لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

  مقدمة الكتاب

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

لقد تناول الكثيرون هذا الموضوع - المعمودية - منهم من أتفق مع الآخر ومنهم من أعترض على الآخر فيما قد كتبه، لكن الصورة إلى الآن لم تتضح عند الكثيرين، ولا سيما لأن المسيحية في العصور الماضية قد أصابها ظلاماً تعليمياً في أمور كثيرة من ضمنها المعمودية.

فقد اعتبرها البعض "سراً" و"باباً" لدخول الكنيسة والانضمام إليها، و آخرون اعتبروها الأساس لنوال الحياة الابدية وغفران الخطايا والميلاد الثاني، وآخرون اعتبروها "باباً" لدخول "ملكوت السموات، دائرة الأمان والرضى" لذلك لا غرابة إذ أن البعض من هؤلاء يدفعون الأطفال غير المدركين إلى معمودية شكلية خوفاً من أن يفاجئهم الموت في طفولتهم فتكون خسارتهم خسارة أبدية كبرى! والبعض الآخر يعمدون أولادهم ليجعلوهم مسيحيين ... لهذا السبب فقدت المعمودية معناها الحقيقي كرمز جميل.

ولذلك وجدت من اللازم أن أكتب هذه المذكرات البسيطة التي ربما تساعد القارئ على فهم القليل عن المعمودية، شاكراً الرب من كل القلب لأجل الذين كتبوا قبل ذلك، سواء الذين أتفق معهم في الرأي أو الذين أختلف معهم.

كما إنني ألفت الانتباه إلى شئ مهم، وهو أنه في كل ما نكتبه بخصوص هذا الموضوع - "المعمودية" - توجد أشياء نتفق عليها معاً وأخرى نختلف فيها، ولهذا نحن لا نحتاج إلى التسرع والحماس والانحياز إلى ما نعتقد أنه صواب إلا بعد الفحص الدقيق لكلمة الله بروح التأني والخضوع.

إن الأمر لا يتطلب منا أن نثور ثورتنا ضد ما لا يناسبنا، أو ما لا يتفق مع آرائنا، لكن الأمر يحتاج منا إلى دراسة متأنية هادئة في محضر الله و في روح الصلاة، حتى ينير الرب بصائرنا الروحية فنعرف الحقيقة طبقاً لكلمة الله ونعيشها. هذا ما فعله أهل بيريه الذين كرز لهم الرسول بولس وسمعوا أقوال الله على فمه، كانوا يفحصون الكتب كل يوم هل هذه الأمور هكذا؟ ( أع 17: 10-12).

إن دراسة أي موضوع تتطلب منا المرونة والتفكير الجدي، مع عدم الانجراف بآراء موروثة. فإن الحوار البناء والبحث المخلص يقودانا إلى الفكر الصحيح، بل وإلى التعليم الصحيح الذي يقودنا أكثر إلى الاقتراب من الحق الكتابي كما أعلنه لنا الله كي نحيا بموجبه.

إن عدم الاتفاق في الرأي في موضوع ما، لا يجعلنا نتحول عن بعضنا البعض أو يعادى أحدنا الآخر أو يولد فينا النفور بعضنا من بعض، بل يجب أن يولّد في داخلنا الرغبة للبحث أكثر لفهم الأمور على حقيقتها ... ربما نختلف في الرأي والفكر، لكننا لا نختلف في المحبة التي هي طبيعة الله والتي قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا .

إن الانغلاق في الفكر بخصوص أي موضوع، مع اعتبار أن ما نعرفه هو الصواب و كل أراء الآخرين وما يرددونه هو خطأ وجهل وهرطقة؛ لهو أمر خطير جداً، فأمانة البحث تتطلب منا دائماً تفكيراً سليماً ومراجعة الآراء، حتى وإن كانت لا تتفق مع آرائنا. مع ملاحظة أنه يجب علينا ألاّ نحاول أن نخضع النصوص الكتابية لآرائنا الشخصية، بل لنترك هذه النصوص تقول لنا ما ينبغي أن نعرفه ولنُخضع عقولنا وكل كياننا لطاعة المكتوب، مع كنّ الاحترام للأشخاص الذين لم يتفقوا معنا في الرأي.

وسبيلنا في هذه الملاحظات هو أن نأتي باتضاع عند قدمي المسيح، ليعلّمنا ويُخضعنا لتعليمه، فنُشبِع ونسرّ قلبه،

له المجد.

آمين.

 

حليم حسب الله عوض

أسيوط - يوليو 1999

 

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة