السبت 3 أغسطس - آب - 2002

السجود المسيحي


تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق. لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له (يو4: 23)

السجود بالروح هو تقديم السجود حسب طبيعة الله الحقيقية وبقوة الشركة التي يهبها لنا روح الله، والسجود بالروح يُغاير تماماً الطقوس والفرائض وكل تديّن الجسد.

أما السجود لله بالحق فمعناه السجود له حسب الإعلان الذي أعلنه عن نفسه. ولم يكن سجود السامريين لا بالروح ولا بالحق، أما سجود اليهود فكان بالحق لأنهم سجدوا طبقاً للإعلان المُعطى لهم، ولو أنه إعلان ناقص، غير أنهم لم يسجدوا بالروح قط. مع العلم أن الروح والحق لازمان معاً لتقديم السجود لله، فلا بد من السجود له حسب الإعلان الذي أعطانا إياه عن نفسه، وهذا معنى قوله بالحق، ثم حسب طبيعته أي بالروح.

وليس هذا كل ما يتضمنه النص، بل هناك عنصر آخر ـ عنصر كريم وغالِ في السجود ـ وهو أن الآب يطلب مثل هؤلاء الساجدين الذين أهلتهم النعمة لذلك. فلسنا نقدم سجوداً قياماً بالمسئولية التي يضعها جبل سيناء الملتهب على عاتقنا، الذي بينما يطالب بالسجود إلى عَظَمَة الرب القدوسة، يضع حائلاً في طريق القدوم إلى الله، وكل مَنْ تعدَّى هذا الحاجز كان جزاؤه الموت. وهكذا أبقى الساجد بعيداً عن الله. أما الآن فالمحبة تطلب ساجدين، وتجتذبهم باسم الآب الرقيق، وتضعهم في مركز الحرية أمامه كأولاد محبته. والروح العامل فيهم الذي ينشئ هذا السجود هو « روح التبني » الذي يصرخ في قلوبهم: « يا أبا الآب ». والله بذلك لم يفقد جلاله لأن النفس التي عرفته كالآب المُحب الحنّان، تُدرك جلاله إدراكاً أفضل، والروح الذي يقودنا إلى السجود للآب هو الذي يهدينا إلى معرفة كل محبة الله والتمتع بها.

وشكراً لله فإن التمتع بهذه المحبة وهذه الامتيازات هو من حقوق أبسط مؤمن بين المسيحيين. فالمسيحي الذي أدرك مرة ماهية نعمة الله وقَبِلَ روح التبني، له أن يتمتع بها دون بحث أو جدال، كما أن الابن يعرف أباه ويحبه ويتمتع به قبل أن يستطيع أن يعبِّر عما يتمتع به « أكتب إليكم أيها الأولاد لأنكم عرفتم الآب » (1يو2: 13). فأضعف مسيحي كُفء للسجود. وهذه الحقيقة البسيطة، وهي أن الله أبونا ولنا أن نتمتع بهذه النسبة معه بالروح، هي في حد ذاتها امتياز لا يُعبَّر عنه ولا يُقاس لخلائق نظيرنا.


 

داربي

   


إذا كانت هذه التأملات قد ساهمت في تعزيتك وتقويتك في طريق الرب، فلماذا لا تكتب لنا وتخبرنا فنفرح معك ونتعزى. وإذا كان لديك أسئلة روحية فيمكنك أيضاً مراسلتنا على أحد العناوين في الصفحات التالية:

- بيت الله - اسمع - جهنم -

يمكنك أيضاً زيارة صفحة طعام وتعزية الشقيقة

جميع الحقوق محفوظة ©

 إلى الوجبة التالية NEXT إلى الوجبة السابقة  PREVIOS