جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.

الصفحة الرئيسية : تفاسير : نشيد الأنشاد : ص 8، آية 11 و12

خمائل الطيب: تفسير نشيد الأنشاد

ص 8، آية 11 و12

11و12-"كان لسليمان كرم في بعل هامون. دفع الكرم إلى نواطير كل واحد يؤدي عن ثمره ألفا من الفضة. كرمي الذي لي هو أمامي. الألف لك يا سليمان ومئتان لنواطير الثمر".

كان سليمان، بكل يقين، رمزا لربنا يسوع المسيح ملك السلام _ المسيا ملك المجد الحقيقي، وهو صاحب الكرم الذي في "بعل هامون" (أي رب جمهور غفير) والإشارة هنا هي إلى جماهير الأمم في الملك الألفي السعيد، فالأرض كلها ستصير كرما عظيما لرب المجد "للرب الأرض وملؤها. المسكونة وكل الساكنين فيها"(مز24: 1) فكان العروس ترى بان الألف سنة قد جاءت ومجد الرب ملأ الأرض.

وعندما يأتي سليمان _ سليمان الحقيقي سيكون له كرم، وسيمون ذلك مثمرا، وسيقدم نواطير الكرم _أي حارسوه نتيجة خدمتهم للملك صاحبه، أي ان كل شيء سيكون تحت نظر وسيادة المسيح وطبقا لمبادئ ملكوته. أما كرم العروس فتريد ان تذهب كل ثماره للملك سليمان مع حصة صغيرة لأولئك الحراس "كرمي الذي لي هو أمامي. الألف لك يا سليمان ومئتان لنواطير الثمر" فالكل يساهمون في غنائم الأرض المباركة، المثمرة والمبهجة والممتلئة سلاما، ولكن المسيح سيكون رب الجميع _"بعل هامون" أي ملك المسكونة بأسرها. عندئذ تجثو له كل ركبة "ويعترف كل لسان ان يسوع هو رب لمجد الله الآب".

*     *     *

ان في كلام العروس عن "الكرم" إشارة إلى موضوع الخدمة ومسئوليتنا بازائها، على ان أمر الخدمة ليس هو الموضوع الرئيسي في هذا السفر، إذ ان موضوعه الجوهري هو علاقة الرب بنا ومحبته لنا وعلاقتنا نحن به ومحبتنا له، ومتى عرف ذلك بكيفية عملية فأنه ينشئ فينا رغبة صادقة في خدمته، والروح القدس يصوره أمامنا هنا كسليمان الحقيقي الذي له كرم في "بعل هامون" أي أنه رب جمهور غفير كما سلفت كسليمان الحقيقي الذي له يرسم أمامنا سيادة الرب يسوع، وان جمهور المؤمنين هم عبيد أو خدام مسئولون أمامه. فقد سلم الكرم إلى النواطير _ أي إلى حراس، وعلى كل واحد ان يؤدي عن ثمره "ألفا من الفضة" (قارن مت21: 33و34). نعم أننا إذا قدَّرنا مسئوليتنا كعبيد وخدام للمسيح، فأننا نأخذ نصيبا كاملا ومباركا من تعبنا في كرمه _ نأخذ "ثمره" أعني كل ثمر الكرم وهو له المجد يأخذ "ألفا من الفضة" من كل واحد منا. ان لكل واحد من المؤمنين نصيبا من الخدمة في كرم الرب _كبيرا كان أو صغيرا، ومتى أدى كل واحد خدمته "بحسب ما أخذ" بأمانة واجتهاد فأنه يتمتع بالثمر الوفير كما أنه يقدم لسيده نصيبه"ألفا من الفضة" فالسيد صاحب الكرم والخادم يتمتع كل منهما بنصيب كامل، والشيء الذي يجب ان نراعيه ونذكره دائما هو أننا حراس لكرمه سواء كنا أفرادا أو عائلات، سواء في بيوتنا أو في أشغالنا، أو في اجتماعاتنا، فأننا دائما تحت المسؤلية والالتزام بخدمة السيد.

*     *     *

ثم تشير العروس إلى كرمها هي "كرمي الذي لي هو أمامي" فعلاوة على كرم سليمان، كان للعروس كرم، وكان موضوع رعايتها واهتمامها "هو أمامي" فهي في بداءة هذا السفر تعترف بحالتها لأنها أهملت كرمها "أما كرمي فلم انصره"(ص1: 6) أما الآن فأنها ترى في حالة الصحو والسهر "كرمي الذي لي هو أمامي".

وهي باختيارها تقدم لسليمان "ألفا من الفضة" من كرمها "الألف لك يا سليمان" فعواطف محبتها تتعادل مع مطاليبه، فان كان قد طلب من كرمه هو "ألفا من الفضة" فأنه لن يأخذ أقل من ذلك من كرمها هي، وفي هذا نرى ان المحبة ليست أقل أثمارا وإنتاجا من المسئولية، فإذا ما أدركت قلوبنا كيف نثمر المحبة والعواطف النقية والمخلصة للمسيح بالصورة المرسومة أمامنا في كلمات العروس هذه، فان محبتنا للمسيح تكون محبة عملية بالحق. ان المحبة وحدها هي التي تستطيع ان تؤدي بسرور وفرح ما يجب ان يؤدي تحت المسؤلية، وهي _ أي المحبة_ تؤديه ليس لأنه مجرد واجب بل لأنها تجد لذتها في تأديته_ تجد بهجتها في ان تتعب لأجل من تحب، وهذا معنى قول العروس "الألف لك يا سليمان" فالمحبة تقدم له الكل, وهو_ أي سليمان الحقيقي يتقبل ذلك لا باعتبار أنه مجرد واجب، بل لان العروس تقدم بسرور "بروح منتدبة" وبقلب مبتهج وبدافع المحبة الخالصة. ليتنا نتعلم كيف نمارس خدمتنا للرب بهذه الروح_ روح المحبة لذاك الذي أحبنا وخدمنا ولا زال يخدمنا.

*     *     *

ثم تدرك العروس مبدأ المكافأة والمجازاة على الخدمة والتعب الرب "ومئتان لنواطير الثمر" وهذه حقيقة واضحة كل الوضوح في كلمة الله، وهي ان كل خدمة للرب سيكون لها جزاؤها بكل يقين، فلا يمكن ان واحد من المؤمنين يعمل شيئا بأمانة للرب إلا وينال منه المجازاة والمكافأة، فهو له المجد ليس "بظالم حتى ينس تعب المحبة التي أظهرتموها نحو أسمه"(عب6: 10) والرب يعطي المجازاة روحيا الآن، ثم سيعطيها علنية أمام "كرسي المسيح" وهذه المكافأة ستكون على مبدأ النعمة فان كل واحد منا عندما ينال المجازاة سيشعر أنه أخذ أكثر كثيرا مما يستحق، وكان العروس قد عرفت ذلك عندما قالت بان الحراس يأخذون "مئتان من الفضة" والحصاد يأخذ أجرة ويجمع ثمارا للحياة الأبدية لكي يفرح الزارع والحاصد معا"(يو4: 36).

"إذا يا أخوتي الأحباء كونوا راسخين غير متزعزعين في عمل الرب في كل حين عالمين ان تعبكم ليس باطلا في الرب"(1كو15: 58) "ولكن كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه" (1كو3: 8). "حينئذ يكون المدح لكل واحد من الله"(1كو4: 5).

*     *     *