السبت 4 أكتوبر - تشرين الأول - 2003

قاضي الظلم والمرأة اللحوحة


وقال الرب اسمعوا ما يقول قاضي الظلم. أفلا ينصف الله مختاريه الصارخين إليه نهاراً وليلاً وهو متمهل عليهم. أقول لكم إنه ينصفهم سريعا (لو18: 6،7)

مَثَل قاضي الظلم بسيط وواضح في مبناه. فلقد كانت هناك أرملة في مدينة لديها مشكلة، فذهبت إلى قاضي مدينتها لينصفها، لكن ذلك القاضي كان ظالماً، فلم يهتم بأمر تلك المرأة. وأما الأرملة فإذ لم يكن لها من ملاذ آخر، فلقد اعتادت أن تذهب إلى ذلك القاضي بشكواها يومياً، مما دفع القاضي لأن يقول في نفسه: وإن كنت لا أخاف الله ولا أهاب إنساناً، لكن لكي أُريح نفسي من هذه المرأة أنصفها.

وهنا نقول: إن المفارقات بين هذا المَثَل وبين حالتنا مع إلهنا واضحة:

ـ فالقاضي هنا هو على النقيض تماماً من الله: فهو ظالم، ولا يبالي ولا يرحم، لا ضمير عنده يزعجه، ولا قلب يجعله يرق. أما الله فهو ليس فقط عادلاً، بل هو أيضاً صالح ومحب.

ـ ثم إن القاضي ما كان يعنيه مُطلقاً أمر المرأة الأرملة، أما الرب فهو يعنى بصفة خاصة بالمظلومين وبالأرامل (مز10: 14،18؛ 68: 5).

ـ ثم إن القاضي أنصف الأرملة لكي يتخلص منها ويرتاح. في المقابل مع ذلك فإن الرب لا يريدنا أن نسكت، بل هو يحرّضنا قائلاً: « لا تسكتوا، ولا تدعوه يسكت » (إش62: 6،7).

ـ ورابعاً: إنه لم تكن هناك أية علاقة بين القاضي وهذه الأرملة، وأما المسيح هنا فهو لا يقول إن الله ينصف الصارخين إليه، أو ينصف المؤمنين الصارخين، بل ينصف مختاريه الصارخين. ومختاروه هم أولئك الذين سُرَّ بهم الله منذ الأزل، واختارهم لمسرته ولذته، لنكون بالقرب منه إلى الأبد.

هنا قطبان على طرفي نقيض: قاضي يملك السلطة، وأرملة لا سند لها. هي في منتهى العجز أمام قاضي لا يبالي. ومع ذلك فإنها نالت بغيتها. فكيف تم لها ذلك؟ يقول الرب في ع4ـ6 إنه عن طريق لجاجتها حصلت على ما تريد. وهكذا فإن امرأة عاجزة، بدون سلاح سوى اللجاجة، حصلت على ما تريد من قاضي ظالم!

ويظل الدرس الذي قصد الرب أن يعلِّمه لتلاميذه هنا؛ أنه إذا كان القاضي الظالم أنصف، فكم بالحري الله العادل. وإذا كان إنسان شرير خضع لامرأة لا تملك من القوة سوى سلاح اللجاجة، وعمل ما لم يكن يوّد أن يعمله، فكم بالحري الله البار يُسرّ بأن يسمع لصلوات القديسين الحارة، ويعمل ما يُسرّ هو بأن يعمله.


 

يوسف رياض

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS