جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.

الصفحة الرئيسية : تفاسير : نشيد الأنشاد : ص 5، آية 9

خمائل الطيب: تفسير نشيد الأنشاد

ص 5، آية 9

9-"ما حبيبك من حبيب أيتها الجميلة بين النساء ما حبيبك من حبيب حتى تحليفنا هكذا".

ان ما أظهرته العروس من محبة لعريسها وشغف به وحنين إلى رؤيته، أيقظ مشاعر بنات أورشليم وأوجد فيهن اهتماما للسؤال عن حبيبها وعما يتميز به عن سواه من صفات وكمال، وبنات أورشليم هؤلاء يشبهن كثيرين من الناس الذين حولنا _ الذين لا يعرفون كثيرا عن المسيح وكمالاته وعن عمله الفدائي المبارك، ولكنهم إذ رأوا فينا _ سواء في حياتنا العملية أو في شهادتنا محبة قلبية صادقة للمسيح وعيشة مكرسة له، ولهجا حارا ومستمرا به وبنعمته الفائقة، فأنهم يدركون أو بالحري يرون فينا صورة المسيح الأدبية "أيتها الجميلة بين النساء" كما ان هذا ينشئ فيهم اهتماما بمعرفة المسيح "ما حبيبك من حبيب؟". فما هو تأثيرنا على الناس الذين حولنا؟ هل يرون فينا "عذراء عفيفة للمسيح؟" وهل يرون في سلوكنا بينهم ما يميزنا عن سوانا؟ لاحظ القول "الجميلة" فليست هي جميلة كغيرها بل "الجميلة" التي انفردت بجمال روحي وأدبي لا يرى مثيل في سواها. هل يرى الغير فينا العواطف التي أستأسرها وامتلكها هذا الحبيب والعريس المبارك الذي لا مثيل له؟ ان العروس تتحدث عنه بكيفية واضحة تبين ان ليس لحبيبها نظير، وهذا ما نبه بنات أورشليم وحفزهم للسؤال عنه "ما حبيبك من حبيب حتى تحلفينا هكذا؟".

ومع ان الرب له المجد فريد في نعمته وفي محبته، وكامل في كل صفاته _ فريد وأسمى من ان يقارن به كائن آخر، إلا أنه كان الروح القدس يقارنه بسواه فذلك لكي يعلن لنا الكثير من أمجاده وكمالاته. لقد أدرك المرنم سموه الذي انفرد به حين قال "أنت أبرع جمالا من بني البشر"(مز45: 2) والخدام الذين أرسلهم الفريسيون ورؤساء الكهنة لكي يمسكوا يسوع رجعوا قائلين "لم يتكلم إنسان قط هكذا مثل هذا الإنسان"(يو7: 46) والله نفسه قد أعلن سمو ابنه الوحيد _ ابن داود الحقيقي حينما قال "رفعت (أو عظمت) مختارا من بين الشعب"(مز89: 19) فقد ميز الله مختاره من بين الناس كالإنسان الوحيد الذي وجد فيه كل مسرته، ولذا فأنه عند معموديته ميزة الله عن "جميع الناس" الذين اعتمدوا مثله، فان الروح القدس نـزل عليه بهيئة جسمية مثل حمامة، وسمع الصوت من السماء قائلا "أنت ابني الحبيب بك سررت"(يو3: 21و22) وفي هذا يريد الله ان يعلمنا نحن بان نعطي المسيح الكرامة التي تليق له دون سواه والمركز الأول في عواطفنا.

            يسوع وحده حوى           جميع أوصاف الكمال

           وهو العجيب في البها         والعز أيضا والجلال

                                 ______

           ليس حبيب غيره              به دواما استريح

           فهو حبيبي وحده             وله قد لاق المديح

*     *     *

"أيتها الجميلة بين النساء" هذا ما سيحقق _ في يوم قادم _ لابنة صهيون _ عروس الملك الحقيقي، العروس الجميلة جدا، فحينما تدخل دائرة البركة الكاملة في عهد المسيا حين يكرمها ويعظمها، تكون لغة الجميع إليها "أيتها الجميلة بين النساء". ان أورشليم ويهوذا سيكون لهما المكان الأول في كل الأرض، وسيأتي كل الأمم ليحتموا تحت ظلال أجنحتهما. "هكذا قال رب الجنود. في تلك الأيام يمسك عشرة رجال من جميع ألسنة الأمم يتمسكون بذيل رجل يهودي قائلين نذهب  معكم لأننا سمعنا ان الله معكم"(زك8: 23) وهذا بكل يقين شيء مستقبل، وعندئذ تتحقق النبوة الخاصة بابنة صهيون "ويكون الملوك حاضنيك مرضعاتك. بالوجوه إلى الأرض يسجدون لك ويلحسون غبار رجليك فتعلمين أني أنا الرب لا يخزي منتظره"(أش49: 22و23) يا له من تغيير مبارك لذلك الشعب الذي طال أمد امتهانه مدرسا تحت الأقدام، والذي لا يزال أمامه ضيق مروع لم يسبق له مثيل منذ ابتداء الخليقة "ضيق يعقوب" نعم سيحدث لهم تغيير مجيد، عندما يرجعون بقلوبهم إلى الرب ملكهم، فالكتاب يخبر بكل وضوح عن أورشليم باعتبارها عروس المسيا الأرضية، وفيها يجد عريسها مسرته، الرب المبارك نفسه وبقية الأسباط وجميع الأمم _ الكل يعجبون بجمالها "أيتها الجميلة بين النساء" حقا ما أعجب النعمة، فان أورشليم التي رفض ملكها العظيم وقتلته سيعود إليها برحمة فائقة وسترحب هي به وتتوجه ملكا عليها وذلك لغبطتها.

*     *      *