ، رؤ13:19).

المعمودية هي علامة خارجية منظورة للعالم، تدل علي تغيير داخلي غير منظور في القلب، وهذا التغيير يحدثه وينشئه الروح القدس عند الولادة الجديدة، وذلك بواسطة التوبة لله والإيمان بالرب يسوع المسيح. فالمعمودية ليست سبباً لهذا التغيير وإنما هي علامة تشير اليه وتدل عليه.

يقول الكتاب المقدس: "دفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة " (رو4:6). من المؤكد - كما سبق الكلام - أن ذلك يقتضي إرادة الإنسان ذاته.

في يوم الخمسين نرى أن الذين قبلوا كلمة الله بفرح قد اعتمدوا (أع 41:2). وفي السامرة لما "صدقوا فيلبس وهو يبشر بالأمور المختصة بملكوت الله وباسم يسوع المسيح، اعتمدوا رجالا ونساء" ( أع 12:8). والوزير الحبشي في نفس الأصحاح سأل فيلبس قائلاً: "هوذا ماء، ماذا يمنع أن أعتمد؟ فقال له فيلبس: إن كنت تؤمن من كل قلبك يجوز"، فأجاب الوزير قائلاً: "أنا أؤمن أن يسوع المسيح هو ابن الله.. فنزلا كلاهما إلي الماء فيلبس والخصي، فعمده. ولما صعد من الماء خطف روح الرب فيلبس". من هذه الكلمات يتضح لنا أن المعمودية كانت مسبوقة بالاعتراف الشخصي بالإيمان، وأن كلاً من فيلبس والخصى نزلا إلي الماء. وفي سفر الأعمال (ص10)، نرى أن بطرس ما كان إلا منفذاً لوصية الرب يسوع الصريحة بخصوص المعمودية الواردة في (مت19:28). ونرى أيضا أن الشرط لمعموديتهم كان تغييراً في القلب أجراه الروح القدس (أع47:10، 48).

رغم أننا قد خلصنا بالنعمة وبالإيمان ( أف 8:2) وخلاصنا هذا تم بموت المسيح الكفارى لأجلنا، ورغم أن المعمودية - كما سبق الحديث - لا تجددنا، ولا تمنحنا الخلاص الأبدى والولادة الجديدة، لكنها لازمة، لذلك يقدم لنا الوحي في سفر الأعمال حقائق تنبر علي أن كل من آمن، اعتمد حال إيمانه. وعلي سبيل المثال - كما ذكرنا سابقاً:

  1. يهود يوم الخمسين ( أع36:2-42 ).

  2. أهل السامرة ( أع4:8-12 ).

  3. الخصي الحبشي ( أع26:8-39 ).

  4. شاول الطرسوسي ( أع17:9-19 ).

  5. كرنيليوس والذين معه ( أع43:10-48 ).

  6. ليديا بياعة الأرجوان (أع 13:16-15).

  7. حافظ السجن في فيلبي (أع 30:16-34).

  8. الكورنثيون (أع 8:18 ).

كل هذه الأحداث تكشف لنا ضرورة الالتزام بكل دقة بالوصية التي أوصى الرب بها تلاميذه "اذهبوا وتلمذوا وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس". (مت 19:28) كما أننا نلاحظ في كل حادثة أن الإيمان سابق للعماد.

قيمة المعمودية مستمدة من الرب يسوع مصدرها، والذي أمر تلاميذه بها، وفاعليتها وتأثيرها مستمد رأسا من الآب، والابن (الرب يسوع)، والروح القدس "وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس". ومن المحال أن تكون هناك سلطة أعظم من هذا، لذلك فهي تعنى إعلان الخضوع لسيادة المسيح التى تمت بالإيمان بشخصه ونوال الحياة الجديدة، مع انتهاء العلاقة والانتساب لهذا العالم الحاضر الشرير الذي رفض، بل وقتل المسيح علي الصليب، والواقع تحت غضب الله. ولهذا السبب يطلب المؤمنون المعمودية وينزلون في الماء ليُدْفَنُوا بإرادتهم، لأنهم يعلمون أن هذا العالم مقضي عليه بالموت. ليس ذلك فقط، بل تعطى المعمودية أيضاً معنى الدفن للعتيق وإنهاء الارتباط بآدم الأول، والدخول في علاقة جديدة قد تمت بالإيمان، في الارتباط بالمسيح رأس الخليقة الجديدة.

كما أننا في المعمودية قد دفنَّا الإنسان القديم بكل خصائصه، فما عادت تُرى أية فوارق بين جنس أو نوع أو مركز، وآخر. هذا كله قد انتهي إذ لا يُرى إلا المسيح. بل إن الموت والدفن الذين تما بالمعمودية، قد أعلنا انتهاء ارتباطنا بالماضي، وأصبح لنا مسلكاً جديداً إذ لبسنا المسيح.

في المعمودية نرى طريق الله إلي الإنسان؛ فالآب أحب وبذل ابنه الوحيد وأرسل الروح القدس ليسكن في المؤمنين، لذلـك نرى في المعمودية إعلان صريح عن ثالوث الله الواحد "عمدوهم باسم (وليس بأسماء) الآب والابن والروح القدس" (مت 19:28)، وكذلك ليس "باسم الآب، باسم الابن، باسم الروح القدس"، كأنهم منفصلين.

المعمودية لا تُدخل الشخص إلي ملكوت السماوات أو إلي بيت الله أو إلي جسد المسيح، وإنما هي طاعة صريحة لوصية الرب يسوع لتلاميذه، لذلك فهي موضوع سرور للذين يرغبون في طاعته، ففي المعمودية أُقِرّ أنه لا رجاء لي في ذاتي، والموت هو استحقاقي، ولكن المسيح مات عوضاً عنى، فموته إذن هو الأساس الوحيد لثقتي، وموته هذا قد حُسب لي، وكل ما أنا عليه بحسب الطبيعة قد تعامل الله معه قضائيا في صليب المسيح. وبما أنني متُّ مع المسيح فينبغى أن أُدفن، لذلك فإن دفني في ماء المعمودية هو شهادة علي ذلك كله.

لقد متنا ودُفنَّا وقمنا مع المسيح شرعاً، ولكن المعمودية هي الشهادة العلنية عن هذا الحق، فهي، كما هو مكتوب، "شبه موته" (رو6)، أي مثال موته. كما أننا في المعمودية نعلن انتماءنا للدائرة التى توجت يسوع رباً، بل ونعلن ارتباطنا واتحادنا به وخضوعنا الكامل له.

خُلاصة القول: نستطيع أن نقول أن دخول المؤمن في مياه المعمودية يعلن ويشير ويؤكد لنا أن هذا المؤمن قد حصل بالإيمان علي الخلاص (مر16:16)، وغُفرت خطاياه (اع38:2)، ودُفن، لأنه مات مع المسيح (رو3:6)، ومن حقه أن يسلك سلوك الحياة الجديدة لأنه متحد بالمسيح.

كما أننا في المعمودية نشهد بإيماننا بالإله الواحد المثلث الأقانيم، ونشهد عن عمل المسيح الكفارى بأنه مات لاجل خطايانا ودُفن وقام في اليوم الثالث، كما أننا نعلن أننا قد متنا عن العالم واتحدنا بالمسيح "لأنكم جميعاً أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع، لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح.. لأنكم جميعاً واحد في المسيح يسوع" (غلا26:3-28).

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة