لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

المعـمـودية والخـتان

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

الفصل العاشر

 

المعـمـودية والخـتان

 

الذين يريدون أن يبرروا معمودية الأطفال، اتخذوا من قضية الختان - التي كانت تمارس فى العهد القديم - حجة يستندون عليها لدعم ممارسة معمودية الأطفال، لذلك وجب علينا أن نعالج هذه القضية ممتحنين كل شئ بواسطة كلمة الله التي هي "أمضى من كل سيف ذى حدين". والسؤال الذي يواجهنا الآن هو: هل المعمودية فى العهد الجديد حلت محل الختان فى العهد القديم؟ وهل الختان يرمز أو يشير إلى المعمودية المسيحية فى العهد الجديد؟ وجواباً على ذلك نقول:

[ 1 ] إذا كانت المعمودية قد حلت محل الختان، أو إن كان الختان رمزاً للمعمودية، فلماذا جاء جميع الذين أصلاً مختونين ومعتبرين من أولاد العهد، ليعتمدوا من يوحنا المعمدان (مت5:3،6،7) ؟

[ 2 ] المسيح وهو في مركز الإتضاع كالإنسان خُتن في اليوم الثامن من ولادته (لو21:2)، فلماذا اعتمد من يوحنا المعمدان وهو في الثلاثين من عمره ؟ (لو21:3-23).

[ 3 ] مع أنه لم تُذكر معمودية تيموثاوس نصاً وإن كنا لانختلف في أنه اعتمد - فلماذا ختن بولس الرسول إياه (أع16: 3) إن كانت المعمودية حلت محل الختان أو استبدل الرمز برمز نظيره؟

[ 4 ] كان الختان في العهد القديم للذكور فقط أما المعمودية فهى للذكور والإناث على السواء "اعتمدوا رجالا ونساء" (أع 12:8).

[ 5 ] بما أن الختان بعد الولادة الجسدية، فالمعمودية يجب أن تكون بعد الولادة الروحية (أع 18:8).

[ 6 ] الختان لا ينفع الشخص ما لم يحفظ الناموس، وهذا ما أعلنه الروح القدس فى (رو25:2-29) "فإن الختان ينفع إن عملت بالناموس، ولكن إن كنت متعديا الناموس فقد صار ختانك غرلة، إذاً إن كان الأغرل يحفظ أحكام الناموس أفما تحسب غرلته ختاناً؟ وتكون الغرلة التي من الطبيعة وهى تكمل الناموس تدينك أنت الذى فى الكتاب والختان تتعدى الناموس، لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديا، ولا الختان الذي في الظاهر في اللحم ختاناً، بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي، وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان، الذي مدحه ليس من الناس بل من الله" كذلك المعمودية، لا تنفع بدون الإيمان بموت المسيح ودفنه وقيامته.

[ 7 ] في القديم كان الإسرائيلي المولود يختتن فى اليوم الثامن، أما في التدبير الحاضر، فكل من يصبح ضمن عائلة الله عن طريق الولادة الجديدة عليه أن يعتمد.

[ 8 ] في (كو 11:2،12) المعتمدون هم جماعة قد اختتنت حقا بختان غير مصنوع بيد؛ أي انهم تحققوا نهاية الجسد فى الصليب، وهم الآن يقفون على الجانب الآخر من القيامة. الختان عبارة عن قطع يُجرَى في اللحم الحي للدلالة على نهاية الجسد، لكن المسيح قد قُطع من أجلنا، فحينما مات متنا معه. إذاً فالجسد قد انتهى فى نظر الله، وبذلك قد خُتِنَّا في موته. وبمعنى آخر: إن كل مؤمن حقيقى يعتبر أنه مختتن بختان المسيح الذى يشير الى موته على الصليب (كو 11:2)؛ بمعنى أنه حينما مات المسيح مات المؤمن معه شرعاً "مع المسيح صلبت" (غلا20:2). لقد تمت تنحية الجسد تماماً، وهذا هو معنى خلع جسم خطايا البشرية، أو خلع جسم الجسد.

[ 9 ] المعمودية رمز إلى دفن الإنسان العتيق "دفنا معه بالمعمودية للموت" (رو4:6). ولا يمكن أن رمز يشير إلي رمز، وإنما الرمز يتكلم عن الحقيقة، إذاً لا يشير الختان إلى المعمودية.

[10] المعمودية هي في ذاتها رمز، أما الختان فقد كان هو خاتم العهد الخاص، عهد الموعد الذي قطعه الله مع بيت إبراهيم (تك 9:17-14).

[11] لو كان القصد من المعمودية هو أن تحل محل الختان، أو أن يرمز الختان إلى المعمودية، لكان من الممكن توضيح هذا المعنى فى الوقت الذى انعقد فيه المجمع الرسولي الخاص في أورشليم لمعالجة قضية الختان بعينها (أع 24:15). لكننا لا نجد ولا إشارة واحدة أو أي اقتراح بهذا الخصوص.

[12] كان الختان في العهد القديم فريضة إلزامية، ومن يخالفها يعرض نفسه للموت (تك9:17-14)، مثل ما حدث مع موسى قبل أن يرسله الرب لخلاص بنى إسرائيل (خر 4: 24،25). أما المعمودية فى العهد الجديد فليست هى ناموس يُخضع له، لكنها وصية، بإطاعة الرب في تنفيذها إعلاناً منا عن محبتنا له "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي" (يو15:14)، "من آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يُدن" (مر16:16)، فالدينونة لعدم الإيمان فقط.

