لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية

جولة مع يسوع إلى السامرة

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

خادم الرب الأخ: حليم حسب الله
 

الفصل الحادي عاشر

التوقيت المضبوط

"لكل شيء زمان ولكل أمر تحت السموات وقت" (جا3: 1).

لقد ذهب الرب يسوع إلى المكان الذي اعتادت المرأة السامرية أن تأتي إليه لتستقي ماء. ذهب قبل وصولها وفي التوقيت الذي لا يعرفه أحد غيرها. وصل عند البئر وانتظر قدومها. فهي لم تبحث عنه، لكنه هو الذي جاء خصيصا لأجلها باحثا عنها، فهو الذي "يذهب لأجل الضال حتى يجده" (لو15: 4). لقد كان ينتظرها بل كان يتتبع خطواتها حتى وصولها.

رغم أن الإنسان يستخدم الكلام الجارح لمشاعر الرب "فيقولون لله ابعد عنا. وبمعرفة طرقك لا نسر. من هو القدير حتى نعبده وماذا ننتفع إن التمسناه" (أي21: 14و15). لكن الرب يسوع ينتظر طويلا لأجل الخطاة. فهو يقول "وجدت من الذين لم يطلبوني وصرت ظاهرا للذين لم يسألوا عني" (إش65: 1، رو10: 20). فهو يفتش ويبحث عنا ولا يهدأ حتى يجدنا فيحملنا على منكبيه فرحا (لو15: 5). إن خلاصه ليس للذين غير مستحقين فقط بل أيضا وللذين لم يطلبوا (رو3: 11). لقد قال لتلاميذه "ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم" (يو15: 16)، ويقول الرسول بولس عن الرب "الذي أدركني" (في3: 12). كل هذا يوضح لنا لماذا ذهب الرب إلى البئر قبل المرأة السامرية. لقد وجد واحدة لم تفكر فيه. هذا ما فعله مع إبراهيم الوثني (يش24: 3و14) لقد ظهر له إله المجد وهو في ما بين النهرين، وأظهر كل الحب ليعقوب بينما كانا هاربا من غضب عيسو أخيه (تك28: 10) وكان الأمر كذلك مع موسى عندما كان يعمل كراعي (خر3: 1و2). كل هؤلاء وجدهم الرب مع أنهم لم يفكروا فيه. وكان هكذا الحال مع زكا العشار الذي طلب أن يرى يسوع فصعد على شجرة الجميز، هذا قال له الرب "يا زكا أسرع وانزل لأنه ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك" (لو19: 5) وفعل كذلك مع شاول الطرسوسي وهو يطارد قطيع الرب (أع9: 3-6) وكذلك ليدية بياعة الأرجوان "ففتح الرب قلبها لتصغي إلى ما يقوله بولس" (أع16: 14) ونضيف على هؤلاء أيضا لمدح مجد نعمة الله أن الكاتب وربما القارئ كنا في ذات الاحتياج وربما لم تكن فينا رغبة للحصول على هذا الخلاص لكن الله في غنى نعمته لم يتركنا وسبيل حالنا بل بالنعمة تعامل معنا لذلك "نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولا" (يو4: 19). البشر يعلمون أنهم خطاة، لكن لابد أن يشعروا بالاحتياج إلى المخلص، والرب يطالب هؤلاء حيثما يكونوا بأن يتوبوا وإن لم يتوبوا فالدينونة على كل من لا يطيع (أع17: 30و31). يقول الرسول يوحنا "وهذه هي وصيته أن نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح" (1يو3: 23) أما إذا رفض الإنسان الإيمان فدمه على رأسه. الرب يسوع يقبل كل من يقبل إليه، والإنجيل يعلن أن الحياة الأبدية لكل من يؤمن به. باب رحمة الله مفتوح على مصراعيه الآن، لكن لا تظل الرحمة مرحبة إذا أحب الناس الظلمة أكثر من النور واستمروا في عنادهم حبا للظلمة ورفضهم للنور. 

"وكان نحو الساعة السادسة. فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماء" (يو4: 6و7): هذا يعني ست ساعات بعد شروق الشمس وهذا التوقيت توقيت يهودي يقابله الساعة الثانية عشرة في وقت الظهيرة بالتوقيت الحالي لبلادنا. في منتصف النهار وفي أشد ساعاته حرارة مما يصيب الإنسان بالتعب والعطش. في هذا الوقت حيث الشمس الحارقة والتعب والعطش جاءت المرأة السامرية. لنلاحظ أن التوقيت الذي جاءت فيه مرتبط بحالتها الروحية، التعب والعطش. لقد اختارت هذا التوقيت ربما لأنه يخلو من الناس وبالتالي تكون البئر مهجورة من الناس. إنها تحاول أن تتحاشى عيون وألسنة الناس بسبب نجاستها وشرها الواضح والمعروف لهم. لكن في الحقيقة ذهبت إلى البئر في هذا اليوم وفي هذا التوقيت لأنها ساعة الله المحددة للوقت لتلتقي بالمخلص. إن الوقت محدد من الله وبحسب مشيئته. ذهبت في هذا التوقيت وهي لا تعلم أن الرب كان يجلس هناك في انتظارها واستقبالها. لقد جاء نيقوديموس للرب يسوع ليلا خشية من اليهود (يو3: 1). والمرأة السامرية ذهب لأجلها وتقابل معها ظهرا لأنه كان يعلم أنها تخجل من خطاياها.

إن الخوف والخجل دخلا وسيطرا على حياة الإنسان من لحظة سقوط آدم في الخطيئة. هذا الذي عندما ناداه الرب الإله قائلا له "أين أنت"، كان جوابه "سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت" (تك3: 9و10). لنلاحظ القول "خشيت" وهنا نرى الخوف، والقول "عريان فاختبأت" وهنا نرى الخجل. في لقاء الرب يسوع مع نيقوديموس عالج وأنهى الخوف وفي لقائه مع المرأة السامرية عالج وأنهى الخجل.

الساعة السادسة لا ترينا خجل المرأة فقط لكن نرى فيها أيضا دقة التوقيت الإلهي. فلم يكن ذهاب الرب إلى بئر سوخار في هذا التوقيت من باب الصدف، وكذلك مجيء المرأة إلى بئر سوخار لتستقي ماء في ذات الوقت. إنه التوقيت المعين من عند الرب.

أخوة يوسف عندما جلسوا عند البئر وكانوا يتشاورون أن يقتلوا يوسف قائلين "هوذا هذا صاحب الأحلام قادم. فالآن هلم نقتله ونطرحه في إحدى الآبار. ونقول وحش رديء أكله. فنرى ماذا تكون أحلامه". وبالفعل "أخذوه وطرحوه في البئر. وأما البئر فكانت فارغة ليس فيها ماء". لقد رتب الرب أن تجتاز قافلة إسماعيليين مقبلة من جلعاد وجمالهم محملة ببضائعهم ذاهبين لينزلوا بها إلى مصر. كما رتب الرب أن يجتاز رجال مديانيين تجار في ذات التوقيت. فسحبوا يوسف واصعدوه من البئر وباعوه للإسمعيليين بعشرين من الفضة. فأتوا بيوسف إلى مصر وباعوه لفوطيفار خصيَ فرعون رئيس الشرط. (تك37: 18-36) لقد كانت يد الرب وراء كل هذه الأمور لإتمام مقاصد إلهية في توقيت مناسب، هذه الأمور لا يدركها الإنسان. لقد تمم الرب وعده وما رآه يوسف من أحلام وأنقذ شعبه من الجوع (تك41: 37-44). فالأمور ليست صدفة بل تمت في وقتها الصحيح المدبر، والمرتب من قبل الرب الذي يمسك بالأمور وكلها خاضعة لسلطانه.

"لكل شيء زمان ولكل أمر تحت السموات وقت" (جا3: 1). فليس صدفة أن تنزل ابنة فرعون في النيل في نفس اللحظة التي يمر السفط الذي فيه موسى أمامها. فتأمر بأن تأخذه أمه وتربيه لها وتهتم به. ويتمم الرب بواسطته مخططا إلهيا رائعا في إنقاذ وتحرير شعبه. (خر2: 1-10). ولم تكن صدفة تلك الليلة التي فيها طار نوم الملك أحشويروش، وأحضر سفر أخبار أيام الملك وقرأ فيه عن مردخاي الذي عمل معه إحسانا عظيما، فيأمر الملك بتكريمه في وقت قد أعد له هامان العدو اللدود له صليبا ليصلبه عليه (أس6).

"فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماء"، يا لها من عبارة "لتستقي ماء"، هذا ما يشغل بالها فهي لا تفكر في شيء ولا ترى شيء إلا هذا الشيء "تستقي ماء". لقد نسجت هذا التوقيت في هذه الساعة في منتصف النهار لأنها امرأة ذات صفات تجعلها تتجنب الناس، لا تهتم في أن تلاقي أحد. المرأة لا تعرف المخلص ولا تتوقع المقابلة معه وليس لديها مجرد فكرة في أنها تتغير في ذلك اليوم. إنه آخر شيء تتوقعه. ربما قالت لنفسها أنه لا يوجد أحد عند البئر في هذه الساعة. إنها نفس يائسة، لكن كان يوجد شخص عجيب عند البئر كان ينتظرها، كان جالسا على البئر، يعرف كل شيء عنها، يعرف أنها في أشد الاحتياج إليه، وهو هناك متواجد ليخدمها. كان موجودا ليغلب جحود وعناد قلبها. لقد دعا نفسه ليصل بخلاصه إليها

إن "الساعة السادسة" ساعة حاسمة في حياة المرأة السامرية لا يمكن أن تنساها، لأن فيها قد تغيرت حياتها بمقابلة الرب يسوع معها.

لنتعلم الدرس ولنعلم أن لكل شيء عند الرب وقت، وفي وقته يسرع به. ويعمل كل شيء حسنا في وقته. مرات كثيرة نصاب بالقلق والأرق ونشعر أن الرب قد نسينا أو تركنا (إش49: 14و15). ومرات نشعر بأن الرب لم يسمع لصلواتنا وننسى أن الرب في يده زمام الأمور ويعمل كل شيء لمجده في التوقيت المناسب، وفي ذات الوقت يعمل رضا خائفيه. لذلك نحتاج إلى حياة التسليم والاتكال على الله الحي الذي لا ينس ولا يترك ولا يهمل بل يعمل كل شيء في توقيته الصحيح.

*********************

الفصل الأول

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع

الفصل الثامن

الفصل التاسع

الفصل العاشر

الفصل الحادي عاشر

الفصل الثاني عشر

الفصل الثالث عشر

الفصل الرابع عشر

الفصل الخامس عشر

الفصل السادس عشر

الفصل السابع عشر

الفصل الثامن عشر

الفصل التاسع عشر

الفصل العشرون

الفصل الحادي العشرون

الفصل الثاني والعشرون

الفصل الثالث والعشرون

الفصل الرابع والعشرون

الفصل الخامس والعشرون

الفصل السادس والعشرون

الفصل السابع والعشرون

الفصل الثامن والعشرون

الكتاب كاملاً

آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص

حقوق النشر مفصلة في صفحة بيت الله الرئيسة

جميع الحقوق محفوظة © 1998-2005 لموقع بيت الله.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.