لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

سِفْر زَكَرِيَّا

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

خادم الرب الأخ رشاد فكري

الأصحاح الأول

ينقسم هذا الأصحاح إلى قسمين هما:

أولاً  : مقدمة السفر وفيها نرى الرب يدعو الشعب للرجوع إليه (ع 1-6)

ثانياً : الرُؤيا الأولى والثانية:

1- رُؤيا الراكب على الفرس الأحمر الواقف بين الآس والخيل الواقفة خلفه (ع 7-17)

2- رُؤيا الأربعة القرون والأربعة الصُنَّاع (ع 18-21)

***

أولاً: مقدمة السفر (ع 1 6)

«في الشهر الثامن[*] في السنة الثانية لداريوس، كانت كلمة الرب إلى زكريا بن بَرَخِيَّا بن عِدُّو النبي قائلاً»  (ع 1).

بدأت نُبوة زكريا في الشهر الثامن، وهو شهر تشرين الثاني أو نوفمبر من السنة الثانية لداريوس، أي بعد حجي بشهرين (حج 1:1). وداريوس هذا ليس هو المذكور في سفر دانيال 18:6. فقد تَسمَّى بهذا الاسم أكثر من واحد من مُلوك الفرس. وقد قِيل عن داريوس المذكور في سفر دانيال إنه:«ابن أحشويروش» (دا 1:9). وفي دانيال 1:11 يسمى «داريوس المادي». وهو أول مُلوك الإمبراطورية الثانية التي نشأت من اتحاد مملكتي مادي وفارس التي حلَّت محل إمبراطورية بابل.

ويذكر الكتاب اثنين آخرين كان يحمل كل منهما هذا الاسم. ففي أسفار عزرا وحجي وزكريا نقرأ عن أحدهما وهو داريوس بن هستابس، وهو الذي في السنة الثانية من مُلكه بدأ العمل في تجديد بيت الرب، وهو المذكور في هذا الأصحاح موضوع تأملنا. وثانيهما هو داريوس (أنوتس أوراجوس) وهو المذكور في سفر نحميا (نح 22:12). فبعد أن بدأ العمل بالأمر الذي أصدره كورش مُؤسِّس إمبراطورية الفرس (عز 1:1-4) سُرعان ما اكتشف سير العمل سحب كثيفة لأن أعداء الشعب سمعوا أفكار المَلك أرتحشستا، وهو المعروف في كتب التاريخ بسميردس (عز 7:4)، فرأى أن لا يلتزم بالاستمرار في احترام أمر كورش فأصدر أمر بإيقاف البناء فتوقف العمل حوالي خمس عشرة سنة (عز 6:4) وفي نهاية هذه المدة بدأ حجي وزكريا يعملان على إنهاض هِمَّة الشعب لاستنئاف العمل لا سيما وقد أحدث الرب تغييراً كبيراً في الجو السياسي حيث أن داريوس المُشار إليه هنا في العدد الأول قد استلم زمام المملكة بدلاً من أرتحشستا (سميردس) وابتدأ يعطف على الشعب. وكما تدخل الله وحرَّك كورش لإرجاع المَسْبيِّين والبدء في بناء بيت الرب تدخل أيضاً وحرَّك داريوس فأصدر أمراً باستئناف البناء الذي توقف (عز 5،6).

وذكر داريوس وفارس هنا يُذكِّرنا بأننا في فترة أزمنة الأمم (لو 24:21) وهناك فرق بين أزمنة الأمم وملء الأمم يتبين مما يأتي:

1-  أزمنة الأمم: هي الأزمنة التي انتقلت فيها السيادة على العالم من أورشليم إلى الأمم، وهذه الأمم هي بالتعاقب: بابل، مادي وفارس، اليونان، الرومان. وفي وقت كتابة نُبوة زكريا كانت بابل قد سقطت وقامت بعدها الإمبراطورية الثانية مادي وفارس وكان ملكاً عليها في ذلك الوقت داريوس المدعو هستابس المُشار إليه في العدد الأول.

2-  ملء الأمم (رو 25:11): يُقْصَد به كمال عدد المختارين من الأمم في زمان النعمة الحاضر وعندما يتم هذا يأتي المسيح من السماء لأخذ قديسيه إليه، وبعد ذلك يُخلِّص جميع إسرائيل أي البقية الأمينة في المستقبل بعد اجتيازها الضيقة العظيمة.

«قد غضب الرب غضباً على آبائكم. فقل لهم: هكذا قال رب الجنود: ارجعوا إليَّ، يقول رب الجنود، فأرجع إليكم، يقول رب الجنود» (ع 2، 3).

نجد في سفر اللاويين أصحاح 3:26،4 صورة بديعة للبركات الأرضية التي كان يتمتع بها الشعب إذا سلك في فرائض الرب، وهو نفسه يجعل مسكنه في وسطهم. كما أننا نجد الوصف الرهيب للدينونات التي تُصيبهم في حالة عصيانهم (لا 33:26،34). وهذه الدينونات بالذات نُفذت فيهم في السبي البابلي فَقِيل: «ثار غضب الرب على شعبه حتى لم يكن شفاءٌ. فأصعد عليهم مَلك الكِلدانيين فقتل مُختارِيهم بالسيف في بيت مَقْدِسَهم. ولم يُشفق على فتى أو عذراء، ولا على شيخ أو أشيب، بل دفع الجميع ليده. وجميع آنية بيت الله الكبيرة والصغيرة وخزائن بيت الرب وخزائن المَلك ورؤسائه أتى بها جميعاً إلى بابل. وأحرقوا بيت الله، وهدموا سور أورشليم وأحرقوا جميع قصورها بالنار، وأهلكوا جميع آنيتها الثمينة. وسبى الذين بَقُوا من السيف إلى بابل، فكانوا له ولبيته عبيداً إلى أن مَلكت مملكة فارس، لإكمال كلام الرب بفم إرميا، حتى استوفت الأرض سُبُوتها، لأنها سَبَتَت في كل أيام خرابها لإكمال سبعين سنة» (2أخ 16:36-21). فقد استخدم الرب إرميا النبي في إعلان هذا السبي وبمدته؛ إذ ذكر أنها سبعون سنة بالتحديد. وفعلاً صارت هي مدة الأسر البابلي بالضبط. وفي ذات الوقت استخدمه الرب في تحريضهم على أن يهتموا بحياة أورشليم ويطلبوا سلامتها مؤكداً لهم أنهم سوف يعودون إليها من السبي (إر 10:29-14). ومن ثم نجد زكريا يُذكِّرهم بخطايا آبائهم التي جلبت عليهم غضب الرب فسلَّمهم للسبي إلى بابل، ولكنه يُشير من الناحية الأخرى إلى خطاياهم هم أيضاً ويأمرهم بالإقلاع عنها والرجوع إلى الرب الذي لا يتغيَّر والذي دعوته وهِباته لهم هي بلا نَدامة، فالرب الذي حكم عليهم بالسبي أكد لهم أنه على استعداد أن يُعيدهم من السبي وأن محبته لهم ومقاصده من نحوهم لا تتغيَّر. ولكي يؤكد النبي إرميا ذلك اشترى وهو سجين في وقت حصار أورشليم حقل ابن عمه حنمئيل الذي في عناثوث (إر 7:32) كما أمره الرب مُبرهِناً لهم بذلك على أن أرضهم ستعمر ويرد الرب سبيهم، ولذلك يقول الرب لهم: «ارجعوا إليَّ أرجع إليكم» (ملا 7:3). وبذلك يُظْهِر الله غنى نعمته ورحمته في العفو عنهم والإحسان إليهم لا بمقتضى الناموس، بل بمقتضى النعمة والرحمة. فإن كان الله لا يتساهل معهم من جهة تعدياتهم بل يقضي على الشر فيهم، إلا أنه من الناحية الأخرى باقٍ على حبه وعهده، لكن الواسطة للحصول على هذا هي الرجوع إلى الرب كقول يعقوب: «اقتربوا إلى الله فيقترب إليكم» (يع 8:4).

ونلاحظ أن لقب «رب الجنود» يتَكرَّر كثيراً في هذا السفر وفي الأسفار الثلاثة التي كُتبت بعد السبي البابلي؛ وهي: أسفار حجي وزكريا وملاخي. وفي هذه المقدمة التي لا تزيد عن ستة أعداد تَكرَّر لقب «رب الجنود» خمس مرات، وذلك لأن لقب «رب الجنود» يعني رب القوات، الرب القدير الذي كل جُند السماء تحت يده. ويا له من إعلان مُشجِّع سيما وأن الشعب قد رأى جنود الأعداء الكثيرة مُصْطَّفة ضده، ومن ثم فلقب الرب إلههم: بـ«رب الجنود» يُولِّد فيهم الثقة بأن معهم جنوداً أوفر عدداً وأن كل قوى الطبيعة وكل قوى البشر وكل قوى الرؤساء والسلاطين في السماء وعلى الأرض في قبضة يده وطوع أمره «وهو يفعل كما يشاء في جند السماء وسكان الأرض، ولا يوجد مَنْ يمنع يده أو يقول له: ماذا تفعل؟» (دا 35:4). وهو في الوقت نفسه «الملك رب الجنود» (إش 5:6) الذي يده قوية وبذراع ممدودة وبسخط مسكوب (على الأعداء) سيملك عليهم (حز 33:20)، فتكرار عبارة «رب الجنود» يقصد به الروح القدس أن يُوصِّل إلى قلوبهم يقين الإيمان بكفاية الرب لهم.

«لا تكونوا كآبائكم الذين ناداهم الأنبياء قائلين: هكذا قال رب الجنود: ارجعوا عن طرقكم الشريرة وعن أعمالكم الشريرة. فلم يسمعوا ولم يصغوا إليَّ، يقول رب الجنود» (ع 4).

كثيراً ما أغاظ شعب يهوذا الرب بتماديهم في العصيان على كلمته كما هو ظاهر من عبادتهم للأوثان ورفضهم عبادة الرب الذي أرسل إليهم النبي تلو النبي ليردهم عن طرق ضلالهم وليحذرهم من القضاء الإلهي، والدليل على ذلك أن مملكة إسرائيل المكونة من العشرة الأسباط والتي تقع شمال يهوذا وقعت في أسر الأشوريين، وكان يجب أن يكون هذا عبرة ليهوذا ولكنهم بدلاً من أن يتعظوا ازدادوا شراً وابتعاداً فكانت النتيجة أن سمح الرب لجيوش ملك بابل أن تكتسح أرض يهوذا. والرب هنا يعلن محبته لهم ويدعو شعبه للرجوع إليه، فيطلب منهم ألا يكونوا كآبائهم الذين عندما دعاهم الرب للرجوع إليه لم يسمعوا للأنبياء فكانت النتيجة أن هددهم إرميا النبي بالقضاء الرهيب.  وقد ثبت صدق أقوال الله بفم أولئك الأنبياء.

«آباؤكم أين هم؟ والأنبياء هل أبداً يحيون؟ ولكن كلامي وفرائضي التي أوصيت بها عبيدي الأنبياء، أَ فلم تُدرك آباءكم؟ فرجعوا وقالوا: كما قصد رب الجنود أن يصنع بنا كطرقنا وكأعمالنا، كذلك فعل بنا» (ع 5، 6).

يُنَبِّر الرب هنا على حقيقة هامة وهي ثبات كلمته وعدم إمكانية تغيرها «السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول» (مت 35:24) فوَ إن كان آباؤهم والأنبياء الذين كلموهم بكلمة الرب قد مضوا وانتهوا إلا أن كلمة الرب باقية وماثلة أمام عيونهم فيما حل بآبائهم من قضاء كان قد أنذرهم به الأنبياء، وقد سبق لآبائهم أن أقروا بصدق أقوال الله فيما حل بهم فإنه لا بد أن تتم كلمة الله في أوانها كما اعترف أخيراً أولئك الآباء الذين لم يصدقوها يوم أن وجهت إليهم عن يد الأنبياء.

ثانياً: الرُؤْيَا الأولى والثانية

     v        الرُؤْيَا الأولى: رُؤْيَا الراكب على الفَرَس الأحْمَر (ع 7-17)

«في اليوم الرابع والعشرين من الشهر الحادي عشر، هو شهر شباط. في السنة الثانية لداريوس، كانت كلمة الرب إلى زكريا بن بَرَخِيَّا بن عِدُّو النبي قائلاً» (ع 7).

في الشهر الحادي عشر، أي بعدما ابتدأوا في بناء الهيكل بخمسة أشهر (انظر حج 14:1،15). نلاحظ أنه بين كلمة الرب الصادرة إلى زكريا في العدد الأول وكلمته الصادرة هنا في العدد السابع مرَّ نحو ثلاثة أشهر؛ لأن الأولى كانت في الشهر الثامن، وهذه صارت في الشهر الحادي عشر، وخلال الثلاثة الشهور هذه لم يتكلم زكريا بشيء، وهذه حقيقة هامة ولكنها بسيطة. فعلى المؤمن أن يتكلَّم عندما يعطيه الرب كلاماً ويصمت إن لم يعطه الرب كلاماً. والرب نفسه تبارك اسمه كالإنسان الكامل اتبع نفس هذه الخطة «لم أتكلَّم من نفسي، لكن الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية: ماذا أقول وبماذا أتكلَّم» (يو 49:12) وسَلَك بولس نفس المَسْلَك حيث يُقال: «وبعدما اجتازوا في فريجية وكورة غلاطية، منعهم الروح القدس أن يتكلَّموا بالكلمة في آسيَّا» (أع 6:16) في حين واصل بولس كلامه في كورنثوس عندما أمره الرب بالاستمرار في الكلام «لا تخف، بل تكلَّم ولا تسكت، لأني أنا معك .. فأقام سنة وستة أشهر يُعلِّم بينهم بكلمة الله» (أع 9:18-11).

«رأيت في الليل وإذا برجل راكب على فَرَس أحْمَر، وهو واقف بين الآس الذي في الظل، وخلفه خيل حُمْر وشُقْر وشُهْب» (ع 8).

الرجل الراكب على الفَرَس الأحْمَر هو ملاك الرب[†] وهذا واضح من قول النبي في العدد الحادي عشر «أجابوا ملاك الرب الواقف بين الآس». وملاك الرب حينما يذكر في العهد القديم يُقصَد به الرب يسوع قبل تجسُّده. ففي معاملات الله مع شعبه القديم كثيراً ما أظهر ذاته لهم في صورة ملاك (انظر خر 4:3؛ قض 21:13،22) وفي نبوة ملاخي نجد نفس الشيء في القول: «ويأتي بغتَّة إلى هيكله السيد (أي الرب) الذي تطلبونه، وملاك العهد الذي تُسَرُّون به» (ملا 1:3،2).

ÿ  «راكب على فَرَس أحْمَر». يكنى بالفَرَس في كلمة الله عن نشاط السياسة الإلهية أو ترتيب العناية في سياسة الأرض.

ÿ  «وهو واقف بين الآس». الآس نبات يشير إلى السلام. فنقرأ عن عيد المَظَال «وأن يسمعوا وينادوا في كل مدنهم وفي أورشليم قائلين: اخرجوا إلى الجبل وأتوا بأغصان زيتون وأغصان زيتون بري أغصان آس ..» (نح 15:8).

ÿ  «في الظل». إن الواقف في الظل هو الذي يُدير الحركة. فالشعب رأى نبوخذنصر ينتصر على يهوياقيم وينتصر على مملكة مصر ويُصبح ملك ملوك، لكن مَنْ الذي عمل هذا؟ لا شك أنه الواقف في الظل وهذا واضح من كلام دانيال: «أنت أيها المَلك مَلك مُلوك، لأن إله السماوات أعطاك مملكة واقتداراً وسُلطاناً وفخراً» (دا 37:2) أي أن الرب وهو في الظل يعمل من وراء الستار كما هو الحال في سفر أستير حيث كان الرب هو الذي يُدير كل شيء مع أننا لا نجد ذكر اسم الله في هذا السفر نظراً لانحطاط حالة الشعب التي منعت الله من الاعتراف العلني بهم كشعبه. كما نرى في شجر الآس الذي في الظل البقية الأمينة المُتضعة التي تعلَّمت من الرب الذي قال مرة: «تعلَّموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم» (مت 29:11).

ÿ  «وخلفه خيل حًمْر وشُقْر وشُهْب». الشٌقْر أي البيض، وبياضها مشرب بحمرة، أما الشُهْب فبيض مع ميل إلى السُمْرَة. وهذه الفرق الثلاث من الخيل تشير إلى الإمبراطوريات الثلاث: مادي وفارس، اليونان، الرومان في أزمنة سيادتها المتعاقبة على العالم بعد مملكة بابل التي لم تُذْكَر هنا لأنها كانت قد انتهت تاريخياً.

***

وهذه الأزمنة تسمى أزمنة الأمم. كما أن هذه الإمبراطوريات الأربع اتخذت صوراً متعددة في النُبوات على النحو التالي:

أولا: التمثال في حلم نبوخذنصر (دا 2) وفيه نجد:

1-   الرأس: من ذهب، ويُشير إلى مملكة بابل.

2-   الصدر والذراعان: من فضة، وتُشير إلى مملكتي مادي وفارس.

3-   البطن والفخذان: من نحاس، وتُشير إلى مملكة اليونان.

4-   الساقان من حديد والقدمان من حديد وخزف: وتُشير إلى مملكة الرومان.

ثانياً: الحيوانات الأربعة المتوحشة المذكورة في دانيال 7 وفيها نجد:

1-   الأسد وله جناحا نسر: يُشير إلى بابل (انظر إر 7:4؛ 17:5،44).

2-   الدب وفي فمه ثلاثة أضلع: يُشير إلى مادي وفارس.

3-   النمر وعلى ظهره أربعة أجنحة طائر وأربع رؤوس: يُشير إلى اليونان.

4-   حيوان هائل وقوي وشديد وله عشرة قرون: يُشير إلى الرومان.

ثالثاً: الحيوانات الأليفة المذكورة في دانيال 8 وفيها نجد:

1-  كبش وله قرنان: يُشير إلى مادي وفارس.

2-  تيس من المعز: يُشير إلى اليونان.

رابعاً: فرق الخيول الثلاث (زك 1) وفيها نجد:

1-   خيل حُمْر: تُشير إلى مادي وفارس.

2-   خيل شُقْــر: تُشير إلى اليونان.

3-   خيل شهب: تشير إلى الرومان.

خامساً: القرون الأربعة والصناع (زك 1):

وتشير إلى نفس الإمبراطوريات الأربع.

سادساً: الخيل في المركبات الأربع (زك 1) وفيها نجد:

1-   الخيل الحُمْر: تُشير إلى بابل.

2-   الخيل الدُّهْم: تُشير إلى مادي وفارس.

3-   الخيل الشُّهْب: تُشير إلى اليونان.

4-   الخيل المُنَمَّرَة الشُقْر: تُشير إلى الرومان.

***

وهنا ثلاث ملاحظات جديرة بالانتباه:

     -        الملاحظة الأولى: أنه لم يذكر عدد الخيل ولم يذكر الأشخاص الذين يركبونها.

والسبب في ذلك غاية في الوضوح لأنه ليس المهم عدد الخيل أو مَنْ يركبونها، لكن المهم هو في الشخص الراكب على الفَرَس الأحْمَر الواقف بين الآس في الظل لأنه هو الذي يُديرها ويُحركها. فليس المهم هو الأشخاص إنما المهم هو الرب الذي يجري كل شيء على الأرض، فالزمام في يد الرب الممسك بالخيل. وإن كان لا يذكر أن على الخيل أشخاصاً[‡] فإن الشخصيات ليست هي المهمة إنما المهم ذاك الذي هو في الظل الراكب على الفَرَس الأحْمَر الذي يحركها والذي لا بد أن يأتي ويملك. وإن كان حالياً يُدير كل شيء من خلف الستار لكن يجب أن نعلم أن الأمور لا تسير بالصدفة لكن الذي يُسيِّرها هو الرب الذي في يده قلوب الملوك كجداول المياه (أم 1:21).

  -    والملاحظة الثانية: أنه لم يذكر إلا الخيل الحمر والشقر والشهب التي تشير إلى الفُرس واليونان والرومان ولم يذكر ما يشير إلى بابل.

والسبب في ذلك غاية في الوضوح أيضاً لأنه في زمان ذلك المشهد النبوي كانت بابل قد انتهت وحلَّت مَحَلَّها مملكة فارس التي يُشار إليها بالخيل الحُمْر وكان النبي زكريا مُعَاصِراً للفُرس.

     -        أما الملاحظة الثالثة: أن لون الفَرَس الذي كان عليه الرجل هو نفس لون الفرقة الأولى من الخيل.

وهذا يعني أحد أمرين:

(ا) إما أن إمبراطورية فارس كانت محبوبة من الراجعين من السبي ومحبوبة أيضاً لدى الرب لأنها هي التي استخدمها في إصدار أمر الرجوع على كورش وأكّده على يد داريوس (عز 6).

(ب) أو أن نشاط السياسة التي كانت تعمل في تلك الفترة بواسطة أيد بشرية لأجل شعب الله كان مصدره الله نفسه، فالملاك الراكب على الفَرَس الأحْمَر كان هو الذي يُوجه تحركات الخيل الحُمْر التي تُشير إلى مملكة الفُرس ولو بصورة غير منظورة لذلك يُقال عن كورش الفارسي بأنه «مسيح الرب» (إش 1:45).

***

«فقلت: يا سيدي، ما هؤلاء؟ فقال لي الملاك الذي كلمني: أنا أُريك ما هؤلاء. فأجاب الرجل الواقف بين الآس وقال: هؤلاء هم الذين أرسلهم الرب للجولان في الأرض» (ع 9، 10).

هذا الملاك الذي كلَّم النبي هو غير «ملاك الرب» الذي هو الذي على الفَرَس الأحْمَر. ومُهمة هذا الملاك أن يُوضِّح لزكريا معنى ما رآه، وهذا هو الوضع في العهد القديم. فزكريا يسأل الملاك، والملاك يُفسِّر له (انظر أيضاً زك 4:2، 4:4). وكذلك الحال مع دانيال حيث يُقال: «فنادى وقال: يا جبرائيل فهِّم هذا الرجل الرؤيا» (دا 16:8) وأيضاً «وفهمني وتكلَّم معي وقال: يا دانيال، إني خرجت لأعلِّمَك الفهم» (دا 22:9). بينما من امتياز المؤمنين في العهد الجديد نظراً لسُكْنَى الروح القدس فيهم وإعلان السر الخاص بالكنيسة الذي كان مكتوماً منذ الدهور في الله خالق الجميع بيسوع المسيح، أن أصبحت الملائكة الآن تتعلَّم بواسطتهم «لكي يُعرَّف الآن عند الرؤساء والسلاطين في السماويات، بواسطة الكنيسة، بحكمة الله المتنوعة» (أف 10:3) وأيضاً «التي تشتهي الملائكة أن تطلع عليها» (1بط 10:1). أما إجابة الملاك لزكريا فتفيد أن هؤلاء هم الذين جعل الرب في أيديهم سلطة إجراء الحكم في ذلك الوقت، وجميعهم مسئولون عن تقديم الحساب لملاك الرب عما أجره أثناء قيامهم بمهمتهم كما سنرى في العدد التالي.

«فأجابوا ملاك الرب الواقف بين الآس وقالوا: قد جلنا في الأرض وإذا الأرض كلها مستريحة وساكنة» (ع 11).

أي أنهم اطمأنوا على ذلك وهم لا يعلمون أن الرب لا يستريح عندما يوقع القضاء على شعبه لأنه يريد رد نفوسهم. لكن بكل أسف هذه الأدوات التي استخدمها الرب في تأديب شعبه قالت إنها مطمئنة ومستريحة لأنهم غير مشتركين مع عواطف الرب. ما أرقَّ قلب إلهنا لأنه في الغضب يذكر الرحمة.

«فأجاب ملاك الرب وقال: يا رب الجنود، إلى متى أنت لا ترحم أورشليم ومدن يهوذا التي غضبت عليها هذه السبعين سنة؟» (ع 12).

إن ظهور «ملاك الرب» وهو المُشار به إلى ربنا يسوع كما رأينا سابقاً في هذه الرؤيا مما يُشجِّع ويُعزِّي شعب الله لأنه الملاك الذي أخرج الشعب من مصر وقادهم وعالهم في البرية ونصرهم على أعدائهم (انظر خر 19:14،20؛ قض 1:2-5) وهو في علاقة معهم يظهر لهم كملاك العهد (ملا 1:3). وملاك الرب هنا يأخذ مركز الشفيع لهم وهو نفس المركز الذي سيشغله لحسابهم على أساس ذبيحته في أيام ضيقتهم بعد اختطاف الكنيسة كما يُقال عنه في سفر الرؤيا: «وجاء ملاك آخر ووقف عند المذبح، ومعه مبخرة من ذهب (إشارة إلى شخصه كالشفيع)، وأُعْطِيَ بَخُوراً كثيراً (إشارة إلى شفاعته بحسب قيمة شخصه) لكي يُقدِّمه مع صلوات القديسين جميعهم (وهم مؤمنو زمن الضيقة) ..» (رؤ 3:8). فما أن تلقَّى ذلك التقرير عن حالة العالم في اطمئنانه بينما شعب الرب في حالة الضيق حتى بادر بتقديم هذه الطلبة.

ويا لها من نعمة غنية، فقد كانت السماء مشغولة بحالة أورشليم ويهوذا بينما كان العالم في شغل شاغل عنها في راحته وأمنه.

ÿ  «التي غضبت عليها هذه السبعين سنة». تبدأ السبعون سنة من بداية السبي البابلي الأول (2مل 10:24-15) وهذا كان سنة 606 ق.م إلى أن أصدر كورش مَلك فارس نداء بالعودة إلى أورشليم وكان ذلك سنة 536 ق.م.

وهذه السبعون سنة هي التي فهمها دانيال من نبوة إرميا (قارن دا 2:9 مع إر 11:25،12 ، 10:29) وهذا الفَهْم هو الذي جعل دانيال يَتوسَّل لأجل شعبه ومدينته كقوله: «فهمت من الكتب عدد السنين التي كانت عنها كلمة الرب إلى إرميا النبي، لكمالة سبعين سنة على خراب أورشليم» (دا 2:9). وكلمات دانيال هذه تُرينا أنه رجل دارس للنبوات.

«فأجاب الرب الملاك الذي كلِّمني بكلام طيِّبٍ وكلام تعزيةٍ» (ع 13).

إن ملاك الرب أي شخص الرب قدَّم الطلبة كشفيع الشعب، والرب، أي الآب، أجاب طلبته بما يُطيِّب القلب ويُعزِّيه وأرسل الإجابة على يد ملاكه (الملاك المكلف بتبليغ وتفهيم النبي). وما أجمل القول: «كلام طيِّب وكلام تعزية»، هذه العبارة التي يمكن أن توضع عنواناً لهذا السفر.

«فقال لي الملاك الذي كلَّمني: نادِ قائلاً: هكذا قال رب الجنود: غِرْتُ على أورشليم وعلى صهيون غَيْرَةً عظيمة» (ع 14).

في هذه الإجابة نجد إعلان المحبة الكاملة -محبة الله نحو شعبه ونحو مدينته- هذه المحبة التي لا تَتَغَيَّر. صحيح أن الرب هو الذي سَلَّم المدينة لنبوخذنصر ليُخرِّبها مُستخدماً إيِّاه في يده كعصا تأديب لتنفيذ غضبه على المدينة بسبب الشرور التي ارتكبها الشعب ولكن عندما تَقبل أورشليم من يد الرب ضعفين عن كل خطاياها وذلك بعد اختطاف الكنيسة ودخول البقية في الضيقة العظيمة سيتداخل الرب بغَيْرَته العظيمة لخلاصها وتَطيِّيب قلبها (انظر إش 1:40،2) فمع أن الأمم في حالة اطمئنان وسكوت وعدم مبالاة لكن الله لا يمكن أن يسكت أو يستريح وحال مدينته في الخراب. لكن متى يسكت الرب ويهدأ؟

نجد الجواب على ذلك في سفر صَفنيا: «في ذلك اليوم يقال لأورشليم: لا تخافي يا صهيون. لا ترتخ يداك. الرب إلهك في وسطك جبارٌ. يُخلِّص. يبتهج بك فرحاً. يسكت في محبته. يبتهج بك بترنم» (صف 16:3) وعلى هذا نجد أن الأمم المطمئنة وشعب الله مُتْعَب هي أمم ليس لها شركة مع الرب في أفكاره.

«وأنا مُغضِبٌ بغضب عظيم على الأمم المطمئنين. لأني غضبت قليلاً وهم أعانوا الشر» (ع 15).

فالرب غضب قليلاً، أي أنه سلَّم شعبه للأمم لتأديبهم حتى يرجعوا إليه، لكن الأمم أعانوا الشر أي الغضب واستعملوا القسوة لإذلال شعبه الأمر الذي جعل الله يغضب على هؤلاء الأمم غضباً عظيماً لأنهم عِوضاً عن أن ينفذوا سياسة الله بالقسط الذي أراده نجدهم يتمادون في إذلال شعبه وهم هادئون ومُطمئنون غير مُبالين بما حلَّ بشعبه، ولكنهم بتماديهم في إذلال الشعب وضعوا الأساس لدينونتهم يوم يتداخل الرب لإتمام مشورات نعمته من نحو شعبه، وهذا ما نجده في قول الرب عن بابل: «غضبت على شعبي .. ودفعتهم إلى يدك. لم تصنعي لهم رحمة. على الشيخ ثقَّلت نيرك جداً .. فالآن اسمعي هذا أيتها المُتَنعِّمة الجالسة بالطمأنينة، القائلة في قلبها: أنا وليس غيري .. فيأتي عليك شر لا تعرفين فجره، وتقع عليك مصيبة لا تقدرين أن تصديها، وتأتي عليك بغتة تهلكة لا تعرفين بها» (إش 6:47-11؛ انظر أيضاً إر 9:50-11، 35، 37).