[13] كان الختان في العهد القديم علامة انفصال عن العالم، والدخول في دائرة البركة والعهد مع الله، هذه دائرة امتياز لبركات أرضية مع شعب أرضى وعده الرب ببركات وميراث أرضى، وهذا الأمر يلتزم به اليهودي والغريب النازل عند رجل إسرائيلي قبل الأكل من الفصح. أما المعمودية فى العهد الجديد فهى علامة الانفصال عن العالم الحاضر الشرير الذى صلب المسيح، وإعلان عن الدخول بالإيمان في عهد مع الله، والحصول على البركات الإلهية الروحية السماوية، وليست الأرضية. فالشعب القديم المختتن بركاته أرضية، أما في العهد الجديد، فالله لم يدعُنا لامتلاك أراضى جديدة هنا، لكن "وهو آت بأبناء كثيرين الى المجد" (عب10:2)، وقال المسيح "آتي.. ‎وآخذكم إلىَّ" (يو 14: 3)، ويقول الرسول بولس عن الله أنه "باركنا بكل بركة روحية فى السماويات فى المسيح يسوع" (أف 3:1).. كل هذه الأمور يحصل عليها الإنسان بالإيمان وليس بالمعمودية. يصير مسيحيا حقيقيا لا بممارسة طقس لكن بقبول المسيح بالإيمان، هذا في نظر الله، ويجب أن يُعلن ذلك للعالم بالمعمودية.

[14] الختان في العهد القديم كان له مدلولاته الروحية، ففي رسالة بولس إلى المؤمنين في مدينة روميه يقول: "وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان، الذي مدحه ليس من الناس بل من الله" (رو 2: 29). لأجل ذلك يقول الرب لشعبه: "فأختنوا غرلة قلوبكم ولا تُصَلِّبوا رقابكم بعد" (تث16:10). القلب الأغلف هو القلب غير الطاهر (لا 41:26، أر 4:4 ، حز7:44،9)، والشفاه الغلفاء هي الشفاه الغير نقية (خر12:6،30). قارن مع (خر 10: 4، صف9:2). والأذن الغلفاء هي الأذن غير الطائعة (أر 10:6، أع 7 :51).. وهنا نسأل: هل الختان كممارسة فعلها اليهود قديماً أعطاهم طهارة القلب ونقاوة الشفاه والآذان المطيعة للرب؟ لو كان الأمر كذلك لما كان الرب وبخهم مراراً وتكراراً على عنادهم وقساوة قلوبهم. وإن كانت المعمودية تشبه الختان فإننا نسأل أيضاً: هل المعمودية تنقى القلب واللسان والآذان وتجعلها تُخلق من جديد، أم الإيمان بالمسيح يفعل ذلك؟ للأسف كم من المسيحيين اليوم يتكلون على معموديتهم وهم يعيشون في الخطية!!

إن المعمودية تشير إلى عدم نفع الجسد نهائيا لذلك يتم دفنه فى الماء، الأمر الذي أدركه المُعَمَّد بالإيمان بالمسيح أولاً، إذ عرف أنه فى صليب المسيح تم ختانه الروحي، وهذا الختان فى الداخل حيث لا تقدر يد إنسان أن تصل. ومن هنـا جاء الربط بين الممارستين، الختان والمعمودية فى رسالة بولس الرسول الى المؤمنين فى كولوسى "وبه ختنتم ختاناً غير مصنوع بيد، بخلع جسم (خطايا ) البشرية بختان المسيح. مدفونين معه في المعمودية، التي فيها أقمتم أيضاً معه بإيمان عمل الله الذى أقامه من الأموات" (كو11:2،12).

[15] يقول البعض "إننا نعمد الأطفال دون أن يدركوا، كما ختنَّاهم دون أن يدركوا، أي أننا نضعهم فى دائرة البركة والامتياز، ومتى جاء الوقت المعين من الله فإنهم يطيعون كلمة الله ويخلصون". وبتحليلنا لهذا القول نجـد أنه لا الختان ولا المعمودية كانت أو ستكون سببا لتحريك الروح القدس ليعمل فيهم مستقبلاً.

[16] كان الختان في العهد القديم فريضة حتمية على الأطفال فى عمر ثمانية أيام، والذي لا يختتن يُقطع من شعبه لأنه نكث عهد الرب، إن كانت المعمودية هكذا فلماذا قال الرسول بولس: "أشكر إلهي أنى لم أعمد أحداً، لأن الله لم يرسلنى لأعمد، بل لأبشر"؟ وكيف خلص اللص التائب الذى حُكم عليه بالصلب ومات مصلوباً دون أن يعتمد؟

[17] كان الختان يُعطِى الذكور بعض الامتيازات والحقوق في مجتمع شعب الرب، ولكن موقفهم أمام الرب كان متوقفا على إيمانهم الشخصي بدم الكفارة، وإلا فهم ليسوا من أولاد الله. هكذا، كم من أناس تعمدوا فى طفولتهم ولم يولدوا ثانية، بل صاروا أعداء للمسيح وكلمته.

[18] لا توجد أهمية للإيمان من جانب الطفل المختتن لأنه لم يكن عن وعى بما كان يحدث، ولكن في المعمودية يلزم عمل الإيمان من جانب الشخص الذى يعتمد "ولكن لما صدقوا فيلبس وهو يبشر بالأمور المختصة بملكوت الله وباسم يسوع المسيح، اعتمدوا رجالاً ونساءً" (أع 12:

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة