جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.

الصفحة الرئيسية : تفاسير : نشيد الأنشاد : ص 3، آية 7 و8

خمائل الطيب: تفسير نشيد الأنشاد

ص 3، آية 7 و8

  7و8-"هوذا تخت سليمان حوله ستون جبارا من جبابرة إسرائيل. كلهم قابضون سيوفا ومتعلمون الحرب. كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل".

وان كنا لا نعلم من هو الناطق بهذه الكلمات، وذلك لكي ينحصر تأملنا لا في المتكلم نفسه بل فيما تكلم به، إلا ان هذه بكل يقين هي لغة الروح القدس إذ أنه يرسم أمامنا لمحات من مجد العريس المبارك "ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم" (يو16: 14). أنه يقودنا هنا للتأمل أولا في "تخت سليمان" أعني سريره أو فراشه (*) أي مكان راحته في الليل حيث يحيط به حرس من الجبابرة، وهذا يرينا ان للمسيح هنا على الأرض مكانا يجد فيه راحته رغم مخاوف وأهوال الليل. من المسلم به حقا أنه الآن في مكان راحته في الأعالي، فقد قال له الرب يهوه "اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك"(مز110: 1) وليس لنا ان نحرسه هناك حيث لا يستطيع خصم أو مقاوم ان يدنو منه أو من عرش أبيه، إلا ان له مكانا لراحته هنا على الأرض أيضا حيث يستلزم الأمر ان يكون في القرب منه وحوله رجال أمناء "متعلمون الحرب" للدفاع عن حقه الثمين _ رجال محبون ومخلصون له، وليست نفوسهم ثمينة عندهم. حسن جدا ان نفكر فيه كمن يحمينا من الأعداء، وماذا كنا نعمل لولا حمايته لنا؟ ولكن أمامنا هنا وجه آخر وهو ان سريره يحيط به "الجبابرة" لحراسته بسبب "هول الليل" وهذا يمكن تطبيقه على الوقت الحاضر، فأننا لم نصل بعد إلى أمجاد وراحة الملك الألفي، ولو أنه "قد تناهى الليل" إلا أنه لم ينته بعد، ولن ينتهي إلا عند مجيء الرب كوكب الصبح المنير بالنسبة للكنيسة وظهوره كشمس البر بالنسبة لشعبه الأرضي، أما في الوقت الحاضر فان الأمر يتطلب ان تكون لنا محبة طاهرة ونقية للمسيح وأخلاص وغيرة مقدسة بازاء هجمات العدو ضد شخصه الكريم وأمجاده وحقه الثمين. أننا في حاجة إلى الوقوف إلى جانب الرب وفي صفه وفي أيدينا سيف الروح الذي هو كلمة الله "كلهم قابضون سيوفا" وذلك لمواجهة كل هجمات عدو المسيح في حلكة الليل.

كم هو جميل ان الرب يأتمن محبيه الأمناء على الحق الجوهري الخاص بشخصه وياله من شرف عظيم خلعه الرب على كنيسته في زمان النعمة الحاضر إذ أعطاها هذه الوديعة المقدسة. ان الكنيسة هي "عمود الحق وقاعدته" وقد أستؤمنت على حراسة الحق الجوهري المتعلق بشخصه ومجده والدفاع عنه بكل غيرة مقدسة. ان من أهم واجبات "الجبابرة" ان يتلقوا كل لطمة يوجهها العدو إلى مجد الابن المبارك بكل شجاعة وبغير أحجام أو تردد، فشخصه الكريم هو الجوهرة الكريمة والغالية التي تعتز بها الكنيسة، فكل تهجم من العدو على مجد ذاته أو اسمه إنما هو لسلب أغلى ما تمتلكه الكنيسة، ومع ان العدو خدامه الكثيرين ولا سيما في هذه الأيام الأخيرة الذين يهاجمون أمجاد ربنا المبارك، إلا أننا نشكر الله لان آلافا عديدة من القديسين الأمناء محبي المسيح والمخلصين له يفضلون الموت على ان يفرطوا في اليسير من "تعليم المسيح" أي الحق المتعلق بمجد أقنومه أو أمجاده المقدسة. تبارك اسم إلهنا وسيدنا المعبود ربنا يسوع المستحق كل سجود وإكرام. ان المحك الحقيقي لقيام أو سقوط المؤمنين هو موقفهم بازاء المسيح وأمجاده، ونحن موجودون في هذا العالم للدفاع عنه مهما كانت الكلفة فان العدو يعمل بكل وسائل في هذه الأيام بصفة خاصة إذ يقاوم بكل عنف الحق الخاص بربنا المبارك يسوع ابن الآب بالحق والمحبة محاولا إخفاء أمجاده الفائقة، ومن واجبنا نحن المؤمنين ان نقف صفا واحدا مجاهدين لأجل "الإيمان المسلم مرة للقديسين" وان نكون حراسا ساهرين على حقائق الإيمان الجوهرية المتعلقة بأمجاد المسيح المتنوعة، وكلنا "قابضون سيوفا. . . كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل". أننا وان كنا لا نملك في أيامنا هذه ما كان للقديسين من قوة في بدء تأسيس الكنيسة _ ذلك العصر الرسولي الذي تميز بآياته وقواته المعجزية، إلا ان الرب يقدر كل التقدير الأمانة في حفظ كلمته وفي الشهادة لاسمه "هأنذا جعلت أمامك بابا مفتوحا ولا يستطيع أحد ان يغلقه لان لك قوة يسيرة وقد حفظت كلمتي ولم تنكر اسمي"(رؤ3: 8).

*     *     *

"تخت سليمان" واضح كل الوضوح ان سليمان لا يشير إلى المسيح في علاقته بالكنيسة: ربما كان داود رمزا للمسيح من ناحية علاقته بالكنيسة، وليس القصد ان داود كان دائما كذلك، ولكنه كان كذلك من بعض الوجوه لأنه عرف كثيرا عن آلام المسيح ورفضه بكيفية لم يعرفها سليمان، فسليمان لم يعرف شيئا سوى المجد. لقد كان رجل السلام والمجد والراحة، وواضح ان الشخص الذي تنتظره العروس _ البقية الأمينة _ هنا ليس شخصا متألما، فليس من ترجوه العروس هو الخروف _ حمل الله المرفوض من الأرض والممجد في السماء، فان هذا هو الذي ننتظره نحن المسيحيون وبالتالي نرغب في اتباعه _ نرغب بكل سرور ان نتبع مسيحيا مرفوضا من الناس ولكنه مختار من الله كريم، أما في المشهد الذي أمامنا فالأمر ليس كذلك فان العروس تنتظر ملكا مجيدا سيملأ الأرض بالبهجة والسلام.

*     *     *

"ستون جبارا من جبابرة إسرائيل" ان الرب يعرف الأمناء المخلصين له والمتعلقين به والملتصقين به. يعرف عددهم ويعرف كل واحد منهم، وأسماؤهم مسجلة في سفر تذكرته وسيأتي سريعا وأجرته معه ليجازي كل واحد كما يكون عمله "إذا يا أخوتي الأحباء كونوا راسخين غي متزعزعين مكثرين في عمل الرب كل حين عالمين ان تعبكم ليس باطلا في الرب"(1كو15: 58).

*     *      *

"كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل" فترى أنه مشهد الليل وان النهار لم يأت بعد، والعروس _ البقية التقية لم تصل بعد إلى راحتها التي تنشدها _ راحة ذلك النهار البهيج ولكنها ستترقبه وهي تمر في ظلمة وهول ليل آلامها، أما نحن فأننا نتوقع مجيء العريس السماوي كوكب الصبح المنير لنكون معه في مجده في بيت أبيه. آمين تعال أيها الرب يسوع.

*     *     *


(*)  كلمة تخت المذكورة هنا بمعنى سرير COUCH  أو فراش  BED أما كلمة تخت في عدد 9 فمعناها مركبة CHARIOT  أو تخت روان أو هودج PALANQUIN