«لذلك هكذا قال الرب: قد رجعت إلى أورشليم بالمراحم فبيتي يُبنى فيها، يقول رب الجنود، ويُمد المطمار على أورشليم. نادِ أيضاً وقل: هكذا قال رب الجنود: إن مدني تفيض بعد خيراً، والرب يعزي صهيون بعد، ويختار بعد أورشليم» (ع 16، 17).

لمعرفة الزمن الذي تتم فيه هذه النبوة بحذافيرها يجدر بنا أن نفهم أن الرُؤى النبوية التي تشبه رُؤية الأشياء من بعيد؛ فإذا رأيت مثلاً سلسلة جبال عن بعد فإنك تراها وكأنها متصلة، ولكنك متى اقتربت منها تجدها منفصلة عن بعضها بمسافات طويلة. هكذا الحال في المرئيات النبوية، فالنبي من مركزه البعيد لا يذكر المسافة التي تفصل بين الحادثة والأخرى، بل يرى الحوادث متصلة وكأنها حادثة واحدة. مثال ذلك أن الأنبياء تنبأوا عن مجيء المسيح الأول في اتضاعه وعن مجيئه الثاني في مجده وكأنهما متعاقبان فلم يذكروا القرون الطويلة التي تفصل بينهما مع أنهما يَخُصَّان شخصاً واحداً. ولا عجب في ذلك فإنهم كانوا يرون هذه المرئيات رؤية الله لها. الله الذي ليس للزمن اعتبار عنده لأن «يوماً واحداً عن الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد» (2بط 8:3). ثم إن النبوة أيضاً خاصة بشعب واحد لذلك كثيراً ما نجد لها إتمامها جزئياً قريباً، وإتمامها كلية بعيداً.

وهكذا نجد للنبوة هنا إتماماً جزئياً قريباً في عودة الشعب من السبي وقيامه ببناء الهيكل والمدينة بتداخل الرب في أيام عزرا (عز 1:1-3). أما إتمام النبوة الكلي البعيد أي إتمام هذه المواعيد الضخمة على الوجه الأكمل فسيحدث في المستقبل عند ظهور المسيح ليأخذ ملكوته. وهذا التلويح بما سيتم في المستقبل كان حافزاً قوياً للراجعين من السبي البابلي على النشاط في البناء رغم مقاومة أعدائهم لهم من الأمم المجاورة، ولا سيما من السامريين.

على أن الراجعين من السبي لما أقاموا الهيكل في مكانه وقارنه الشيوخ الذين رأوا مجد البيت الأول الذي أقامه سليمان الذي تميَّز بالعظمة، ملأ الحزن قلوبهم وشعروا بخيبة الأمل إذ لم تسفر هذه الأتعاب إلا عن هيكل بسيط، فبكوا، ولذلك أراد الرب أن يأخذ بأبصارهم إلى المستقبل البعيد الذي يبني الرب بنفسه هيكله ويملؤه مجداً تحت سيادته، وذلك عندما يملك على الأرض في ملكه الألفي السعيد الذي سيكون بلا شك أعظم وأفخم من هيكل سليمان بما لا يُقاس.

وعلى الرغم من أن رجوعهم من السبي كان رجوعاً جزئياً، إلا أنه يحمل في ثناياه العربون للتتميم الكلي لكل ما سبق وتكلم به الرب من نحو شعبه. ففي التتميم الجزئي للنبوة سمح الرب لبقية صغيرة من السبطين (يهوذا وبنيامين) أن ترجع وتبني الهيكل والمدينة في مدة حكم داريوس. والكلام عن البقية وأحوالها نجده في سفري عزرا ونحميا. أما الإتمام الكلي والنهائي للنبوة فلا يزال أمراً مستقبلاً لأن حجي وزكريا وملاخي قد تنبأوا بعد رجوع السبطين من السبي البابلي، ولكنهم تنبأوا أيضاً عن رجوع يشمل الأمة كلها من جميع الأسباط. ومن وقت رجوع السبطين حتى ميلاد ربنا يسوع المسيح كان الشعب خاضعاً لسلطان الأمم وليس حراً، فلم تتم بعد نبوة الأنبياء الذين تنبأوا عن الرجوع الكامل لكل الأسباط تحت سيادة ربنا يسوع المسيح مسيّاهم الذي ينتظرونه. وما كان رجوعهم الجزئي الأول إلا ليعطي الفرصة لمجيء المسيح وولادته في بيت لحم وموته الكفَّاري وقيامته حسب النبوات التي تكلَّمت عن هذا المجيء الأول. وبموت المسيح وُضع الأساس لرجوعهم النهائي وللبركة الكاملة العتيدة كما قيل: «ولم يقل هذا من نفسه، بل إذ كان رئيساً للكهنة في تلك السنة، تنبأ أن يسوع مُزْمِع أن يموت عن الأمَّة، وليس عن الأمَّة فقط، بل ليجمع أبناء الله المُتفرقين إلى واحدٍ» (يو 51:11،52) أما النبوات التي تكلَّمت عن هذا الرجوع الكُلِّي المُستقبل والبركة فكثيرة جداً، وإليك بعض الشواهد على سبيل المثال لا الحصر (إش 11:11، 12-6:35-10، 7:49-26؛ إر 5:13-8؛ حز 24:36-28؛ إر 31:31؛ رو 25:11-27).

     v        الرُؤْيَا الثانية: رُؤْيَا القُرُون والصُنَّاع (ع 18-21)

«فرفعت عيني ونظرت وإذا بأربعة قُرُونٍ. فقلت للملاك الذي كلَّمني: ما هذه؟ فقال لي: هذه هي القرون التي بدَّدَت يهوذا وإسرائيل وأورشليم. فأراني الرب أربعة صُنَّاع. فقلت: جاء هؤلاء، ماذا يفعلون؟ فتكلَّم قائلاً: هذه هي القُرُون التي بدَّدَت يهوذا حتى لم يرفع إنسان رأسه. وقد جاء هؤلاء ليُرْعبوهم وليطردوا قُرُون الأمم الرافعين قرناً على أرض يهوذا لتبديدها» (ع 18 - 21).

ٍيرى البعض أن في هذه الأعداد رؤيين، الأولى للقرون والثانية للصناع. ولكن الحقيقة هي أنها رُؤْيَا واحدة ذات شعبتين مرتبطتين ببعضهما ارتباطاً وثيقاً، لأن القرن هنا يُمثِّل جبروت العدو في هجومه على القطيع، والصانع أو النجار بأدائه يُمثِّل العامل القادر على قطع القرن وإسقاطه، كما قال دانيال عن وحش الغرب: «وإذا هذا القرن يحارب القديسين فغلبهم حتى جاء القديم الأيام ..» (دا 21:7، 22). فالقرون الأربعة كناية عن الأربع الممالك المتعاقبة التي آلَ إليها السلطان والتي تنبأ عنها دانيال بأكثر وضوح، وهي: بابل، ومادي وفارس، واليونان، والرومان، والتي استخدمها الله كآلات في يده لقصاص شعبه. أما الأربعة الصناع فكناية عن الشخصيات القوية التي استخدمها الله في إسقاط تلك الإمبراطوريات. وعلى ذلك تكون القرون هي السلطات الحاكمة التي أقامها الرب، ولكن عندما أساءت استعمال السلطة فالرب استخدم الصُنَّاع لتقويضها. فالرب أرسل الصانع لكي يكسر القرن وعلى هذا النحو تكون القرون والصُنَّاع على النحو التالي:

1-   القرن الأول بابل، والصانع الذي استُخدم هو كورش الفارسي.

2-   القرن الثاني فارس، والصانع الذي استُخدم هو الاسكندر الأكبر.

3-   القرن الثالث اليونان، والصانع الذي استُخدم هو يوليوس قيصر.

4-   القرن الرابع الرومان والوحش في النهاية، والصانع الذي استُخدم هو الرب نفسه.

وهنا ملاحظة يجدر الإشارة إليه وهي أن الله مع أنه سحب حُكمه من شعبه وسلَّمه للأمم إلا أنه لا يزال مُمْسِكَاً في يده بزمام سياسة العالم لمُعاقبة شعبه من جهة، ولصالح شعبه في النهاية من جهة أخرى. فتحركات الشعوب وحروبها وما تُحْرِزه من انتصارات وما تُعانيه من هزائم وانكسارات، كل هذا في يد الرب ويسير طبقاً لمُخَطَّط وضعه هو، وساهر على تنفيذه لينتهي إلى إتمام قصده وضمان مجده وخير شعبه، له كل المجد إلى الأبد.


[*] التواريخ المذكورة في سفري حجي وزكريا: (1) في الشهر السادس من السنة الثانية (حج 1:1). (2) في الشهر السابع من نفس السنة (حج 1:2). (3) في الشهر الثامن من نفس السنة (زك (1:1). (4) في الشهر التاسع من نفس السنة (حج 10:2). (5) في .. الشهر الحادي عشر .. في السنة الثانية (زك 7:1). (6) في الشهر التاسع من السنة الرابعة (زك 1:7).

[†] كثيراً ما كان الرب يظهر في صورة رجل، والملائكة في صورة رجال (تك 1:18،2، 16، 17 مع 1:19؛ لو 4:24).

[‡] عدم ذكر الأشخاص لأنها تمثل الأمم الذين فقدوا الحس؛ وهذا ما نراه في نبوخذنصر الذي كان يأكل العشب كالثيران بعد أن تغير عقله (دا 4).

افتتاحية * مقدمة ضرورية *

*  السابع

*  السادس

*  الخامس

 *  الرابع

*  الثالث

 *  الثاني

*  الأول

*  الرابع عشر

*  الثالث عشر

*  الثاني عشر

*  الحادي عشر

*  العاشر

*  التاسع

*  الثامن

 آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة Baytallah.com

 

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.