آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

  قريب على الأبواب

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

الفصل الثالث

كيف يأتي المسيح؟

يتكلم الرسول بولس بالتفصيل في رسالتي تسالونيكي الأولى وكورنثوس الأولى عن كيفية مجيء المسيح الثاني لاختطاف المؤمنين. ومن المفيد أن نورد هنا هذين الفصلين بنصهما.

«فإننا نقول لكم هذا بكلمة الرب: إننا نحن الأحياء الباقين إلى مجيء الرب لا نسبق الراقدين. لأن الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس ملائكة، وبوق الله، سوف ينزل من السماء، والأموات في المسيح سيقومون أولاً؛ ثم نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعاً معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء. وهكذا نكون كل حين مع الرب» (1تس15:4-17).

«هوذا سر أقوله لكم: لا نرقد كلنا، ولكننا كلنا نتغير، في لحظة، في طرفة عين، عند البوق الأخير. فإنه سيبوَّق فيُقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير، لأن هذا الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد، وهذا المائت يلبس عدم موت... فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة ابتُلع الموت إلى غلبة؛ أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟» (1كو51:15-55).

لقد قال الرب له المجد «آتي أيضاً وآخذكم إليّ»؛ والرسول في هذين الفصلين يبيّن كيفية هذا المجيء، وكيفية هذا الأخذ. ويتفق الفصلان معاً في أن أخذ المؤمنين يشمل الأحياء منهم والراقدين، وأنه سيكون مصحوباً بهتاف وبوق. وبوضع هذين الفصلين جنباً إلى جنب نتبين الحقائق الآتية:

1- أن مجيء المسيح وأخذ المؤمنين إليه سيكون في لحظة في طرفة عين.

2- أنه عند مجيئه يكون هناك مؤمنون أحياء لا يرقدون، وهذا ينفي الفكر بأن مجيء الرب هو لأخذ المؤمنين عند موتهم.

3- أن المؤمنين الراقدين سيقومون أولاً في عدم فساد، بجسم روحاني ممجَد.

4- أن المؤمنين الأحياء الباقين على الأرض إلى مجيء الرب سيتغيرون إلى صورة جسد مجد الرب. ويلبس جسدهم المائت (أي الذي كان في طريقه إلى الموت) عدم موت.

5- أن المؤمنين؛ الأموات المُقامين، والأحياء المتغيرين، يخطفون جميعهم معاً في السحب لملاقاة الرب في الهواء.

هذه هي الحقائق الواضحة عند مجيء الرب لأخذ قديسيه إليه، ذلك المجيء الذي ننتظره بشوق في كل لحظة.

ومع أن الاختطاف سيكون «في لحظة في طرفة عين»، ولكن كم ستكون تلك اللحظة سعيدة ومجيدة فوق حد الإدراك. إنها اللحظة التي كان يترقّبها بشوق كل المؤمنين منذ تأسيس لكنيسة، ورقدوا على رجائها. وإذا كان لنا أن نطلق العنان لأفكارنا - في حدود المكتوب - لنتصور ما يكون في تلك اللحظة فإننا نلاحظ ما يأتي:

1- أن الرب له المجد لا يرسل ملائكته ولا رؤساءهم بالنيابة عنه لتوصيل عروسه إليه بل يأتي «بنفسه».

2- أنه لا يستقبل قديسيه في السماء بل «ينزل» من بيت الأب ليستقبلهم «في الهواء».

3- أن أعظم فرح في المشهد سيكون فرح الرب نفسه، لأنه سينزل «بهتاف»، أي سينزل هاتفاً. نعم فإن محبته لنا وتشوقه إلينا أعظم بما لا يقاس من محبتنا وأشواقنا.

4- أن الرب سينزل محفوفاً بموكب من الملائكة ورؤساء الملائكة، وهم أيضاً يهتفون وينشدون «بصوت رئيس ملائكة»، وسيبوقون «ببوق الله» لإقامة القديسين الراقدين وجميع القديسين الأحياء المتغيرين.

5- إن الأموات في المسيح، ابتداء من هابيل البار إلى آخر مؤمن يرقد من كنيسة المسيح، سيقامون في «عدم فساد»، و«في مجد»، و«في قوة»، بأجسام «روحانية»، «سماوية»، «على صورة جسد مجد المسيح». وأن القديسين الأحياء الباقين إلى مجيء الرب «سيتغيرون»؛ إذ تلبس أجسادهم المائتة «عدم موت»، ويلبسون «فوق» هذه الخيمة «مسكنهم الذي من السماء»، «لكي يُبتلع المائت من الحياة» (1كو15،2كو5)؛ وبذلك يتغير شكل جسد تواضعهم ليكون على صورة جسد مجده، وذلك «بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء» (في21:3).

6- أن القديسين الراقدين المقامين والأحياء المتغيرين سيكونون هم أيضاً فرحين متهللين منشدين «أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟». من الآن لا شوكة للموت على المؤمن لأن «شوكة الموت هي الخطية» والمسيح قد أبطل الخطية بالنسبة للمؤمن «بذبيحة نفسه». ولكن «حينئذ تتم الكلمة المكتوبة ابتُلع الموت إلى غلبة».

7- أن القديسين المقامين والقديسين المتغيرين سيخطفون جميعهم معاً في مركبات من سحب المجد «لملاقاة الرب في الهواء». وملاقاة الرب هي أحلى وأعز أمنية. «سنراه كما هو» سنراه وجهاً لوجه. إذا كنا ونحن لا نراه الآن بل نؤمن به «نبتهج بفرح لا ينطق به ومجيد»، فماذا يكون الفرح والابتهاج في لحظة ملاقاته؟ وسنرى آثار عمل الصليب في يديه ورجليه وجنبه فيزداد فرحنا وهتافنا وتسبيحنا.

8- سنرى جميع أحبائنا الذين سبقوا ورقدوا، ونلتقي بجميع أحبائنا المتفرقين في جميع أنحاء المسكونة، ونعرف جميع القديسين والرسل والأنبياء ورجال الله العظام الأفاضل من العهدين القديم والجديد. يا لفرحة هذا اللقاء المجيد!

9- الهواء هو مكان اللقاء فقط، ولكن الرب سيأخذنا بعد ذلك مباشرة إلى بيت الآب بحسب وعده، حيث يدخل هاتفاً «ها أنا والأولاد الذين أعطانيهم الله» (عب13:2). وهناك حول عرش الله سيجلس جميع المفديين على عروشهم، متسربلين بثياب بيض، وعلى رؤوسهم أكاليل من ذهب، وفي أيديهم قيثارات من ذهب يترنمون بها إلى الأبد. وسنرى في فصل آتٍ ما سيحدث بعد ذلك في السماء وعلى الأرض.

10- بما أن الاختطاف سيتم «في لحظة في طرفة عين» فسوف لا يرى العالم شيئاً من كل ذلك المشهد المجيد، ولكنه سيكتشف اختفاء المؤمنين. ومما يذهل الناس ويحيرهم أكثر من كل شيء هو اختفاء جميع أطفالهم، إذ سيخلو العالم من الأطفال الذين دون سن المسئولية، لأنهم سيكونون كلهم ضمن المختطفين على اختلاف دياناتهم وجنسياتهم.

11- اختطاف المؤمنين فجأة ممن يقومون بأعمال الحركة، كقيادة الطائرات والبواخر والسيارات والقطارات والمهندسين والأطباء الذين يكونون في تلك اللحظة يقومون بعمليات جراحية؛ كل هذا سيجعل ارتباكاً في العالم فضلاً عن الظلمة الأدبية الكثيفة التي تسود حينئذ على عالم خلا من المؤمنين الأبرار، وارتفع عنه الروح القدس.

12- سيمتلئ المسيحيون بالاسم باليأس القاتل، لاسيما الذين سمعوا بشارة الإنجيل وأجّلوا التوبة والإيمان، والذين كانوا يظنون أنهم مقبولون ولكنهم اسميون متمسكون ببرهم الذاتي ولم يحصلوا على الولادة الثانية، والذين عرفوا عن مجيء المسيح لاختطاف المؤمنين وكان الشيطان يخدعهم كل الوقت، والذين يلتجئون إلى البشر ويعتمدون على الاعتراف الظاهري؛ المعبَّر عنهم بالعذارى الجاهلات اللواتي فاتت عليهن الفرصة عندما مضين بمصابيحهن الفارغة إلى الباعة ليبتعن لهن زيتاً. هؤلاء كلهم سينتهي، بمجيء المسيح لاختطاف المؤمنين، كل أمل في حصولهم على الخلاص، إذ سيُغلق دونهم باب النعمة إلى الأبد، وسيكون صوت الرب لهم كصوته للجاهلات «إني ما أعرفكن» عندما قلن له «يا سيد يا سيد افتح لنا».

إن مجيء المسيح لاختطاف المؤمنين لحادث في منتهى الخطورة لأنه سيتم فجأة؛ في أية لحظة، ولأنه سيقرر المصير إلى الأبد.

ليت هذه الكلمات القليلة تصل بعمل الروح القدس إلى أعماق كل نفس فتكون كمناخس للضمير لتنبيهه للشعور بشناعة الخطية وهول المصير الأبدي، وتقود النفس قبل فوات الفرصة للاحتماء بالمسيح المخلِّص الوحيد الفاتح ذراعي المحبة لاستقبال كل من يأتي إليه بالتوبة والإيمان «فاسهروا إذاً لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان » (مت13:25، لو40:12).

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.