الأربعاء 29 يناير - كانون الثاني - 2003

محبة الآب


يا ابني أبشالوم يا ابني يا ابني أبشالوم يا ليتني مُت عوضاً عنك يا أبشالوم ابني يا ابني (2صم18: 33)

تمرَّد أبشالوم على أبيه داود وخطط ليأخذ مملكة أبيه لنفسه وحاول بكل أسلوب أن يسيء إلى أبيه ويجلب الإهانة على اسمه، ولكن بالرغم من كل ما فعل أبشالوم إلا أن أباه أحبه، أحبه بمحبة لا يستحقها.

ألا نستطيع أن نرى في أبشالوم صورة للطريقة التي بها قد عاملنا الله نحن البشر. كما نرى في داود صورة للطريقة التي قابل بها الله عداوتنا بمحبته الكاملة.

كل إنسان طبيعي قد تمرَّد على الله كأبشالوم تماماً واستخدم قدراته الطبيعية لا لصالح ملكوت الله، بل ليحقق لنفسه الشُهرة والثروة والمجد والسلطان، أو بالأصح لكي يُكوِّن لنفسه ملكوتاً خاصاً. وكأبشالوم فعل الإنسان الأمور التي بها أهان الله وقلل من شأنه، ونتيجة لذلك هلك الإنسان كما هلك أبشالوم. ولقد حزن الله على الإنسان كما حزن داود على أبشالوم وأقام مرثاة عليه.

والرب يقول لكل بعيد « حي أنا يقول السيد الرب إني لا أُسر بموت الشرير بل بأن يرجع الشرير عن طريقه ويحيا » (حز33: 11). والله لا يُسرّ بموت الخاطئ ولا يشاء أن يَهلك أي إنسان وكأنه يقول مثل ما قال داود « يا ليتني مُت عوضاً عنك ». لقد كان هذا مستحيلاً طبعاً بالنسبة لداود، ولكن أمكن لابن الله أن يصير جسداً ويموت بالنيابة عنا! يا له من استعلان مُدهش للمحبة.

ولكن كما احتقر أبشالوم محبة أبيه، هكذا يحتقر الكثيرون الآن محبة الله، ويستمرون في عصيانه والتمرد عليه. لا شك أن هذا الرفض يؤلم قلب الآب ويُحزنه في الأعماق. وأيضاً نحن المؤمنين قد نؤلم قلب أبينا عندما نفعل أموراً لا تمجده بل تجلب العار والإهانة لاسمه. ولكنه في رحمته يظل يدعونا إلى شخصه، وعندما نرجع ونتوب فإنه يرحب بنا ويُظهر لنا نفس المحبة التي تُدفئنا وتعزينا كسابق عهده معنا.

ليت كل نفس بعيدة تُسرع بالإرتماء في أحضان محبة الآب، فهو يريد « أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يُقبلون » (1تي2: 4). إنه يرحّب بك كما رحّب بالابن الضال الذي سافر إلى كورة بعيدة وبذَّر ماله بعيشِ مُسرف (لو15: 20). فأسرع بالرجوع والتوبة. فمحبة الآب تنتظرك ... لماذا تهلك في الكورة البعيدة؟!


 

كرم ناشد

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS